القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : جَميل صِدقي الزَّهاوي الكل
المجموع : 17
لموت الفَتى خير له من معيشة
لموت الفَتى خير له من معيشة / يَكون بها عبئاً ثَقيلا عَلى الناس
وأنكد من قد صاحب الناس عالم / يرى جاهلاً في العز وهو حقير
يَعيشُ رخيَّ العيش عِشرٌ من الوَرى / وَتسعة أَعشار الأنام مناكيد
أَما في بَني الأرض العَريضة قادرٌ / يخفف وَيلات الحَياة قَليلا
إذا ما رجال الشرق لم ينهضوا معاً / فأضيع شيء في الرجال حقوقها
إذا نات أوطاناً نشأت بأرضها / خراب ولم تحزن فأنت جماد
بربك قلبي أنت لا نترك الهوى / سواءٌ سلا يا قلب غيرك أم هاما
اتصلح في الشرق الحكومات شأنها / لعل الغنى والعلم يجتمعنان
أَفي الحق أَنَّ البعض يشبع بطنه / وأَن بطون الأكثرين تجوع
تقدم أهل الغرب حتى تحرروا / فما منع الشرقيَّ أن يتحرّرا
أسائلتي عَن غاية الخالق اسكتي / فَما لي عَلى هَذا السؤال جواب
إذا حيي الإنسان صادف منكراً / وإن ماتَ لاقى منكراً وَنَكيرا
ترقب سقوطاً يا ابن آدم قاتلا / فإنك لو تدري على جرف هار
لقد قال كل في الحياة برأيه / تعددت الآراء والحق واحد
إذا قلت حقاً خفت لوم مخاطبي / وإن لَم أَقل حقاً أخاف ضَميري
أَرى الناس إلا من توفر عقله / من الناس أعداءً لكل جَديد
خذ العلم إن الفضل للعلم وحدَه / وإن رجال العلم وحدهمُ الناس
إباؤُك والإدعان شرٌّ كلاهما / على أن بعض الشر أهون من بعض
لقد عاش في الدنيا كما يرتضي امرؤ / يميل مع الأيام حيث تميل
رَأَيت جياعاً يفخرون بجوعهم / فأضحكني ما قد رأَيت وأبكاني
وَما الناس إِلّا خادِع في مَقاله / يريد به الدنيا وآخر مخدوع
تأَخرت بعد الأربعين كأنما / أماميَ في سيري إليهِ ورائي
ألا لَيتَ أَعمالي إذا كنت ميتاً / وَقَد نقدوها لا عليَّ ولا ليا
لقد سار آبائي جميعاً إلى الردى / وإني على آثارهم سأَسير
يعود إلى بدءٍ له كل ذاهب / وليس لأيام الشبيبة من عود
أَتَت صور الماضي تباعاً فمثلت / لعيني لهواً مرَّ ثم اِضمحلت
أتينا إلى الدنيا فرادى وهكذا / سنمضي فرادى واحداً بعد واحد
فحصت بطون الكون فحصاً فَلَم أَجِد / سوى حركات فيه لَم أَدرِ ماهيا
ألا أيها الإنسان فيك معايب / وأكبر عيب فيك أنك فاني
إذا خلَت الدنيا من النفر الألى / أَحب فؤادي فالسَلام عَلى الدنيا
تمرُّ الليالي ليلة بعد ليلة / وحزني عَلَى ما فاتني ذلك الحزن
وكنت أرجى أن أفوز ببغيتي / فأدركني بعد الرجاء قنوط
وما أنا إن أخفقت فيما رجوته / بأوَّل سارٍ عن محجَّته ضلا
إذا كان بعض الناس يملك بلغة / ولم يختلط بالناس فهو سعيد
حياتي وإن كانت إليَّ عزيزة / إذا نالني ضيمٌ عليَّ تهون
إلى اليوم لم أحسد على شيء أمرأً / وقد كان عند الناس ما لم يكن عندي
