القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الحَيْص بَيْص الكل
المجموع : 126
وراءكِ أقوالَ الوشاة الفواجر
وراءكِ أقوالَ الوشاة الفواجر / ودونك أحوال الغرام المخامرِ
فلولا ولوعٌ منك بالصَّدِّ ما سعوا / ولولا الهوى لم انْتدبْ للمعاذرِ
تَزاورَ نَومي أن هَجرتِ وطالما / صفا صفوَ جفنٍ إذ وصلت وناظر
لقد أنجمتْ تلك العهودُ كأَنَّها / جوافلُ طيرٍ نُفِّرتْ بالخوادرِ
فلا الطيفُ للطرفِ القريح بسانحٍ / ولا الحِبُّ للقلب المعنَّى بزائرِ
سليمٌ من الأشواق شِيبْ بكاذبِ / وأمْنٌ من الإِلمام ريْعَ بهاجرِ
وباكٍ إذا ما أجْدبَ العامُ عنده / سقى التُرابَ من أجفانه بالمواطرِ
أصختِ ولو أرعيت وجدي مسْمعاً / لَرُدَّ على أعقابه كلُّ فاجرِ
وحمَّلتني ذنب الكذوب ولم تزلْ / يدُ الخطب تُدمي ناقلاً غير عاثرِ
عصيتُ أمير العذلِ فيكِ وطالما / تداول سمعي مجلباً بالزَّواجرِ
إذا عددت أنواع صدك واغتدت / أوائلها مشفوعة بالأواخر
محاها هوىً ما يستفيق كما انمحى / بحلم جَلا الدين عُظْمُ الجرائر
إذا ما أتاه مُجرمٌ وهو قادرٌ / توهَّمتهُ من عفوه غيرَ قادرِ
لقد علمت زوراء دجلة أنني
لقد علمت زوراء دجلة أنني / وقورٌ إذا خفَّتْ حلوم العشائر
وأني قتولٌ بالأناة إذا نبتْ / صدور العوالي والسيوف البواتر
وأني غفورٌ للسفيه وآخذُ النَّبي / هِ ومنَّاع النزيل المجاورِ
أعير الجهولَ الغِرَّ لينة راحم / وأضرب في رأس الكميِّ المغامر
وأصدف عن هزل المقال ترفُّعاً / بمجديَ عن مؤذٍ لجديِّ ضائر
وكم من سفيه الرأي والقول أجلبت / فواحشُه اجلاب هوجاءَ داعرِ
يقول لي الفحشاء كما أجيبه / فيغدو بقولي في عِداد النَّظائر
كررت عليه الحلمَ حتى تبدلت / جرائمه من خلجةٍ بالمعاذر
وحاجة مصدورٍ سهرت لنُجحها / وقد نام عنها ربُّها غير ساهر
قطعت لها ليْليْ سُرىً ورويَّةً / فجاءت وما نَمَّ الصباحُ بجاشِر
إذا شطَّ مأمولٌ أروم دراكه / ركبت متون العزم قبل الأباعر
وإني لمشتاقٌ إلى ذي حفيظةٍ / شديد مضاءِ البأس مُرِّ البوادر
متى سمته بالقول نصراً جرت به / مقاولُ أغمادٍ فصاحُ المجازر
إذا أغمد البيض الصوارم في الطلى / وحطَّم مَّران الوغى في الحناجر
تخيَّر مني جالب الشر في العِدا / تَخيُّرَ معزٍ لا تخير زاجر
فيفتك فيمن رام ظُلمي بأول / ويسأل عما جَرَّ حربي بآخر
يكون نصيري عند إدراكي العُلى / ولن تُدرك العلياءُ إلا بناصر
شأوت بني الزوراء مجداً فأبغضوا / وهل يُضمر المقهور حباً لقاهر
وأنكر جِدي هزلهم فتنافروا / نفارُ المواشي عن مقام القساور
وكيف يقيم الليل والشمس برزةٌ / ويدنو حمامُ الأيك من وكر كاسر
ولو عقلوا كان الفخارُ بهمَّتي / على المدن أحرى بالنُّهى والبصائر
ولكن أضاعوني وفي الله حافظٌ / وليس تغطي الشمس راحةُ ساتر
فلو لحظوا عن أعين الحق همَّتي / رأوا ملك الآمال في زيِّ شاعرِ
أبى السيف إلا فتكةً دارميةً / تروي صداه من دماء المساعر
وخيلاً تَعادى بالكماة كأنها / نسور الموامي أو ذئابُ القراقر
يخف بها غِمر إلى كل ناكثٍ / ويجذبها ضغن إلى كل غادر
تمارحُ تحت الدارعين مراحَها / على كلأٍ من منبت الحَزْن ناضر
إذا قيل هذا الروع أغنى نشاطها / بقرع العوالي عن جلاد المخاصر
عليهن منا كل لافظ جُنَّةٍ / ترفَّع أن يلقى الردى غير حاسر
أخي ضَمَدِ ضاق الفؤاد بهمهِ / فأوسع ضرباً هاتكاً للمغافر
هجرنا إلى آمالنا كل مطعمٍ / فلم ترَ إلا ضامراً فوق ضامر
بيوم وغىً تعمي العجاجةُ شمسه / وتُطلعُ زهر الذابلات الشَّواجر
جبهناهم فيه بطعنٍ كأنه / خروقُ العَزالي واستنانُ المواطر
وسُقناهم تحت العجاج كأنما / نخبُّ بغزلان الصَّريم النوافر
فلو لا ادِّكارٌ من أناة ابن خالدٍ / لما كفَّ عن ضرب الطُّلى غرب باتر
فتى سنَّ نهج الحلم من غير ذلةً / لكل حديد في الخصام مساور
وأسبل ماء الجود حتى تزاورتْ / عيون بني الَّلأواءِ عن شيم ماطر
مطاعٌ بلا فتك ولم تشهر الظُّبى / لحب الردى بل لامتثال الأوامرِ
