المجموع : 6
أَتَيتُ سوقَ عُكاظٍ
أَتَيتُ سوقَ عُكاظٍ / أَسعى بِأَمرِ الرَئيسِ
أُزجي إِلَيهِ قَوافٍ / مُنَكَّساتِ الرُؤوسِ
لَيسَت بِذاتِ رُواءٍ / تُزهى بِهِ في الطُروسِ
وَلا بِذاتِ جَمالٍ / يَسري بِها في النُفوسِ
لَم يَحبُها فَضلُ شَوقي / بَقِيَّةً مِن نَسيسِ
فَهُنَّ قَفرٌ خَوالٍ / مِن كُلِّ مَعنىً نَفيسِ
وَهُنَّ جُهدُ مُقِلٍّ / حَليفَ هَمٍّ وَبوسِ
قالَ الرَئيسُ وَمَن ذا / يَقولُ بَعدَ الرَئيسِ
سَقى الحُضورَ شَراباً / يُنسى شَرابَ القُسوسِ
مُعَتَّقاً قَبلَ عادٍ / في مُظلِماتِ الحُبوسِ
تُذكي الدِياراتُ مِنهُ / ناراً كَنارِ المَجوسِ
يُريكَ وَاللَيلُ داجٍ / شُموسَهُ في الكُؤوسِ
بَناتُ أَفكارِ شَوقي / في جَلوَةٍ كَالعَروسِ
تُزهى بِمَعنىً سَرِيٍّ / أَتى بِمَعنىً شَموسِ
وَلَيلَةٍ مِن عُكاظٍ / ضَمَّت حُماةَ الوَطيسِ
أَحيا بِها ذِكرَ عَهدٍ / آثارُهُ في الطُروسِ
عَهدٌ سَما الشِعرُ فيهِ / إِلى مَجالي الشُموسِ
وَوِردُهُ كانَ أَصفى / مِن مَورِدِ القاموسِ
فَجِئتُها بِحَديثٍ / أَسوقُهُ لِلجُلوسِ
قَد زُرتُ مُتحَفَ مِصرٍ / في ظُهرِ يَومِ الخَميسِ
في زُمرَةٍ مِن رِفاقٍ / غُرِّ الشَمائِلِ شوسِ
فَضِقتُ ذَرعاً بِأَمرٍ / عَلى النُفوسِ بَئيسِ
وَكِدتُ أُصرَعُ غَمّاً / لِحَظِّها المَعكوسِ
وَصَرعَةُ الغَمِّ أَدهى / مِن صَرعَةِ الخَندَريسِ
رَأَيتُ جُثَّةَ خوفو / بِقُربِ سيزوستَريسِ
فَقُلتُ يا قَومُ هَذا / صُنعُ العَقوقِ الخَسيسِ
أَجسادُ أَملاكِ مِصرٍ / وَشائِدي مَنفيسِ
مِن بَعدِ خَمسينَ قَرناً / لَم تَستَرِح في الرُموسِ
أَرى فَراعينَ مِصرٍ / في ذِلَّةٍ وَنُحوسِ
مَعروضَةً لِلبَرايا / أَجسادُهُم بِالفُلوسِ
عَنهُم نَبَشنا زَماناً / في مُظلِماتِ الدُروسِ
فَديسَ ظُلماً حِماهُم / وَكانَ غَيرَ مَدوسِ
لَعَلَّهُم حَصَّنوهُم / مِن هادِماتِ الفُؤوسِ
عِلماً بِأَن سَوفَ يُمنى / بِيَومِ شَرٍّ عَبوسِ
لَو أَنَّ أَمثالَ مينا / في الغَربِ أَو رَمسيسِ
بَنوا عَلَيهِم وَخَطّوا / حَظائِرَ التَقديسِ
أَنا في الجيزَةِ ثاوٍ
أَنا في الجيزَةِ ثاوٍ / لَيسَ لي فيها أَنيسُ
أَنكَرَ الأُنسُ مَكاني / وَنَأى عَنّي الجَليسُ
لَيسَ يَدري مَن رَآني / أَطَليقَ أَم حَبيسُ
أَوشَكَ الديكُ أَن يَصيحَ وَنَفسي
