المجموع : 4
أَمشي عَلى خَوفٍ وَطولِ تَلَفُّتٍ
أَمشي عَلى خَوفٍ وَطولِ تَلَفُّتٍ / فَإِذا جَلَستُ خَشيتُ شَرَّ المَجلِسِ
وَإِذا ثُويتُ بِمَنزِلي أَلفَيتَني / مَيتَ المَفاصِلِ مُحرَجُ المُتَنَفَّسِ
يا هَمَّ قَلبي مِن حَياةٍ مُرَّةٍ / جَمَعَ الزَمانُ بِها صُنوفَ الأَبؤُسِ
أُزجي طِوالَ هُمومِها بِبَقِيَّةٍ / لِلصَبرِ أَحسَبُها نُفاضَةَ مُفلِسِ
وَلَقَد عَلِمتُ وَإِن تَكاءَدَني الأَسى / أنَّ الكَريمَ عَلى الحَوادِثِ يَأتَسي
أَبا شادي وَكُنتَ لَنا حَليفاً
أَبا شادي وَكُنتَ لَنا حَليفاً / نُجَرِّدُ لِلجِهادِ شَديدَ بِأسِكْ
أَتَهدِمُ طولَ يَومِكَ ما بَنَتهُ / يَداكَ مِنَ المَعاقِلِ طولَ أَمسِكْ
أَما تَرعى ذِمامَ الحَربِ يَوماً / فَتَبعَثُها لِقَومِكَ أَو لِنَفسِكْ
أَتَرضى أَن تَطيرَ إِذا التَحَمنا / مَلايينُ الرُؤوسِ لِأَجلِ رَأسِكْ
مَكانَكَ إِنَّنا لَأُولو رَجاءٍ / نَصولُ بِهِ وَأَنتَ صَريعُ يَأسِكْ
ممالِكَ الشّرقِ ما في الحقِّ من باسِ
ممالِكَ الشّرقِ ما في الحقِّ من باسِ / أشفى الجريحُ وضلّت حكمة الآسي
دَعِي القضاءَ وما تَبغِي زَلازِلُه / بالشّامخِ الضّخم أو بالشّاهقِ الرّاسي
واستقبلي ضَرباتِ الدّهرِ خاشعةً / ذَهَبْنَ بالقلبِ أم أَوْدَيْنَ بالرّاسِ
نداعِسُ الحادثاتِ السُّود ثائرةً / والموتُ يَصرعُ منّا كلَّ دَعّاسِ
هَوَى الأمينُ على أشلاءِ رفقتِه / في جوفِ أشدقَ للأبطالِ فَرّاسِ
طوى الدُّهورَ ووارَى في جوانِحه / مِلءَ الممالكِ من جنٍّ ومن ناسِ
يرمي الشُّعوبَ إذا استعصَتْ بطاغيةٍ / جَمِّ الصّواعقِ جبّارِ القُوَى قاسِ
باد الأُلى عَمروا الأيّامَ زاهيةً / فما ترى العينُ منهم غيرَ أرماسِ
الدَهرُ نَشوانُ ما ينفكُّ يَقْرَعُنا / بالحادثِ النُّكرِ قَرْعَ الكاس ِبالكاسِ
كبّرتُ للفارس المِقدامِ مُنْعَفِراً / بين الضَّجِيعَينِ مِن صِدقٍ ومن باسِ
أَوْلىَ الرجالِ بِسربالِ الحياةِ فَتىً / ضَافي السرَّابيلِ مِن نَسْج الوَغَى كاسِي
لكنَّهُ الموتُ لا يُرْمَى بأسلحةٍ / ولا تُرَدُّ عَواديهِ بِحُرَّاسِ
رَمَى الأمينَ بِنابٍ غاصَ نَافِذُه / في أُمَّةٍ رَهْنَ أنيابٍ وأَضْراسِ
يُلقِي الشّباكَ عليها كلُّ مُقْتنِصٍ / وَيُدمِنُ الفَتكَ فيها كلُّ نَهّاسِ
ما إن تَزالُ رُعاةُ السُّوءِ تجعلُها / مَرْعَى عَواسِلَ عَجْلىَ الشَّدِّ أطلاسِ
مَوقوفةَ السَّعي ما يَمشي الزّمانُ بها / كأنّ آمالَها شُدَّتْ بِأَمْراسِ
تُناشِدُ العهدَ أَقواماً فَراعِنةً / سَاسوا الشُّعوبَ فكانوا شرَّ سُوّاسِ
يَنقضُّ جَلّادُهم في كلِّ مَملكةٍ / يَرْمِي العبيدَ ويحمي كل نخّاسِ
بُوركت مِن مُؤمنٍ ما كَانَ أطهرَهُ / على تَصاريفِ دُنيا ذاتِ أرْجاسِ
مُسْتَيْقنِ النّفسِ لا يَغْشَى سرِيرتَهُ / ما في السّرائرِ مِن ظنٍّ وَوَسواس
