المجموع : 17
لموت الفَتى خير له من معيشة
لموت الفَتى خير له من معيشة / يَكون بها عبئاً ثَقيلا عَلى الناس
وأنكد من قد صاحب الناس عالم / يرى جاهلاً في العز وهو حقير
يَعيشُ رخيَّ العيش عِشرٌ من الوَرى / وَتسعة أَعشار الأنام مناكيد
أَما في بَني الأرض العَريضة قادرٌ / يخفف وَيلات الحَياة قَليلا
إذا ما رجال الشرق لم ينهضوا معاً / فأضيع شيء في الرجال حقوقها
إذا نات أوطاناً نشأت بأرضها / خراب ولم تحزن فأنت جماد
بربك قلبي أنت لا نترك الهوى / سواءٌ سلا يا قلب غيرك أم هاما
اتصلح في الشرق الحكومات شأنها / لعل الغنى والعلم يجتمعنان
أَفي الحق أَنَّ البعض يشبع بطنه / وأَن بطون الأكثرين تجوع
تقدم أهل الغرب حتى تحرروا / فما منع الشرقيَّ أن يتحرّرا
أسائلتي عَن غاية الخالق اسكتي / فَما لي عَلى هَذا السؤال جواب
إذا حيي الإنسان صادف منكراً / وإن ماتَ لاقى منكراً وَنَكيرا
ترقب سقوطاً يا ابن آدم قاتلا / فإنك لو تدري على جرف هار
لقد قال كل في الحياة برأيه / تعددت الآراء والحق واحد
إذا قلت حقاً خفت لوم مخاطبي / وإن لَم أَقل حقاً أخاف ضَميري
أَرى الناس إلا من توفر عقله / من الناس أعداءً لكل جَديد
خذ العلم إن الفضل للعلم وحدَه / وإن رجال العلم وحدهمُ الناس
إباؤُك والإدعان شرٌّ كلاهما / على أن بعض الشر أهون من بعض
لقد عاش في الدنيا كما يرتضي امرؤ / يميل مع الأيام حيث تميل
رَأَيت جياعاً يفخرون بجوعهم / فأضحكني ما قد رأَيت وأبكاني
وَما الناس إِلّا خادِع في مَقاله / يريد به الدنيا وآخر مخدوع
تأَخرت بعد الأربعين كأنما / أماميَ في سيري إليهِ ورائي
ألا لَيتَ أَعمالي إذا كنت ميتاً / وَقَد نقدوها لا عليَّ ولا ليا
لقد سار آبائي جميعاً إلى الردى / وإني على آثارهم سأَسير
يعود إلى بدءٍ له كل ذاهب / وليس لأيام الشبيبة من عود
أَتَت صور الماضي تباعاً فمثلت / لعيني لهواً مرَّ ثم اِضمحلت
أتينا إلى الدنيا فرادى وهكذا / سنمضي فرادى واحداً بعد واحد
فحصت بطون الكون فحصاً فَلَم أَجِد / سوى حركات فيه لَم أَدرِ ماهيا
ألا أيها الإنسان فيك معايب / وأكبر عيب فيك أنك فاني
إذا خلَت الدنيا من النفر الألى / أَحب فؤادي فالسَلام عَلى الدنيا
تمرُّ الليالي ليلة بعد ليلة / وحزني عَلَى ما فاتني ذلك الحزن
وكنت أرجى أن أفوز ببغيتي / فأدركني بعد الرجاء قنوط
وما أنا إن أخفقت فيما رجوته / بأوَّل سارٍ عن محجَّته ضلا
إذا كان بعض الناس يملك بلغة / ولم يختلط بالناس فهو سعيد
حياتي وإن كانت إليَّ عزيزة / إذا نالني ضيمٌ عليَّ تهون
إلى اليوم لم أحسد على شيء أمرأً / وقد كان عند الناس ما لم يكن عندي
أخو العقل يرجو نيل ما هو ممكن / وأكثر آمال الجهول محال
بنفسيَ أفدي من إذا قال ما هذي / وإن مرَّ بالعوراء مرَّ كريما