تَوَهَّمُ ريَّا عرضه نشر روضةٍ / أصاب الحيا من صيِّباتِ البواكر
إذا ما سعى للمال قومٌ فسعيه / بناءُ المعالي واكتساب المفاخر
حمي إذا خيف الردى بات جاره / على عِظم الأعداء غير محاذر
وذي فرق ضاقت به الأرض خيفة / كما ضاق أُحبولُ الملا باليعافر
تدافع لا الحصن المنيع بآمنٍ / عليه ولا الليل البهيم بساتر
إذا قال هذا معقل قذفت به / نواجِيه قذف الراشقات العوابر
يودُّ لو أنَّ الأمر في عربيةٍ / فتحميه أطناب البيوت الدواسر
رمى بالحريم الطاهريِّ رحاله / إلى سالمٍ من شائب العيب طاهر
فباشر أمناً لا أداءُ عُهودهِ / بزورٍ ولا أيمانهُ بفواجر
تميل بعطفيه القوافي كم مشى / دبيب الحميَّا في عظام المُعاقر
إذا فجر المُداح في مدح غيره / فمادحُه في مدحه غير فاجر
تتيه به الدنيا فخاراً وينثني / بما ناله من مجد غير فاخر
عليمٌ بإصلاح الورى /
تحيل رقى ألفاظه الضغن خلَّة / ويغدو بها لموتور سلماً لواتر
تُناخ مطايا مُعتفيه بماجدٍ / رفيع عمادِ البيت جَمِّ المآثر
إذا انتجعوه جاد صوب يمينه / بمغدودقٍ يُنسى انهمال الهوامر
لهم منه رفْداً وجهه ونواله / فلم يُرَ إِلا باذلاً غِبَّ باشِر
هناك قدوم الصَّوم والعيد إذ هما / شريكاكَ في تقواهما والبشائر
أمنتُ صروف الحادثات وعصمتي / بردءٍ شديدٍ من يديك مُظاهري
وأخرست ضوضاء الخطوب وربما / رمتني لو لم تحمني بالفواقر
أيادي الفتى في الناس ذخرٌ وأنها / بودِّ الفصيح الحرِّ خيرُ الذخائر
وما أنا للنعماء منك بجاحدٍ / ولا لأياديك الجسام بكافر
وحاشاك يومأً أن تُرى غير مُنعم / وحاشاي حيناً أن أرى غير شاكر
ألفْتكَ سراءً على الأين في العُلى
ألفْتكَ سراءً على الأين في العُلى / وصول الدجى فيما تحاول بالفجر
إذا جمح المطلوب رُضْت جماحه / برأسٍ وثير اللمس مخشوشن الخبر
تقوم بنصري والسيوف كليلة / وتُمطر أرضي والسماء بلا قطْر
وترعى مقالي سمع يقظان عالمٍ / بما أودع الرحمن عندي من سر
فهل نَمَّ واشٍ أو تخرص كاشح / فبُدل لي عذبُ المودة بالمرِّ
ولي فيك ما لم أحْبُهُ لمنوِّلٍ / وإن جادَ لي بالوفر وبالدَّثر
قوافٍِ كعرف المسك غيرُ خفيَّةٍ / إذا كتمت نمَّ النسيم على النشْر
تُعيدُ جبان الحي عند نشيدها / شجاعاً وتغني الشاربين عن الخمر
سوالمُ من عيب الكلام إذا بدت / أقرَّ لها القِتلُ المعاند بالفخْر
مخلَّدة عمر الزمان مُقيمةٌ / نمر كلانا وهي تبقى على الدهر
أيذهبُ إدراري شَعاعاً وعصمتي / بحبل سديد الحضرتين أبي نصْر
ولي أن ألَمَّ الخطب سيف ومقول / قَتولانِ للأعداء في الأمن والذُّعر
يروح بشطر منه من راح جاحداً / ويغدو زكي الدين منه على شطْر
ويمضي بباقيه ابن كَوْزان لا سَقى / مواطنهُ إلا ربابٌ من القطر
وأُغضي على شوك القتاد مسامحاً / ليسلم لي عيش ببغداد في ضُرِّ
إذا ساورتني عن مرامي ضرورةٌ / عطفتُ على مدح المباخل بالشعر
إذْن فردائي نيطَ مني بعاجزٍ / وزرَّت أثيوابي على ضرعٍ غَمْر
إذا هو لم يحفل باتْباع مُلْجأٍ / له فحماه غير فخرٍ ولا أجْر
وما راعني إلا عميدٌ مُعظَّمٌ / مشيرٌ على السلطان بالمنع والحظْر
وهبة كما قد قيل ضاق توصلاً / بإطلاق نزْرٍ يسترقُّ به شكري
ألنت له قولاً ولو شئت رُعتهُ / بتعريف قدري واعتنائك في أمري
ألستَ الذي أوغلت في حق اسْود ال / كلابي حتى فاز بالغُنْم والوفر
إذا شئت كان الصمت عندك كافياً / وإن لم تشأ لم يغن قولي ولا ذكري
لئن منع الإدرار بعد إباحةٍ / ولم يخش من نظمي الفصيح ولا نثري
ولج ابن كوزانٍ وإن لَجاجَهُ / ردىً ذاهب بالعرض منه وبالعمر
ولم يتلافَ الأمر في أُخرياته / عميد مطاع القول في النهي والأمر
ورحت على ما خصني الله من عُلاَ / أجَرِّر أثواباً من الهون والفقر
فلم يضق الجو الفسيحُ بسارحٍ / ولا سُدَّت البيد القواء على سفر
خذ ما تشاء من الأيام أو فذر
خذ ما تشاء من الأيام أو فذر / نلت العلى وبنو الآمال في سهر
