القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أبو مُسلم البَهْلاني الكل
المجموع : 12
أصبحت لا أملك للنفس وطر
أصبحت لا أملك للنفس وطر / ولا أرد ذرة من القدر
أحمد مولاي على خير وشر / مستسلما لما قضى وما قدر
أصبحت والذنب عظيما موبقا / أوقعني في أسر أشراك الشقا
إن لم يكن لي سيدي موفقا / ولم يكن لتوبتي محققا
أصبحت عبدا في مقام الذلة / قضيت عمري باطلا وضله
ابارز الله بقبح الخله / انتهك الزلة بعد الزله
أصبحت عبدا بذنوبي معتقل / قد غرني الجهل وأرداني الأمل
يا ويلتاه قد دمنا مني الأجل / ولم أقدم صالحا من العمل
تلك صفاتي بئس وصف المتصف / عن كل ما يرضي الهي منحرف
أواه أواه عبيد مقترف / مصرح عما جنيت معترف
ظلمت نفسي وتركت رشدي / وكان هزلي في الهوى وجدي
وفي المعاصي خطأي وعمدي / وكل شين وقبيح عندي
ها قد ندمت الندم الصريحا / على حضيض ذلتي طريحا
تبت اليك توبة نصوحا / علمتك الحليم والصفوحا
تبت اليك توبة أخلصتها / طاهرة على الهدى نصصتها
خالصة من الهوى محصتها / على الذي يرضيك قد خصصتها
تبت اليك حط عني اصري / أنا الذي أخلق وجهي وزري
أنا الذي أثقل ذنبي ظهري / أنا الذي فررت عنك عمري
تبت اليك عائذا بوجهكا / من الخطايا الموجبات سخطكا
من ذا يقوم سيدي لمقتكا / أم من يطيق يا الهي عدلكا
تبت اليك توب من لا يرجع / عن كل ما يسخط ربي مقلع
ولست الا في رضاك أنزع / اذ ليس لي الا رضاك ينفع
تبت اليك توب من لن ينقضا / عهدك أو يأتي مكروها مضى
ما أعظم الفوز اذا نلت الرضا / والويل لي ان تك عني معرضا
تبت اليك من ذنوب السر / تبت اليك من ذنوب الجهر
ومن ذنوب قاصمات العمر / ومن ذنوب موجبات الفقر
تبت اليك من خواطر اللمم / وكل محظور جرى به العلم
وكل ما عدت له بعد ندم / وما انتهكت فيك من أي الحرم
تبت اليك توبة تأتي على / قولي وفعلي تاركا وفاعلا
وما جنيت عالما وجاهلا / وما اقترفت ذاكرا وغافلا
تبت متابا جامعا لما جرى / بالقلب والقالب مما حجرا
اليك نفسي نادما مستغفرا / عند الصباح يحمد القوم السرى
تبت من الجور على كل أحد / والكبر والعجب ومن ذنب الحسد
ومن عقوق الوالدين والولد / ومن حقوق من دنا ومن بعد
أستغفر الله من التعسف / في الدين والغلو والتعجرف
ومن ذنوب الشك والشرك الخفي / وفتنة المسرف والمسوف
أستغفر الله للغو مقولي / وسعي رجلي ويدي في خطل
ولاتباعي الشهوات الرذل / ومهلك التقصير والتوغل
أستغفر الله لقصد انطوى / على رضا الله فصده الهوى
ونية تميلني لمن غوى / وان يكن لكل عبد ما نوى
أستغفر الله من الكبائر / أستغفر الله من الصغائر
أستغفر الله لحلف فاجر / وكل ما يخطر في سرائري
أستغفر الله من الملاهي / والبذل والتبذير في المناهي
والحب والبغض لغير الله / وخلق الفاخر والمباهي
يا غافر الذنب اغتفر لي ذنبيه / يا قابل التوب تقبل توبيه
علمت هودي وشهدت لبيه / لبيك سعديك حنانيك ليه
فرطت في جنبك تفريطا جلل / ولم أغادر ذرة من الزلل
آتي معاصيك على غير وجل / ثم ألح في الدعا بلا خجل
ما أعظم المصاب ويلي ماليه / وأقبح السوءة من أفعاليه
جملت رشدي ومقام حاليه / وفاتني رشدي من أغفاليه
يا من غياثي علمه ورحمته / ومفرغي احسانه ومنته
ومن معاذي لطفه ورأفته / ومن رجائي عطفه ونظرته
عبدك قد باء بنفس ناكصه / وقد علمت مطلقا خصائصه
ذا روعة قد أرعدت فرائصه / بتوبة من كل جرم خالصه
باسمك الأعظم اسم الذات / مجمع الاسما منتهى الغايات
بحق الاسماء المباركات / وبالكمالات وبالصفات
بوصفك الذاتي والفعلي / بوصفك المضاف والسلبي
لست بموهوم ولا مرئي / مغاير الحسي والعقلي
بقدسك الأسنى بسبحانيتك / بالمنظر الأعلى برحمانيتك
بوجهك الباقي بربانيتك / بالشاهد القاضي بوحدانيتك
بأنك الأول من قبل الأول / بأنك الآخر من غير أجل
بأنك الخالق تعليل العلل / ولن تزال واحدا ولم تزل
بمعقد العز من العرش العظيم / بمنتهى الرحمة في الوحي الكريم
بكل إسم صانه العلم القديم / في السر أو علمته قلبا سليم
بملكك الباقي بقدر العظمه / بالقسط حكما بعلو الكلمه
بموضع السر في الآي المحكمة / بالنعمة المطلقة المتممة
برتبة الحق رفيع الدرجات / ذي العرش ملقى الروح باعث الرفات
بما على وجوده من بينات / بحق من لذاته من الثبات
بعزة القاهر واجب الوجود / بالصمد المعبود بالحق الودود
بالفاتح الباسط وهاب الجدود / بالوارث الباعث هامد اللحود
بمجدك الأعلى بقهر الجبروت / بعزة الملك بعظم الملكوت
بعز سلطانك حي لا تموت / بلطفك الساري بعطف الرحموت
بقهرك الغالب بالجلال / بالكرم الفياض بالجمال
بقدرك الشامخ بالكمال / بحكمة الشؤون في الأفعال
بالوحدة القديمة المكونه / بالقدرة الغالبة المهيمنه
بالقدم القيوم قبل الأزمنه / وبالتغالي عن ظروف الأمكنه
بسبحات النور الحقيقيه / بأبحر المحامد العميقه
وبنعوت ذاتك الحقيقيه / ظاهرة تذكر أو دقيقه
بحقك الواجب في طوع الذمم / بعدك الأشد بالوعد الأتم
بنورك المشرق كاشف الظلم / بلوحك المحفوظ ربي بالقلم
بالعلم بالحياة بالكلام / بقدرة القادر بالدوام
وبحمى الارادة اعتصامي / وبجلال الحق والاكرام
بحول مولانا بحبله الشديد / بقوة الله بأمره الرشيد
بسطوة الله ولا عنه محيد / بقربه الأقرب من حبل الوريد
بحكمة الله الحكيم البالغة / بحجة الله الولي الدامغه
بنعمة الله الكريم السابغه / بشمس برهان الصفات البازغه
بحكمة الابداع والتعبد / وبغناك المطلق المجرد
بلطفك الخافي بفيض المدد / بمجدك القائم بعد الأبد
بكبرياء الملك الحق المبين / بعز سلطان الألوهة المتين
بالقبضة الأولى بقوة اليمين / بحيطة القهر لكل العالمين
بعظم الذات بذات العظم / بالجبرياء بالعلاء الأعظم
بالكرم الحق بحق الكرم / بواسع الرحمة للمسترحم
بالواحدية التي لا تنقسم / بالأحدية الحقيقية القدم
بالعلم من قبل الوجود والعدم / بالبر بالرأفة في كل القسم
بسر كن عند مراد الخالق / بسر احصائك للخلائق
بحفظك المحيط بالحقائق / بنفس الرحمن في المضائق
بصمدانيتك اللهما / بجاهك الجاه الأعز الأسمى
بوهبك الظاهر والمعمى / بالمن منك عطفه ورحمى
بالطول يا ذا الطول والتطول / بكرم الذات بلا معلل
بالحلم بالعفو يغفر الزلل / بالفضل بالعدل بأعلى المثل
بحمدك الواجب للذاتيه / مستغرق المحامد الكليه
بما حمدت نفسك القدسيه / به من المحامد الزكيه
بما به أثنيت سيدي على / نفسك من أمجاد قدرك العلى
لوجهك المجد لجدك العل / اأنت كما أثنيت من نفسك لا
بحق قيومية الله على / عوالم الحادث علما وولا
سناء قيومية الله انجلى / بكل ذرة فلا سلب ولا
بمظهر الحق على الآثار / بمشهد الحق على الأطوار
بما لوجه الحق من أنوار / بما لذات الحق من إكبار
بسلطة الابداء والاعاده / بحكم الاختيار والاراده
بشدة المحال بالسيادة / بالملك بالانشاء بالاباده
باسمك الله الجليل الباهر / قطب الأسامي جامع المظاهر
مشرق الاسرار على السرائر / مقدس البطون والظواهر
بمظهَرَي رحمتك الحفية / من اسمك الرحمن للبرية
واسمك الرحيم بالكليه / حياتنا الدنيا والأخرويه
بمالك الملك المليك الملك / مدبر الأمر مدير الفلك
غير مماثل وغير مدرك / مملك الملوك ما لم تملك
بالطاهر القدوس ذاتا وصفه / عن صفة حادثة مكيفه
قداسة تدرك منها المعرفه / وحدته الباطنة المنكشفة
باسم السلام المؤمن المهيمن / بعز اسمك العزيز الأمكن
بقوة الجبار فوق الممكن / بالمتكبر الأعز الأمتن
بالخالق البارئ للبدائع / مصور الأشكال والصنائع
غفار ذنب مسرف وطائع / قهار الاشياء بلا منازع
بحق وهاب العطا بلا غرض / رزاق مخلوقاته بلا عوض
فتاح أبواب الندى وما غمض / عليم ما أوجد جسما وعرض
بالقابض الباسط أصناف النعم / بالخافض الرافع منا وكرم
بعزة المعز من شاء وكم / أذل باسمه المذل من أمم
بالحكم العدل اللطيف بالعباد / وبالخبير بالمريد والمراد
وباسمك الحليم عن أهل الفساد / وباسمك العظيم قدرا لا يساد
باسمك الغفور بالشكور / باسمك العلي بالكبير
باسمك الحفيظ في المقدور / بحفظك استقامة الأمور
باسمك المقيت للنفوس / والروح والقلوب بالناموس
باسمك الحسيب يا أنيسي / في وحشة المعقول والمحسوس
باسم الجليل مظهر الجلال / باسم الكريم مظهر الجمال
وبالرقيب شاهد الأحوال / وبالمجيب لهجة السؤال
بسرود اسمك الودود / بجاه مجد هيبة المجيد
باسمك الباعث بالشهيد / بالحق بالوكيل للموجود
باسم الولي بالحميد المحصي / بالمبديء المعيد مالا نحصي
وباسمك المحيي المميت نصي / اليك في ضراعتي ونقصي
باسمك الماجد باسم الواجد / بمظهر الوحدة اسم الواحد
بالأحد المشهود في المشاهد / بالصمد المغيث كل صامد
باسمك المقدم المؤخر / بالأول الآخر بعد الفطر
بالظاهر النور بوجه الأثر / بالباطن الذات عن المستر
باسمك الوالي صنوف ما خلق / بالمتعالي جده رب الفلق
باسمك البر المبر المرتزق / توبك يا تواب للتواب حق
باسم العفو بالرؤوف المقسط / باسمك الغني مغني المفرط
في الذنب والصالح والمفرط / بالمانع الحافظ في التورط
بالنور بالهادي البديع الباقي / بالوارث الرشيد بالخلاق
باسم الصبور صادق الميثاق / يمهلنا وما سواه الواقي
باسمك الأعلى إله الآلهه / باسمك هو ذكر القلوب الوالهه
باسمك أنت لهجة المواجهه / باسم أنا علوت عن مشابهه
بكلمة الاخلاص حصنك الحصين / بحق توحيدك حبلك المتين
بكل سر لك في الغيب خزين / بحق ذكر أهلك المقربين
بحق ما أنزلت من كلامكا / بحق ما أفهمت من الهامكا
بحق ما دل على إعظامكا / بحق ما تعلم من ثنائكا
بدعوات رسلك المطهره / بدعوات الأولياء الخيره
بحق اذكار الكرام البرره / بكل ما تجزى عليه المغفره
بالصلوات الطيبات أوألُ / بالباقيات الصالحات أسأل
بالكلم الطيب لي معول / بكل ما ترضاه مني أمثل
بحق ذكور نورك المحمدي / ببركات النفس المحمدي
بسر فيض المدد المحمدي / بنفخات روحك المحمدي
بقربات المصطفى محمد / بسبحاته مع التمجد
بماله في مصدر ومورد / من رتبة ومشهد ومدد
بقلبه بروحه بنفسه / بعلمه بسره بقدسه
بسبقه ليومه وأمسه / بنجمه ببدره بشمسه
بالمعنويات التي بها انطوى / وبالخصوصات التي لها احتوى
بعرش زلفاه الذي فيه استوى / يا فالق الحب وفالق النوى
بجاهه بقربه بقدره / بأمره بفتحه بنصره
بجده بعزمه بصبره / بحوله بغلبه بقهره
بحرصه على جميع الأمه / بكشفه لمعضلات الغمه
كم أزمة فرج بعد الأزمه / ما خاب من لاذ به وأمه
بشرعه المقدس النور المبين / بما تلقاه عن الروح الأمين
ومن تجلى رحمة للعالمين / فعم بالرحمة في دنيا ودين
بما اختصصته به من الهبه / ومن لدنياتك المغيبه
ومن كمال لا يوازيه شبه / ومن مقامات له ومرتبه
بهديه بسمته بهيبته / بفضله بوصله برأفته
بمعجزاته بغلب حجته / بحبه وحفظه لأمته
بنسله بآله المطهرين / بصحبه بالخلفاء الراشدين
بأهل بدر سادة المجاهدين / بأهل أحد المتقين الصالحين
بحمزة الشهيد عم المصطفى / بعمه العباس معدن الوفا
