القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : شَرَف الدين البُوصيري الكل
المجموع : 10
حَيَّ بُلْبَيْسَ مَنْزِلاً في العِمَارَهْ
حَيَّ بُلْبَيْسَ مَنْزِلاً في العِمَارَهْ / وَتَوَجَّهْ تِلْقَاءَ بِئْرِ عُمَارَهْ
فالبَتيَّاتِ فالحِرازِ فَتُبتي / ت َفشُبْرا البَيُّومِ فالخَمَّارَهْ
وإذا جِئْتَ حَاجِزاً بَيْنَ بَلبَي / سَ وَقليوبَ مِنْ خَرابِ فَزارَه
فارجِعِ السَّيْرِ بَيْنَ بَنْهَا وَأَت / ريبَ وكلٌّ لِشَاطِئ الْبَحْرِ جَارَه
وَإذَا ما خَطَرْتَ مِنْ جَانِبِ الرم / لِ بِفاقُوسَ فاقْصِدِ الخَطَّارَهْ
وَشَمَنْدِيلَ وهْيَ مَنْزِلَةُ الجي / شِ وَسَعْدَانَةٍ مَحَلِّ غِرَارَهْ
خَلِّنِي مِنْ هَوَى البَداوةِ إني / لَسْتُ أَهْوَى إِلَّا جَمالَ الحَضارَهْ
واقْرِ تِلْكَ القُرَى السلامَ فَإِن أَع / يَتْكَ منها عبارَةٌ فإشارَهْ
إنَّ قَلْبِي أَضْحَى إلى ساكِنِيهَا / باشتِياقٍ وَمُهْجَتِي مُسْتَطارَهْ
أَذْكَرَتْنا عَيْشاً قديماً نَزَعْنَا / هُ لِبَاساً كَالحُلَّةِ المُسْتَعَارَهْ
وزماناً في الحُسنِ وجْهَ عَلِيٍّ / ذا بَهاءٍ وبَهْجَةٍ وَنَضَارَهْ
صاحبٌ لا يزالُ بالجُودِ والإف / ضالِ طَلْقَ الْيَدَيْنِ حُلْوَ العِبارَهْ
كمْ هَدانا مِنْ فضلِهِ بِكِتابٍ / مُعْجِزٍ مِنْ عُلُومِهِ بِأَثارَهْ
وجهُهُ مُسْفِرٌ لِعَاقِبِهِ ما نح / تَاجُ في الجُودِ عِنْدَهُ لِسفارَهْ
يَدُهُ رُقْعَةُ الصَّباحِ فما أَغ / رَبَهَا مِنْ سلامَةٍ وَطَهارَهْ
يَذْكُرُ الوعْدَ في أُمورٍ ولا يَذْ / كُرُ جَدْوَى وَلو بِكلِّ إمارَهْ
إنما يَذْكُرُ العَطِيَّةَ منْ كا / نتْ عَطاياهُ تارَةً بعدَ تارهْ
سَيِّدِي أَنْتَ نُصْرَتِي كلما شَن / نَ عَلَيَّ الزَّمانُ بالفَقْرِ غارَهْ
شابَ رَأْسِي وما رَأسْتُ كأنِّي / زامِرُ الحَيِّ أَوْ صغيرُ الحارَهْ
وَابن عِمْرَانَ وَهْوَ شَرُّ مَتاعٍ / لِلْوَرَى في بِطانَةٍ وَظِهَارَهْ
حَسَّنَ القُرْبُ منكُمْ قُبْحَ ذِكْرَا / هُ كَتَحْسِينِ المِسْكِ ذكْراً لفارَهْ
فَهْوَ في المَدْحِ قَطْرَةٌ مِنْ سَحَابِي / وَهْوَ في الهَجْوِ مِنْ زِنَادِي شَرَارَهْ
ما لهُ مِيزَةٌ عَلَيَّ سِوَى أن / نَ لهُ بَغْلَةً وما لِي حِمَارَهْ
وَعِياظٌ تدْوَى الدَّوَاوينُ منه / لا بمعنىً كأنُّهُ طِنْجِهارَهْ
يَتَجَنَّى بِسوءِ خُلْقٍ عَلَى النا / سِ وَنَفْسٍ ظَلومَةٍ كَفَّارَهْ
لَمْ تُهَذِّبْهُ كلُّ قاصِرَةِ الطَّر / فِ أَجَادَتْ بأَخْدَعَيْهِ القصارَهْ