كم غالَ فضلك مغروراً بمقولة / لمَّا نحاه وشرُّ الحتف في الغَرر
لا يحفظنك حسادٌ زعانفةٌ / صبُرٌ على الضيم وُرَّادٌ على الكدر
مُدفعون عن الأبواب تقذفهم / أيدي المراسم قذف السَّهم بالوتر
لهم إلى النائل المنزور حقحقةٌ / وفي طِلاب المعالي هجمةُ الحُمُر
أن شاركوني في قولٍ فلا عجبٌ / ما حال إِبليس في التخليد كالخِيرَ
أنازعُ الملك الطاغي وسادته / ويحجبون عن التسليم والنَّظَر
كأنني باذلٌ ما جئت أطلبه / عند الملوك لفرط العز والخطر
شيدَ البُنى وكلاب الحي نابحةٌ / لو كان ذلك زأر الأسْدِ لم يَضِرِ
من كل مشتملٍ بالذُل مُضطهدٍ / يُرمِّقُ العيش بين الذل والحَصَر
أَضلَّه نور فضلي عن مقاصده / وربما ضلَّ ساري الليل بالقمر
شكوا شراسَة أخلاقي فقلتُ لهم / خشونة البيض مازتها عن السُّمرُ
لا تحسبوا شرس الأخلاق منقصةً / فمُزَّة الخمر أشهاها إلى البشر
كفى حسودي جهلاً أنه رجلٌ / مُعاندٌ لقضاء اللهِ والقَدَرِ
إني اصطفيت حساماً راق رونقهُ / أغنى شباه عن الصَّمصامة الذَّكر
طبعته من أناةٍ غير خاذلةٍ / وجوهرية حلمٍ رائع الأثر
فجاء حيث سيوف الهند نابيةٌ / طَبَّ الغِرار بقتل العاضِه الأشِر
لا شيء أقتلُ من حِلمٍ يمازجُهُ / تيهٌ تشاوس في ألحاظ مُحتقر
يود منه سفيه الحي لو ضُربتْ / لِيتاهُ موضع الأهْوانِ بالبُتُّرِ
أمَّا تريني كنصلٍ لا كميَّ له / اُجِمَّ عن مضرب الهامات والثُغر
يصونه الغمد عن إبداء رونقه / صونَ العقائل بالأمراط والخُمُر
فكل ليلٍ إلى صبحٍ نهايته / وإن تباعدَ أُولاهُ عن السَّحر
وسوف أصبحهم شعواء كافلةً / بما أرومُ وإلا لستُ من مُضر
أُول للركب يجتاحون شاحطةً / يهْماءَ تعسفُ بالظِّلمان والعُفُر
مُحْقَوْقِفينَ على الأكوار تغلبُهم / على الأزمَّة أيدي النَّوم والفِكرِ
كأن خمراً وورساً في رحالهمُ / من الشُّخوب وخفق القوم العذر
أن رمتم خفض عيشٍ نام عاذله / فرجِّعوا بمطاياكم إلى نَظَرِ
بني عمنا كفوا العضيهة أنها
بني عمنا كفوا العضيهة أنها / تُعيدُ بياض الصبح بالنقع أغبرا
ولا يسخرن الحلمُ منكم برفقه / فإن رواء الحلم بأساً مُعفِّرا
لنا ما أفاد المالكان من العُلى / ومكتسبُ القعقاع مجداً ومُفْخراً
ومنا الذي أحيْا الوئيد بماله / فوافق من قبلُ الكتابَ المحبرَّا
وكنا إذا ما التاث حيٌّ بغدرةٍ / ركبنا إليه كاهلَ الشر أوعَرا
وقْدُنا إليه تحت كل عجاجة / شوازِبَ يعلكن الشَّكائم ضُمَّرا
فإن تخْتلوا أعراضنا فوخيمةٌ / وإن كان مرآها من المجد أخضرا
عجبت من الحي اللقاح ومعشرٍ / يُجنون ضغناً أن أغُر وأُكبرا
ينازعنُي قولي رجالٌ وإنما / أشدُّ اكتئابي أن رأوني أشْعرا
ومن دون صبح العز ليلٌ مؤرِّقٌ / جعلتُ القوافي من تماديه سُمَّرا
أطالوا سفيهَ الاعتراض ونمَّقوا / إلى الطعن ألفاظاً هُذاءً وأسْطُرا
يزيدهم جمعُ الجراميز ضلَّةً / كما ازداد ظمئاً ورادُ الآجن الصَّرى
لئن نقلوا ما يجهلون فإنني / لفارسُ علمٍ ناقلاً ومفسِّرا
و ما العلم إلا الصبح ما فيه مرشدٌ / لأعمى ويهدي الصبح من كان مبصرا
حلفتُ بربِّ الراقصات كأنها / نقانقُ يرهبن الأنيسَ المُنَفِّرا
موارقُ من جُنح الظلام كأنما / نَشَقْنَ نضيراً بالصَّباح مُنوَّرا
تدافعن في خرق تخالُ سرابهُ / بمخترق الدهناء سحلاً مُنشَّرا
حملنَ رجالاً من بلادٍ بعيدةٍ / منيبين كي يعفوا الإلهُ ويغفرا
لقولهم عندي أشد مهانة / من الفقح منجول المنابت بالعرا
ومن لي بيومٍ دراميٍّ يُعيضهم / مكان القوافي والقوارصِ عسكرا
كأن جياد الخيل عند طعانهِ / قشاعمُ يحذبنُ العبيطَ المُنَسَّرا
سحبن رعابِيل الجِلالِ خضيبةً / كما سحب الغيدُ المُلاءَ المعصفرا
ولو بنصير الدين صُلْتُ عليهم / لعَفَّى على الآثار منهم ودمَّرا
هو المرءُ لا مُستكرَهٌ إن سألته / نوالاً ولا مستعذبٌ أن تنكَّرا
أغرُّ يضيءُ الليل والحظ وجهه / إذا جاد بالغمْر الجزيل وأسفرا
يُدوِّمُ في سَمْت الرويِّ اعتزامُه / فإن لمح الجزْلَ الصَّوابَ تمطَّرا
