المجموع : 15
رَأَيتُها أَلف مَرة
رَأَيتُها أَلف مَرة / فَلَم تَجد لي بِنَظره
حَتّى غَدَوتُ وَما لي / عَلى التَجلُّد قدره
فَباحَ بِالحُب دَمعي / وَنلت بِالحُب شهره
فَهَل أَتاكَ حَديثي / فَفيهِ للغيد عبره
يا غادة في جَبين / الجَمال وَاللطف غُره
مَتى تَجودين للن / نفس بِالهَنا وَالمَسَرّه
عجبت للحب إِني / أَرى الحسان بِكَثره
خَلَقنَ مِن طَلعة الفج / ر وَهُوَ يَفتَح صَدره
فَما اِبتَغيتُ وَعَيني / ك مِن هَواهنَّ ذره
لَكن لحسنك وَالل / ه فَتّح الحُب زَهره
أَنتَ الحَديث وَشُغلي / لَدى العَشي وَبُكره
لَم تَغربي يا ذَكاء ال / جَمال عنّيَ فتره
فَهَل لقلب كَئيب / يا منيتي مِن مَبَرَّه
نَبَّهتْني صوادحُ الأَطيارِ
نَبَّهتْني صوادحُ الأَطيارِ /
تَتَغَّنى على ذُرى الأَشجارِ /
وتجلت مليكة الأنوارِ /
فوق عرشِ الصبَّاحِ ترشُفُ طَلاَّ / من ثُغورِ الأَقاحِ عَلاّ ونهْلا
فتمنيْتُ لَوْ شقيقةُ روحي / باكرَتْني إلى جَنى الأَزهارِ
أنا في روضةٍ أباحَتْ جَناها /
كلَّ ذي صَبْوةٍ كئيبٍ أتاها /
ها هنا وردةٌ يفوحُ شَذاها /
ها هنا نرجسٌ يُحِّيي الأَقاحا / والدَّوالي تُعانقُ التُّفَّاحا
بادِري نَسْتَبِقْ معاً وارِفَ الظِّل / لِ ونَقْضي النَّهارَ بعدَ النَّهارِ
ضحكَ الرَّوضُ حين فاضتْ عُيونُهْ /
وترامى فوقَ الثَّرى ياسَمينُه /
هامَ صَفصافُهُ فناحتْ غُصونُه /
فسَواءٌ هُيامُه وهُيامي / غيرَ أّني أبكي على أيَّامي
فَجعَتني بكِ النَّوى حين شبَّت / لَوعةٌ في الضلوعِ ذاتُ أُوارِ
مَرَّ عامٌ أُخفي عن النَّاسِ ما بي /
مِنْ حَنينٍ مُبرَّحٍ وعذابِ /
ولقدْ يسألونَ فيمَ اكتئابي /
ويحهمْ كيفَ يُبصرون دموعي / ثمَّ لا يُدركونَ ما بضلوعي
ولقد يكتمُ المحب هواهُ / فتبوحُ الّدُموعُ بالأّسرارِ
ذاكرٌ أنتَ عهدَنا يا غديرُ /
يومَ كنَّا والعيشُ غَضٌّ نضير /
وعلى ضفّتيكَ كنّا نسير /
فروَيتَ الحديثَ عنَّا شُجونا / وأخذنا عليكَ ألاَّ تخونا
فأعِدْ لي ذاك الحديثَ فإني / أذْهلتني النَّوى عن التَّذْكار
ذاكِرٌ أنتَ والأَزاهيرُ تَندَى /
كمْ نَظمَنا مِنهنَّ للجيدِ عِقدا /
فإذا هَّبت الصَّبا فاح ندَّا /
وانقضى اللهوُ مُؤذناً بالفراقِ / فذَوى العقدُ من طويل العناقِ
لمْ يزلْ خيطُهُ يلوحُ وجسمي / يَتوارى سُقماً عن الأَبْصار
يا ابنةَ الأيْكِ غَردي أوْ فنوحي /
فعسى يلأَمُ الهديلُ جروحي /
نَفدَ الصَّبرُ عنْ شقيقةِ روحي /
فاحملي هذه الرسْالةَ عنّي / واسْجعي إنْ أتيتِها فوق غُصن
فهيَ عند الأَصيل تصغي إلى الطي / رِ عساها تروح بالأَخبار
حملتني نحو الحمى أشجاني /
فتهيّبتُ من جلال المكان /
وإذا فوق مقلتيَّ يدانِ /
فتلمّستُ نضرةً ونعيماً / وتعرَّفْتُ ما لَثمْتُ قديما