أخو العقل يرجو نيل ما هو ممكن / وأكثر آمال الجهول محال
بنفسيَ أفدي من إذا قال ما هذي / وإن مرَّ بالعوراء مرَّ كريما
أَنا اليوم أَمري في يَدي غير أَنَّني / أُحاذر من أَن يخرج الأمر من يَدي
إذا كانَ في بيت مَريضاً عَزيزُهُ / فَسكان ذاكَ البيت كلهم مَرضى
يرجي الفَتى أَن الثراء يعينه / عَلى نائبات الدهر حين تَنوب
أَسر مَكانَ لي عَلى الارض ربوة / إلى جانبيها روضة وَغَدير
ألا ايها الناس ارحموا الناس واركنوا / إلى السلم إن السلم خير من الحرب
وأَحسن أَوقات الفَتى وقت نومه / إذا كانَ ذاكَ النوم خلواً من الحلم
وَهَل كبر الجثمان ينفع ربه / إذا كانَ فيه العقل غير كَبير
أخي إن أسرار الطبيعة جمة / وما اكتشفت منها العقول قليل
تمنيت لَو أني وَقد غبرت على / وَفاتي أَحقاب رجعت إلى الدنيا
تؤمل نفس المرء طول بقائها / وليس على نفس تؤمل من بأس
رغبت عَن الدنيا كأَني ميت / قَريباً وَفي الدنيا كأَنّي لا أَفنى
يَقولون إن الملح يصلح فاسِداً / فَما حيلة الإنسان إن فسد الملح
أقول لشيخ ينحني عند مشيه / أتنشد في هذا شبابك إذ ضاعا
وكم قد نجا باغ فما صدق الذي / يقول على الباغي تدور الدوائر
أكل امرئ يا أيها الناس إن رأى / من الصدق ما يخشى يفر إلى الكذب
لقد خاب من يخشى مقالة كاشح / وما فاز باللذات غير جسور
من الناس من إن غبت عنه فإنه / عدوّ وإن لاقيته فصديق
كذاكَ اِختلاف الناس في كل حقبة / محاسن قوم عند قوم قبائِح
أعاذلتي لا تعذليني على البكا / فإن الذي قد نابني لشديد
أحس بجسم العدل شبه حرارة / فأحرز ظنا أنه لم يمت بعد
وأحلَمُ من يمشي مع الناس صافحٌ / إذا سبه الجهال قال سلاما
لمن لاذ بالحكام من شر ظالم / كمن فر من حر الهجير إلى النار
إذا كانَ في الدنيا عدوٌّ يضرني / فَذاكَ لساني ثم ذاكَ لِساني
ألا إن ليل الجهل أَسود دامسُ
ألا إن ليل الجهل أَسود دامسُ / وإن نهار العلم أَبيض شامسُ
تشق حياة ما لها من مدرب / وَتشقى بلاد ليس فيها مدارس
ومن لم يحط علماً بأمر محيطه / عداه الهدى أَو أَقلَقته الهواجس
تَنام بأمن أُمَّةٌ ملء جفنها / لها العلم إن لم يسهر السيف حارس
وَللعلم أَيام هي السعد كله / وأَمّا لَيالي الجهل فهي مناحس
وَلَيسَ كمثل العلم للمال حافظ / وَلَيسَ كمثل الجهل للمال طامس
وَنحن بعصر لَم يكن فيه مفلحاً / بأَعماله إلا الَّذي هُوَ دارس
إذا المرء فاِعلم طال في العلم باعه / تناول ما قد رامه وَهو جالس
قضى أن يعيش الناس في الأرض ربهم / وَذو الجهل مَرؤوس وَذو العلم رائس
إذا ما أَقام العلم راية أُمة / فَلَيسَ لها حتى القيامة ناكس
وَخير مرب للتلاميذ عارف / بما هُوَ في ذهن التَلاميذ غارس
ستأتي ثماراً يانعات عقولهم / إذا عولجت بالعلم تلك المغارس
وكائن لنا من عادة ساء أَمرها / وَلما يقبحْها إلى الشعب نابس
