المجموع : 3
إلى الله أشكو الذي نحن فيه
إلى الله أشكو الذي نحن فيه / أسىً لا يُنَهنِهُ منهُ الأسى
على مثلها فلتشقَّ القلوبُ / مكانَ الجيوبِ وإلا فلا
فشا الظلمُ واغترَّ أشياعُهُ / ولا مُسْتَغاثٌ ولا مُشْتَكى
وساد الطَّغَامُ بتمويههمْ / وهل يَفْدَحُ الرزءُ إلا كذا
وطالت خُطَاهُم إلى التُّرَّهاتِ / ألا قصّرَ الله تلك الخطا
وأعْجَبُ كيفَ نضلُّ السبيلَ / ولم نأتِهِ واهتدته القطا
وكيف تَضاحَكُ هذي الرياضُ / وكيف يصوبُ الغمامُ الحصى
وهيهات لم يعتمدْ أن يجودَ / ولكن لما نحن فيه بكى
وماذا بحمصٍ من المضحكاتِ / ولكنَّه ضحكٌ كالبكا
وذا اليومُ حَمَّلنا فادحاً / خَضَعْنا له وانتظرنا غدا
وَنُغْضِي على حُكْم صَرْفِ الزمان / وبين الجوانح جَمْرُ الغَضَا
ويا رُبَّ إلبٍ على المسلمين / زَوَى الحقَّ عن أهله فانْزَوى
هو الكلبُ أَسَّدَهُ جَهْلُهُ / وطال فخالُوْهُ ليثَ الثَّرى
وراعهمُ زأرُهُ فيهمُ / ولو كانَ في غيرهمْ ما عوى
كفاهُ الهوانُ احتقارَ الهوان / فسنَّ الأذَى باحْتِمالِ الأذى
تهاونَ باللهِ والمسلمين / وقد كان في واحدٍ ما كفى
وقد خلعَ الدينَ خَلْعَ النَجادِ / وقد أكل الدِّينَ أكلَ الرِّبا
فمرآه في كلِّ عينٍ قذى / وذكراهُ في كلِّ حلقٍ شَجَا
إذا سُئِلَ العَسْفَ بالمسلمين / فأَجْوَدُ من حاتمٍ بالقرى
وإن أمكنتْ منهمُ فُرْصَةٌ / فأَفْتَكُ من خالدٍ بالعدا
ولا بدَّ للحقِّ مِنْ دُوْلةٍ / تُميتُ الضَّلالَ وتُحْيي الهُدى
فيا سحرَ فرعونَ ماذا تقول / إذا جاءَ موسى وأَلقى العصا
وقد عزَّ في مَنْعِ سلطانه / كُلَيْبٌ فكيفَ رأيتَ الحِمَى
وإنَّ أمامك لو قد علمتَ / أشياءَ أَيسرهنَّ الرَّدَى
فَمَا غَفَلَ اللهُ عن أُمّةٍ / ولا تَرَكَ اللهُ شيئاَ سُدى
وعاقِبةُ الظلمِ ما قد سَمِعْتَ / وعَايَنْتَ لو نَهْنَهَتْكَ النُّهَى
أيا أهلَ حمصٍ وقِدْماً دعوتُ / وهل تسْمعونَ إلى من دعا
يَقلُّ لأقداركمْ كلُّ شيءٍ / فكيفَ رضيتمْ بدون الرِّضى
أَلا قد لحنتُ لكم فاسمعوا / وحاجَيْتُ إن كان يُغني الحجا
شِعْرِي وجودُكَ يا أَبا العبَّاسِ
شِعْرِي وجودُكَ يا أَبا العبَّاسِ / مَثَلانِ قد سارا بنا في النَّاسِ
أدنى سماحُك كلَّ شأوٍ نازحٍ / وأَلانَ شعري كلَّ قلبٍ قاس
فإذا التقينا مَتَّ طُلاَّبُ العُلاَ / بأواصرٍ وَبَنَوْا على آساس
وإذا افترقنا لم يزلْ ما بيننا / أَرِجَ المهبِّ مُعَطَّرَ الأنفاس
كم نهضةٍ لك بالمعالي أَطْلَعَتْ / نُوْرَ الرجاءِ على ظَلاَمِ الياس
وإشارةٍ لك في المكارم زاحمتْ / ضَيْقَ الهمومِ بِفُرْجَةِ الإيناس
أنت الصباحُ فما يضرُّ مؤَمّلٌ / أَلا يقيسَ سناكَ بالنبراس
ونوالُكض الفرجُ القريبُ وإن رَنَتْ / بعضُ العيونِ إلى الحيا البجَّاس
