المجموع : 23
قف جانب الدير سل عنها القساسيسا
قف جانب الدير سل عنها القساسيسا / مدامة قدستها القوم تقديسا
بكراً إذا ما انجلت في الكأس تحسبها / من فوق عرش من الياقوت بلقيسا
رقت فراقت وطابت فهي مطربة / كأنها بيننا دقت نواقيسا
مالت بها القوم صرعى عندما برزت / بها البطارق تسقيها الشماميسا
كأنها وهي في الكاسات دائرة / صافي الزلال حوى فيه طواويسا
صِرفٌ صفت وَصَفَتْ دارَ النعيم لنا / وآدماً والذي يحكي وإبليسا
عجنا على ديرها والليل معتكر / حتى زجرنا لدى حاناتها العيسا
مستخبرين سألنا عن مكامنها / توما ويوشا ويوحنا وجرجيسا
نأتي الكنائس والرهبان قد عكفوا / لدى الصوامع يدعون النواميسا
طفنا بها واستلمنا دنها شغفاً / فلم نخف عندها عيبا وتدنيسا
حيث القساقس قاموا في برانسهم / يومون بالرأس نحو الشرق عن عيسى
والكل في بحر نور اليثربي حكى / موجاً أرته رياح القرب تأنيسا
كلمتني من كل عقل وحسِّ
كلمتني من كل عقل وحسِّ / ودعتني من كل نوع وجنسِ
هي عندي مكشوفة كشف عين / وهي عندي محجوبة حجب لبس
وجهها مشرق بغير غروب / وأنا اليوم في الغروب وأمس
أيها المَيْتُ من ضلالة جهل / أنت بالجسم ضمن قبر ورمس
فإلى كم ترى نجوم البرايا / هات قل لي متى ترى ضوء شمسي
ومتى تنجلي كؤوسك صرفاً / من يد البدر في أصابع خمس
هذه النفس كالسفينة تجري / لو تأملت منك في بحر طمس
فاقتلع لوحها بعزمك واغرق / يغسل الماء منك آثار رجس
وجه حق تعنو الوجوه إليه / إن تبدّى لم تستمع غير همس
كن لمن يدعي الصلاح محبّاً
كن لمن يدعي الصلاح محبّاً / واحترم منه خرقة الأكياسِ
واترك الشك والتردد فيه / وابن أمراً على أتم أساس
وتمسك بما ادعاه ودع عن / ك احتمالاً يلقيك في الأرجاس
وتيقن أن الصلاح بحار / زاخرات والله ما شاء كاسي
وقل الصدق منه يرجع والكذ / ب إلى نفسه بغير التباس
لا إلى من يحب وصف صلاح / لاح للعقل منه أو للحواس
واخز شيطانك اللعين عدو ال / لَه فيه وفيك بالوسواس
وتحقق بأنه لا يُضِيعُ ال / لَه هذا على امرئٍ فيه راسي
وتأمل في كلب أصحاب كهف / وهو كلب باق من الأنجاس
كيف بالإعتقاد نال المزايا / دون كل الكلاب والإتياس
تبع القومَ جاهلاً بالذي هم / فيه حباً ولم يخف من باس
فرأى الله منه ذلك خيراً / فحباه من نورهم باقتباس
قرن الله ذكره معهم في / محكم الذكر لا بحكم قياس
وهو أيضا يوم القيامة في الجن / نة معهم معطر الأنفاس
فاخدم الصالحين واثبت على ما / أنت فيه من حبهم باحتراس
واغرس الخير في المساكين تحصد / يوم حشر الورى ثمار الغراس
واترك المنكرين تعساً لهم من / عصبة للفساد بين الناس
قلوب متى منه خلت فنفوسُ
قلوب متى منه خلت فنفوسُ / لأحرف وسواس اللعين طروسُ
وإن مُلئت منه ومن نور ذكره / فتلك بدورٌ أشرقت وشموس
رأيناه محبوباً مليحاً مهفهفاً / لأنواع خُطّاب الجمال عروس