قلتُ يا مرحباً وقبَّلتُ كفاً / أنزلتني ضيفاً بأكرمِ دارِ
خطراتُ النَّسيمِ في واديكِ /
صبَّحتني بقبلةٍ منْ فِيكِ /
ثمَّ عادتْ بقبلةٍ تشفيكِ /
فسلاماً يا واديَ الرُّمَّانِ / فُزْتُ بالرُّوح منكَ والرَّيحانِ
واحنيني إلى دياركَ والرُّم / مان دانٍ يُظلُّ أهلَ الدّيار
كَيفَ عَيناك يا عُمَر
كَيفَ عَيناك يا عُمَر / أَنا أَدماهما السَهر
وَعصيّ مِن الدُمو / ع طَغى الهَم فَاِنهَمَر
وَخَيالٌ أَلَمَّ بي / مِن حَبيب لَدى السحر
طافَ حيناً بِمضجَعي / وَتَوارى عَن النَظَر
أَتبَعتُهُ جَوانِحي / مُهجَتي عِندَما نَفَر
أَينَ لَيلىعَلى شَوا / طئ بيروت يا عُمر
كانَ مِن فرعها الظَلا / م وَمِن وَجهِها القَمَر
وَسَميري مقبّلٌ / طَيّب اللثم والسمر
وَمدامي وَقَد ظَفَر / ت بِها نَشوةُ الظَفر
أَين لَهوي وَشَرَّتي / وَالزَمانُ الَّذي غَبر
حينَ لَم أَفتَكر بِهَج / ر وَلا الهاجر اِفتَكر
أَينَ لا أَين وَالحَيا / ة هِيَ اللَمح بِالبَصَر
هَكَذا يَذهب السُرور / سَريعاً إِذا حَضَر
وَداعاً سأَقتل هَذا الهَوى
وَداعاً سأَقتل هَذا الهَوى / وَأَدفنه في ضُلوع السِنين
أَردُّ رَسائلك الباكيات / فَرُدّي رَسائل قَلبي الحَزين
وَلَكن تَعالَي أَلم تغدري /
وَداعاً سَأَسحق تِلكَ المُنى / وَأَنسفها بَدداً في الفَضا
سَأَهزَأ بِالعشق وَالعاشقين / وَأَذهب مُستهتراً بِالقَضا
وَلَكن تَعالَي أَلم تغدري /
وَداعاً وَهَيهات أَن نَلتَقي / فَما أَنا بَعدُ المُحب الحَبيب
أَطيعي ذَويك بِما يَشتَهون / فَإِن لَهُم فَوقَ حَق الغَريب
وَلَكن تَعالَي أَلم تغدري /
أَين الرسالاتُ وَالشَو
أَين الرسالاتُ وَالشَو / قُ فَالجَواب تَأَخّر
كَم قُلتِ شَوقي كَثيرٌ / أَظنُّ شَوقي أَكثَر
أُسائل البَدرَ حَيرا / ن عنك إِن هُوَ أَسفَر
ذَكَرتُ وَجهك فيهِ / وَالشَيء بِالشَيء يُذكر
كَوني بودّك كَالبَد / ر فَهُوَ يَخفى وَيَظهر
لمّا تَعَرَّضَ نَجْمُك المنحوسُ
لمّا تَعَرَّضَ نَجْمُك المنحوسُ / وترنَّحت بِعُرى الحِبالِ رؤوسُ
ناح الأّذانُ وأعولَ الناقوسُ / فالليل أكدرُ والنَّهارُ عَبوسُ
طَفِقَتْ تثورُ عواصفُ / وعواطفُ
والموت حينا طائف / أو خاطفُ
والمعْولُ الأَبديّ يُمْعِن في الثرى / لِيردَّهمْ في قلبِها المتحجِّرِ
يومٌ أطلَّ على العصور الخاليَهْ / ودعا أمرَّ على الورى أمثاليَهْ
فأجاَبهُ يومٌ أجلْ أنا راويُهْ / لمحاكم التَّفتيش تلكَ الباغِيَهْ
ولقد شهدتُ عجائبا / وغرائبا
لكنَّ فيكَ مصائبا / ونوائبا
لم ألْقَ أشباهاً لها في جورِها / فاسأل سوايَ وكم بها مِنْ منكَرِ
وإذا بيومٍ راسفٍ بقيودِهِ / فأجابَ والتاريخُ بعضُ شهودهِ
