المجموع : 44
أتعرفُ رَسماً بالسويّين قد دَثر
أتعرفُ رَسماً بالسويّين قد دَثر / عَفتْهُ أهاضيبُ السَّحائِب المّطرْ
وجرَّت به الأذيالَ رِيحان خِلفةً / صَباً ودَبورٌ بالعشيّاتِ والبُكَرْ
منازلُ قد كانت تكونُ بجوِّها / هَضيمُ الحشا ريّا الشَّوى سحرُها النَّظرْ
قطوفُ الخُطا خمصانةٌ بَختريّةٌ / كأنّ مُحيّاها سَنا دارةِ القمرْ
رَمتني ببعدٍ بعد قربٍ بها النّوى / فبانَت ولّما أقضِ من عبدةَ الوَطَرْ
ولمّا رأتني خشيةَ البينِ موجعاً / أُكَفكِف منّي أدمعاً فيضُها دُرَرْ
أشارت بأطرافٍ إليَّ ودمعُها / كَنَظْمِ جُمان خانه السِّلكُ فانْتَثَرْ
وقد كنتُ ممّا أحدث البينُ حاذراً / فلم يُغنِ عنّي منه خوفيَ والحذرْ
ألم يَسمعوا يومَ الغديرِ مقالَهُ
ألم يَسمعوا يومَ الغديرِ مقالَهُ / يُؤمِّرُ خيرَ الناسِ عُوداً ومعتصر
يقول ألا هذا ابن عمّي ووارثي / وأوّلُ مَنْ صلّى وأوّلُ مَنْ نَصَرْ
وليُّكمُ بَعدي فوالوا وليَّه / وكانوا لمن عادى عدوّاً لمن كَفَرْ
شَهيدي الله يا صدّي
شَهيدي الله يا صدّي / قُ هذي الأمّةُ الأكبرْ
بأنّي لكَ صافي الودِّ / في فضلك لا أُسْتَرْ
ويا فاروقُ بينَ الحقِّ / والباطلِ في المصدَرْ
ويا من اسمه في الكُتْ / ب معروفٌ به حَيْدَرْ
وسَّمته به أمٌّ / له صادقةُ المَخْبَرْ
قيمُ النارِ هذا لي / فَكَفِّي عنه لا يَضرُرْ
وهذا لكِ يا نارٌ / فحوزي الفاجرَ الأكبَرْ
فيا أوّلَ مَن صلّى / ومَن زَكّى ومن كَبَّرْ
ويا جارَ رسولِ الل / هِ في مسجدِه الأكبرْ
حلالٌ فيه أن تُج / نَبَ لا تُلحى ولا تُؤزَرْ
وقد بايعَ جبريلٌ / فنعمَ البايع المُشْتَرْ
بدينارٍ من الحَبِّ / فلم يَندم ولم يَخسرْ
وعليُّ أوَّلَ الناسَ اهتدى
وعليُّ أوَّلَ الناسَ اهتدى / بهُدى اللهِ وصلّى وادَّكرْ
وحّد اللهَ ولم يُشركْ به / وقريشٌ أهل عُودٍ وحَجَرْ
وعليٌّ خازنُ الوحي الذي / كان مستودَع آياتِ السُّورْ
مُجبر قال لدينا عددٌ / وجميعٌ من جماهيرِ البَشرْ
قلت ذمَّ اللهُ ربّي جَمعُكمْ / وبه تَنطِق آيات الزُّبُرْ
من زُها سبعين ألفٍ برّةً / وسِواها في عَذابٍ وسَعَرْ
طافَ من هندٍ خيالٌ فذَعَرْ
طافَ من هندٍ خيالٌ فذَعَرْ / ورَمى عَيني بدمعٍ وسَهَرْ
قلتُ لّما أنْ دنا منّي له / مرحباً إلفاً بسَمعي والبَصَرْ
هندُ من أين تخطّيتِ إلى / ركبِ أطلاحِ مطيٍّ قد حَسرْ
تحت ليلٍ ساقطٍ أكنافُه / بشتيتِ النبتِ عذبِ ذي أَشُر
وصدَّقَ ما قالَ النبيُّ محمّدٌ
وصدَّقَ ما قالَ النبيُّ محمّدٌ / وكان غلاماً حين لم يبلغِ العَشرا
قفْ بالديارِ وحيِّهنَّ دِيارا
قفْ بالديارِ وحيِّهنَّ دِيارا / واسقِ الرسومَ المّدمَع المِدرارا
كانت تَحِلُّ بها النَّوارُ وزينبٌ / فرعى إلهي زَينباً ونَوارا
قل للّذي عادى وصيَّ محمدٍ / وأبانَ لي عن لفظِه إنكارا
من عندَه علمُ الكتابِ وحكمُه / من شاهدٍ يتلوه منه نِذارا
