المجموع : 16
وآنسةٍ زارتْ معَ الليلِ مَضْجَعي
وآنسةٍ زارتْ معَ الليلِ مَضْجَعي / فعانقتُ غُصْنَ البان منها إلى الفجرِ
أُسائِلُها أينَ الوشاحُ وقد غَدَتْ / مُعَطَّلةً منه مُعَطَّرةَ النشر
فقالتْ وأَوْمَتْ للسِّوارِ نَقَلْتُهُ / إلى مِعْصَمي لمّا تقلقلَ في خصري
ومُرْتجةِ الأعطافِ مُخْطفَةِ الحَشا
ومُرْتجةِ الأعطافِ مُخْطفَةِ الحَشا / تميلُ كما مالَ النزيفُ منَ السكر
بذلتُ لها من أَدمُعِ العينِ جوهَراً / وقِدْماً حَكاها في الصِّيانة والستر
فقالتْ وأبدتْ مِثْلَهُ إذ تبسمت / غنيتُ بهذا الدرِّ عنْ ذلك الدر
سَفرَتْ وريعانُ التبلُّجِ مُسْفِرُ
سَفرَتْ وريعانُ التبلُّجِ مُسْفِرُ / لم أدرِ أيهما الصباحُ الأنورُ
وتنفستْ وقد استحرَّ تنفُّسي / فوَشى بذاكَ الندِّ هذا المجمر
مقصورةٌ بيضاءُ دونَ قِبابها / هنديَّةٌ وأسنَّةٌ وسَنَوَّر
وسوابحٌ خاضتْ بها البُهْمُ الوغى / لما طَمى بَحْرُ الحديدِ الأخضر
في مأزقٍ يلتاحُ فيه للظُّبا / بَرْقٌ وينشأُ للعجاج كنَهْوَر
يرمي الفوارسَ بالفوارسِ والقنا / تخفُو هنالكَ والقنابلُ ضُمَّرُ
يا ربةَ الخدرِ الممنَّعِ والتي / أَسْرَتْ فنَمَّ على سُراها العنبر
ما هذه الجردُ العِتاقُ وهذه الس / مرُ الرقاقُ وذا القنا المتأطِّر
أوما كفتكِ معاطفٌ ومراشفٌ / وسوالفٌ كلٌّ بهنَّ معَفَّر
لا تُشرِعي طَرْفَ السِّنان لمغرمٍ / مثلي فحسبكِ منه طَرْفٌ أحور
سأقيمُ عُذْرَ السمهريِّ فإنما / تُدْمي لحاظُكِ لا الوشيجُ الأسمر
ولئن حَشتْ زُرْقُ الأسنة بعدها / طَعْنَاً حشايَ فميتةٌ تتكرَّر
حالتْ خطوبُ الدهرِ دونكِ والهوى / وَقْفٌ عليه الحادثُ المتنمِّر
مهلاً سَتُضْرَحُ عن مَشارِبِهِ القذى / ويعودُ صَفْوَاً ماؤُهُ المتكدِّر
ليقوِّمَنَّ صَغا الحوادثِ منْ بني / عبد العزيزِ بها وسيم أَزْهَرُ
فكأنَّما تطأُ المطيُّ من الثرى / زَهْرَاءَ والظلماءُ مسكٌ أذفر
يُدْنيهِ من أَقصى المواضعِ ذكرُهُ / ولربَّما أدنى القصيَّ تَذَكُّر
يقظانُ مقتبلُ الشبابِ ورأيُهُ / عن بعضِ إبرامِ الكهولِ معبّر
لو كنتَ شاهدَ فَضْلِهِ لِمُلمَّةٍ / لم تدرِ هل يجلو ضحىً أمْ يُفْكِر
إنَّا نخافُ من العواقبِ ضَلَّةً / وبِعَدْلِهِ فيهنَّ سُرْجٌ تَزْهَرُ
أَمْضَى نوافذَ حُكْمِهِ حتَّى على / صَرْفِ الحوادثِ فهي لا تتنكر
نكصتْ على أعقابها أعداؤُهُ / إذْ حارَبَتْهُمْ عن عُلاهُ الأدْهُر
فلهمْ به شَرَقٌ لميِّتهمْ شجىً / ولنا به القِدْحُ المعلَّى الأكبر
تُبْدي يمينُك عَرْفَ كلِّ براعةٍ / مهما نبا بيدِ الكميِّ مُفَقَّر
