المجموع : 9
هَلْ في الْخَلاعَةِ وَالصِّبَا مِنْ بَاسِ
هَلْ في الْخَلاعَةِ وَالصِّبَا مِنْ بَاسِ / بَيْنَ الْخَلِيجِ وَرَوضَةِ الْمِقْيَاسِ
أَرْضٌ كَسَاهَا النِّيلُ مِنْ إِبْدَاعِهِ / وَلِبَاسِهِ الْمَوْشِيِّ أَيَّ لِباسِ
فَكَأَنَّمَا هَوَتِ الْمَجَرَّةُ بَيْنَهَا / فَتَشَكَّلَتْ فِي جُمْلَةِ الأَغْرَاسِ
يَتَلَهَّبُ النُّوَّارُ فِي أَطْرَافِهَا / فَتَخَالُهُ قَبَساً مِنَ الأَقْبَاسِ
لَوْلا مِسَاسُ الطَّلِّ أَحْرَقَ ضَوْؤُهُ / ذَيْلَ الْخَمَائِل رَطْبِهَا وَالْعَاسِي
تَصْبُو الْعُيُونُ إِلَى سَنَاهُ فَتَرْتَمِي / مَهْوَى الْفَرَاشَةِ لامِعُ النَّبْرَاسِ
لَوْ شَامَ بَهْجَتَهَا وَحُسْنَ رُوَائِهَا / فِيمَا أَظُنُّ لَحَارَ عَقْلُ إِيَاسِ
مَلْهَى أَخِي طَرَبٍ وَمَلْعَبُ صَبْوَةٍ / وَثَرَى بُلَهْنِيَةٍ وَدَارُ أُنَاسِ
مَا كُنْتُ في عُمْرِي لأَغْدُوَ نَحْوَهَا / حَتَّى أَبِيتَ بِهَا صَرِيعَ الْكَاسِ
يا سَاقِيَيَّ تَنَبَّهَا فَلَقَدْ بَدَا / فَلَقُ الصَّبَاحِ وَلاتَ حِينَ نُعَاسِ
طُوفَا عَلَيَّ بِهَا فَقَدْ نَمَّ الصَّبَا / أَثْنَاءَ رَوْحَتِهِ بِسِرِّ الآسِ
مِنْ خَمْرَةٍ أَفْنَى الزَّمَانُ شَبَابَهَا / فِي مُخْدَعٍ بِقَرَارَةِ الدِّيمَاسِ
حُبِسَتْ عَنِ الأَبْصَارِ حَتَّى أَنَّهَا / لَمْ تَدْرِ غَيْرَ الدَّيْرِ وَالشَّمَّاسِ
يَنْزُو لِوَقْعِ الْمَاءِ دُرُّ حَبَابِهَا / نَزْوَ الْمَعابِلِ طِرْنَ عَنْ أَقْواسِ
فَإِذَا تَعَاوَرَهَا الْمِزَاجُ تَوَجَّسَتْ / حَذَرَ الْمَهَانَةِ أَيَّمَا إِيجَاسِ
تُشْتَفُّ مِنْ تَحْتِ الْحَبَابِ كَأَنَّهَا / ياقُوتَةٌ قَدْ رُصِّعَتْ بِالْمَاسِ
مَا حُلَّ بَيْنَ الْقَوْمِ عَقْدُ وِكائِها / لِلشُّرْبِ إِلَّا آذَنَتْ بِعُطَاسِ
لا يَخْدَعَنَّكَ في الْمُدَامَةِ جَاهِلٌ / إِنَّ الْمُدَامَةَ نُهْزَةُ الأَكْيَاسِ
إِنَّ الْمُدَامَ أَسَاسُ كُلِّ طَرِيفَةٍ / فَاجْعَلْ بِنَاءَ اللَّهْوِ فَوْقَ أَساسِ
لا تَجْمَعُ الأَيَّامُ كَيْفَ تَصَرَّفَتْ / فِي الْقَلْبِ بَيْنَ الْخَمْرِ وَالْوَسْوَاسِ
فَاسْتَوثِقَا أَخَوَيَّ مِنْ شَأْنَيْكُمَا / وَذَرَا الْمَطِيَّ تَمُورُ بِالأَحْلاسِ