علمُ البَلايا والمنايا عندَه / فصلُ الخطابِ نَمى إليه وصارا
وله ببدر وقعةٌ مشهودةٌ / كانت على أهل الشقاءِ دَمارا
فأذاق شيبةَ والوليدَ منيّةً / إذ صبّحاه جَحفلاً جَرَّارا
وأذاقَ عُتبةَ مثلَها أهوى لها / عضباً صَقيلاً مُرهفاً بتَّارا
وله بَلاء يوم أُحْدٍ صالحٍ / والمشرفيّةُ تأخذُ الأدبارا
إذ جاءَ جبريلٌ فنادى معلناً / في المسلمين وأسمعَ الأبرارا
لا سيفَ إلاّ ذو الفقارِ ولا فَتىً / إلاّ عليّ إن عَدَدْت فَخارا
مَن خاصِفٌ نعلَ النبيِّ محمدٍ / أرضى الإلهَ بفعِله الغفَّارا
فيقول فيه معلناً خيرُ الورى / جهراً وما ناجى به إسرارا
هذا وصيّي فيكمُ وخليفتي / لا تَجهلوه فترجعوا كفارا
وله بيوم الدَّوْحِ أعظمُ خطبةٍ / أدّى بها وحيَ الإلهِ جِهارا
وله صراطُ الله دون عبادِهِ / مَنْ يَهده يُرْزَقْ تُقىً ووَقارا
في الكتْبِ مَسطور مجلَّى باسمِه / وبنعتِه فاسأل به الأخبارا
مَن كان ذا جارٍ له في مسجدٍ / من نالَ منه قرابةً وجِوارا
والله أدخله وأخرجَ قومَهُ / واختاره دونَ البرية جارا
من كان جبريلٌ يَقومُ يمينه / فيها وميكالٌ يقوم يَسارَا
مَن كان يَنصره ملائكةُ السما / يأتونه مَدَداً له أنصارا
مَن كان وحَّد قبلَ كلّ موحِّدٍ / يدعو الإلهَ الواحدَ القهّارا
مَن كان صلّى القبلتين وقومُه / مثلُ النواهقِ تحملُ الأسفارا
مَن كان في القرآن سُمِّيَ مؤمناً / في عشرِ آيات جُعِلنَ خِيارا
مَن قال للماءِ افجري فتفجّرت / ما كلّفتْ كفّاً له مِحفارا
حتى تروَّى جندُه في مائِها / لما جرى فوق الحَضيضِ وفارا
وبكَربَلا آثارٌ أُخرى قَبلها / أحيا بها الأنعامَ والأشجارا
وأتاه راهبُها وأسلمَ طائعاً / معه وأَثنى الفارسَ المغوارا
أم مِن عليه الشمس كَرَّت بعدما / غَربت وألبسها الظلامُ شِعارا
حتى تُلاقي العصرَ في أوقاتِها / واللهُ آثرَهُ بها إيثارا
ثَمّتْ توارتْ بالحجاب حثيثةً / جعلَ الإلهُ لِسيرِها مِقدارا
مَن كان آذنَ منهم ببراءةٍ / في المشركين فأنذرَ الكفّارا
منكم برئنا أجمعين فأشهراً / في الأرضِ سِيروا كُلُّكم فُرَّارا
وابتاع من جبريل حبّاً قد زكى / في جَنّةٍ لم تُحرم الأنهارا
جبريلُ بايَعه وأحمد ضيفَهُ / خيرُ الأنامِ مَرْكباً ونِجارا
مَن كان أوّل من تصدّق راكِعاً
مَن كان أوّل من تصدّق راكِعاً / يوماً بخاتمَهِ وكان مُشيرا
مِن ذاك قولُ الله إنّ وليَّكُمْ / بعد الرسولِ لِيُعلمَ الجمهورا
ولدى الصراط تَرى عليّاً واقِفاً / يَدعو إليه وليَّه المنصورا
الله أعطى ذا عليّاً كلَّهُ / وعطاءُ ربّي لم يكنْ محظورا
والله زوَّجهُ الزكيةَ فاطماً / في ظلِّ طُوبى مَشهداً مَحضورا
كان الملائكُ ثَمَّ في عددِ الحصى / جبريلُ يَخطبهمْ بها مَسرورا
يَدعو له ولها وكان دعاؤه / لهما بخيرٍ دائماً مذكورا
حتى إذا فرغَ الخطيبُ تَتابعت / طُوبى تَساقطُ لؤلؤاً منثورا
