المجموع : 7
قالوا أَحب حديثها
قالوا أَحب حديثها / أصداء شعرِ الناس
وأنا أحسُّ بوقعه / نَبعاً من الإحساسِ
ليس الأصالةُ في الحيا / ةِ رهينةً بالمبدع
أو أنَّ ما يَحكى الَمرا / ئِي من جمالِ لا يَعى
فَترَّنمي وتضكي / يا ببغائي الساخره
يكفيك أنك كيف كنتِ / وكيف قُلتَ الساحره
يا مُنطقَ الموتى إليك هدية
يا مُنطقَ الموتى إليك هدية / من شاعرٍ عملوا على إخراسه
عدَّت مواهبه جنايةَ عصرِه / فتآمروا للحدِّ من أنفاسهِ
وتفننوا في وأدِ كل كريمةٍ / ويتيمةٍ وقفتن على إحساسه
وتعقبوه وطاردوه ففاتهم / ودموعه طفحت بثورةِ كاسه
وأتى إلى المنفى فما رحموا له / فكراً ولا قلباً يُدق بياسهِ
حتى هَرعت إليه تنقذُ وشلةً / بقيت وُترجعه إلى قِرطاسه
وُتعِّنفُ الزمنَ الغشومَ مهذِّباً / لقياسِه بل ضارباً بقياسِه
ومقدّراً غُرر المآثرِ وحدَها / لا حاسداً يختالُ في أدنِاسه
ومُخلصا مثلي الذي يا طالما / أَسدى من الموتى ومن وَسواسِه
جحدت عوارَفهُ وليس لمثله / مهما أُسئ سوى الوفاءِ لناسِه
سيعيشُ في همٍّ ويشقى دائماً
سيعيشُ في همٍّ ويشقى دائماً / من عاشَ مشغولاً بهمِّ النَّاسِ
فعلامَ يا نفسي افتتانُك بالورى / وهمو القساةُ على الأبرِّ الآسى
العشبُ يَلثمُ أرضَه بِوفائه / وهمو الجناةُ على هوىً ومواسى
فأجابت النفسُ التي لم ترتدع / يوماً وإن يرشَد حليفُ الكاسِ
أنا بعضُ هذا النَّاسِ كيفَ أعافهم / وجميعُ إحساسٍ بهم إحساسي
شمسُ الربيعِ تبرَّجي وتناسي
شمسُ الربيعِ تبرَّجي وتناسي / إنِّي المعَّذبُ بينَ كلِّ الناسِ
هذى خيوطُكِ في دُعابةِ ساخرٍ / ما مسَّهُ حرقى ولا وسواسي
صادت خيالي صيدَها لعواطفي / ورمت بها وبمهجتي للياسِ
إن ترقصي حولي سناءً عاطراً / بمنىَ الربيعِ الطاهرِ الأنفاس
هَلاَّ ادركرت حُشاشةً محرومةً / أنداءَ مصرَ بسمن فوقَ الآسِ
حباتُهُ كانت عقودَ جواهرٍ / نُثرت وكنَّا الُّزهرَ من جُلاسي
هَلا ادكرتِ ما قسوتِ طفولتي / وشبيبتي حين اشتعلت براسي
هلا ادكرتِ صبابتي وخيالها / في النيلِ بين تثاؤبٍ ونُعاسِ
هلا ادكرت ليالياً طلعت بها / كل النجومِ تحوطُني وتُواسي
هلا ادكرتِ وقد دهشتِ لوحشتي / ما يَفقدُ المهجورُ من إيناسِ
هلا ادكرتِ مباهجاً عاهُدتها / ألاَّ أغيبَ فغبتُ دونَ مواسي
هلا ادكرتِ أزاهراً قد نافست / كل الشموسِ لشاعرٍ حساسِ
هلا ادكرتِ مراتعاً ومناحلاً / ملكت علىَّ جوارحي وحواسي
هلا ادكرت منازلاً بادلتها / حُبَّى وخالطَ جوهَا إحساسي
هلا ادكرت الرمل رفَّ بغيده / والبحرُ لي دَن وقرصكِ كاسي
هلا ادكرتِ تعفُّفي عن حاكمس / وتزلفُّي شرفاً لربِّ الناسِ
