المجموع : 19
هَل أَثَرٌ مِن دِيارِهِم دَعسُ
هَل أَثَرٌ مِن دِيارِهِم دَعسُ / حَيثُ تَلاقى الأَجراعُ وَالوَعسُ
مُخَبِّرُ السائِرِ الرَذِيَّةَ في ال / أَطلالِ أَينَ الجَآذِرُ اللُعسُ
لا تَسأَلَنها فَلَيسَ يَسمَعُ جَرسَ ال / قَولِ إِلّا شَخصٌ لَهُ جَرسُ
وَلا يُراخي عَذلَ المُعَنَّسَةِ ال / خَرقاءِ إِلّا الشِمِلَّةُ العَنسُ
وَراكِدُ الهَمِّ كَالزَمانَةِ وَال / بَيتُ إِذا ما أَلِفتَهُ رَمسُ
نِعمَ مَتاعُ الدُنيا حَباكَ بِهِ / أَروَعُ لا جَيدَرٌ وَلا جِبسُ
أَصفَرُ مِنها كَأَنَّهُ مُحَّةُ ال / بَيضَةِ صافٍ كَأَنَّهُ عَجسُ
هاديهِ جِذعٌ مِنَ الأَراكِ وَما / خَلفَ الصَلا مِنهُ صَخرَةٌ جَلسُ
يَكادُ يَجري الجادِيُّ مِن ماءِ عِط / فَيهِ وَيُجنى مِن مَتنِهِ الوَرسُ
هُذِّبَ في جِنسِهِ وَنالَ المَدى / بِنَفسِهِ فَهوَ وَحدَهُ جِنسُ
أَحرَزَ آباؤُهُ الفَصيلَةَ مُذ / تَفَرَّسَت في عُروقِها الفُرسُ
لَيسَ بَديعاً مِنهُ وَلا عَجَباً / أَن يَطرُقَ الماءَ وِردُهُ خِمسُ
يَترُكُ ما مَرَّ مُذ قُبَيلُ بِهِ / كَأَنَّ أَدنى عَهدٍ بِهِ الأَمسُ
وَهُوَ إِذا ما ناحاهُ فارِسُهُ / يَفهَمُ عَنهُ ما يَفهَمُ الإِنسُ
وَهوَ وَلَمّا تَهبِط ثَنِيَّتُهُ / لا الرُبعُ في جَربِهِ وَلا السُدسُ
وَهوَ إِذا ما رَمى بِمُقلَتِهِ / كانَت سُخاماً كَأَنَّها نِقسُ
وَهوَ إِذا ما أَعَرتَ غُرَّتَهُ / عَينَيكَ لاحَت كَأَنَّها بِرسُ
ضُمِّخَ مِن لَونِهِ فَجاءَ كَأَن / قَد كُسِفَت في أَديمِهِ الشَمسُ
كُلُّ ثَمينٍ مِنَ الثَوابِ بِهِ / غَيرُ ثَنائي فَإِنَّهُ بَخسُ
شَذَّبَ هَمّي بِهِ صَقيلٌ مِنَ ال / فِتيانِ أَقطارُ عِرضِهِ مُلسُ
سامي القَذالَينِ وَالجَبينِ إِذا / نَكَّسَ مِن لُؤمِ فِعلِهِ النِكسُ
أَبو عَلِيٍّ أَخلاقُهُ زَهَرٌ / غِبَّ سَماءٍ وَروحُهُ قُدسُ
أَبيَضُ قَدَّت قَدَّ الشِراكَ شِرا / كِ السِبتِ بَيني وَبَينَهُ النَفسُ
لِلمَجدِ مُستَشرِفٌ وَلِلأَدَبِ ال / مَجفُوِّ تِربٌ وَلِلنَدى حِلسُ
وَحَومَةٍ لِلخِطابِ فَرَّجَها وَال / قَومُ عُجمٌ في مِثلِها خُرسُ
شَكَّ حَشاها بِخُطبَةٍ عَنَنٍ / كَأَنَّها مِنهُ طَعنَةٌ خَلسُ
أَروَعُ لا مِن رِياحِهِ الحَرجَفُ ال / صِرُّ وَلا مِن نُجومِهِ النَحسُ
يَشتاقُهُ مِن كَمالِهِ غَدُهُ / وَيُكثِرُ الوَجدَ نَحوَهُ الأَمسُ
رَدّي لِطَرفي عَن وَجهِهِ زَمَنٌ / وَساعَتي مِن فِراقِهِ حَرسُ
أَيّامُنا في ظِلالِهِ أَبَداً / فَصلُ رَبيعٍ وَدَهرُنا عُرسُ
لا كَأُناسٍ قَد أَصبَحوا صَدَأَ ال / عَيشِ كَأَنَّ الدُنيا بِهِم حَبسُ
القُربُ مِنهُم بُعدٌ مِنَ الروحِ وَال / وَحشَةُ مِن مِثلِهِم هِيَ الأُنسُ
تِلكَ خِلالُ وَقفٌ عَلَيكَ اِبنَ وَه / بِ بنِ سَعيدٍ عِتاقُها حُبسُ
آبِرُ حَمدٍ يَرى الرِجالَ هُمُ / سِرُّ الثَرى وَالعُلى هِيَ الغَرسُ