بجعفر الطيار نور الشرفا / بابن عباس امام من صفا
ببيعة العقبة الموزره / ببيعة الرضوان تحت الشجره
ومن وفى بعده ووقره / ففاز منك بالرضا والمغفره
بعبدك الصديق ذي المعية / صاحبه في الغار يوم الهجرة
بعمر الفاروق عدل السيرة / من كاد أن يفوز بالنبوة
بكل من بشره بالجنة / بكل من تابعه في السنه
بكل من لم ينغمس في الفتنة / ولم يغيره طروق المحنه
والتابعين لهمُ بإحسان / وكل من نورته بالايمان
وكل من أخلصته بالعرفان / وكل من أدبته بالقرآن
بالأمة الخير الشهيدة الوسط / بما لها عندك من خير الخطط
بكونها لكل رحمة فرط / كل مكلف لفضلها غبط
بالسادة الابدال بالأقطاب / بالسادة الأفراد بالأحباب
وبرجال الغيب بالانجاب / بالنقباء الطهر الأطياب
بدرجات الأزكياء السالكين / وبمقامات نفوس العارفين
وبقلوب الأولياء الواصلين / بالخلفاء منهم والمرشدين
بعلماء الدين أهل العمل / وبالأئمة السراة الكمل
بكل عبد لك في الغيب ولي / من أي أمة لأي الرسل
بالأنبياء بجميع رسلك / بالملأ الأعلى من اصناف الملك
بحاملي العرش بسالكي الفلك / بالعرش بالكرسي ربي أسألك
أدعوك يا ربي بما دعوت به / وكل ما تحب أن تسأل به
وكل ما تجيب من دعاك به / معتقداً لكل ما أمرت به
ملأت قلبي منك خوفا ورجا / جعلت حسن الظن فيك معرجا
فاجعل لنا من كل أمر مخرجا / وحاجتي ربي النجا فيمن نجا
أهم حاجاتي اليك المغفره / وان أكن ضيعت فرض المعذره
صحيفتي بالسيئات موقره / وليس عندي حسنة مؤثره
نعم بتوحيدي اليك ازلف / وان أكن في قيد ذنبي أرسف
بتوبتي في حوبتي أسوف / أسرف في الذنب وأنت تلطف
غفرانك اللهم أهل المغفره / ليست ذنوبي عنك بالمستتره
علمت مني توبة مستشعره / فاجعل الهي توبتي مكفره
غفرانك اللهم ذنبي كرما / وجهت وجهي حنيفا مسلما
قد اعترفت باكتسابي المأثما / اخفي وأبدي أوبة وندما
أعظمت في خلافك الجريره / وساءت السيرة والسريره
وانطمست من الهوى البصيره / ما للهوى ونفسي الأسيره
أبوء بالخطة من اسرافيه / وأنت بالنعمة لي والعافيه
لا أستحي منك على خلافيه / وأنت لا تخفى عليك الخافيه
نظرتك اللهم ربي نظرتك / علمت دحضي وعلمت حجتك
لا وجه لي إلا التماسي رحمتك / بروحها أنال ربي توبتك
لزتني الورطة منها في قرن / وحجبتني عنك ويلات الفتن
أخبط في الغي على غير سنن / وأنت تدعوني وتدني لي المنن
هذا اعترافي واقترافي أعظم / خدمته وبئس ما أقدم
ومن خطيئاتي ما لا أعلم / أحصاه في اللوح علي القلم
أعرض نفسي لعظيم الحلم / معترفا بخستي وظلمي
على يقين وثبات علم / بأن حلم الله فوق جرمي
حاشاك أن يقنط منك المسرف / وقد أتاك تائبا يعترف
ما هو مقدار الذي اقترف / في حلمك الذي به تتصف
من شأنك العفو عن الجرائم / من شأنك الصفح عن المآثم
وسعت كل محسن وظالم / أين مفر موقر المظالم
قدمت نفسي رافعا كلتى يدي / مستسلما لله لا أملك شي
فان تعذب فلك العدل علي / أو تعف عني فلك الفضل علي
اعترفت نفسي بعجز قدرها / اعترفت نفسي بأصل فقرها
ولي شئون أستحي من ذكرها / لما جنته من عظيم وزرها
احطت علما بشؤوني كلها / والعجز بي عن عقدها وحلها
وحالتي وفقرها وذلها / وأنت حسبي وكفى لنيلها
ادقعني الفقر وأنت الشاهد / وأنت ذو الطول الغني الواجد
بيدك الفضل ومنك الوارد / وكل موجود سواك نافد
فتحت أبوابك بالمواهب / منا على الخلق بغير واجب
فكلهم في بسطة الرغائب / كفاية وحسبة من واهب
خزنت بحر الرزق في الأسباب / وقد علمت حكمة الأكساب
والرزق تحت قسمة الوهاب / اخرج كل مدد من باب
أقمتني في سبب معوق / أستنطف الرزق من المرتزق
ما تحت وسع الله من مضيق / ما ضاق بي فضل غناك المطلق
ما نفدت خزائن الكريم / والفيض من احسانه القديم
ما قل وجد الملك القيوم / يا مخرج الموجود من معدوم
جميع الأسباب تقتطعت بي / والسبب الموصول فضل ربي
حسن افتقاري طيبات كسبي / والعمد الفتاح حسبي حسبي
ذريعتي جودك وافتقاري / وترك تدبيري واختياري
وخالص التفويض في الأطوار / وعلمك المحيط باضطراري
حاشاك عن طردي وقطع الأمل / لما علمت من قبيح العمل
أنت ولي الحمد والتفضل / جودا الهيا ولطف مجمل
حاشاك عن طردي وان ساء الأدب / لأي باب أم الى أين الهرب
منك اليك والتدابير نصب / تدبر الأمر وتنشئ السبب
لو جد جد الهمم المدبره / ردت إلى قسمتك المقدرة
كل قوي تدبيرنا منحصره / في قبضة الرب على ما قدره
ما قدر شكواي وما تعلقى / أي مقام لي في التخلق
يبلغ ما يبلغه تحققي / برحمة الله الغني المطلق
اني عن حق الدعاء اعجز / اطنب في تملقي أو أوجز
لكنها خصاصة تنجز / تعلمها مني وأنت المنجز
قد مسني الضر وأنت أرحم / وأنت باضر الهي أعلم
تهين من تهينه وتكرم / من يقصد العبد ومن يسترحم
مالك كفؤ وبك الكفايه / وقد رأيت موضع الشكايه
فانظر إلي نظر العنايه / من بدء أحوالي إلى النهايه
ان تنظر اللهم تنظر مسلما / أو تعطني تعط فقيرا معدما
لم يلف في الكون سواك مكرما / ولا من الخير لديه مقسما
قد ردني الكون إلى المكون / لم أر شيئا اذ فتحت أعيني
ومثل ما لم أره لم يرني / وانما أشهد ما أشهدتني
شهدت اطواري في كف الصفه / شهدت قيومية مصرفه
شهدت كل الحادثات موقفه / شاهدة بعجزها معترفه
شهدت معبودي بي حفيا / أوجد نفسي بشرا سويا
واسبغ النعمة لي مليا / كم ملأت يداه لي يديا
أنشلني اللهم من هذا الدرك / انقذني اللهم من هذا الشرك
ما فعل الفقر ترى وما ترك / ولست أشكو يا الهي قدرك
ما حيلة البائس إلا المسألة / وأن تراه صادقا تبتله
بوقفة يصلح فيها عمله / لوجهك الكريم يلقى أمله
مولاي قد علمت صدق المدعى / وحيلتي مولاي لهجة الدعا
دعوتني وأنت خير من دعا / فلا تدعني سيدي مودعا
ان كانت اللهجة مني كاذبه / وسيئاتي لمرادي حاجبه
فهذه البأساء ربي لازبه / فالطف وألطافك ربي جاذبه
باساء لا يقوى لها تجلدي / وأنت من ورائها بمرصد
يا فاتح الوهب وباسط اليد / يا قاسم الرزق مفيض المدد
أنت لها فجلها بعارفه / أرسل فيها سيدي لطائفه
عقدة سوء ادهشت محالي / عيل بها صبري وضاقت حالي
فأذن لها يا رب بانحلال / وأذن لألطافك في أحوالي
مشعر احسانك ربي مزدلف / وفيك لي من كل فائت خلف
قد انتهيت عن جميع المقترف / ان ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف
مكني اللهم في خير مقام / في الدين والدنيا وبلغني المرام
ورد أحزاب أعاديك الطغام / بغيظهم عنا وحدهم بانتقام
ليسوا بمعجزين في الأرض وما / كان لهم من دون ربي أوليا
ضاعف لهم من العذاب والشقا / معجلا ما عجزت عنه القوى
اليك وجهي يا عظيم المن / لا أعلم القاطع الا مني
خلقك عن خلقك ليست تغني / لا يملكون كشف ضر عني
لا أحذر السوء بأي موطن / وقد تقلدت سلاح المؤمن
يا حامي الجار حماك مأمني / من تتولى نصره لم يوهن
فوضت أمري كله اليكا / معتمدا في وجهتي عليكا
استنجح الأمال من لديكا / واستمد الخير من يديكا
بارك بيمناك على حياتي / وخذ اليك خالص التفاتي
لا تلقيَني بين مهلكاتي / ما النصر إلا من لديك آت
وهبتني الذكر كما أجريته / هب لي به نجاة من أنجيته
ووقني النار كمن وقيته / من تدخل النار فقد أخزيته
سمعت من نادى للايمان وقد / أمنت لا أعدل بالله أحد
بحق الايمان بغفرانك جد / معاذك اللهم من خزي الأبد
وآتنا وعدا على رسلك تم / لا تحزنا يوم القيام في الأمم
لا تخلف الميعاد ما قلت انحتم / ولا تضيع عملا فيك ولم
وهذه انابة افتقاري / جامعة لمنتهى أوطاري
وجل قصدي يا عزيز الجار / رضاك والجنة خير دار
ان وقع الدين وحالي مبلس / وطولب الدَين البئيس المفلس
لسان حجتي هناك أخرس / نعم من الرحمة لست أيأس
ان فاتني حظي من حسن العمل / ما فاتني حظي من حسن الأمل
والعمل الصالح كيفما كمل / كما له بفضله عز وجل
ما هو فضل العبد في أعماله / الا اذا نظرت في كماله
بك البلاغ الصرف في آماله / ماذا عساه بالغا بحاله
يا رب لا تترك صلاحا يبتغى / الا اليه كنت لي مبلغا
واجعل معاشي خالصا مفرغا / لله في طاعته مستفرغا
يا رب خذ بي في رضاك مأخذا / يا رب واعصمني من كل أذى
لا يجد الشيطان عندي منفذا / لست أرى الا الهي منقذا
رب وارزقني حسن الخاتمه / يا رب اسعدنا بحسن الخاتمه
توفني رب بحسن الخاتمه / يا رب وفقنا لحسن الخاتمه
وصل يا رب وسلم أبدا / فوق الرضاء ليس يحصى عددا
خص به رسولنا محمدا / والآل والصحب ومن به اهتدى
هزت العالم أدوار البشر
هزت العالم أدوار البشر / ينقضى الدور بأدوار أخر
كل دور رقص الدهر له / ضايق العالم وارتاد القمر
أيها العالم سعها جلدا / ان نصف الليل يتلوه السحر
من كفيل الكشف عن موضوعهم / هل له مستودع او مستقر
ان تكن فاسفة الدهر على / حدها الأول أدركنا الخير
يسقط الهز علينا كسفا / ثم لا يلبث اسقاط الحجر
ربما أشهد ظبيا كانسا / دب فيه الدور فاصطاد النمر
يا بني الانسان هل من عزمكم / دفع ما يجري به حكم القدر
ما تقرون على مألوفكم / كل ما يعجزكم عين الوطر
لو نغمت ناغية في زحل / كانت الهم لكم أو تعتقر
همسة عالية أم نهمة / أم شرور النفس ترمي بالشرر
يطفر الانسان عن مركزه / وهو لا يبرح من حيث طفر
مارس الاعراض كيف اعترضت / وانتحى أخطرها أنى خطر
ثم لا يثنيه عن مرغوبه / خطة العجز ولا هول الغير
فاذا أوهاه خطب جلل / قصر الخطوة عنه واقتصر
كم لنا نتقن درسا واحدا / وهو كون الدهر ذا نصب وجر
كم لنا نأمن من لا يتقى / نزلت من مكره احدى الكبر
كم لنا نحذر محتوم القضا / ومن المقدور لا يغني الحذر
رب خطب عُني الدهر به / وزنه في رأينا مثقال ذر
دبت الحية حتى نهست / في غصون العدل جهرا بعد سر
ما تركناها وفي أوهامنا / انها قد تركت ذاك الضرر
انما العدل اقتضى ابقاءها / تشرب الماء وتعتام الشجر
يا قطين النيل ما حادثة / بات جفن الدين منها في سهر
اقلقت مصر وغاظت غيرها / خطة القبط وذاك المؤتمر
يا لقومي والأسى كل الأسى / ان جرى النيل على هذا القدر
ضايقوكم في المراعي مطلقا / واشرأبوا لاختصاص واشر
طلبوا اعظم من مقدارهم / شأن من اكسبه العدل البطر
امة قومية ليس لها / في السياسيات حق يعتبر
ليت شعري ما الذي ابطرهم / ضغطة الرومان أم عدل عمر
أم وصايا المصطفى في حقهم / ان ملكناهم وسعناهم ببر
أم لصفح الدين عنهم بعدما / جيش نابليون ولانا الدبر
تبعوا نعقته وانجلفوا / نحوه اشباه ضان وبقر
ثم لما صنع الله لنا / وجلى الخصم وابنا بالظفر
خالطونا بضمير محرق / وبصدر فيه ضب محتجر
فاصطنعناهم وقلنا جارنا / واذى الجار جميل المصطبر
هذه سيرتهم حيث انجلت / قترة جاؤوا بادهى وامر
يا بني الاقباط تلكم مصرنا / انتم البنك ونحن المقتهر
ان هذا النيل أم حافل / كلنا يرضع منها ويذر
فغدت حافلنا ترضعها / حية اشبه شيء بسقر
رضعتها لبنا ثم دما / واغتبطنا بمشاش ووبر
وهي لا يقنعها ما ترتمي / لا ولا يقنعها بلع الحجر
ذكرتنا بعصا موسى على / ان ذي تلقف أرواح البشر