وَابنُ يَغْمورَ إذْ كساهُ منَ الدر / رَةِ دِرْعاً كأنَّه غَفَّارَهْ
طَبَعَتْ رَأْسُهُ دَماً وَبِسَاطِي / جلْدَةً أَوْ حَسِبتُهُ جُلَّنَارَهْ
وسليمانُ كلما قَرَعَ القَرْ / عَةَ طَنَّتْ كَأنَّها نُقَّارَهْ
وَقعاتٌ تُنْسي المُؤرِّخَ ما كا / نَ مِنْ سُنْبسٍ وَمِنْ زُنَّارَهْ
إنْ جَهِلْتُمْ ما حَلَّ في ساحلِ الشي / خِ مِنَ الصّفحِ فاسْألُوا البَحَّارَهْ
قَالتِ البَغْلَةُ التي أَوْقَعَتْهُ / أَنا ما لي على الغُبونِ مَرَارَهْ
إِنَّ هذا شَيْخٌ له بِجَوَارِي / هِ معَ الناس كلَّ يَوْمٍ صِهَارَهْ
قَلْتُ لا تَفْتَرِي عَلَى الشاعرِ الفِق / قِيهِ قالتْ سَلِ الفَقِيهَ عُمارَهْ
لو أتاهُ في عرْسِهِ شَطْرُ فَلْسٍ / لرأَى البَيْعَ رَجْلَة وشطَارَهْ
قلتُ هذَا شادُّ الدَّوَاوِينِ قالتْ / ما أَوَلّي هذا عَلَى الخَرَّارَهْ
قلتُ ذِي غَيْرَةُ الأُبَيْرَةِ أَلَّا / تَشْتَهِي أَنْ تُفَارِقَ الأَبَّارَهْ
قالتَ اَقْوَى وكيفَ أُغيرُ مِنِّي / عِنْدَ شيخٍ كَلٍّ بِغَيْرِ زِبَارَهْ
قلتُ ما تَكْرَهِينَ منه فقالت / أَيُّ بُخْلٍ فيه وأَيّ قَتَارَهْ
أنا في البيْتِ أَشْتَهِي كَفَّ تِبْنٍ / وَمِنَ الفُرْطِ أَشْتَهِي نُوَّارَهْ
وعَلِيقِي عليه أَرْخَصُ مِنْ ما / لِ المَوارِيثِ في شِرَا ابنِ جُبَارَهْ
سَرَق النِّصْفَ واشتَرى النِّصْف بالنِّص / فِ وَأَفْتَى بأَنَّ هذا تِجارَهْ
لا تَلوموا إذا وَقَعْتُ مِنَ الجَو / عِ فإنّي مِنَ الْخَوَى خَوَّارَهْ
ما كفَاهُ مِنَ الطَّوافِ بِبُلْبَي / سَ إِلى أَنْ يَطُوفَ بي السَّيَّارَهْ
آهِ مِنْ ضَيْعَتِي وما ذاكَ إِلَّا / أَنَّ ما لِي عَلَى الغُبُونِ مَرَارَه
أُكْمِلَتْ خِلْقَتي وَشَيبي وما لي / في حُجُورٍ اُخْتٌ وَلا فِي مِهَارَهْ
أَيُّ شِبْرِيَّةٍ أَلَذُّ وِطاءً / مِنْ رُكُوبي وأَيُّما شَبَّارَهْ
عَيَّرَتْنِي بها بِغالُ الطواحي / نِ وقالتْ تَمَّتْ عليكِ العِيَارَهْ
دُرْتُ حتى وَقَعْتُ عِنْدَ المنَاحِي / سِ فيا لَيْتَ أنني دَوَّارَهْ
وَلقدْ أَنْذَرْتُهُ فَرَأَيْتُهُ / جَاهِلِيَّاً لم تُغْنِ فيهِ النّذارَهْ
وَقَوَافِيَّ ليسَ فيها صِقالٌ / مِنْ نَدىً لا وليس فيها زَفَارَهْ
كلُّ عَذْرَاءَ ما تُرَدُّ مِنَ الكف / ءِ بِعَيْبِ وَلا زَوالِ بَكارَهْ
سِرْنَ مِنْ حُسْنِهِنَّ في الشَّرْقِ والغَرْ / بِ فَكُنَّ الكَواكِبَ السَّيَّارَهْ