قالَت وَعِيُّ النِساءِ كَالخَرَسِ
قالَت وَعِيُّ النِساءِ كَالخَرَسِ / وَقَد يُصِبنَ الفُصوصَ في الخُلَسِ
هَل يَرجِعنَ غَيرَ جانِبٍ فَرَساً / ذو سَبَبٍ في رَبيعَةِ الفَرَسِ
كَأَنَّني قَد وَرَدتُ ساحَتَها / بِمُسمِحٍ في قِيادِهِ سَلِسِ
أَحمَرَ مِنها مِثلَ السَبيكَةِ أَو / أَحوى بِهِ كَاللَمى أَوِ اللَعَسِ
أَو أَدهَمٍ فيهِ كُمتَةٌ أَمَمٌ / كَأَنَّهُ قِطعَةٌ مِنَ الغَلَسِ
مُبتَلُّ مَتنٍ وَصَهوَتَينِ إِلى / حَوافِرٍ صُلَّبٍ لَهُ مُلسُ
فَهُوَ لَدى الرَوعِ وَالحَلائِبِ ذو / أَعلىً مُنَدّى وَأَسفَلٍ يَبَسِ
يُكبِرُ أَن يَستَحِمَّ في الحَرِّ وَالقُرِّ / حَميماً يَزيدُ في النَجَسِ
مُخَلَّقٌ وَجهُهُ عَلى السَبقِ تَخلي / قَ عَروسِ الأَبناءِ لِلعُرُسِ
حُرٌّ لَهُ سَورَةٌ لَدى الزَجرِ وَالسَو / طِ وَعَبدُ العِنانِ وَالمَرَسِ
فَهُوَ يَسُرُّ الرُواضَ بِالنَزَقِ السا / كِنِ مِنهُ وَاللينِ وَالشَرَسِ
صَهصَلِقٌ في الصَهيلِ تَحسِبُهُ / أُشرِجَ حُلقومُهُ عَلى جَرَسِ
تَقتُلُ عَشراً مِنَ النَعامِ بِهِ / بِواحِدِ الشَدِّ واحِدِ النَفَسِ
حَلَفتُ بِالبَيتِ ذي المُلَبّينَ في ال / إِلامِ وَالحَلِّ قَبلُ وَالحُمُسِ
أَنَّ اِبنَ طَوقِ بنِ مالِكٍ مَلِكٌ / مالِكُ أَمرِ المَكارِمِ الشُمُسِ
خَلائِقٌ فيهِ غَضَّةٌ جُدُدٌ / لَيسَت بِمَنهوكَةٍ وَلا لُبُسِ
لا بُردَ أَدنى وَلا إِزارَ عَلى / مُخزِيَةٍ تُتَّقى وَلا دَنَسِ
مُفتَرَسٌ مالُهُ وَلَستَ تَرى / فَريسَةً عِرضَهُ لِمُفتَرِسِ
كَأَنَّني قَد رَأَيتُ زُلفَتَهُ / عِندَ إِمامٍ بِقُربِهِ أَنِسِ
تُبنى المَعالي في ظِلِّهِ وَلَهُ / حَظٌّ مِنَ المُلكِ غَيرُ مُختَلَسِ
فَإِنَّ موسى وَصَلّى عَلى روحِهِ الرَبُّ / صَلاةً كَثيرَةَ القُدُسِ
صارَ نَبِيّاً وَعُظمُ بُغيَتِهِ / في جَذوَةٍ لِلصِلاءِ أَو قَبَسِ
ما في وُقوفِكَ ساعَةً مِن باسِ
ما في وُقوفِكَ ساعَةً مِن باسِ / نَقضي ذِمامَ الأَربُعِ الأَدراسِ
فَلَعَلَّ عَينَكَ أَن تُعينَ بِمائِها / وَالدَمعُ مِنهُ خاذِلٌ وَمُواسِ
لا يُسعِدُ المُشتاقَ وَسنانُ الهَوى / يَبِسُ المَدامِعِ بارِدُ الأَنفاسِ
إِنَّ المَنازِلَ ساوَرَتها فُرقَةٌ / أَخلَت مِنَ الآرامِ كُلَّ كِناسِ
مِن كُلِّ ضاحِكَةِ التَرائِبِ أُرهِفَت / إِرهافَ خوطِ البانَةِ المَيّاسِ
بَدرٌ أَطاعَت فيكَ بادِرَةَ النَوى / وَلَعاً وَشَمسٌ أولِعَت بِشِماسِ
بِكرٌ إِذا اِبتَسَمَت أَراكَ وَميضُها / نَورَ الأَقاحي في ثَرىً ميعاسِ
وَإِذا مَشَت تَرَكَت بِصَدرِكَ ضِعفَ ما / بِحُلِيِّها مِن كَثرَةِ الوَسواسِ
قالَت وَقَد حُمَّ الفِراقُ فَكَأسُهُ / قَد خولِطَ الساقي بِها وَالحاسي
لا تَنسَيَن تِلكَ العُهودَ فَإِنَّما / سُمّيتَ إِنساناً لِأَنَّكَ ناسي
