القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ دانِيال المَوْصِلي الكل
المجموع : 42
فصل الربيع بوجهه قد أَقبلا
فصل الربيع بوجهه قد أَقبلا / متبسماً ببدائع الأزهار
وَغدا به نبتُ الخمائل مخْضَلا / يحكي السما بالنور والأنوار
فكأنَهُ حلّى الربى أَو كلّلا / إذ أَنجما بجواهرٍ وَنُضار
والطيرُ بين رياضه قد رتَلا / مُترنما يُلهي عن المزمار
شكراً لِمُبْدعه تعالى ذي العلا / ما أَعظما من واحد قهّار
وتخالُ هاتيكَ السحائبُ هُطّلا / لمّا همى سحاحها بقطار
جودُ المليك الصالح الهامي على / من أَعدما بنواله الزّخار
مَلِك إذا ما حلَّ قطراً ممحلا / متكرماً كالقطر للأقطار
أَورى وأروى مُبرقاً أَو مسبلا / مُهجاً وما لعداه والأنصار
وترى الكماةَ إذا أَثارَ القسطلا / تبكي دَما بالصارم البتار
فاللهُ يكلأ ملكَهُ ما أَعدلا / ما أَكرما من باسلٍ مِغوار
لولاه سعُر الشّعر سوماً ما غلا / إذ نُظَّما من بعد طول بوار
كلا ولا اتضحت مذاهبُه ولا / ما استَبْهما أضحى عليَّ منار
ووزيره الفخرُ الذي قد خوّلا / بالمنتمي فخراً على النظار
والدارُ تمّمها لعزٍّ مَعقِلا / أسنى حمى فغدا تميمُ الدار
فَلْيُهنِه عيد أَتاه مُقبلا / جذلاً بما أَولاه في الأمصار
لا زالَ ما تالى أَخير أَوّلا / مُتَنَعِّما ما لاحَ ضوءُ نَهار
وافى كِتابُكَ يومَ دَجْنٍ مُمْطرٍ
وافى كِتابُكَ يومَ دَجْنٍ مُمْطرٍ / والروضُ بينَ مُدَرْهَمٍ وَمُدَنَر
فرأيتُ ما فاقَ الرِّياضَ محاسناً / وَوَعَيتُ ما يُغني الفتى من مُسْكِر
وَنَشَقْتُ من طيِّ الكتاب وَنَشْره / أرجاً يفوحُ لِناشقٍ كالَعَنْبَرِ
وَلَقَدْ ذكرتُكَ في مواطنِ لذَّتي / مُتشَوِّقاً لجميلِ ذاكَ المنظَرِ
وَبَعَثْتُ للوردِ الجنيِّ تَحِيّةً / أرسَلْتُها وقباهُ غيرُ مزرَّرِ
فتأرَجَتْ نَفَحَاتُه وَتَضَرَّجت / وَجَنَاتُه وبدا بِخَدِّ أحْمرِ
وبكى لِبُعدكَ نَرْجِس ما غمّضت / منهُ الجفونُ وَمَنْ يُحِبكَ يَسْهَر
وبدا البنفسجُ أزرقاً أسفاً على / أوقات أنسِكَ يا كريمَ المحضر
والياسمينُ انحلَّ منه فِصادُهُ / فبكى النجيعُ لناجعٍ في العسكر
واستعبَرَ المنثورُ ينثرُ دَمعَه / شوقاً ولا شوقُه لم يُنْثَرِ
وأصابِعُ الأترجِ تحسبُ مدَّةً / للهجر فيها مِثلُه لم يُهجَرِ
وكذلكَ الكبّادُ مكبودٌ وَقَدْ / أَمسى بوجهٍ من فراقِكَ أَصفَرِ
ولقد تَقَلّى ذلك البَلطي من / مرأى جمالِكَ ثمَّ والبوري الطري
