القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ حَمْدِيس الكل
المجموع : 18
إذا ما الهَواءُ اعتَلَّ كانَ اعتلالُنا
إذا ما الهَواءُ اعتَلَّ كانَ اعتلالُنا / محيطاً بما يُجريهِ فينا التنفّسُ
وَرُبَّتما كانَ الغذاءُ مَضَرّةً / يَذُمّ به العقبى جَهُولٌ وَكَيِّسُ
وأمْراضُنَا أَسبابُهُنَّ كَثيرةٌ / تَحِلُّ بِأَجسامٍ فتهلكُ أنْفُسُ
قُل للأساةِ أسأتُمْ في علاجِكُمُ
قُل للأساةِ أسأتُمْ في علاجِكُمُ / فمُمْرِضي من ضَنى جسمي هو الآسي
ولو وَجَدتُ مزَاجَ القلب معتدلاً / ببرد أنفاسها في حرّ أنْفاسي
للّه ما رُضْتُ منها بالخضوع وما / ألامنيهِ لقلبي إلّا قلبِيَ القاسي
خَدَعْتُ قِرْنَ الهوى حتَّى فتكت به / باللّه قل هل بخدع القِرْنِ من باسِ
لأمرٍ طويلِ الهمّ نُزْجي العَرَامِسَا
لأمرٍ طويلِ الهمّ نُزْجي العَرَامِسَا / وتطوي بنا أخفافُهُنَّ البَسابِسا
وَتَذْعَرُ بالبَيداءِ عِيناً شوَارِداً / تُذَكّرُ بالأحداقِ عيناً أوانِسا
عذارَى تَرَى الحسنَ البديعَ مُطابِقاً / لأنوَاعِهَا في خَلْقِهِ ومجانسا
أعاذلُ دَعْني أطْلِقِ العبرةَ الَّتي / عَدِمْتُ لها من أجمل الصبْرِ حابسا
فإنِّي امْرؤٌ آوي إلى الشّجَنِ الَّذي / وَجَدتُ له في حَبَّةِ القلبِ ناخِسا
لَقَدَّرَت أَرضي أن تَعُودَ لِقَوْمِهَا / فَساءَتْ ظُنوني ثُمَّ أصبحتُ يائسا
وعزّيْتُ فيها النّفسَ لمّا رأيْتُها / تُكابِدُ داءً قاتل السمّ ناحِسا
وكيف وقد سِيمَتْ هواناً وصَيّرَتْ / مساجدَها أيدي النّصارى كنائسا
إذا شاءتِ الرّهبانُ بالضرْبِ أنْطقَتْ / مَعَ الصبحِ والإِمساءِ فيها النَّواقِسا
لَئِن كان أعيا كلَّ طِبٍّ علاجُها / فكم جَرَبٍ في السيفِ أعيا المَداوسا
صقليَّةٌ كاد الزمانُ بلادها / وكانت على أهلِ الزّمان محارسا
فَكَم أَعيُنٍ بالخوفِ أَمسَتْ سَوَاهراً / وكانت بِطيبِ الأَمنِ مِنهُم نواعِسا
أرى بَلَدي قد سامَهُ الرومُ ذلّةً / وكانَ بِقَومي عِزُّهُ مُتَقاعِسَا
وَكانَت بِلادُ الكفرِ تَلْبَسُ خَوْفَهُ / فَأَضحى لذاكَ الخوفِ مِنهُنَّ لابِسا
عدمتُ أُسوداً منهمُ عَرَبِيّةً / تَرى بَينَ أَيديها العلوجَ فَرائِساً
فَلَم تَرَ عَيْني مِثْلَهُمْ في كَتيبَةٍ / مضاربَ أبطالِ الحروبِ مَدَاعِسا
ويا رُبَّ برَّاقِ النصال تخالُهُ / من النقع ليلاً مُشْرِقَ الشهب دامسا