أُنظرْ إلى بيضِ الرَّقيقِ وسودِهِ / مَنْ شاءَ كانوا مُلكَهُ بنقودِهِ
بشرٌ يُباعُ ويُشترى / فتحرَّرا
ومشى الزَّمانُ القهقرى / فيما أرى
فسمعتُ منْ منعَ الرَّقيقَ وبَيْعهُ / نادى على الأَحرارِ يا مَنْ يشتري
وإذا بيومٍ حالكِ الجِلْبابِ / مُتَرنّحٍ من نَشْوةِ الأوصْابِ
فأجابَ كلاّ دون ما بكَ ما بي / أنا في رُبى عاليه ضاع شبابي
وشهدتُ للسفَّاح ما / أبكى دما
ويل له ما أظلما / لكنما
لم ألْقَ مِثْلَكَ طالعاً في روعةٍ / فاذهبْ لعلَّكَ أنتَ يَومُ المحشرِ
اليومُ تُنكرهُ اللَّيالي الغابرهْ / وتظلّ تَرْمقُه بعينٍ حائره
عجباً لأحكام القضاءِ الجائرهْ / فأخفُّها أمثالُ ظُلمٍ سائره
وطن يسيرُ إلى الفناءْ / بلا رجاءْ
والداءُ ليس له دواءْ / إلا الإباءْ
إن الإباءَ مَناعةٌ إن تَشْتَمِلْ / نفسٌ عليه تَمُتْ ولَّما تُقهرِ
الكلُّ يرجو أن يُبكِّرَ عَفْوُهُ / نَدْعو له ألاّ يُكّدَّرَ صفُوهُ
إنْ كان هذا عطفُهُ وحُنُوُّهُ / عاشتْ جلاَلتُهُ وعاشَ سُموّهُ
حَمَلَ البريدُ مُفصِّلاً / ما أجملا
هَلا اكتَفَيتَ تَوَسُّلا / وَتَسَوُّلا
والموتُ في أخذِ الكلامِ وردَّهِ / فخذِ الحياةَ عن الطرَّيقِ الأقصرِ
ضاق البريدُ وما تغيَّرَ حالُ / والذّلّ بين سطورِنا أشكالُ
خُسْرانُنا الأَّرواح والأموالُ / وكرامةٌ يا حسرتا أسمالُ
أوَتُبصرونَ وتسألونْ / ماذا يكونْ
إنَّ الخداعَ له فنونْ / مثْلَ الجنونْ
هيهات فالنفس الذليلة لو غدت / مخلوقةً من أعينٍ لم تُبْصرِ
أَّنى لشاكٍ صوتُه أنْ يُسُمَعا / أَنَّى لباكٍ دمعهُ أنْ يَنفعا
صخرٌ أحسَّ رجاءَنا فتصدَّعا / وأتى الرجاءُ قلوبَهم فتقطَّعا
لا تعجبوا فمن الصخورْ / نبعٌ يفورْ
ولهم قلوبٌ كالقبورْ / بلا شعورْ
لا تلتمسْ يوماً رجاءً عندَ مَنْ / جرَّبْتَهُ فوجدتَهُ لم يَشْعُرِ
أنا ساعةُ الرّجل الصَّبورِ
أنا ساعةُ الرّجل الصَّبورِ / أنا ساعةُ القلبِ الكبيرِ
رمزُ الثَّباتِ إلى النَّها / ية في الخطيرِ من الأُمورِ
بطَلي أشدّ على لقا / ءِ المَوتِ من صمّ الصخورِ
جذلان يرتقبُ الردى / فاعجبْ لموتٍ في سرورِ
يَلْقى الإله مُخَضَّب ال / كفَّيْن في يومِ النّشورِ
صَبْرُ الشبابِ على المصابِ / وديعتي ملءُ الصّدورِ
أْنذرتُ أعداءَ البلادِ / بشرِّ يومٍ مُستطير
قسماً بروحك يا عطا / ء وجنَّةِ الملكِ القديرِ
وصغاركَ الأشبالِ تبكي / اللَّيثَ بالدّمعِ الغزير
ما أنقذَ الوطنَ المفدَّى / غيرُ صبًّارٍ جَسورِ
هواكِ جبَّارْ
هواكِ جبَّارْ / على القلب جارْ
أَمانْ أمان /
مِنْ زفرةِ الليلِ / وغمِّ النهارْ
أمانْ /
يا أملى يا نورَ مستقبلي / أوقعني صمتُكِ في مشكل
ما خبّأ الدهرُ بعينيكِ لي /
هل ابتسامٌ فيهما أم دموعْ / تُذيبُ قلبي كمداً في الضلوعْ
