القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ الزَّقّاق البَلَنْسِي الكل
المجموع : 16
وآنسةٍ زارتْ معَ الليلِ مَضْجَعي
وآنسةٍ زارتْ معَ الليلِ مَضْجَعي / فعانقتُ غُصْنَ البان منها إلى الفجرِ
أُسائِلُها أينَ الوشاحُ وقد غَدَتْ / مُعَطَّلةً منه مُعَطَّرةَ النشر
فقالتْ وأَوْمَتْ للسِّوارِ نَقَلْتُهُ / إلى مِعْصَمي لمّا تقلقلَ في خصري
ومُرْتجةِ الأعطافِ مُخْطفَةِ الحَشا
ومُرْتجةِ الأعطافِ مُخْطفَةِ الحَشا / تميلُ كما مالَ النزيفُ منَ السكر
بذلتُ لها من أَدمُعِ العينِ جوهَراً / وقِدْماً حَكاها في الصِّيانة والستر
فقالتْ وأبدتْ مِثْلَهُ إذ تبسمت / غنيتُ بهذا الدرِّ عنْ ذلك الدر
سَفرَتْ وريعانُ التبلُّجِ مُسْفِرُ
سَفرَتْ وريعانُ التبلُّجِ مُسْفِرُ / لم أدرِ أيهما الصباحُ الأنورُ
وتنفستْ وقد استحرَّ تنفُّسي / فوَشى بذاكَ الندِّ هذا المجمر
مقصورةٌ بيضاءُ دونَ قِبابها / هنديَّةٌ وأسنَّةٌ وسَنَوَّر
وسوابحٌ خاضتْ بها البُهْمُ الوغى / لما طَمى بَحْرُ الحديدِ الأخضر
في مأزقٍ يلتاحُ فيه للظُّبا / بَرْقٌ وينشأُ للعجاج كنَهْوَر
يرمي الفوارسَ بالفوارسِ والقنا / تخفُو هنالكَ والقنابلُ ضُمَّرُ
يا ربةَ الخدرِ الممنَّعِ والتي / أَسْرَتْ فنَمَّ على سُراها العنبر
ما هذه الجردُ العِتاقُ وهذه الس / مرُ الرقاقُ وذا القنا المتأطِّر
أوما كفتكِ معاطفٌ ومراشفٌ / وسوالفٌ كلٌّ بهنَّ معَفَّر
لا تُشرِعي طَرْفَ السِّنان لمغرمٍ / مثلي فحسبكِ منه طَرْفٌ أحور
سأقيمُ عُذْرَ السمهريِّ فإنما / تُدْمي لحاظُكِ لا الوشيجُ الأسمر
ولئن حَشتْ زُرْقُ الأسنة بعدها / طَعْنَاً حشايَ فميتةٌ تتكرَّر
حالتْ خطوبُ الدهرِ دونكِ والهوى / وَقْفٌ عليه الحادثُ المتنمِّر
مهلاً سَتُضْرَحُ عن مَشارِبِهِ القذى / ويعودُ صَفْوَاً ماؤُهُ المتكدِّر
ليقوِّمَنَّ صَغا الحوادثِ منْ بني / عبد العزيزِ بها وسيم أَزْهَرُ
فكأنَّما تطأُ المطيُّ من الثرى / زَهْرَاءَ والظلماءُ مسكٌ أذفر
يُدْنيهِ من أَقصى المواضعِ ذكرُهُ / ولربَّما أدنى القصيَّ تَذَكُّر
يقظانُ مقتبلُ الشبابِ ورأيُهُ / عن بعضِ إبرامِ الكهولِ معبّر
لو كنتَ شاهدَ فَضْلِهِ لِمُلمَّةٍ / لم تدرِ هل يجلو ضحىً أمْ يُفْكِر
إنَّا نخافُ من العواقبِ ضَلَّةً / وبِعَدْلِهِ فيهنَّ سُرْجٌ تَزْهَرُ
أَمْضَى نوافذَ حُكْمِهِ حتَّى على / صَرْفِ الحوادثِ فهي لا تتنكر
نكصتْ على أعقابها أعداؤُهُ / إذْ حارَبَتْهُمْ عن عُلاهُ الأدْهُر
فلهمْ به شَرَقٌ لميِّتهمْ شجىً / ولنا به القِدْحُ المعلَّى الأكبر