إِنَّ الْفَلاةَ لَهَا رِجَالٌ غَيْرُنَا / يَبْغُونَ نَيْلَ الْيُسْرِ بِالإِفْلاسِ
إِنَّ الْغِني وَالْفَقْرَ في هَذَا الْوَرَى / لَمُقَدَّرٌ وَاللَّهُ ذُو قِسْطَاسِ
فَعَلامَ يُبْلِي الْمَرْءُ جِدَّةَ عُمْرِهِ / مُتَقَلِّبَاً بَيْنَ الرَّجَا وَالْيَاسِ
أَوَ لَيْسَ أَنَّ الْعَيْشَ لُبْسُ عَبَاءَةٍ / وَسِدَادُ مَسْغَبَةٍ وَنَغْبَةُ حَاسِي
تَاللَّهِ لَوْ عَلِمَ الرِّجَالُ بِمَكْرِهَا / عِلْمِي لَبَاعُوهَا بِغَيْرِ مِكَاسِ
هِيَ سَاعَةٌ تَمْضِي وَتَأْتِي سَاعَةٌ / وَالدَّهْرُ ذُو غِيَرٍ بِهَذَا النَّاسِ
فَخُذَا مِنَ الأَيَّامِ مَا سَمَحَتْ بِهِ / لِلنَّفْسِ قَبْلَ تَعَذُّرٍ وَشِمَاسِ
وَإِذَا أَرَابَكُمَا الزَّمَانُ بِوَحْشَةٍ / فَاسْتَمْخِضَاهُ الْيُسْرَ بِالإِيْنَاسِ
إِنَّ الرَّوَائِمَ لا تَدُرُّ لَبُونُهَا / إِلَّا بِلِينِ الْمَسْحِ وَالإِبْسَاسِ
فَلَرُبَّ صَعْبٍ حَادَ سَهْلاً بَعْدَمَا / قُطِعَتْ عَلَيهِ مَرَائِرُ الأَنْفَاسِ
مَا كُلُّ مَا طَلَبَ الْفَتَى هُوَ مُدْرَكٌ / إِنَّ الأُمُورَ بِحِكْمَةٍ وَقِيَاسِ
وَذِي نَخْوَةٍ نَازَعْتُهُ الْكَأْسَ مَوْهِناً
وَذِي نَخْوَةٍ نَازَعْتُهُ الْكَأْسَ مَوْهِناً / عَلَى غِرَّةِ الأَحْرَاسِ وَاللَّيْلُ دَامِسُ
فَمَا زِلْتُ أَسْقِيهِ وَأَشْرَبُ مِثْلَهُ / إِلَى أَنْ هَفَا سُكْرَاً وَإِنِّي لَجَالِسُ
فَبِتُّ أَقِيهِ السُّوءَ إِذْ كَانَ صَاحِبي / وَأَحْرُسُهُ إِنِّي لَدَى الْخَوْفِ حَارِسُ
لَدَى مَوْطِنٍ لا يَصْحَبُ الْمَرْءَ قَلْبُهُ / حِذَاراً وَلا تَسْرِي إِلَيْهِ الْهَوَاجِسُ
عَدُوٌّ وَلَيْلٌ مُظْلِمٌ وَصَوَاهِلٌ / تَجَاذَبُ فِي أَرْسَانِهَا وَتَمَارَسُ
فَلَمَّا اسْتَهَلَّ النُّورُ وَانْحَسَرَ الدُّجَى / قَلِيلاً وَحَنَّتْ لِلصَّبَاحِ النَّوَاقِسُ
دَنَوْتُ أُفَدِّيهِ وَأَغْمِزُ كَفَّهُ / بِرِفْقٍ وَأَدْعُو بِاسْمِهِ وَهْوَ نَاعِسُ
فَجَاوَبَنِي وَالسُّكْرُ فِي لَحَظَاتِهِ / يُسَائِلُ مَاذَا تَبْتَغِي وَهْوَ عَابِسُ
فَقُلْتُ أَفِقْ هَذَا هُوَ الصُّبْحُ مُقْبِلٌ / عَلَيْنَا وَهَذِي فِي الذَّهَابِ الْحَنَادِسُ
وَنَاوَلْتُهُ كَأْسَاً فَمَدَّ بَنَانَهُ / إِلَيْهَا عَلَى كُرْهٍ بِهِ وَهْوَ آيِسُ