هلاُّ ادّكرتِ جميعَ ما ضحيَّتهُ / لأعزَّ مصرَ فضاعَ في الأرماسِ
هَلاُّ ادّكرتِ تهافتي لجلالها / فرُجمتُ من أيديِ العقوقِ القاسي
أولا فكوني كيفَ شئتِ أسَّنةً / وصواعقاً وتخَّطري وتناسي
أخي عبد المسيح فدتك نفسي
أخي عبد المسيح فدتك نفسي / يعزّ عليّ أن أهب التأسي
لمثلك أيها الخل المرجى / إذا الأحداث فاتنا لياس
وما أنا باعث لك من عزائي / سوى ألم تملك كل نفسي
وسخر بالوجود وما تغنى / به اللاهون في أفياء رمس
ونطمع في غد وغد تولى / كحاضرنا ومات بحضن أمس
وما وهب الوجود لنا سرورا / سوى الأحزان في اثواب أنس
وما خلد الحياة لنا ولكن / لذرت سبحن بكل شمس
فنح واسخر كسخري يا صديقي / بدنيانا وبالعيش الأخس
وما كان افتقادك غير فقدي / لجوهرة تضيّع بعد حبس
أتاني نعيها وأنا مريض / وأقرب عودي حزني وياسي
أتاني بعد أن دفنت ففاضت / دموعي مرتين لها ونفسي
واما أنت أنت فيا صديقي / رجاحتك الملاذ بكل نحس
وأنت الفيلسوف بلا مراء / تفك الأسر عن عان وجبس
فلا تغلل حجاك بما تعاني / وما عانيت وافترض التاسي
ما شكاتي من الأنام عداء
ما شكاتي من الأنام عداء / أنا منهم فما عدائي لنفسي
هي عتب المحب مهما قسا العت / ب فما يأسي الأليم بيأس
ليس سخطي سوى تشوق وج / داني لإصلاحهم وإيثار حسي
كم سفيه ينالني وأنا الحا / ني على روحه بروحي وأنسي
وعقابي له يلاحقه الصف / ح ويا ربما أعاقب نفسي
يا حامل الثمر الرفاف من جذل
يا حامل الثمر الرفاف من جذل / إن الثمار لها كالناس إحساس
تزهى بجهد نبيل كنت باذله / وما يئست فلم يقرب لها الياس
وتوجت جهدك الحي الذي اكتملت / فيه الأماني يا قوت وألماس
وكل جوهرة عصماء ضاحكة / بالنور والنور أفراح وأعراس
أما الخضار ففي ألوانه صور / للفن ما حازها لوح وقرطاس
لكنما بثها مستنبتا شغف / بالنفع مستلهما آياته الفاس
وحالف الري حتى أنجبا تحفا / للناظرين وحتى أسعد الناس
فاهتزت الأرض شكرانا وقد بعثت / وشكراها ملء هذا النبت أجناس
هذا هو العيد يعتز الحصاد به / كما تعيد أقوام وأغراس
شتان بين صحارى لا غناء بها / وبين جنات عدن عند من قاسوا
حيث الجداول تحبو وهي راقصة / وحولها الأنس أزهار وأنفاس
وحيث صار الحصى في حظه مثلا / للمنعمين ولم يرهقه وسواس
فكيف بالخلق من ناس ومن بهم / ومن طيرو وحيث الورد والآس
وحيث زغردت النعمى بوفرتها / ماء وكرما ولم تعلق بها الكاس
في كل فاكهة راح معتقة / بريئة وبهن الكوب والطاس
وفي الندى سبحات من طهارتها / فما تشوب جمال الريف أدناس
وما النجوم التي نامت بقبتها / إلا على ملكوت الحسن حراس
هذا هو العيش لو يدريه من صدفوا / وذا هو المجد لو يدريه من ساسوا