المجموع : 9
بالكُتْبِ طُرّاً كتابٌ خَطَّهُ مَلِكٌ
بالكُتْبِ طُرّاً كتابٌ خَطَّهُ مَلِكٌ / بأَنمُلٍ خُلِقتْ للجُودِ والباسِ
غدا وكاتبُه المَأْمولُ مُوصِلُه / حتّى تَضاعفَ تَشْريفي وإيناسي
قد غار من مَسِّ أيدي الرُّسْلِ لي فأَبى / بقَبسةِ الفَخرِ منه غيرَ إقباس
لم تَدرِ كَفّيَ مَاذا منه أَعبقَها / كافورُ طِرْسٍ له أو مِسْكُ أَنقاس
بل عَرْفُ عُرْفِ الّذي أَملاهُ عَطَّرنا / لا مِسْكُ نِقْسٍ ولا كافورُ أَطْراس
لمّا تَناولتُه منه وقلتُ لقد / أُتيحَ للكوكبِ العُلْويّ إلماسي
وضَعْتُ مَطويَّه إعظامَ صاحبِه / منّي على الرأْسِ فيما بينَ جُلاّسي
حتّى إذا نشَرتْه الكَفُّ لم تَرَ لي / إلاّ سُجوداً وإلاّ لَثْمَ قرطاس
كأنّني قَلَمُ المُنْشيهِ مُعتمِداً / لكُلِّ حَرفٍ قياماً لي على الرّاس
أُوتيتُه بيمينِي ثُمَّ سِيقَ إلى ال / جِنانِ طَرْفي بَرغمِ الحاسِدِ الخاسي
من بَعدِ ما طالَ من بُعْدٍ تَرقُّبُه / وأَوجَسَ القلبُ خَوفاً أَيّ إيجاس
وسَجدةُ النُّجحِ إن فَتَّشْتَ أكثرُ ما / تَجيءُ والمرءُ يَتْلو آيةَ الياس
في أَصفهانَ أَتى والخُوزُ مَقْصدُه / والدَّهرُ ضاربُ أخماسٍ لأَسداس
سَهْمٌ تَوقَّفَ حتّى جاءه هدَفٌ / يَسعَى وما بمزيدِ العِزِّ من باس
لقد تَقَدَّم قَدْري مَنْ تأَخّرَهُ / حتّى تَتناولَنيهِ أَشْرَفُ النّاس
كأسٌ دِهاقٌ لآدابٍ صُبِحْتُ بها / من كَفّ موليَ ولكنْ طَرفيَ الحاسي
تَخِذْتُه عُوذةً لي من كرامتِه / تَنْفي عنِ القلبِ منّى كُلَّ وسواس
فما رأيتُ كتاباً قبلَ رُؤْيَتِه / على تقادُمِ أَزْمانٍ وأَحْراس
ما بينَ ضَمٍّ وفَتْحٍ منه قد سَعِدَتْ / بكَ الوزراةُ إرْغاماً لأنكاس
كالجفْنِ أُطبِقَ ليلاً ثُمَّ فُتِّقَ في / صُبْحٍ أَضاءَ لأبصارٍ وأَحساس
فَفُض عن كرمٍ غَمْرٍ وعن كَلِمٍ / غُرٍّ لجُرْحِ فؤادي كُلُّها آس
وفيه بَعضُ بِضاعاتي التّي سلَفتْ / أضحَتْ إليّ وقد رُدّتْ لإفلاس
وذِكْرُ عهدٍ مضَى ما كنتُ قَطُّ له / يا أَكرَم النّاسِ لولا أنت بالنّاس
أيّامَ تُصبِحُ دَلْوي غيرَ واصلةٍ / على إطالةِ اشطاني وأَمْراسي
فاليومَ تَجديدُ نُعمَى اللهِ فيكَ لنا / أَنسَى الورَى دِرّةٌ تَمرِي بإبساس
وِزارةٌ خُتِمَتْ خَتْماً بذي كرَمٍ / لم يَعْتَلِقْ عِرضُه يوماً بأَدْناس
بصاحبٍ عادلٍ في عَقْدِ حُبْوتِه / بَحرُ العطايا وطَودُ السُّؤْدَدِ الرّاسي
رَقيقُ وَجهٍ وأَلفاظٍ لسائلهِ / والقلبُ منه على أَموالهِ قاس
