المجموع : 12
دَعني مِنَ الرَشَأ الأَغَنِّ الأَكيَسِ
دَعني مِنَ الرَشَأ الأَغَنِّ الأَكيَسِ / مِن لَحظِهِ وَالراح طافَ بِأَكؤُسِ
نَشوانُ مِن تيهِ المَلاحَةِ ناعِسُ ال / أَجفانِ فاتِرُها وَإِن لَم يَنعَسِ
لَم يَبقَ لي أَرَبٌ وَلا لي لَذَّةٌ / بِمُهَفهَفِ الأَعطافِ أَلمى أَلعَسِ
لَيسَ المَقامُ مَقامَ شَيخٍ عاجِزٍ / فيهِ يُشارُ إِلَيهِ أَمرَسَ أَمرَسِ
وَإِلَيكَ عَنّي بِالمُدامِ وَشُربِها / صِرفاً عَلى الوَتَرِ الفَصيحِ الأَخرَسِ
وافى بِها مِن صَيدنايا بُطرُسُ ال / خَمارِ وَهيَ سَبِيَّةٌ مِن جَرجَسِ
هَيهاتَ يَأبى الشُربَ مَن في قَلبِهِ / بَلبالُ هَمٍّ بِالعِيالِ مُوَسوَسِ
عِندي أُوَيلادٌ كَأَفراخِ القَطا / إِن بِنتُ عَنهُم ما لَهُم مِن مُؤنِسِ
اللَهُ لي وَلَهُم وُجودُ الأَشرَفِ ال / مَلِكِ الَّذي مِن جودِهِ لَم أَيأَسِ
ما لَذَّتي إِلّا مَديحُ الأَشرَفِ ال / قَيلِ الغَزيرِ الجودِ موسى الأَشوَسِ
مِنهُ المَعاني وَالمَعالي وَالقَوا / في أُلبِسَت في الدَهرِ أَشرَفَ مَلبَسِ
فَكَأَنَّما تَختالُ في إِستَبرَقٍ / أَو عَبقَرِيٍّ أَو مَلابِسِ سُندُسِ
وَكَأَنَّ عَسكَرَهُ المَجَرَّةُ أَشبَهَت / نَهراً يَشُقُّ حَديقَةً مِن نَرجِسِ
وَكَأَنَّهُ بَدرٌ أَضاءَ بِأَسعُدٍ / بِضِيائِها هَزَمَت ضِياءَ الأَنحُسِ
مَلِكٌ تَحولُ سُيوفُهُ يَومَ الوَغى / بَينَ الجُسومِ مِنَ العِدا وَالأَرؤُسِ
كَم رَأسِ قِرنٍ قَدَّهُ بِحُسامِهِ / مَع دِرعِهِ وَقِناعِهِ وَالقونَسِ
قَد كانَ قَبلُ خَساً فَغادَرَهُ زَكاً / فَالسَيفُ بَركارٌ بِكَفِّ مُهَندِسِ
عَمَّت وَخَصَّت في الأَنامِ هِباتُهُ / فَزَكَت عَلى الأَعداءِ في أُقليدِسِ
يَسطو بِضَربٍ قاصِلٍ بَل فاصِلٍ / وَبِطَعنِ دِعّيسٍ وَرَميِ مُقَرطِسِ
وَالنَقعُ لَيلٌ في نَهارٍ شِبهُهُ / زُرقُ الأَسِنَّةِ في سَوادِ الحِندِسِ
مَلِكٌ إِذا حَلَّ المُلوكُ بِمَجلِسٍ / يَومَ الفَخارِ يَحُلُّ صَدرَ المَجلِسِ
وَتَوَدُّ تيجانُ المُلوكِ بِأَسرِها / لَو قَبَّلَت مِنهُ مَكانَ القُندُسِ
وَكَأَنَّهُ في الجَيشِ لَيثٌ راحَ في / أَجَمِ الرِماحِ مِنَ السَوابِغِ مُكتَسِ
خِفنا عَلَيهِ مِنَ العُيونِ فَرَدَّها / عَن مَجدِهِ المَجدُ الوَزيرُ البَهنَسي
وَهُوَ اِبنُ مَن أَزرى بِحاتمِ طَيِّئٍ / جُوداً وَكانَ لَدى التِّراتِ كَبَيهَسِ
أَمِنَ المُروءةِ أَن يُجَعجِعَ ذو الغِنى / بِالعُنفِ مِنهُ بِذي العِيالِ المُفلِسِ
صِلَتي أَتَت فَجراً وَكانَت مَغرِباً / وَكِلاهُما في قَصرِهِ لَم تُحبَسِ