إِنَّ الَّذي خَلَقَ الخَلائِقَ قاتَها / أَقواتَها لِتَصَرُّفِ الأَحراسِ
فَالأَرضُ مَعروفُ السَماءِ قِرىً لَها / وَبَنو الرَجاءِ لَهُم بَنو العَبّاسِ
القَومُ ظِلُّ اللَهِ أَسكَنَ دينَهُ / فيهِم وَهُم جَبَلُ المُلوكِ الراسي
في كُلِّ جَوهَرَةٍ فِرِندٌ مُشرِقٌ / وَهُمُ الفِرِندُ لِهَؤُلاءِ الناسِ
هَدَأَت عَلى تَأميلِ أَحمَدَ هِمَّتي / وَأَطافَ تَقليدي بِهِ وَقِياسي
بِالمُجتَبى وَالمُصطَفى وَالمُستَرى / لِلحَمدِ وَالحالي بِهِ وَالكاسي
وَالحَمدُ بُردُ جَمالٍ اِختالَت بِهِ / غُرَرُ الفَعالِ وَلَيسَ بُردَ لِباسِ
فَرعٌ نَما مِن هاشِمٍ في تُربَةٍ / كانَ الكَفيءَ لَها مِنَ الأَغراسِ
لا تَهجُرُ الأَنواءُ مَنبِتَها وَلا / قَلبُ الثَرى القاسي عَلَيها قاسي
وَكَأَنَّ بَينَهُما رَضاعَ الثَدي مِن / فَرطِ التَصافي أَو رَضاعَ الكاسِ
نَورُ العَرارَةِ نَورُهُ وَنَسيمُهُ / نَشرُ الخُزامى في اِخضِرارِ الآسِ
أَبلَيتَ هَذا المَجدَ أَبعَدَ غايَةٍ / فيهِ وَأَكرَمَ شيمَةٍ وَنِحاسِ
إِقدامَ عَمرٍو في سَماحَةِ حاتِمٍ / في حِلمِ أَحنَفَ في ذَكاءِ إِياسِ
لا تُنكِروا ضَربي لَهُ مِن دونِهِ / مَثَلاً شَروداً في النَدى وَالباسِ
فَاللَهُ قَد ضَرَبَ الأَقَلَّ لِنورِهِ / مَثَلاً مِنَ المِشكاةِ وَالنِبراسِ
إِن تَحوِ خَصلَ المَجدِ في أَنفِ الصِبا / يا اِبنَ الخَليفَةِ يا أَبا العَبّاسِ
فَلَرُبَّ نارٍ مِنكُمُ قَد أُنتِجَت / في اللَيلِ مِن قَبَسٍ مِنَ الأَقباسِ
وَلَرُبَّ كِفلٍ في الخُطوبِ تَرَكتَهُ / لِصِعابِها حِلساً مِنَ الأَحلاسِ
أَمدَدتَهُ في العُدمِ وَالعُدمُ الجَوى / بِالجودِ وَالجودُ الطَبيبُ الآسي
آنَستَهُ بِالدَهرِ حَتّى إِنَّهُ / لَيَظُنُّهُ عُرساً مِنَ الأَعراسِ
غَلَبَ السُرورُ عَلى هُمومي بِالَّذي / أَظهَرتَ مِن بِرّي وَمِن إيناسي
عَدَلَ المَشيبُ عَلى الشَبابِ وَلَم يَكُن / مِن كَبرَةٍ لَكِنَّهُ مِن ياسِ
أَثَرُ المَطالِبِ في الفُؤادِ وَإِنَّما / أَثَرُ السِنينَ وَوَسمُها في الراسِ
فَالآنَ حينَ غَرَستُ في كَرَمِ الثَرى / تِلكَ المُنى وَبَنَيتُ فَوقَ أَساسِ
أَحيا حُشاشَةَ قَلبٍ كانَ مَخلوسا
أَحيا حُشاشَةَ قَلبٍ كانَ مَخلوسا / وَرَمَّ بِالصَبرِ عَقلاً كانَ مَألوسا
سَرى رِداءَ الهَوى في حينَ جِدَّتِهِ / واهاً لَهُ مِنهُ مَسروراً وَمَلبوسا
لَو تَشهَدينَ أُقاسي الدَمعَ مُنهَمِراً / وَاللَيلَ مُرتَتِجَ الأَبوابِ مَطموسا
اِستَنبَتَ القَلبُ مِن لَوعاتِهِ شَجَراً / مِنَ الهُمومِ فَأَجنَتهُ الوَساويسا
أَهلَ الفَراديسِ لَم أُعدِد لِذِكرِكُمُ / إِلّا دَعى وَسَقى اللَهُ الفَراديسا
إِذ لا نُعَطِّلُ مِنها مَنظَراً أَنِقاً / وَمَربَعاً بِمَها اللَذاتِ مَأنوسا
قَد قُلتُ لَمّا اِطلَخَمَّ الأَمرُ وَاِنبَعَثَت / عَشواءُ تالِيَةً غُبساً دَهاريسا