يا ليت مكنونهما ينجلي /
سعادُ لا يَهدأُ هذا الفؤادْ / ولنْ يذوقَ الجفنُ حُلْوَ الرقادُ
ما لمْ تصافيني الهوى يا سعادْ /
لو كان حظّي منك أن تعلمي / ما تصنع الأَشواق بالمغرمِ
لرقَّ لي قلبُك والدمع جاد /
أبصرتُ في جُنحِ الدُّجى طائِفا / كلمْحةِ البرقِ سرى خاطفا
ثم دنا يصعقُني هاتفا /
سعاد لم يخطرْ على بالها / ولم تكنْ موضعَ آمالِها
ثم تولَّى يسبقُ العاصفا /
أصبحتُ لا يَشفي غليلي ابتسامْ / ولا انحناءُ الرأسِ عند السلام
أولى بنالو نتشاكى الغرامْ /
يا حبَّذا لُقيا على موعدِ / وحبَّذا أْخذُ يدٍ في يدِ
حتَّى يقول الناسُ هامت وهامْ /
ماذا أصاب الروضَ حتى ذَوَى / والهفا والغصْنَ حتى التوى
وأيُّ بُردٍ للربيعِ انطوى /
الروضُ يملي يا سعاد العِبَرْ / في زَهَرٍ مثل الأماني انتثَرْ
يا روضةَ الحسن حذارَ الهوى /
هواكِ جبَّار / على القلب جارْ
أمانْ أمان /
من زفرةِ اللَّيل / وغمِّ النَّهارْ
أمان /
طيرُ الصَّبا ولى
طيرُ الصَّبا ولى / وكان لي جارْ
قلتُ له هلاَّ / تعود للدَّار
فقال لي كلاَّ / كلاَّ وطارْ
أظنُّه مَلاَّ / منِّي الجوارْ
خلَّفني أبكي / عهد الهوى
خلعتُ من ملكي / عرشي هوى
عاش على الفتك / قلبٌ غوى
واليومَ في ضَنْكِ / واهي القوى
قال أبو سلمى / زينُ أترابي
صِباك قدهَّما / خلِّ التصابي
فهاج لي غَّما / أقتلَ مِمّا بي
قلتُ نعم حتما / وشاب أحبابي
أطلقي ذاكَ العيارا
أطلقي ذاكَ العيارا / قَدْكِ ضيماً واصطبارا
يطلبُ العزُّ ابتدارا / يدرك المجد اقْتِسارا
أطلقي ذاك العيارا /
حطِّمي القيدَ الثقيلا / واركبي الهولَ سبيلا
عاش يا نفسُ ذليلا / بك من كان بخيلا
أطلقي ذاك العيارا /
دبري الأَمرَ نهارا / واطلبي الحقَّ جهارا
واهبطي الهيجاءَ دارا / ذلَّ من يغفل ثارا
أطلقي ذاك العيارا /
يا لأعناقِ الرجالِ / كيف مالت بالحبالِ
هاكِ أشبالي ومالي / وعنادي للقتالِ
أطلقي ذاك العيارا /
أعنَقَتْ تسري انتشارا / فكرةٌ تحملُ نارا
تهبطُ القلبُ قرارا / تُلهبُ الصَّدرَ استعارا
أطلقي ذاك العيارا /
عَلِقَتْ ثَمَّ يداهُ / بزناد فطواهُ
أضرم البيدَ سناهُ / ثم ردَّدن صداهُ
أطلقي ذاك العيارا /
انظري يوم أغارا / أيَّ أبطالٍ أثارا
أيَّ كاساتٍ أدارا / بين صرعى وسكارى
أطلقي ذاك العيارا /
احشدي البيدَ أُسودا / واملأي الشامَ حقودا
ووعوداً وعهودا / وبنوداً وبنودا
أطلقي ذاك العيارا /
المنايا تتبارى / والأمانيَّ الكبارا
طبِّقي الأَرضَ انتصارا / واعتزازاً وافتخارا
أطلقي ذاك العيارا /
اغدري غدرَ القويِّ / بالحسين بن عليِّ
لستِ بالخلِّ الوفيِّ / للحليفِ العربيَّ
فاملأي التاريخ عارا /
أُمَّتي قَدْكِ اصطبارا / فاطلبي العزَّ ابتدارا