على لاحبٍ من جو أرضٍ صقيلةٍ / إذا ما مشى فيها اليراعُ تبخترا
كأن البنان السبط يزجي سطورهُ / أخو الحرب يقتاد العديد المجمهرا
يكونُ وما جفَّت بلائلُ خطَّه / رباباً بأكناف البلاد وعِشْيرا
فيبعثُ في حربٍ وجدب برقشهِ / غنياً عزيزاً أو قتيلاً مُعَفَّرا
إذا عصف الخطب الجريء بأرضه / رأيت شَروْرى والنسيم إذا جرى
وإن نبت البيضُ الخفاف وجدتُه / حساماً جريّاً حيثُ وجَّهتَه بَري
ومحلولكٍ لولا بريقُ حديدهِ / حسبت الدجى في غَرِّه الصبح أضمرا
تميدُ به القِيعان حتى كأنما / شربن من الوكْف السُّلاف المخمرا
تغمغم حتى خيل طيراً ومورداً / وأجلب حتى كان أسداً وعَثَّرا
مَحا جَدَدَ البيداء فرطُ اعتراكه / فعادت صعيداً بالطِّراد مُدَعْثرا
يفتُ رعان الطَّودْ من جولانه / ويُذري كثيباً بالسَّنابك أعْفَرا
ويزجي سحاباً من مُثار عجاجه / فإن رعدت فيه الأنابيب أمْطَرا
سطوت به من غير حربٍ وحلمةٍ / ولو شئت كنت الشَّمريَّ المُغرِّرا
وما مغدقٌ من صيِّب المزن هاطلٌ / إذا قيل نجديُّ المُناخ تَغوَّرا
سحوح كأن الوطْف تسكب ماءه / روايا يُرَعْبِلْنَ المزاد المشرشرا
يسفُّ فيغدو للجبال مُعمما / ويدنو فيغدو للهضاب مُؤزِّرا
له رَجفانٌ بالرياح مُقعقعٌ / كما رجفت رايات كسرى وقيصرا
تألَّق حتى خلتُ أن بريقهُ / سيوف تميمٍ تعقر النِّيب للقِرى
وجاد فلا المحلُ الموات بهامدٍ / عليه ولا العام الشديد بأغبرا
بأنقعَ من نُعْمى الوزير وربما / غدتْ كفُّه بالجود أهمى وأغزرا
من القوم لا يُعطون إلا تبرعاً / ولا يفعلون الخير إلا مُكررا
إذا كتبوا أدَّوا فِصاحاً صحيحةً / وإن ركبوا رَدوا وشيجاً مُكسَّرا
لهم كل أُملودٍ من الرأي مُشرعٍ / قويمٍ إذا ما السمهريُّ تأطَّرا
هُمُ زند مجدٍ أنت نارُ اقتداحه / وأفخرُ ما كان الزنادُ إذا وَرَى
ضعي لامتداحي ما استطعت من العذر
ضعي لامتداحي ما استطعت من العذر / سأغسل عني بالعُلى دَرنَ الشعرِ
توهمته عاراً على ذي حفيظةٍ / أطال وعيد القوم بالجحفل المَجْرِ
صدقت ولكن لا نتال كريمةٌ / من العيش إلا تحت هُونٍ من الضر
صبحت زماني مغضياً عن ذنوبه / إلى حين إمكان الحسام من الوتْر
ولاحظت من جور الخطوب مثقفاً / قناتي وإن خيَّلتهُ طالب الكسر
فكنت كمثل المسك فاح بسحقه / وإن بددتْ أجزاءه صكَّةُ الفِهْر
بني دارمٍ أن يم تُغيروا فبدلوا / عمائمكم يوم الكريهةِ بالخُمْرِ
فإن القرى والمدن حيزْت لأعبدٍ / لا سلمتْ أفحوصةٌ لفتىً حُرِّ
ربطتم بأطناب البيوت جيادكم / وخيلُ العِدى في كل ملحمة تجري
إذا ما شببتم نار حرب وقودها / صدور المواضي البيض والأسل السمر
ضمنت لكم أن ترجعوها حميدةً / تواجف غِب الروع بالنَّعم الحمر
أنا المرء لا أرمي المنى عن ضراعةٍ / ولا أستفيد الأمْن إلا من الذُّعْر
لا أطرقُ الحي اللئام بمدحهِ / ولو عرقتني شدةُ الازم الغُبْر
تغانيت عن مال البخيل لأنني / رأيت الغنى بالذل ضرباً من الفقر
خصاصة عيش دونها سورة الردى / وعزُّ اقتناعِ فوق مُلْك بني النضر
صبرت وطول الصبر عزٌّ وذلَّةٌ / وهذا أوان يحمدُ الصبر بالنَّصر
لاقتحمنَّ الحي عزَّ حريمهُ / بشعواء تحوي شارد المجد والفخر
بشزر طعان يفقد الرمح صدره / إذا اندق ما بين التَّريبة والصَّدر
له من عجاج الطرد سحب مسفَّةٌ / ومن علق الأبطال قَطْرٌ على قطر
كأن نجيع القوم عند مجالِه / سحاب سماءٍ هاطلٍ أو ندى بدْرِ
يقرُّ بعيني أن أراها مُغيرةً
يقرُّ بعيني أن أراها مُغيرةً / لها برؤوس المترفين عِثارُ
سوابح في بحرَيٌ دمٍ وعجاجةٍ / فمندفقٌ مُثعنجرٌ ومُثارُ
كأن على أعوادها جنَّ عبقرٍ / من الصَّول لولا منطقٌ وشِعارُ
تدافعن في غِرْبيب ليلٍ كأنما / جباهُ وجوه السَّابقات نهار
لهن إلى وطءِ القتيل تقدمٌ / ومنهن عن أخذ الأسير نِفارُ
على الحي لا راجي النَّوال لديهم / يُجادُ ولا باغي الذِّمام يُجارُ
إذا قدروا لم يحملوا عن جريمةٍ / فسيَّان حربٌ فيهم وإِسارُ