سَمْحٌ على الدّينِ بالدّنيا أناملُهُ / سُحْبُ النّدى وسِواهُ الطّاعمُ الكاسي
إليك يا شرفَ الدّينِ انتهَتْ رُتَبٌ / من العُلا لم تُقَسْ يَوماً بمِقْياس
للدَّسْتِ أصبحْتَ مثلَ الرُّوحِ في جَسَدٍ / منه فعاش ومثْلَ الرّاحِ في كاس
يَرَى ويَسمَعُ مَن يَلْقاهُ من أَحدٍ / وكان من قَبْلُ جِسماً غيرَ حَسّاس
فلْيَهْنِه شَرَفٌ في جُودِه سَرَفٌ / وبأْسُه الدَّهْرَ مَوزونٌ بقِسْطاس
لا فارقَ العِزُّ غاباً أنت ساكِنُه / من ضَيْغَمٍ لطُلَى الفُرْسانِ فَرّاس
أعمارُ أعدائه في عَصْرِه قِصَراً / مِقْدارُ لَبْثِ سهامٍ فوقَ أَعجاس
قُلْ للَّذي هو في ذا العَصْرِ إن نظَروا / أكفَى كُفاةٍ لمُلْكِ الأرضِ سُوّاس
ما للوِزارةِ قد جاءَتْكَ خاطِبةً / والخاطبونَ لها من كُلِّ أجناس
العِرْسُ تُخطَبُ ما زالتْ وإن صَغُرَتْ / وجَّل بَعْلٌ غدا مخْطوبَ أَعراس
أمّا القوافي فأحياها ندَى ملكٍ / أَضحَى مُثيراً لها من تحتِ أَرماس
زمانُه كربيعٍ عاد مُستَمِعاً / نُطْقَ الطُّيورِ به من بَعْدِ إخْراس
بالصّاحبِ العادلِ المأمولِ أَمطَر لي / أُفْقي وأَثمرَ بالأغراضِ أغراسي
لا تَرقُبِي يا ركابي بعدَها سفَراً / ففي ذُراه نَفَضتُ اليومَ أَحلاسي
نَفْضَ الحُطَيئةِ لمّا حَطّ أَرحُلَه / بعدَ ابنِ بَدْرٍ إلى النّدْبِ ابنِ شَمّاس
حَقرْتُ كُلَّ الورىَ لمّا اكتحلْتُ به / والشمسُ تُغني ضُحىً عن ضَوء نِبْراس
يَا شمسُ إن شِئتِ بعدَ اليوم فانتَقِبي / فمِن مُحيّاهُ إقماري وإشماسي
ويا سحابُ كَفاني فَضلُ نائلهِ / فأمطُرْ على دِمَنٍ بالبيدِ أَدْراس
يا أَعدلَ النّاسِ حَكِّمْ في الورى نظَراً / عَدْلاً وأَحكِمْ بناءً فوقَ آساس
لا تَترُكَنّ وَليّاً ذا مُخالَصةٍ / فيهمْ لَقىً بينَ أنيابٍ وأَضراس
فاليومَ لا رافعٌ مَن أنت واضِعُه / فاذكُرْ مقالةَ عبّاسِ بنِ مِرداس
لقد نثَرتُ سهامي من كِنانتِها / أَرمِي عِداكَ وقد وَتّرْتُ أقواسي
وقد شَهرتُ لساني وهْو ذو شُطَبٍ / وقد قَصْرتُ على مَدْحِيكَ أنفاسي
فادْلُلْ على حُسْنِ رأْيٍ منك تُضمِرُه / بحُسْنِ زِيٍّ بعِطْفِ المَرء مَيّاس
ما حِليةُ السَّيفِ إلاّ حَلْيُ لابسِه / فَخْراً فما شئْتَ فالْبَسْهُ بإلْباسي
اللهُ حارسُ ما أَولاكَ من نِعَمٍ / إذا الملوكُ اتَّقَوا يَوماً بحُرّاس
مُبقيكَ في المُلْكِ ما غَنّتْ مُطوَّقةٌ / وفاخَر الرَّوضُ بين الوَرْدِ والآس
سَقْياً لدارِك هذه من جَنّةٍ