خلوا بين أطراف القنا بكماتِهِ / لِطَعنٍ مِنَ الفرسانِ يخلي القوانسا
وما خلتُ أنّ النّارَ يَبْرُدُ حَرّها / على سَعَفٍ لاقته في القيظِ يابِسا
أما مُلِئَتْ غزواً قَلَوْرِيّةٌ بهم / وأَردَوا بَطاريقاً بها وأَشاوِسا
هُمُ فَتَحوا أَغلاقَها بِسُيوفِهِمْ / وهم تَركوا الأَنوارَ فيها حَنادِسا
وساقوا بِأَيدي السبيِ بيضاً حَواسِراً / تَخَالُ عَلَيهِنَّ الشعورَ بَرانِسا
يَخوضونَ بَحراً كلَّ حِينٍ إِلَيهِمُ / بِبَحْرٍ يَكونُ المَوجُ فيهِ فَوارِسا
وحربيّةٍ ترمي بِمُحْرِقِ نِفْطِها / فيَغْشى سَعُوطُ الموتِ فيها المَعاطِسا
تراهُنّ في حُمْرِ اللّبودِ وصُفْرِهَا / كمثل بناتِ الزّنج زُفّتْ عَرَائِسا
إذا عَثّنَتْ فيها التنانير خلتَها / تُفَتِّحُ للبركانِ عنها مَنافِسا
أفي قَصْرينِّي رُقْعَةٌ يَعْمُرُونها / ورَسْمٌ منَ الإِسلامِ أَصبَحَ دارِسا
وَمِن عَجَبٍ أَنَّ الشياطينَ صَيّرَتْ / بُروجَ النُّجومِ المحرِقاتِ مَجالِسا
وَأَضحَتْ لَهُم سَرْقُوسةٌ دارَ مِنْعَةٍ / يَزورونَ بِالدَّيرين فيها النواوِسا
مَشَوْا في بلادِ أهْلُها تحْتَ أرْضِهَا / وما مارسوا منهم أبِيّاً مُمارسا
ولو شُقّقَتْ تلكَ القبورُ لأنهَضَتْ / إِلَيهِم مِنَ الأَحداثِ أُسداً عَوابِسا
وَلَكِن رَأَيتُ الغيل إن غابَ لَيثُهُ / تَبَخَّرَ في أَرجائِهِ الذئبُ مائِسا
وَوَرْدِيَّةٍ في اللوْن والفَوْحِ شُعشِعَتْ
وَوَرْدِيَّةٍ في اللوْن والفَوْحِ شُعشِعَتْ / فأبدتْ نجوماً في شُعاعٍ من الشمسِ
نفيتُ همومَ النفس منها بشربةٍ / دَبيبُ حُمَيَّاها يَرِقُّ عَنِ الحسِّ
كأن يدي من فضّةٍ فإذا حَوَتْ / زجاجتَهَا عادت مُذَهَّبَةَ الخمسِ
ولمَّا التقى الأجسامُ من غير ريبَةٍ
ولمَّا التقى الأجسامُ من غير ريبَةٍ / وقَد تَلِفَتْ بالشوقِ فيهِنَّ أَنفُسُ
جنينا ولم تُنْسَبْ إلينا جنايةٌ / ثمارَ نعيمٍ تُجْتَنَى حين تُغْرَسُ
ولمّا اسْتَقَلّ النجم يَرْفَعُ رايةً / يحلّ بها نُورٌ ويرحلُ حِنْدِسُ
تنهّدْتُ مرتاعَ الفؤادِ وإنّما / تنهدتُ للصبح الّذي يَتَنَفَّسُ
فيا صُبْحُ لا تُقْبِلْ فإنّكَ مُوحِشٌ / ويا لَيلُ لا تُدبِر فإنّكَ مؤنِسُ
شموسٌ دعاهنَّ وَشْكُ الفِرَاقِ
شموسٌ دعاهنَّ وَشْكُ الفِرَاقِ / فَلَبَّيْنَ في القُضُبِ المُيّسِ
تُريقُ المدامعَ كالساقياتِ / من السّكْرِ يَعْثُرْنَ بالأكؤسِ