أَنا اليوم أَمري في يَدي غير أَنَّني / أُحاذر من أَن يخرج الأمر من يَدي
إذا كانَ في بيت مَريضاً عَزيزُهُ / فَسكان ذاكَ البيت كلهم مَرضى
يرجي الفَتى أَن الثراء يعينه / عَلى نائبات الدهر حين تَنوب
أَسر مَكانَ لي عَلى الارض ربوة / إلى جانبيها روضة وَغَدير
ألا ايها الناس ارحموا الناس واركنوا / إلى السلم إن السلم خير من الحرب
وأَحسن أَوقات الفَتى وقت نومه / إذا كانَ ذاكَ النوم خلواً من الحلم
وَهَل كبر الجثمان ينفع ربه / إذا كانَ فيه العقل غير كَبير
أخي إن أسرار الطبيعة جمة / وما اكتشفت منها العقول قليل
تمنيت لَو أني وَقد غبرت على / وَفاتي أَحقاب رجعت إلى الدنيا
تؤمل نفس المرء طول بقائها / وليس على نفس تؤمل من بأس
رغبت عَن الدنيا كأَني ميت / قَريباً وَفي الدنيا كأَنّي لا أَفنى
يَقولون إن الملح يصلح فاسِداً / فَما حيلة الإنسان إن فسد الملح
أقول لشيخ ينحني عند مشيه / أتنشد في هذا شبابك إذ ضاعا
وكم قد نجا باغ فما صدق الذي / يقول على الباغي تدور الدوائر
أكل امرئ يا أيها الناس إن رأى / من الصدق ما يخشى يفر إلى الكذب
لقد خاب من يخشى مقالة كاشح / وما فاز باللذات غير جسور
من الناس من إن غبت عنه فإنه / عدوّ وإن لاقيته فصديق
كذاكَ اِختلاف الناس في كل حقبة / محاسن قوم عند قوم قبائِح
أعاذلتي لا تعذليني على البكا / فإن الذي قد نابني لشديد
أحس بجسم العدل شبه حرارة / فأحرز ظنا أنه لم يمت بعد
وأحلَمُ من يمشي مع الناس صافحٌ / إذا سبه الجهال قال سلاما
لمن لاذ بالحكام من شر ظالم / كمن فر من حر الهجير إلى النار
إذا كانَ في الدنيا عدوٌّ يضرني / فَذاكَ لساني ثم ذاكَ لِساني
ألا إن ليل الجهل أَسود دامسُ
ألا إن ليل الجهل أَسود دامسُ / وإن نهار العلم أَبيض شامسُ
تشق حياة ما لها من مدرب / وَتشقى بلاد ليس فيها مدارس
ومن لم يحط علماً بأمر محيطه / عداه الهدى أَو أَقلَقته الهواجس
تَنام بأمن أُمَّةٌ ملء جفنها / لها العلم إن لم يسهر السيف حارس
وَللعلم أَيام هي السعد كله / وأَمّا لَيالي الجهل فهي مناحس
وَلَيسَ كمثل العلم للمال حافظ / وَلَيسَ كمثل الجهل للمال طامس
وَنحن بعصر لَم يكن فيه مفلحاً / بأَعماله إلا الَّذي هُوَ دارس
إذا المرء فاِعلم طال في العلم باعه / تناول ما قد رامه وَهو جالس
قضى أن يعيش الناس في الأرض ربهم / وَذو الجهل مَرؤوس وَذو العلم رائس
إذا ما أَقام العلم راية أُمة / فَلَيسَ لها حتى القيامة ناكس
وَخير مرب للتلاميذ عارف / بما هُوَ في ذهن التَلاميذ غارس
ستأتي ثماراً يانعات عقولهم / إذا عولجت بالعلم تلك المغارس
وكائن لنا من عادة ساء أَمرها / وَلما يقبحْها إلى الشعب نابس
إذا خلق الثوب الَّذي يلبس الفَتى / فأخلق بأن يستبدل الثوب لابس