سَقْياً لدارِك هذه من جَنّةٍ / لو كنتَ لي فيها الغَداةَ جَليسا
لكنّها حَبْسٌ عليَّ لبُعْدِكمْ / يا مَن رأَى في جَنّةٍ مَحْبوسا
ألا ليتَ شِعْري هل أَبِيتَنَّ ليلةً
ألا ليتَ شِعْري هل أَبِيتَنَّ ليلةً / وليس على سُورِ المدينةِ حارِسُ
وهل يَتجلَّى صُبحُ يومٍ لناظرِي / ولم يأْتِنا من فارِسٍ فيه فارس
لي فَرَسٌ صائمٌ حكَى فَرَسَ الش
لي فَرَسٌ صائمٌ حكَى فَرَسَ الش / شَطْرَنْجِ والصّدْقُ غيرُ مُلْتَبِسِ
في أصفهانٍ معي وعَرْصَتُها / ذاتُ اتّساعٍ مُقطِّعِ النّفَس
وما كفَى أن حكاهُ مُحتَبِساً / بلا عليقٍ أشَدَّ مُحتَبَس
فكُلَّ يومٍ عليه أَدرُسُ مَن / صوبةَ عدِّ البُيوتِ بالفَرس
وقد تَواصَى عليه ما سَبذِيْ / يُونَ يُراعونَ كُلّما غَلس
فمِن غلاء الشَّعيرِ عندي ورُخْ / صِ الشِّعْرِ أَضحَى ذا أَرسُمٍ دُرُس
فما تَراني أمُدُّ طَرْفي إلى / طِرْفي فمهما ألحَظْهُ أَبتئِس
والنّاسُ حاشا علاك أكرَمُهمْ / كَلْبٌ فقِسْهمْ أو لا فلا تَقِس
من أجلِ هذا أصبحتُ مُنْكَنِساً / في كِسْرِ بيتٍ كالوَحشِ في الكُنُس
أَلزمُ بَيتي خِلافَ ما لَزِمَ ال / بيوتَ قَومٌ والبَردُ ذو شَرَس
وصاحبي في يَمينِه قَبَسٌ / كالرّاحِ يَسقِي لا الرّاحُ كالقَبَس
فانغَمسوا في نَعيمهمْ وأنا / في الهذَيان الطّويلِ مُنَغَمسي
وضِرْسُ فكْري على حُموضةِ مَمْ / دوحيَ ما يعتَريهِ من ضَرَس
وما غَناءُ القريضِ في زمَني / وأيُّ ماءٍ يُصابُ في يَبَس
لولا الرّئيسُ الّذي شمائلهُ / قد بَدّلَتْني من وَحشتي أُنُسي
شَكرتُ آلاءه وأشكُر من / بَعْدُ وشُكري ثِمارُ مُغتَرسي
قُلْ لأمينِ الدّينِ الرفّيع ذُراً / صَيدُ المعالي يُباح في الخُلَس
فثِبْ لها وَثبةً مُعفِّرةً / ما يَصنعُ الّليثُ غيرَ مُفْتَرِس
البحرُ أجمَعُ لو غدا أنقاسي
البحرُ أجمَعُ لو غدا أنقاسي / والبَرُّ أجمَعُ لو غدا قِرطاسي
وتَخُطُّ عُمْرَ الدَّهرِ لي أَيدي الورى / ما بِتُّ من شَوقٍ إليك أُقاسي
فَنِيا ولم يَفِيا بذِكْرِ أقَلِّه / فقياسُ وَجْدي فوقَ كُلِّ قِياس
فارقْتَني فأَرقْتَني من مُقْلتي / وتَقاذفَتْ مُقَلُ الوَرى إحساسي
وذهْبْتَ عن رَأْسي وسِرْتَ فلا تَسلْ / ما مَرَّ بعدَك للفِراقِ براسي
ما رَوّضَتْ أرضاً بقُرْبي أدمُعي / إلاّ وصوَّح نَبْتَها أنفاسي
مُذْ لم يُنادِمْ نورَ وَجْهِك ناظِري / ما باتَ مُغْتَبِقاً بكأْسِ نُعاس