وتُهيلُ ياقوتاً عليهم مرّةً / وتُهيل درّاً تارةً وشُذُورا
فترى نساءَ الحورِ يَنتهبونه / حُوراً بذلك يَحتذين الحُورا
فإلى القيامةِ بينهنّ هديّةٌ / ذاك النِثارُ عشيَّةً وبكورا
لا فرضَ إلاّ فرضُ عَقدِ الوَلا
لا فرضَ إلاّ فرضُ عَقدِ الوَلا / في أوّل الدهرِ وفي الآخِرَهْ
لأهلِ بيتِ المُصطفى إنّهم / صفوةُ حزبِ اللهِ ذي المَغْفِرَهْ
أعطاهُمُ الفضلَ على غيرهم / بِسؤدُدِ البُرهانِ والمقدرَهْ
فهم ولاةُ الأمرِ في خَلقه / حُكّامُه الماضونَ في أدهُرِهْ
قائِلٌ للنبيّ إنّي غريبٌ
قائِلٌ للنبيّ إنّي غريبٌ / جائعٌ قد أتيتُكم مُستجيرا
فبكى المصطفى وقال غريبٌ / لا يكن للغريب عندي ذُكورا
من يضيف الغريب قال عليّ / أنا للضيفِ انطلقْ مأجورا
ابنةَ العمّ عِندَنا شيءٌ من الزا / د فقالت أراه شيئاً يَسيرا
كفُّ بُرٍّ قال اصنعيه فإنّ / الله قد يجعلُ القليلَ كثيرا
ثمّ اطفي المصباحَ كي لا يراني / فأخلّي طعامَه موفورا
جاهدٌ يلمظ الأصابعَ والضي / فُ يَراه إلى الطعام مُشيرا
عجبت منكم ملائكةُ الل / ه وأرضيتم اللطيفَ الخبيرا
ولهم قال يؤثرون على أن / فسِهمْ قال ذاك فضلاً كبيرا
إلاّ الحمدُ للهِ حمداً كثيراً
إلاّ الحمدُ للهِ حمداً كثيراً / وليِّ المحامدِ ربّاً غفورا
هداني إليه فوحَّدتُه / وأخلَصْتُ توحيَده المستنيرا
لذلك ما اختاره رَبُه
لذلك ما اختاره رَبُه / لخيرِ الأنامِ وصيّاً ظَهيرا
فقام بِخُمٍّ بحيثُ الغديرُ / وحطَّ الرِّحالَ وعافَ المَسيرا
وقُمّ له الدوحَ ثم ارتقى / على مِنبرٍ كان رحلاً وَكورا
ونادى ضحىً باجتماعِ الحجيجِ / فجاؤوا إليه صغيراً كبيرا
فقال وفي كفّه حيدرٌ / يُليح إليه مُبيناً مُشيرا
ألا إنّ من أنا مولىً له / فمولاهُ هذا قضاً لن يَحورا
فهل أنا بلَّغتُ قالوا نعم / فقال اشهدوا غُيَّباً أو حُضورا
يُبلّغُ حاضرُكم غائباً / وأُشهِدُ رَبّي السميعَ البَصيرا
فقوموا بأمر مليكِ السما / يُبايعْه كلٌّ عليه أميرا
فقاموا لِبَيْعَتِه صافقين / أكفّاً فأوجس منهم نَكيرا
فقال إلهيّ والِ الوليَّ / وعادِ العدوُّ له والكفورا
وكن خاذِلاً للأولى يخذلون / وكن للأولى يَنصرون نَصيرا
فكيف ترى دعوةَ المصطفى / مُجاباً بها أم هباءً نثيرا
أُحبُّك يا ثانيَ المُصطفى / ومن أشهد الناسَ فيه الغَديرا
وأشهدُ أنّ النبيَّ الأمينَ / بلّغ فيكَ نداءً جهيرا
وأنّ الذين تَعادوا عليكَ / سيصلَوْنَ ناراً وساءت مصيرا
عليّ إمامٌ وصيُّ النبيِّ
عليّ إمامٌ وصيُّ النبيِّ / بمحضَرَه قد دعاهُ أميرا
وكان الخصيصَ به في الحياةِ / فصاهَرَهُ واجتباه عَشيرا
فطوبى لمن أمسى لآل محمدٍ
فطوبى لمن أمسى لآل محمدٍ / وليّاً إماماه شُبير وشُبَّرُ
وقَبْلَهما الهادي وصيُّ محمدٍ / عليٌّ أميرُ المؤمنينَ المطهّرُ
ومن نَسله زُهرٌ فروعٌ أطايبٌ / أئمّةُ حقِّ أمرُهمْ يُتَنَظَّرُ