لَنْ يَصِيدَهُنَّ النَّوال مَنْ بَحْرِ فِكْرِي / أَوَ يُصْطَادُ الدُّرَّ بالسِّنَّارَهْ
غَيْرَ أَنِّي أَعْدَدْتُهَا لِخَطَايَا / وَذُنُوبٍ أَسْلَفتهَا كَفَّارَهْ
أَوَ لَمْ تَدْرِ أَنَّ مَدْحَ عَلِيٍّ / مِثْلُ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ وَزِيَارَهْ
أَيُّهَا الصاحبُ المُؤَمَّلُ أَدْعُو / كَ دُعَاءَ استغاثَةٍ واستجارَهْ
أَثْقَلَتْ ظَهْرِيَ العِيالُ وَقد كن / تُ زَماناً بهم خَفيفَ الكَارَهْ
ولوَ اَنِّي وحْدِي لَكُنْتُ مُرِيداً / في رِباطٍ أَو عَابِداً في مَغَارَهْ
أحَسَبُ الزُّهْدَ هَيّناً وَهوَ حَرْبٌ / لسْتُ فيه ولا منَ النَّظَّارَهْ
لا تَكِلنِي إلى سِواكَ فَأخْيَا / رُ زَماني لا يَمْنَحُونَ خِيَارَهْ
وَوُجُوهُ القُصَّادِ فيه حَدِيدٌ / وَقلوبُ الأَجْوادِ فيه حِجَارَهْ
فإذَا فازَ كَفُّ حُرٍّ بِبِرٍّ / فَهْوَ إمَّا بِنَقْضَةٍ أَو نِشَارَهْ
إِنَّ بَيْتِي يقول قد طالَ عَهْدِي / بِدُخُولِ التَلِّيسِ لِي وَالشِّكَارَهْ
وطعامٍ قد كَانَ يَعْهَدُهُ النا / سُ مَتاعاً لهمْ ولِلسيَّارَهْ
فالكوانينُ ما تُعابُ مِنَ البَرْ / دِ بَطَبَّاخَةٍ وَلا شَكَّارَهْ
لا بِساطٌ ولا حَصِيرٌ بِدِهْلِي / زي وَلا مَجْلِسي ولا طَيَّارَهْ
ليس ذا حالُ مَنْ يُرِيدُ حيَاةً / لِعيالٍ ولا لِبَيْتٍ عِمَارَهْ
قلتُ إنَّ الوَزِيرَ أَسْكَنَ غَيرِي / فِي مَكاني ولي عليه إجَارَهْ
قِيلَ إنَّ الوزِيرَ لَنْ يَقْصِدَ الفَس / خَ فَلِمْ لا رَاجَعْتَ في الخَرَّارَهْ
أسقَطَتْهُ مِنْ ظَهْرِنَا فَأَرَتْنَا / جَيْبَهُ لازِماً لِبَطْنِ المَحَارَهْ
ثُمَّ شَدُّوهُ بالإِزَارِ فخِلْنا / هُ الْخَيالِيَّ مِنْ وَرَاءِ السِّتَارَهْ
لَمْ يُفَضِّلْ عليكَ غيرَكَ لكن / نَ عطاياهُ كَالكُؤوسِ المُدَارَهْ
فسأَغْدُو به سعيداً كأنّي / لاعْتِدَالِ الرَّبِيعِ للشَّمسِ دارَهْ
وَيَشُوقَ الأَضْيَافَ في بادَهَنْجٍ / مِنْ بعيدٍ قُرُونُهُ كالمَنَارَهْ
إنَّ بَيْتَاً يغْشَاهُ كلُّ فقِيرٍ / مِنْ عَلِيٍّ في ذِمَّةٍ وَخِفَارَهْ
صَرَفَ اللَّهُ السُّوءَ عنه وَآتا / هُ مِنَ المَجْدِ والعُلا مَا اختَارَهْ
قد خُصَّ بالفَضْلِ قَطْلِيجا وأَيْدمُرُ
قد خُصَّ بالفَضْلِ قَطْلِيجا وأَيْدمُرُ / وطابَ منه ومنكَ الأَصْلُ والثَّمَرُ
بَحْرَانِ لو جادَ بحرٌ مِثْلَ جُودِهما / بِيعَتْ بأَرْخَصَ مِنْ أَصْدَافِها الدُّرَرُ
للَّهِ دَرُّكَ عِزَّ الدِّينِ لَيْثَ وَغىً / لَهُ مِنَ البِيضِ نابٌ والقَنا ظفُرُ