إلينا اِلتفت يوماً من الدهر واِبتسم / بأوجهنا يا علم فالجهل عابِس
أَلَم تجر عفواً في جوارك دجلة / فَقُل لي لماذا أَنت يا حقل يابس
يَلوح لعيني حيثما أَنا ناظر / معاهد علم في العراق دوارس
أَقمنا إذ الأقوام طراً تقدموا / بمنزلة فيها الرؤوس نواكس
يهدد بغداد اِختناق كأَنَّما / من الجهل قد سدت عليها المنافس
فَيا قوم من شر الجهالات فلنخف / فهن لنا هن الذئاب النواهس
أَقول لشعري أَيُّها الشعر صل وجل
أَقول لشعري أَيُّها الشعر صل وجل / فأَنتَ بميدان الفصاحة فارسُ
أَغاظك أن الجهل في الناس جاهر / يقول وأن العلم في الأذن هامس
يمارس شعري اليوم إصلاح أُمَّة / فَلِلَّه شعري اليوم ماذا يمارس
لَم أَرَ في عمري على طوله
لَم أَرَ في عمري على طوله / عَهداً كَهَذا العهد منحوسا
أضاع فيه الناس من جهلهم / عزاً لهم قد كانَ قدموسا
ما نالَ في بغداد آماله / إلا الَّذي قد كانَ جاسوسا
رأَيت دوح اللؤم يَنمو وَما / أدري مَتى قد كانَ مغروسا
هناك مرؤوس غدا رائساً / وَرائس قد صار مرؤوسا
وَحازَ وغد منصباً عالياً / بحيلة تعجز إبليسا
قد نالَها فاِختال مستكبراً / كأَنَّه صار رعمسيسا
رب ثَقيل جاءَني زائراً / فكانَ حتى قامَ كابوسا
تاه بأثواب له قد زهت / مبارياً فيها الطواويسا
يقلد الإفرنج في مشيه / كأَنَّه من أَهل باريسا
يطفئ في الليل ذبالاته / وَفي الضحى يشعل فانوسا
وَينكر الحق على أَهله / حتى إِذا ما كانَ ملموسا
جملاً أبصرت في حو
جملاً أبصرت في حو / مانة الدرَّاج أَمسِ
يَتَراءى كالكَثيب ال / فرد فاِستصغرت نَفسي
كم من حروب أثار الدين ثائرها
كم من حروب أثار الدين ثائرها / فكان يظهر في حوماتها باسا
للدين في كل قطر آهل كلم / سحارة اللفظ يستهوي بها الناسا
صلى الإله على إبليس فهو له
صلى الإله على إبليس فهو له / تصرف مثلما لِلّه في الناس
اللَه يلقى بإلهام مقاصده / في كل قلب وإبليس بوسواس
قام وفي عينه نعاس
قام وفي عينه نعاس / ظبي له في النفوس باسُ
عذاره فوق عارضيه / كما علا الجّلنارَ آس
ما زال في خاطري مقيما / كأنما خاطري كناس
قد افترى عاذلي كلاما / يشهد في كذبه أناس
لا تبنِ يا منيتي عليه / فما لما قاله أساس
بعد اني اردى فاهبط رمسي
بعد اني اردى فاهبط رمسي / يتساوى غدي ويومي وأمسي
جدث فيه كل دهري ليل / ما لاضواء فجره من بجس
ظلمة فوق ظلمة انا فيها / ابداً مصبح كما انا ممسي
اتأسى بفقدي الحس في مو / تي وفقدان الحس ما لا يؤسي
تعتري جسمي هزة كلما فكر / ت اني يرما سافقد حسي
في الخضم الطامي ستنكس فلكي / صخرة في طريقها أي نكس
لا تلمني اذا خشيت عليها / غرقا فهي اليوم تحمل رأسي
أترى عن عقيدة ان جسمي / سوف يخضر عوده بعد يبس