وبدا منَ القَصَب الدِّقاق يصول بال / عسّال مُرْتَشِفاً وماسَ السكّري
وأصابَ للرمّان حبّةَ قَلبه / فتفرَّطَتْ منهُ صحاحُ الجوهري
وَمُقطّعاتُ النّيلِ قد رقَتْ وقد / راقَت وأمسى نهرُها كالكوثرِ
تاللهِ لا أنساكَ يا سكني الذي / أَبدي إليهِ تلفتي وتَذَكري
نَعَمْ أنتَ أعلى من نُؤمّلُهُ قدرا
نَعَمْ أنتَ أعلى من نُؤمّلُهُ قدرا / وأكرمُ مَنْ نُهدي المديحَ لَهُ دراً
وما أنتَ إلا ديمة / تَسُحُّ فَيحْيي سَحُّها البلدَ القفرا
ولو لم تَكَنْ يا بنَ الأكارمِ دَيمةً / تجودُ لما استهديتُ من صَوْبِك القطرا
فجدُ لي بهِ من ساعتي أنني امرؤ / أخافُ إذا جُرِّعتُ في عَسَلٍ صَبْرا
وَدَعْني من رَفعِ النحاةِ ونَصْبهم / وجرهمِ أنْ يملؤا جَرِّيَ جرّا
فقد لَهَثَتْ عندي القطايفُ غلَّةً / عليه وابدَتْ ألسُناً للظّما حَرَّى
وشقّت له أيد الكنافةِ جيبَها / وقد ضيقَتْ من طولِ وَحْشَتِه الصدرا
وَقَدْ صَدَعَ البين المشِتُّ لِبُعدِهِ / قلوباً فقلبُ اللوزِ منكَسر كَسرا
وإنْ جاءَني مَعْ ذلك القطرِ سكّرٌ / أنَقطُهُ حتى يعودَ لَكُمْ شُكرا
وَمَنْزلٍ حُفَّ بالرِّياضِ فَما
وَمَنْزلٍ حُفَّ بالرِّياضِ فَما / تُعْدَمُ نَوراً به ولا نورا
وكانَ خَوراً تَلْهو النفوسُ به / وزيدَ ماءً فَصارَ ماخورا
أَتوعدُني الهوانَ فليتَ شِعري
أَتوعدُني الهوانَ فليتَ شِعري / أهذا القولُ جائزةٌ لشعري
وهذا كانَ منكَ جزاءَ مَدْحي / وَكَدَّ قريحَتي وعناءَ فِكري
فماذا للهجاء تركتَ ممّا / يُهانُ به أَخو نَظمٍ وَنَثْر
فإنْ يَكُ ذا الوعيدُ بأخذ روحي / كما أوعدتَني يا طولَ عُمري
وَخوَّفنيكَ أَقوام وقالوا / سَتَلقى من بُها طُنَ كلَّ ضرِّ
وقالوا سوفَ تَسقيني سموماً / يَسيلُ بها خَراي ولستُ أدري
وَتُصلتُ شفرة لكَ ذاتَ حد / وَتَضربُني بها في عين ظَهْري
وَتَطْبُخُني مُصوصاً بعدَ ذَبحي / وتأكُلُ من مَصاريني وَدُبري
فأرعدْ ثمَّ أَبرِقٍ في وَعيدي / وقل ما شِئتَ منْ خيرٍ وَشَرِّ
وَكُنْ كالتّيسِ ذا نابٍ وَقُرنٍ / وَكن كالكلبِ ذا نابٍ وَظُفرِ
سَتَلْقى للّذي أَعدَدْتَ جَلْداً / ولَو أَصليتَهُ لَفَحات جمرِ
نَسيت كفاحَنا في ستِّ بَدْرٍ / بما أَنساكَ وَقعةَ يومِ بَدْرِ
وَقَد أَبدَيْتَ لي أُذُنَي حمارٍ / وَعَيْنَي كلبةٍ وَسَبالَ هرِّ
وَلَمّا أنْ فَرَرتَ قَتَلْتَ كُرّاً / وَعُدتَ فَكُنْتَ ذا كرٍّ وَفَرِّ