طوالعُ نحو غروبٍ تُريكَ / جُسُومَ الديارِ بلا أنْفُسِ
تُزَوِّرُ صوناً عليها الخدور / فتبكي عيونَ المها الكُنّسِ
وقد زارَ عذبَ اللمى في الأقاحِ / أُجاجُ الدموع منَ النّرجِسِ
وقامتْ على قَدَمٍ فِرْقَةٌ / إذا وقَفَ العَزْمُ لم تجْلِسِ
ولَم يَبقَ إلّا انصرافُ الدّجى / بِزُهرِ كَواكبه الخنَّسِ
وَمَحْوُ النّهار بكافورةٍ / من النور عنبرةَ الحندسِ
ألا غَفلَةٌ من رَقِيبٍ عَتِيدٍ / يُلاحِظنا نَظْرَةَ الأشوَسِ
فَنُهْدي على عَجَلٍ قُبْلَةً / إلى شَفَةِ الرّشأِ الألْعَسِ
غداً يَتَقَطّعُ أقْرَانُهُم / ويتّصِلُ السيرُ في البسبسِ
ويكلأ ذِمْرٌ على ضامرٍ / خبِيئَةَ خِدرٍ على عِرْمِسِ
ويصبحُ من وَصْلِ سلمى الغنيّ / يُقَلّبُ منه يَدَيْ مُفْلِسِ
وَخَفّاقَةِ الراياتِ في جوْفِ نقْعِها
وَخَفّاقَةِ الراياتِ في جوْفِ نقْعِها / ترى الجُرْدَ فيها بالكماة تَكَدّسُ
زَبونٌ رَبَا سَمّ بأطرافِ سُمْرِها / كأنّ ثعابِيناً بها تَتَنفّسُ
تروقُكَ كالحسناءِ يضحك سِنّها / وترتاعُ منها وهي كالغولِ تَعْبسُ
وتقلعُ أَرواحَ العداةِ أَسِنَّةٌ / تراهنّ منهمْ في الحيازيم تُغْرَسُ
فَكَم طَعنَةٍ نَجلاءَ تَحسبها فماً / له هَرَتٌ في الذمر بالدمِ تَقْلِسُ
صَبَبنا عَلَيها ضَرْبَنا من صَوارمٍ / فغاصت بها من أسْرِها القلبَ أنفُسُ
ونَحنُ بَني الثغرِ الَّذينَ نُفوسُهُمْ / ذُكورٌ بِأَبكارِ المنايا تُعّرِسُ
فمن عزْمنا هنديّةُ الضّرْبِ تُنتَضى / ومن زَنْدنا ناريّةُ البأس تُقْبَسُ
وأبْيَضَ ماضٍ لا يَقي من غرارِهِ
وأبْيَضَ ماضٍ لا يَقي من غرارِهِ / غَداةَ قِرَاعِ الهامِ دِرْعٌ ولا تُرْسُ
يمُجّ سريعاً في فم الجرح حَدُّهُ / منَ السمِّ ما سَقَته من ملكها الفُرسُ
إذا ما بدا غمده قلت رَفّعَتْ / بخاراً لطيفاً فوق جَدْوَلِهِ الشمسُ
يُفَرِّقُ بَينَ الرأسِ والجسمِ حَدُّهُ / وإن كان لم تَشْعُرْ بضربتهِ النّفسُ
فَمَضْرِبُهُ في هامةِ القرن مَأتَمٌ / وَمَضْرِبُهُ في كَفِّ صاحِبِهِ عُرْسُ
حَللت بيوْمي إذ رَحلتُ عنِ الأمْسِ
حَللت بيوْمي إذ رَحلتُ عنِ الأمْسِ / وِسِرْتُ ولم أُعمِلْ جوادي ولا عَنْسي
مراحلُ دنْيانا مراحِلنُا الَّتي / ترَاَنا عليها نقطَعُ العَيشَ بِالخمسِ
ونَحنُ بِدارٍ يَعْقُبُ الخوفُ أَمنَها / وتذهبُ فيها وحشةُ الأمْنِ بالأُنْسِ