نبلنا في الغرب يجري ذهبا / وبقينا نترامى في الحفر
أن يكن جيش احتلال غركم / فهي امنية من لا يفتكر
ما يريد الجيش باستقلالكم / بعدما القى عصاه واستقر
عقد النير وما في همته / آمن المصري يوما أم كفر
جاء والمعية تلوى معيه / فامترى ثم تعاطى فعقر
طمت الجرفة يا اقباطها / انها مأدبة لا تنتقر
اصبح المطران والمسلم في / غمرها اعجاز نخل منقعر
قد تدربتم على بأوائكم / دربة قاسية ذات خطر
فاشعبوا الوحدة وحيا قبل ان / تتداعى كهشيم المحتظر
ان في مصر رجالا عرفت / كيف تأتي الأمر أو كيف تذر
لا تبارون لهم مأثرة / ولو احتلتم على كسف القمر
صعدوا في كل هم فكرهم / فاقتنوا حكم ابتداء وخبر
اثر الحكمة فيهم نير / كادت الأفلاك منه تنبهر
مثلوا غيرتهم مؤتمرا / ينصر الله ونعم المؤتمر
وطئوا الآمال بالدرك لما / ادركوه من تعاليم النظر
لا يبيتون على الضيم ولا / حيرة الذهن اذا الخطب انفجر
لا يهيمون بواد مبهم / هم الى التحقيق اهدى من بصر
يا بني التوحيد في مصر لقد / صرتم في جبهة الدهر غرر
صبغة الله على نهضتكم / ان من كان مع الله انتصر
بيئة مخلصة صادقة / لم يدنسها رياء واشر
فخذوا وجهتكم واصطبروا / لا ينال النجح الا من صبر
ثابروا جهدكم لا تسأموا / قد بدوا لي فتح أمر منتظر
ربما ضاق على حيلتنا / اعقب الفتح كلمح بالبصر
واذا الفتح تلافى أمة / جدّ في نهضتها أهل الخطر
صفوة الأمة انتم وعلى / أمركم صفوة ارباب النظر
بطل الاسلام قمقام العلى / رجل المجد الهمام المقتدر
ناصع الحجة معصوم النهى / جلد الهمة ذو العزم الذمر
صاحب العز رياض من غدت / فطرة التوحيد منه في وزر
هضبة الفضل عزيز المحتمى / شانه العدل بما ساء وسر
جرد الغيرة من اجفانها / فحمى الحق واخزى من غدر
عصم النحلة مرهوب السطى / لين الجانب صعب المنكسر
يا حمي الانف يا ليث الشرى / ذد عن الحوض فقد جد الحذر
لا تدع مصر لمن يعثو بها / غير ما عزك من أمر القدر
قائم انت على ارجائها / بملاك الأمر والحق الاغر
قم بحول الله لا تحفل بها / رقصت ام سكنت أم العبر
لو يكون الشعر نصرا لم أزل / انظم الانجم لا ارضى الدرر
لو ملكنا السيف لم نرجع الى / قلم في النصر ان قام عثر
والغيور الحر يبدي نصره / لأخي ملته كيف قدر
فخذوا شعري ثناء بعدما / مدحت نهضتكم آي السور
وليدم حيا رياض وليعش / ثابت العزة هذا المؤتمر
سميري وهل للمستهام سميرُ
سميري وهل للمستهام سميرُ / تنامُ وبرق الأبرقين سهيرُ
تمزقُ أحشاءَ الرباب نصاله / وقلبي بهاتيك النصال فطيرُ
تطايرَ مرفض الصحائف في المل / الهن انطواءٌ دائبٌ ونشورُ
يهلهل في الآفاق ريطا موردا / طوال الحواشي مكثهن قصيرُ
بمنتحبات مرزمات يحثها / حداءُ النعامى دمعهنُ غزيرُ
تنبه سميري نسأل البرق سقْيَهُ / لربع عفته شمأل ودَبورُ
ذكرت به عهداً حميداً قضيتهُ / وذو الحزن بالتذكار ويكَ أسيرُ
عهوداً على عين الرقيب اختلستها / ذوت روضة منها وجف غدير
متاعي رجع الطرف منها وكل ما / يسرك من عيش الزمان قصير
وبي من تباريح الجوى ما شجا الهوى / وذلك ما لا يدعيه ضمير
وفت لرسيس الحب بالصبر مهجتي / وما كل من شف الغرام صبور
إلا فما بالي وغور مدامع / ودمع التصابي لا يكاد يغور
أدهرى عميد الحب والعود ذابل / فهلا واملود الشباب نضير
عذير غوايات الغرام من الصبا / وما لغوايات المشيب عذير
وكل غرام قارن الشيب سوءة / وكل غرير في المشيب غرور
أبعد تباشير المشيب غواية / وللعقل منها زاجر ونذير
تناقلني عمران عمر قد انحنى / يشيب وعمر للشباب كسير
تناهت حياتي غير نزر على شفا / وذلك قدر لو نظرت يسير
صبابة عمر حشوها الغي والهوى / وهذا مقام بالتقاة جدير
تقضى ثمين العمر في نشوة الهوى / وحشو مزادي باطل وغرور
أألهو وقد نادى المنادي لمنتهى / إليه وإن طال المطال أصبر
وصبحان من عقل وشيب تنفسا / فذا مسفر هاد وذاك سفير
أأترك نفسي بعد ذا بيد الهوى / تسام كما جر الحمار جرير
وأوقرها شراً وفيها استطاعة / إلى الخير والناهي الرقيب غيور
وإني وإن سومت نفسي بمسرح / مراعيه سم ناقع وشرور
يطور لي الشيطان أطوار كيده / ونفسي له فيما يشاء نصير
فلست بمتروك سدى دون موقفي / على الغي عقبى أشرفت ومصير
سيوقفني من رقدة اللهو ناعب / يحط بمحتوم الردى ويطير
مقضي بي المحيا وجهلي مطيتي / وقائدها دنياي وهي غدور
أمان وأوهام وزخرف باطل / سراب بقيعان الفلاة يمور
محصلها بالكد والكدح راقب / لفوت وتفريق إليه تحور
فليس سديداً جمع هم لجمعها / ودائرة التفريق سوف تدور
سنتركها بالرغم وهي حبيبة / ورب حبيب للنفوس مبير
ومن عجيب ميل النفوس لعاجل / يحول على اكداره ويبور
وإسراعها في الغي إسراع آمن / وناقد أعمال العباد بصير
متى أقلعت عنا المنون وهل لنا / بغير طريق الغابرين عبور
أم الأمل الملهى براءة غافل / من الموت أم يوم المعاد يسير
أتمرح إن شاهدت نعشا لهالك / إليك أكف الحاملين تشير
ستركب ذاك المركب الوعر ساعة / إلى حيث سار الأولون تسير
نقى من غبار الأرض بيض ثيابنا / وتلك رفات الهالكين تطير
لي الويل هلا أرعوي عن مهالكي / أما في المنايا واعظ ونذير
أما في عويل النائحات مذكر / أم النوح حولي والبكاء صفير
أم الغارة الشعواء من أم قشعم / يشن أصيل هولها وبكور
على كل نفس غير نفسي رزؤها / ويمنعني منها حمى وستور
بلى سوف تغشاني متى حان حينها / فيعجز عنها ناصر وعشير
وتفجأني يوما وزادي خطيئة / واثم وحوب في الكتاب كبير
أرى الخطب صعبا والنفوس شحيحة / على زخرف فإن مداه قصير
وتلك ثمار الجهل والجهل مرتع / وخيم وداء للنفوس عقور
ولو حاولت نفس عن الشر نزعة / تنازعها طبع هناك خؤور
فزجت بها الآمال في غمراتها / إلى إن دهاها منكر ونكير
فثبطها تسويفها وهو قارض / لرمة اجال النفوس هصور
ودأب النفوس السوء من حيث طبعها / إذا لم يصنها للبصائر نور
بها ترتمي في الخسر آفات طبعها / خلائق توحيها الجبلة بور
تدارك وصايا الحق والصبر إنما / يفوز محق بالفلاح صبور
وخذ بكتاب الله حسبك إنه / دليل مبين للطريق خفير
فما ضل من كان القرآن دليله / ُوما خاب من سيرَ القرآن يسير
تمسك به في حالة السخط والرضا / وطهر به الآفات فهو طهور
وحارب به الشيطان والنفس تنتصر / فكافيك منه عاصم ونصير
دعيت لأمر ليس بالسهل فاجتهد / وسدد وقارب والطريق منير
وأسس على تقوى من الله توبة / نصوحا على قطب الكمال تدور
وزن صالح الأعمال بالخوف والرجا / هما جنة للصالحات وسور
وبالعدل والإحسان قم واستقم كما / أمرت وبادر فالمعاش قصير
وراقب وصايا الله سرا وجهرة / ففي كل نفس غفلة وفتور
وجرد على الاخلاص جدك في التقى / ففوقك بالشرك الخفي خبير
وثابر على المعروف كيف استطعته / ودع منكرات الأمر فهي ثبور
ومل حيث مال الحق والصدق واستبق / مليا إلى الخيرات حيث تصير
واخلص مع الجد اليقين فإنه / به تنضر الأعمال وهي بزور
وبالرتبة القصوى من الورع التبس / فللورع الدين الحنيف يحور
وكن في طريق الاستقامة حاذرا / كمين الاعادي فالشجاع حذور
يجوز طريق الاستقامة حازم / على حرب قطاع الطريق قدير
مراصدها شتى وفي كل مرصد / لخصمك حربٌ بالبوار تغور
فلا تخش ارهاقا وساور ليوثها / بعزم يفض الخطب وهو حسير
ورافق دليل العلم يهدك انه / طريق يحار العقل فيه وعير
وفعلك حد المستطاع من التقى / على غير علم ضيعة وغرور
فما زكت الطاعات إلا لمبصر / على نور علم في الطريق يسير
أتدخر الأعمال جهلا بوجهها / وأنت إلى علم هناك فقير
فيا طالب الله ائته من طريقه / وإلا فبالحرمان أنت جدير
فلست إذا لم تهتد الدرب واصلا / قبيلك في جهل السلوك دبير
وما العلم إلا ما أردت به التقى / وإلا فخطأ ما حملت كبير
فكم حامل علما في الجهل لو درى / سلامته مما إليه يصير
وما أنت بالعلم الغزير بمفلح / ومالك جد في التقاة غزير
وحسبك علما نافعا فرد حكمة / بها السر حي والجوارح نور
تعلم لوجه الله وأعمل لوجهه / وثق منه بالموعود فهو جدير
تعرض لتوفيق الإله بحبه / ودع ما سواه فالجميع قشور
هو الشأن بالتوفيق تزكو ثماره / ومتجره والله ليس يبور
كأي رأينا عالما ضل سعيه / وضل به جم هناك غفير
معارفه بحر ويصرف وجهه / إلى الباطل الخذلان وهو بصير
وأفلح بالتوفيق قوم نصيبهم / من العلم في رأي العيون حقير
وتلك حظوظ للإرادة فسمها / وحكمة من يختارنا ويخير
تحزبت الأحزاب بعد محمد / فكل إلى نهج رآه يصير
وقرت على الحق المبين عصابة / قليل وقل الأكرمين كثير
هم الوارثون المصطفى خير أمة / لمدحهم آي الكتاب تشير
أولئك قوم لا يزال ظهورهم / على الحق ما دام السماء تدور
على هضبات الاستقامة خيموا / إذا اعوج أقوام وضل نفير
تنافر عنهم رفض وخوارج / وحشوية حشو البلاد تمور
رأوا طرقا غير الهدى فتنافروا / إليها وبئست ضلة ونفور
لهم نصب من بدعة وزخارف / بها عكفوا ما للعقول شعور
تدعمهم أهواؤهم في هلاكهم / كما دع في ذل الأسار أسير
لأقوالهم صد وفيهم شقاشق / لهن ولا جدوى هناك هدير
دليلهم يهوي بهم في مضلة / وهم خلفه عمش العيون وعور
فيا أسفا للعلم يطمسه الهوى / ويا أسفا للقوم كيف أبيروا
أرى القوم ضلوا والدليل بحيرة / وللحق نور والصراط منير
سروا يخبطون الليل عميا تلفهم / شمائل من أهوائهم ودبور
يتيهون سكعا في المجاهل ما بهم / بمواطئ أخفاف المطي بصير
يقولون ما لا يعلمون وربما / على علمه بالشيء ضل خبير
ولو كان عين الحق منشود جهدهم / لما حال سد أو طوته ستور
نعم أبصروه حيث غرهم الهوى / فصدهم عنه هوى وغرور
أقاموا لهم من زخرف القول ظهرة / ذو للبطل فيما استظهروه ظهور
وفي زخرف القول إزدهاء لمن غوى / والهنة عن لب الصواب قشور
وفي البدع الخضر ابتهاج لأنفس / تدور بها الأهواء حيث تدور
نشاوى من الدعوى التي يعصرونها / وليس لبرهان هناك عصير
وما روقوه من رحيق مفوه / فذلك سم في الإناء خثير
يدرون أنواء الكلام وما بها / وراء ولا يطفي بهن هجير
وما كل طول في الكلام بطائل / ولا كل مقصور الكلام قصير
وما كل منطوق بليغ هداية / ولا كل زحار المياه نمير
وما كل موهوم الظنون حقائق / ولا كل مفهوم التعقل نور
وما كل مرئي البصائر حجة / ولا كل عقل بالصواب بصير
وما كل معلوم بحق ولا الذي / تقيل علما بالأحق جدير
ولكن نور الله وهب لحكمة / يصير مع التوفيق حيث يصير
وهدى الله حظ والحظوظ مقاسم / إلى مقتضى العلم القديم تحور
وليس اختيار الله في فيض نوره / بمكتسب أو تقتضيه أمور
وفي ظاهر الأقدار أسرار حكمة / طواهن من علم الغيوب ضمير
ارتنى هدى زيد وفي العلم قلة / وضلة عمرو والعلوم بحور
وذاك دليل ان لله أنفسا / عليها من اللطف الخفي ستور
ظواهراها بله وتحوي بواطنا / لدى علمها جنس الوجود حقير
عليها خدور من غبار غباوة / ولكنها تحت الخدور بدور
تجردن من لبس الخيالات وانطوى / عليهن ريش من هدى وشكير
سرين رياح الله تحدو ركابها / اليه وأنوار اليقين خفير
يغادرن فيه منزلا بعد منزل / يكاد بها الشوق الملح يطير