ولولا جاءني عَلَم لنَصري / كميتاً ما ظفرتَ إذاً بنَصر
سَقاكَ بنَعلهِ كاسات صَفعٍ / سكرتَ بشُربها منمْ غَير خمرِ
فَما وأخذتُهُ بَلْ قلتُ سُكراً / بساطُ الشكر يُطوى بعد نَشر
مَدَدْتُ فَقالَ بعدَ القَصْر علماً / بها قد جاءَ في مَدٍّ وقَصْر
فَلا تَكُ طائشاً كالكمبَهَستي / وقد أغراهُ قَولُ القمبَعَرِّي
وَكُنْ كخرا تَلوكُ البوزَكستي / أميرَ الروم في أَكنافِ مصرِ
وَقَدْ صَفوا بها الأعداءَ جَيشاً / لطرْطرِّ ابن خرْي العُدِّ خُرِّي
وكانوا احدَثوا فيها أُموراً / لقَول بَلّغوهُ بَخْتَ نَصْرِ
وفي تيساً تكونُ وَكَلْبَكُنْتا / تأسٍ لو عَقَلْتَ لكُلِّ حر
وَقَدْ جَدَعَ أنفَ كُنتَ فَما تلكّى / ولا نادى لذلكَ يا لَبَكر
وأُمُّ خُراذقَ العَذراءَ لمّا / رآها الُعْقُطريّا غيرَ بكر
وَقَد ضَرَطَ الجَنينُ بحانبَيْها / لَدَى كُهّانهمْ برُقىً وَسحرْ
أعيذُك يا بهَاطنُ أن تُوافي / وَوَجْهُك من جهامَته يخَرِّي
لَئنْ فَخَرَتْ بالمكرُمات بنو مصر
لَئنْ فَخَرَتْ بالمكرُمات بنو مصر / فإنّكَ بينَ الناس أجدرُ بالفخر
أبا شاكرٍ يا مَنْ عَلا كُلَّ رُتْبَةٍ
أبا شاكرٍ يا مَنْ عَلا كُلَّ رُتْبَةٍ / وفاتَ صعوداً رُتْبَةَ المدح والشكرِ
تشهّتْ عليَّ اليومَ أهلي قَطايفاً / وقد أخّروني في شِراها إلى العصرِ
وقد حَصَلَتْ لي غيرَ أنِّي لم أعنْ / سوى خبزها والحشو الدّهن والقطر
وإن عزّني قطرُ النبات فإنّني / سأغرفُ فيما أبتغيهِ من البحرِ
ومالي وللأمطارِ والبحرُ كفُّهُ / وأيسَرُ ما يهديهِ لي خالصُ الدُّرِّ
وإنْ قارَنَ القطر المجهزَ سُكّرٌ / فمُرسِلُهُ تَصحيفُهُ لكل في الدهر
فلا زلْتَ حُلْوَ الورد مُسْتَعذبَ الجنى / كثيرَ الحيا والفضلِ مُتّسعَ الصّدرِ
رَأَيتُ في النّومِ أبا مُرَّة
رَأَيتُ في النّومِ أبا مُرَّة / وَهَوَ حَزينُ القَلْبِ لي مَرَّه
وَعَيْنُه العوراءُ مَقروحة / تَقطُرُ دَمعاً قَطرةً قَطْرة
يَصيحُ وا ويلاهُ منْ حَسرتي / تِلكَ التي ما مِثلُها حَسْرَه
وَحَولَهُ منْ رَهْطهِ عُصبة / فيهِمْ على قِلَتهمْ كَثْرَه
مِن كل عِلْقٍ مثل بدر الدجى / قيَمتُهُ في واحدٍ بَدْرَه
مُظَفرُ اللّحْظِ بِعُشّاقه / وإنمّا في جَفْنِهِ كَسْرَه
شمسُ ضحى غصن نقاقدُه / وظله من خلفه الشِّعره
تَجميشُهُ نَقْلٌ لمن ضَمَهُ / وَجَوَنَ التَيَنَةَ بالتّمْرَه