أليسَ عجيباً أنّ آلَ محمدٍ
أليسَ عجيباً أنّ آلَ محمدٍ / قتيلٌ وباقٍ هائمٌ وأسيرُ
تَنام الحمامُ الورقُ عند هُجوعها / ونومُهُمُ عند الرّقاد زَفيرُ
فتى أخواه المُصطفى خيرُ مُرْسَلٍ
فتى أخواه المُصطفى خيرُ مُرْسَلٍ / وخيرُ شهيدٍ ذو الجَناحين جَعْفَرُ
ولما رأيتُ الناسَ في الدين قد غَوَوْا
ولما رأيتُ الناسَ في الدين قد غَوَوْا / تجعفرتُ باسم اللهِ فيمن تَجعفروا
وناديتُ باسم اللهِ واللهُ أكبرُ / وأيقنتُ أنّ اللهَ يَعفو ويَغفِرُ
ويُثبت مهما شاءَ ربّي بأمرِهِ / ويمحو ويقضي في الأُمورِ ويَقدِرُ
ودِنتُ بدينٍ غير ما كنت داينا / به ونَهاني سيّدُ الناسِ جعفرُ
فقلتُ فهَبني قد تهوّدتُ برهةً / وإلاّ فدِيني دينُ من يَتَنَصَّرُ
وإنّي إلى الرحمن من ذاك تائبٌ / وإنّي قد أسلمتُ واللهُ أكبرُ
فلستُ بغالٍ ما حييتُ وراجعٌ / إلى ما عليه كنتُ أُخفي وأُضمرُ
ولا قائلٌ حيٌّ برَضوى محمدٌ / وإن عابَ جهّالٌ مَقالي فأكثروا
ولكنّهُ ممّا مَضى لِسبيلِهِ / على أفضلِ الحالات يُقفى ويُخبرُ
مع الطّيبين الطاهرينَ الأولى لهمْ / من المصطفى فرعٌ زَكيٌّ وعُنصرُ
من فضله أنّه قد كان أوّلَ مَن
من فضله أنّه قد كان أوّلَ مَن / صلّى وآمنَ بالرحمن إذ كفروا
سنينَ سبعاً وأيّاماً محرَّمةً / مع النبيِّ على خوفٍ وما شَعروا
ويوم قال له جبريلُ قد علموا / أنذر عشيرَتَكَ الأدْنَين إن بَصْروا
فقام يدعوهُم من دونِ أمّتهِ / فما تخلّف عنهُ منهمُ بَشَرُ
فمنهم آكلٌ في مجلسٍ جَذَعاً / وشاربٌ مثل عَسٍّ وهو مُحْتَضَرُ
فصدّهم عن نواحي قَصعةٍ شبعاً / فيها من الحَبِّ صاعٌ فوقه الوَذرُ
فقال يا قوم إنّ اللهَ أرسلني / إليكمُ فأجيبوا اللهَ وادّرِكوا
فأيّكم يَجتبي قولي ويؤمنُ بي / أنّي نبيٌّ رسولٌ فانبرى غَدِرُ
فقال تَبّاً أتدعونا لِتلفِتَنا / عن ديِننا ثم قام القومُ فاشتَمروا
مَن الذي قال منهم وهو أحدثهم / سنّاً وخيرُهم في الذكر إذ سَطَروا
آمنتُ باللهِ قد أُعطيتُ نافِلةً / لم يُعْطَها أحد جنٌّ ولا بَشَرُ
وأن ما قلتَه حقٌّ وأنّهم / إن لم يُجيبوا فقد خانوا وقد خَسِروا
ففازَ قِدماً بها واللهُ أكرَمُهُ / وكان سبّاقَ غاياتٍ إذا ابتَدَروا
أجَدَّ بآلِ فاطمةَ البكورُ
أجَدَّ بآلِ فاطمةَ البكورُ / فدمعُ العين منهلٌّ غزيرُ
لقد سَمعوا مقالَته بِخَمٍّ
لقد سَمعوا مقالَته بِخَمٍّ / غداةَ يضمُّهم وهو الغديرُ
فمن أولى بكم منكم فقالوا / مقالةَ واحدٍ وهمُ الكثيرُ
جميعاً أنتَ مولانا وأَوْلى / بنا منّا وأنتَ لنا نَذيرُ
فقال لهم علانيّةً جِهاراً / مقالةَ ناصحٍ وهمُ حُضورُ
فإنّ وليَّكم بعدي عليٌّ / ومولاكُم هو الهادي الوزيرُ
وزيري في الحياةِ وعند موتي / ومن بَعدي الخليفةُ والأميرُ
فوالى اللهُ من والاهُ منكمْ / وقابَلَهُ لدى الموتِ السرورُ
وعادى اللهُ من عاداهُ منكمْ / وحلّ به لدى الموتِ النُّشورُ