وإن ظهرت نار الحيا فوق خده / له سجدت من عاشقيه مجوس
وجبريل إن ينفخ بروح مسيحه / تبدت رهابين به وقسوس
وهمنا به حسناً كما البدر طلعة / وفي يده مما يدير كؤوس
له مقلة ترمي علينا إذا رنت / سهاماً وما للعاشقين تروس
وقمنا به يوماً ونمنا به دجىً / وشامٌ حوت منه الرجالَ وطوس
وبعنا به وهو الدراهم وهو ما / نبيع وما نشريه وهو فلوس
وماءً شربناه ولحماً وخبزةً / أكلناه واندارت بذاك ضروس
ويا طالما ثوباً لبسناه زينة / وداراً سكناه وفيه ندوس
وعفناه دوداً في شراب ومأكل / ونفليه قمل في الثياب وسوس
وتبغضه أعداؤنا وتحبه / أخلاؤنا إذ ضاحك وعبوس
وتحذره أمراً مهولاً ونرتجي / له أملاً تسمو إليه رؤوس
وذلك من حيث الصفات التي له / فكلٌّ ظلالاتٌ به وعكوس
ومن حيث شأن الذات فهو منزه / وفيه انمحاء للسوى وطموس
فإما تحقق وافهم الأمر أو فدع / وقل لفروع الحادثات شروس
هو العاشق المسكين يفرح إن دنا / وإن مسه بالضر فهو بؤوس
له ناقة الأشواق يركبها كما / أثارت قديماً للحروب بسوس
فخذ بكلامي وانتسب لطريقتي / ولاتك ممن طيشته دروس
لقد سعدت قوم بحبلي تمسكت / تروض به أحوالها وتسوس
وقوم رمتهم بالدمار ظنونهم / بنا فعيون لي تلاحظ شوس
يرون ولا يدرون ما ذلك الذي / خلال ديار الكائنات يجوس
وهل يدرك الأعمى بغير خياله / وما الجهل إلا شدة وبؤوس
فلا تعتبرهم إنهم في سلاسل / من الوهم أسرى والعقول حبوس
وحافظ على الإيمان بالغيب واحتفظ / فإنا قيام حوله وجلوس
وليس لنا عن مذهب الحب مذهب / وإن بعثرت يوم النشور رموس
روح تغذت بتقوى الله طيبة
روح تغذت بتقوى الله طيبة / قوية ولها الرحمن حرّاسُ
وجثة نبتت مما يحل لها / من المآكل ما في ضعفها باس
كالغصن ماس به طوراً نسيم صباً / وقام طوراً به والغصن مياس
اجعل طعامك من غير الحرام على / مقدار علمك واترك ما به الباس
وابشر فإنك إن تحيا مناك تنل / وإن تمت لك من مولاك إيناس
والحل ينبت في الأعضا موافقة / أما الحرام فعصيان وأرجاس
لحرب نفوسنا قد جاء فارسْ
لحرب نفوسنا قد جاء فارسْ / وقد فتنت به روم وفارسْ
تبرقع بالقلوب فلو أميطت / براقعه لكان الكون دارس
وأوصاف الجمال له استقرت / ووصف الغير قام عليه حارس
عظيم مهابة فنيَ المناجي / له شوقاً وقد ذاب الممارس
وفي روض القلوب له ثمار / بأشجار المحبة وهو غارس
تحجب فالعقول عليه ضلت / ولا يدريه إلا من يمارس
عزيز والمحب له ذليل / وإني وهو مفترس وفارس
ألا يا أيها المحبوب رفقا / بأقوام لعشقك هم مغارس
وإن قُرئت بهم فيهم عليهم / معاني الكشف عنك فهم مدارس
ظهرت لهم فغابوا فيك حتى / من الأغيار حولت المتارس
وقد ركضوا بميدان التجلي / وكل رامح فيه وتارس
هم العلماء إن ذكرت علوم / وفي يوم الحروب هم الفوارس
وكيف توجهوا شهدوك جهراً / ووجهك للذي شادوه هارس