تُبْدي يمينُك عَرْفَ كلِّ براعةٍ / مهما نبا بيدِ الكميِّ مُفَقَّر
طَعَنَتْ عُداتَكَ دونَ طَعْنٍ فانبرى / كلُّ امرئٍ عاديتَ وهو مُفَطَّر
فكأن حبركَ أحمرٌ لا أسودٌ / ويراعُ كفِّكَ أسمرٌ لا أصفر
أُملي أبا حسنٍ بشكرٍ بعضَ ما / أوليتَ من حَسَنٍ فمثلك يُشكر
ولئن أكنْ قَصَّرْتُ عن ذاكَ المدى / فلقد أتتكَ مدائحي تَسْتَعْذِر
أمّا القريضُ فقد علمتَ بأنَّهُ / بُرْدٌ يُسَنُّ على الكرامِ مُحَبّر
فبعثتُ من حَوكي إليكَ بخلعةٍ / تَبْلَى الليالي دونها والأعْصُرُ
فلتلبسْن منها أجلَّ مُفاضَةٍ / لكنَّ لابسها أجلُّ وأخطر
ولترقَ في فَلَكِ السماءِ بحيثُ لا / يسطيع أَنْ يَرْقَى شهابٌ نيِّر
أُهْزُزْ معاطفَ رائحٍ ومُبَكِّرِ
أُهْزُزْ معاطفَ رائحٍ ومُبَكِّرِ / ما بينَ سارٍ في الدُّجى ومهجِّرِ
واطوِ الفلاةَ بِوَخْدِ كلِّ شِمِلَّةٍ / خرقاءَ تقطعُ كلَّ خَرقٍ مُقْفر
واصحبْ إذا اعتكرَ الظلامُ مصمّماً / سالتْ بصفحته دموعُ الجوهر
وإذا اعترتك ملمّةٌ فلتنتصرْ / بعلا الوزيرِ على الحوادثِ تُنْصَر
بحرُ الندى عَلَمُ الهدى شَرَفُ العدا / قُطْبُ السيادةِ والسناءِ الأبهر
سامٍ نماهُ منْ أبيهِ حُلاحِلٌ / عالي الذُّرى في المُنْتَمى والعُنْصُرِ
متهلِّلٌ مهما تَهَلَّلَ شيبُهُ / كوميضِ برقٍ في غمام ممطر
عَمِرَتْ به في الجودِ أنديةُ النَّدى / كَرَمَاً ولولا كفُّهُ لم تَعْمُرِ
وتأرَّجَتْ قِطَعُ القريضِ بذكره / في مجمرِ الأفكار قطعةَ عنبر
لا شيءَ أعطرُ منْ نسيمِ ثنائِهِ / إلا تَنَسُّمُ خُلْقِهِ المتعطر
يا ناسياً ذِكْري على شَحَطِ النَّوى / لم أنسَ ذكرَكَ إذ نسيتَ تذكري
أتنامُ عن أمَلي وتتركني سُدىً / والدهرُ يَلحظني بطرفٍ أَخْزَر
هلاَّ زجرتَ صُروفَهُ عنْ ساحتي / فتفلَّ غَرْبَ نوائبٍ لم تُزْجَر
اذكرْ مودَّتنا فمنْ حقِّ النهى / ألاَّ تشوبَ صفاءَها بتكدّر
هبكَ ادَّخَرْتَ لديَّ منكَ أيادياً / أترى حَبَوْتَ بهنَّ مضنْ لم يَشْكر
تَعْسَاً لجدِّي إنْ عَدَتْكَ مدائحي / أظَهَرتَ في نُعْماكَ أم لم تظهر
لا تَبْلَ عندي لو علمتَ أذمّةٌ / لم تُطَّرَحْ ومكارمٌ لم تُكْفَرِ
وصنائعٌ ألبستها منْ صَنْعَةٍ / حُللاً منمقةً كوشيٍ عَبقرِي
إيه أبا بكرٍ فما لي لا أرى / تلكَ الشمائلَ بعدُ لم تتغير
هل أنت إلا نور ذاك المجتلى / أم أنت إلا فرعُ ذاك العنصر
ما لي عهدتُ البشرَ شخصاً مائلاً / واليومَ أعهده خيالاً يَعتري
لا تمحوَنْ بما اقتنيت من العلا / والمجدِ رَسْمَ الودِّ مَحْوَ الأسطر
ولترعَ فيَّ وسيلةَ القبر الذي / أفعالُ ساكنِ قَعْرِهِ لم تُقْبر
وإليك مني رقعةً ضمَّنتُها / ريَّا نسيمٍ من ثنائكَ أَذْفَر