فَتَنَغّصَ المَعروفُ عِندي وَاِنثَنى / كَالوَردِ شيبَ نَسيمُهُ بِالكُندُسِ
حَتّى إِذا ما شَمَّهُ مُستَنشِقٌ / كادَ العُطاسُ يَفُضُّ عَظمَ المَعطِسِ
واهاً لِدُنيانا الغَرورِ فَإِنَّها / قَسَماً لَأَخوَنُ لِلوَرى مِن مُومِسِ
غَدّارَةٌ بِالأَشوَسِ الرِّئبالِ ثُم / مَ الأَطلَسِ العَسّالِ وَالمُتَطَلّسِ
وَإِلى المَليكِ الأَشرَفِ اِبنِ العادل ال / مَنصورِ جُبتُ مَهامِهاً بِالعِرمِسِ
هَوجاءُ مِرقالُ النَجاءِ شِمِلَّةٌ / تَطِسُ الأَكامَ بِوَخدِها في البَسبَسِ
إِنّي عَشَوتُ لِنارِ موسى قابِساً / وَلَتِلكَ نارٌ مِثلُها لَم يُقبَسِ
كَم مِن يَدٍ بَيضاءَ لا سوءٌ بِها / ضَحِكَت لِموسى وَهوَ غَيرُ مُعَبِّسِ
بَدرٌ مُنيرٌ وَالبُدورُ هِباتُهُ / في ذُروَةِ المَجدِ الأَثيلِ الأَقعَسِ
سائِل خَلاطَ بِهِ غَداةَ تَنَمَّرَت / مُرّادُها بِتَغَشمُرٍ وَتَغَطرُسِ
مَلِكٌ رَمى بِجُنودِهِ أَبراجَها / فَكَبَت عَلى الأَذقانِ كَبوَ المعتَسِ
شَقّوا العَصا وَتَفَرعَنوا فَأَتاهُمُ / موسى فَأَهلَكَ كُلَّ فِرعَونٍ مُسي
هُم أَوضَعوا يا وَيحَهُم في غَيِّهِم / فَتَعَثَّرَت أَقدامُهُم في الأَرؤُسِ
فَخِلاطُ زَلزَلَ فَتحُها الأَرضين حَت / تَى ماردينَ إِلى جَزائِرِ قُبرُسِ
قَيلٌ أَطارَ بِسَيفِهِ هاماتِهِم / في قَلعَةٍ مِن بَأسِهِ لَم تُحرَسِ
حَتّى اِستَقَرَّ بِناءُ مُلكٍ ثابِتٍ / بِالفَتحِ وَالنَصرِ المُبينِ مُؤَسَّسِ
فَبَنو أَبي بَكرٍ مُلوكُ الشامِ وَالد / دُنيا بِأَجمَعِها وَبَيتِ المَقدِسِ
فَهُمُ المُلوكُ وَلا مُلوكَ سِواهُمُ / طابَت مَجانيهِم لِطيبِ المَغرِسِ
مَلِكٌ إِذا اِفتَخَرَت بِهِ أَبناؤُهُ / بَينَ المُلوكِ فَكُلُّهُم لَم يَنبِسِ
لا زالَ مُلكُهُمُ لَهُم ما دارَتِ ال / أَفلاكُ في الفَلَكِ المُحيطِ الأَطلَسِ
هَنيئاً لَقَد أوتيتَ سُؤلَكَ يا موسى
هَنيئاً لَقَد أوتيتَ سُؤلَكَ يا موسى / بِجَدّ وَحَدّ كَلمُهُ الدَّهرَ ما يوسى
وَجَيشٍ لُهامٍ حَلَّقَ الطَيرُ فَوقَهُ / سَتُضحي لَكُم أَحشاؤُهُنَّ نَواويسا
وَرَميِ سِهامٍ عَن قِسِيّ بِنَبضِها / تُغادِرُ مَن رامَتهُ في التُربِ مَرموسا
كَأَنَّ كُماةَ التُركِ عِندَ نِزالِهِم / مَلائِكَةٌ بِالشُهبِ تَرمي الأَباليسا
وَقَد جالَتِ الأَكرادُ بِالسُمرِ وَالظُبى / تصيد المُلوكَ الصَّيدَ وَالأُسُدَ الشوسا
إِذا العَرَبُ الشُمُّ الأُنوفِ تَنَمَّروا / بِهِ كانَ كُلٌّ بِالمُثَقَّفِ دِعّيسا
وَلَيسَ لِموسى مِن عَصاً غَيرُ صارِمٍ / تُكِبُّ عَلى الأَذقانِ ضَرباتُهُ الروسا
وَثُعبانُهُ الرُمحُ الأَصَمُّ لِسانُهُ / يُنَضنِضُ في سُمِّ المَنِيَّةِ مَغموسا