تدثرن خيل الله حتى بلغنه / وواحدها في العالمين دثور
وردن مياه النهر غرثى صوادئا / وليس لها حتى اللقاء صدور
اوانس في مرج الرجاء رواتع / وللخوف في احشائهن زفير
غسلن به احكام سهم واشعر / ودرن مع القرآن حيث يدور
نحرن عقيب الدار بازل ناكث / وأمس بصفين لهن هرير
فلو قدرتها هاشم حق قدرها / هشمن ابن صخر للحروب صخور
ولكن وهى رأى وخامت عزيمة / فحكم خصم واستبيح نصير
بني هاشم عمدا ثللتم عروشكم / وفي عبد شمس نجدة وظهور
على غير ذنب غير إنكار قسطهم / وللجور من نفس المحق نكير
قتلتم جنودا حكموا الله لا سوى / وقالوا علي لا سواه أمير
فيها لدماء في حروراء غودرت / تمور وأطباق السماء تمور
وانفس صديقين أزهقها الردى / وشقت عن التقوى لهن نحور
مخردلة الأشلاء للطير في الفلا / وهن بجنات النعيم طيور
على جنبات النهروان عقائر / كما وقيت بالمشعرين نذور
أبيد خيار المسلمين بضحوة / كما نحرت للميسرين جزور
يعجون بالتحكيم لله وحده / وهامهم تحت العجاج تطير
فيا أمة المختار هل فيك غيرة / فان محب الله فيه غيور
ويا ظهرة الإيمان هل فيك منعة / وهيهات عزت منعة وظهير
ويا لرجال الله أين محمد / وناصره بالنهروان عقير
ولو وقعة كانت بعين محمد / لما قر عينا أو يزول ثبير
فمن لصدور الخيل فوق صدورهم / ولله في تلك الصدور بحور
تطل دماء المؤمنين على الهدى / وخيل ابن صخر في البلاد تغير
ويعصى ابن عباس إذا لم شعثها / ويسمع فيها أشعت وجرير
على أن علت فوق الرماح مصاحف / ونادوا إلى حكم الكتاب نصير
مكيدة عمرو حيث رثت حباله / وكادت بحور القاسطين تغور
أبا حسن ذرها حكومة فاسق / جراحات بدر في حشاه تفور
أبا حسن اقدم فأنت على هدى / وأنت بغايات الغوي بصير
أبا حسن لا تعطين دنية / وأنت بسلطان القدير قدير
أبا حسن لاتنس أحدا وخندقا / وماجر عير قبلها ونفير
أبا حسن أين السوابق غودرت / وأنت أخوه والغدير غدير
أبا حسن إن تعطها اليوم لم تزل / يحل عراها فاجر ومبير
أبا حسن طلقتها لطليقها / وأنت بقيد الأشعري أسير
أتحبس خيل الله عن خيل خصمه / وسبعون ألفا فوقهن هصور
أثرها رعالا تنسف الشام نسفة / بثارات عمار لهن زفير
وصك ثغور القاسطين بقيلق / له مدد من ربه وظهير
فلم يبق الا غلوة أو تحسهم / ويبكي ابن صخر قبة وسرير
فما لك والتحكيم والحكم ظاهر / وأنت علي والشآم تمور
أفي الدين شك أم هوادة عاجز / تجوزتها أم ذو الفقار كسير
يبيت قرير الجفن بالجفن لاصقا / وجفن حسام ابن اللعين سهير
فلا جبرت حداه ان ظل مغمدا / وهندي هند منجد ومغير
ولا جبرت حداه يوم سللته / له في رقاب المؤمنين صرير
أتغمده عن عبد شمس وحزبها / ويلفح حزب الله منه سعير
فمالك والأبرار تنثر هامهم / كأنك زراع وهن بذور
ذروتهم عصفا وتبكى عليهم / بلى فابك خطب بالبكاء جدير
فما هي إلا جدعة الأنف ما شفت / غليلا وجرح لا يزال يغور
ستحصد هذا الزرع مهما تقصدت / عراقك لا يلوى عليك ضمير
تنازعها سل السيوف فتلتوى / وتخطب فيها والقلوب صخور
قتلت نفير الله والريح فيهم / وأصبحت فذا والنفير نفور
نشدت دوي النحل لما فقدتهم / ويعسوب ذاك النحل عنه خبير
أرقت دماء المؤمنين بريئة / لهن بزيزاء الحرار خرير
عليا أمير المؤمنين بقية / كأن دماء المؤمنين خمور
سمعناك تنفى شركهم ونفاقهم / فأنت على أي الذنوب نكير
وما الناس إلا مؤمن أو منافق / ومنهم جحود بالإله كفور
وقد قلت ما فيهم نفاق ولا بهم / جحود وهذا الحكم منك شهير
فهل أوجب الإيمان سفك دمائهم / وأنت بإحكام الدماء بصير
تركتهم جزر السباع عليهم / لفائف من إيمانهم وستور
مصاحفهم مصبوغة بدمائهم / عليهن من كتب السهام سطور
وكنت حفيا يا ابن عم محمد / بحفظ دماء مالهن خطير
وكنت حفيا ان يكونوا بقية / لنصرك حيث الدائرات تدور
تناسيت يوم الدار إذ جد ملكها / فللعاص فيها دولة وظهور
ويوم جبال الناكثين تدكدكت / وطلحة والعود الطليح عقير
وحربا تؤز الشام ازا قراعها / له في جموع القاسطين سعير
تعوذ منها القاسطون بخدعة / بجدعة تلك الأنف فاز قصير
مواطن أهوال تبوأت فلجها / إلى أن دهتها فلتة وفتور
تفانت ضحايا النهر في غمراتها / وأنت شهيد والعدو وتير
تنادي أعيروني الجماجم كرة / فقد قدموها والوطيس سعير
أما والذي لا حكم من فوق حكمه / على خلقه ورد به وصدور
لقد ما أعاروك الجماجم خشعا / عليهن من قرع الصفاح فطور
فقصعتها إذ حكمت حكم ربها / فما بقيت عارية ومعير
فيا أسفا من سيف آل محمد / على المؤمنين الصالحين شهير
نباعن رؤوس الشام في الحق وانثنى / إلى ثفنات العابدين يجور
أحيدرة الكرار إن خياركم / وقراءكم تحت السيوف شطور
أحيدرة الكرار تابعت أشعثا / وأشعث شيطان ألد كفور
أعشرون ألفا قلبهم قلب مؤمن / بأوجههم نور اليقين ينور
بهاليل أفنوا في العبادة أنفسا / لهم أثر في الصالحات اثير
أسود لدى الهيجا رَهابين في الدجى / أناجيلهم وسط الصدور سطور
وفي القوم حرقوص وزيد وفيهم / أويس ومن بدر هناك بدور
ومن بيعة الرضوان فيهم بقية / بأيديهم منها ندى وعبير
اكلتهم في النهر فطرة صائم / فكيف أبا السبطين ساغ فطور
فيا فتنة في الدين ثار دخانها / وذاك إلى يوم النشور يثور
نجونا بحمد الله منها على هدى / فنحن على سير النبي نسير
بصائرنا من ربنا مستمدة / إذا اشتبهت للمارقين أمور
وثقنا بأن الدين عروة أمرنا / وماشذ عنه فتنة وغرور
وإن رجـالاً حـكموا اللّه حجة / على من بتحكيم الرجال يصور
ببينة مـن ربـهم وبـصيرة / تجاهل فـيــهــا عـسـكر وأمـير
وإنــهـــم حــجـــوا عـليــاً وأعـذروا / ومـا فـاتهم مـمن لديـه عـذير
عـلى أنـه مـن أبصـر الناس للهدى / وكــم بـقضـاء اللّه ضل بصير
تـنـورهـا الحبـر ابن عبـاس منـهـم / فــحـــج عـليــاً والحـجــيــج نـصــيــر
جـزى اللّه أهـل النـهــروان رضـاءه / ومـــا فــوق مــرضـــاة الإله أجور
كما جاهدوا في اللّه حق جهاده / وقامـوا بمـا يرضى وفيـه أبيروا
ومـاتــوا كـرامــاً قانـتـيـن وكلهم / عـلى المـوت صـبار هـناك شكور
شــراة ســراة لا يــخـــط غـبــارهــم / وإن أبــلحـــت فــوق الأمــور أمـور
إذا انتـهـكـت من دين الاسلام حرمة / فــليـــس لهـم عـيــش هـنــاك قـريــر
كــرام شــداد الغـار في ذات ربـهــم / عــلى كــل حــال والمــحـــب غــيــور
نـفـوسـهـم حيـث ابتـلوا وجه ربهـم / قــرابـــيــن مـنــهــم قـدمــت ونـذور
نـديــن لوجـه اللّه طـوعــاً بحـبـهـم / ومــا شــنــآن المـلحــديــن مـضــيــر
هـم القـوم بـلتــهـم مخـافـة ربهـم / ودارت عــليـــهـــم أبــطـــن وظــهــور
فـلا بـارح الروح الالهـي ربـعـهـم / ولا فــارقـــتـــهـــم رحـمــة وحـبــور
واخـوانــهـم أهل النخـيـلة بعـدهـم / واتـبــاعــهــم حـتــى يـقــوم نـشــور
ولا زال مـنــهــل السـلام عـليــهــم / تـــــرادف آصــــال بــــه وبكور
وأدخـــلهـــم دار الســلام إلهــهـــم / جـمــيــعــاً عـليــهــم نـضــرة وسـرور
غوث الوجود أغثني ضاق مصطبري
غوث الوجود أغثني ضاق مصطبري / سر الوجود استلمني من يد الخَطر
نور الوجود تداركني فقد عميت / بصيرتي في ظلام العين والاثر
رُوحَ الوجود حياتي إنها ذهبت / من جهلها بين سمع الكون والبصر
روح الوجود دهي الكرب العظيم وفي / أنفاس روحك روح المحرج الحصر
أنسَ الوجود قد استوحشتُ من زللي / وأنت انسي في وردي وفي صدري
أمنَ الوجود اجرني من مخاوف ما / أحرزتُ نفسي منها في حمى الحذر
عين الوجود ترى بؤسي ونازلتي / وفي محالك انقاذي من الضرر
عزَّ الوجود بعز الله أنتَ لها / فواقر درست أعيانها أثري
وجهت نحو رسول الله نازلتي / وقلتُ يا نفس حُمّ النصر فانتظري
أمنية الفوز منه غير خائبة / ومطمع النجح منه غير منحسر
ونائل الخير منه غير منقطع / وفائض البر منه غير منحصر
بسطتُ كفي إلى فياض رحمته / على يقين بدرك السؤل والظفر
وقمتُ الهجُ والآمالُ صادقة / ٌ يا عصمتي يا حبيب الله يا وزري
حقيقة الصبر استعطي الثواب بها / والفقر يلزمني ما عزّ مقتدري
ولست اعذر هذا الدهر في شظف / ما دام فضلك عندي غير معتذر
ولا أريدك بالأيام تبصرة / لأنت أبصر بالدنيا من البصر
أنت الحياة التي نفس البقاء بها / بل أنت مكنون سر الله في البشر
مولاي من كنت في الأزمان ناصره / فليس يغلبه شيءٌ سوى القدر
تلقني في مهاوي حوبتي فلقد / أوقعت نفسي ييعدي عنك في الخطر
يا مصطفى الله يا مختار نظرته / يا أصل ما أظهر الابداع من فطر
يا رحمة الله يا مبعوثَ رأفته / يا مظهر اللطف في الأرواح والصور
يا أول الكل بعد الله مبتدَعا ً / وأول الكل عند الله في الخطر
يا آخر الرسل لا تأخير مرتبة / وإنما السرّ مطويٌ عن الفكر
يا ظاهرا بكمالات الظهور على / كل الظواهر في سُلطان مقتهر
يا باطنا ً لم تفته الباطنات ولم / يُدرك مقاماته علم من الفطر
أنوار حبك في قلبي قد انطبعت / جبلة ً كانطباع الشمس في القمر
ما زال حبك في روحي يخامرها / حتى تجردت عن عيني وعن أثري
ما للمحبة مقدار اذا اقتصرت / الحق حبك حب غير مقتصر
تجرداً من هنات كلها حجبٌ / لا وصل والحُبّ محجوب بذي الستر
أدعوك خلف حجاب الكون منبسطاً / في بسط حبك لم أخلص من الأثر
ذهلتُ عن كل شيء مذ علقتُ به / فلا أفرق بين الصفو والكدر
لا أحسب الروح الا انها خُلقت / من الهوى فاختفت عن عالم الصور
فلا علاج لها من أصل فطرتها / اذا أصيبت بسهم الحب عن قدر
وجدتُ روحي صريعاً في مصارعه / يا حبُّ لا تُبق من روحي ولا تذر
نار المحبة نار لا يقام لها / لواحة قسماً بالحب للبشر
طارحت أهل الهوى حتى بليت به / ففتهم ومشوا خلفي على أثري
لا يصدُقُ الحب إلا من يموت به / ما للهوى دون حسو الموت من قدر
وليتها موتة في الحب موصلة / بوصلة من حبيب الله في العمر
ولستُ في الحب من نفسي على ثقة / من نصبها للهوى طوراً على وطر
ان كان حبي معلولاً فأنتَ لها / أدرك عليلك قبل الأخذ في الخطر
بقدس نورك أستشفي وقد ضنيت / نفسي بأفات هذا العلم القدر
وأنت طب بصير قد بعثت بما / يشفي العضال فانقذني من الضرر
فداً لك الكون لا أسلو بزهرته / عن فرط حبك يا من حبه وزري
وكيف تفدى بكون أنت علته / لولاك ما أوجدت موجودة الفطر
لو كنت أعلم غير الحب منزلة / تدني اليك لكانت منتهى خيري
لكنني بغرامي فيك لي آمل / من اليقين بأني منك بالنظر
كم نال منك العدى عفوا ونآئلة / ما شأن من روحه بالحب في سُعر
صدق الهوى فيك ينتاط الفلاح به / فاقبل محبك يا سمعي ويا بصري
مضناك مضناك لا ترجئ رجاوته / أطلقت فيك رجاءً غير مقتصر
وما أناديك عن عذر أحققه / أبوء ويلي بذنب غير منحصر
أوقرت وقر الشقا حتى خذيت له / والنفس من أبحر الغفلات في غمر
في شرة السهو أجري سادرا نزقا / لا أرعوي عن غواياتي لمزدجر
تسوقني نزغة الشيطان منغمسا / في ورطة من غرور الزخرف الوضر
يا سائقا حطما رفقا بسائمة / عشواء تخبط من جهل بمعتكر