لي حُرمَةٌ بِكَ أَمسى حَقُّ نازِلِها / وَقفاً عَلَيكَ فَدَتكَ النَفسُ مَحبوسا
كَم دَعوَةٍ لي إِذا مَكروهَةٌ نَزَلَت / وَاِستَفحَلَ الخَطبُ يا عَيّاشُ يا عيسى
لِلَّهِ أَفعالُ عَيّاشٍ وَشيمَتُهُ / يَزِدنَهُ كَرَماً إِن ساسَ أَو سيسا
ما شاهَدَ اللَبسَ إِلّا كانَ مُتَّضِحاً / وَلا نَأى الحَقَّ إِلّا كانَ مَلبوسا
فاضَت سَحائِبُ مِن نَعمائِهِ فَطَمَت / نُعماهُ بِالبُؤسِ حَتّى اِجتَثَّتِ البوسا
يَحرُسنَ بِالبَذلِ عَرضاً ما يَزالُ مِنَ ال / آفاتِ بِالنَفحاتِ الغُرِّ مَحروسا
فَرعٌ سَما في سَماءِ العِزِّ مُتَّخِذاً / أَصلاً ثَوى في قَرارِ المَجدِ مَغروسا
لَيثٌ تَرى كُلَّ يَومٍ تَحتَ كَلكَلِهِ / لَيثاً مِنَ الإِنسِ جَهمَ الوَجهِ مَفروسا
أَهيَسُ أَليَسُ مَشّاءٌ إِلى هِمَمٍ / تُغَرِّقُ العيسَ في آذِيِّها الليسا
نافَسَ أَهلَ العُلى فَاِحتازَ عَقلَهُمُ / مِنهُم فَأَصبَحَ مُعطى الحَقِّ مَنفوسا
تَجري السُعودُ لَهُ في كُلِّ نائِبَةٍ / نابَت وَإِن كانَ يَومُ البَأسِ مَنحوسا
لَهُ لِواءُ نَدىً ما هَزَّ عامِلَهُ / إِلّا أَراكَ لِواءَ البُخلِ مَنكوسا
مُقابَلٌ في بَني الأَذواءِ مَنصِبُهُ / عيصاً فَعيصاً وَقُدموساً فَقُدموسا
الوارِدينَ حِياضَ المَوتِ مُتأَقَةً / ثُباً ثُباً وَكَراديساً كَراديسا
وَالمانِعينَ حياضَ المَجدِ إِن دُهِمَت / مَنعَ الضَراغِمِ آجاماً وَعِرّيسا
نَمَوكَ قِنعاسَ دَهرٍ حينَ يَحزُبُهُ / أَمرٌ يُشابِهُ آباءً قَناعيسا
وَقَدَّموا مِنكَ إِن هُم خاطَبوا ذَرِباً / وَرادَسوا حَضرَمِيَّ الصَخرِ رِدّيسا
أَشَمُّ أَصيَدُ تَكوي الصيدَ غُرَّتُهُ / كَيّاً وَأَشوَسُ يُعشي الأَعيُنَ الشوسا
شامَت بُروقَكَ آمالي بِمِصرَ وَلَو / أَصبَحَت بِالطوسِ لَم اِستَبعِدِ الطوسا
أَقَشيبَ رَبعِهِم أَراكَ دَريسا
أَقَشيبَ رَبعِهِم أَراكَ دَريسا / وَقِرى ضُيوفِكَ لَوعَةً وَرَسيسا
وَلَئِن حُبِستَ عَلى البِلى لَقَد اِغتَدى / دَمعي عَلَيكَ إِلى المَماتِ حَبيسا
فَكَأَنَّ طَسماً قَبلُ كانوا جيرَةً / بِكَ وَالعَماليقَ الأُلى وَجَديسا
وَأَرى رُبوعَكَ موحِشاتٍ بَعدَها / قَد كُنتَ مَألوفَ المَحَلِّ أَنيسا
أَتُرى الفِراقَ يَظُنُّ أَنّي غافِلٌ / عَنهُ وَقَد لَمَسَت يَداهُ لَميسا
رودٌ أَصابَتها النَوى في خُرَّدٍ / كانَت بُدورَ دُجُنَّةٍ وَشُموسا
بيضٌ تَدورُ عُيونُهُنَّ إِلى الصِبا / بِكَأَنَّهُنَّ بِها يُدِرنَ كُوُوسا
وَكَأَنَّما أَهدى شَقائِقَهُ إِلى / وَجَناتِهِنَّ بِها أَبو قابوسا
قَد أوتِيَت مِن كُلِّ شَيءٍ بَهجَةً / وَدَداً وَحُسناً في الصِبا مَغموسا
لَولا حَداثَتُها وَأَنِّيَ لا أَرى / عَرشاً لَها لَظَنَنتُها بِلقيسا
أَيهاً دِمشقُ فَقَد حَوَيتِ مَكارِماً / بِأَبي المُغيثِ وَسُؤدُداً قُدموسا