يَشْقَى بهِ في رِداءِ الحقِّ كُلُّ فتىً / نَزّاعِ أَرْديِةٍ في القومِ لبّاسِ
جمِّ النّوازعِ لا تُحْصَى مذاهِبُه / ولا تُحدُّ مَناحيهِ بِمقياسِ
جِنسٌ من الشّرِّ ما يَنفكُّ واحِدُه / يَنشقُّ عن صُوَرٍ شتَّى وأجناسِ
الشَّرقُ يَرجفُ والإسلامُ في فَزَعٍ / عاني الممالِكِ يخشى كُلَّ دَسّاسِ
عَاليِ الضَّجيجِ لِيومٍ من مآتمهِ / كَيومِ حَمزةَ أو يوم ابْنِ عبّاسِ
صَيحاتُ تُونسَ مَا انْفكّتْ تجاوبُها / أنّاتُ بكين أو رَنّاتُ مِدارسِ
وَعْندَ مكَّةَ إذ أَوْدَى وَجارَتِها / ما عند بغدادَ مِن هَمٍّ وَإبْلاسِ
تَمضي الخطوبُ فَتُنْسَى بَعدَ شِدَّتِها / وما لِخطبِ بني الفاروقِ مِن ناسِ
راحوا به صَيِّباً مِن حِكمةٍ وَهُدىً / في صَيِّبٍ من دُموعِ الرُّسْلِ رَجَّاسِ
نُورٌ مِن الملأ الأعلى مَطالِعُه / يَنسابُ سَاطِعُه في كلِّ نبراسِ
الفارسُ العدلُ لم يَجهلْ على بَطَلٍ / ولم يُذِقْهُ الرَّدَى إلا بِقِسْطَاسِ
والكاتبُ الحُرُّ لم يَهْتِكْ حِمَى قَلَمٍ / بالتُّرَّهاتِ ولم يَعْبَثْ بِقِرْطَاسِ
مِن معشرٍ غَيرِ أنكاسٍ ولا وُهُنٍ / مُسْتَمْسِكينَ بِحبلِ اللهِ أكياسِ
لا تَسْتَبِيحُ الدَّنايا خِيسَ مَكْرُمَةٍ / إلا احْتَمَتْ مِن سَجاياهم بأخياسِ
هُمُ الكنانةُ تَرمي كلَّ مُرتَبِئٍ / ضَاحِي السّهامِ وتنفِي كلَّ عَسّاسِ
لسنا مَطايا الأَذى إن حَاجةٌ عَرَضتْ / للِغاصِبينَ وما كُنّا بِأحْلاسِ
لا يَصلحُ الأَمرُ إلا في مَدارجهِ / ولا تَطولُ الذُّرَى إلا بآساسِ
لا جَفَّ مَثواكَ مِن ناءٍ تحيَّتُه / ما في الفراديسِ مِن وَرْدٍ ومن آسِ
أكبرتُ رُزءكَ حتّى ما تُجاوِرُني / خضراءُ إلا ذَوَتْ مِن حرِّ أنفاسي
وكيف تملكُ نَفْسِي فيكَ تأسيةً / والحزنُ يملِكُ وِجداني وإحساسي
ليِ مِن مُصابِكَ إن نَفْسُ امْرئٍ سكَنتْ / نَفسُ الجَريح وقلبُ الجازعِ الآسي
أبكي الكِنانةَ حَيرى لم تُصِبْ سَعَةً / مِن الرّجاءِ ولم تَنْزَعْ إلى الياسِ
ما للمآتمِ والأعراسِ مِن خَطرٍ / مآتمي هي في الدُّنيا وأعراسي
أملٌ يَزُفُّ مع السَنين عروسا
أملٌ يَزُفُّ مع السَنين عروسا / فيشوقهنَّ أهلَّةً وشُموسا
مُوفٍ على أُمم الحياةِ يُريكَها / دُنيا تَطَلَّعُ أعيُناً ورُؤوسا
يتبسّمُ الإِسلامُ في نظراتِه / بَيْنَا يراه النّاظرون عَبوسا
أوما رأيتَ مُحمدّاً في نُورهِ / وشَهِدتَ رِفقتَهُ الكِرامَ الشُّوسا
انظُرْ إلى الرَّهَجِ المُثارِ وحَيِّهِ / قلماً أحرَّ من السُّيوفِ وَطيسا
وَاسْألْ عن الفتح المبينِ أما شَفَى / مُهَجاً يَهِيجُ غليلُها ونُفوسا
لا تَعجلَنَّ فللبقيَّةِ حِينُها / واصبِرْ فما خُلِقَ الأَبِيُّ يَؤوسا
المُسلِمونَ على جَهالةِ بعضِهم / عَرفوا الحياةَ نَعيمَها والبُوسا
أخذوا عن الزّمن المُشاغِبِ عِلمَها / وتجرّعوهُ من الخطوبِ دُروسا