إن كنت لم ترض عن النفسِ
إن كنت لم ترض عن النفسِ / فأنت من نوعي ومن جنسي
فإن نفسي لا ترى نفسها / إلا على خبث وفي رجس
صفاتها مذمومة كلها / وهي من الطاعات بالعكس
من أجل هذا هي في الجهل لم / تبرح وفي غي وفي لبس
لكن لها روح مطهرة / تصبح في خير كما تمسي
من أمر ربي كلها طاعة / لأمره بالعقل والحس
شريفة تنبئ أوصافها / عن حسن أصل طيب الغرس
فالروح في الرفعة والنفس في / سفالة تبقى إلى الرمس
كاللب والقشر أو الشمس مع / شعاعها فانظر إلى الشمس
والعبد منسوب لذا أو لذا / في نشأة الإطلاق والحبس
فتارة تغلب ذات العلى / فينعم المغلوب بالإنس
ويظهر المخفي عنها بها / لها فيبدو العرش والكرسي
وتارة تغلب تلك التي / بجهلها في الوهم والهجس
فيصبح المغلوب في وحشة / من أمره وهو بها مكسي
طوراً وطوراً وهو دأب الذي / كماله الناشي على الأس
وراثة علمية حققت / عمن لحرف الكون كالطرس
يا شمعة هي في كل الفوانيسِ
يا شمعة هي في كل الفوانيسِ / يخالف العقل هذا في التقايسِ
وهو المحقق عند العارفين به / كشف بكشف وتلبيس بتلبيس
لم يبق مني به شيء سواه ولم / يظهر كما هو لي في وصف تقديس
فزلت عني وزال الكون أجمعه / عندي كما وحشتي زالت وتأنيسي
وكان هذا بسر لاح لي زمناً / هو الوجود وتفريعي وتأسيسي
من كل شيء تبدى لي فحققه / قلبي فزال بتحقيقي وتطميسي
فصرت لا هو عن ذوق ولست أنا / وطهر الغيب بالأغيار تدنيسي
وقد بدا سر ذاك السر يخبرني / عن آدم العلم بالأسما وإبليس
فيا حقيقة كوني أنت شمس ضحى / عليك غيمة تنويعي وتجنيسي
أو كالسواد الذي في العين يظهر من / قرص الأشعة في تحديق تحييس
كالعنكبوت بنت نفس لها خيماً / حتى بها وهنت من طول تعنيس
كيس تقدر من شتى الشئون له / والسر أجمعه في ذلك الكيس
طرقت دير الهوىدارت دوائره / على الرهابين فيه والقساقيس
نفوس أغيار عين في برانسها / مزخرفات كأذناب الطواويس
حتى نظرت بعين العين فانكشفت / موتَى الشماميس منها في النواميس
وأكبر الحق في واهي أباطله / وقد تعالى على كل الوساويس
وكل ما كان عند العقل أدرسه / درسته وتلاشى أمر تدريسي
وأصبح الواحد المعروف مشتهراً / عندي ولا عند لي من فرط تفليسي
ولم يكن غيره الثاني له ونفى / تثليث ظني وتربيعي وتخميسي
بالله قف أيها الساري بنا وبه / يبدي مراتب إدلاج وتعريس
واعطف على العيس لا تجذب أعنتها / إلا إليك وجد واعطف على العيس
تبارك الله لي وجه الحبيب بدا / وقد تبسم لي من بعد تعبيس
عرشي أتى من سباغيٍّ لقدس هدى / ومع سليمانه إسلام بلقيس
وعاد ما كان مني بالغداة مضى / وأذّن الظهر بي في وقت تغليس
وللبداية قد عادت نهايتنا / وأخلصت عندنا كل الجواسيس
والكل أصبح نوراً بعد ظلمته / وقد تطهّر منه كل تنجيس
وقد رأى الكل في تغيير فطرتهم / مذاهباً أدركوها بالمقاييس