وخذي المجد اقتسارا / هاجني الماضي ادَّكارا
أطلقي ذاك العيارا /
أُنظر لِماَ فعل المظفَّر إنه
أُنظر لِماَ فعل المظفَّر إنه / نَفَعَ القضيَّةَ غائباً لم يحضرِ
أحيى القلوب ودونهنَّ ودونَه / غرفُ الحديد وحامياتُ العسكرِ
عرضوا الكفالةَ والكرامةَ عندَه / عبثاً وهل عَرَضٌ يُقاس بجوهر
ورأى التحُّير في التخيُّرِ سُبَّةً / فَفَدى كرامته بستَّة أشهرِ
لم يخْل ميدانُ الجهاد بسَجْنه / فلقد رماه بقلبه المتسعّرِ
ولكم خلا بوجود جيشٍ زاخرٍ / يمشي إليه بِخَطْوِهِ المتعثّرِ
إنَّ المظفّر من حديدٍ جسمُه / فيما أرى وجسومُهم من سُكّرِ
بني هاشم بين المَنايا وَبَينَكُم
بني هاشم بين المَنايا وَبَينَكُم / تُراثٌ وَما تَغفو المَنايا عَن الوِترِ
مَضَت بِأَبي الأَشبالِ يَستشهد الوَغى / وَراياته فيها عَلى دول الغَدرِ
وَما نكّبَت عَن شاكر بَعد فَيصَلٍ / وَغالَت عَلياً وَاللواعج في الصَدرِ
مَقامات إقيالٍ تَغيب شُموسها / وَغارات أَبطال تُرَدّ عَن النَصرِ
بَني هاشم لا أَخمَدَت جَمراتِكُم / وَلا أَغمدت أَسيافَكُم نوبُ الدَهرِ
بِأَوجهكم تَنفضُّ حالِكَة الدُجى / وَأَيمانَكُم تَرفضُّ مجفلةُ القطرِ
وَنيطت بِعَبد اللَه آمالُ أُمَّةٍ / وَفي ظلّ غازي عَودُ أَيامِها الغرِّ
يا حسرتا ماذا دهى أهل الحمى
يا حسرتا ماذا دهى أهل الحمى / فالعيشُ ذل والمصير بَوار
أرأيتَ أيَّ كرامة كانت لهمْ / واليوم كيف إلى الاهانة صاروا
سَهُلَ الهوان على النفوس فلم يعد / للجرح من ألمٍ وخفَّ العارُ
همدتْ عزائُمهم فلو شبَّت لظى / لتثيرَها فيهم فليس تُثارُ
الظالمُ الباغي يسوس أُمورَهم / واللصُّ والجاسوسُ والسمسارُ
يا من تعلَّل بالسياسة ظنَّها / لَطُفَتْ وَلانَ عَصيُّها الجباَّرُ
ما لطفُها ما اللين ذاك وكلهم / مستعمرون وكلُّه استعمارُ
يقولون في بيروت أنتم بنعمةٍ
يقولون في بيروت أنتم بنعمةٍ / تبيعونهم تُرْباً فيعطونكم تبرا
شقيقتنا مهلاً متى كان نعمةً / هلاكُ أُلوف الناس في واحدٍ أثرى
وباذلُ هذا المال يعلم أنَّه / يسِّلم باليمنى إلى يده اليسرى
على أنها أوطاننا ما كنوزُهم / وأمواُلهم حتى تُساوَى بها قَدْرا
ولو كان قومي أهلَ بأسٍ ونخوةٍ / إذن أصبحتْ للطامعين بها قبرا
ولكنهم قد آثروا السهلَ مركباً / تسيِّره الأَهواءُ واجتنبوا الوعرا
وما حسرتي إلاَّ على متعفِّف / يقومُ لوجه الله بالنهضة الكبرى
ما لَكَ وَالذكريات تذعرها
ما لَكَ وَالذكريات تذعرها / تَثير مَكنونها وَتَنشرها
موءدة في الشُجون أَدفنها / وَفي زَوايا السِنين أَذخرها
أَذهل عَنها وَرُبَما ذَهلت / عَني وَقَد جئت بي تَذكّرها
يا مسعرَ النار كَيفَ أَطفئها / سامَحَكَ اللَه حينَ تسعرها