نضوبراها الونى ندت بمقفرة / بين السباع بلا ماء ولا شجر
هيهات لا يقلع السواق من ملل / ولا المسوق عن استرسال مؤتسر
الا اذا عصمتني منك عاصمة / تحلني منك في أمن وفي وزر
يا من به سلوتي في كل واقعة / عن كل كائنة في الورد والصدر
أدنى حقوقك تشقيق القلوب واز / هاق النفوس متى تخطر لمدكر
يا من وقته السحاب الحر تابعة / لذاته في حلول الركب والسفر
يا من به بشرتنا الأنبياء كم / شدت به الجن في بدر وفي حضر
يا من به أخبر الكهان وهو على / أرائك الغيب لم يبدر من الستر
يا من تقدم نورا في حظائر نو / ر الله حتى تلقاه أبو البشر
فلم يزل تتلقاه الكرام على / طهارة الشرع حتى حل في مضر
ومنه في صلب الياس فاسمعه / في الصلب لبيك بين الركن والحجر
حتى تهلل في مشكاة آمنة / يا أخت زهرة حزت النور فازدهري
وزارها أنبياء الله قاطبة / فبشروها به في نومة السحر
وكم لها من خصوصات وخارقة / في حمله شاهدتها رؤية البصر
وللخوارق في لوح الوجود له / في برهة الحمل شأن غير مستتر
ما صدع ايوان كسرى في تزلزله / الا لنازلة من معجز القدر
وهي التي طيرت اكليل مفرقه / يا طير قد عشت دهراً قبل لم تطر
وما لساوة غاضت هل تقيلها / وادي سماوة حتى فاض بالقفر
وما هي النار من خطب اذ انظفأت / يا نار في كبد الاشتراك فاستعري
حتى اذا آن اتحاف الوجود به / وان يباشره بالفوز والظفر
تهلل العرش والكرسي والملأ ال / أعلى وزخرفت الجنات بالبشر
وجاء جبريل بالتمجيد مبتدرا / مشاعر الله والأملاك في زمر
وحفت الحور والعذراء مريم وال / غراء آسية في الدل والخفر
ببنت وهب وروح الله يمسحها / بالروح والنور من أنفاسه العطر
والبيت يهتز والأملاك خافقة / شرقا وغربا وكون الله في خبر
تنزلت في غواشي الروح لائحة ال / اذن الالهي بين الفجر والسحر
فأبرزت درة الأكوان ذات صف / ي الله ساجدة لله في العفو
فليتني ذرة من تربة لمست / آرابه في سجود غير مبتكر
في عالم النور لم تفتر مساجده / منه فلا تفتكر في عالم الصور
بالقول مجد عيسى والحبيب أتى / بالقول والفعل في التمجيد بالصغر
مواهب الله في تمجيده وحصرت / له الكمالات في أطواره الزهر
فلا كمال لمخلوق وليس به / وانما فاض منه الفيض للفطر
لا عرش لا فرش لا كرسي لا ملك / لا أنس لا جن لم يمدده بالخير
أب لكل وجود أصله مبدئه / منه ومنه مداد الأنفس الطهر
لا بدع أن تغمر الأكوان رحمته / لأنها منه كالأغصان للثمر
ماذا عسى بالغا اطراء مدحته / دقيقة الأمر لم يخطر على الفكر
أقصى المدائح في تمجيده حسرت / وشأنه في المعالي غير منحسر
وانما يؤخذ التوصيف منه كما / يشتقه الطير وسط البحر من قطر
ما للمعاجز قدر في مراتبه / الشأن أغنى عن التدليل والنظر
مجد الرسالة والشأن المضاف له / شهادة الله أغنته عن العبر
عز المكانة عند الله متصل / بحجة الله لا تسبيحة الحجر
وانما سيقت الآيات تكرمه / له وتبصرة للسيء البصر
بصائر جهرت أبصار جاحدها / يخفى لديهن ضوء الشمس والقمر
لو لم يكن غير أعجاز البلاغة في ال / ذكر الحكيم لطوع الجن والبشر
أتى وللبلغاء اللسن عارضة / فصك ثغر بيان القوم بالحجر
واستيقنوا ان خلقا لا يجيء به / وانه خارج عن طاقة الفطر
وحين ابهتهم حادث شكائمهم / بغيا وعدوا إلى الالحاد والأشر
فقال بعضهم سحر وبعضهم / سجع وبعض أساطير من الزبر
تنافروا عن هدى مولاهم وهم / على بصيرة علم نفرة الحمر
وعاندوا اذ تحداهم به حسدا / من عند أنفسهم رميا بلا وتر
فكان جهد حدياهم مساورة ال / بيض القواضب اذ خاموا عن السور
فصكهم سيف جبار بكلمة ج / بار السماء على الأجيال منتصر
فاجتث اثلتهم سلطان سطوته / بصولة من جلال الله في وزر
بصارم في يمين الله قائمة / كأنها صيغ حداه من القدر
كم فيلق جره من تحت رايته / جيوش جبريل فوق الشزب الضمر
مسومين بنور الله يقدمهم / حيزوم والملأ الأعلى على الأثر
يباشرون الوغى بلقا خيولهم / صفرا عمائمهم في قالب البشر
نعم الكتائب روح الحق سيدها / والروح جبريل من فرسانها الذمر
أجلت وغاها وخيل اللات ضاحية / على الظواهر والقيعان كالجزر
اشلاء دفت عليها الفتح وانتهبت / أوصالها السيد بعد البيض والسمر
يا نخوة اللات والعزى خزيت ويا / جبرية الشرك جاء الله فانكسري
ويا بني الجبت والطاغوت حسبكم / من رمية الله في الدنيا وفي سقر
ويا مثلثة اللاهوت قد كسر الله / الصلب بهذا الصارم الذكر
ويا معطلة التكوين قد بهرت / قضية الله شأن الدهر فاندحري
بالهاشمي الذي نادت به الصحف / الأولى مبشرة في سالف العصر
جاء المشفع مالأجيال تعرفه / بنعته عن لسان الرسل والزبر
جاء المشفع جاء النور مبتدرا / لم يأتي الا لمولاه ولم يذر
جاء البشير النذير السيد الصمد ال / بر الكريم المرجي خيرة الخير
يهدي الى الله لا تثنيه كارثة / عن أمره من غموم الأزمة النكر
يدعو الى الله فرداً في عوالمه / بعزم مضطلع لله مصطبر
أتي على فترة والدين مشترك / بين الكواكب والأملاك والحجر
فقام لله لا يألو مجاهدة / فيه حنيفا على السراء والضر
حتى استقامت له في الكون سيطرة / من فطرة الله بين العز والظفر
حنيفة سمحه بيضاء نيرة / إلى القيامة في أمن من الغير
يحمي حماها مليك الأنبياء أب / ى الضيم حيا وميتا منه في وزر
ليث الرسالة صنديد الملاحم سل / طان العوالم مولى سائر الفطر
شمس النبوة إجلالا ومرتبة / لولاه قنديل جنس النور لم ينر
محمد عاصم الكونين فاتح ك / ك الخير قائد كل البر والخير
فتح السعادة في الدارين موهبة / منه وانعاش جد العاثر الذعر
مبارك رحمة للعالمين به / درك الفلاح وكشف البؤس والضرر
مهيئ لاختصاص لا مقام له / في غيرة وكمال غير منحصر
شمس الكمالات الاسمائية انبسطت / منه الكمالات في كنهية الأثر
حقيقة عكفت فيها المحاسن فال / إبداع مندهش من حسنها النضر
عز ترقى بعليين رفعتة / بمشرق المجد والأدوار لم تدر
ولا يزال ترقيه لغير مدى / يسمو المراتب من أولى إلى أخر
ولن تزال على الأعيان فائضة / فيوض رحماه بالاصال والبكر
محمديته البحر المحيط فمن / فياضه رحمة الدارين للفطر
ان غاب شخصا فما غابت شهادته / الكون منه محل السمع والبصر
سرت عنايته في كل ناشئة / وروحه سريان الماء في الشجر
مهاد رأفته عدن ونحن بها / في مقعد الصدق نحيا عند مقتدر
محصنين بحصن من رعايته / مستعصمين به في الصفو والكرد
مخلصين به في عز ملته / مما نحاذر في الدارين من خطر
نصير دعوته يحمي حفائظنا / فنحن من عزة الايمان في وزر
طوبى لنا قد جعلنا أمة وسطا / خيرا شهودا لمولانا على البشر
مباركين بنور الختم تنفحنا / أنفاس أحمد حمادين في الزبر
نمشي على سنة الصدر المبارك من / أصحابه المهتدين السادة الطهر
شعب كريم قديم الذكر باركه / نور الرسالة في الأسرار والسير
عناية الله خصتهم بما سبقوا / به البرية من زلفى ومن خير
في الله جدوا فجدوا في مفاخرهم / ومدحه الله فيهم حسب مفتخر
فروا إلى الله واستبقوا بجهدهم / بقية الله ذخرا خير مدخر
وجردوا النفس تجريد السيوف / فلله النفوس وحد السيف للكفر
هبوا لداعي الهدى والنور حشوهم / ما بين ذي هجرة فيه ومنتصر
أسد صناديد في أيدي عزائمهم / طي الخطوب ونشر الفوز والظفر
غر أيامن انضاء العبادة في / وجوهمم من سجود نير الأثر
حتى مضى المصطفى والله يمدحهم / وهم لنا قادة والحق في وزر
نهاية القول فيهم انهم بشر / فازوا بما لم ينله سائر البشر
يا صحب أحمد يا أنصار حجته / والحائزين مقام القرب والنظر
أنتم شفيعي إلى من ليس يجبهكم / بحر الكمال عظيم الشأن والخطر
ما قدر مدحي وقول الله يمدحكم / لولا المحبة واستمداد مفتقر
عساه يشفع عند الله لي فله / شفاعة وسعت ما كان من وطري
يا سيدي با رسول الله قد وصلت / اليك حالي فصلها منك بالنظر
فنظرة منك في حالي يكون بها / فوزي بربي وانقاذي من الضرر
ياسيد الرسل ضاقت كل كائنة / بناصر" فلتكن لي خير منتصر
وأن يضق بي أمري فهو متسع / بوسع جاهك في وردي وفي صدري
هذا الرجاء حبيب الله منبسط / فابسط يمينك بالحسنى إلى ضروري
يا رب صل وسلم عد ما وهبت / يداك من نعمة في السر والجهر
ومثل نورك ملء العرش منبسطا / وملء ما حاطه المقدور من أثر
ومثل حبك أقواما رضيتهم / بمقتضى أزلي العلم والقدر
ومثل حبهم اياك اذ خلصوا / فمالهم غير حب الله من وطر
ومثل اضعاف نور المصطفى رتبا / ومجده ومعاليه على البشر
على رسولك مولانا الحفي بنا / محمدوعلى اولاده الطهر
وآله وجميع الصحب من شهدت / بفضلهم ابديا ألسن السور
أنمى صلاة وأزكاها وأوفرها / موصولة الفيض والامداد في العصر
ترضى بها سيدي عنى وتلهمني / رشدي وتغفر لي يا خير مغتفر
وتجعل الفوز بالجنات جائزتي / بفضلها ونجاتي رب من سقر
ووالدي وأولادي ومقربتي / والمؤمنين وأنصاري ومؤتزري
وكل ماض وآت والمعاصر من / أئمة الدين والقوام بالبشر
واجعل صلاتي له يا رب متصلا / بروحه نورها كالنور بالبصر
واجعل مديحي له ضيفا يلم به / يعود لي عنه بالاكرام والخير
ما خاب راجي رسول الله في أمل / ولا انثنى عنه إلا قاضي الوطر
ريب المنون مقارض الأعمار
ريب المنون مقارض الأعمار / وحياتنا تعدو الى المضمار
والنفس تلهو فوق تيار الردى / يا ليتها حذرت من التيار
قرت على رنق وزخرف باطل / مثل القرار على شفير هار
ماذا يغر المرء من محياه في / دنياه وهي قرارة الاكدار
يتساقط المغرور في لهواتها / تفريه بالانياب والاظفار
كشفت سرائرها ونادت جهرة / بعيوبها في سائر الاعصار
لم يبق شيء من شئون صروفها / في نحت اثلتنا على الاضمار
نفقت تجارتها وما باعت على / غرر ولا كذبت على التجار
يتهافت العمار في هلكاتها / فعل الفراش على لهيب النار
تجري الى شهواتها سعيا على / أنقاض ما هدمت من الأعمار
نصبت حبالتها وأنذرت الردى / وكأننا صمم عن الانذار
صدعت بما جبلت عليه ولم تدع / ذكرى ولا عظة وراء ستار
شر الغرور سكون ذي بصر الى / عيش تمزقه يد الأخطار
عبر تلونها الصروف وأنفس / تفنى وآثار على آثار
هل زاد عيشك ذرة عن هذه / لو كنت في الدنيا على استبصار
هلا اعتبرت وفي حياتك عبرة / مما تصرفه يد المقدار
لا تستمر لك السلامة لمحة / وغوائل الأيام في استمرار
ما بالنا نبكي الفقيد ونحن من / حب الذي أرداه في استهتار
شغف النفوس بما يراقبه الفنا / أثر الهوى ومحبة الأوطار
جسر المنون أمام وجهك عابر / ولسوف تعبره مع السفار
شمر لتعبره مخفا سالما / من ثقل ما أوقرت من أوزار
ليس العظات بما يقول مذكر / مثل العظات بمصرع الأعمار
كم للمنون لو اعتبرنا من يد / في سلبها الأرواح بالتذكار
ما الحزن الفتنا لمقصود الردى / يغتال في الايراد والأصدار
اترى يجد البين فينا هازلا / ويريحنا بمصارع الأخيار
كلا ولكن الحياة بهيمة / تجري عليها مدية الجزار
خلقت لما خلقت له من حكمة / وتعود تتبع دعوة الجبار
مزمومة نير القضاء يقودها / مربوبة لمشيئة المختار
كتب البقاء لنفسه مستأثرا / باماتة الأحياء والأنشار