ليالٍ وأيامٌ بساعاتها سَعَتْ / لتفريقِها ما بين جِسْمِكَ والنّفْسِ
وإنّي وإنْ أصبحتُ منها مسُلَّماً / لأكْثرُ قوْلي ليتَ شعريَ هل أُمسي
ومن حلّ في سبعين عاماً كأنَّهُ / عِلاجُ علِيلٍ في مُواصَلَةِ النُّكسِ
فَما فَهمُ الأَشياء بالدرْسِ وَحْدَهُ / ولكنه بدءُ التفهّم والدّرْسِ
وكم حِكَمٍ في خطِّ قوْمٍ كثيرةٍ / وأفْضَلُ منها لَمْعَهٌ من سَنا الحسِّ
إلى كم أراني في هَوَى النفسِ خائضاً
إلى كم أراني في هَوَى النفسِ خائضاً / ولم أتّقِ الإِغراقَ منها على نَفسي
وقد شَمِلَتنْي شيبةٌ لم أبِتْ بها / فما ليَ في ليلي وقد طَلَعَتْ شمسي
غرست بكفَّيَّ المعاصيَ جاهِداً / ولا شكّ أنّي أجْتَني ثَمَرَ الغَرسِ
إِلى اللَّه أَشكو جُملَةً أَرتدي بها / وأصْبحُ منها في الذنوب كما أمْسي
فيا وحشتي من سوءِ ما قدّمَتْ يدي / إذا لم يكنْ في القبر من رحمةٍ أُنْسي
وريحانَةٍ في النفس مَنبِتُ غُصْنها
وريحانَةٍ في النفس مَنبِتُ غُصْنها / لها نَفَسٌ يُحْيي بنفحتِهِ النّفسا
إذا أقْبلتْ كانتْ بتقْويمِ خَلْقِها / وَمِشْيَتِها بِالشمسِ تَستَوقِفُ الشَّمسا
فتاةٌ إذا استعطفتَ باللين قلبها / على الصّبّ أضحى وهو من حجرٍ أَقسى
ولا شكّ أنَّ الماء رطبٌ وكلّما / سَقَيْتَ حديداً فيه زادَ به يُبْسا
كَمُلَتْ ليَ الخمسونَ والخمسُ
كَمُلَتْ ليَ الخمسونَ والخمسُ / ووقعْتُ في مرضٍ له نُكْسُ
وَوُجِدْتُ بالأضدادِ في جَسَدي / غُصْنٌ يلينُ وقامةٌ تَقْسُو
وتَنافَرَتْ عَنّي الحسانُ كما / لحظَ الهصورَ جآذرٌ خُنْسُ
وابيضَّ مِن فَودَيَّ من شَعَري / وَحْفٌ كأنّ سوادَهُ النِّقْسُ
والعُمْرُ يذبُل في مَنابِتِهِ / غَرْسٌ ويلبسُ نضرةً غَرسُ
أَصغَيتُ لِلأَيّامِ إذا نَطَقَتْ / بالوعظ فهيَ نَواطِقٌ خُرسُ
وفهمتُ بعد اللَّبسِ ما شَرَحَتْ / والشرحُ يَذْهَبُ عنده اللَّبسُ
أَضحى بِوَحشَتي المَشيب ولي / بعد الشبابِ بِذِكْرِهِ أنسُ
ومُسايراً زَمنَينِ في عُمري / مصباحُ ذا قمرٌ وذا شمْسُ
دُنْيا الفَتى تَفْنى لذا خُلِقَتْ / وتموتُ فيها الجِنُّ والإنْسُ
إنّا لآدمَ كلّنا ولدٌ / وَحِمامُنَا بحمامه جِنْسُ
وأَقَلُّ ما يبقى الجدارُ إذا / ما انهدّ تحتَ بنائه الأسُّ
يا ربّ إنّ النارَ عاتِيةٌ / وبكلّ سامعةٍ لها حَسُّ
لا تَجعَلَنْ جَسَدي لها حَطَباً / فيه تُحَرَّقُ منّيَ النفسُ