يا راحلاً والقلبُ من صَدْرِ امْرئٍ / للعَهدِ لا ناسٍ ولا مُتَناس
لولاكَ أُصبحْ برامةَ ذاكراً / دَرْسَ الجَوى لمنازلٍ أَدراس
دَرْسٌ حَمامُ الواديَيْنِ يُعيدُه / بسُجوعِه فله يَقِلُّ النّاسي
وببَطْنِ وَجْرةَ والمَهامِهُ دونَه / رَشأٌ يُصابِحُني هوىً ويُماسي
ظَبْيٌ يَروحُ ويغَتْدي مِن ناظري / والقلبِ بينَ حُبالةٍ وكِناس
أنا والنّسيمُ ومُقلتاهُ بَيْننا / في طُولِ سُقْمٍ لا يُعادُ تَآس
قد كنتُ صَلْدَ المُقلَتيْنِ منَ البُكا / أيّامَ لَهْوي جامِحُ الأفْراس
فرجَعْتُ لمّا شِبْتُ أسبَقَ دَمعةً / من شَمعةٍ عندَ اشتِعالِ الرّاس
وصَحْوتُ إلاّ من تَذَكُّرِ مَن مضى / ونَفضْتُ مِن عُلَقِ الهوى أَحلاسي
أَبتِ النُّهى لي أَن أُحاوِلَ خُلْسةً / في لَذّةٍ والرّاسُ ذو أَخلاس
فلئن يَئِسْتُ اليومَ من وَصْلِ الدُّمَى / فاليأْسُ إن نَسَبوا أَخٌ للنّاس
ولَكَمْ أَرحْنَ وقد سمَحْنَ بمُنْيتي / رُوحُ النّجاح خِلافُ رُوح الياس
فاليومَ من زَمنِ الصِّبا لم يَبْقَ لي / إلاّ بذِكْرِ عُهودِها اسْتِئْناسي
لِلّهِ حَيٌّ قد عَهِدْتُ قِبابَهمْ / ضُربَتْ على العَلَمَيْنِ من أَوطاس
شُوسٌ إذا نَزَلوا قَرَوا أَو نازَلُوا / قَروُا العُداةَ تَناكُصَ الأنكاس
كم بعدَ ما جَزُّوا النّواصيَ في الوغَى / جَرُّوا الشّواصيَ في الثّرى المُتَعاسي
ولدَيهمُ لمّا انتشَوا ثُمَّ اشتَرَوا / كاسَ العقير لدى عَقيرِ الكاس
فيهمْ غزالٌ لا يُصادُ وخَدُّه / دامٍ بنَبْلِ نَواظِرِ الجُلاّس
إن آنسَ العَينانِ من وجَناتهِ / ناراً فمِنها القلبُ في اسْتِقْباس
أَعَجِبْتَ كيف زهَتْ لتَحِكيَ قَدَّه / أَعطافُ خُوطِ البانةِ المَيّاس
وبدا ليُشْبِهَ خَدَّه أو خَطَّه / في الرَّوضِ مُشرِقُ وَرْدِه والآس
لا لَومَ بالإغرابِ في مَرعَى المُنى / عندي على جِنْسٍ من الأجناس
شَطَطُ الأماني كنتُ أَحسَبُ أنّه / مَعنىً تُخَصُّ به طِباعُ النّاس
حتّى رأيتُ الدَّهَر يَسألُ رَبَّه / عُمْرَ الخِلافةِ في بني العَبّاس
قَومٌ أقامَ الدِّينُ تحت ظِلالهمْ / والمُلْكُ وهْو مُوطّدُ الآساس
تَتناسَلُ الخلفاءُ منهمْ دَهرَها / كتناسُلِ الآسادِ في الأَخياس
مُتحدِّرِينَ خلالَ حُجْبِ جلالةٍ / من كُلَ أغلبَ باسلٍ هِرْماس
نُسِقوا كما نُسِقَتْ كُعوبُ مُثقَّفٍ / يَهْدِي بأَعلاها سَنا مِقْباس
فاسْلَمْ أميرَ المُؤمنينَ لدولةٍ / تَرمي جُدودَ عِداكَ بالإتْعاس
من عالِمٍ للعِلمِ أَرضُ وَقارِه / ماءُ النَّدى فيها ونارُ الباس