إذا خلق الثوب الَّذي يلبس الفَتى / فأخلق بأن يستبدل الثوب لابس
إلينا اِلتفت يوماً من الدهر واِبتسم / بأوجهنا يا علم فالجهل عابِس
أَلَم تجر عفواً في جوارك دجلة / فَقُل لي لماذا أَنت يا حقل يابس
يَلوح لعيني حيثما أَنا ناظر / معاهد علم في العراق دوارس
أَقمنا إذ الأقوام طراً تقدموا / بمنزلة فيها الرؤوس نواكس
يهدد بغداد اِختناق كأَنَّما / من الجهل قد سدت عليها المنافس
فَيا قوم من شر الجهالات فلنخف / فهن لنا هن الذئاب النواهس
أَقول لشعري أَيُّها الشعر صل وجل
أَقول لشعري أَيُّها الشعر صل وجل / فأَنتَ بميدان الفصاحة فارسُ
أَغاظك أن الجهل في الناس جاهر / يقول وأن العلم في الأذن هامس
يمارس شعري اليوم إصلاح أُمَّة / فَلِلَّه شعري اليوم ماذا يمارس
لَم أَرَ في عمري على طوله
لَم أَرَ في عمري على طوله / عَهداً كَهَذا العهد منحوسا
أضاع فيه الناس من جهلهم / عزاً لهم قد كانَ قدموسا
ما نالَ في بغداد آماله / إلا الَّذي قد كانَ جاسوسا
رأَيت دوح اللؤم يَنمو وَما / أدري مَتى قد كانَ مغروسا
هناك مرؤوس غدا رائساً / وَرائس قد صار مرؤوسا
وَحازَ وغد منصباً عالياً / بحيلة تعجز إبليسا
قد نالَها فاِختال مستكبراً / كأَنَّه صار رعمسيسا
رب ثَقيل جاءَني زائراً / فكانَ حتى قامَ كابوسا
تاه بأثواب له قد زهت / مبارياً فيها الطواويسا
يقلد الإفرنج في مشيه / كأَنَّه من أَهل باريسا
يطفئ في الليل ذبالاته / وَفي الضحى يشعل فانوسا
وَينكر الحق على أَهله / حتى إِذا ما كانَ ملموسا
جملاً أبصرت في حو
جملاً أبصرت في حو / مانة الدرَّاج أَمسِ
يَتَراءى كالكَثيب ال / فرد فاِستصغرت نَفسي
كم من حروب أثار الدين ثائرها
كم من حروب أثار الدين ثائرها / فكان يظهر في حوماتها باسا
للدين في كل قطر آهل كلم / سحارة اللفظ يستهوي بها الناسا
صلى الإله على إبليس فهو له
صلى الإله على إبليس فهو له / تصرف مثلما لِلّه في الناس
اللَه يلقى بإلهام مقاصده / في كل قلب وإبليس بوسواس
قام وفي عينه نعاس
قام وفي عينه نعاس / ظبي له في النفوس باسُ
عذاره فوق عارضيه / كما علا الجّلنارَ آس
ما زال في خاطري مقيما / كأنما خاطري كناس
قد افترى عاذلي كلاما / يشهد في كذبه أناس
لا تبنِ يا منيتي عليه / فما لما قاله أساس
بعد اني اردى فاهبط رمسي
بعد اني اردى فاهبط رمسي / يتساوى غدي ويومي وأمسي
جدث فيه كل دهري ليل / ما لاضواء فجره من بجس
ظلمة فوق ظلمة انا فيها / ابداً مصبح كما انا ممسي
اتأسى بفقدي الحس في مو / تي وفقدان الحس ما لا يؤسي
تعتري جسمي هزة كلما فكر / ت اني يرما سافقد حسي
في الخضم الطامي ستنكس فلكي / صخرة في طريقها أي نكس
لا تلمني اذا خشيت عليها / غرقا فهي اليوم تحمل رأسي
أترى عن عقيدة ان جسمي / سوف يخضر عوده بعد يبس