يَهونُ وَزنُ المالِ في وَصله / طالِعُهُ الميزانُ والزُّهرَه
وَمِن سَحورِ العينِ فَتَانهٍ / خَودٍ لهَا شمسُ الضُّحى ضُرّه
وَكل خَمّارٍ وفي كفهِ / كأسٌ على عاتقهِ جرَّه
وَمِن حَشيشيٍ سطيلٍ على / شاربهِ قد بَقَلَتْ خُضره
وَمن نبي حامٍ لَهُ مزرةٌ / صفّى لَهُ صاحِبهُ المزرَه
وَكُلُّ بَغّاء به أبنةٌ / مُبادِلٌ أبغى من الابره
وكلّ جَلاَد على خَلوةٍ / عميرةً هاجَتْ بهِ عُمره
ومِن خياليَ وَمِنْ مطرب / وزامرٍ قد جاءَ في الزُّمره
فَقُلتُ يا إبليسُ ماذا الذي / أسالَ من مُقْلَتِكَ العَبرَه
وما الذي أزعج أشياعك النو / كى وإن كانوا ذَوي شِرَه
فقال يا مانيُّ أَنت الذي / وقعتَ في أخت ما أكره
قلّتْ جيوشي وَوَهى منصبي / وَعُدْتُ لا أَمرَ ولا إمره
وأَصبحَ الخّمارُ لا يكتفي / في بيته كوزاً ولا جَرَّه
وَمَنزِلُ المزّارِ صفرٌ وقد / عَلَتْهُ من ذُلّتهِ صُفرَه
وَباتَ قَلي النارِ في حسرة / وَقَلبُه يُقلى على جَمْرَه
وكاد أن يسطو الحشيشي وأن / يخرجَ بالخنْجَر والشّفْره
وسائرُ السّتّاتِ من / أَكثرهنَّ اليوم في الحُجْرَه
يَطْلُبنَ أَزواجاً فلا / منهُن إلاّ أَصبَحَتْ حُرَّه
وَكُل ساكوس قمارِ وقد / أجادَ بالعفقِ بها مهره
كم جهد ما أَعوي وعوي وكم / أُصَفِّفُ المقصوصَ والطُّرَه
وَكم أرى العينينِ مكحولةً / لمَنْ رُمي بالعين والنظره
وَكمْ وَكمْ أسهرُ في خدمة ال / عُشّاقِ في الليلِ إلى بُكْرَه
قَد كسدَتْ سوقُ المعاصي فلا / شُرْبَ ولا قَصْفَ ولا عشرَه
هذا على أنَي من غيّتي / أقودُ لا آجرَ ولا أُجَره
فقُلتُ يا إبليسُ سافرْ بنا / وَطَوِّل الغَيبَةَ والسّفْرَه
إياك أن تَسُكُنَ مصراً وأن / تقرَبَها إنْ كنْتَ ذا خبرَه
فإنَّ فيها صاحباً عادلاً / مباركَ الطلعة والغُرّه
قد عَلمَ السلطانُ من نُصحه / لملكه ما شاعَ بالشّهرَه
جزاءُ مَنْ خالفَ مرسومَهُ / تجريسُه والضّربُ بالدره
أحذَرْ نَديميَ أنْ تذوقَ المسكرا
أحذَرْ نَديميَ أنْ تذوقَ المسكرا / أو أنْ تُحاوِلَ قطّ أمراً مُنكرا
لا تَشَربِ الصّهباءَ صرفاً قرقفا / وتزورَ مَن تَهواهُ إلا في الكرى
أنا ناصحٌ لَكَ إنْ قَبلتَ نَصيحتي / إشربْ متى ما رُمتَ سُكراً سكّرا
والرأيُ عِندي تَرْكُ عَقْلكَ سالماً / من أنْ تراهُ بالمدام تَغيّرا
ذي دولةً المنصور لاجين الذي / قهرّ الملوكَ وكانَ سُلطان الورى
إياكَ تأكُلُ أخضراً في عَصْره