سلاحهمُ يومَ التسالم زينةٌ / وحربهمُ يوم اللقاءِ فِرار
كأن مداف الورس فوق وجوهم / إذا قيلَ هذا معْركٌ وغِمار
تصالح فِهْرٌ فيهم وزنادهُ / وأُوْمِنَ كومٌ عندهم وعِشار
فلا الضيف يقري وهو غرثان ساغب / ولا خابطُ الليل البَهيم يُنارُ
حلومٌ كعيدان الأراكِ ضعيفةٌ / وأعطافُ هزلٍ ما بهن وقارُ
تمنيت أن الحي خرَّتْ عمادُهُ / فتُنقضُ أوتار ويدركُ ثارُ
غرست الحجا والودَّ في غير حقه / ولم أدر أنَّ الحادثات ثمارُ
وهون وجدي أن تراخت منيةٌ / ولم يكتسف بدر العلاء سرارُ
فإن نحت الدهر المعاند أثْلَتي / فأنجمَ وُجْدٌ واستُعيد مُعارُ
فعند ابن سلطانٍ عطاءٌ ونجدةٌ / كفاني عِزٌّ منهما ويَسارُ
أقولُ ودمعي مُستهلٌ وددِتنُي
أقولُ ودمعي مُستهلٌ وددِتنُي / نُعيتُ ولم أسمعْ نعي المُظفَّرِ
كأنَّ شَبا مَطْرورةٍ فارسيَّةٍ / أصاب فؤادي من حديث المُخبِّرِ
فبتُّ قتيلَ الهمِّ والحزنِ بعده / وباتَ قتيلَ الذابلِ المُتأطِّرِ
نَعَوا فارس الخيل المغيرة في الضحى / ومُختلسَ الأرواح تحت السنوَّر
فتىً لم يكن جهماً ولا ذا فظاظة / ولا بالقطوب الباخل المتكبر
ولكن سَموحاً بالودادِ وبالنَّدى / ومُبتسماً في الحادث المُتنمِّرِ
سقى ابن أبي الهيجاء صائب مُزنةٍ / كفيضِ يديه الهاطل المُتَحدرِ
بكيتُ عليه حيث لم يُدرِكِ المُنى / ولم يرْوَ من ماءِ الحياةِ المكدَّر
وهَوَّنَ وجْدي أنه ماتَ ميتةَ ال / صريعاً بين مجدٍ ومَفْخرِ
كأنَّ دمَ النَّجلاء تحت بُرودهِ / لَطيمةُ مسكٍ في إِهابِ غضنْفرِ
أقربُ من قَولكَ يا عَمْرو
أقربُ من قَولكَ يا عَمْرو / حالٌ بها ينكشفُ الضَّرُّ
فلا تَبِتْ أسوانَ في غَمرةٍ / ضاقَ بها ذرعكَ والصَّدرُ
واتخذ الصَّبَر لها جُنَّةً / فمن شِعارِ الحازمِ الصَّبرُ
هي العُلى عِلْقٌ إذا قِسْتهُ / مُسترخصٌ والثَّمَنُ العُمرُ
إنَّ امْرءاً ماتَ على مجْده / لَخالدٌ ما خَلَد الذكْرُ
لا خيرَ في مُثْرٍ لا شاكرٍ / فإنما المالُ هو الشكْرُ
أحجارُ سُوءٍ جُعلتْ آلَةً / وسِرها النفعُ أو الضَّرُّ
يُصيبُ من يبذلُها أجْرهُ / وللذي يُحرزها الوزْرُ
حاشا لمثلي أنْ يُرى ضارعاً / وجيشُ عزمي لَجِبٌ مَجْرُ
لكن يُداري حَرجي معشراً / لي في مُداراتهم العُذْرُ
إن شامَ غيري بارقاً من نَدىً / فَضَّلهُ فهو أذن نُكْرُ
أيُّ مَحلٍ لنجومِ الدُّجى / يبقى إذا ما جُهلَ البدرُ
وا عجبا من همَّتي والسُّرى / للهِ في تقديره سِرُّ
يبكي العراق الدَّم من فُرقتي / وليس لي من غمركم بِشرُ
لم تَزَلَ الآمالُ غَرَّارةً / يشقى بها الحازمُ والغَمْرُ
كلُّ بَعيدِ رائعٌ صِيتُه / كذَّب فرطَ الخَبرِ الخُبْرُ
يُستعظمُ الآلُ إذا ما جَرى / والريُّ ما تبذلهُ الغُدرُ
حُبُّ دُبيسِ غربةٌ في الهوى / شابه فيها المدَرَ الدرُّ
فاق الهوى العُذريَّ وَجْدي به / فطابَ لي في حُبهِ المُرُّ
لله مَهمومٌ بآمالِهِ / ليس تُسري همَّهُ الخمرُ
أوْقَرُ من نادمني عِندها / ذو سَفهٍ من شأنه الهُجرُ
أنَّ أولى التيجانِ من خِنْدفٍ / قومي إذا ما ذكرَ الفخرُ
تهفو لنا الراياتُ خَفَّاقةً / إذا دعا نجدتنا الذُّعرُ
فارعوا حقوقَ المجدَ تحظوا بهِ / في ملِكٍ حِليتُه الشعرُ
فربما أُعتِبَ مسُتعتبٌ / من حظنا أو عطف الدهرُ
لا نَعمةٌ تبقى ولا نِقمةٌ / ولا غِنىً دامَ ولا فَقرُ
لا تحسبي مَزحَ الرجالِ ظرافةً
لا تحسبي مَزحَ الرجالِ ظرافةً / إنَّ المُزاح هو السِّبابُ الأَصغرُ
قد يُحْقر الملكُ المُطاع ممازحاً / ويُهابُ سُوقيُّ الرجالِ الأوقرُ
جرد سيوفكَ للجلاد وأشْهِرِ
جرد سيوفكَ للجلاد وأشْهِرِ / واعِلمْ جيادك للطرادِ وشَهِّرِ
واصبرْ لضوضاء الخطوبِ فإنما / تعدو على متُبرمِ لم يصبرِ
وإذا نهضت إلى العدى بعزائمٍ / فاحذر تمني الخفض أنْ لم تُنصر
فالمجدُ إذ تسعى لهُ وترومهُ / مُلْك اليمين ظفرت أو لم تظفر
ولتَظْفِرنَّ فكل حافرِ سابقٍ / من بعد غرب السيف موضعُ مغفر