ولكل امرئ من الموت كأس / وسأحسو عند النهاية كاسي
لم ازل بالحياة صباً وان نؤ / ت بستين من سني وخمس
اشمط الرأس مثلما سار ماش / تحت شجراء بين ظل وشمس
تركتني الايام ارعس حتى / انكرت عين من يراني رعسي
قيل لي احمد على الشدائد والاو / صاب رباً يهدى الورى ويدسى
يمنع الناس ما به يسعد النا / س ويعطى جماً ويعري ويكسي
قلت هذا ما لست افعل شيئاً / منه حتى اردى فدعني وتعسى
انني ان حمدت ربي على ما / اتشكى منه اكذب نفسي
طالما كنت آسياً للرزايا / غير ان الايام للمرء تنسى
فارى ضاحكا بجانب آس / وارى مأتما بجانب عرس
رب قبر عليه اطلقت دمعي / بعد ان طال للمدامع حبسي
هو في زورتي سلامي عليه / وهو شعري الذي يشايع حسي
ايها الراحل الثويّ سلام / قل اذا كنت اليوم تسمع جرسي
انما النازلون حولك قوم / قد خلوا من حقد يعاب ودلس
اخرستهم عن الكلام المنايا / ولقد كانوا قبلها غير خرس
ابتغى في جوار رمسك رمساً / حبذا في جوار رمسك رمسي
ازفت ساعتي فاني سأردى / وسيردى معي رجائي ويأسي
انما الدنيا جنة لسعيد / وجحيم لذي شقاء وبؤس
لك فيها الحياة ما طبت عيشا / كل شيء فلا تبعها ببخس
ويح هذي الخراف ماذا تلاقي / من ذئاب بين الحضيرة طلس
ولقد يأتي الرجس من لا يرى / الرجس وان شنعوا عليه برجس
ارشدوني فقد ضللت سبيلي / بين طرد للحادثات وعكس
ولقد اذكر الحوادث سوداً / في ربوع على الفراتين درس
ايها الحب انت اول حسي / في حياتي وانت آخر حسي
ايها الحب انت خيري وشري / ايها الحب انت سعدي ونحسي
رب حب نزعته من فؤادي / فكأني اقتلعت باليد ضرسي
لي احباب يهتفون بذكري / ثم اعداء يفرحون بتعسي
واراد الحساد خفضي باشيا / ء عزرها اليّ ترفع رأسي
ولقد عاب للجهالة شعري / نفر هجسهم يخالف هجسي
انا لم انظم القصائد غراً / لابن آوى يوما او ابنة عرس
وحسود يعيب شعري باسم / مستعار فعل الجبان الاخس
ما نظمت القريض الا بالها / م جديد من السماء لنفسي
قبسوه من قول من سبقوهم / ومن الشمس والكواكب قبسي
قد غرست التجديد في النشء حتى / كاد لولا الجمود يثمر غرسي
في الالى يحتفون حولي قد يخطئ / فهمي وليس يخطئ حدسي
ومن الرزء ان اعاشر رهطاً / لم يكن جنسهم يلائم جنسي
انا اما حضرت فالقوم خرس / واذا لم احضر فهم غير خرس
ما ارى ان يطيب لي العيش الا / بين جن يبدون في زي انس
انما هذه الطبيعة سفر / لم تحبر حروفها فوق طرس
وستبقى نجومها بازغات / ثم تمنى بعد البزوغ بطمس
مرقت كالسهام تخرق ابعا / د فضاء حدوده فوق حدسي
انها لا تقر في جهة منه / كخيل فوق الصحاصح شمس
ركبت رأسها تجوب الموامي / أبها شيء من جنون ومس
ولعل الوجود من بعد حين / يتجلى للعقل من بعد لبس
ولقد كنت بالطبيعة أشدو / يوم ما كان ذكرها غير همس
قد أماطت عن نفسها الستر ترنو / بعيون فيهن ومضة قدس