وَأَرى الزَمانَ غَدا عَلَيكِ بِوَجهِهِ / جَذلانَ بَسّاماً وَكانَ عَبوسا
قَد بورِكَت تِلكَ البُطونُ وَقُدِّسَت / تِلكَ الظُهورُ بِقُربِهِ تَقديسا
فَصَنيعَةٌ تُسدى وَخَطبٌ يُعتَلى / وَعَظيمَةٌ تُكفى وَجُرحٌ يوسى
الآنَ أَمسَت لِلنِفاقِ وَأَصبَحَت / عوراً عُيونٌ كُنَّ قَبلَكَ شوسا
وَتَركتَ تِلكَ الأَرضَ ظِلّاً سَجسَجاً / مِن بَعدِ ما كادَت تَكونُ وَطيسا
لَم يَشعُروا حَتّى طَلَعتَ عَلَيهِم / بَدراً يَشُقُّ الظُلمَةَ الحِنديسا
ما في النُجومِ سِوى تَعِلَّةِ باطِلٍ / قَدُمَت وَأُسِّسَ إِفكُها تَأسيسا
إِنَّ المُلوكَ هُمُ كَواكِبُنا الَّتي / تَخفى وَتَطلُعُ أَسعُداً وَنُحوسا
فِتَنٌ جَلَوتَ ظَلامَها مِن بَعدِ ما / مَدّوا عُيوناً نَحوَها وَرُؤوسا
حَربٌ يَكونُ الجَيشُ فَضلَ صَبوحِها / وَيَكونُ فَضلُ غَبوقِها الكُردوسا
غُرمُ اِمرِئٍ مِن روحِهِ فيها إِذا / ذو السِلمِ أُغرِمَ مَطعَماً وَلَبوسا
كَم بَينَ قَومٍ إِنَّما نَفَقاتُهُم / مالٌ وَقَومٍ يُنفِقونَ نُفوسا
سارَ اِبنُ إِبراهيمَ موسى سيرَةً / سَكَنَ الزَمانُ لَها وَكانَ شَموسا
فَأَقَرَّ واسِطَةَ الشَآمِ وَأَنشَرَت / كَفّاهُ جَوراً لَم يَزَل مَرموسا
كانَت مَدينَةُ عَسقَلانَ عَروسَها / فَغَدَت بِسيرَتِهِ دِمَشقُ عَروسا
مِن بَعدِما صارَت هُنَيدَةُ صِرمَةً / وَالبَدرَةُ النَجلاءُ صارَت كيسا
فَكَأَنَّهُم بِالعِجلِ ضَلّوا حِقبَةً / وَكَأَنَّ موسى إِذ أَتاهُم موسى
وَسَتُشكَرُ النُعمى الَّتي صُنِعَت وَلا / نِعَمٌ كَنُعمى أَنقَذَت مِن بوسى
أَلوى يُذِلُّ الصَعبَ إِن هُوَ ساسَهُ / وَيُلينُ جانِبَهُ إِذا ما سيسا
وَلِذاكَ كانوا لا يُرأَّسُ مِنهُمُ / مَن لَم يُجَرَّب حَزمُهُ مُرؤوسا
مَن لَم يَقُد فَيَطيرَ في خَيشومِهِ / رَهَجُ الخَميسِ فَلَن يَقودَ خَميسا
أَعطِ الرِياسَةَ مِن يَدَيكَ فَلَم تَزَل / مِن قَبلِ أَن تُدعى الرَئيسَ رَئيسا
ماذا عَسَيتَ وَمِن أَمامِكَ حَيَّةٌ / تَقِصُ الأُسودَ وَمِن وَرائِكَ عيسى
أَسَدانِ شَدّا مِن دِمَشقَ وَذَلَّلا / مِن حِمصَ أَمنَعَ بَلدَةٍ عِرّيسا
تَخِذَ القَنا خيساً فَإِن طاغٍ طَغى / نَقَلا إِلى مَغناهُ ذاكَ الخيسا
أَسقِ الرَعِيَّةَ مِن بَشاشَتِكَ الَّتي / لَو أَنَّها ماءٌ لَكانَ مَسوسا
إِنَّ الطَلاقَةَ وَالنَدى خَيرٌ لَهُم / مِن عِفَّةٍ جَمَسَت عَلَيكَ جُموسا
لَو أَنَّ أَسبابَ العَفافِ بِلا تُقىً / نَفَعَت لَقَد نَفَعَت إِذاً إِبليسا
هَذي القَوافي قَد أَتَينَكَ نُزَّعاً / تَتَجَسَّمُ التَهجيرَ وَالتَغليسا
مِن كُلِّ شارِدَةٍ تُغادِرُ بَعدَها / حَظَّ الرِجالِ مِنَ القَصيدِ خَسيسا
وَجَديدَةَ المَعنى إِذا مَعنى الَّتي / تَشقى بِها الأَسماعُ كانَ لَبيسا
تَلهو بِعاجِلِ حُسنِها وَتَعُدُّها / عِلقاً لِأَعجازِ الزَمانِ نَفيسا