إياكَ تأكُلُ أخضراً في عَصْره / يا ذا الفقيرُ يَصير جَنبُكَ أحمرا
والمزرُ يا مَسعودُ دَعْهُ جانباً / واشرَبْ من اللّبن المخيص مبَكرِّا
وبني حرامِ إحفظوا أيديكمُ / فالوقتُ سيفٌ والمراقبُ قد دَرَى
توبوا وصلّوا داعيين لمُلكه / فيه تنالون النّعيمَ الأكبرا
إذا ما كُنْتَ مَتْخوماً
إذا ما كُنْتَ مَتْخوماً / فَكُنْ ضَيْفا عَلي شير
فَما يَخرُجُ منهُ الخُبْ / زُ إلاّ بالمناشيرِ
كَنَبْتُ وَلَحظي قد تَبدَّلَ نَرجساً
كَنَبْتُ وَلَحظي قد تَبدَّلَ نَرجساً / بورْد وَدَمعي قَدْ تَساقطَ مَنْثورا
وَلي زمناً يا نور لم أركم به / وَغَايةُ بُرء العين أَنْ تُبصِرَ النّورا
فَرَسٌ تَراهُ إذا سَرى
فَرَسٌ تَراهُ إذا سَرى / للضّعف يمشي القهقرى
يحكي سكابَ سوى المحا / سن لا يُباعُ فَيُشْتَرى
وكأنّه الفتّالُ يَمشي / في الطّريقِ إلى ورا
ونابحٍ قَدِ افتَرى
ونابحٍ قَدِ افتَرى / تَشَبُّهاً بالشُّعرا
يلوك شعراً يابساً / من طبعة مُحجِّرا
وَوَلعُ الوطواطِ بالشّمسِ / يَضُرُّ البَصرا
زَقْزَقَةٌ أعرِفُها / منهُ إذا ما فَشّرا
كانَ جديراً من شُعا / عِ الشّمسِ لو تَستّرا
بَلْ عَيْنُه قَوِيّةٌ / صّماءُ تحكي الحجرا
فَقُلْ لهُ يكفُّ عن / هذا مُقَصِّرا
إذْ شعرُهُ / كَذَقنهُ مثلُ
أوحَدني الدَّهرُ ولي هِرَّةٌ
أوحَدني الدَّهرُ ولي هِرَّةٌ / تُؤنِسُني مَعْ طولِ أفكاري
تُرى كلينا شاكياً حالهُ / أشكو وَتشكو قِلّةَ الفارِ
تَمَنَيْتُ لَمّا عَزَّني الوفرُ والمُنى
تَمَنَيْتُ لَمّا عَزَّني الوفرُ والمُنى / ضَلالاً بأنَ الوفرَ خُصَّ به أَيري
ولو كان أيري مثلما قلتُ وافراً / لأتعبني حملاً ولذَّ به غَيري
لم يَبْقَ عِندِيَ ما يُباعُ فَيُشترَى
لم يَبْقَ عِندِيَ ما يُباعُ فَيُشترَى / إلا حَصيرٌ قَدْ تَساوى بالثّرَى
وَبَقيّةُ النّطعِ الذي وَلِعَتْ بهِ / أيدي البِلى حتى تَمَزَّقَ وانبَرى
نَطْعٌ تُرٍيقُ دَمي عَلَيهِ بَقّةٌ / حتّى تَراهُ وهو أسودُ أحمرا
في منزلٍ كالقَبرِ كَمْ قَدْ شاهَدَتْ / فيه نَكيراً مُقلتاي وَمُنكرا
لو لم يَكُنْ قبراً لَما أمسيتُ نسِياً / فيهِ حتى أنّني لم أذكرا
والقبرُ أهنا مَسكناً إذْ لم أكنْ / مَعْ ضيقِِ سُكناهُ أُطالبُ بالكرى
لا فَرقَ بينَ ذوي القبورِ وبينَ مَن / لا رِزقَ يُرزَقُه سوى العيش الخرا
أفٍّ لِعُمْرٍ صارَ في رَيَعانهِ / مثلي يَوَدُّ بأنْ يَموتَ فَيُقْبرا