أفيبلغون مدى العواصفِ نُوّماً / أم يُدركون سَنَى البُروقِ جُلوسا
ليس الذي لَبِسَ السِّلاحَ كعاجزٍ / جعل التهيُّبَ والنُّكول لَبوسا
يا فتحُ والدنيا مجالُ مُغامِرٍ / يُزجِي خميساً للوَغَى فخميسا
قُلْ للأُلى جَهِلوا الجِهادَ وحُكمَهُ / لا تأخذوه مُحرَّفاً معكوسا
خُوضوا الغِمارَ فلن تنالوا مأرباً / حتى تَرَوْهَا تستطيرُ ضروسا
ألّا يكن إلا المنايا فاطلبوا / بين الأسنّةِ والسّيوفِ رُموسا
لو ضنَّ مُعتَنِقُ الحتوفِ بِنفسِه / ما نال من دنيا الرجالِ نَفِيسا
لا تلتَمِسْ عَدَماً فلستَ بواجدٍ / من ليس يُوجَدُ في دَمٍ مَغموسا
وَدَعِ الخسيسَ من المطالبِ والمُنَى / إن كُنتَ تَأْنفُ أن تكون خسيسا
الكونُ مُنطَلَقٌ لِعزمِكَ واسعٌ / فأرْبَأْ بنفسِكَ أن تكون حبيسا
أرأيْتَ مَن جَعَلَ الرِّياسَةَ همَّهُ / وسألتَ قومَكَ كيف صار رئيسا
الدّينُ والدُّنيا وَراءَ ضجيجِه / يستشرفان أيسمعان حَسيسا
يَعْيَا بذكرِهما ويُعرِضُ عنهما / إلا وساوسَ تخدعُ المسلوسا
ساسَ الجماهيرَ الخِفافَ ولم يكن / لولا رَفيفُ حُلومِها لِيَسوسا
خذلته تجربةُ الأُمور ولم يزل / يَستنصِرُ التّمويهَ والتدليسا
قَتَلَ النُّفوسَ وراحَ يَزْعُمُ أنّه / عيسى بن مريمَ أو خليفةُ عِيسَى
خيرُ الحواريّينَ في إنجيله / مَن يُزلِفُ التّعظيمَ والتّقديسا
دِينُ من البُهتانِ ليس يُحِلُّهِ / دينُ المسيحِ ولا شريعةُ موسى
يا فتحُ داوِ الدَّاءِ بالطبّ الذي / أعيا الرّئيسَ وفات جالينوسا
لا تَبتئِسْ بالجُرحِ أفرط شرُّه / وطغَى أَذاهُ فكلّ جُرْحٍ يُوسى
أَقِمِ المنارَ لِمُدلجِينَ تنكّبوا / سُبُلَ الرّشادِ وجَدِّدِ النّاموسا
آثارُ قومِكَ للحياةِ مَعالمٌ / غُرٌّ تُضِيئ المجهلَ الأُدموسا
انْظُرْ أيستهدي الغَوِيُّ مُبينَها / أم يستبينُ الدَّارسَ المطموسا
صَدَأُ النّواظرِ والقلوبِ أشدُّ من / صَدَإِ الحديدِ مَضرَّةً إن قِيسا
أنت المؤمَّلُ للجلاءِ فهاتِه / قَبَساً يُدارُ على يديكَ طُروسا
طُفْ بالبيانِ الطّلقِِ عذباً سائغاً / إنّا شَرِبْنا الدّينَ فيه كُؤوسا
واطْوِ السّنِينَ بهمَّةٍ قُرَشيَّةٍ / تقتادُ منها رَيِّضاً وشَموسا
اللهُ ثَبّتَ جانِبَيْكَ بمؤمنٍ / شدَّ البناءَ وأحكمَ التاسيسا
وَلَدَتْهُ مأسدةُ النُّبوَّةِ قَسْوَراً / لم يتّخِذْ غيرَ المصاحفِ خِيسا
جَرّبتُ منه الفاضلَ النَّزِهَ الهَوى / وعرفتُ فيه الباسل الدِعِّيسا
اللهُ ألهمني الهُدَى وأعدَّ لي / منه نَجِيّاً صالحاً وأنيسا
يا حارسَ الإِسلامِ حسُبك أن تُرى / من كيد كلّ مُناجزٍ محروسا
اطْرُدْ دُعاةَ السُّوءِ عنه ولا تَدَعْ / في المؤمنين الصّادقين دسيسا
واعْمَلْ لِربِّكَ لا يَرُعْكَ مُضلَّلٌ / يجفو الإلهَ ويصطفي إبليسا
سُبحانَ ربِّكَ لن يُغادِرَ عدلُهُ / بين البريّةِ عاملاً مبخوسا