يا لها من حسناء أيقظت الحب / بما في عيونها من نعس
أتغاضى عن وجهها ثم ألقي / من حذار عليه نظرة خلس
وإذا ما ابتسمت من جذل بي / فهي تجزي على ابتسامي بعبس
وإذا ما أردت حرباً وأزمعت / عداء رميت سيفي وترسى
أحس لو ينفعني حسي
أحس لو ينفعني حسي / تهكما للشيب في رأسي
لا يعترضني أحد إنني / غضبان في يومي على أمسى
ان اموري اليوم في موطني / يجرين بعد النور في دمس
وليس يجرين كما اشتهى / بل انما يجرين بالعكس
قد اخذت تغرب شمسي به / شاحبة صفراء كالورس
لو كان امسى سيره صالحا / لم يجتلب لي اليوم من بؤس
عتبي على نفسي فلو احمدت / ما كان في شيبي من بأس
وليس في شيبي من علة / بل انما العلة في نفسي
نظمت شعري من شعور له / اخلصت من مشاعري الخمس
غرسته في عدوتي دجلة / فلم يرق ابناءها غرسي
كأنهم اذ قلعوا خير ما / غرسته قد قلعوا ضرسي
كنت شريكا بينا صدقه / للقوم في المأتم والعرس
امقت من قومي ومن خيمهم / تعصب الاغرار والحمس
يحاسبون الحر في امره / حتى على النبأة والهجس
باعوا من الجهل الذي عندهم / دنياهم بالثمن البخس
واجهزوا على عقول سمت / طمساً لها والموت في الطمس
اجتمعوا البا يريدون ان / يحاربوا الالباب بالدس
لست ابالي القوم فليجمعوا / علي كل الجن والانس
تحسبهم اما النهار عتلى / ملائكا في حضرة القدس
وان اتى الليل فهم اذؤب / والليل يوم الاذؤب الطلس
لم ينزعوا الا الى مثلهم / كذلك الجنس الى الجنس
وانما اغراؤهم فتنة / كالنار تحت الحطب اليبس
لا بد من كنس لادرانهم / لا تنظف الارض بلا كنس
تاللَه ان القوم في حاجة / الى طيب حاذق نطس
الى طبيب علمه وافر / يعرف سير اداء بالجس
لانهضة من غير حرية / فهي من البنيان كالأس
يئست من قومي حتى لقد / اوشك ان يقتلني يأسي
كم من عويص كنت حلاله / من بعد ما محصه درسي
اثبته من بعد اخلاصه / حقيقة تلمع في الطرس
آنست في طور النهى ناره / والليل يلقى الرعب في النفس
فجئته ادنى الخطى قابساً / ولم اخف صعقي لدى القبس
ورب شخص جاءني حانقا / لم يتبين كنهه حدسي
قد وقع الضوء على وجهه / فما ازال الضوء من لبس
وعائب حبي لدنيا بها / احيا وهل في الحب من رجس
دنياي لا ابرح صبا بها / فانما في ارضها غرسي
وانما في ليلها انجمي / وانما في يومها شمسي
فان اعش كان بها نقلتي / وان امت كان بها رمسي
وطالما قد كلمتني بها / انجمها بالسن خرس
وطالما قد طلعت شمسها / موحية شعرا الى نفسي
وطالما نبهني من كرى / مالنسيم الصبح من همس
ذكرت ايامي بشرخ الصبا / اذ انا في لهو وفي انس
اذ كنت والاهواء تقتادني / اصبح فيها غير ما امسى
من عجب اني لم انسها / وفي هموم النفس ما ينسى
واليوم تلقاني اسعى الى / سعدي فلا القى سوي نحسي
اطال حبسي الدهر في ضيق / ماذا يريد الدهر من حبسي