لأَهُزَّ منكَ بها كريماً أروعا / هزَّ المدَجَّجِ في الوغى للأسمر
فامددْ إليها بالقبولِ مصافحاً / كُمّاً لِيُقْبِلَ كلُّ حظٍّ مدبر
ولتوسعنّي عذرَ تقصيرٍ فما / بَرِحَتْ خلالُكَ عارَ كلِّ مقصّر
خليليَّ ما عُذْري إلى الركبِ بعدما
خليليَّ ما عُذْري إلى الركبِ بعدما / تقضَّتْ لياليهمْ ولم يَنْقَضِ العمرُ
بكيتُ فلم يقضِ البكا حقَّ مَدْمَعٍ / حياتيَ يوماً بعد فُرْقَتِهِ غَدْرُ
وما جَزَعي إلاّ لأبلجَ إن سرى / مع البدرِ وَهْنَاً قيلَ أيُّهما البدر
رعى اللهُ عبد الله حيثُ تيممتْ / ركائبُهُ أو حيثُ حلَّ به السَّفْر
أُوَدِّعُهُ والليلُ يُودِعُ أَضْلُعي / بلابلَ جَرَّتْها الصبابةُ والفكر
إلى الله أشكو نيّةً بعدَ نيّةٍ / يُكلفنا منها عوائدَهُ الدهر
ألا ليتَ شعري والحوادثُ جمّةٌ / متى يَرْعَوي عنْ جَهْلِهِ الحادثُ البكر
أفي كلِّ يومٍ لابنِ دأيةَ فَتْكَةٌ / عوانٌ بساحاتِ المنازلِ أو بِكر
لقد سعتِ الأيّامُ بيني وبينكمْ / بكفٍّ لها نظمٌ وأُخرى لها نثر
وقد كنتُ أشكو منكمُ هجرَ ساعةٍ / فمنْ لفؤادي أنْ يدومَ له الهجر
سلامٌ على أيّامكمْ ما بكى الحيا / وَسَقْياً لذاكَ العهدِ ما ابتسمَ الزهر
كأنْ لم نَبِتْ في ظلِّ أَمْنٍ يَضُمُّنا / منَ الليلةِ الليلاءِ أرديةٌ خُضْر
ولم نغتبق تلك الأحاديثَ قهوةً / وكم مجلسٍ طِيْبُ الحديثِ به خمر
ألا في ضمانِ اللهِ من كلَّ ساعةٍ / يُجَدِّدُ لي فيها لشوقي له ذكر
يُذَكِّرُنِيهِ البرقُ جذلانَ باسماً / ويُذَكِّرُني إسْفارَ غُرَّتِهِ الفجر
وما رفَّ زهرُ الروضِ إلاّ تمثَّلَتْ / لناظرِ عيني منهُ آدابُهُ الزُّهر
فيا مربعَ التوديعِ لا غروَ أنني / تحمّلتُ منه فوقَ ما يسعُ الصدر
فوالله ما للقلبِ بعدك سلوةٌ / ولا للدموعِ الحمرِ إنْ لم تَفِضْ عُذْر
رقَّ النسيمُ وراق الروضُ بالزَّهَرِ
رقَّ النسيمُ وراق الروضُ بالزَّهَرِ / فنبّهِ الكاسَ والإبريقَ بالوتر
ما العيشُ إلا اصطباحُ الراحِ أو شَنِبٌ / يُغني عن الراحِ من سَلْسَال ذي أُشُر
قلْ للكواكبِ غُضِّي للكرى مُقَلاً / فأعْيُنُ الزَّهْرِ أولى منك بالسَّهر
وللصباحِ ألا فانْشُرْ رداءَ سناً / هذا الدُّجى قد طَوَتْهُ راحةُ السَّحَر
وقامَ بالقهوةِ الصهباءِ ذو هَيَفٍ / يكاد مِعْطَفُهُ ينقدُّ بالنَّظَر
يطفو عليها إذا ما شجَّها دُرَرٌ / تخالُها اخْتُلِسَتْ من ثغره الخَصِر
فالكأَسُ في كفِّه بالراحِ مُتْرَعَةٌ / كهالةٍ أَحْدَقَتْ في الأُفْق بالقمر
وأَدهَمَ لولا سنا غُرَّةٍ
وأَدهَمَ لولا سنا غُرَّةٍ / له لكسا البدرَ منه سرارار