وعين ما أنا مفطور عليه وهم / مثلي هو الحق عندي دون تنفيس
فاكشف ولا تخترع ما أنت فيه تفز / بدين طه وداود وجرجيس
وقل وما أنا ممن بالتكلف قد / أتى إليكم خلافا للمناحيس
إني أنا المكتوب في الطرسِ
إني أنا المكتوب في الطرسِ / لا يهرب الكلب من العرسِ
موائد الإنسان ممدودة / والفضل ملء العرب والفرس
والكل إنعام عليهم بهم / من كل نوع كان أو جنس
إن حل قيد الكون عن كائن / فذاك ثلج ذاب في الشمس
والنفس إن ألقت مقاليدها / لربها تخرج من الحبس
جوهرة غرفاء في بحرها / يقول عنها غيرها نفسي
وكلم منها عليها بها / ستائر في العقل والحس
لها ذوات وصفات على / تعدادهم في حالة اللبس
وصاحب الكشف رأى واحداً / ما في غد أو كان بالأمس
لا غير ذاك الواحد المختفي / يعوم في بحر من الطمس
إن الفقير هو الغني بربه
إن الفقير هو الغني بربه / وكذا الغني هو الفقير البائس
وانظر إلى وصف الغني وكونه / وصف الفقير فما المحقق آيس
فإذا عرفت لمن يؤثر منك في / كل الشئون فإنك المترائس
وبدت هنا حلل المراتب كلها / وتبخترت فيها لديك عرائس
وانظر إلى المسكين في يد قاطع / تنزاح عنك من الظنون دسائس
سمع السمع وهو في الإلتباسِ
سمع السمع وهو في الإلتباسِ / وتناسى سماعه في الناسِ
سوف قد سوفت إليها قلوباً / قلبتها زخارف الوسواس
ولسين السماء ماء مضاف / لحياة النفوس بالأنفاس
هي حرف لها انحراف المعاني / وحشة أدمجت مع الإيناس
سطعت في الورى نجوم هداها / فتراءت لراسخ القلب راسي
وهي ملء العيون حيث تبدت / تتجلى وملء باقي الحواس
وبها هذه وتلك استقامت / فهي فيها تضيء كالنبراس
عالم النطق عالم الأنفاسِ
عالم النطق عالم الأنفاسِ / خمر معنى واللفظ مثل الكأسِ
سنة الله في الذين مضوا إن / عرفوه به لطمس الحواس
هذه هذه الحقيقة لا ما / تجتنيه العقول بالإفتراس
سبقتنا أئمة الحق قوم / رسخوا فيه كالجبال الرواسي
فشربنا من سؤرهم وارتوينا / وشممنا منهم شذا الأنفاس
سادة الدين بالشريعة قاموا / لا بفهمٍ فيها ولا بقياس
بل بمولاهمُ المهيمن فيهم / عبدوه كشفاً بغير التباس
إذ هو الحي والعوالم موتى / يدّعون الحياة بالوسواس
وهو محض الوجود والكل فان / فيه طراً من فرعه للأساس
وإذا كنت أنت والكل لا شي / ء فقل لي من أنت يا ابن الناس
أنت تقديره وتصويره في / علمه سابقاً وما هو ناسي
ثم لما تكلم الحق عن عل / م تبينت بالكلام المواسي
وهو حق والعلم حق وفيه / كل هذا الترتيب في الأجناس
وكذاك الكلام حق وعنه / أنت باد ونوره لك كاسي
فإذا قال كن تكن بوجود / هو قول الحق الشديد الباس
ما تغيرت أنت عن عدم في / علمه بل ما زلت في الإنطماس
لا ولا الحق قد تغير عما / هو فيه بما لديك يواسي
عدم ظاهر بنور وجود / ووجود بغيره في التباس
غلام نفسكْ بنفسكْ فاقتله يا شمسْ