اشربني من خمره حسوة / وشح ان يملأ لي كأسي
الذنب ذنبي انني اخترت من / نفسي رهبانية القس
من لي بكأس مرة ثرة / فالفكر نار وهي في رأسي
اسعى الى سعدي في خارجي / وانما سعدي في نفسي
أسرفت يا إبليس في الوسواس
أسرفت يا إبليس في الوسواس / فأعوذ منك برب هذا الناس
أغويتني من بعد ما استدرجتني / مستحوذاً حتى على أنفاسي
حسنت في عيني الشرور فجئتها / وضممت ارجاساً الى ارجاس
ونفذت في اعماق نفسي فاتحا / حتى ملكت منافذ الاحساس
فتعاورتني للشكوك وساوس / سود وعافت مجلسي جلاسي
افرغت قلبي من رضى يقينه / وملأت بالشك المبرح راسي
من بعدما جرعتني مر الأسى / اترعت بالمصل المخدر كاسي
ابليس ما اشركتني في صفقة / الا قضيت على بالافلاس
ابليس انت ولي كل ذوي الهوى / ابليس انك في الولاية قاس
لم يبق مما كان لي قبلا سوى / ثوب كخائبة المنى ادراس
تلقي العداوة موغرا بين الورى / فتثير اجناسا على اجناس
ولو اعتقدت بهم شعورا في الردى / لتبعتهم تغوى الى الارماس
تذكي الحروب وانت فيها سالم / مما يضرّ بانفس الاحلاس
اتعست اقواما لتسعد غيرهم / والشر كل الشر في الاتعاس
كوخ حقير ثم قصر شاهقٍ / ومآتم في جناب الاعراس
لا تستريح وانت عنهم في غنى / حتى توسوس في صدور الناس
مالي سوى دمع يفيض ندامة / ما سوف اكتبه على القرطاس
ما لمن كان حقودا منطق
ما لمن كان حقودا منطق / قتل الحاقد ما انحسه
يلعن المصلح حيا فاذا / مات من كارثة قدسه
ليس إثماً ما جر للشعب نفعا
ليس إثماً ما جر للشعب نفعا / إنما الإثم أن يضر بنفسه
لا يبالي بمنطق رث شعب / قد درى ان يومه غير امسه
ألا فاسمحوا لي أن أقول موضحا
ألا فاسمحوا لي أن أقول موضحا / لما بيننا يا أهل بغداد من لبس
فان تمنعوني ان افوه بحجتي / فكيف اجيبوني ادافع عن نفسي
لقد تمادى القتل بين الورى
لقد تمادى القتل بين الورى / بالنار بالخنجر بالفاس
وآلم الناس ممضا لهم / ما لقي الناس من الناس
ما نظمت القريض إلا بالها
ما نظمت القريض إلا بالها / م جديد من السماء لنفسي
قبسوه من قول من سبقوهم / ومن الشمس والكواكب قبسي
في قلب مصر وبالجزيرة بأس
في قلب مصر وبالجزيرة بأس / كادت به تتفطر الأنفاس
أهوى من الشعراء راس شامخ / والرأس فيه الفكر والإحساس
لا ويل من موت بعضو قد طحا / بل إنه في أن يموت الراس
في كل شبر قد توارى فاضل / يا ويح مصر كلها أرماس
ركب الأمير يجد صهوة نعشه / ودنا الرحيل ورنت الأجراس
ومشى يشيع نعشه متلهفا / من كل حزب أمة أجناس
في موكب ضخم قد اشتركت معا / فيه الملائك خشعا والناس
وضعوا أمير الشعر في ديماسه / فحنا عليه يضمه الديماس
لهفي عليه موسدا في حفرة / معزولة ما إن لها حراس
وعلى الذكاء فقد خبت نيرانه / أما الرماد فإنه أكداس

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025