مِن دَوحَةِ الكَلِمِ الَّتي لَم تَنفَكِك / يُمسي عَلَيكَ رَصينُها مَحبوسا
كَالنَجمِ إِن سافَرتَ كانَ مُواكِباً / وَإِذا حَطَطَت الرَحلَ كانَ جَليسا
إِنّا بَعَثنا الشِعرَ نَحوَكَ مُفرَداً / وَإِذا أَذِنتَ لَنا بَعَثنا العيسا
تَبغي ذُراكَ إِذا أَسِنَّةُ قَعضَبٍ / أَردَينَ عِرّيفَ الوَغى المِرّيسا
جَرَّت لَهُ أَسماءُ حَبلَ الشَموس
جَرَّت لَهُ أَسماءُ حَبلَ الشَموس / وَالوَصلُ وَالهَجرُ نَعيمٌ وَبوس
وَلَم تَجُد بِالرِيِّ رَيّاً وَلَم / تَلمَس فُؤاداً يَتَّمَتهُ لَميس
كَواكِبُ الدُنيا السُعودُ الَّتي / بِدَلِّها دَلَّت عَلَيكَ النُحوس
أَبا عَلِيٍّ أَنتَ وادي النَدى ال / أَحوى وَمَغنى المَكرُماتِ الأَنيس
البَيتُ حَيثُ النَجمُ وَالكَفُّ حَي / ثُ الغَيثُ فى الأَزمَةِ وَالدارُ خيس
يا اِبنَ رَجاءٍ أَفِدَت نِيَّةٌ / رُكوبُها مِنّي خيمٌ وَسوس
فَاِمدُد عِناني بِوَأى ضِلعُهُ / تَثبُتُ وَالعُذرَةُ مِنهُ تَنوس
أُقاتِلُ الهَمَّ بِإيجافِهِ / فَإِنَّ حَربَ الهَمِّ حَربٌ ضَروس
إِذا المَذاكي خَطَبَت نَقعَهُ / فَحَظُّها مِنهُ اللِفاءُ الخَسيس
مُوَضَّحٌ لَيسَ بِذي رُجلَةٍ / أَشأَمَ وَالأَرجُلُ مِنها بَسوس
وَكُلُّ لَونٍ فَليَكُن ما خَلا ال / أَشهَبَ فَالشُهبَةُ لَونٌ لَبيس
وَمُجفَرٌ لَم يُصطَلَم كَشحُهُ / فَالضُمُرُ المُفرِطُ فيها رَسيس
إِن زارَ مَيداناً مَضى سابِقاً / أَو نادِياً قامَ إِلَيهِ الجُلوس
تَرى رَزانَ القَومِ قَد أَسمَحَت / أَعيُنُهُم في حُسنِهِ وَهيَ شوس
كَأَنَّما لاحَ لَهُم بارِقٌ / في المَحلِ أَو زُفَّت إِلَيهِم عَروس
سامٍ إِذا اِستَعرَضتَهُ زانَهُ / أَعلى رَطيبٌ وَقَرارٌ يَبيس
فَإِن خَدا يَرتَجِلُ المَشيَ فَال / مَوكِبُ في إِحسانِهِ وَالخَميس
كَأَنَّما خامَرَهُ أَولَقٌ / أَو غازَلَت هامَتَهُ الخَندَريس
عَوَّذَهُ الحاسِدُ بُخلاً بِهِ / وَرَفرَفَت خَوفاً عَلَيهِ النُفوس
وَمِثلُهُ ذو العُنُقِ السَبطِ قَد / أَمطَيتَهُ وَالكَفَلِ المَرمَريس
غادَرتَهُ وَهوَ عَلى سُؤدَدٍ / وَقفٌ وَفي سُبلِ المَعالي حَبيس
وَحادِثٍ أَخرَقَ داوَيتَهُ / رُداعُهُ ذا هَيئَةٍ دَردَبيس
أَخمَدتَهُ وَالدَهرُ مِن خَطبِهِ / كَأَنَّما أُضرِمَ فيهِ الوَطيس
حَتّى اِنثَنى العُسرُ إِلى يُسرِهِ / وَاِنحَتَّ عَن خَدَّيهِ ذاكَ العُبوس
لا طالِبو جَدواكَ أَكدَوا وَلا / عافيكَ مِنهُم لِلَّيالي فَريس
فَاِشدُد عَلى الحَمدِ يَداً إِنَّهُ / إِذا اِستُحِسَّ العِلقُ عِلقٌ نَفيس
وَاِغدُ عَلى مَوشِيِّهِ إِنَّهُ / بُردٌ لَعَمري تَصطَفيهِ النُفوس
إِنَّ يَومَ الفِراقِ يَومٌ عَبوسُ
إِنَّ يَومَ الفِراقِ يَومٌ عَبوسُ / أَيُّ سَيلٍ تَسيلُ فيهِ النُفوسُ
لَم أَزَل أُبغِضُ الخَميسَ وَلَم أَد / رِ لِماذا حَتّى دَهاني الخَميسُ