واللُّطْفُ منه للعبادِ وللورَى / نَيْلُ الحياةِ به معَ الأنفاس
مَلِكٌ يَرِقُ على الرّعيّةِ رأْفةً / قَلْبٌ على الأموالِ منه قاس
تُضحي مُلوكُ الأرضِ في عَرَصاتهِ / ماشِينَ كالأقلامِ في القِرطاس
مُتحلِّبُ للوفدِ خِلْفُ نَوالِه / أبداً بلا مَرْيٍ ولا إبساس
يُعطِي فيُسْرِفُ في الثّوابِ وإنّما / وَزْنُ العِقابِ لدَيْهِ بالقِسطاس
مُستَرشِدٌ باللهِ يُرشِدُ خَلْقَه / ويَسوسُ بالإنعامِ والإبْآس
قُدْسِيُّ مُلكٍ نُورُه مُتضاعِفٌ / فالطّرْفُ عنه من المهابةِ خاس
مهما تَجلَّى للعِدا صَعِقوا له / فَهُمُ لخِيفتِه على إيجاس
لمّا غدا شَمساً وكان زَمانُنا / ليلاً وقَلّ اللّيلُ عنْ إشْماس
ضرَبَ الحِجابَ ونابَ عنه طالِعاً / بَدْرٌ هَدَى بسَناهُ كُلَّ أُناس
ووزيرُ صِدْقٍ مُصطَفيهِ خليفةٌ / منه الهُدَى في ظِلِّ طَوْدٍ راس
تَهدِي الجيوشَ السّودَ من راياتهِ / أبداً كما تَهْدي العيونَ أَناسي
وله رياحٌ مُسْرَجاتٌ سُخِّرَتْ / لِتَجوسَ في الآفاقِ كُلَّ مَجاس
بلُيوثِ غابِ ذَوابلٍ وصَوارمٍ / غُلُبٍ لفُرسانِ الوغَى فُرّاس
يَدعون في الهيجاء باسْمِ مُؤَيّدٍ / منه يَلينُ شديدُ كلَّ مِراس
تَوقيعُه أبداً له تَفْسيرُه / في كُلّ يَومِ تَخاذُلٍ وتَواس
النّاصِرُ اللهُ المَجِيدُ له وإن / لم يأْلَ حُسْنَ سياسةِ السُّوّاس
وكذا إذا ما اللّهُ كان مُحامِياً / عن دولةٍ حُرِسَتْ بلا أَحراس
لم يَجتذِبْ لرداء مُلكِكَ هُدْبَه / إلاّ لكأْسِ رداهُ صِرْفاً حاس
عُمرُ العُداةِ لكمْ إذا ما جاهَروا / عُمرُ السّهامِ وُضِعْنَ في الأعجاس
لا يَظفَرُ الفَرّارُ منك بمأْمَنٍ / حتّى يَصيرَ مُجاوِرَ الدِّيماس
وهُناكَ أيضاً لا أمانَ فزائدٌ / قَطْعاً عذابُ عِداك في الأرماس
طَهِّرْ بسَيفِك ظاهِرَ الأرضِ التي / نَجِسَتُ بوَطْءِ أولئك الأرجاس
طَهِّرْهُ غسْلاً منهمُ بدِمائهمْ / يَطْهُرْ مِنَ الأنجاسِ بالأنْجاس
أَإمامَ أُمّةِ أحمدٍ وإمامُها / في الحَشْرِ يَشْفَعُ للورَى ويُواسي
رُضتَ الزّمانَ فلان بعدَ تَصعُّبٍ / وصُروفُه قد لِنَّ بعدَ شِماس
وَورِثْتَ من بُردِ النّبيّ المُصطفَى / ولِباسِ تَقْواهُ أَجلَّ لِباس
ومنَ القضيبِ ملَكْتَ مَلْمَسَ أَنملٍ / أَعداكَ ذاك الجُودُ بالإلْماس
ولك المُصلَّى والحطيمُ وزَمزَمٌ / ومُبدِّلُ الإيحاشِ بالإيناس
حيث الحمامةُ لا تُنازَعُ طوقَها / والوَحْشُ يأْمَنُ رَنّةَ الأقواس
