بكيت لمحمولٍ إلى القبرِ في نعشِ
بكيت لمحمولٍ إلى القبرِ في نعشِ / سرى حاملوه في الثرى وهو في العرش
نعاكَ لي الناعي فقلت حشاشتي / عليها انطوت أنيابَ أفعى من الرقش
وقد كنتُ أرجو أن أهنِّيك بالشفا / فأصبحت أنشي في رثائك ما أنشي
وما خلتُ أنَّ الدهر فيك مخاتلي / يراصدني سرًّا بغائلة البطش
إلى أن رأت عيني سريرَك والعُلى / على إثره ثكلى وتعلن بالجهش
فلم أرَ لي من حيلةٍ غير أنَّني / نظرتُ إليه مذ نأى نظر المغشي
كأنَّ الذي بالأفق نعشُك سائراً / وطرفي السهى والحاملون بنو نعش
مشت خلفك التقوى تشيِّعُ روحها / ومن غير روح من رأى ميتاً يمشي
بكتكَ وظفرُ الوجد يخدش قلبَها / فمدمعها المحمرُّ من ذلك الخدش
لئن كنتَ فيما تبصرُ العينُ ثاوياً / بدار البلى في ذلك الجدث الوحش
فإنَّك عند الله حيٌّ منعَّمٌ / لديه على تلك النمارق والفرش
ولولا ابنُك الزاكي لأدمى تأسُّفاً / عليك التقى كفيه بالعضِّ والنهش
ولكن رأى والحمد لله باقياً / له حسنٌ فاختار ما اختار ذو العرش
فتًى حنيت منه على قلب خاشعٍ / جوانحُ ذي نسكٍ سلمن من الغش
فما ينطق الفحشاءَ مذودُ فضله / ولا سمعُ تقواه يعي قوله الفحش
تعاهد غيثُ العفو مرقد محسنٍ / يبلُّ ثرًى واراه رشًّا على رشِّ