ولَرُبَّ قائلةٍ أما من رحلةٍ / تُمسي وَقَدْ أعَسرت منها مُوسِرا
سِر فالهِلالُ كمالُهُ في سَيْرِهِ / والماءُ أَطيَبُ ما يكونُ إذا جرى
كم مُدْبرٍ لمّا تحرَّكَ عَدَّهُ / بعَد السُّكونِ ذوو العقولِ مُدبِّرا
فأجبتُها سَيري وَمَكثي واحدٌ / النّحسُ نَحسٌ مُنجِداً وَمُغَوِّرا
إنَّ المدائِنَ وَهيَ أوسعُ بقعة / ضاقَتْ عَلَيَّ فكيف أرحَلُ للقرى
تاللهِ قَد أقوى السّماحُ وأصبَحَتْ / منهُ عِراصُ البِرِّ برَّاً مُقْفِرا
وَلَقَد سألتُ عنِ الكرامِ فلم أجد / في الناس عن تلكَ الكرامِ مُخَبِّرا
حتّى كنَّ حديثَ كُل أخي نَدَى / عَن كُلِّ مَنْ يَروي حديثاً مفتَرى
إنْ كانَ حقّاً ما يُقالُ فإنّهم / كانوا وما ولّى الزَّمانُ القهقرى
لم يبقَ عندَهُم حَديثٌ طيِّبٌ / للطّارِقينَ ولا مُناخٌ في الذُّرى
واليومَ أبناءُ الزَّمانِ أشَحُّهم / يدعى المُدَبِّرَ والسّخِيُّ مُبَذِّرا
منْ كُلِّ مَن قد ساءَ خَلقاً مثلما / قد ساءَ خُلقاً في النُّهى وَتَصّورا
قَرَنَ الفضيّلةَ بالرَّذيلةِ جاهلاً / وكفاهُ جَهلاً أنّه لَن يَشْعُرا
وَمِنَ المصيبةِ أَنَّ رِزقيَ فيهم / نَزْر وَرُبّتما غداً متعذِّرا
فَلَئِنْ ذَمَمْتُ ذَمَمْتُ مَن لا يَرْعَوي / ولئن شَكَرتُ شكرتُ من لم يشكرا
فلأصبِرَنَّ على الزَّمانِ وإنّني / لأخو الشّقاءِ صبرتُ أو لنْ أصبِرا
قُل لِقاضي الفُسوقِ والإدبارِ
قُل لِقاضي الفُسوقِ والإدبارِ / عَضُدِ البُلهِ عُمْدَةِ الفُجّارِ
والذي قد غَدا سَفينةَ جَهْلٍ / وَلَهُ مِن قُرونهِ كالصّواري
لكَ أشكو من زَوْجة صَيَرتني / غائباً بَيْنَ سائرِ الحُضّارِ
غَيّبتني عَلَيَّ ما أطمَعَتني / فأنا اليومَ مُفْكِرٌ في انتظاري
غِبتُ حتّى لو أنّهم صَفَعوني / قلتُ كفّوا باللهِ عن صَفْعِ جاري
فَنَهاري منَ البّلادةِ ليلٌ / في التساوي الليلُ مثلُ النّهارِ
دارَ رأسي عن بابِ داري فبالل / هِ اخبِروني يا سادتي أينَ داري
مَلَكتني عيارةً وعياراً / حينَ زادَتْ بالدردَبيسِ عياري
أينَ مُخُّ الجمالِ من طبعِ مُخِّي / في التّساوي وأينَ مُخُّ الحمارِ
غَفَرَ الله رُبّما رُحتُ للبح / رِ منَ البردِ أصطّلي بالنّارِ
وَتَجرَّدت للسبَّاحةِ في الآ / ل لِظَنّي بهِ الزُّلالَ الجاري
ولكم قد عَصَبْتُ رجلي لرؤيا / أوطأتني حُلماً على مِسْمارِ
وَلَكم رُمتُ قَلعَ ضِرْسٍ ضَروب / بعدما ضَرَّ غاية الأضرار