ولكل امرئ من الموت كأس / وسأحسو عند النهاية كاسي
لم ازل بالحياة صباً وان نؤ / ت بستين من سني وخمس
اشمط الرأس مثلما سار ماش / تحت شجراء بين ظل وشمس
تركتني الايام ارعس حتى / انكرت عين من يراني رعسي
قيل لي احمد على الشدائد والاو / صاب رباً يهدى الورى ويدسى
يمنع الناس ما به يسعد النا / س ويعطى جماً ويعري ويكسي
قلت هذا ما لست افعل شيئاً / منه حتى اردى فدعني وتعسى
انني ان حمدت ربي على ما / اتشكى منه اكذب نفسي
طالما كنت آسياً للرزايا / غير ان الايام للمرء تنسى
فارى ضاحكا بجانب آس / وارى مأتما بجانب عرس
رب قبر عليه اطلقت دمعي / بعد ان طال للمدامع حبسي
هو في زورتي سلامي عليه / وهو شعري الذي يشايع حسي
ايها الراحل الثويّ سلام / قل اذا كنت اليوم تسمع جرسي
انما النازلون حولك قوم / قد خلوا من حقد يعاب ودلس
اخرستهم عن الكلام المنايا / ولقد كانوا قبلها غير خرس
ابتغى في جوار رمسك رمساً / حبذا في جوار رمسك رمسي
ازفت ساعتي فاني سأردى / وسيردى معي رجائي ويأسي
انما الدنيا جنة لسعيد / وجحيم لذي شقاء وبؤس
لك فيها الحياة ما طبت عيشا / كل شيء فلا تبعها ببخس
ويح هذي الخراف ماذا تلاقي / من ذئاب بين الحضيرة طلس
ولقد يأتي الرجس من لا يرى / الرجس وان شنعوا عليه برجس
ارشدوني فقد ضللت سبيلي / بين طرد للحادثات وعكس
ولقد اذكر الحوادث سوداً / في ربوع على الفراتين درس
ايها الحب انت اول حسي / في حياتي وانت آخر حسي
ايها الحب انت خيري وشري / ايها الحب انت سعدي ونحسي
رب حب نزعته من فؤادي / فكأني اقتلعت باليد ضرسي
لي احباب يهتفون بذكري / ثم اعداء يفرحون بتعسي
واراد الحساد خفضي باشيا / ء عزرها اليّ ترفع رأسي
ولقد عاب للجهالة شعري / نفر هجسهم يخالف هجسي
انا لم انظم القصائد غراً / لابن آوى يوما او ابنة عرس
وحسود يعيب شعري باسم / مستعار فعل الجبان الاخس
ما نظمت القريض الا بالها / م جديد من السماء لنفسي
قبسوه من قول من سبقوهم / ومن الشمس والكواكب قبسي
قد غرست التجديد في النشء حتى / كاد لولا الجمود يثمر غرسي
في الالى يحتفون حولي قد يخطئ / فهمي وليس يخطئ حدسي
ومن الرزء ان اعاشر رهطاً / لم يكن جنسهم يلائم جنسي
انا اما حضرت فالقوم خرس / واذا لم احضر فهم غير خرس
ما ارى ان يطيب لي العيش الا / بين جن يبدون في زي انس
انما هذه الطبيعة سفر / لم تحبر حروفها فوق طرس
وستبقى نجومها بازغات / ثم تمنى بعد البزوغ بطمس
مرقت كالسهام تخرق ابعا / د فضاء حدوده فوق حدسي
انها لا تقر في جهة منه / كخيل فوق الصحاصح شمس
ركبت رأسها تجوب الموامي / أبها شيء من جنون ومس
ولعل الوجود من بعد حين / يتجلى للعقل من بعد لبس
ولقد كنت بالطبيعة أشدو / يوم ما كان ذكرها غير همس
قد أماطت عن نفسها الستر ترنو / بعيون فيهن ومضة قدس