أَما تَراني يَدي عَلى كَبدي / أَكاد مِن زَفرَة أُطيِّرها
يا رُبّ نَفس لِلّه مُسلمة / قامَ نَبيّ الهَوى يَنصّرها
أَعيا عَلى الدَهر غمزَ جانِبِها / ما بالُ غَمز العُيون يَقهرها
كَلّفتها السَير وَالسرى شَغفاً / أَلَذّ حال الغَرام أَخطرها
خلّفت بَيروت منعماً طَلَباً / للكَرمَليات حَيث عزورُها
بَلغتها وَالظَلام مُشتمل / عَلى البَرايا وَالنَوم يَسكرها
أَلتَمسُ البابَ لا أَفوز بِهِ / أَطوف بِالدار لَست أُبصرها
حَتّى هَداني وَمِيضُ سارية / أَعقبه قاصف يَفجّرها
سَعَيت لِلباب ثمّ أَطرقه / أَقفاله الصلب لَو أَكسّرها
ما تَنثَني نَفسُ طالب وَردت / ظَمأى وَمَرعى الحِمام مَصدرها
وَانفتح الباب عَن مصلّبة / خيفة شَرّ هُناك ينذرها
قُلت مَسا الخَير هَل لملتجئ / لديك نَعمى هَيهات يَكفرها
قالَت عَلى الرَحب قلت هَل نَزَلت / آنِسَةٌ دارَكُم تَعمّرها
قالَت أَخوها فَقُلت ذاكَ أَنا / قالَت أَنسعى لَها نَخبّرها
قَد أَخَذ النَوم جفنها مَللا / بَعد اِنتَظار تَرى أَنشعرها
قُلت دَعيها غَداً أُفاجئها / أَحلامَها الغرّ لا أُنفّرها
أَقضي رقادي في غَير مضجعها / أَخشى إِذا اِستيقَظت أَسهّرها
قالَت تَرى الضوء ذاكَ مضجَعَها / كُن جارَها وَالصَباحَ تبدرها
أَراك بَرّاً بِها وَربّ أَخٍ / مغرًى بِأَخت لَهُ يُكدّرها
قَرابة المَكر أَصبَحَت ثقة / أَعشقُ بعضِ القُلوب امكَرُها
يا لَك بَلهاء وَدّعت وَمَضَت / أَثني عَلى لطفها وَأَشكرها
زَجراً وَهَيهات لاتَ مُزدجِرٍ / أَيّة نَفس هَوجاء ازجرها
صَبرَك يا نَفس لات مصطبرٍ / ما لَم تَكُن جارَتي تصبّرها
لَم أَدرِ حينَ اِنسللت أَطلبها / خطى المُحبّين مَن يَسيّرها
حورية في السَرير راقِدَة / وَدّ رفائيل لَو يُصوّرها
يا مَعدَن الحُسن أَنت مَعدنها / يا جَوهَر الحُبّ أَنتَ جَوهَرَها
إِن أَنسَ لا أَنسَ وَجهها وَبِهِ / غبّ اِنتَظاري بادٍ تَحيّرها
عاطِفَةً جيدها موسّدة / ذِراعَها وَالدُموع تَغمرها
وَالوَجه وَالصَدر بادِيان سِوى / ما اِنثالَ مِن فرعها يَخمرها
وَالشَوق بَينَ الضُلوع أَعرفه / مِن زَفرة كَالسعير تَزفرها
يَصيبُني لَفحها عَلى كبد / في بُرَح الشَوق ذابَ أَكثَرُها
وَثمَ رمانة قَد اِضطَرَبَت / وَاِقتَرَبَت تربُها تَحذّرها
تَقول اُختاه تَحتَنا لَهب / يَصهرنا دائِباً وَيَصهرها
إِن أنس لا أنس وَجَهها وَبِهِ / غبّ اِنتَظاري بادٍ تَحيّرها
أَلمح بَين الجُفون لُؤلؤة / فازَ بِها النَوم وَهُوَ يَأسرها
أَطبق أَهدابَها فَقيَّدها / لَولا اِضطِرابٌ يَكاد يَنثرها
يا مَعدَن الحُسن أَنت مَعدنها / يا جَوهَر الحُبّ أَنتَ جَوهَرَها
قَيد ذِراعي غُصون بانتها / آوي إِلى ظلّها وَأَهصرها