فَمَا ذَاقَهَا حَتَّى تَهَلَّلَ ضَاحِكَاً / وَأَقْبَلَ مَسْرُورَاً بِمَا هُوَ آنِسُ
وَمِنْ شِيَمِي بَذْلُ الْوِدَادِ لأَهْلِهِ / كَذَلِكَ إِنِّي فِي الْوِدَادِ أُنَافِسُ
خَلِّ الْمِرَاءَ لِفِتْيَةِ الدَّرْسِ
خَلِّ الْمِرَاءَ لِفِتْيَةِ الدَّرْسِ / وَاعْكُفْ عَلَى صَفْرَاءَ كَالْوَرْسِ
نُورٌ تَوَقَّدَ بَيْنَ آنِيَةٍ / كَبَيَاضِ صُبْحٍ شَفَّ عَنْ شَمْسِ
هِيَ جَوْهَرٌ كَالنَّفْسِ مَا بَرِحَتْ / تُهْدِي السُّرُورَ لِكُلِّ ذِي نَفْسِ
قَدْ شَاكَلَتْهَا فَهْيَ تَأْلَفُهَا / وَالْجِنْسُ يَأْلَفُ صُحْبَةَ الْجِنْسِ
رَقَّت وَدَقَّتْ فِي قَرَارَتِهَا / فَسَمَتْ عَنِ الإِدْرَاكِ بِالْحِسِّ
يَسْقِيكَهَا خَنِثٌ شَمَائِلُهُ / تَدْعُو إِلَى التَّقْبِيلِ وَاللَّمْسِ
فَاهْنَأْ بِعَيْشٍ لَيْسَ يُوْجَدُ فِي / غَيْرِ الكَرى أَوْ عَالَمِ الْحَدْسِ
يَا رُبَّ لَيْلٍ بِتُّ أُسْقَى بِهِ
يَا رُبَّ لَيْلٍ بِتُّ أُسْقَى بِهِ / مَشْمُولَةً صَفْرَاءَ كَالْوَرْسِ
كَأَنَّهَا فِي كَأْسِهَا شُعْلَةٌ / مَقْبُوسَةٌ مِنْ كَوْكَبِ الشَّمْسِ
أَحِمَى الْجَزِيرَةِ مَطْلَعُ الشَّمْسِ
أَحِمَى الْجَزِيرَةِ مَطْلَعُ الشَّمْسِ / أَمْ لاحَ ضَوْءُ غَزَالَةِ الإِنْسِ
خَرَجَتْ إِلَى الْبُسْتَانِ لاهِيَةً / تَخْتَالُ بَيْنَ كَواعِبٍ خَمْسِ
فَتَبِعْتُ مَسْرَاها عَلَى عَجَلٍ / حَتَّى ظَفِرْتُ بِنَظْرَةٍ خَلْسِ
فَسَتَرْنَهَا عَنِّي وَسِرْنَ بِهَا / فِي رَوْضَةٍ فَيْنَانَةِ الْغَرْسِ
فَوَقَفْتُ مَطْوِيَّاً عَلَى كَمَدٍ / وَمَضَتْ عَلَى آثَارِهَا نَفْسِي
تِلْكَ الَّتِي لَوْلا هَوَايَ بِهَا / مَا بِتُّ مِنْ أَمَلٍ عَلَى يَأْسِ
هَيْهَاتَ أَنْسَى حُسْنَ صُورَتِها / وَحَوَادِثُ الأَيَّامِ قَدْ تُنْسِي
نَزَعْتُ عَنِ الصِّبَا وَعَصَيْتُ نَفْسِي
نَزَعْتُ عَنِ الصِّبَا وَعَصَيْتُ نَفْسِي / وَدَافَعْتُ الْغَوَايَةَ بِالتَّأَسِّي
وَقُلْتُ لِصَبْوَتِي وَالْعَيْنُ غَرْقَى / بِأَدْمُعِهَا رُوَيْدَكِ لا تَمَسِّي
فَقَدْ وَلَّى الصِّبَا إِلَّا قَلِيلاً / أُنَازِعُ سُؤْرَهُ بِفُضُولِ كَأْسِي