يا لها من حسناء أيقظت الحب / بما في عيونها من نعس
أتغاضى عن وجهها ثم ألقي / من حذار عليه نظرة خلس
وإذا ما ابتسمت من جذل بي / فهي تجزي على ابتسامي بعبس
وإذا ما أردت حرباً وأزمعت / عداء رميت سيفي وترسى
أحس لو ينفعني حسي
أحس لو ينفعني حسي / تهكما للشيب في رأسي
لا يعترضني أحد إنني / غضبان في يومي على أمسى
ان اموري اليوم في موطني / يجرين بعد النور في دمس
وليس يجرين كما اشتهى / بل انما يجرين بالعكس
قد اخذت تغرب شمسي به / شاحبة صفراء كالورس
لو كان امسى سيره صالحا / لم يجتلب لي اليوم من بؤس
عتبي على نفسي فلو احمدت / ما كان في شيبي من بأس
وليس في شيبي من علة / بل انما العلة في نفسي
نظمت شعري من شعور له / اخلصت من مشاعري الخمس
غرسته في عدوتي دجلة / فلم يرق ابناءها غرسي
كأنهم اذ قلعوا خير ما / غرسته قد قلعوا ضرسي
كنت شريكا بينا صدقه / للقوم في المأتم والعرس
امقت من قومي ومن خيمهم / تعصب الاغرار والحمس
يحاسبون الحر في امره / حتى على النبأة والهجس
باعوا من الجهل الذي عندهم / دنياهم بالثمن البخس
واجهزوا على عقول سمت / طمساً لها والموت في الطمس
اجتمعوا البا يريدون ان / يحاربوا الالباب بالدس
لست ابالي القوم فليجمعوا / علي كل الجن والانس
تحسبهم اما النهار عتلى / ملائكا في حضرة القدس
وان اتى الليل فهم اذؤب / والليل يوم الاذؤب الطلس
لم ينزعوا الا الى مثلهم / كذلك الجنس الى الجنس
وانما اغراؤهم فتنة / كالنار تحت الحطب اليبس
لا بد من كنس لادرانهم / لا تنظف الارض بلا كنس
تاللَه ان القوم في حاجة / الى طيب حاذق نطس
الى طبيب علمه وافر / يعرف سير اداء بالجس
لانهضة من غير حرية / فهي من البنيان كالأس
يئست من قومي حتى لقد / اوشك ان يقتلني يأسي
كم من عويص كنت حلاله / من بعد ما محصه درسي
اثبته من بعد اخلاصه / حقيقة تلمع في الطرس
آنست في طور النهى ناره / والليل يلقى الرعب في النفس
فجئته ادنى الخطى قابساً / ولم اخف صعقي لدى القبس
ورب شخص جاءني حانقا / لم يتبين كنهه حدسي
قد وقع الضوء على وجهه / فما ازال الضوء من لبس
وعائب حبي لدنيا بها / احيا وهل في الحب من رجس
دنياي لا ابرح صبا بها / فانما في ارضها غرسي
وانما في ليلها انجمي / وانما في يومها شمسي
فان اعش كان بها نقلتي / وان امت كان بها رمسي
وطالما قد كلمتني بها / انجمها بالسن خرس
وطالما قد طلعت شمسها / موحية شعرا الى نفسي
وطالما نبهني من كرى / مالنسيم الصبح من همس
ذكرت ايامي بشرخ الصبا / اذ انا في لهو وفي انس
اذ كنت والاهواء تقتادني / اصبح فيها غير ما امسى
من عجب اني لم انسها / وفي هموم النفس ما ينسى
واليوم تلقاني اسعى الى / سعدي فلا القى سوي نحسي
اطال حبسي الدهر في ضيق / ماذا يريد الدهر من حبسي