وَيُزجي سَحاباً مِن سَنابِكِ خَيلِهِ / بِلَمعِ الظُبى وَالبيض تَجلو الحَناديسا
فَيَرمي اِنكِباراً بِاِنكِدارٍ إِلى لَظىً / وَيُركِسُ في قَعرِ المَنِيَّةِ مَركيسا
إِذا أَشرَقَت لِلأَشرَفِ القَيلِ رايَةٌ / تَنَكَّسَتِ الصُلبانُ بِالكَسرِ تَنكيسا
وَقَد نَطَقَت بِالنَصرِ بيضُ سُيوفِهِ / كَما أَخرَسَت رَنّاتُهُنَّ النَواقيسا
ثَعالِبُ أَطرافِ الرِماحِ بَلَغنَ في / أَضى الزَّرَدِ الضافي عَلى الأُسد مَلبوسا
هُوَ البَحرُ لَولا البَحرُ فيهِ مُلوحَةٌ / هَوَ اللَيثُ لَولا أَنَّ في اللَيثِ تَعبيسا
هُوَ الخَضرُ المَشهورُ نَشراً وَسُؤدَداً / وَيوسُفُ حسناً والْقَ موسى تجد موسى
وَيَحمَدُهُ عيسى عَلى فَتَكاتِهِ / بِجَحفَلِهِ في أُمَّةٍ عَبَدَت عيسى
وَمازالَ يُرضي اللَهَ سِرّاً وَجَهرَةً / وَيُسخِطُ في كُلِّ المَواطِنِ إِبليسا
إِذا قالَ لَم يَترُك مَقالاً لِقائِلٍ / وَلَو كانَ تَطبيقاً يَروعُ وَتَجنيسا
إلى جودِهِ أَشكو مِنَ الكُرَبِ الَّتي / أُؤَمِّلُ أَن أَلقى لَها مِنهُ تَنفيسا
فَلا تَرضَ في حُكمِ الزَمانِ فَإِنَّني / أَرى حُكمَهُ في أَهلِهِ صارَ مَعكوسا
فَفيهِ الذُنابى الرَأسُ وَالرَأَسُ أَصبح ال / ذُنابى مِنَ الطَيرِ الَّذي لَيسَ طاووسا
هُوَ الهازِمُ الآلافِ في الرَوعِ وَحدَهُ / وَمُعطي أُلوفاً فِضَّةً تَملأُ الكيسا
فَما جُندُهُ إِلا أُسودُ خَفِيَّةٍ / تَخِذنَ لَها سُمرَ القَنا اللَّدن عِرّيسا
فَكُلُّهُمُ اِبنُ المُردَبيشِ شَجاعَةً / أَجَل وَهُمُ عِندَ النَوالِ اِبنُ باديسا
فَكَم مِن رَحى حَربٍ أَدارَ بِما سَقى / بِهِ السُمرَ وَالبيضَ الرِقاقَ الدَبابيسا
هُوَ الأَسَدُ الحامي الحَقيقَةَ مُقدِماً / وَمَن ذا يَرُدُّ اللَيثَ عَن مَنعِهِ الخيسا
عَلى الطورِ ناجى اللَهُ موسى بِنَصرِهِ / فَبِالطَورِ ثَغرُ السِلمِ أَصبَحَ مَحروسا
عِمارَتُهُ تَخريبُ أَعمارِ عابِدي ال / صَليب وَفيهِ أُسِّسَ النَصرُ تَأسيسا
عَلا مُشمَخِرّاً في السَماءِ بِناؤُهُ / يُرَدِّدُ تَسبيحاً هُناكَ وَتَقديسا
مُظَفَّرُ دينِ اللَهِ أَهدى قُدومُهُ / إِلى القُدسِ أَمناً لا يَزالُ وَتَأنيسا
فَكُلُّ اِمرِئٍ تالٍ مَزاميرَ مَدحِهِ / يُلازِمُ تَكراراً لَهُنَّ وَتَدريسا
يُغادِرُ بَيتَ المالِ بِالبَذلِ موحِشاً / خَلِيّاً وَبَيتَ العِرضِ بِالحَمد مَأنوسا
سَما في سَماءِ المَجدِ أَسمى مَحَلَّةٍ / فَكانَ بِها في ذروَةِ المُلكِ إِدريسا
مُظَفَّرُ دينِ اللَهِ كُن في زَمانِنا / سُلَيمانَ لَمّا جاءهُ عَرشُ بَلقيسا