واذا اعتبرت حياتك الدنيا تجد / ان الحياة مظنة الأعذار
ما بين معركة وأخرى يبتغي / أملا لباقية ذوو الأبصار
لو كان يشترك البقاء لغادرت / غيل المنيه أنفس الأبرار
يا صرعة الموت انتقرت خيارنا / وتركت أمتنا بغير خيار
ناهيك من اطفاء أنوار الهدى / غشى الظلام وضل فيه الساري
ناهيك من اعدام احبار التقى / فالدين لا يبقى بلا احبار
ناهيك من قعص السراة فانهم / سور ادين المصطفى وسواري
ناهيك من هلك الكرام فما بقي / رسم الكرام ولا حماة الجار
ويلاه أوحشت الديار من الألى / كانوا خلائف سنة المختار
أو كلما نجمت فضيلة سيد / قدرتها وترا من الأوتار
أسرعت في الاغواث والاقطاب / والاعلام والابدال والاخيار
مهلا فما أبقيت ثم بقية / نزح القطين وجف روض الدار
ما زلت تعتقرين كل أعزتي / فالجو خاو والديار عواري
افقدتني شهب الفضائل كلهم / ويلاه من شهبي ومن أقماري
ويلاه أين سماؤها ونجومها / وشموسها ذهبوا كأمس الجاري
من كل أروع لوذعي كامل / يهتز عرفا كالقنا الخطار
عمد الديانة قطبها قوامها / سحب المكارم أبحر الأنوار
تلألأ الأكوان من عرفانهم / كالشمس تملأ هيكل الأقطار
أنضاهم التسبيح والترتيل / والتهجيد بين جوانح الأسحار
خبت اذا جن الظلام رايتهم / طاروا الى الملكوت بالأسرار
غر اذا سجد الظلام على الفضا / سجدوا على الثفنات كالأحجار
قطع النحيب صدورهم وكأنما / وضعوا السحائب موضع الأشفار
قربانهم أرواحهم ونعيمهم / دأب على السبحات والاذكار
حصروا الشريعة والحقيقة والمعا / رف والكمال بانفس الأطهار
فهم غياث الكائنات وسرهم / مدد النفوس ومنبع الأنوار
نقلتهم الآجال من دار الفنا / وتبؤوا سعداء عقبى الدار
سلكوا بمحياهم وبعد مماتهم / اذ وفقوا بمسالك الأبرار
درجوا وأصبحت العراص عقيبهم / من فقدهم مغبرة الآثار
يا موت أفنيت الأعزة فاقتصد / ان كنت ترحم عبرة الأحرار
بأولئك الأبرار كنت معززا / بأولئك الأبرار كنت أباري
أزرى اذا ضاق الخناق بحادث / وهم اذا انطمس الطريق مناري
يا موت وقعك فيهم سلب الهنا / وأقامني للنوح والتذكار
ترك الحمام النوح اذ ناوحته / واستبردت كبدي لهيب النار
لم اسلهم حتى رزئت بصدعة / أخذت بقية سالف الأكدار
أخذت بكظم الدين وانتحت السما / فبكت لها بالمدمع المدرار
واستأثرت بقلوب حزب محمد / لله فجعة ذاك الاستئثار
ما الهول في يوم النشور أشد من / هول النعى بسيد الأبرار
العالم القطب المجدد عمدة الع / لماء طرا كعبة الأسرار
ليث المعارك مربع الفضل الذي / رفع المنار ولات حين منار
غوث البسيطة معلم الدنيا / أبي الضيم مولانا عزيز الجار
حامي حمى الاسلام حجته / معز الدين سيف الملة البتار
بحر المعارف والكمال مسدد الأ / عمال في الاقبال والادبار
السالمي أبي محمد المني / ف الذكر طود المجد بدر الساري
تمضي وترسلها العراك مروعة / والليل داج والذئاب ضواري
مهلا همام الاستقامة ما الذي / غادرت من هول ومن اذعار
قومتها فتقومت فهجرتها / يا هجرة طالت على السفار
ارجع اليها حيث قل حماتها / ارجع فديتك يا غريب الدار
ارجع الى الاسلام تمم نصره / فالعز تحت عزائم الأنصار
ارجع فان الاستقامة أرملت / ارحم يتيمك وهو دين الباري
ارجع تشاهد كيف دمع السيف / والعسال والأقلام والأسفار
ارجع وما ظني بأنك مشتر / بجوار ربك جيرة الأشرار
أدعوك للجلى وأنت عظيمها / عهدي وأنت لها شديد الغار
أدعوك للأمر الذي تدعى له / شيم الرجال وهمة الأحرار
أدعوك للخطب الذي أعيا على / رأي الفحول وانفذ الأنظار
أدعوك اذ فرغت يدي من كل من / يدعى لنائبة وحفظ ذمار
أدعوك ان كنت السميع لدعوتي / لخطابة التبشير والأنذار
أدعوك للحرب العوان وكنت في / لهواتها تكفي كفاء الغار
أدعوك للقرآن تكشف سره / وتبين منه غوامض الأسرار
أدعوك للسنن المنيرة انها افت / تقرت مقاصدها الى الأبصار
أدعوك للاجماع والأحكام وال / اديان والتذكير والتذكار
هيهات يا أسفاه لا رجعى وقد / جثمت عليك صحائف الأحجار
يسلون بالآثار بعد صحابها / ومثار حزني فيك بالآثار
" يا طلعة الشمس" استري عنا الضيا" / " وخذي الحداد "مشارق الأنوار"
سفران ان هديا لرشد ارشدا / من فجعتي قلبي لغير وقار
كنت النصير وكان لي صبر الحصا / فاصبت في صبري وفي أنصاري
اقدرت لي جلدا يقاوم نكبتي / فاليوم لا جلدي ولا أقداري
ناهيك من جلدي يقيني بالرضا / والسخط في أن المقدر جاري
وبأن هذا المرء عرضة طارف ال / حدثان تحت مخالب الأقدار
ما غاض من عيني رأيت عديله / من طرف داجية وطرف نهار
لم تصغ نادبة لندبة جارها / هي تستعد لندبة في الدار
سول لنفسك أن تعيش معمرا / لكنه أمد الى مضمار
تلك المصائب مدركات صيدها / سيان في فر وفي استقرار
أمعنت في هذي الصروف بصيرتي / وسبرت ما تقضيه بالمسبار
فرأيت برد العيش احسان العزا / والاطمنانة تحت حكم الباري
يا من أذاب الصخر حر مصابه / من ذا تركت لدولة الأحرار
وزعت بين الدين والوطن الأسى / توزيعك الطاعات في الأطوار
ودعوت في الاسلام دعوة مخلص / ثابت إليك بها ذوو الأبصار
ثابت اليك عصائب وهبيه / من أسد ذي يمن وأسد نزار
عشقوا المنايا واستماتوا في الهدى / من قبل "صفين" ويوم الدار
حنيت ضلوعهم على جمر الغضى / من حب ربهم وخوف النار
غضبوا لربهم فشدوا شدة / متكاتفين على هدى عمار
ملأ اليقين صدورهم فاستصغروا / عند اليقين عظائم الأخطار
لعزائم الأعيان فيهم وازع / دينا وحاشا هم لزوم العار
باعوا لمرضاة الاله نفوسهم / اربح ببيعتهم ونعم الشاري
ورضوا لأعباء الخلافة كفأها / سبط النجاد موفق الأنظار
فلك الجلالة والنبالة والتقى / بيدي الحيا عن ضياء نهار
ورث المهنا وابن كعب وارثا / "والصلت " من أجداده الأطهار
أخذ الامامة كابرا عن كابر / أخذ الثمار جواهر الأشجار
عرفته عاهلها ومفرق تاجها / ولطالما لغبت من الانكار
عاذت به فأعاذها واقامها / عمرية الميزان والمعيار
رقبته حتى أمكنتها نظرة / ازلية من نجمة السيار
فاقتادها عزما وحزما آتيا / بمعاجز طمست عن الأبصار
زهراء بين "السالمي" وسالم / نشأت وبين حماتها الأخيار
لم توف حق الشكر حتى استرجعت / صبرا بفقد الصابر الشكار
صبرا امام المسلمين فانه / حكم على كل البرية جاري
صبرا فعنك الصبر والتأساء يؤ / خذ بل وكل فضائل الأحرار
ما دامت الدنيا على أحد ولا / دامت على السراء والأضرار
عارية هذي النفوس ولازم / ان يسترد العدل كل معار
ومواهب الأيام حرص كلها / اذ سوف تنزعها بغير خيار
ولبئس عيش ريثما استحليته / كرت عليه غارة الأغيار
لا يستقر له اللبيب لأنه / وقف شعوب له بباب الدار
رأت البصائر ما يعاقب عيشنا / فالرأي ان نحيا على استبصار
يا شعر أجمل في الرثاء فان لي / قلبا من الأحزان كالأعشار
هل زاد في " الخنساء" الا كربها / شعر تردد ولبس صدار
يا صبر ان قر الأحبة في الثرى / فاثبت لدي ولا تمل قراري
لا خل الا الصبر بعد فراقهم / ان لم يزله نازل الأقدار
رحم الاله أحبة غادرتهم / ولزمت صحبة دهري الغدار
ما كان في أملي التخلف بعدهم / والعيش في الأشجان والتذكار
لكنه الحدثان يطلب وقته / ومنية تأتي على مقدار
عرجوا عن الدنيا وأعرج في الهوى / شتان بين قرارهم وقراري
تبكيهم الحسنى الى من أحسنوا / ويضاحكون الحور في الأجبار
آليت لا أنفك أندب أثرهم / ما دام تذرف أعين الأحجار
آسي واجرح ما تكن خواطري / بنوازع الأحزان زالأكدار
مددي بهم وشفاء قلبي ذكرهم / وبحبهم يطفى لهيب اواري
بحياتهم ومماتهم أسرارهم / توحي مواهبها الى أسراري
درجوا وجاء السالمي عقيبهم / يحيي الرسوم بسيبه المدرار
حتى تدافعت الرياض نضارة / بالسنة الزهراء لا الأزهار
حتم المصير له الى دار البقا / ولنعم دار بدلت من دار
حيا الاله ضريحه بالروح وال / ريحان بالآصال والابكار
يا عام أزهقت النفوس بفقده / واطرت روح الدين أي مطار
يا عام لا يبعد فقيد الدين ط / لاع الثنايا معقد الابكار
حزن على حزن وهول مدهش / يمضي المدى والغم في تكرار
يا عام لا عادت لبطشك دعوة / كافيك منها بطشة الجبار
ارحم عيال الله قد حزبتهم / أخطار ملتهم على أخطار
يا عام ازهقت الديانة خطة / كالنار ذات ذوائب وشرار
اطفأت أزهر كوكب ملأ الفضا / ضوءا وجئت بظلمة الاكدار
ختمت له الحسنى ووافى ربه / متقبلا لمزية الاطهار
عفا عن الدنيا خميصا بطنه / منها سوى ما كان سهم الباري
يا من أجاب الدعوتين لربه / لم لا تلبي دعوتي وجواري
لمعاهد الاسلام بعدك رنة / وعهود فضلك كالنجوم سواري
قدست من غوث وقدس مشهدا / غبطته فيك عوالم الأنوار
شط المزار مع الحياة وويلتا / بعد الممات متى يكون مزاري
ومن السعادة أن أمرغ جبهتي / بعبير تلك التربة المعطار
يا وافد الرحمن أي كرامة / لقيت في عدن وأي جوار
بمنازل الشهداء ترتع آمنا / حتى رضيت لخوفنا الكرار
حلقت للطاعات خطفة طائر / فحللت مسرح جعفر الطيار
بعت الحياة فنلت أربح بيعة / لكنها رجعت لنا بخسار
لله ما سنة لك البشرى بها / ولنا بها كالنار في اعصار
تأريخها ما طال ما لحب الردى / الصبر أحرى يا أولى الأبصار
أشعة الحق لا تخفى عن النظر
أشعة الحق لا تخفى عن النظر / وانما خفيت عن فاقد البصر
وكلمة الله لم تنزل محجبة / عن البصائر بين الوهم والفكر
نادى المنادي بها بيضاء نيرة / حنيفة سمحة لم تعي بالفطر
أقامها الله دينا غير ذي عوج / جاء البشير بها للجن والبشر
والجاهلية في غلواء عارضة / من جهلها ومن الأشراك في غمر
فقام مضطلعا ثقل الرسالة مج / دود العزائم فرداً خيرة الخير
والوحي يأتي نجوما معجزا قيما / والشرك يكبت والإسلام في ظفر
وكلمة الله تعلو فوق جاحدها / وآية الحجر تمحو آية الحجر
حتى تجلى منار الدين منبلجا / بصادع الذكر والصمصامة الذكر
وآمنت برسول الله طائفة / أعطاهم السبق فيه سابق القدر
زكى قلوبهم النور المبين كما / يزكو النبات بما يلقى من المطر
لاقى صدورهم الإيمان فانشرحت / له وقاموا به في عزم منتصر
تأزروا شعب الإيمان وانتبهوا / بين الجهادين منهم أنفس العمر
أحاطهم وأمين الله فانتشئوا / بين الأمينين والقرآن في وزر
غذاهم الوحي في مهد الرسالة من / طور إلى آخر كالماء في الشجر
نور بواطنهم نور ظواهرهم / نور خلائقهم في الفعل والخبر
تضائق الملأ الأعلى مكانتهم / في فطرة الله لا في فطرة البشر
كم جاء جبريل في أحزابه مددا / من السماء على المعتاقة الضمر
خير القرون قرين المصطفى وكذا / حكم القرينين لا ينفك من أثر
فمات عنهم رسول الله عدتهم / كالأنبياء عدول الحكم والسير
وكلهم أولياء غير مقترف / كبيرة لم يتب منها فمنه بري
ومن مصوب ذي بطل لدى فتن / لا واقف جاهلا من بالصواب حري
وعالم الحق في حزن توقف عن / علم فذاك وقوف غير مغتفر
تشهيا أو رجوعا عن بصيرته / فالحكم يبرأ من هذا بلا حذر
وهم وإن شرفوا من أجل صحبته / فحكم تكليفهم كالحلم في البشر
ومدحه لهم فرع استقامتهم / في طاعة الله لا مدحا على الغير