تلهَّبَتِ الأرضُ مِنْ عَدْوِهِ / فأورى بزند الصّفا الصلدِ نارا
أقبُّ إذا ما تعاطى السباقَ / مع الهُوجِ أوثقهنَّ إسارا
حَذَوْهُ الحديدَ اهتضاماً وظلماً / ولو أَنْصَفُوهُ حَذَوْهُ النُّضارا
خليليَّ ما حبُّ البنين ببدعةٍ
خليليَّ ما حبُّ البنين ببدعةٍ / فهل أنتما فيه مقيمانِ من عذرِ
تقسَّم قلبي بين طفلين شطرُهُ / لهذا وهذا قد تعلَّقَ بالشَّطر
صغيرين لم تَصْغُرْ حياتي عليهما / ولا كان حظِّي باليسير ولا النزر
فمن قائلٍ آثرت سرَّاً محمداً / وآخرُ إبراهيمَ تُؤْثِرُ في السرِّ
فقلتُ هما غصنان أَعْدِلُ فيهما / إذا جار ذو النجلين عَدْلَ ندى القطرِ
وما استويا سنّاً ولكن تَساوَيا / ولوعاً وحُبَّاً في الجوانحِ والصَّدر
محلُّهما في منزلِ القلبِ واحدٌ / فحيثُ أبو بكرٍ فثمَّ أبو عمرو
أُحبُّ صلاحَ الدهرِ في جانبيهما / ولولاهما ما كنتُ أَحْفَلُ بالدهر
فمن كان يبغي العمرَ مستمتعاً به / فلا أبغِ إلاّ في صلاحهما عُمري
كتبتُ ولو أنني أستطيعُ
كتبتُ ولو أنني أستطيعُ / لإجلالِ قدركَ دونَ البشرْ
قددتُ اليراعةَ من أَنملي / وكان المدادُ سوادَ البصر
تأرَّجَ مطلولُ الروابي فَزُرْتُها
تأرَّجَ مطلولُ الروابي فَزُرْتُها / وأمثالُ هاتيكَ الربى يَقْتَضي الزَّوْرا
وأتحفني منها الربيعُ بِوَرْدِهِ / عبيراً به الأنفاسُ إذ فَتَقَ النورا
حكتْ نفحةً ممّن هَوِيْتُ ووَجْنَةً / فأنْشُقُها طَوْرَاً وألثمها طَوْرَا
سَقَتْني بيُمْناها وفيها فلم أزل / يُجاذبني من ذاكَ أو هذهِ سُكْرُ
ترشّفتُ فاهاً إذ ترَشّفتُ كأسَها / فَلا والهوى لم أَدْرِ أيَّهما الخمر
وأَحْوى رَمى عَنْ قِسِّيِّ الحَوَرْ
وأَحْوى رَمى عَنْ قِسِّيِّ الحَوَرْ / سِهاماً يُفَوِّقُهُنَّ النظرْ
يقولون وَجْنَتُهُ قُسِّمتْ / فرسمُ محاسِنِهِ قد دُثِر
وما شقَّ وجنتَه عابثٌ / ولكنّها آيةٌ للبشر
جلاها لنا اللهُ كيما نرى / بها كيفَ كان انْشِقاقُ القمر
أَمّا وقد شُرِّدَتْ تلك اليعافيرُ
أَمّا وقد شُرِّدَتْ تلك اليعافيرُ / فالنومُ حِجرٌ على الأجفانِ محجورُ
لا يسكنُ القلبُ من ذُعْرٍ تَغَلْغلَهُ / وربربُ الحيِّ بالتَّرحالِ مذعور
خفَّ القطينُ فعزِّ النفسَ بعدهم / جُرْحُ النوى بِعَزاءِ النفسِ مسبور
باتت تلوم وتُصْفي مِنْ نصيحتها / كُفِّي أُمامُ فبعضُ الصفوِ تكدير
ما مَنْ حَشاهُ كحرِّ النارِ مُضطرِمٌ / كَمَنْ حَشاهُ كبردِ الماءِ مَقْرُور
لو تَخْبُرينَ جَواهُ لالْتَقى بكما / على الهوى عاذرٌ منهُ ومعذور
لا تحسبيه طليقاً مثلَ عبرتهِ / إنَّ الطليقَ بحكم الوجدِ مأسور
أيا ابنةَ القومِ كم يُعْزى السماحُ لكمْ / ونيلُ وصلكُمُ المرجوُّ محظور