أَلْقَى الإلهُ عَلَى الدُّنيا مَهَابَتَهُ / فالبِيضُ تَرْعدُ خوفاً منه والسُّمُرُ
أرَيْتَنا فضلَ شمسِ الدِّينِ مُنْتَقِلاً / إليك منه وصَحَّ الخُبرُ والخَبَرُ
إنْ تُحْيِ آثارَهُ مِنْ بَعْدِ ما دَرَسَتْ / فإنَّكَ النِّيلُ تُحْيي الأرضَ والمَطَرُ
وإنْ تَكُنْ أنْتَ خيرَ الوارثينَ لَهُ / فما يُنَازِعكَ في ميراثِهِ بَشَرُ
وإنْ تَكُنْ في العُلا والفَضْلِ تَخْلُفُهُ / فالشَّمسُ يَخْلُفُهَا إنْ غابَتِ القَمَرُ
أَخجَلتَ بالحِلْمِ ساداتِ الزَّمانِ فَلَمْ / يَعْفُوا كَعَفْوِكَ عَنْ ذَنْبٍ إذا قَدَرُوا
وَلَمْ تَزَلْ تَسْتُرُ العَيْبَ الذِي كَشَفُوا / ولم تَزَلْ تَجْبُرُ العَظْمَ الذِي كَسَرُوا
لوْ أَنَّ أَلْسِنَةَ الأَيّامِ ناطِقَةٌ / أَثْنَتْ عَلَى فَضْلِكَ الآصالُ والبُكَرُ
شَرَعْتَ للنَّاسِ طُرقاً ما بها عُجَزٌ / يَخَافُ سالِكُها فيها ولا بُجَرُ
لو يَسْتَقِيمُ عليها السالكون بها / كما أمرتَ مشَتْ مَشْيَ المهَا الحُمرُ
أَكْرِمْ بأَيْدمُرَ الشَّمْسِيِّ مِنْ بَطَلٍ / بِذِكْرِهِ في الوَغَى الأَبْطَالُ تَفْتَخِرُ
تَخافُ منه وتَرْجُوهُ كما فَعَلَتْ / في قَلْبِ سامِعِها الآياتُ والسُّوَرُ
مَعْنَى الوجودِ الذي قامَ الوجودُ به / وهلْ بِغَيْرِ المَعاني قامَتِ الصُّوَرُ
بَنانُهُ مِنْ نَدَاهُ الغَيْثُ مُنْسَكِبٌ / وسَيْفُهُ مِنْ سُطاهُ النارُ تَسْتَعِرُ
نَهَتْهُ عَنْ لَذَّةِ الدُّنْيا نَزَاهَتُهُ / وَشَرَّدَ النَّوْمَ مِنْ أجفانِهِ السَّهَرُ
وليسَ يُضْجِرُهُ قَوْلٌ وَلا عَمَلٌ / وَكيفَ يُدْرِكُ مَنْ لا يَتْعَبُ الضَّجَرُ
يُمْسِي وَيُصْبِحُ في تَدْبِيرِ مَمْلَكَةٍ / أعْيا الخلائقَ فيها بعضُ ما يَزِرُ
يَكْفِيهِ حَمْلُ الأَماناتِ التي عُرِضَتْ / على الجِبالٍ فكادَتْ منه تَنْفَطِرُ
خافَ الإلهَ فخافَتْهُ رَعِيَّتُهُ / والمَرْءُ يُجْزَى بما يأتي وما يَذَرُ
واخْتَارَهُ مَلكُ الدُّنيا لِيَخْبُرَهُ / في مُلْكِهِ وهْوَ مُخْتارٌ ومُخْتَبَرُ
فَطَهَّرَ الأرضَ مِنْ أَهْلِ الفسادِ فلا / عَيْنٌ لَهُمْ بَقِيَتْ فيها ولا أثَرُ
ودَبَّر المُلْكَ تَدْبيراً يُقَصِّرُ عَنْ / إدْرَاكِ أَيْسَرِهِ الأَفْهَامُ والفِكَرُ
وحينَ طارت إلى الأعداء سُمْعَتُهُ / ماتَ الفرَنْجُ بِدَاءِ الخَوْفِ والتَّتَرُ
فما يُبالي بأَعْداءٍ قُلوبُهُمُ / فيها تَمَكَّنَ منهُ الخوفُ والذُّعُرُ