وَرُدَّ إِلى الإِسلامِ صوراً وَعَكَّةً / وَسائِرَ مُدنِ المُشرِكينَ وَتَفليسا
إِذا كانَ دينُ المُسلِمينَ مُؤَيَّداً / بِموسى وَعيسى زادَهُ اللَهُ ناموسا
فَلا بَرِحا في المُلكِ لِلدينِ ما وَشى / صَباحٌ وَما وَشّى اليَراعُ القَراطيسا
عَصرُ الشَبيبَةِ أَنفَس
عَصرُ الشَبيبَةِ أَنفَس / مِن كُلِّ عَصرٍ وَأَكيَس
بِهِ خَلَعتُ عِذاري / وَاللَهوُ لي فيهِ مَلبَس
إِذ لَستُ إِلّا عَلى كَأ / سِ قَهوَةٍ أَتَنَفَّس
مِن كَفِّ أَحوى غَريرٍ / حُلوِ المَراشِفِ أَلعَس
تَوَرَّدَت وَجنَتاهُ / وَالطَرفُ فيهِ مُنَرجَس
يَميسُ كَالغُصنِ بَل قَد / دُهُ المُهَفهَفُ أَميَس
يُديرُ كَأسَ عُقارٍ / مِنَ الرَحيقِ المُشَمَّس
قُم فَاِسقِني أَو تَراني / أَقولُ حَسبِيَ بَس بَس
حَمراءُ أَخَّخَ إِذ ذا / قَها النَديمُ وَعَبَّس
كَأَنَّ فاراتِ مِسكٍ / مِنها تُشَقُّ وَتُفرَس
فَالنارُ مِنها إِذا سَح / حَ راسَها الماءُ يُقبَس
تَكادُ تَطلُعُ شَمسُ ال / ضُحى إِذا اللَيلُ عَسعَس
كَأَنَّها أَشرَقَت عَن / سَنا مُحَيّا جَهاركَس
أَوفى سَطاً في الوَغى مِن / عَمرِو بنِ مَعدي وَأَفرَس
غَيثُ الجُدوبِ وَلَيثٌ / لَدى الحُروبِ عَرَندَس
لَو رامَ سَحبانُ أَوصا / فَهُ اِنثَنى وَهوَ أَخرَس
أَمضى مِنَ الحُمسِ في مَع / رَكِ الهياجِ وَأَحمَس
جَنى العُلا يانِعاتٍ / مِن مَنبِتٍ لَيسَ يَيبَس
وَكَيفَ لا يَجتَني الحَم / دَ مَن لَهُ المَجدُ مَغرَس
لا يَرهَبُ الحَربَ يَوماً / إِذا الخَميسُ تَكَردَس
لَكِن يَخوضُ لَظاها / غَضَنفَرٌ مِنهُ أَشوَس
تَفِرُّ عَنهُ الحُماةُ ال / أُباةُ إِذ يَتَبَهنَس
وَكَيفَ يَقوى كَلَيثِ ال / عَرينِ سيدٌ عَمَلَّس
أَيرهبُ الأسَدُ الوَر / دُ مِن دُؤالَة الاَطلَس
ماسَت كَخَوطِ البانَةِ المَيّاسِ
ماسَت كَخَوطِ البانَةِ المَيّاسِ / وَرَنَت إِلَيَّ بِلَحظِ ريمِ كِناسِ
لَكِنَّها نَفَرَت نُفوراً راعَني / إِذ راعَها وَخطُ المَشيبِ بِراسي
هَيفاء في قَلبي لِجَرسِ حُلِيِّها / أَضعافُ ما تُبدي مِنَ الوَسواسِ
وَردِيَّةُ الوَجَناتِ هاروتِيَّةٌ / لَحَظاتُها مِسكِيَّةُ الأَنفاسِ
تَفتَرُّ عَن دُرٍّ نَظيمٍ ناصِعٍ / حُلوِ المَراشِفِ لَم يُمَسَّ بِماسِ
وَيَهُزُّ مِنها خَطوُها في مَشيِها / حِقفاً بَديعَ اللينِ لَيسَ بِحاسِ
تَمشي وَتَسحَبُ خَلفَها مِن فَرعِها / وَحفاً كَأَسوَدَ لَيسَ بِالنَهّاسِ
قالَت أَرى رَبعَ الشَبيبَةِ مُقفِراً / مِن بَعدِ أَن قَد كانَ ذا إيناسِ
أَعدَتكَ عادِيَةُ المَشيبِ عَنِ الصِبى / حَتّى نَفَضتَ هَواكَ بِالأَحلاسِ