أَوشَكَ الديكُ أَن يَصيحَ وَنَفسي / بَينَ هَمٍّ وَبَينَ ظَنٍّ وَحَدسِ
يا غُلامُ المُدامَ وَالكاسَ وَالطا / سَ وَهَيِّئ لَنا مَكاناً كَأَمسِ
أَطلِقِ الشَمسَ مِن غَياهِبِ هَذا الدَن / نِ وَاِملَإ مِن ذَلِكَ النورِ كَأسي
وَأَذَنِ الصُبحَ أَن يَلوحَ لِعَيني / مِن سَناها فَذاكَ وَقتُ التَحَسّي
وَاِدعُ نَدمانَ خَلوَتي وَاِئتِناسي / وَتَعَجَّل وَأَسبِل سُتورَ الدِمَقسِ
وَاِسقِنا يا غُلامُ حَتّى تَرانا / لا نُطيقُ الكَلامَ إِلّا بِهَمسِ
خَمرَةً قيلَ إِنَّهُم عَصَروها / مِن خُدودِ المِلاحِ في يَومِ عُرسِ
مُذ رَآها فَتى العَزيزِ مَناماً / وَهوَ في السِجنِ بَينَ هَمٍّ وَيَأسِ
أَعقَبَتهُ الخَلاصَ مِن بَعدِ ضيقٍ / وَحَبَتهُ السُعودَ مِن بَعدِ نَحسِ
يا نَديمي بِاللَهِ قُل لي لِماذا / هَذِهِ الخَندَريسُ تُدعى بِرِجسِ
هِيَ نَفسٌ زَكِيَّةٌ وَأَبوها / غَرسُهُ في الجِنانِ أَكرَمُ غَرسِ
هِيَ نَفسٌ تَعَلَّمَت حُسنَ أَخلا / قِ المولِحِيِّ في صَفاءٍ وَأُنسِ
خَصَّهُ اللَهُ حَيثُ يُصبِحُ بِالإِق / بالِ وَالعِزِّ وَالعُلا حَيثُ يُمسي
يَأَيُّها الحُبُّ اِمتَزِج بِالحَشى
يَأَيُّها الحُبُّ اِمتَزِج بِالحَشى / فَإِنَّ في الحُبِّ حَياةَ النُفوس
وَاِسلُل حَياةً مِن يَمينِ الرَدى / أَوشَكَ يَدعوها ظَلامُ الرُموس
أَجادَ مَطرانٌ كَعاداتِهِ
أَجادَ مَطرانٌ كَعاداتِهِ / وَهَكَذا يُؤثَرُ عَن قُسِّ
فَإِن أَقِف مِن بَعدِهِ مُنشِداً / فَإِنَّما مِن طِرسِهِ طِرسي
وَإِن رَأَيتُم في يَدي زَهرَةً / فَإِنَّها مِن ذَلِكَ الغَرسِ
رَثى حَبيباً وَرَثى بَعدَهُ / لِذَلِكَ الموفي عَلى الرِمسِ
كانا إِذا ما ظَهَرا مِنبَراً / حَلّا مِنَ السامِعِ في النَفسِ
فَأَصبَحا هَذا طَواهُ الرَدى / وَذاكَ نَهبٌ في يَدِ البُؤسِ
لَولا سَليمٌ لَم يَقُل قائِلٌ / وَلَم يَجُد مَن جادَ بِالأَمسِ
لِلَّهِ ما أَشجَعَهُ إِنَّهُ / ذو مِرَّةٍ فينا وَذو بَأسِ
يَقومُ في مَشروعِهِ نافِذاً / كَأَنَّهُ عَنتَرَةُ العَبسي
تَلقاهُ في الجِدِّ كَما تَبتَغي / وَتارَةً تَلقاهُ في الهَلسِ
سَركيسُ إِن راقَكَ ما قُلتُهُ / في مَعرِضِ الهَزلِ فَقُل مِرسي
أُقسِمُ بِاللَهِ وَآلائِهِ / بِعَرشِهِ بِاللَوحِ بِالكُرسِي