وكل أرضٍ ذَكّرْناهُ بها غَنِيَتْ / عَنْ أنْ يُجَرِّدَ فيها الصارِمُ الذَّكَرُ
فلَوْ تُجَرَّدُ مِنْ مِصْرٍ عَزائِمُهُ / إلى العِدَا بَطَلَ البَيْكارُ والسَّفَرُ
في كلِّ يَوْمٍ تَرَى القَتْلَى بِصَارِمهِ / كأَنَّما نُحِرَتْ في مَوسِمٍ جُزُرُ
كَأَنَّ صارِمَهُ في كلِّ مُعْتَرَكٍ / نَذِيرُ مَوْتٍ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ النُّذُرُ
شُكْراً لَهُ مِنْ وَلِيٍّ في وِلايَتِهِ / مَعْنَى كرامَتِه للناسِ مُشْتَهِرُ
عَمَّ الرَّعِيَّةَ والأَجْنَادَ مَعْدَلَةً / فما شكا نَفَراً مِنْ عَدْلِهِ نَفَرُ
وسَرَّ أَسْمَاعَهُمْ منهُ وأعْيُنَهُمْ / وَجْهٌ جَميلٌ وذِكْرٌ طَيِّبٌ عَطِرُ
تَأَرَّجَتْ عَنْ نَظِيرِ المِسْكِ نظْرَتُهُ / كما تَأَرَّجَ عَنْ أكمامِهِ الزَّهَرُ
مِنْ مَعْشَرٍ في العُلا أَوْفَوْا عُهُودَهمُ / وليسَ مِنْ مَعْشَرٍ خانُوا ولا غَدَرُوا
تُرْكٌ تَزَيَّنَتِ الدُّنيا بِذِكْرِهِمُ / فَهُمْ لها الحَلْيُ إنْ غابُوا وإنْ حَضَرُوا
حَكَتْ ظواهرهُمْ حُسْناً بواطِنهُمْ / فَهُمْ سواءٌ أَسَرُّوا القَوْلَ أَوْ جَهَرُوا
بِيضُ الوجوهِ يَجُنُّ اللَّيْلُ إنْ رَكِبُوا / إلى الوغَى ويُضِيءُ الصُّبْحُ إنْ سَفَرُوا
تَسْعَى لأَبْوَابِهِمْ قُصَّادُ مالِهم / وجاهِهِمْ زُمَراً في إثْرِها زُمَرُ
تَسَابَقُوا في العُلا سَبْقَ الجِيادِ لهُمْ / مِنَ الثناءُ الحُجولُ البِيضُ والغُرَرُ
وَكلُّ شيءٍ سَمِعْنا مِنْ مناقِبِهِمْ / فمِنْ مَناقِبِ عِزِّ الدِّينِ مُخْتَصَرُ
مَوْلىً تَلَذُّ لنا أخْبارُ سُؤْدُدِهِ / كأنَّ أخْبارهُ مِنْ حُسْنِها سَمَرُ
يا حُسْنَ ما يَجْمَعُ الدُّنيا ويُنْفِقُها / كالبَحْرِ يَحْسُنُ منه الوِرْدُ والصَّدَرُ
لكلِّ شَرْطٍ جَزَاءٌ مِنْ مَكارِمِهِ / وكُلُّ مُبْتَدَإٍ منها له خَبَرُ
فما نَظَمْتُ مدِيحاً فيهِ مُبْتَكراً / إِلَّا أَتانِيَ جُودٌ منه مُبْتَكرُ
صَدَقْتُ في مَدْحِهِ فازْدَادَ رَوْنَقُهُ / فما عَلَى وجْهِهِ مِنْ رِيبَةٍ قَتَرُ
أغْنَتْ عَطاياهُ فَقْرَ الناسِ كلِّهِمِ / فسَلْهُمُ عَنْهُ إنْ قَلُّوا وَإنْ كَثُرُوا
لِذَاكَ أثْنَوْا عليه بالذِي عَلِمُوا / خيراً فيا حُسْنَ ما أَثْنَوا وَما شَكَرُوا
قالوا وجَدْنَاهُ مِثْلَ الكَرْمِ في كَرَمٍ / يَفِيءُ منه علينا الظِّلُّ والثَّمَرُ
وما يَزالُ يُعِينُ الطائِعِينَ إذَا / تَطَوَّعُوا بِجَمِيلٍ أَوْ إذا نَذَرُوا