وَمَنْ يَكُ جَاوَزَ الْعِشْرِينَ تَتْرَى / وَأَرْدَفَهَا بِأَرْبَعَةٍ وَخَمْسِ
فَقَدْ سَفَرَتْ لِعَيْنَيْهِ اللَّيَالِي / وَبَانَ لَهُ الْهُدَى مِنْ بَعْدِ لَبْسِ
نَظَرْتُ إِلَى الْمِرَاةِ فَكَشَّفَتْ لِي / قِنَاعَاً لاحَ فِيهِ قَتِيرُ رَأْسِي
وَكُنْتُ وَكَانَ فَيْنَاناً أَثيثاً / أُنَازِعُ شِرَّتِي وَأَذُودُ بَأْسِي
فَعُدْتُ وَقَدْ ذَوَى مِنْ بَعْدِ لِينٍ / أُدَارِي صَبْوَتِي وَأُسِرُّ يَأْسِي
فَمَا أَمْسِي كَيَومِي حِينَ أَغْدُو / عَلَى كِبَرٍ وَمَا يَوْمِي كَأَمْسِي
وَمَا الأَيَّامُ إِلَّا صائِبَاتٌ / تَمُرُّ بِكُلِّ سَابِغَةٍ وَتُرْسِ
أَبَادَتْ قَبْلَنَا إِرَمَاً وَعَاداً / وَطَارَتْ بَيْنَ ذُبْيَانٍ وَعَبْسِ
وَأَلْوَتْ بِالْمُضَلَّلِ وَاسْتَمَالَتْ / عِمَادَ الشَّنْفَرَى وَهَوَتْ بِقُسِّ
فَلا جمشِيدُ دَافَعَ إِذْ أَتَتْهُ / بِحَادِثِها وَلا رَبُّ الدِّرَفْسِ
عَلَى هَذَا يَسِيرُ النَّاسُ طُرَّاً / وَيَبْقَى اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ نَفْسِ
أَمَوْلايَ دُمْ لِلْمُلْكِ رَبَّاً تَسُوسُهُ
أَمَوْلايَ دُمْ لِلْمُلْكِ رَبَّاً تَسُوسُهُ / بِحِكْمَةِ مَطْبُوعٍ عَلَى الْحِلْمِ وَالْبَاسِ
وَلا زَالَتِ الأَعْيَادُ تَجْرِي سُعُودُهَا / عَلَيْكَ وَتَحْظَى مِنْ عُلاكَ بِإِينَاسِ
فَلَوْلاكَ مَا فَازَتْ يَدُ الْقُطْرِ بِالْمُنَى / وَلا نَشَأَتْ رُوحُ الْعَدالَةِ فِي النَّاسِ
وَهَذا لِسَانُ الشُّكْرِ يَدْعُو مُؤَرِّخَاً / حَوَى الْعِيدُ أَنْوَاعَ الْفَخَارِ بِعَبَّاسِ
يَقُولُ أُنَاسٌ وَالْعَجَائِبُ جَمَّةٌ
يَقُولُ أُنَاسٌ وَالْعَجَائِبُ جَمَّةٌ / مَتَى أَصْبَحَ الْوَزَّانُ رَبَّ مَجَالِسِ
نَرَى كُلَّ يَوْمٍ عُصْبَةً فِي فِنَائِهِ / تُجَاذِبُهُ أَطْرَافَ تِلْكَ الْوَسَاوِسِ
فَقُلْتُ لَهُمْ لا تَعْجَبُوا لاجْتِمَاعِهِمْ / لَدَيْهِ فَإِنَّ الْحُشَّ مَأْوَى الْخَنَافِسِ
أَمَلْتُ رَجَائِي فِي غَدٍ فَانْتَظَرْتُهُ
أَمَلْتُ رَجَائِي فِي غَدٍ فَانْتَظَرْتُهُ / فَمَا جَاءَ حَتَّى طَالَ حُزْنِي عَلَى أَمْسِي
وَقَلَّبْتُ أَمْرِي فِيكَ حَتَّى إِذَا انْقَضَتْ / وَسَائِلُ مَا آتِي بَكَيْتُ عَلَى نَفْسِي