وللموفين في الإيمان متجه / ما جاء من مدحهم في محكم السور
وفي البراءة من أبقى ولاية ذي / بطل المحض عموم المدح في الزبر
والحب والبغض فرضان استحقهما / خصمان في الله من بر ومن فجر
والأمر يبنى على الأعمال كيف جرت / والمدح والذم بحتا غير معتبر
وأكرم الخلق أتقاهم فليس إذا / للمدح والذم بالأهواء من أثر
فيم المحاباة ما قربي بمزلقة / من دون تقوى ولا بعدي على خطر
لا نسل لا أهل لا أصحاب يفرقهم / دينا عن الخلق حكم ما من الصور
نادى العشيرة في رأس الصفا علنا / وصاح فيهم رسول الله بالنذر
فأنظر إلى حكمة التخصيص كيف أتت / للأقربين من أهل البدو والحضر
ليعلموا أنه التكليف لا نسب / يغني ولا فيه دون الله من وزر
لو كان بالشرف التكليف مرتفعا / إذا تعطل عدل الله في الفطر
وحجة الله بالتكليف لازمة / سيان في الأمر مفضول وذو الخطر
للرسل والملأ الأعلى وأشرفهم / بالاستقامة تكليف بلا عذر
الكل في قرن التكليف مؤتسر / ما بال من ليس معصوما من الغير
لا نبخس الناس بالأهواء حقهم / ولا نبالي بقدح الخاتر الأشر
قد جاءنا الله بالقرآن بينة / وسنة الحق والاجماع والأثر
فما وجدنا بحكم الله عاصية / لمحض قرباه معدودا من البرر
ولا تقيا لأمر الله متبعا / بالحب حكما لأجل البعد غير حري
كمال توحيد ربي حب طائعه / وبغض أعدائه في السر والجهر
يا من أعاب على الأبرار نحلتهم / اعيت ويلك دين الله عن بصر
هم حجة الله أهل الاستقامة ما / خامت عزائمهم عن آية الزمر
متى جهلت أبا السبطين خطته / وأنت أعلم أهل الطين والوبر
حاكمته بعد ما ألحمته قرما / بعقر سبعين ألفا عقرة الجزر
حاكمته بعد عمار وروحته / إلى الجنان وبعد السادة الطهر
حاكمته بعد حكم الله فيه بما / يشفي الغليل وقد أيقنت بالظفر
أقمت في البغي حد الله أولها / ففيم تستن بالتحكيم في الأخر
أصبت في حربك الباغين ثغرتها / بحكم ربك لم تضلل ولم تجر
قبلت عوراء من عمرو يفت بها / سواعد الدين فت العصف بالحجر
ولم تعر نصحاء الدين واعية / وليت للأشعث الملعون لم تعر
فأصرف أعنتها صوب العراق فقد / سدت عليك ثغور الشام بالبدر
فطالبو الدين قد نابذت عصمتهم / والأمر من طالبي الدنيا على ضرر
فيم الحكومة أخزى الله ناصبها / لم يترك الله هذا الحكم للبشر
ولست في ريبة مما عنيت به / ولا القضاء قياسي على صور
فما قتالك بعد الحكم راضية / وما قتالك من لم يرض بالنهر
قد ارتكبت أبا السبطين في جلل / وفاتك الحزم واستأسرت للحذر
وما قتال ابن صخر بعدما انسكبت / خلافة الله في بلعومه البحر
حكمته في حدود الله ينسفها / نسف العواصف مندوفا من الوبر
بأي أمريك نرضى يا أبا حسن / تحكيم قاسطهم أم قتلة البرر
أم بانقيادك عزما خلف أشعثها / يفري أديمك لا يألو بلا ظفر
أرضعته درة الدنيا فما مصحت / وأنت من دمها ريان في غمر
ما زال ينقب خيل الله مشئمة / فاعرقت صهوات الخيل بالدبر
ألم تقاتله مرتدا فمذ علقت / به البراثن ألقى سلم محتضر
يلقى شراشره مكرا عليك وما / ينضم من حنق الأعلى سعر
أصبحت في أمة أوترت معظمها / بهيمة الله بين الذيب والنمر
تسدد الرأي معصوما فتنقضه / بطانة السوء مركوسا إلى الحفر
تنافرت عنك أوشاب النفاق إلى / دنيا بني عبد شمس نفرة الحمر
محكمين براء من معاوية / ومن علي يا ليت الأخير بري
والقاسطين أبي موسى وصاحبه / عمرو اللعين فتى قطاعة البظر
وقاسطي الشام والراضي حكومتهم / من أهل صفين والراضي على الأثر
ليت الحكومة ما قامت قيامتها / وليتها من أبي السبطين لم تصر
ملعونة جعلتها الشام جنتها / من ذي الفقار وقد أشفت على الخطر
عجت بتحكيم عمرو بعدما حكمت / همدان فيما بحكم البيض والسمر
تبا لها رفعت كيدًا مصافحها / ومقتضاهن منبوذ على العفر
مهلا أبا حسن إن التي عرضت / زوراء في الدين كن منها على حذر
ضغائن اللات والعزى رقلن بها / تحت الطليق وعثمانية الأشر
لا تلبسن أبا السبطين مخزية / فذلك الثوب مطوي على غرر
لم تنتقل عبد شمس من نكارتها / دم الكبود على أنيابها القذر
فما صحيفة صفين التي رقمت / إلا صحيفة بين الركن والحجر
نسيت بدرا واحدا يا أبا حسن / وندوة الكفر ذات المكر والغدر
ويوم جاءك بالأحزاب صخرهم / فاندك بالريح صخر القوم والذعر
وفتح مكة والأعياص كاسفة / وأنت حيدرة الإسلام كالقدر
والقوم ما أسلموا إلا مؤلفة / والرأي في اللات بين السمع والبصر
متى ترى هاشم صدق الطليق بها / وثغرة الجرح بين النحر والفقر
ما لابن هند بثار الدار من عرض / له مرام وليت الدار في سقر
لقد تقاعد عنها وهي محرجة / حتى قضت فقضى ما شاء من وطر
تربص الوغد من عثمان قتلته / فقام ينهق بين الحمر والبقر
ينوح في الشام ثكلى ناشرا لهم / قميص عثمان نوح الورق بالسحر
حتى إذا لف أولاها بآخرها / بشبهة ما تغطى نقرة الظفر
أتاك يقرع ظنبوب الشقاق له / روقان في الكفر من جهل ومن بطر
تعك عك نفاقا خلف خطوته / كأنها ذنب في عجمه الوضر
يدير بين وزيريه سياسته / عمرو وابليس في ورد وفي صدر
وعزك الجد والتوفيق فانصدعت / سياسة الدين صدعا سيء الأثر
قد كنت في وزر ممن فتكت بهم / أحسن عزاءك لست اليوم في وزر
ما ذنب عيبة نصح الدين إذ عصفت / بهم رياحك لا تبقى ولم تذر
بقية الله قد هاضت عظائمهم / عرارة الحرب أو هوان في السحر
اقعصتهم في صلاة لا بواء لهم / هلا مشابرة والقوم في حذر
قد حكموا الله لم يفلل عزيمهم / عن نصرة الله قرع الصارم الذكر
رميت سهمك عن كبداء في كبد / حرى من الذكر والتسبيح والسور
إن القلوب التي ترمي تطير بها / مصاحف الذكر والإيمان لم يطر
ما علقوها على أعناقهم غرضا / فاكفف سهامك واكسرها عن الزبر
أعظمتها يوم أهل الدار ترفعها / واليوم ترمي كرمي العفر والبقر
هانت عليك جباه ظلت ترضخها / لطالما رضختها سجدة السحر
لم تقتل القوم عن سوء بدينهم / وانما الأمر مبني على القدر
قتلتهم بروايات تقيم بها / عذر القتال وليست عذر معتذر
ماذوا الثدية الا خدعة نصبت / للحرب توهم فيها صحة الخبر
وما حديث مروق القوم معتبر / فيهم لمن سلك الإنصاف في النظر
خلصت نفسك بالتحكيم منخدعا / وأنت أولى بها من سائر الفطر
فحكموا الله واختاروك أنت لها / فكان قولهم نوعا من الهذر
وقلت قد مرقوا اذ هم على قدم / صدق من الحق لم يبطر ولم يجر
مضوا به قدما جريا على سنن / للمصطفى وأبي بكر إلى عمر
ما بدل القوم في دار ولا جمل / وهم على العهد ما حالوه بالغير
شفيت نفسك من غيظ بها بدم / من مهجة الدين والإيمان منفجر
دم ابن وهب وحرقوص وحبرهم / زيد ابن حصن خيار الأمة الطهر
دماء عشرين ألفا وقت جمعتهم / وسط الصلاة همت كالوابل الهمر
ليهنك الدم يا منصور قد رجفت / منه السموات والارضون من حذر
لو ان رمحك في حرقوص اشتركت / فيه الخليقة أرادهم إلى سقر
يا فتنة فتكت بالدين حمتها / تذوب من هولها ملمومة الحجر
ما ساءني أن أقول الحق أنهم / قوم قتلتهم بغيا بلا عذر
وانهم أولياء الله حبهم / فرض وبغضهم من أفظع النكر
صلى الإله على أرواحهم وسقى / أجداثهم روحه بالأصل والبكر
ساحر الطرف سقيم جفنه
ساحر الطرف سقيم جفنه / قمري الوجه ليليُّ الشعر
ناحل الخصر ثقيل ردفه / مائس القد ردينيُّ الخطر
نافر عني وقلبي سكنه / صفوة الود اذا قال غدر
هل يراعي ذمة من ودنا / لا وهيهات الوفا ممن غدر
طول ليلي وصله منتظر / ليلة من وصلة ألف شهر
يا غضيض الطرف هب لي نظرة / ان اعراضك أدهى وأمر
عجبا في خدك النار وفي / مهجتي منها لهيب وشرر
فاتني بعض رشادي في الهوى / ان عذالي لقد قالوا كفر
صدقوا غاب رشادي في الهوى / وعلاقات الهوى احدى الكبر
واذا ذكرته عهد الصبا / قال لي تلك الاعيب الصغر
واذا استعطفه القلب على / فعل عينيه تعاطى فعقر
يا امام الحسن هل منتظر / لم تزل عندي الامام المنتظر
واذا أشكو له قرح الهوى / قال لي "صل على خير البشر
علمت ربي ولا عين ولا أثر
علمت ربي ولا عين ولا أثر / ولا ظروف ولا شرط ولا صور
ما فات علمك موجود ولا عدم / جار بعلمك ما تأتي وما تذر
وليس علمك موقوفاً على حدث / ما كان أو لم يكن يجري به قدر
والاستحالة والامكان حكمها / وفق المشيئة أن شئت مقتصر
قدرت شيئاً محالاً ثم تجهله / سبحان سبحان حق القدر ما قدروا
ما للطبيعة تنزو فوق مركزها / ومالها في الذي تنزو له أثر
أليس نفس الهيولي لا يحركها / إلا المعلل والمعلول مقتسر
والحد والرسم والأشكال والصور / والحل والعقد والابرام والغير
والكل والجزء مما كان ممتنعاً / وغير ممتنع في اللوح مستطر
وكل ما كان موجوداً ومنعدماً / فمن ارادته لا شك مؤتمر
أيجهل اللّه أمراً نحن نعلمه / إن ليس تحصره من جنسه صور
من أمره اللم يكن واللا يكون وكن / فكيف يجهل ما يستحصل البشر
من ذا أفاض علينا ما نحصله / من العلوم وما تستدرك الفكر
هب القوى أدركت فالمدركات لها / قيودها العلم والادراك والنظر
ومن أمد القوى حتى يحصل في / من كان هيأها حتى بدا الأثر
وهل معارفنا إلا مواهبه / والكسب في ضغطة التكوين منحصر
أنحن نعلم بالتعقيل منعدماً / وخالق العقل عنه الأمر مستتر
إن شاء شيئاً فذاك الشيء يعلمه / أو لم يشأه انطوى عن علمه الخبر
من أوجد الشيء من لا شيء يجهله / كيف استقام له الايجاد والأثر
والجهل بالصنع عجز لا تقوم به / على كمالاتها الأكوان والفطر
إن كان يجهل شيئاً قبل موقعه / فإنه قبل ذاك الشيء مفتقر
ما الشأن في الذات قبل الخلق في أزل / قد عزها العلم لا سمع ولا بصر
استغفر اللّه هذا الكون علة عل / م اللّه أم كيف هذا العلم يعتبر
قد قف شعرى من خطب خذيت له / تكاد منه السما والأرض تنفطر
آها على فلتة جاء البصير بها / قد خاصمته عليها الآي والسور
أقول للعقل والبرهان في يده / هلا حكمت وأنت الفيصل الذمر
سلبته صفة ذاتية وجبت / لذاته حيث لا كون ولا فطر
فحينً أوجدها صنعاً أضفت له / علماً يساوق ما يجري به القدر
هلا حكمت بأن الذات عالمة / بنفي أضدادها من قبل أن ذكروا
هلا حكمت بأن الذات فاعلة / بالاختيار لما تأتى وما تذر
لو لم يكن علمه بالشيء يسبقه / لكان بالطبع أو بالجبر يقتدر
لو كان يختار أمراً ليس يعلمه ان / حل الوجود لما تأتى به الخير
يدبر الأمر مطوياً على غرر / إن كان يغرب عن إدراكه الغرر
ما كان أغناه عن تدبير صنعته / إن كان يجهل قبل الصنع مالخبر
سبحان ربي تقديساً لعزته / في علمه النفي والاثبات منحصر
بالذات للذات معلوماته انكشف / ماثم واسطة في الذات تعتبر
وكونه النفي والاثبات حكمته / يقضي بادراكه المنفي لو نظروا
أأوجبت علمه آثار قدرته / فيلزم الجهل لو لم يظهر الأثر
لو كان ذاك لمست ذاته علل / إذ الصفات إلى الأحداث تفتقر
أو يلزم الدور فيها أو مرادفه / أو ليس يعلم إلا حين يقتدر
هب أنه لم يشأ شيئاً فاعدمه / أكان ما شاء نفياً عنه يستتر
أم كان ما لم يشأه الحق منفعلاً / لذاته قادر في نفسه قدر
أو كون ما كان معدوماً تقدمة / أم صده جل عنه العجز والخور