طَعَنَتْ عُداتَكَ دونَ طَعْنٍ فانبرى / كلُّ امرئٍ عاديتَ وهو مُفَطَّر
فكأن حبركَ أحمرٌ لا أسودٌ / ويراعُ كفِّكَ أسمرٌ لا أصفر
أُملي أبا حسنٍ بشكرٍ بعضَ ما / أوليتَ من حَسَنٍ فمثلك يُشكر
ولئن أكنْ قَصَّرْتُ عن ذاكَ المدى / فلقد أتتكَ مدائحي تَسْتَعْذِر
أمّا القريضُ فقد علمتَ بأنَّهُ / بُرْدٌ يُسَنُّ على الكرامِ مُحَبّر
فبعثتُ من حَوكي إليكَ بخلعةٍ / تَبْلَى الليالي دونها والأعْصُرُ
فلتلبسْن منها أجلَّ مُفاضَةٍ / لكنَّ لابسها أجلُّ وأخطر
ولترقَ في فَلَكِ السماءِ بحيثُ لا / يسطيع أَنْ يَرْقَى شهابٌ نيِّر
أُهْزُزْ معاطفَ رائحٍ ومُبَكِّرِ
أُهْزُزْ معاطفَ رائحٍ ومُبَكِّرِ / ما بينَ سارٍ في الدُّجى ومهجِّرِ
واطوِ الفلاةَ بِوَخْدِ كلِّ شِمِلَّةٍ / خرقاءَ تقطعُ كلَّ خَرقٍ مُقْفر
واصحبْ إذا اعتكرَ الظلامُ مصمّماً / سالتْ بصفحته دموعُ الجوهر
وإذا اعترتك ملمّةٌ فلتنتصرْ / بعلا الوزيرِ على الحوادثِ تُنْصَر
بحرُ الندى عَلَمُ الهدى شَرَفُ العدا / قُطْبُ السيادةِ والسناءِ الأبهر
سامٍ نماهُ منْ أبيهِ حُلاحِلٌ / عالي الذُّرى في المُنْتَمى والعُنْصُرِ
متهلِّلٌ مهما تَهَلَّلَ شيبُهُ / كوميضِ برقٍ في غمام ممطر
عَمِرَتْ به في الجودِ أنديةُ النَّدى / كَرَمَاً ولولا كفُّهُ لم تَعْمُرِ
وتأرَّجَتْ قِطَعُ القريضِ بذكره / في مجمرِ الأفكار قطعةَ عنبر
لا شيءَ أعطرُ منْ نسيمِ ثنائِهِ / إلا تَنَسُّمُ خُلْقِهِ المتعطر
يا ناسياً ذِكْري على شَحَطِ النَّوى / لم أنسَ ذكرَكَ إذ نسيتَ تذكري
أتنامُ عن أمَلي وتتركني سُدىً / والدهرُ يَلحظني بطرفٍ أَخْزَر
هلاَّ زجرتَ صُروفَهُ عنْ ساحتي / فتفلَّ غَرْبَ نوائبٍ لم تُزْجَر
اذكرْ مودَّتنا فمنْ حقِّ النهى / ألاَّ تشوبَ صفاءَها بتكدّر
هبكَ ادَّخَرْتَ لديَّ منكَ أيادياً / أترى حَبَوْتَ بهنَّ مضنْ لم يَشْكر
تَعْسَاً لجدِّي إنْ عَدَتْكَ مدائحي / أظَهَرتَ في نُعْماكَ أم لم تظهر
لا تَبْلَ عندي لو علمتَ أذمّةٌ / لم تُطَّرَحْ ومكارمٌ لم تُكْفَرِ
وصنائعٌ ألبستها منْ صَنْعَةٍ / حُللاً منمقةً كوشيٍ عَبقرِي
إيه أبا بكرٍ فما لي لا أرى / تلكَ الشمائلَ بعدُ لم تتغير
هل أنت إلا نور ذاك المجتلى / أم أنت إلا فرعُ ذاك العنصر
ما لي عهدتُ البشرَ شخصاً مائلاً / واليومَ أعهده خيالاً يَعتري
لا تمحوَنْ بما اقتنيت من العلا / والمجدِ رَسْمَ الودِّ مَحْوَ الأسطر
ولترعَ فيَّ وسيلةَ القبر الذي / أفعالُ ساكنِ قَعْرِهِ لم تُقْبر
وإليك مني رقعةً ضمَّنتُها / ريَّا نسيمٍ من ثنائكَ أَذْفَر