أذللتَ صَرْفَ الدهرِ بَعْدَ تَخَمُّطٍ / وَأَلَنْتَهُ من بعدِ طولِ شِماس
وحذوتَ حَذْوَ أبيكَ تَرْمِي بالندى / صَرْفَ الزمان وَتَتَّقي بالباس
شِيَمٌ بَهْرتَ بها الغمامَ مواطراً / والشهبَ زهراً والجبالَ رواسي
حَزْمِيّةٌ ما ضرَّها إن لم تَكُنْ / قطَعَ الرياضِ برملةِ الميعاس
مشهورةٌ بين المكارمِ والعُلاَ / تأْسُو بها أَدْواءَهَا وتواسي
سبقتْ إليَّ الحادثاتِ فأمسكتْ / عني بأيدي الذلِّ والأبلاس
فاليوم أُعْرِيها فهبني لم أكنْ / لظهورها حلساص من الأحلاس
أَعْلَى أبو مروان منها رُتْبَتِي / وَحَمَى بها سِرْبي أبو العباس
إنسانُ عين المجدِ سَمَّوْهُ به / لا أنَّه ناسٍ ولا متناس
عاجَتْ عُلاهُ على القوافي عَوْجَةً / نَفَضَتْ رِمامَ رسُوْمِها الأدْرَاس
في حيثُ أوْحَشَها الزمانُ وأهْلُهُ / فاستعجمتْ مِنْ غربةٍ وتناسي
ومحا بَشَاشَتها الخمولُ فَأْطَرقَتْ / وكأنها آناءُ ليلٍ غاسِ
مَوْتَى أجَنَّتْهَا الصدورُ وربما / رَجَعَ النشورُ بها على الوسواس
إيهٍ أبا العبّاسِ دعوةَ آملٍ / عن صِدْقِ تقليدٍ وَحُسْنِ قياس
يا حافظَ الأحباس إن وسائلي / قد ضِعْنَ فاحفظها مع الأْحبَاس
لعبتْ صروفُ الدهرِ بي وبهمتي / من بعدِ تجربتي لها ومراسي
كالكاسِ طاف بها المديرُ فلم يكنْ / ليَ ظئرها وغداً صريعَ الكاس
أدعوك بين صعودِها وصَبُو بِها / كالعِشْقِ بين الشَّيبِ والإفلاس
أُدْلي بمجدكَ أو أُدِلُّ فإنما / أَضَعُ الحنيَّة في يدِ القوّاس
وأزفُّ من شعري إليكَ عقيلةً / أحظيتُها من حليةٍ ولباس
ذهبتْ بحسنِ الوردِ إلا أنها / قامتْ عُلاكَ لها بعمرِ الآس
الدهرُ إيحاشٌ وإيناس
الدهرُ إيحاشٌ وإيناس / والناسُ ما لم تَبْلُهُمْ ناسُ
وكلُّ ما في القلبِ مُسْتَأنَفٌ / لا طَمَعٍ فيه ولا ياس
وليس حظُّ المرءِ منْ عُمْرِهِ / إلا خُطىً تُحْصَى وأنفاس
جرى الفتى والشيخ في حلبة / الموتى وولَّى الوردُ والآس
أصبحْ على رَحْلٍ فلا بدَّ أن / تُشَدَّ أقْتَابٌ وأحلاس
وَجُدْ على قدرٍ فإن الغنى / سُكْرٌ وإنَّ الجاهَ وسواس
ولي صديقٌ من بني أغْلَبٍ / يَدٌ تُوَاسِي ويدٌ تَاسُو
فتى أقامَ المجدَ معروفُهُ / كما أقام الجسدَ الراس
إيهٍ أبا غسحاقَ من صاحبٍ / ليس على خُلَّتِهِ باس
كانت له في الأرض مندوحةٌ / وفي الورى صحبٌ وَجُلاَّس
قَصَّرْتَ في برّي على أنني / لا الكِيسُ من همتي ولا الكاس
وَحدْتَ عن قُرْبي فقلْ هل أنا / مُهَلْهِلٌ أو أنت جَسَّاس
هلاّ كما كنا ووجهُ المنى / طَلْقٌ وعِطْفُ العيشِ مَيَّاس
إذ نححنُ صنوانِ وأيمُنا / في الودِّ أعيادٌ وأعراس
ففيم أعرضتَ وأزْرَى بنا / دونك إطراقٌ وإبلاس
مهلاً فلم آتكَ مُسْتَرْفِداً / وإن بدا مَسْحٌ وإبساس
لستَ بفوزٍ وطئتْ يثرباً / ولا أنا بعدكَ عبَّاس
عندي رضى بالله لا يعتري / ريبٌ ولا يَعروه إلباس