غلام نفسكْ بنفسكْ فاقتله يا شمسْ / واطمس وجودكْ بأنوار التجلي طمسْ
وإن خرقت سفينةْ بحرْ أمرهْ همسْ / أقم جدار الشريعه والصلاة الخمسْ
اغسلوا بي نجاسة الوسواس
اغسلوا بي نجاسة الوسواس / عن قلوب لكم بها الجهل راسي
يا صحابي فإنني ماء قدس / نازل من حظائر الأقداس
وانشقوا عرف روضتي فعساكم / أن تشموا منها شذا أنفاسي
واسبحوا في مياه بحر علومي / واكشفوا بي ستائر الإلتباس
وادخلوا حانتي معي واشربوا من / خمرتي واسكروا بفضلة كاسي
وانزعوا حلة التكبّر عنكم / وابدلوا ذا الإيحاش بالإيناس
إن لله في الغيوب قلوباً / أثمرت حبه بطيب غراس
دخلت دير عشقه فاستقلت / لا إلى راهب ولا شماس
حفظتها من المهيمن عين / ثم أغنت عن سائر الحراس
ولتلك القلوب أجسام نور / أشرقت بن ظلمة الأجناس
تحت أثوابها ضراغم غاب / ألفت في الهوى ظباء كناس
يا نداماي لا عليكم إذا ما / جذبتكم حرارتي من باس
أنا شعشاع نوركم فاعشقوني / لا تحولوا عن شرب كاسي وطاسي
انفضوا عن وجوهكم نقع كون / وامسحوا في العيون كحل النعاس
لا تقولوا بفرد عرش وكرسي / كم عروش لربنا وكراسي
واسألوا القلب عن معارف روح / واسألوا الجسم عن علوم الحواس
رب ناس رأيتهم ورأوني / وإذا فتشوا فليسوا بناس
كل وقت قلوبهم في انقلاب / أسرتهم خواطر الوسواس
يزنون الرجال بالوزن جهلاً / ويقيسون في الورى بالقياس
قطعوا عمرهم بقال وقيل / وهو أقوى علامة الإفلاس
هم كُسالى وإن دعتهم دواعي / حظ نفس كانوا من الأكياس
أطلق الكاس بعد طول احتباسِ
أطلق الكاس بعد طول احتباسِ / واسقنيها ما بين ورد وآسِ
خمرة كاسها ألستُ قديماً / وحديثا عقلي وكل حواسي
شرب الكوب فهو سكران منها / وتراه معربداً بالناس
يا نداماي ما على شاربيها / حيث باحوا بسرها من باس
ملأتهم فالآن تقطر منهم / بقياس لهم وغير قياس
لم تدع فضلة بهم لسواها / طهرتهم من سائر الأنجاس
فليهيموا بل فَلْتَهِمْ هي عنهم / واحرسوها يا جملة الحراس
إنهم فعلها وهم أهل شطح / وهوى لا شك ولا وسواس
سبقت قبلنا أناس إليها / غرستهم فيها أتم غراس
فتحوا باب ديرها فشممنا / نفحة المسك من فم الشماس
وسكرنا براهب الدير لما / هب منها معطر الأنفاس
وتثنت سقاتها كغصون / بعيون سبت ظباء الكناس
كل غصن من المليح أناء / هي فيه بالوهم والإلتباس
فإذا قال أو رنا أو تثنّى / منه ذابت عروشها والكراسي
جل وجه يلوح من كل شيء / فيزيل المشكاة بالنبراس
عميت كل مقلة لا تراه / ظاهراً فهي مقلة الخناس
نابت عنه كل ما كان منه / مثل نبت المعنى من الإحساس
أيها اللائم الذي لام جهلاً
أيها اللائم الذي لام جهلاً / في هوى ذلك الغلام النفيسِ
مالنا والجهول يبحث عنا / بكلام واه وعقل خسيس
إن في الحسن والذكورة سراً / ليس يدريه غير ذي التقديس
عش سليماً أومت بدائك فينا / والْقَنا بابتسامٍ اَو تعبيس