لأَهُزَّ منكَ بها كريماً أروعا / هزَّ المدَجَّجِ في الوغى للأسمر
فامددْ إليها بالقبولِ مصافحاً / كُمّاً لِيُقْبِلَ كلُّ حظٍّ مدبر
ولتوسعنّي عذرَ تقصيرٍ فما / بَرِحَتْ خلالُكَ عارَ كلِّ مقصّر
خليليَّ ما عُذْري إلى الركبِ بعدما
خليليَّ ما عُذْري إلى الركبِ بعدما / تقضَّتْ لياليهمْ ولم يَنْقَضِ العمرُ
بكيتُ فلم يقضِ البكا حقَّ مَدْمَعٍ / حياتيَ يوماً بعد فُرْقَتِهِ غَدْرُ
وما جَزَعي إلاّ لأبلجَ إن سرى / مع البدرِ وَهْنَاً قيلَ أيُّهما البدر
رعى اللهُ عبد الله حيثُ تيممتْ / ركائبُهُ أو حيثُ حلَّ به السَّفْر
أُوَدِّعُهُ والليلُ يُودِعُ أَضْلُعي / بلابلَ جَرَّتْها الصبابةُ والفكر
إلى الله أشكو نيّةً بعدَ نيّةٍ / يُكلفنا منها عوائدَهُ الدهر
ألا ليتَ شعري والحوادثُ جمّةٌ / متى يَرْعَوي عنْ جَهْلِهِ الحادثُ البكر
أفي كلِّ يومٍ لابنِ دأيةَ فَتْكَةٌ / عوانٌ بساحاتِ المنازلِ أو بِكر
لقد سعتِ الأيّامُ بيني وبينكمْ / بكفٍّ لها نظمٌ وأُخرى لها نثر
وقد كنتُ أشكو منكمُ هجرَ ساعةٍ / فمنْ لفؤادي أنْ يدومَ له الهجر
سلامٌ على أيّامكمْ ما بكى الحيا / وَسَقْياً لذاكَ العهدِ ما ابتسمَ الزهر
كأنْ لم نَبِتْ في ظلِّ أَمْنٍ يَضُمُّنا / منَ الليلةِ الليلاءِ أرديةٌ خُضْر
ولم نغتبق تلك الأحاديثَ قهوةً / وكم مجلسٍ طِيْبُ الحديثِ به خمر
ألا في ضمانِ اللهِ من كلَّ ساعةٍ / يُجَدِّدُ لي فيها لشوقي له ذكر
يُذَكِّرُنِيهِ البرقُ جذلانَ باسماً / ويُذَكِّرُني إسْفارَ غُرَّتِهِ الفجر
وما رفَّ زهرُ الروضِ إلاّ تمثَّلَتْ / لناظرِ عيني منهُ آدابُهُ الزُّهر
فيا مربعَ التوديعِ لا غروَ أنني / تحمّلتُ منه فوقَ ما يسعُ الصدر
فوالله ما للقلبِ بعدك سلوةٌ / ولا للدموعِ الحمرِ إنْ لم تَفِضْ عُذْر
رقَّ النسيمُ وراق الروضُ بالزَّهَرِ
رقَّ النسيمُ وراق الروضُ بالزَّهَرِ / فنبّهِ الكاسَ والإبريقَ بالوتر
ما العيشُ إلا اصطباحُ الراحِ أو شَنِبٌ / يُغني عن الراحِ من سَلْسَال ذي أُشُر
قلْ للكواكبِ غُضِّي للكرى مُقَلاً / فأعْيُنُ الزَّهْرِ أولى منك بالسَّهر
وللصباحِ ألا فانْشُرْ رداءَ سناً / هذا الدُّجى قد طَوَتْهُ راحةُ السَّحَر
وقامَ بالقهوةِ الصهباءِ ذو هَيَفٍ / يكاد مِعْطَفُهُ ينقدُّ بالنَّظَر
يطفو عليها إذا ما شجَّها دُرَرٌ / تخالُها اخْتُلِسَتْ من ثغره الخَصِر
فالكأَسُ في كفِّه بالراحِ مُتْرَعَةٌ / كهالةٍ أَحْدَقَتْ في الأُفْق بالقمر
وأَدهَمَ لولا سنا غُرَّةٍ
وأَدهَمَ لولا سنا غُرَّةٍ / له لكسا البدرَ منه سرارار
تلهَّبَتِ الأرضُ مِنْ عَدْوِهِ / فأورى بزند الصّفا الصلدِ نارا