اشربني من خمره حسوة / وشح ان يملأ لي كأسي
الذنب ذنبي انني اخترت من / نفسي رهبانية القس
من لي بكأس مرة ثرة / فالفكر نار وهي في رأسي
اسعى الى سعدي في خارجي / وانما سعدي في نفسي
أسرفت يا إبليس في الوسواس
أسرفت يا إبليس في الوسواس / فأعوذ منك برب هذا الناس
أغويتني من بعد ما استدرجتني / مستحوذاً حتى على أنفاسي
حسنت في عيني الشرور فجئتها / وضممت ارجاساً الى ارجاس
ونفذت في اعماق نفسي فاتحا / حتى ملكت منافذ الاحساس
فتعاورتني للشكوك وساوس / سود وعافت مجلسي جلاسي
افرغت قلبي من رضى يقينه / وملأت بالشك المبرح راسي
من بعدما جرعتني مر الأسى / اترعت بالمصل المخدر كاسي
ابليس ما اشركتني في صفقة / الا قضيت على بالافلاس
ابليس انت ولي كل ذوي الهوى / ابليس انك في الولاية قاس
لم يبق مما كان لي قبلا سوى / ثوب كخائبة المنى ادراس
تلقي العداوة موغرا بين الورى / فتثير اجناسا على اجناس
ولو اعتقدت بهم شعورا في الردى / لتبعتهم تغوى الى الارماس
تذكي الحروب وانت فيها سالم / مما يضرّ بانفس الاحلاس
اتعست اقواما لتسعد غيرهم / والشر كل الشر في الاتعاس
كوخ حقير ثم قصر شاهقٍ / ومآتم في جناب الاعراس
لا تستريح وانت عنهم في غنى / حتى توسوس في صدور الناس
مالي سوى دمع يفيض ندامة / ما سوف اكتبه على القرطاس
ما لمن كان حقودا منطق
ما لمن كان حقودا منطق / قتل الحاقد ما انحسه
يلعن المصلح حيا فاذا / مات من كارثة قدسه
ليس إثماً ما جر للشعب نفعا
ليس إثماً ما جر للشعب نفعا / إنما الإثم أن يضر بنفسه
لا يبالي بمنطق رث شعب / قد درى ان يومه غير امسه
ألا فاسمحوا لي أن أقول موضحا
ألا فاسمحوا لي أن أقول موضحا / لما بيننا يا أهل بغداد من لبس
فان تمنعوني ان افوه بحجتي / فكيف اجيبوني ادافع عن نفسي
لقد تمادى القتل بين الورى
لقد تمادى القتل بين الورى / بالنار بالخنجر بالفاس
وآلم الناس ممضا لهم / ما لقي الناس من الناس
ما نظمت القريض إلا بالها
ما نظمت القريض إلا بالها / م جديد من السماء لنفسي
قبسوه من قول من سبقوهم / ومن الشمس والكواكب قبسي
في قلب مصر وبالجزيرة بأس
في قلب مصر وبالجزيرة بأس / كادت به تتفطر الأنفاس
أهوى من الشعراء راس شامخ / والرأس فيه الفكر والإحساس
لا ويل من موت بعضو قد طحا / بل إنه في أن يموت الراس
في كل شبر قد توارى فاضل / يا ويح مصر كلها أرماس
ركب الأمير يجد صهوة نعشه / ودنا الرحيل ورنت الأجراس
ومشى يشيع نعشه متلهفا / من كل حزب أمة أجناس
في موكب ضخم قد اشتركت معا / فيه الملائك خشعا والناس
وضعوا أمير الشعر في ديماسه / فحنا عليه يضمه الديماس
لهفي عليه موسدا في حفرة / معزولة ما إن لها حراس
وعلى الذكاء فقد خبت نيرانه / أما الرماد فإنه أكداس