وَمَنْ أَعَانَ أُولِي الطاعاتِ شَارَكَهُمْ / في أَجْرِ ما حَصَرُوا منه وما تَجَرُوا
فما أتَى الناسُ مِنْ فَرْضٍ وَمِنْ سُنَنٍ / ففِي صَحِيفَتِهِ الغَرَّاءِ مُسْتَطَرُ
فَحَجَّ وهْوَ مُقِيمٌ والحِجَازُ به / قَوْمٌ يُقِيمُونَ لا حَجُّوا ولا اعْتَمَرُوا
وجَاهَدَتْ في سبيلِ اللَّهِ طائفةٌ / وخَيْلُها منه والهِنْدِيَّةُ البُتُرُ
وَأَطْعَمَ الصَّائِمِينَ الجائِعِينَ وَمِنْ / فَرْطِ الخَصاصَةِ في أكْبَادِهِم سُعُرُ
وَلَمْ تَفُتْهُ مِنَ الأَوْرَادِ ناشِئَةٌ / في لَيْلَةٍ قامَ يُحْيِيها وَلا سَحَرُ
يَطْوِي النَّهَارَ صِياماً وهْوَ مُضْطَرِمٌ / وَاللَّيْلَ يَطْوِي قِياماً وهْوَ مُعْتَكِرُ
ومالُهُ في زَكاةٍ كلُّهُ نُصُبٌ / لا الخُمْسُ فيه لَهُ ذِكْرٌ ولا العُشرُ
أعمالُهُ كلُّها للَّهِ خالِصَةٌ / ونُصْحُهُ لم يُخالِطْ صَفْوَهُ كَدَرُ
كم عادَ بَغْيٌ عَلَى قومٍ عليه بَغَوْا / وحاقَ مَكْرٌ بأَقْوَامٍ به مَكَرُوا
لَمْ يَخْفَ عَنْ عِلْمِهِ في الأرضِ خافِيَةٌ / كأَنَّهُ لِلْوُجُودِ السَّمْعُ والبَصَرُ
فلا يَظُنّ مُرِيبٌ مِنْ جهالَتِهِ / بأَنَّ في الأرضِ شيءٌ عنه يَسْتَتِرُ
عَصَتْ عليه أُناسٌ لا خَلاقَ لَهُمْ / الشُّؤْمُ شِيمَتُهُمْ واللُّؤْمُ والدَّبَرُ
تَلَثَّمُوا ثمَّ قالوا إننا عَرَبٌ / فقلتُ لا عَرَبٌ أنتمْ وَلا حَضَرُ
ولا عُهُودَ لكُمْ تُرْعَى ولا ذِمَمٌ / ولا بُيُوتُكُم شَعْرٌ وَلا وَبَرُ
وأَيُّ بَرِّيَّةٍ فيها بُيُوتُكُم / وَهلْ هِيَ الشَّعْرُ قولوا لي أَمِ المَدَرُ
وَليسَ يُنْجِي امْرَأً رامُوا أَذِيَّتُهُ / منهمْ فِرارٌ فَقُلْ كَلَّا ولا وَزَرُ
يَشْكُو جميع بنِي الدُّنيا أَذِيَّتَهُمْ / فهمْ بِطُرْقِهِمُ الأحجارُ والحُفَرُ
يَرَوْنَ كلَّ قَبيحٍ مِنْهُمُ حَسَناً / وَلَمْ يُبالُوا أَلامَ الناسُ أَمْ عَذَرُوا
مِنْ لُؤْمِ أحْسَابِهِمْ إنْ شاتَمُوا رَبحوا / وَمِنْ حَقَارَتِهِمْ إنْ قاتَلوا خَسِروا
لَمَّا عَلِمْتَ بأنَّ الرِّفْقَ أَبْطَرَهمْ / والمُفْسِدُون إذا أَكْرَمْتَهُمْ بَطِرُوا
زَجَرْتَهُمْ بعقوباتٍ مُنَوَّعَةٍ / وفي العقوباتِ لِلطاغينَ مُزْدَجَرُ
كأَنّهم أَقْسَمُوا باللَّهِ أنَّهمُ / لا يَتْركونَ الأذى إِلَّا إذَا قُهِرُوا
فَمَعْشَرٌ رَكِبُوا الأَوْتادَ فانقطعَتْ / أَمْعاؤُهم فَتَمَنَّوْا أَنَّهمْ نُحِرُوا
ومَعْشَرٌ قُطِعَتْ أَوْصالُهمْ قِطَعاً / فما يُلَفِّقُها خَيْطٌ ولا إبَرُ
ومَعْشَرٌ بالظُّبا طارتْ رؤُوسُهُمُ / عَنِ الجُسومِ فَقُلْنَا إنها أُكَرُ