وارْفُقْ بِعَبدٍ لَحظُهُ جَزِعٌ / يوْمَ الحساب ونُطْقُهُ هَمسُ
حَمى حِمى المُلْكِ منه صارمٌ ذَكَرٌ
حَمى حِمى المُلْكِ منه صارمٌ ذَكَرٌ / مُقَابل الجود بالعلياءِ في الباسِ
يرعى الرّعايا بعينٍ من حفيَظتِهِ / ويبسطُ العدلَ منه ليّنٌ قاسِ
كأنّ سَوْرَةَ كسرى عِنْد سَوْرَتِهِ / سكونُ صورةِ كسرى وهو في الكاسِ
لو أنّ رَبْعَ غيرُ مُنْدَرِسِ
لو أنّ رَبْعَ غيرُ مُنْدَرِسِ / ما بتّ أُوحَشُ من جوْرِ المها الأنُسِ
من كلّ روضةِ حُسْنٍ زَهْرُها أرِجٌ / تُهْدي الهوى ليَ في لحظٍ وفي أنَسِ
لمّا تَظَلّمَ من أطرافِها عَنَمٌ / فاسحل أقحوان الظَّلْمِ واللَّعَسِ
تديرُ بالسّحْرِ عَيْنيْ أمّ شادِنَةٍ / بفاترِ اللحظ للألبابِ مُخْتَلسِ
وما رأيْتُ مهاةً قبلها وُصِفَتْ / في السرب بالشمَم المعشوق لا الخَنَسِ
لها محاسنُ من غبنِ الشباب غدت / محاسِنُ الغيدِ منها وهي كالدلَسِ
تُصبي الحليمَ وتَسْبيهِ فَمُبْصِرُها / كمنتشً في خَبَالِ السّكْرِ مُنْغَمسِ
شَمسٌ شَموسٌ عنِ الشيب الذي جمحتْ / عنه وذاتُ عنانٍ للصبا سَلِسِ
إنّي لأعجبُ والآرام مُجْبَنَةٌ / من رِئمِ خِدْرٍ لليثِ الغيل مفترسِ
لاح القتيرُ فأقمارُ البراقعِ لم / تَطْلُعْ عليّ وقصب البانِ لم تمسِ
حتى كأنّ بَياضَ الشيب منتقلٌ / إلى سوادِ عُيُونِ الخُرّدِ الأنسِ
إن فاتني قَنَصُ الغزلان نافرةً / فقد ترى من خيول الهمِّ ما فرسي
كم أشهبٍ صادَ غزلان الصوارِ فما / لأشْهبي راسخُ الأرساغِ في دَهَسِ
ستّ وستونَ عاماً كيف تُدرك بي / مَن عُمْرُها يَنْتهي منها إلى السدسِ
للَّه دَرّ شبابٍ لستُ ناسِيَهُ / لو أنّهُ كان إنساناً لقلتُ نَسي
يَسقْي محاسنَ ذاتِ الربعِ مُعْطِشُها / سَحّاً بكل ضَحُوكِ البرق مُنبَجِسِ
وداخِلاتٍ على الظّلْماءِ سَبْسَبَها / بكل خِرْقٍ عريقٍ في العلى نَدِسِ
كَأَنَّها وهيَ تَرمي المقفِراتِ بهم / مِنَ الوجيفِ نِبالٌ والهزالِ قِسي
مِثلُ الحواجِبِ لاذَتْ وهيَ ظامِئَةٌ / بأعينٍ بالفلا مطموسةٍ دُرُسِ
لا يُحْبَسُ الماءُ إلّا في ثَمائِلها / تيهاً فتحرس نقطاً بالكبود حسي
من كلّ دامِيةِ الأخفافِ مرْقلةٍ / ترتاعُ مِنْ صَوْتِ حادٍ خَلْفها شرِسِ
مستوحشٍ من كلام الإنسِ تُؤنِسُهُ / من جُوَّعٍ من ذئابِ المهمهِ الطُّلُسِ
ماذا تقولُ وَلَجُّ البحرِ يَسحَبه / إنَّ السفينة لا تجري على اليبسِ