أأنِ أتَّبعت هواي أيسرَ بُرهةٍ / تبع المُجربِ لا اتباعِ مُغَررِ
وتركتُ زوراء العراق ولا قِلىً / الدارُ داري والعشيرةُ معْشري
كيما أُميتَ مطامعي بتجاربي / وأكفَّ أخباراً كبُرْنَ بمخبري
قال العِدى عَثرَ الجوادُ ولا لَعاً / وبنو الوداد لَعاً وإنْ لم يعثرِ
فلقد وقفتُ من الملوكِ مواقِفاً / تعْشى بهيبتها لحاظُ المُبْصر
وعلوتُ فوق أولي الجحافل منهمُ / وأقمتُ أقوالي مقامً العسكرِ
وولجت أسراراً تضرَّب دونها ال / أعناقُ غير مُسارقٍ ومُتسترِ
حتى انتهت هِمَمي إلى مولاهُمُ / رَبَّ المقانبِ والمراتبِ سنجر
فأحلنَّى الشرفَ الرفيعَ وزانني / بأجَلِّ تشريفٍ وأكرم مفخر
بحُسامه وكِتابه وكلاهُما / مجدٌ يقيمُ على ممرِّ الأعصُرِ
فالسيفُ لم يسمح لذي فضلٍ به / وكذا المِثالُ مِثالهُ لم يُسْطرِ
ولقد قضيتُ مآرباً نجديَّةً / ودُجى الذؤابة صبحة لم يُسفرِ
وسَرى بفضلي ركبُ كم تنوفةٍ / من منجدٍ يطوي السُّرى ومُغوِّرِ
تجري المكارمُ والداء متى أفُهْ / بالشعر ثُمَّ تغيض أنْ لم أشْعُرِ
ولَربَّ مُنتزحٍ بأقْصى خِطَّةٍ / ريَّان من ماء الفضائل مُغْزِرِ
فصلُ الخطاب إذا المقاصد أُعجمت / كشف البهيم بواضحٍ مُسْحَنْفر
سارت إليه مع الرواةِ قلائدي / فاشتاق ينظرني ولو لم ينظُرِ
فضلي وبأسي في المقال وفي الوغى / خُلقاً لصهوة سابحٍ أو مِنْبر
ومُعنفٍ في المجد يحرُق نابهُ / مُتخمطٍ في عذله مُتنمرِ
قال اتخذت الاغْترابَ مطيَّةً / فارفق بنفسك من سفارك واحضرِ
فأجبتهُ أنَّ الهِلالَ بسيره / بدرٌ ولولا سيرهُ لم يُقمِرِ
دعْ عنك لومي أنَّ عزمي والسرى / أخوا لِبانٍ كالنَّدى ومُظفَّر
خِرقٌ إذا عنَّت وغىً وخصاصةٌ / جادتْ يداهُ بهاطلٍ مُثعنجر
فالقِرْنُ والرجلُ الفقيرُ كلاهما / غَرقانِ من عُرْفٍ وقانٍ أحمرِ
وإذا خَبَتْ نارُ اليَفاع فَنارُه / تهدي ركابَ الخابطِ المُتنور
نارٌ تكادُ من المكارمِ والنَّدى / تخبو فلولا البأس لم تتسعَّرِ
رُفعتْ لأبْلجَ من كِنانةَ دأبُهُ / ضربُ الجماجم تحت ظلِّ العثير
لمُعذَّلٍ في الجودِ صَوْبُ يمينه / يُزري بسيل الشاهق المُتحدر
باعَ الثَّراء من الثَّناءِ بطيبهِ / وشرا الثَّنا بالمال أربحُ مُتْجرِ
فإذا غدا صفرَ اليدينِ فإنَّهُ / مَلآنُ من شرفِ العُلى والمَفخر
سهلُ الخلائفِ والودادِ كِليْهما / لا بالملول هوىً ولا المُتكبر
تنجاب أستار الحجاب إذا انْتدى / للحيَّ عن مُتواضعٍ مُتوفرٍ
تُخشى سُطاهُ على طلاقة وجههِ / ولرُبَّ بَرقٍ بالصَّواعق مُنذرِ
ألِفتْ قِراعَ الدارعينَ سيوفُهُ / فيكادُ يمرقُ مغمدٌ لم يُشهرِ
وتعوَّدتْ خوض النُّحور رماحُه / فإذا جرتْ للطعن لم تتأطَّرِ
وغَنِينَ من وِرْدِ الدماء جيادُه / في الحرب عن رود النَّمير الأخضر
زَوْلٌ تعيض الحيَّ غُرةُ وجهه / تحت اللثام عن الصباح المُسفر
لا تَطَّبيهِ مع الشَّبيبة للْهوى / خُدعٌ ولا تلهيه بهجةُ منظر
من فَرْط هِمَّته وحُبِّ وقارهِ / قد شاب مفرقهُ ولمَّا يكبُرِ
قارٍ إذا شكر المَبيتَ ضُيوفُهُ / في دُهْمَةٍ فعشاره لم تشكر
وإذا الجفانُ صَفِرْنَ في مُغبرَّة / فجفانه مملوءةٌ لم تصفرِ
وإذا الذي يجزي تذكُّرَ هفْوةٍ / لم تُلْفهِ للذنبِ بالمُتذكرِ
يعفو إذا قدرتْ يداهُ على العِدى / فكأنه من حلمه لم يقدرِ
كم موقفٍ غَلب الأميرُ برأيهِ / بيضَ الظُّبى عجلانَ لم يتفكَّرِ
رأيٌ يكون على الغُيوبِ طليعةً / فالمُضمرُ المكنونُ مثلُ المُظْهَر
أنَّ ابنَ حمَّادٍ لَمَلَجْأ خائفٍ / وحمامُ أعداءٍ وثروةُ مُعسر
وافٍ إذا بذل العُهود لآخذٍ / عذرَ الوفاءُ ونفسهُ لم تُعذرِ
ومُزمْجرٍ بالقاعِ يُظْلِمُ صبحه / مما يثير من العجاجِ الأكدر
مَجْرٍ كأنَّ خيولهُ ورجالَهُ / غزلانُ وجْرةَ تحت جِنَّة عبقر
أعمى القتامُ به الكُماةَ فخيلُهُ / لولا بريقُ حديده لم تنظر
تجري فيتْبعُ جارحٌ فترى بهِ / مُتمطراً يتلو مدى مُتمطرِ
فيه السَّوابغُ والدِّلاصُ كأنها / غُدُرُ الفَلاة تلوحُ للمتبصر