وَمَعْشَرٌ وُسِّطُوا مثْلَ الدِّلاءِ وَلمْ / تُرْبَطْ حِبَالٌ بها يَوْماً ولا بَكَرُ
وَمَعْشَرٌ سُمِّروا فوْقَ الجِيادِ وقدْ / شَدَّتْ جُسومَهُمُ الألواحُ وَالدُّسُرُ
وآخَرُونَ فَدَوْا بالمالِ أنفُسَهُمْ / وقالتِ الناسُ خَيْرٌ مِنْ عَمىً عَوَرُ
مَوْتاتُ سَوْءٍ تَلَقَّوْها بما صَنَعُوا / وَمِنْ وَراءِ تَلَقِّيهِمْ لها سَقَرُ
وَقد تَأَدَّبَتِ المُسْتَخْدمون بهم / وَالغافلون إذَا ما ذُكِّرُوا ذَكَرُوا
فَعَفَّ كلُّ ابنِ أُنْثَى عَنْ خِيانتهِ / فَلَمْ يَخُنْ نفسَهُ أُنْثَى وَلا ذكرُ
إنْ كانَ قد صَلَحَتْ مِنْ بعْدِ ما فَسَدَتْ / أَحوالُهمْ بِكَ إنَّ الكَسْرَ يَنْجَبِرُ
لَوْلاكَ ما عَدَلُوا مِنْ بَعْدِ جَوْرِهُمُ / عَلَى الرَّعايا ولا عَفُّوا وَلا انْحَصَرُوا
ولا شَكَرْتُهُم مِنْ بَعْدِ ذَمِّهِمُ / كأنهم آمَنُوا مِنْ بَعْدِ ما كَفَرُوا
وكُنْتُ وصَّيْتُهُمْ أنْ يَحْذَروكَ كما / وصَّى الحكيمُ بَنِيهِ وَهْوَ مُحْتَضرُ
وقلتُ لا تَقْرَبوا مالاً حَوَتْ يَدُهُ / فالفَخُّ يَهْرُبُ منه الطائر الحَذِرُ
وحاذِرُوا معه أنْ تَرْكَبُوا غَرَراً / فليسَ يُحْمَدُ مَنْ مركُوْبُهُ الغَرَرُ
ولا تَصَدَّوْا لما لم يرض خاطرُهُ / إنَّ التَّصدِّي لما لم يرضه خطَرُ
فبان نصحي لهُمْ إذ ماتَ ناظِرُهمْ / وَقد بَدَت لِلوَرَى فِي مَوتِهِ عِبَرُ
مُقَدَّماتٌ أماتاهُ وأقْبَرَهُ / مَشاعِلِيَّانِ ما أَدَّوْا وَلا نَصَرُوا
وجَرَّسُوهُ عَلَى النَّعْشِ الذي حَمَلُوا / مِنَ الفِراشِ إلَى القَبْرِ الذي حَفَرُوا
يا سوءَ ما قَرَؤُوا مِنْ كلِّ مُخْزِيَةٍ / عَلَى جَنَازَتِهِ جَهْرَاً وما هَجَرُوا
وَكَبَّرُوا بَعْدَ تَصْغِيرٍ جَرَائمَهُ / وقَبَّحُوا ما طَوَوْا منها وما نَشَرُوا
وكانَ جَمَّعَ أمْوالاً وَعَدَّدَها / وظَنَّهَا لِصُروفِ الدَّهْرِ تُدَّخَرُ
فآذَنَتْ بِزَوالٍ عنه مُسْرِعَةً / كما يَزُولُ بِحَلْقِ العانَةِ الشَّعَرُ
وراحَ مِنْ خِدْمَةٍ صِفْرَ اليَدَيْنِ فقُل / لِلْعامِلينَ عليها بَعْدَه اعْتَبِروا
ما عُذْرُ ماشٍ مَشَى بالظُّلْمِ في طُرْقٍ / رَأى المُشاةَ عليها بَعْدَهُ عَبَرُوا
إذا تَفَكَّرْتَ في المُسْتَخْدمينَ بَدَا / منهم لِعَيْنَيْكَ ما لم يُبْدِهِ النَّظَرُ
ظَنُّوهُمُ عَمَرُوا الدُّنيا بِبَذْلِهمُ / وَإنما خَرَّبُوا الدُّنيا وما عَمَرُوا
فطهِّرِ الأرضَ منهم إنَّهمْ خَبَثٌ / لوْ يَغْسِلُونَهُمُ بالبحرِ ما طهُرُوا