بِأَبي مَن إِذا رَآها أَبوها / شَعَفاً قالَ لَيتَ أَنّا مَجوسُ
لَو تَجافى إِبليسُ عَن لَحظِ عَينَي / ها تَقَرّا عِبادَةً إِبليسُ
إِن تُفارِق لَحظي فَقَد كانَ مِنها / وَهوَ في كُلِّ ساعَتَينِ عَروسُ
دَعني وَشُربَ الهَوى يا شارِبَ الكاسِ
دَعني وَشُربَ الهَوى يا شارِبَ الكاسِ / فَإِنَّني لِلَّذي حُسّيتُهُ حاسي
لا يوحِشَنَّكَ ما اِستَسمَجتَ مِن سِقَمي / فَإِنَّ مُنزِلَهُ بي أَحسَنُ الناسِ
مِن خَلوَتي فيهِ مَبدا كُلِّ جائِحَةٍ / وَفِكرَتي مِنهُ مَبدا كُلِّ وَسواسِ
مِن قَطعِ أَلفاظِهِ تَوصيلُ مَهلَكَتي / وَوَصلُ أَلحاظِهِ تَقطيعُ أَنفاسي
رُزِقتُ رِقَّةَ قَلبٍ مِنهُ نَغَّصَهُ / مُنَغِّصٌ مِن رَقيبٍ قَلبُهُ قاسي
مَتى أَعيشُ بِتَأميلِ الرَجاءِ إِذا / ما كانَ قَطعُ رَجائي في يَدي ياسي
يا شادِناً صيغَ مِنَ الشَمسِ
يا شادِناً صيغَ مِنَ الشَمسِ / تِه بِالمَلاحاتِ عَلى الإِنسِ
في كُلِّ يَومٍ أَنتَ في صورَةٍ / غَيرِ الَتي كُنتَ بِها أَمسِ
تَزدادُ طيباً كُلَّ يَومٍ كَما / يَزدادُ غُصنُ البانِ في الغَرسِ
وَاللَهِ لَولا اللَهُ لا غَيرُهُ / وَخَوفيَ النارَ عَلى نَفسي
صَلَّيتُ خَمساً لَكَ مِن هَيبَةٍ / وَاِزدَدتُ ثِنتَينِ عَلى الخَمسِ
يا مَن تَرَدّى بِحُلَّةِ الشَمسِ
يا مَن تَرَدّى بِحُلَّةِ الشَمسِ / وَمَن رَماني بِأَسهُمٍ خَمسِ
بِالطَرفِ وَالثَغرِ وَالسَوالِفِ وَالنَح / رِ وَشَيءٍ يَطيبُ في اللَمسِ
ها أَنا ذا بِالذُنوبِ مُعتَرِفٌ / فَهَب لِذُلّي جِنايَتَي أَمسِ
وَجُد لِمُستَمطِرِ الجُفونِ دَماً / شَغَلتَهُ عَن صَلاتِهِ الخَمسِ
سَأَلتُ عَن وَصفِكَ الصِفاتِ فَما / نَطَقنَ إِلّا بِأَلسُنٍ خُرسِ
يا لابِساً ثَوبَ المَلاحَةِ أَبلِهِ
يا لابِساً ثَوبَ المَلاحَةِ أَبلِهِ / فَلَأَنتَ أَولى لابِسيهِ بِلُبسِهِ
لَم يُعطِكَ اللَهُ الَّذي أَعطاكَهُ / حَتّى اِستَخَفَّ بِبَدرِهِ وَبِشَمسِهِ
رَشَأً إِذا ما كانَ يُطلِقُ نَفسَهُ / في فَتكِهِ أَمَرَ الحَياءُ بِحَبسِهِ
وَأَنا الَّذي أَعطَيتُهُ مَحضَ الهَوى / وَصَميمَهُ وَأَخَذتُ عُذرَةَ أُنسِهِ
فَلَئِن جَنَيتُ ثِمارَهُ وَغَرستُهُ / ما كُنتُ أَوَّلَ مَن جَنى مِن غَرسِهِ
مَولاكَ يا مَولايَ صاحِبُ لَوعَةٍ / في يَومِهِ وَصَبابَةٍ في أَمسِهِ
دَنِفٌ يَجودُ بِنَفسِهِ حَتّى لَقَد / أَمسى ضَعيفاً أَن يَجودَ بِنَفسِهِ
بِنَفسي حَبيبٌ سَوفَ يُثكِلُني نَفسي
بِنَفسي حَبيبٌ سَوفَ يُثكِلُني نَفسي / وَيَجعَلُ جِسمي تُحفَةَ اللَحدِ وَالرَمسِ
جَحَدتُ الهَوى إِن كُنتُ مُذ جَعَلَ الهَوى / مَحاسِنَهُ شَمسي نَظَرتُ إِلى الشَمسِ
لَقَد ضاقَتِ الدُنيا عَلَيَّ بِأَسرِها / بِهِجرانِهِ حَتّى كَأَنِّيَ في حَبسِ
أُسَكِّنُ قَلباً هائِماً فيهِ مَأتَمٌ / مِنَ الشَوقِ إِلّا أَن عَينِيَ في عُرسِ