والبيتُ مَمدودٌ إليك يَمينُه / لا زال يَستَكْسي وأنتَ الكاسي
يا غارسي ونَداكَ غيرُ مُوَّفٍ / في القرب أو في البعد سقْيَ غراسي
أمّا المديحُ فلا أَدُلُّ بحُسنِه / فَقليُبه مُتجاذِبُ الأمراس
لكنْ وَرِثْتُ لكمْ قديمَ مَودّةٍ / أَضحَتْ قَواعدُها وهُنَّ رواس
وبنيتُ بيتَ هوىً لكم فغدوتُ والتْ / تأْميلُ سَمْكي والوَلاءُ آساسي
فامنَع يدَ الأيّام من هَدْمي وإن / تَنفَحْ بإنْعامٍ فَحُقَّ لِشاس
تَشبيهُ كَفِّكَ بالبحارِ إذا طمَتْ / تَشبيهُ نُورِ اللّهِ بالنّبِراس
فأَعِدْ إلى الأيّامِ نظْرةَ حازمٍ / نَطُسٍ لأدواء الزّمانِ نِطاسي
واسْعَدْ بنَصْبِ وَليّ عَهْدٍ للورى / فالبيتُ يُدعَمُ لم يَزَلْ بأواس
دوما معاً في دَولةٍ مَحروسةٍ / تَبقى على الأزمانِ والأحراس
فدَوامُ مُلْكِكُما معاً في غِبْطةٍ / أَبداً لِمجروحِ اللّيالي آس
عُدتُ بقلبٍ في الوجدِ مُنتكِسِ
عُدتُ بقلبٍ في الوجدِ مُنتكِسِ / وناظرٍ في الدُّموعِ مُنْغَمِسِ
وكان لَيلِي كأنّه نَفَسٌ / فصار لَيلي كأنّه نَفَسي
قضَى على جَدِّ شانيكم بإتْعاسِ
قضَى على جَدِّ شانيكم بإتْعاسِ / وخَصَّ قلبَ مُواليكْ بإيناس
عِزٌّ قدمْتَ به تَختالُ مُبتهِجاً / في ظِلِّ مُعتَلِجِ الأطرافِ نَوّاس
وعُدتَ بالخيلِ مَنصوراً فوارسُها / عَوْدَ الأُسود إلى أَفناء أَخياس
لمّا قَدِمْتَ على إثرِ الرَّبيعِ لنا / هَزَّ النّدى كُلّ غُصْنٍ للمُنى عاس
أَنْدَى الرَّبيعَيْنِ للرَّاجي بنانُ يَدٍ / مليئةٍ بسِجالِ الجُودِ والباس
وأَكْرمُ الوابلَيْنِ الدانِيَيْنِ يَدا / مُبخِّلٍ كُلَّ واهي القَطْرِ رَجّاس
أنت الّذي قَرَنَ الخُلْقُ الكريمُ له / سَماحَ كعْبٍ بإقدامِ ابْنِ مِرداس
لا ذاكراً عِظَمَ الأحقادِ إن سلَفتْ / ولا لأدنَى حُقوقِ القومِ بالنّاسي
حِلْمٌ رسا وتَسامَتْ فوقَه هِمَمٌ / كما تَسامَتْ فروعُ الشّاهِقِ الرّاسي
يَحِنُّ للمجدِ يَستقصي مَداهُ إذا / حَنَّ الخليعُ إلى النَّدْمانِ والكاس
إذا أظلَّتْ هوادي الخَطْبِ واشتبهتْ / كسَمْتِ طامسةِ الأعلامِ أملاس
رَميْتَ بالرأيِ لا يُخْطِي شَواكلَها / والفَسْلُ يَضرِبُ أخماساً لأسداس
رَأيٌ إذا بتُ دون المُلْكِ تُعمِلُه / حَسِبتَه في الدُّجى لألاءَ نِبْراس
ومأزِقٍ يَملأُ الأسماعَ مَوقِفُه / دَعْوَى فوارسَ أو تَصهالَ أفراس
والبِيضُ في سُدُفاتِ النَّقْعِ لامعةٌ / كَفرْعِ أشمطَ مَوشيٍّ بإخْلاس