فَأَجبتُها لَم يَخطُ في مَيدانِهِ / قَدَمي وَلا رَكَضَت بِهِ أَفراسي
لَكِنَّني مُغرىً بِحَسوِ سُلافَةِ ال / آدابِ لا بِمُدامَةٍ في الكاسِ
لا خَيرَ فيمَن يَحتَسي في دَهرِهِ / شَيئاً لِفَضلِ أَخي الرَزانَةِ حاسي
أَصِباً وَقَد نَبَتَ الثَغامُ بِمَفرِقي / كَلّا وَقَد نُكِبَت قُوى أَمراسي
دَعَّتنِيَ الخَمسونَ في ظَهري إِلى ال / سِتينَ فَاِنهَتَمَت بِهِ أَضراسي
وَضَعُفتُ ضَعفَ اِبنِ اللَبونِ وَكُنتُ في / شَرخِ الصِبى كَالبازِلِ القَنعاسِ
لَم يَبقَ مِنّي غَيرُ غُبَّرِ مُدَّةٍ / مَدَّت يَد الإيناسِ لِلإِبساسِ
مَن حَلَّ مُعتَركَ المَنايا يَلقَ أَن / يابَ النَوائِبِ فَوقَ كَلكَلِ باسِ
وَالدَهرُ يَرسُبُ في أَواخِرِهِ القذى / لِمُعَمِّريهِ فَهوَ مِثلُ الكاسِ
إِنَّ الخَلاعَةَ قَد خَلَعتُ لِباسَها / وَعَلِمتُ أَنَّ الجِدَّ خَيرُ لِباسِ
وَالجِدُّ مَدحُ الطاهِرِ القاضي زَكي / يِ الدينِ وَالدُنيا أَبي العَبّاسِ
يا اِبنَ الأُلى شَهِدَ الزَمانُ بِأَنَّهُم / بَعدَ الخَلائِفِ فيهِ خَيرُ الناسِ
ما لِلأُمورِ إِذا شَكا مِن كَلمِها / شوسُ المُلوكِ سِواكُمُ مِن آسِ
ذَلَّلتُمُ بِعُلومِكُم وَحُلومِكُم / إِذ رُضتُموها كلَّ ذات شِماسِ
وَأَطاعَ أَمرَكُمُ الزَمانَ وَقَد رَمى / حُسّادَكُم بِالرَغمِ وَالإِتعاسِ
وَبَلَغتُمُ بِالرَأيِ ما لَم يَستَطع / إِدراكَهُ بِاللامِ أُسدُ حِماسِ
حَسَدَت دِمَشقَ عَلى مَقامِكُمُ بِها / بَغدادُ وَهيَ حِمى بَني العَبّاسِ
أَنتَ الَّذي بِفِعالِهِ وَمَقالِهِ / في حُكمِهِ أَنسى ذَكاءَ إِياسِ
إِن يَنثُرِ الدُرَّ النَفيسَ بَنانُهُ / يَنظِمهُ بِالأَقلامِ في القِرطاسِ
بِبَيانِهِ وَبَنانِهِ سِحرانِ مِن / لَفظٍ وَخَطٍّ باهِرِ الجلّاسِ
ما إِن رَأَينا صائِغاً مِن قَبلِهِ / في الطِّرسِ صاغَ الدُرَّ مِن أَنقاسِ
يا مَن يُنافِسُهُ لَقَد أَمَّلتَ أَن / تَلقى شُعاعَ الشَمسِ بِالنِّبراسِ
طبٌّ بِأَحكامِ الشَريعَةِ فارِسٌ / في حَومَتَي نَصٍّ وَحُسنِ قِياسِ
مِن دَوحَةٍ قُرَشِيَّةٍ أُمَوِيَّةٍ / في سُرَّةِ البَطحاءِ ذاتَ عِراسِ
فَكَأَنَّ عافِيهِ زُهَيرٌ مادِحاً / هَرِماً فَحادَ بِهِ عَنِ الإِفلاسِ
وَحسوده يَحكي كُلَيباً إِذ ثَوى / لِيَدَيهِ وَالفَمِ مِن يَدَي حَسحَاسِ
إِن كُنتُ نِسياً عِندَ مُحي الدينِ مَن / سِيّاً فَلَيسَ لِيَ اِبنُهُ بِالناسي
لَهُما دُعائي وَالثَناءُ عَلَيهِما / يَتَرَدَّدانِ تَرَدُّدَ الأَنفاسِ
وَأَنا الجَديرُ لِحُسنِ مَدحي فيهِما / قِدماً بِما قَد كانَ حُقَّ لِشاسِ
لا فارقا النعماءَ فَهيَ لَدَيهِما / مَبنِيَّةٌ عادِيّهُ الآساسِ