وَإِنّي لَأَخشى إِن تَراقَت أُمورُهُ / بِهِ أَن يَثورَ الجِنُّ فيهِ عَلى الإِنسِ
بِتُّ سِلمَ الجَوى وَحَربَ النُعاسِ
بِتُّ سِلمَ الجَوى وَحَربَ النُعاسِ / عُرضَةً لِلزَفيرِ وَالأَنفاسِ
دائِباً لَيلَتي أَكُفُّ بِكَفّي / كَبِداً حَزُّها كَحَزِّ المَواسي
فَإِذا أَجلَتِ الهُمومُ تَأَوَّه / تُ نادَيتُ يا أَبا العَبّاسِ
حَرَبي مِنكَ لا أَصابَكَ مِعشا / رُ الَّذي مِن هَواكَ مَرَّ بِراسي
غَداً يَتَناءى صاحِبٌ كانَ لي أُنسا
غَداً يَتَناءى صاحِبٌ كانَ لي أُنسا / فَلا مُصبَحٌ لي في السُرورِ وَلا مُمسى
وَتُصبِحُ أَحزاني عَلَيهِ كَثيرَةً / وَيُصبِحُ سَعدي مِن مَوَدَّتِهِ نَحسا
أَخٌ لِيَ لَو أُعطِيَ المُنى بِاِسمِ فَقدِهِ / بِلا فَقدِهِ كانَت بِهِ ثَمَناً بَخسا
فَلَو أَنَّ نَفسي أَلفُ نَفسٍ لَما اِنثَنَت / يَدُ البَينِ أَو تودي بِآخِرِها نَفسا
عَبدُكَ يَدعو باسِطاً خَمسَهُ
عَبدُكَ يَدعو باسِطاً خَمسَهُ / مُبتَهِلاً يَدعو فَلا تَنسَهُ
إِن أَنتَ لَم تَبكِ لَهُ رَحمَةً / فَلا تَلُمهُ إِن بَكا نَفسَهُ
كَم حَسرَةٍ لي في الفُؤادِ الَّذي / أَطَلتَ في سِجنِ الهَوى حَبسَهُ
عَبدٌ إِذا أَوحَشتَهُ لَم يَجِد / في الناسِ لَو حَفّوا بِهِ أُنسَهُ
نَفَسٌ يَحتَثُّهُ نَفَسُ
نَفَسٌ يَحتَثُّهُ نَفَسُ / وَدُموعٌ لَيسَ تَحتَبِسُ
وَمَغانٍ لِلكَرى دُثُرٌ / عُطُلٌ مِن عَهدِهِ دُرُسُ
شَهَرَت ما كُنتُ أَكتُمُهُ / ناطِقاتٌ بِالهَوى خُرُسُ
نَكَّستُ رَأسي بَينَ جُلّاسي
نَكَّستُ رَأسي بَينَ جُلّاسي / وَنَحنُ مِن ساقٍ وَمِن حاسي
كِدتُ وَأَخطَأتُ بِذِكراكَ أَن / أُقتَلَ بَينَ الوَردِ وَالآسِ
يا كَعبُ بَذلاً لِلعَطايا وَيا / أَصفَقَ وَجهاً مِن أَبي شاسِ
ما إِن رَأَينا مِثلَها ضَيعَةً / تُكسَبُ بِالجودِ وَبِالباسِ
أُنسيتَ تَأديبي وَعَهدي بِهِ / مِنكَ عَلى العَينَينِ وَالراسِ
هَذا لَعَمري يا أَبا جَعفَرٍ / جَزاءُ مَن رَبّى بَني الناسِ
مُقرانُ يا مُتَشَعِّبَ الراسِ
مُقرانُ يا مُتَشَعِّبَ الراسِ / لا تَخلُ مِن هَمٍّ وَوُسواسِ
لا تَقسُ قَلباً وَاِبكِ مَن لَم يَكُن / عَلى الكَئيبِ الصَبِّ بِالقاسي
رَيحانَةُ الفِتيانِ قَد أَصبَحَت / رَهنَ جَبابينَ وَأَرماسِ
وَقُل لَها يا اِمرَأَتي هَدَّني / فَقدُكَ بَل يا اِمرَأَةَ الناسِ
أَرى أَلِفاتٍ قَد كُتِبنَ عَلى راسي
أَرى أَلِفاتٍ قَد كُتِبنَ عَلى راسي / بِأَقلامِ شَيبٍ في مَهارِقِ أَنقاسِ
فَإِن تَسأَليني مَن يَخُطُّ حُروفَهُ / فَأَيدي اللَيالي تَستَمِدُّ بِأَنفاسي
جَرَت في قُلوبِ الغانِياتِ لِشَيبَتي / قُشَعريرَةٌ مِن بَعدِ لينٍ وَإِيناسِ
وَقَد كُنتُ أَجري في حَشاهُنَّ مَرَّةً / مَجارِيَ جاري الماءِ في قُضُبِ الآسِ
فَإِن أُمسِ مِن وَصلِ الكَواعِبِ آيِساً / فَآخِرُ آمالِ العِبادِ إِلى الياسِ