غاردتهم صرْعى بأوَّلِ حملة / من غير تثنيةٍ وغير تكرُّر
وإلى عُلا بكْرٍ نَمتْكَ عِصابةٌ / طيبُ الثَّناء وطيبِ العُنْصُر
قومٌ إذا كرهوا الحرير بَسالةً / لبسوا لزينتهم ثيابَ سَنوَّرِ
يتقارعون على الضيوفِ إذا الدجى / سُدَّتْ مطالعُه بريحٍ صَرْصَر
من كل متْبوع اللواءِ مؤمَّلٍ / في المحل مُنتجع النَّدى مُستمطرِ
تتلوا الذئاب المُعْط كُبَّةَ خليهِ / ثقةً بأنَّ طعامها من مَنْسِرِ
سُمِّي أبا الجبْر الجواد أبوكُمُ / حيث الكسيرُ بغيرِه لم يُجْبر
أرجُ الثناء لدى النَّديِّ كأنما / تُتْلى مدائحُ عِرْضه من مجمرِ
يا ناصرَ الدين ادَّخرْتَ من العُلى / كنزاً ومثلَ مودتي لم تذخَرِ
أغنيك حمداً إذْ أقولُ وموسرٌ / لم أُغْنه حمداً فليس بموسِرِ
ولئنْ تَعدَّاني الحِمامُ فربما / كنُ الذخيرَةَ للجليلِ الأخْطرِ
شرفُ الدولةِ بحرٌ زاخِرْ
شرفُ الدولةِ بحرٌ زاخِرْ / وهِزبرٌ كلما صالَ هَصَرْ
يُمسكُ الغَيْثُ ومن راحَتهِ / صَيِّبُ المعروف في المَحْل دررْ
وإذا يُسْألُ مَنْ فارسُها / يومَ تحطيم القنا قِيلَ عُمَرْ
مَلكِ بَرٌّ بمنْ يَسألُه / وهو بالمُذنب ذي الجُرم أبَرْ
لا يَحُلُّ الجهْلُ من حَبْوتِه / كلما ناوشهُ الخطبُ وقَرْ
خَشن النَّجدةِ لا كِبْرٌ به / لينُ الملمسٍ من غيرِ خُوَرْ
لا أهَنِّيهِ بتجْديدِ عُلاً / كل فخر بعُلاهُ يَفْتَخِرْ
كأنَّ بلادَ اللهِ ممَّا أُجِنُّه
كأنَّ بلادَ اللهِ ممَّا أُجِنُّه / من الهم أحْبولٌ تحاذرهُ العُفْرُ
يضيقُ بيَ الخرقُ الوسيعُ كآبةً / ولولا هموم النفس لم يضق القفرُ
أُبِيَّةُ فضلٍ دونها المُلك والغنى / وهول اضطرارٍ دونه الذل والفقرُ
وأكرمت عن ذُلِّ السؤال مَطالبي / فما اقتادني إلا مع العِزةِ الوفْرُ
سجيَّةُ ممرورِ الخليقةِ كاره ال / دنيَّةِ لا يغتالُ هِمَّته الضُّرُّ
إذا همَّ فالليلُ البَهيمُ ظَهيرةٌ / ولينُ الحشايا عنده المسلك الوعرُ
وزورٍ عن العَلياءِ لا يَطبيَّهُمُ / إلى المجد لا نظم فصيحٌ ولا نثْرُ
إذا شيمَ منهم بارقُ الجود أخلفوا / وإنْ طرقوا في حندس الليل لم يقروا
وإن نُوزعوا في السلم جالوا وقحَّموا / وإن نوزلوا في يوم معركةٍ فرُّوا
ظماءُ القنا والبيضِ لا يشتكيهمُ / بيوم الوغى قرن الكمي ولا النحرُ
يظنون فخري مُعجز الشعر عندهم / ولا عيب لي إلا الفصاحة والشعر
إذا لم يكن لي ناصرٌ من صوارمي / فما لي من قولٍ أنمقُه نصرُ
وكم عارٍ مدْحٍ مُثْقِلٍ لمناقبي / وإنْ كان لي لما نطقتُ به عُذْرُ
تواترت الشهبُ الشداد فأصبحتْ / رياضُ الربيع وهي يابسةٌ غُبْرُ
فضلتْ التهاني بالمراتب والعُلى
فضلتْ التهاني بالمراتب والعُلى / فكان فصيح الحي بالصمت أجدرا
وجاوزتَ مقدارَ المديحِ فكلَّما / أراد لساني ذكر وصفك قصَّرا
وطبْت ثناءً في المجامع ذائعاً / كما طبت أصلاً في النِّجار وعنصرا
تعيد الفجاج الغُبْر خضراً من الندى / وترجع ضوء الصُّبح بالبأس أغبرا
وتسفر حيث الخطب ليل معسعس / فتثنيه رأداً من صباحٍ مُشَهَّرا
تودُّ الرزان الشم حلم ابن خالدٍ / إذا القرم من حمل العظيمة جرجرا
إذا أجلبت ضوضاء خطبٍ بسمعه / رأيت شروْري والنسيم إذا جرى
سليم دواعي الصدر سهل رجوعه / أشدُّ هوىً بالعفو إذ كان أقْدرا
فتىً لا يُريد العزَّ إلا لنجدةٍ / ولا المالَ إلا للرَّغائب والقِرى
ومُعتكر النَّقعين جَمٍّ رماحُه / إذا حلَّ ظُهراً بالعراءِ تديْجَرا
شديدِ ازدحام الدَّارعينَ كأنهُ / غواربُ تيَّارٍ طَما فتحدَّرا
غدا مالئْ الألباب ذُعراً وهيبةً / وقلبَ الموامي ذُبَّلاً وسَنَوَّرا
وخاض نهاءَ القاع حتى حسبْتها / خَباراً قُطارياً ووعْثاً مُدَعْثَرا
وفرَّ له الوحش القصيُّ مخافةً / من الطَّرد حتى أخل الجنُّ عبقرا
كأنَّ ظُباهُ في متونِ عجاجةٍ / بوارق يقتدن السَّحاب الكَنَهْورا
فغادرتهُ أمَّا هزيماً مُنَفَّراً / قتيلَ الموامي أو عبيطاً مُسنَّرا
السيف والحُجَّة الغراءُ قد شهدا
السيف والحُجَّة الغراءُ قد شهدا / لناصر الدين بالإقدام والظَّفرِ