أقبُّ إذا ما تعاطى السباقَ / مع الهُوجِ أوثقهنَّ إسارا
حَذَوْهُ الحديدَ اهتضاماً وظلماً / ولو أَنْصَفُوهُ حَذَوْهُ النُّضارا
خليليَّ ما حبُّ البنين ببدعةٍ
خليليَّ ما حبُّ البنين ببدعةٍ / فهل أنتما فيه مقيمانِ من عذرِ
تقسَّم قلبي بين طفلين شطرُهُ / لهذا وهذا قد تعلَّقَ بالشَّطر
صغيرين لم تَصْغُرْ حياتي عليهما / ولا كان حظِّي باليسير ولا النزر
فمن قائلٍ آثرت سرَّاً محمداً / وآخرُ إبراهيمَ تُؤْثِرُ في السرِّ
فقلتُ هما غصنان أَعْدِلُ فيهما / إذا جار ذو النجلين عَدْلَ ندى القطرِ
وما استويا سنّاً ولكن تَساوَيا / ولوعاً وحُبَّاً في الجوانحِ والصَّدر
محلُّهما في منزلِ القلبِ واحدٌ / فحيثُ أبو بكرٍ فثمَّ أبو عمرو
أُحبُّ صلاحَ الدهرِ في جانبيهما / ولولاهما ما كنتُ أَحْفَلُ بالدهر
فمن كان يبغي العمرَ مستمتعاً به / فلا أبغِ إلاّ في صلاحهما عُمري
كتبتُ ولو أنني أستطيعُ
كتبتُ ولو أنني أستطيعُ / لإجلالِ قدركَ دونَ البشرْ
قددتُ اليراعةَ من أَنملي / وكان المدادُ سوادَ البصر
تأرَّجَ مطلولُ الروابي فَزُرْتُها
تأرَّجَ مطلولُ الروابي فَزُرْتُها / وأمثالُ هاتيكَ الربى يَقْتَضي الزَّوْرا
وأتحفني منها الربيعُ بِوَرْدِهِ / عبيراً به الأنفاسُ إذ فَتَقَ النورا
حكتْ نفحةً ممّن هَوِيْتُ ووَجْنَةً / فأنْشُقُها طَوْرَاً وألثمها طَوْرَا
سَقَتْني بيُمْناها وفيها فلم أزل / يُجاذبني من ذاكَ أو هذهِ سُكْرُ
ترشّفتُ فاهاً إذ ترَشّفتُ كأسَها / فَلا والهوى لم أَدْرِ أيَّهما الخمر
وأَحْوى رَمى عَنْ قِسِّيِّ الحَوَرْ
وأَحْوى رَمى عَنْ قِسِّيِّ الحَوَرْ / سِهاماً يُفَوِّقُهُنَّ النظرْ
يقولون وَجْنَتُهُ قُسِّمتْ / فرسمُ محاسِنِهِ قد دُثِر
وما شقَّ وجنتَه عابثٌ / ولكنّها آيةٌ للبشر
جلاها لنا اللهُ كيما نرى / بها كيفَ كان انْشِقاقُ القمر
أَمّا وقد شُرِّدَتْ تلك اليعافيرُ
أَمّا وقد شُرِّدَتْ تلك اليعافيرُ / فالنومُ حِجرٌ على الأجفانِ محجورُ
لا يسكنُ القلبُ من ذُعْرٍ تَغَلْغلَهُ / وربربُ الحيِّ بالتَّرحالِ مذعور
خفَّ القطينُ فعزِّ النفسَ بعدهم / جُرْحُ النوى بِعَزاءِ النفسِ مسبور
باتت تلوم وتُصْفي مِنْ نصيحتها / كُفِّي أُمامُ فبعضُ الصفوِ تكدير
ما مَنْ حَشاهُ كحرِّ النارِ مُضطرِمٌ / كَمَنْ حَشاهُ كبردِ الماءِ مَقْرُور
لو تَخْبُرينَ جَواهُ لالْتَقى بكما / على الهوى عاذرٌ منهُ ومعذور
لا تحسبيه طليقاً مثلَ عبرتهِ / إنَّ الطليقَ بحكم الوجدِ مأسور
أيا ابنةَ القومِ كم يُعْزى السماحُ لكمْ / ونيلُ وصلكُمُ المرجوُّ محظور