قفْ بالتفكرِ يا هذا على زَمَنٍ / جمّ الخطوبِ وَمَثّلْ صَرْفَه وَقِسِ
ولا تكنْ عنده للسلمِ ملتمساً / فالأريُ في فم صلٍّ غيرُ مُلْتمَسِ
إنَّ الفتى في يَدَيهِ المالُ عاريَةٌ / كالثوب عُرّي منه غَيْرُهُ وَكُسي
وإنّه ليُنَمِّيهِ ويُودِعُهُ / من الصبابة بين الحِرْصِ وَالحَرَسِ
إن الهوا لمحيطٌ بالنفوسِ فقُلْ / هل حظّها منه غيرُ الفوْتِ بالنفَسِ
إنّي امرؤ وطباعُ الحقِّ تَعْضُدُني / مُطَهَّرُ العِرْضِ لا أدْنو من الدّنَسِ
ألِفْتُ حُسْنَ سكوتٍ لا أُعابُ به / ولي بيانُ مقالٍ غير مُلتْبَسِ
فما أُحرِّكُ في فكّيّ عن غَضَبٍ / لسانَ مُنْتَهِشِْ الأعْراض منتهسِ
قد يَعْقِلُ العاقلُ التحريرُ مَنْطِقَهُ / وربّ نُطْقٍ غدا في الغيِّ كالخرسِ
والجهلُ في شِيمِة الإنسان أقتلُ من / تخلخل النّبْضِ في بُحرانِ مُنتَقسِ
ولو أنّ عظمي من يراعي ومن دمي
ولو أنّ عظمي من يراعي ومن دمي / مدادي ومن جلدي إلى مجده طِرْسي
وخاطبتَ بالعلياءِ لفظاً منقَّحاً / وخطّطْتُ بالظلماءِ أجنحةَ الشمسِ
لكان حقيراً في عظيمِ الذي له / من الحقّ في نفس الجلال فدع نفسي
ومالكةٍ نفسي ملكتُ بها المنى / وقد شَرّدَتْ عني التوحش بالأنسِ
وقابلتُ منها كلّ معنىً بِعدّهِ / يلوّحُ نفسَ الوهم في دُهمةِ النقْسِ
كأنّيَ في روضٍ أُنَزّهُ ناظري / جليلُ معانيه يدقّ عن الحسِّ
مقلتُ بعيني خطّ ابن مقلةٍ / وَفَضّ على سمعي الفصَاحَةَ من قُسِّ
وخفتُ عليه عينَ سحرٍ تُصيبُهُ / فصَيّرْتُ تعويذي له آيةَ الكرسي
بَلَدٌ أعارَتْهُ الحمامةُ طَوْقَها
بَلَدٌ أعارَتْهُ الحمامةُ طَوْقَها / وكساهُ حُلّةَ ريشِهِ الطّاووسُ
وكأنّ هاتيك الشقائقَ قَهْوَةٌ / وكأنّ ساحاتِ الديارِ كؤوسُ
انظرْ إلى حسنِ هلالٍ بَدا
انظرْ إلى حسنِ هلالٍ بَدا / يَهْتِكُ من أنْوَارِهِ الحِنْدسا
كمنْجَلٍ قد صِيغَ من عَسْجَدٍ / يحصُدُ من زَهْرِ الرّبى نَرْجِسَا
فعوّضْتُ شيباً من شبابي كأنّني
فعوّضْتُ شيباً من شبابي كأنّني / تَوَلّيتُ عن ظلٍّ برغمي إلى الشمسِ
وقَطْعي بعيشٍ بعد ستّين حجّةً / أرى فيه لَبْساً والتخوّف في اللبسِ
ذنوبيَ تنمي كلّ يومٍ تكسّباً / فيوْمي بها في اليوْم أثقلُ من أمسي
ألا آمنَ الرحمن خوفي بِعَفْوِهِ / فإنّيَ من نفسي أخاف على نفسي

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025