ما للعقول على أقوى بساطتها / ضلت فلم تفنها الآيات والنذر
تحكمت في صفات اللّه جاعلة / حقيقة الذات للعلات تأتمر
قضية أثمرت تعطيل منشئها / ليت القضية ما كانت ولا الثمر
ليت التنور بالاسلام ينبذها / إلى الذين برسل اللّه قد كفروا
كم في القرآن ولو شئنا تدل على / إن الذي لم يشأ في العلم منحصر
لو شاء إذهاب ما أوحى لأذهبه / أو شاء جمعهم بالحق لابتدروا
أكان يجهل ما لو شاء أوجده / قبل الوجود وعنه تنبىء السور
لو كان ما يلزم المشروط يجهله / فعن حقيقة ماذا يصدق الخبر
ماذا دهى الزيغ من خطب الكليم لو / أن العقول إلى الأنصاف تبتدر
انظر فسوف تراني كيف أبرزها ال / علم الحقيقي إن لم يخطىء النظر
ترى التعلق بالحال التي فرضت / على المحال بصدق الحال تعتبر
أكان يجهل دك الطور وهو على / مرساه لم ينتقض من بينه حجر
ألم يحط قبل تكليم الكليم له / أن ليس يدركه عقل ولا بصر
المستحيل ومتروك الإرادة وال / مخصوص بالفعل مما رجح القدر
معلومة حسب ما هيأتها وعلى / ما اختارها مالها في نفسها خير
وعلمه ذاته والذات سابقة / والما سوى مطلقاً للعلم محتظر
هذا هو الحق لا أبغي به بدلاً / بأي حال ولو عادتنى العصر
إني لأنصر ذا حق يقوم به / والمؤمن الحق للايمان ينتصر
ليس للاختيار ذرة فعل
ليس للاختيار ذرة فعل / كل فعل لخالق الاختيار
لو وكلنا إلى النفوس وما تخ / تار كان اختيارنا للبوار
خيرة اللّه بي أبر وأحفى / وإلى خيرتي انتساب خساري
لو تلمحت حكمة اللّه فيما / تقتضيه الأقدار في الأطوار
وتأملت لطفه في قضايا / برزت في قوالب الأضرار
شمت دون الحجاب أبهى جمال / يتجلى بأوجه الآثار
ليس للعجز ذرة من محال / أين تدبير وصمة الافتقار
كيف يمشي تدبير فطرة ذل / إن يكن ضد مبرم الأقدار
أتراني أقضي وقد قضي الأم / ر كما شاءه خلاف اختياري
أم ترى لي حولاً يقرر حكماً / وهو في علمه محال القرار
أم تراني مقدماً ما اقتضى تأ / خيره حكمه من الأوطار
أم تراني إذا سخطت بلاء / شاءه لي صرفته باختياري
أم ترى للوجود ذرة تأي / ر وهل للوجود من مقدار
إن تحققته رسوماً وآثا / راً فما للرسوم والآثار
أو تيقنته فناء ومحوا / محيت عنك ظلمة الأغيار
أو تمثلته قوياً قويماً / فهباء في عاصفات الذواري
من رأى الليس لم يعاين سواه / في ضروب الايراد والأصدار
دعه يرميك بالبلايا فما أق / رب رحماه من مقام اضطرار
دع حبيبي يسوق لي من بلايا / ه فما ضاق علمه بانكساري
دع حبيبي يموه الحب بالص / د ويخفي الصفاء في الاكدار
علمه سابق واقداره تج / ري وألطافه بهن سواري
فإلى أين نزوة لاعتراض / وإلى أين وجهة لفرار
أحسن أمانتك التي قلدتها
أحسن أمانتك التي قلدتها / طوق الحمامة ما تسر وما ظهر
لقد اتجرت على الذين تؤمهم / فاختر على الخسران ربح المتجر
قد قلدوك أمانة مضمونة / فاحذر ضمان مضيع كل الحذر
واعرف لهاتيك الأمانة قدرها / ليس الضمان بها ضماناً يغتفر
إن ترعها نالوا ونلت ثوابها / أو خنتها سلموا وأنت المؤتزر
قد قمت بين غنيمة وسلامة / فاسلك بأيهما ترى الحزم استقر
واستوف بين سلامة من فعلها / وسلامة من تركها حق النظر
فإن استطعت حقوقها وشروطها / تربت يداك أغنم فنعم المدخر
وإذا عجزت ففي السلامة مغنم / وأحق أمريك البعيد عن الخطر
وإذا تركت مع استطاعة فعلها / فالإِثم بالتضييع يلزم من قدر
إن الامامة منصب ومقامها / لمزيد اخلاص من الكبر افتقر
لا تبغها بذخاً بها وترفعاً / فيكبك الجبار يوماً في سقر
لتكن أقاماتها على الاخلاص لا / لتكون متبوعاً يعظمك البشر
ومقاصد الألباب يعلم كيفها / من لا يغيب عنه مطوي الفكر
أترى يغالطه الضمير وعلمه / محص سواء من أسر ومن جهر
فهب الخداع مع البرية نافعاً / أتراه عمن يعلم الغيب استتر
عمل السرائر والظواهر كله / في علم علام الغيوب قد انحصر
فارق هواك ودع لربك فطرة / محصت بالاخلاص عنها كل شر
طهر سريرتك التي آفاتها / سوء وصبغتها النقائص والقذر
واحمل عمود الدين ما حملته / عمن رآك به الضليع المقتدر
مهما حضرت الناس عند صلاتهم / ورآك للتقديم أهلاً من حضر
فكن الامام ولا عليك ولا تضع / فرض الجماعة واحتسب أجر النفر
لكن عليك وظائف مشروعة / سفرت بها سنن كما سفر القمر
منها مراعاة الأظلة دائباً / وأوائل الأوقات من ذاك الوطر
إن الأحب من العباد لربه / عبد يراعى للأظلة في الخبر
وأوائل الأوقات رتبة فضلها / حض النبي وفعله فيها استمر
رضوان ربك أول الأوقات وال / أوساط رحمته وعفو في الأخر
واستثني العتمات في ليل الشتا / والظهر للتبريد في أيام حر
والبعض يختار انتظار جماعة / والبعض يختار الحديث كما ظهر
وإذا تهيأت الجماعة كلها / كبر وهذا الباب من حسن النظر
واحذر تقلدك الامامة إن تكن / لحانة إذ أقرأ القوم الأثر
حتى ولو لم يفسد المعنى به / إذ لست في حكم الحديث بمعتبر
وتصح إن لم يفسد المعنى به / إلا الاساءة إنها لا تغتفر
والبعض إن بدلت أية رحمة / بالضد والتوحيد بالشرك اعتبر
والبعض إن بدلت توحيداً بشر / ك أو عكستهما على هذا اقتصر
ويشاكل اللحن الوقوف يبدل ال / معنى وقيل إذا بتوحيد أضر
ونظيره الاهمال والاعجام في ال / قرآن إذ بهما يؤول إلى الغير
ونظيره جهل المخارج للحرو / ف على الصلاة لمن يؤم به ضرر
ويؤمهم ذو آفة بلسانه / إن لم يكن عن جهله الحرف انكسر
ويصح من ذي لكنة إن كان ما / تجزي الصلاة به من الآي استقر
ومبدل حرفاً بحرف إن يكن / عن آفة أو فطرة وقع الأثر
وحديث سين بلال المشهور لا / نرضى به فالوضع فيه المعتبر
ومن الوظائف أن تكون مرتلاً / أو ما ترى نص الكتاب بها أمر
ووظيفة التخفيف للأركان لا / تهمل ولا تكن المنفر من نفر
ناهيك ما لاقى معاذ من رسو / ل اللّه من زجر بتطويل السور
والناس في الأحوال شتى فليكن / هذا الامام مراعياً حال الفطر
وليرع تسوية الصفوف بنفسه / أو غيره كالفعل من خير البشر
ولينو هاتيك الامامة آتياً / إن جاء من بعد الدخول ومن حضر
وليجزم التكبير والتسليم كي / يقعا من المأموم بعد على الأثر
ومتى يكبر أو ليسمع فليزد / في رفعه للصوت والسمع القدر
وليخلصن القصد للمأموم في / حفظ الحدود البطنات وما ظهر
ولينتقل من مضوع صلى به / من بعد ما يقضي الصلاة إلى مقر
في مسجد أو منزل أو غيره / زالت امامته فماذا ينتظر
ولينحرف صوب اليمين إذا انتحى / إلا الصحارى فالامام إذا قدر
ولينتخب ذا الأفضلية منهم / ويسد قفوته وذا خبر ظهر
هذا لأن لذي الأمامة رتبة / في البر فالأولى به تقرير بر
ويكون لاستخلافه مهما عنا / أمر وما أحفى الخلافة بالخير
وليجتهد عند الدعاء معمماً / لا يختصص بدعائه عمن حضر
فيعم في حق الولي دعاؤه / وعدا الولي لمصلح الأخرى يذر
ومقامه يقضي عليه بأنه / وفد إلى البر الكريم لنيل بر
والوفد أحجى أن ينال كرامة / إن لم يكن في النفس حاجته حصر
حقق بعينك في الكريم فإنه / عند الظنون لمن توجه وافتقر
وإذا توجهت السريرة نحوه / رجعت برحمته بعائدة الوطر
لم يقصد الرحمن صادق أوبة / رغباً ورهباً في مقام فانخسر
فاجعل همومك في الصلاة فإنها / سبب مبين للصلات وللبشر
واحفظ لربك روحها وحياتها / سيان لو أبصرت ميتاً والحجر
وحياتها اخلاصها وخشوعها / وخضوع قلب بالعلائق محتظر
وظواهر الأركان محض وسائط / فإذا تزكى السر أصلح ما ظهر
وعبادة الحركات والسكنات في / حكم القلوب وها هنا الشأن انحصر
فاربط على هذا المقام القلب لا / يغرر فشأن قلوبنا كر وفر
والقلب بيت اللّه فيه نوره / نظر الكريم إليه ليس إلى الصور
فاستقص قلبك في مقام شهوده / لا تعطه شطراً وشطراً في عمر
واصل مقامك في الصلاة وغيرها / عبداً على الاحسان وردك والصدر
وإذا ذكرت اللّه فاعرف قدره / بين الرجا والخوف مصروف الفكر
مستشعراً تحت الجلالة خشية / ومهابة لا حظ عندك للأثر
لا تعدُ طورك في المواطن كلها / أنت الفقير إليه في نفع وضر
وجماع هذا الأمر فقر مطلق / وعبودة محض وصفو من كدر
صبراً بُنيّ على الزمان وصرفه
صبراً بُنيّ على الزمان وصرفه / إن الزمان محارب الأحرار
أين الفرار عن المقدر للفتى / إن الأمور رهائن المقدار
وكل الأمور إلى المهيمن إنه / تدبيره يقضي على الأفكار
ماذا تريد من الزمان وصرفه / أفلا اتكلت على المعين الباري
أترى الزمان مؤثراً في نفسه / والأمر مرجعه إلى مختاري
واصبر فإنك ناجح إن كنت في / نوب الصروف بمنهج الصبار
واجعل صلاحك مسلكاً لتنال من / بر الكريم مواهب الأبرار
كم كربة نزلت وضاق نطاقها / فتفرجت باللطف والأيسار
ما خاب من وكل الأمور لربه / فهو المفرج كربة الأعسار
بدع من الأمر إذ حلت جلالته
بدع من الأمر إذ حلت جلالته / تلك السراية في الأفلاك لم تطر
نعم لها العذر كرسي له قدر / لو فارق الأرض لم تثبت على قدر
سراية حسدتها الشمس في شرف / حتى الكواكب حساد لذي خطر
قد حلها العالم الأعلى بأجمعه / تجوهرت نفسه في قالب البشر
خليفة من رجال الله تشمله / سيما الملائك في أطواره الزهر
محاسن الدهر من إحسانه فرط / وما بدا فشعاع الشمس في القمر
أسائل الدهر عن معنى فضائله / فيعرب الدهر معنى غير منحصر
لو صور الدهر منطيقاً لأعجزه / ما في حقائق معناه من الصور
يفارق العقل فيه نور فطرته / فمدرك العقل منه موقف النظر
ظواهر الحمد تستوفي الثناء له / ما الشأن في حمد ما يخفى على الفكر
وجوهر من صميم الحمد عنصره / فذاك للحمد منا غير مفتقر
مقام مقداره من ذكر مادحه / مقام ذات الضحى من رؤية البصر
ما ينشر القول ذكراً من محامده / إلا ويصدر مطوياً على غرر
تهوى البلاغة أن تطوي له مدحاً / وأبلغ القول فيه مثل مقتصر
خليفة الله هل أبقيت من شرف / إلا وعندك منه أشرف الأثر
تناقلتك من الأصقاع أشرفها / سجية الشمس في الأبراج والقمر
حبوت ملكك حظاً من مشاهدة / فشاهد العين واستغنى عن الخبر
وظل يرفل والأيام شاخصة / وسط الممالك بين العز والظفر
كم بلدة بدلتها منك عارفة / مرعى النضار بمرعى الماء والشجر
يخضر دارس قطر حيث تنزله / كأن رجلك فيه راحة الخضر
باركت أفريقيا لما سفرت بها / أنت المبارك في حل وفي سفر
فما تركت شقياً غير مستعد / ولا تركت كسيراً غير منجبر
وأنت بين هضاب المجد منبسط / تصرف الدهر في ورد وفي صدر
لا يفقد الدهر جداً منك مرتحل / ولا سكون لهم منك في حضر
إذا ترحلت عن قطر وجدت به / لما تقيم به من صالح الأثر
كأن نفسك في الأكوان سارية / والجوهر الفرد قالوا غير منشطر
وكوكب الشمس فرد في حقيقته / وليس عن سائر الدنيا بمستتر
ولو مكثت ولم ترحل لما قعدت / سياسة منك عزت حيطة الفطر
تحشو الليالي ما يبقى ولو بليت / من المفاخر حتى لات مفتخر
نازعتني الدر والياقوت أنظمة / مدحاً وتنثره في كف مفتقر
كأن شعري في أخشاء مبغضكم / ومبغضي مثل حد الصارم الذكر
ولن أفارق نهجي في مدائحكم / أو يفرق الله بين الأرض والمطر

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025