إنْ أَجْرَعِ الذلَّ من كأسٍ سُقيتُ بها / فَرائِدُ العزِّ إدلاجٌ وتهجير
لتُغْنِيَنِّي العلا عن كلِّ غانيةٍ / مَنْ يعشقِ المجدَ لم تَسْتَغْوِهِ الحور
وربَّ داجيةٍ طخياءَ عابسةٍ / تفترُّ عن عزمتي فيها الدياجير
وما سجيريَ فيها غيرُ مُنْصَلِتٍ / عَضْبِ السِّطامِ وبحرُ الليل مسجور
واقفتُ منه على الأهوالِ ذا ثقةٍ / نعم الرفيقُ حسامُ الحدِّ مطرور
إنّي فزعتُ بأطوادي إلى نُجُبٍ / تنازعتْ سيرَها الآكامُ والقور
وكم أناسٍ ينالونَ الحظوظَ وما / لهمْ مع الركبِ إنجاد وتغوير
قد يُدْرِكُ العاجزُ النأناءُ حاجَتَهُ / بالجَدِّ إنْ لم يكن جِدٌّ وتشمير
سأُعمِل العيسَ والظلماءُ عاكفةٌ / لعلَّ معسورَ ما أرجوهُ ميسور
أَيقعُدُ العجزُ بي عن خَوْضِ مُظلِمةٍ / ومَقعَدُ الكُرماءِ السَّرْجُ والكُور
لا يجتبي المجدَ غَضَّاً غيرُ مُضطَغِنٍ / تَرْدِي به الجُرْد أو تُحدَى به العير
أو لائذٌ ببني داودَ يَكْنُفُهُ / بيتٌ لهم بذوي التيجانِ معمور
من آلِ حميرَ لا عُزْلٌ ولا كُشُفٌ / إذا عَدَتْ بهم الجردُ المحاضيرُ
قَوْمٌ رماحهمُ في الحربِ ناهلة / والتُّرْبُ منْ فِعْلها رَيَّانُ مَمْطُور
صِيانةً وفَرُوا في الجودِ مَجْدَهُمُ / والمجدُ عند ابْتذالِ الوفرِ موفور
يُصادِمونَ الليالي وهي مُقْدِمَةٌ / إنَّ اللياليَ فرسانٌ مغاوير
وربَّما خَضَدوا بالصبرِ شَوْكَتَها / والصبرُ وَقْفٌ على الأحزان مقصور
راشُوا المساعي وقد قُصّت قوادِمُها / إنَّ الكسيرَ مع الأيامِ مجبورُ
وذللوا الدهرَ حتى انقادَ مُعْترِفاً / وذنبُ مُعترفٍ بالذنب مغفور
أَحْيَيْتَ يا بنَ أبي بكرٍ عُصورَهُمُ / وطيُّ من أنجَبَ الأبناءَ منشورُ
لا ينكرُ الناسُ ما أُوتيتَ من كَرَمٍ / وكيف يُنكِرُ فضلَ الصُّبْح ديجور
لا يُحمَدُ البخلُ أنْ دانَ الأنامُ به / وحامدُ البخلِ مذمومٌ ومَدْحور
عَلَوْتَ كلَّ عظيمِ الشانِ مرتبةً / إنَّ الخلاخيلَ تَعْلُوها التقاصير
لم تَبْقَ مكرمةٌ إلا سعيتَ لها / وسعيُ كلِّ كريمِ النَّجْر مشكور
مآثرٌ شَيَّدَ المأثورُ أكثرَها / خيرُ المآثر ما تَبْنِي المآثير
لك القَنا والظُّبا مخضوبةً عَلَقَاً / والأُسْدُ داميةٌ منها الأظافير
أيَّامنا وليالينا أبا حسنٍ / مُرْها بما شئتَ لنْ يَعْصِيكَ مأمور
يهنيكَ أنّكَ ما تنفكُّ قامِرَها / وكلُّ مَنْ قامرَ الأيامَ مقمور
لا زلتَ والدهرُ مغْفٍ والمنى أمَمٌ / تهوى أموراً فتهواها المقادير
ومُرِنّةٍ قَدَحَتْ زنادَ صبابتي
ومُرِنّةٍ قَدَحَتْ زنادَ صبابتي / والبرقُ يَقْدَحُ في الظلامِ شَرارَهُ