صاك النّجيعُ بها تحت العَجاجِ كما / وَشَّحْتَ أوضاحَ قِرطاسٍ بأنقاس
فَرَّجتَ ضِيقتَه والخَيلُ عابِسةٌ / تَرْدي بكلِّ رَبيطِ الجَأشِ قنْعاس
حتّى تركْتَ العِدا شَتَّى مَصارِعُهم / فهم رهائنُ أقيادٍ وأرماس
مآتمٌ لنساء المارقِينَ غَدَتْ / بها لذِئبِ الغَضا أيّامُ أعراس
مَيامناً لو دعا آلُ الرّسولِ بها / على العِدا نُصِروا في يومِ أوطاس
يا ماجداً خَضِلاً تاه العلاءُ به / فَهزَّ أعطافَ عالي التِّيهِ مَيّاس
وأعدَتِ النُّورَ شمسَ الأفْقِ غُرَّتُه / كما تَوقَّد نِبراسٌ بنِبْراس
يُخالِطُ البِشْرَ في ضاحي أسِرَّتِه / حَياءُ أروعَ للأقْرانِ فَرّاس
ويَظلِمُ المالَ للعافِين مجتهِداً / ظُلْماً كَساهُ به حَلْيَ العُلا كاس
قلبٌ على مالهِ من فَرْطِ رأفتِه / على كَرائمهِ يومَ النَّدى قاس
نَماكَ للمجدِ حتّى مَلّكوكَ بِه / نَواصيَ الفخر قَومٌ غيرُ أنكاس
ساسوا الممالكَ حتّى قرَّ نافرُها / لم تَبقَ مكرمةٌ إلاّ بِسُوّاس
منَ قاس غيرَكمُ يومَ الفخارِ بكمْ / فإنَّما قاس أشخاصاً بأجناس
عَمرْتَ بعدَهمُ للمُلكِ منزلةً / عَجماء قبلك لم تُعْمَرْ بآناس
وخَصَّك المَلكُ المَيمونُ طائرُه / بمفْخَرٍ جَلَّ عن حَدٍّ ومقْياس
إذا تَسامَى إليه حاسدٌ وقَفتْ / أنضاءُ آمالِه صُغْراً على الرّاس
لمّا دَعاكَ مليكُ النّاسِ قاطبةً / بتاجِه المُعتلي يا أشرفَ النّاس
أرادَ أنّك والأعداءُ راغمهٌ / تَدومُ كالتّاج مَحمولاً على الرّاس
أدْنَى سَراياكَ ما تَرمي العدوَّ به / كوامناً خيلُه في طَيِّ قِرْطاس
يَسْري إليهم سِراراً لا يَنِمُّ به / إلى المسامع إصْغاءٌ لأحْراس
جَيشٌ يُكِتّبُهُ في كُتْبِه قَلَمٌ / يَرمي خُدودَ العِدا طُرّاً بأنقاس
يُرضِي ولّياً ويُشْجي حاسداً أبداً / بعِزّ جاهِك فهْو الجارِحُ الآسي
زجْرْتُ بالسّعدِ طَيْري منكَ مُغْتبِطاً / لمّا زَجرْتُ إلى ناديك أعياسي
فلامَني فيكَ أقوامٌ وهل عَجَبٌ / إنّ الحُطيئةَ يُطْرِي آلَ شَمّاس
أجَلْ وَلاؤكَ موسومٌ به أبداً / قلبي ومَدحُكَ موصولٌ بأنفاسي
وما قصَدْتُك إلاّ بعدَ ما اجتمعَتْ / وَسائلٌ أحصدَتْ للنُّجْحِ أمراسي
ولو تَعرَّيتُ عنها لم يَضِرْ أملي / إنّ الغزيرةَ لا تَمْرِي بإبساس
غَرسْتُ عندك آمالي لأُثمرَها / فامِطْر بإنْعامِك المأْمولِ أغراسي
وكلُّ حَيٍّ فقد أولَيتَه نِعَماً / فهل لرأيِكَ إنعامٌ على شاس
لا زِلْتَ في حُلَلٍ للعيشِ ذائلةٍ / ما فاحَ في الرَّوضِ نَشْرُ الوَرْدِ والآس