مادامَ ماءٌ في يَزيدَ وَفي ثَرى / ثَورا وَفي بَردى وَفي باناسِ
هُنّيتَ عاماً أَقبَلَت أَوقاتُهُ / وَوُجوهُها بِالنَورِ مِنكَ كَواسي
مِثلُ المَصاحِفِ زُيِّنَت أَوراقُها / بِطَلاوَةِ الأَعشارِ وَالأَخماسِ
سَرى طَيفُ عَلوَةَ مِن بانِياسا
سَرى طَيفُ عَلوَةَ مِن بانِياسا / وَقَد أُسعِرَ القَلبُ مُذ بانَ ياسا
فَكَم مِن أَفاحيصَ جَونِ القَطا / خَطا وَأَداحِيَ لِلرُبدِ داسا
سَرى حينَ هَوَّمتُ في لَيلَةٍ / تَهابُ السَراحينُ فيها اِعتِساسا
كَأَنَّ دُجاها غُرابٌ تَنَف / فَضَ إِذ أَعيُنُ السُحبِ تَهمي اِنبِجاسا
وَإِنسانُ عَيني صَبِيّ بِمُهدٍ / يُهَزُّ بِهِ فَيُناغي النُعاسا
وَما كانَ إِذ زارَني سامِرِي / ياً يَقولُ إِذا رُمتهُ لا مِساسا
فَذَكَّرَني عَهدَ بانِ الحِمى / وَفَودي ثَغامٌ وَقَد كانَ آسا
وَكَم لَيلَةٍ بتُّ في ظِلِّها / أُعاطى بِقاعِيَّةً مِن يَماسا
إِذا ما تَناوَلتَ كَأساً مِنَ ال / حَبيبِ بِها أَتبَعَ الكاسَ كاسا
فَلا تُنكِرَنَّ هَداكَ المَليكُ / مَقالي فَمَن أَدمَنَ الكَأسَ كاسا
وَمَن فاهَ بِالنارِ لَم يَحتَرِق / بِها فوهُ يَوماً وَلَم يَخشَ باسا
وَلي شَرَفُ الدينِ في بانِياسَ / فَلَستُ لِفُرقَةِ مَن بانَ آسى
إِذا قالَ شِعراً أَرانا اِبنَ أَوسٍ / حَبيباً وَأَنسى ذَكاءً إِياسا
أَنيقُ القَوافي دَقيقُ المَعاني / يجيدُ الطِباقَ بِهِ وَالجِناسا
قَوِيُّ النُهوضِ بِعِبءِ العَروضِ / وَلَم يَكُ في النَحوِ يَخشى التِباسا
أَفادَ فَجادَ وَسادَ فَزاد / وَقادَ فَذادَ وَعادَ فَآسى
يَبُذُّ الخُصومَ إِذا ناظَروهُ / بِنَصٍّ وَيُربي عَلَيهِم قِياسا
أَرى الناسَ ناساً بِهِ حَيثُ حَلَّ / فَإِن غابَ عَنهُم فَما الناسُ ناسا
فَيا اِبن مُحَمَّدٍ اسمَع فَأَنتَ / كَيَعقوبَ يَعقوبُ في بانياسا
مَدينَةُ أَسباطِهِ لَم تَكُن / مِنَ البَرَكاتِ تَخافُ اِحتِباسا
أَتَتكَ السَعادَةُ مُنقادَةً / وَتَأبى لِغَيرِكَ إِلّا شِماسا
فَيا مَن يُسائِلُ عَنهُ أَصِخ / لِمَن لِلتَجارِبِ قاسى فَقاسا
وَجاوِرهُ تَنجُ بِهِ وَقتَ بَأسٍ / وَشاوِرهُ تَجنِ مُنىً وَاِقتِباسا
لَهُ قَلَمٌ واسِعُ الفَضلِ جَلَّ / وَإِن ضاقَ شِقّاً وَإِن دَقَّ راسا
يَجودُ فَيُغني المَوالي سَماحاً / وَيَسطو فَيُفني الأَعادي حَماسا
تَسوسُ الأَقاليمَ أَقلامُهُ / فَيا حَبَّذا مَن بِهِ الناس ساسا
بَنى لِجَهَركَسَ بِالرَأيِ مُلكاً / فَقَوّى دَعائِمَهُ وَالأَساسا
فَكانَ لِدَولَتِهِ زينَةً / كَذاكَ الطِرازُ يَزينُ اللِباسا
