القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : إِبْراهيم ناجِي الكل
المجموع : 5
متى يرق الحظ يا قاسي
متى يرق الحظ يا قاسي / ويلتقي المنسيُّ والناسي
متى وهل من حيلة في متى / وفي خيالاتٍ وأحداسِ
هدَّ قراري جريها في دمي / وهمسها في كر أنفاسي
وأنت مثل النجم في المنتأى / وفي السنا الخاطف كالماسِ
يرنو له الناس ويبغونه / وما يبالي النجم بالناسِ
وأنت كأس الحسن لكننا / مثل حبابٍ حامَ بالكاسِ
طفا وقد قبّل أنوارها / ورفَّ مثل الطائر الحاسي
وجفَّ أو ذاب على نورها / كما يذُوب الطلّ بالآس
جلستُ يوماً حين حلَّ المساء
جلستُ يوماً حين حلَّ المساء / وقد مضى يومي بلا مؤنسِ
أُريح أقداماً وهت من عياء / وأرقب العالَم من مجلسي
أرقبه يا كَدّ هذا الرقيب / في طيب الكون وفي باطله
وما يبالي ذا الخضم العجيب / بناظر يرقب في ساحله
سيان ما أجهل أو أعلم / من غامض الليل ولغز النهار
سيستمر المسرح الأعظم / روايةً طالت وأين الستار
عييتُ بالدنيا وأسرارها / وما احتيالي في صموت الرمال
أنشد في رائع أنوارها / رشداً فما أغنم إلا الضلال
أغمضت عيني دونها خائفاً / مبتغياً لي رحمة في الظلام
فصاح بي صائحها هاتفاً / كأنما يوقظني من منام
أنت امرؤٌ ترزح تحت الضنى / لم يبق منك الدهر إلا عناد
وكل ما تبصره من سنا / يهزأ بالجذوة خلف الرماد
وكل ما تُبصره من قوى / تدوي دويّ الريح عند الهبوب
يسخر من مبتئس قد ثوى / يرنو إلى الدنيا بعين الغروب
انظر إلى شتى معاني الجمال / منبثة في الأرض أو في السماء
ألا ترى في كل هذا الجلال / غير نذيرٍ طالعٍ بالفناء
كم غادة بين الصبا والشباب / تأنّق الصانع في صنعها
تخطر والأنظار تحدو الركاب / ولفظة الإعجاب في سمعها
وربما سار إلى جنبها / مدلّه ليس يبالي الرقيب
يمشي شديد العجب في قربها / إذ راح يوليها ذراع الحبيب
وانظر إلى سيارة كالأجل / تخطف خطفاً لا تُبالي الزحام
هذا الردى الجاري اختراع الرجل / هل بعد صنع الموت شيءٌ يُرام
وانظر إلى هذا القويّ الجسد / الباتِر العزم الشديد الكفاح
قد أقبل الليل فحيّ الجلد / في رجل يدأبُ منذ الصباح
أجبت يا دنياي من تخدعين / إني امرؤٌ ضاق بهذا الخداع
مزّقتِ عن عيشي هنيّ السنين / لأنني مزقتُ عنكِ القناع
إن الجمالَ الساحرَ الفاتنا / يا ويحه حين تغير الغضون
ويعبث الدهر بحلو الجنى / وتستر الصبغة إثم السنين
وهذه السيارة العاتيه / وربها الجبار كالبرق سار
ما هي إلا شُعَلٌ فانيه / نصيبها مثل شعاع النهار
وارحمتاه للقويّ الصبور / يقضي الليالي في كفاح سخيف
وكيف لا أبكي لكدح الفقير / أقصى مناه أن ينال الرغيف
كم صِحتُ إذا أبصرت هذا الجهاد / وميسم الذلة فوق الجباه
يا حسرتا ماذا يلاقي العباد / أكُلُّ هذا في سبيل الحياه
وفي سبيل الزاد والمأكل / نملأ صدر الأرض إعوالا
كم يسخر النجمُ بنا مِن عل / وكم يرانا الله أطفالا
يا ربِّ غفرانك إنا صغار / ندبّ في الدنيا دبيب الغرور
نسحب في الأرض ذيول الصغار / والشيبُ تأديبٌ لنا والقبور
يا جمال الصِّبا وأنس النفوسِ
يا جمال الصِّبا وأنس النفوسِ / خبِّرينا عن زوجك المنحوسِ
حَدِّثي أنت عن عماه الحيسي / وصفي لي الغرام بالتحسيسِ
حدثينا عن اللهيب المفدَّى / وجمالٍ يُصَيِّر الحرَّ عَبدا
وجنون الأعمى إذا ما استجدى / وهو يعشو لناره كالمجوس
يا جمالاً في الترب يُلقَى ويُرمَى / يا لظلم الحظوظ والحظ أعمى
وبلائي أني أسميه ظلما / وهو لفظ ما جاء في القاموس
آه من قسوةِ الطبيعة شقت / ظلمة في مكان نورٍ ورقت
دونَ قصدٍ لعينه فاستبقت / كوّةً في فضائها المطموس
كوَّةً تنفذ الحفيظة عنها / ويُطلُّ الدهاءُ والخبثُ منها
طالعتنا في طلعة لم تزنها / كالفتيل الحقيرِ في الفانوس
كذليل الأبقار إذ ربطوه / وتراهم بخرقةٍ عَصَّبوه
فإذا ما عصاهمو ضربوه / وتمشَّى على غناءِ الألوس
وتراه تقولُ يقطر بغضا / حيوانٌ يريد أن يَنقَضَّا
حسبك الله عشت تنظر أرضا / فابق فيها حُرمتَ نورَ الشموس
أنتِ التي بعثت إليَّ خيالها
أنتِ التي بعثت إليَّ خيالها / يوماً يلوم على قليلِ نعاسِ
صبراً لقد هجر الكرى وهجرتِني / فكلاكما مُرُّ القطيعةِ قاسِ
إِن نمتُ فَهوَ رقادُ منهوكِ القوى / تمضي لياليه بلا إِيناسِ
تمضي كما مضتِ الليالي قبلها / لا أنتِ ذاكرةٌ ولا أنا نَاسِ
ما هاته النُسُمُ التي هبَّت على / وجهِ الغدير عليلةَ الأنفاسِ
ما بالها عطفت على زهراته / ما بين إِشفاقٍ ولينِ مساسِ
من نامَ منها قبَّلته ومن بكى / فله من الريحِ الطبيبةِ آسِ
وأنا الذي ذبلت زهورُ شبيبتي / وجرى الأوارُ اليومَ في أغراسي
أمسيتُ لا نسماً ولا كلماً ولا / قلماً يخطُّ الصبرَ في قرطاسي
ما هاته النارُ التي قد أوهنت / جَلَدِي وهدَّت قوتي ومراسي
أكلت ذكائي في النضوج وسطَّرت / في عارضيَّ رسائلَ الأرماسِ
والله ما أدري أذاكَ رمادُهَا / أم أنه وَخطُ المشيبِ براسي
لو كان يغني الدمعُ كان لها غنىً / سيظلُّ ما عشنَا حديثَ الناسِ
لكنَّ هذا المالَ ليسَ بنافعٍ / والروحُ مقبلةٌ على الإفلاسِ
يا معجباً تاه على صحبه
يا معجباً تاه على صحبه / برأسه بوركَ من رأسِ
فنصفُه الأعلى به أجردٌ / عارٍ ولكنَّ القفا مكسي
يا حسنه من بتناج به / تمشي القباقيبُ بلا حسِّ
يبرطع البرغوثُ في ساحها / ويشردُ المسكينُ لا يرسي

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025