تُقطِّرُ الفارس المشهور فتكتُهُ / فيه ويصطلم الأحبارَ في النَّظرِ
مُستشعرٌ لتُقى الرحمن يُسهره / كَرُّ الصلاة ودرس الآي والسُّور
يرى الحوادثَ والأيامَ سائرةً / بعين يقظان بالتَّوحيد مُعْتبرِ
دليلهُ في نفوسِ اللُّدِّ سُرتهُ / كرمحه في نحور الصيد والثُّغَرِ
فخصمهُ أبداً ما بين مُنْقطعٍ / يرى فصاحته عِيّاً ومُنْعَفِرِ
خشونةٌ لا يطولُ الجبرؤُتُ بها / ولِينةٌ كرُمتْ عن رقَّةِ الخورِ
وأين مِثْلٌ لمسعودٍ وهمَّتِهِ / في العرب والعجم أو في البدو والحضرِ
لما غَدا بِهْروزُ مُتَّقياً
لما غَدا بِهْروزُ مُتَّقياً / ربَّ العُلى في السر والجهرِ
ألقى عليه من مهابتهِ / سِراً مُطاعَ النَّهي والأمْرِ
فنجاحُهُ في كل مُطَّلَبٍ / فرضٌ على الأيام والدهرِ
فعلامَ يُعجبُ من سعادتهِ / في سدَِّ ماءٍ جاءَ أو حَفْرِ
وهو الذي سنَّتْ خلائقهُ / لينَ الثَّرى وقَساوةَ الصَّخرِ
فإذا تنكَّر فهو صُمُّ صَفاً / ولدى الرضا مُتهلِّلُ القطْرِ
فحمى أبا الخير المُجاهد من / حلاَّهُ بالمعروفِ والنَّصْرِ
إذا ما شكت بيض السيوف ظماءةً
إذا ما شكت بيض السيوف ظماءةً / سقاها فروَّاها من الهامِ عنترُ
ولم أُرِدِ العَبْسيَّ لكن سميَّهُ / ومَن هو أوْلى بالثَّناء وأجْدرُ
فإنْ فخرت عبسٌ بفارس روْعها / فإنَّ بني الجاوانِ أعْلى وأفْخرُ
بزولٍ لبيقٍ في مُتونِ جيادهِ / بغُرَّتهِ جُنْح العجاجةِ يُقْمِرُ
فتىً هو للْعافي من الجودِ مُورِدٌ / و للخائف الجاني عن الخوف مصدر
إذا ملك الدَّثْرَ الجزيل فواهبٌ / وإنْ غنم النَّزر الزهيد فمؤثِرُ
أفرُّ أباة الضيم عن ذُلِّ موقفٍ / وأثبتهم حيث القَنا يتكسَّرُ
وأرأفهم والقطر في المحْل ممسكٌ / وأقساهُمُ والمشْرفيةُ تقْطُرُ
كأنَّ بعودَيْ سرجه ليث غابةٍ / على أنه يخشى سُطاهُ الغضنْفرُ
يسدُّ فروجَ اليوم والليلِ عندهُ / بجدب ٍ وفي حرب دخانٌ وعِثْيرُ
فيوسعُ طُعم الذئبِ واليوم قاتمٌ / وعقر كرام النِّيب والعامُ أغْبَرُ
جريءٌ وأطرافُ الرماحِ ذليلةٌ / وفيٌّ ووافي الحيِّ بالعهد يغْدرُ
شكرتُ صنيعاً جاءني مُتبرعاً / وما زلتُ قبل اليوم أُثني واشكرُ
وكمْ عندي من ثناءٍ يودُّهُ / نسيم الخزامى حين يُتْلى وينشرُ
يكادُ الدُّجى يغْدو صباحاً مشرقاً
يكادُ الدُّجى يغْدو صباحاً مشرقاً / إذا عُدِّدتْ فيها مناقبُ عنترِ
ويذْكو نسيم الجوِّ عند مديحهِ / كأن بأعلى لُوحِه نشرَ عنبرِ
يُعيرُ قَناهُ عَزْمَهُ في نِزالهِ / فلا طعْنَ إلا ف ضميرٍ ومحْجرٍ
تشكَّى العدى والنِّيب سورة فتكه / بظلماء ليلٍ أو بهبوةِ عِثْيَرِ
فللضيف لُحْمان العشارِ مُنيفةً / وللطير جُثمان الكميِّ المُعَفَّرِ
ترفَّع عن سكنى الغمودِ سيوفهُ / فيُغمدها ما بين رأسٍ ومِنْحرِ
وتكرهُ مُبْيضَّ المواردِ خيلهُ / فيوردها في ناصعِ اللون أحمر
أرى بَقايا البيوتِ قاطبَةً
أرى بَقايا البيوتِ قاطبَةً / ما فتئت بالقديمِ مُفْتخرهً
من ماتَ حيٌّ بطيبِ مَحْمدةٍ / والحيُّ بالذم أعظُمٌ نخِرهْ
ولا يغرَّنْكَ مُبْتدى شَرفٍ / ومُنتهاهُ بلؤْمهِ غَمَرَهُ
فأشْرَفُ الزادِ عند آكِلِهِ / إذا تناهتْ أقسامهُ عَذِرَهْ
بقيتَ غياث الدين ما أظلم الدُّجى
بقيتَ غياث الدين ما أظلم الدُّجى / وما حان من شمس النهار ذُرورُ
يلوذ بك المستعصمون وسائلوا ال / نَّوالِ فتُعطي واسِعاً وتُجيرُ
فكم مات في كفيك قرنٌ مُنازلٌ / وكم عاش منها بالعطاء فقيرُ
غزاتك يُعمي مقلة الشمس نقعها / ورمحكَ فيها بالنَّحورِ بَصِيرُ
لبيضك هاماتُ الغطاريف في الوغى / عَمودٌ وللزُرْق اللِّدانِ نُحورُ
حوى المجد حتى لم يدع منه شارداً / أبو الفتح طِفلاً والقميصُ بَقيرُ
أبيٌّ إذا ما سيمَ خسْفاً مُنكِّبٌ / ولكنهُ تحت اللواءِ صَبورُ
بودي لا أنْفكُّ تحت عجاجهِ / وطرفيَ من كُحْل العجاج فخورُ
ولكنني في القرب والبعد مخلصٌ / ولي على مرِّ الزمان شكورُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025