وَما مَن يُقَرِّبُ مِنهُ الكِرامَ / كَآخَرَ يُدني إِلَيهِ الخِساسا
غَدَت بانِياسُ عَرينَ الهِزَبرِ / وَقَبلَ جَهارَكسَ كانَت كِناسا
لَهانَ بَنو التُركِ حَتّى غَدَوا
لَهانَ بَنو التُركِ حَتّى غَدَوا / مَماليكَ كُلِّ لَئيمٍ خَسيسِ
إِذا ما مَشَوا خَلفَهُم خِلتَهُم / ظِباءَ الأَجارِعِ خَلفَ التُيوسِ
حِسانُ الوُجوهِ وَلَكِنَّهُم / سُعودٌ طَوالِعُ خَلفَ النحوسِ
لَئِن كانَ وافى مِصرَ فِرعَونُ وَحدَهُ
لَئِن كانَ وافى مِصرَ فِرعَونُ وَحدَهُ / مِنَ الشامِ فَاِستَعلى وَأَظهَرَ ناموسا
فَقَد قَذَفَتنا مِصرُ مِنها بِواحِدٍ / يُرى أَلفَ فِرعَونٍ وَلَيسَ لَنا موسى
فَعثنونه لِلّؤمِ وَالخبثِ مَعدِنٌ / فَصَبَّ عَلَيهِ عاجِلاً رَبُّنا موسى
حَوى كِبَرَ نَمرودَ بنِ كَنعانَ أَنفُهُ / فَلَيتَ بِهِ مِن نَقمَةِ اللَهِ ناموسا
تَطَأطَأَ حَتّى الطَيلسانِ مُرائِياً / فَكانَ لِما يَبغيهِ فَخّاً وَناموسا
أَرى ماءَ حَمّامِكُم كَالحَميمِ
أَرى ماءَ حَمّامِكُم كَالحَميمِ / نُكابِدُ مِنهُ عَناءً وَبُوسا
وَعَهدي بِكُم تَسمِطونَ الجُدَيَّ / فَما بالُكُم تَسمِطونَ التُيوسا
اِسقِني الخَندَريسَ تُسبى عَروسا
اِسقِني الخَندَريسَ تُسبى عَروسا / بِسَناها الساقي يَسُرُّ النُفوسا
سُقتَ بِالساقِ ساقِياً وَبِوَسنا / نِكَ لِلحَسرَةِ الأُسودَ الشوسا
حَسبُنا حَسوُنا السُلافَ شَموسا / بِكُؤوسٍ يُحسَبنَ حُسناً شُموسا
عيسُها عَرَّسَت بِساحَةِ عيسى / وَسَقَت بِالسِّمامِ موسى موسا
لا تُسَوِّف بِالكَأسِ ناساً كِياساً / سَبَلوا الكيسَ فَاِستَباحوا الكُؤوسا
سَلسَبيلاً لِحَسوِها سَل سَبيلاً / فَسِواها لِلنَفسِ لَيسَ أَنيسا
أَلبَسَتها السُقاةُ سِربالَ حُسنٍ / وَسَقَتها شَمامِساً وَقُسوسا
دَوَّسوها وَقَدَّسوها وَسَمّوا / سَفَهاً مُستَحِلّها قِدّيسا
فَاِسقِني سَلسَلاً تَسُلُّ رَسيسَ ال / سُقمِ سَلّاً وَتَسلُبُ النّاموسا
سَقِّني إسفَنطاً تُسارِقُ بِالسِرِّ / لِسانَ الرَئيسِ جالينُوسا
فَنَسيمُ السُلافِ يَسري سُحَيراً / بِسُعودٍ فَيَستَفِرُّ النُحوسا
سَيِّدي سامني مُسامَرَةَ النَّر / جِسِ وَالآسِ فَاِستَحَثَّ رَئيسا
وَسَعى بِالطاساتِ أَحسَنَ ساعٍ / وَسَقامُ الأَجسامِ بِالكَأسِ يوسى
سَطَواتُ السُلطانِ سَلَّت سُيوفاً / ساطِياتٍ فَأَسخَطَت إِبليسا
سَلَبَتنا حَسوَ السُلافَةِ سِرّاً / فَسَرى يَسلُبُ النَفيسُ النَفيسا
حُبِسَ المِسكُ بِالمُسوكِ سَحيقاً / فَعَسى السُؤلُ يُرسِلُ المَحبوسا
يَرِقُّ الصَخرُ لي مِمّا أُقاسي
يَرِقُّ الصَخرُ لي مِمّا أُقاسي / وَأَنتَ عَلَيَّ فَظُّ القَلبِ قاسِ