بِالخُنَّسِ الكُنَّسِ في سَبحِها / بِالبَدرِ في مَرآهُ بِالشَمسِ
بِأَنَّ هَذا عَمَلٌ صالِحٌ / قامَ بِهِ هَذا الفَتى القُدسي
ذَكَّرَنا وَالمَرءُ مِن نَفسِهِ / وَعَيشِهِ في شاغِلٍ يُنسي
بِالواجِبِ الأَقدَسِ في حَقِّ مَن / باعَتهُ مِصرٌ بَيعَةَ الوَكسِ
هَذا أَبو العَدلِ فَمَن خالَهُ / حَيّاً فَما خالَ سِوى العَكسِ
كانَت لَهُ في حَلقِهِ ثَروَةٌ / مِن نَبرَةٍ تُشجي وَمِن جَرسِ
فَغالَها الدَهرُ كَما غالَهُ / حَتّى غَدا كَالطَلَلِ الدَرسِ
فَاِكتَسِبوا الأَجرَ وَلا تَبتَغوا / شِراءَهُ بِالثَمَنِ البَخسِ
إِنّي أَرى التَمثيلَ في غَمرَةٍ / غامِرَةٍ تَدعو إِلى اليَأسِ
لَم يَرمِهِ في شَرخِهِ ما رَمى / لَو كانَ مَبنِيّاً عَلى أُسِّ
أَكُلَّما خَفَّت بِهِ صَحوَةٌ / مِن دائِهِ عوجِلَ بِالنَكسِ
إِن تُغفِلوا دارِسَ آثارِهِ / عَفّى عَلَيها الدَهرُ بِالطَمسِ
أَعجَزَها النُطقُ فَجاءَت بِنا / نَنوبُ عَن أَلسُنِها الخُرسِ
إِنَّ يَومَ اِحتِفالِكُم زادَ حُسناً
إِنَّ يَومَ اِحتِفالِكُم زادَ حُسناً / وَجَلالاً بِيَومِ عيدِ الجُلوسِ
فَاِقتِرانُ اليَومَينِ رَمزٌ إِلى اليُم / نِ وَبُشرى تَسُرُّ رَهنَ الحُبوسِ
فَكَأَنّي أَشيمُ عاطِفَةَ البِر / رِ عِياناً تَجولُ بَينَ الجُلوسِ
وَأَرى في الوُجوهِ سِيَما اِرتِياحٍ / وَاِبتِهاجٍ لِسَعيِ تِلكَ العَروسِ
إِنَّ حَقَّ الضَريرِ عِندَ ذَوي الأَب / صارِ حَقٌّ مُستَوجِبُ التَقديسِ
لَم يَضِرهُ فُقدانُهُ نورَ عَينَي / هِ إِذا اِعتاضَ عَنهُما بِأَنيسِ
آنِسوا نَفسَهُ إِذا أَظلَمَ العَي / شُ بِعِلمٍ فَالعِلمُ أُنسُ النُفوسِ
وَجِّهوهُ إِلى الفَلاحِ يُفِدكُم / فَوقَ ما يَستَفيدُهُ مِن دُروسِ
أَكمِلوا نَقصَهُ يَكُن عَبقَرِيّاً / مِثلَ طَهَ مُبَرَّزاً في الطُروسِ
كَم رَأَينا مِن أَكمَهٍ لا يُجارى / وَضَريرٍ يُرجى لِيَومٍ عَبوسِ
لَم تَقِف آفَةُ العُيونِ حِجازاً / بَينَ وَثباتِهِ وَبَينَ الشُموسِ
عَدِمَ الحِسَّ قائِداً فَحَداهُ / هُدى وِجدانِهِ إِلى المَحسوسِ
مِثلُ هَذا إِذا تَعَلَّمَ أَغنى / عَن كَثيرٍ وَجاءَنا بِالنَفيسِ
ذاكَ أَنَّ الذَكاءَ وَالحِفظَ حَلّا / في جِوارِ النُهى بِتِلكَ الرُؤوسِ
فَعَلى كُلِّ أَكمَهٍ وَبَصيرٍ / شُكرُ أَعضائِكُم وَشُكرُ الرَئيسِ