فإذا بي قَلَعْتُ بعدَ عَنائي / وأجتهاديِ القويَّ من أزراري
وَرَحىً جُزتُها لِطَحنٍ فما زِلْ / تُ ضَلالا أدورُ حولَ المدارِ
وأُنادي وَقَدْ سَئِمتُ منَ الرَّك / ضِ تُرى أَينَ مُنْتَهى مِضْمارِي
أنا أَختارُ لو قَعَدْتُ منَ الجَه / د ولكن أَمشي بِغَيْرِ اختياري
أنا أنسى أَنّي نَسيتُ فلا يَخْ / شى مُسِري أذاعةَ الأَسرارِ
أنا سَطلُ الشّرايِحيِّ بِما أو / دعتُ من عجّةٍ ومن إنزارِ
وَلَكَمْ قد رأيتُ في الماءِ شيخاً / وهو جاثٍ في الحبِّ كالعبارِ
شيخُ سوءٍ كالثلج ذَقناً ولكن / وَجهُهُ في سوادِهِ كالقار
أشبَهُ النّاسِ بي وَقَد يشبه التّي / سُ أخاهُ في حَومةِ الجزّارِ
صاحَ مِثلي أذْ صِحتُ مِنه عِناداً / بأنتِهارٍ يا صاح مثلَ انتهارِ
فأعتَراني رُعْبٌ وَناديتُ ما كُنْ / تُ إخالُ اللصوصَ في الأَزيارِ
لَمْ يَغِظني مِنهُ سوى أنّهُ عَبَّ / سَ مثلي وافتَرَّ مثلَ افتراري
أينَ تُرسي وأين دِرعي الحقيني / أمَّ عمروٍ بِصارمي البتّارِ
إنْ أَمُتْ كُنْتُ في الغزاةِ شهيداً / أو أعشْ كُنتُ أشطرَ الشطّار
ثُمَّ أَثخَنْتُ ذلكَ الزّيرَ ضَرْباً / بحُسامي حتّى هوى لانكسارِ
فَجَرى الماءُ فأختَشَيْتُ وإلاّ / كُنْتُ أقفو الآثارَ في التيار
أنا كالبانِ في قوامِيْ وإنْ أف / ردْتَني كُنْتُ في التّهارش ضَاري
أنا مثلُ الخَروف قُرناً وإنْ أس / قَطْتَ فائي أُعَدُّ في الأَقذار
أنا تيسيرُ ما يقادُ بحذف ال / ياءِ والرَاءِ حالة الإعسارِ
أنا لو رُمتُ للعلاجِ طَبيباً / ما تَعَدَّيتُ دكّةَ البيطارِ
بعدَما كُنْتُ منْ ذَكائِي أَدري / أنَّ بَابي من صَنْعَةِ النّجارِ
أحزِرُ البيضَ قبلَ أنْ يكسروهُ / أنَّ فيهِ البياضَ فوقَ الصّفَار
وَبِعَيْني نَظَرتُ كوزَ زُجاجٍ / كانَ عِندي أو هي منَ الفخّارِ
وكثيرٌ مِنّي على شيبِ رأسي / حِفظُ هذي الأشياءِ مثلَ الصِّغارِ
مَنْ لَمْ يُلاقِ الشُّعرا
مَنْ لَمْ يُلاقِ الشُّعرا / وَفَرَّ مِنْهُمْ سَحَرا
كيفَ يُلاقي الرَومَ أَمْ / كيفَ يُغازي التَترا
كَمْ رُمتُ أنْ أَلحقَهُ / فَفَرَّ مِنّي وجرى
فبالذي يُبْقيكُمُ / لي يا جميعَ الأمرا
منْ هذهِ أوصافُه / باللهِ ما هذا خَرا
كأنَّ الغصونَ وَقَد أينعَتْ
كأنَّ الغصونَ وَقَد أينعَتْ / بِحَمْلِ قراصِيّها الأَغبرِ
قدودٌ حسانٌ لَبِسنَ الحريرَ / وَقُلِّدْنَ من خَرَزِ العنْبَرِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025