إنْ أَجْرَعِ الذلَّ من كأسٍ سُقيتُ بها / فَرائِدُ العزِّ إدلاجٌ وتهجير
لتُغْنِيَنِّي العلا عن كلِّ غانيةٍ / مَنْ يعشقِ المجدَ لم تَسْتَغْوِهِ الحور
وربَّ داجيةٍ طخياءَ عابسةٍ / تفترُّ عن عزمتي فيها الدياجير
وما سجيريَ فيها غيرُ مُنْصَلِتٍ / عَضْبِ السِّطامِ وبحرُ الليل مسجور
واقفتُ منه على الأهوالِ ذا ثقةٍ / نعم الرفيقُ حسامُ الحدِّ مطرور
إنّي فزعتُ بأطوادي إلى نُجُبٍ / تنازعتْ سيرَها الآكامُ والقور
وكم أناسٍ ينالونَ الحظوظَ وما / لهمْ مع الركبِ إنجاد وتغوير
قد يُدْرِكُ العاجزُ النأناءُ حاجَتَهُ / بالجَدِّ إنْ لم يكن جِدٌّ وتشمير
سأُعمِل العيسَ والظلماءُ عاكفةٌ / لعلَّ معسورَ ما أرجوهُ ميسور
أَيقعُدُ العجزُ بي عن خَوْضِ مُظلِمةٍ / ومَقعَدُ الكُرماءِ السَّرْجُ والكُور
لا يجتبي المجدَ غَضَّاً غيرُ مُضطَغِنٍ / تَرْدِي به الجُرْد أو تُحدَى به العير
أو لائذٌ ببني داودَ يَكْنُفُهُ / بيتٌ لهم بذوي التيجانِ معمور
من آلِ حميرَ لا عُزْلٌ ولا كُشُفٌ / إذا عَدَتْ بهم الجردُ المحاضيرُ
قَوْمٌ رماحهمُ في الحربِ ناهلة / والتُّرْبُ منْ فِعْلها رَيَّانُ مَمْطُور
صِيانةً وفَرُوا في الجودِ مَجْدَهُمُ / والمجدُ عند ابْتذالِ الوفرِ موفور
يُصادِمونَ الليالي وهي مُقْدِمَةٌ / إنَّ اللياليَ فرسانٌ مغاوير
وربَّما خَضَدوا بالصبرِ شَوْكَتَها / والصبرُ وَقْفٌ على الأحزان مقصور
راشُوا المساعي وقد قُصّت قوادِمُها / إنَّ الكسيرَ مع الأيامِ مجبورُ
وذللوا الدهرَ حتى انقادَ مُعْترِفاً / وذنبُ مُعترفٍ بالذنب مغفور
أَحْيَيْتَ يا بنَ أبي بكرٍ عُصورَهُمُ / وطيُّ من أنجَبَ الأبناءَ منشورُ
لا ينكرُ الناسُ ما أُوتيتَ من كَرَمٍ / وكيف يُنكِرُ فضلَ الصُّبْح ديجور
لا يُحمَدُ البخلُ أنْ دانَ الأنامُ به / وحامدُ البخلِ مذمومٌ ومَدْحور
عَلَوْتَ كلَّ عظيمِ الشانِ مرتبةً / إنَّ الخلاخيلَ تَعْلُوها التقاصير
لم تَبْقَ مكرمةٌ إلا سعيتَ لها / وسعيُ كلِّ كريمِ النَّجْر مشكور
مآثرٌ شَيَّدَ المأثورُ أكثرَها / خيرُ المآثر ما تَبْنِي المآثير
لك القَنا والظُّبا مخضوبةً عَلَقَاً / والأُسْدُ داميةٌ منها الأظافير
أيَّامنا وليالينا أبا حسنٍ / مُرْها بما شئتَ لنْ يَعْصِيكَ مأمور
يهنيكَ أنّكَ ما تنفكُّ قامِرَها / وكلُّ مَنْ قامرَ الأيامَ مقمور
لا زلتَ والدهرُ مغْفٍ والمنى أمَمٌ / تهوى أموراً فتهواها المقادير
ومُرِنّةٍ قَدَحَتْ زنادَ صبابتي
ومُرِنّةٍ قَدَحَتْ زنادَ صبابتي / والبرقُ يَقْدَحُ في الظلامِ شَرارَهُ
ورقاءُ تأرَقُ مقلتي لبكائها / ليلاً إذا ما هَوَّمتْ سمَّارُهُ