أسأتَ فأصبحتَ مُستوحِشاً
أسأتَ فأصبحتَ مُستوحِشاً / فأحسِنْ متى شِئْتَ واستَأْنِسِ
طلعْتَ طلوعَ البدرِ يا ملكَ الورَى
طلعْتَ طلوعَ البدرِ يا ملكَ الورَى / وقد غُمِسَ الآفاقُ في ظُلَمٍ غَمْسا
فجَلّيتَ ليلَ الخَطبِ عنّا بغُرّةٍ / غدَتْ تَقبِسُ الأبصارُ أَنوارَها قَبسا
وما إن تَرى بدْرَ السّماء وإنْ سَما / بمُهْدٍ إلينا فيه إلاّ إذا أَمسى
وإنْ هو وافانا نهاراً فما سَناً / بطَلْعتِه يُهْدي إلى ناظرٍ أُنْسا
ولكنْ فتَى الفتيانِ بَدرُ بنُ مُقْبِلٍ / له النُّورُ مِلْءَ الأرضِ أصبحَ أو أَمسى
إذا سار غَطّى الشّمسَ بالنّقْعِ خَيلُه / ولم أَر بدراً قبلَه يَستُرُ الشّمْسا
أجلْ هو بَدْرٌ في عُلُوٍّ ولم يكُنْ / يُطيقُ فَمُ الرّاجِي لأنملِه لمَسا
غدا فلكاً للدِّينِ في دَورانِه / حياةٌ وموتٌ ضُمّنا الجودَ والبأسا
تَرى منه مَلْكاً لا يُوازيهِ مُشبِهٌ / من النّاسِ لا أصلاً شريفاً ولا نَفْسا
سَليلُ مُلوكٍ من ذُؤابةِ خِنْدِفٍ / له الهمّةُ العلياءُ والعِزَّةُ القَعْسا
بنو أسدٍ تَأْوي إلى أَجَمِ القَنا / وتَفْرِسُ يومَ الرَّوعِ فُرسانَه فَرْسا
صَفوحٌ إذا أَصغَى له السّمْعُ راعياً / إلى عُذْرِ جانٍ رَدَّ مأْتَمَهُ عُرْسا
مُحَيّاهُ سَعْدٌ غيرَ أنّ سِنانَه / على القِرنِ يَغدو في الوغَى كَوكباً نَحْسا
تَرى رجلاً لوناً إذا قابلَ العِدا / ويَرجِعُ مُرتَجّاً إذا طَعَنَ الخَلْسا
جُعِلْنا فِداك الدَّهرُ أَرسَى بصَرفهِ / علينا وصَرفُ الدّهرِ مَضٌّ إذا أَرسى
وكان لنا بُرءاً غِياثُك عاجِلاً / ويُمنُك نَرجو منه أَلاّ نَرى نِكْسا
فأَمطِرْ على أرضي سَحائبَ رحمةٍ / فقد ظَمئتْ حتّى لقد يَبَسَتْ يَبْسا
وبالأمسِ قد أَولَيتَنا منك نِعمةً / فأَحسِنْ إلينا اليومَ إحسانَكَ الأمسا
ودونَك من فِكْري لك ابنةَ ساعةٍ / يكاد يُضيءُ الأرضَ إيداعُها الطِّرسا
ولو أنّني وَفّيتُ مدحَك حَقَّه / لكانَ سَوادُ العينِ منّي له نِقْسا
وفي الكُفْؤ لا في المَهْرِ أَوفيتُ مِدْحتي / ويَدرُسُ عِزُّ الدّهرِ إن قُلتُه دَرْسا
ولي منك آمالٌ قديماً غرَسْتُها / وهأنذا مُستَثمِرٌ ذلك الغَرْسا
فشَفِّعْ فدَتْكَ النّفْسُ منّيَ شافعاً / لقومٍ بنابِ الدّهرِ قد نُهِسوا نَهْسا
فمِثْلُك مَن لو يَشْتري مَدْحَ مادحٍ / بأبياتِ مالٍ عَدَّها ثَمَناً بَخْسا
ودُمْ للعُلا مادام للّهِ عابِدٌ / وما لاحَ نَجْمٌ وامتطَى راكبٌ عَنْسا