أحسن الظن أو به كن مسيئاً / نحن في رفعة عن التدنيس
إن تساوى في الخلق بين مليح / وقبيح أخطأت في التقييس
قد أتاك اسجدوا لآدم فافهم / ما أتاك اسجدوا إلى إبليس
يا ذوينا وأمنا وأبينا
يا ذوينا وأمنا وأبينا / نسب الحب بيننا هو راسي
يا ذوي الإعتقاد فينا ويا من / أسسونا على أتم أساس
أحصنوا بالتقى فروج قلوب / طاهرات ممن سواكم بِفاس
من زناة لهم ذكور كلام / نطف الغي منه والوسواس
جامعوه يلقون فيه شكوكاً / تنتج الريب في أمور الناس
أنا كتاب الله في الناسِ
أنا كتاب الله في الناسِ / اذكر المستيقظ الناسي
واشرح القول الذي قيل لي / في سر سري بين جلاسي
مجبولة نفسي على سرها / لغيب الغيب في الناس
شربت كأسا ثم ناولته / مَن عن يميني فضلة الكاس
فإن حساها فبصدقٍ له / وإن تقايَى فبوسواس
هنالك الشيطان يلوي بهم / عن خمرتي والكاس والطاس
قوموا اسكروا يا قوم في حانتي / فالليل فيه ضوء نبراس
ووجه ساقينا لنا مشرق / يختال في أثواب إلباس
ونحن لا شرق ولا مغرب / لنا ولا عارٍ ولا كاسِ
نحن بلا نحن فكونوا كما / كنا ولا تخشوا من الباس
وهو هو الموجود لا غيره / والأمر ماح كل قرطاس
اسقني من مدامة القدوسِ
اسقني من مدامة القدوسِ / فهي ملء الدنان ملء الكؤوسِ
وأدرها عليَّ بين الندامى / من قيام بسكرها وجلوس
صرف راح بشربها كم أُميتتْ / من نفوس وأحييت من نفوس
بكر دنٍّ عتيقة قد أعادت / بالتدابير عهد جالينوس
قام يسعى بها المليح علينا / ذو محيَّا يفوق ضوء الشموس
فخرجنا بنشأة السكر منها / عن جميع المعقول والمحسوس
وشهدنا هنالك السر يبدو / بالتجلي من غيبه المحروس
وبه لا بنا معانيه قامت / بالإشارات في حروف الطروس
ثم لا مسجد ولا بيت نار / هو للمسلمين أو للمجوس
شمعة النور لم تزل في اشتعال / وعليها الجميع كالفانوس
وهو ستر الأشياء بالنص فانٍ / في عيون المحقق المطموس
والسوى في القيود من كل شيء / ليس ينفك أسرها والحبوس
إن بشرٍّ قد مُسَّ كان يؤوساً / وبخير إن مُسَّ غير يؤوس
قم لصافي الكؤوس وانشق شذاها / يا نديمي واستجل وجه العروس
هذه حضرة المنى والتهاني / فاغنم السعد مُذهباً للنحوس
واستمع آلة الدفوف أشارت / ببديع الترنُّم المأنوس
وتنصت لصوت نايٍ رخيم / إنما ذاك رقية المأيوس
واعشق الجنْكَ والرباب سماعاً / وتعلم كيف انحناء الرؤوس
إنما العيش بالمعازف عيش / في نظير المذوق والملموس
جنة عجللت لقوم كرام / ما بهم من خب ولا من شموس
يتثنون في رياض علوم / مزهرات بحضرة القدوس
وعليهم سرادق الغيب مدت / دائماً للحفاظ من كل بوس
فهم القوم لا سواهم وهيها / ت يقاس الرئيس بالمرؤوس
إشرب من العينْ لا تشرب من الكاس
إشرب من العينْ لا تشرب من الكاس / حتى تحقق وجود الطاعم الكاسي
يا من فُتِنْ في الهوى بالسالف الآسِ / اطلب لدائكْ دوا شافي من الآسي