إيهٍ بعيشكِ يا حمامةُ خبِّري / كيف الكثيبُ ورَنْدُهُ وعَرارُهُ
أَتَنَفّسَت بتنفُّسي أَثْلاتُهُ / أم أَيْنَعَتْ بمدامعي أزهارُهُ
أم ذلك الخِشْفُ الذي بجوانحي / مثواهُ لكن بالمشقَّرِ داره
حَفِظَ العهودَ وأيّ عهدِ مُهفهفٍ / ما جُذَّ في حُكْمِ الغرام مُغاره
كيف العزاءُ ودونَ ذاك الظبي مِنْ / أدواتِ أُسْدِ الغيل ما يختاره
فمن الخيولِ جيادُها ومن السيو / فِ حدادُها ومن القنا خَطَّاره
أما الفوارسُ فاستداروا حَوْلَهُ / حيث استقلَّ كما استدار سواره
أنضَوْا شفارَهُمُ الصقيلة دونَهُ / حتى حَسِبْنا أنها أشفاره
ولربَّما هَزُّوا الذوابلَ مثلما / هَزَّ المعاطفَ لحظُه وعُقارُهُ
أحْبِبْ به منْ شادنٍ مُتربِّبٍ / دانٍ وإنْ ألوى وشطَّ مزاره
في وجنتيه من المهنّدِ ما اكتسي / يومَ الوغى وبمقلتيه غِراره
هو ميّتٌ لولا رجاءُ وصاله / والعيشُ لولا صدُّه ونفاره
حيّا الإلهُ مَراحَهُ ومقيله / ما قرَّ في مَثوى الضلوعِ قراره
وسافرٍ عن قمرِ
وسافرٍ عن قمرِ / مبتسمٍ عن دُرَرِ
لو لاحَ للحورِ وقد / سلَّ حُسامَ الحَوَرِ
لقدَّ منه شَغَفَاً / قميصُه من دُبُرِ
هُوَ البينُ لا تَعصِي الدُمُوعُ لَهُ أَمرا
هُوَ البينُ لا تَعصِي الدُمُوعُ لَهُ أَمرا / فَعُذراً إِلى العُذّال في فَيضِها عُذرا
وَتعساً لأحداثِ الليالي فَإِنَّها / مَسالِمَةٌ يَوماً وَحارِبَةٌ دَهرا
فِراقُكَ عَبدَ اللَهِ لَم يَدَعِ الهَوى / عَلى حالِهِ أَو يُجمَعَ الماءُ وَالجَمرا
وَما هِيَ إِلّا أَدمُعٌ وَلَواعِجٌ / يُميتُ الغَرامُ الصَبرَ بَينَهُما صَبرا
فَمِن فُرقَةٍ قاسَيتُها بَعدَ فُرقَةٍ / وَمِن لَوَعَةٍ في إِثرِها لَوعَةٌ أُخرى
وَقَد فارَقَ الأَحبابَ قَومٌ فَأَسبَلُوا / دُمُوعَهُمُ بَيضاً وَأَسبَلتُها حُمرا
وَما وَدّعُوا إِلّا أُناساً كَمِثلِهِم / وَوَدّعت مِنكَ الغُصنَ وَالقمرَ البَدرا
فَيا كَبِدِي زِيدي ضَنىً وَصَبابَةً / وَيا جَلَدِي لَن تَستَطيع مَعي صَبرا
سَلامٌ كَما هَبَّ النَسيمُ عَلى الوَردِ
سَلامٌ كَما هَبَّ النَسيمُ عَلى الوَردِ / وَخاضَت جُفونَ اللَيلِ إِغفاءَةُ الفَجرِ
وَهَزَّ هُبوبُ الريح عِطفَ أَراكَةٍ / فَمالَت كَما مالَ النَزيفُ مَع السكرِ
عَلى مَن إِذا وَدّعتُهُ أَودَع الحَشى / لَهيباً تَلَظّى في الجَوانِحِ وَالصَدرِ
وَمَن لَم يَزَل نَشوانَ مِن خَمرَةِ الصِبا / كَما لَم أَزَل نَشوان مِن خَمرَةِ الذُكرِ
عَسى اللَهُ أَن يُدني التزاوُرَ بَينَنا / فَأُنقَلَ مِن عُسرِ الفِراقِ إِلى يُسرِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025