ورقاءُ تأرَقُ مقلتي لبكائها / ليلاً إذا ما هَوَّمتْ سمَّارُهُ
إيهٍ بعيشكِ يا حمامةُ خبِّري / كيف الكثيبُ ورَنْدُهُ وعَرارُهُ
أَتَنَفّسَت بتنفُّسي أَثْلاتُهُ / أم أَيْنَعَتْ بمدامعي أزهارُهُ
أم ذلك الخِشْفُ الذي بجوانحي / مثواهُ لكن بالمشقَّرِ داره
حَفِظَ العهودَ وأيّ عهدِ مُهفهفٍ / ما جُذَّ في حُكْمِ الغرام مُغاره
كيف العزاءُ ودونَ ذاك الظبي مِنْ / أدواتِ أُسْدِ الغيل ما يختاره
فمن الخيولِ جيادُها ومن السيو / فِ حدادُها ومن القنا خَطَّاره
أما الفوارسُ فاستداروا حَوْلَهُ / حيث استقلَّ كما استدار سواره
أنضَوْا شفارَهُمُ الصقيلة دونَهُ / حتى حَسِبْنا أنها أشفاره
ولربَّما هَزُّوا الذوابلَ مثلما / هَزَّ المعاطفَ لحظُه وعُقارُهُ
أحْبِبْ به منْ شادنٍ مُتربِّبٍ / دانٍ وإنْ ألوى وشطَّ مزاره
في وجنتيه من المهنّدِ ما اكتسي / يومَ الوغى وبمقلتيه غِراره
هو ميّتٌ لولا رجاءُ وصاله / والعيشُ لولا صدُّه ونفاره
حيّا الإلهُ مَراحَهُ ومقيله / ما قرَّ في مَثوى الضلوعِ قراره
وسافرٍ عن قمرِ
وسافرٍ عن قمرِ / مبتسمٍ عن دُرَرِ
لو لاحَ للحورِ وقد / سلَّ حُسامَ الحَوَرِ
لقدَّ منه شَغَفَاً / قميصُه من دُبُرِ
هُوَ البينُ لا تَعصِي الدُمُوعُ لَهُ أَمرا
هُوَ البينُ لا تَعصِي الدُمُوعُ لَهُ أَمرا / فَعُذراً إِلى العُذّال في فَيضِها عُذرا
وَتعساً لأحداثِ الليالي فَإِنَّها / مَسالِمَةٌ يَوماً وَحارِبَةٌ دَهرا
فِراقُكَ عَبدَ اللَهِ لَم يَدَعِ الهَوى / عَلى حالِهِ أَو يُجمَعَ الماءُ وَالجَمرا
وَما هِيَ إِلّا أَدمُعٌ وَلَواعِجٌ / يُميتُ الغَرامُ الصَبرَ بَينَهُما صَبرا
فَمِن فُرقَةٍ قاسَيتُها بَعدَ فُرقَةٍ / وَمِن لَوَعَةٍ في إِثرِها لَوعَةٌ أُخرى
وَقَد فارَقَ الأَحبابَ قَومٌ فَأَسبَلُوا / دُمُوعَهُمُ بَيضاً وَأَسبَلتُها حُمرا
وَما وَدّعُوا إِلّا أُناساً كَمِثلِهِم / وَوَدّعت مِنكَ الغُصنَ وَالقمرَ البَدرا
فَيا كَبِدِي زِيدي ضَنىً وَصَبابَةً / وَيا جَلَدِي لَن تَستَطيع مَعي صَبرا
سَلامٌ كَما هَبَّ النَسيمُ عَلى الوَردِ
سَلامٌ كَما هَبَّ النَسيمُ عَلى الوَردِ / وَخاضَت جُفونَ اللَيلِ إِغفاءَةُ الفَجرِ
وَهَزَّ هُبوبُ الريح عِطفَ أَراكَةٍ / فَمالَت كَما مالَ النَزيفُ مَع السكرِ
عَلى مَن إِذا وَدّعتُهُ أَودَع الحَشى / لَهيباً تَلَظّى في الجَوانِحِ وَالصَدرِ
وَمَن لَم يَزَل نَشوانَ مِن خَمرَةِ الصِبا / كَما لَم أَزَل نَشوان مِن خَمرَةِ الذُكرِ
عَسى اللَهُ أَن يُدني التزاوُرَ بَينَنا / فَأُنقَلَ مِن عُسرِ الفِراقِ إِلى يُسرِ