وَلَم يَكُ ناسِياً ذِكراكَ قَلبي / وَأَنتَ مُضَيِّعٌ لِلعَهدِ ناسِ
دَعوا عَذَلي عَلى ناسي عُهودي / فَما العُذّالُ في الناسي بِناسِ
تُذَكِّرُني لَماهُ الراحُ صِرفاً / فَأَمزُجُ مِن دَمي وَالدَّمعِ كاسي
رَمَتني مُقلَتاهُ بِسَهمِ لَحظٍ / فَما بُقراطُ لي مِنهُ بِآسِ
قَدِ اِقتادَ الغَرامُ بِهِ عِناني / كَما اِقتادَت عِنانُ أَبا نُواسِ
أَبَيتُ الضَيمَ إِلّا في هَواهُ / عَلى عَينَيَّ أَحمِلُهُ وَراسي
أَيُّها الحادِيانِ حُثّا العِيسا
أَيُّها الحادِيانِ حُثّا العِيسا / حامِلاتٍ مِنَ العَذارى شُموسا
رامِياتٍ بِأَسهُمٍ نافِذاتٍ / قاتِلاتٍ كلومُها لا تُوسى
هُنَّ أَجرَينَ في الخُدودِ دُموعاً / يَومَ وَدَّعنَنا فَسِلنَ نُفوسا
كُلُّ هَيفاءَ كَالمُثَقَّفِ قَدّاً / لَحظُها كِالسِنانِ باساً وَبُوسا
ساحِراتٍ يَردُدنَ مَن كانَ بِالسِّح / رِ كَما رَدَّ كَيدَ فِرعَونَ موسى
يا نَديمي قُم سَقِّني بِنتَ كَرمٍ / تَطرُدُ الهَمَّ صاغِراً وَالرَّسيسا
لا تُطِع مَن يَلومُ فيها فما اللَّذ / ذَةُ إِلّا أَن تَشرَبَ الخَندَريسا
وَاِجلُ مِنها عَلى النَدامى عَروساً / حَبَّذا الراحُ في الزُجاجِ عَروسا
ما بَدَت لِلقِسّيسِ إِلّا وَأَبدى / لِلإِلَهِ التَسبيحَ وَالتَقديسا
سَقى اللَهُ دَيراً فيهِ نادَمتُ قِسّيسا
سَقى اللَهُ دَيراً فيهِ نادَمتُ قِسّيسا / فَكانَ شَريفاً ظاهِرَ البِشرِ قِدّيسا
لَهُ خُلُقٌ يُرضي النَبِيَّ مُحَمَّداً / وَيَأتي بِما أَوصى بِهِ قَومَهُ عيسى
وَيَطرَبُ إِن غَنَّيتُهُ فَكَأَنَّني / ضَرَبتُ لَهُ في الديرِ بِالصُبحِ ناقوسا
سَقاني مُداماً قَرقَفاً ذَهَبِيَّةً / كَأَنَّ عَلى حافاتِها الدُرَّ مَغروسا
مُعَتَّقَةً مِن صَيدِنايا سَبَأتُها / يَهُزُّ بِها الرّاووقُ أَعطافَ إِبليسا
فَمن وَجهِها في الكَأسِ يُبدي طَلاقَةً / إِلَيَّ وَمِن وَجهي يُقابِلُ تَعبيسا
كُمَيتاً بِها يَسعى عَلى الشَّربِ شادِنٌ / مِنَ التُركِ تَكسوهُ المَهابَةُ ناموسا
يُخالُ إِذا ما اِختالَ في بُردِ حُسنِهِ / وَقَد ماسَ مِن سُكرِ المُدامَةِ طاوُوسا
ذُؤابَتُهُ الثُعبانُ إِذ راعَ شَكلُها / إِلى قَلبِهِ فِرعَونَ يَومَ عَصا موسى
يُسَرُّ الَّذي تَلقاهُ يَوماً بِقُربِهِ / سُرورَ سُلَيمانٍ عَلى عَرشِ بَلقيسا
فَأَنشَدَني شِعراً أَنيقاً مُهَذَّباً / بِهِ وافَقَ وَالتَطبيقُ في الحُسنِ تَجنيسا
وَيَنبُضُ سَهماً طَرفُهُ كُلَّما رَنا / وَقَوَّسَ مِنهُ الحاجِبَ السّحبُ تَقويسا
عَلى خَصرِهِ تَنضَمُّ عَشرُ أَنامِلٍ / وَفي سَرجِهِ النُعمى مِنَ الرِدفِ وَالبوسى