نِيرانُ شَرٍّ كَفانَا اللَّهُ شَرَّهُمُ / لا يَرْحَمُونَ وَلا يُبقُون إنْ ظَفِرُوا
فاحْذَرْ كِبارَ بَنيهِمْ إنهمْ قُرُمٌ / وَاحْذَرْ صِغَارَ بَنيهمْ إنَّهم شَرَرُ
فالفيلَ تَقْتُلُه الأَفْعَى بِأَصْغَرِها / فيها ولم تخشَهُ منْ سِنِّها الصِّغَرُ
واضرِبهُم بَقَناً مثلِ الحديدِ بهمْ / فليسَ من غَيرِ ضَرْبٍ يَنْفَعُ الزُّبُرُ
ولا تَثِقْ بِوَفاءٍ مِنْ أَخِي حُمُقٍ / فالحُمْقُ دَاءٌ عَياءٌ بُرْؤُه عَسِرُ
مِنْ كلِّ مِنْ قَدْرُهُ في نَفْسِهِ أَبَداً / مُعَظَّمٌ وَهوَ عند الناسِ مُحْتَقَرُ
يَصُدُّ عنكَ إذَا استَغْنَى بِجانبِهِ / وَلا يَزُورُكَ إِلَّا حِينَ يَفْتَقِرُ
كأنَّه الدَّلوُ يعلو حينَ تَمْلَؤُهُ / ماءً وَيُفْرِغُ ما فيهِ فَيَنْحَدِرُ
وَالدَّهْرُ يَرْفَعُ أَطْرَافاً كما رَفَعَتْ / أَذْنَابَها لِقَضَاءِ الحاجَةِ البَقَرُ
حَسْبُ المَحَلَّةِ لَمَّا زال َ ناظِرُها / أن زَالَ مُذْ زَالَ عنها البُؤْسُ والضَّرَرُ
وَأنَّ أَعْمالَها لَمَّا حَللْتَ بها / تَغارُ مِنْ طِيبِها الجَنَّاتُ والنُّهُرُ
وأَهْلَهَا في أَمانٍ مِنْ مَساكِنِها / مِنْ فَوْقِهِمْ غُرَفٌ مِنْ تَحتِهِمْ سُرُرُ
مَلأتَ فِيها بُيُوتَ المَالِ مِنْ ذَهَبٍ / وَفِضَّةٍ صُبَراً يَا حَبَّذَا الصُّبَرُ
وَالمالُ يُجْنَى كما يُجْنَى الثمارُ بها / حتّى كأنَّ بَنِي الدُّنيا لها شَجَرُ
وتابَعَتْ بعضَها الغَلَّاتِ في سَفَرٍ / بعضاً إلَى شُوَنٍ ضاقَتْ بهاالخُدُرُ
وَسِيقَتِ الخَيْلُ لِلأَبْوَابِ مُسْرَجَةً / لَمْ تُحْص عَدَّاً وَتُحْصَى الأَنْجُمُ الزُّهُرُ
وَالهُجْنُ تَحْسِبُها سُحْباً مُفَوَّفَةً / في الحَقِّ منها فضاء الجَوِّ مُنْحَصِرُ
وكلُّ مُقْتَرَحٍ ما دارَ في خَلَدٍ / يأْتِي إليكَ به في وقتهِ القَدَرُ
وَما هَمَمْتَ بِأَمْرٍ غير مَطْلَبِهِ / إِلّا تَيَسَّرَ مِنْ أسبابهِ العَسِرُ
والعاملونَ عَلَى الأموال ما عَلِمُوا / مِنْ أيِّما جهة يأْتي وما شَعَرُوا
وما أُرَى بَيتَ مالِ المسلمينَ دَرَى / مِنْ أَيْنَ تأتي لهُ الأكياسُ وَالبِدَرُ
هذا وما أحَدٌ كلَّفْتَهُ شَطَطاً / بمَا فَعَلْتَ كأنَّ الناسَ قد سُحِروا
بل زَادَهم فيكَ حُبّاً ما فَعَلْتَ بهِم / مِنَ الجَمِيلِ وَذَنْبُ الحُبِّ مُغْتَفَرُ
فإنْ شَكَوْا بِغْضَةً مِمَّنْ مَضَى سَلَفَتْ / فما لِقَلْبٍ عَلَى البَغْضَاءِ مُصْطَبَرُ
فالصَّبْرُ مِنْ يَدِ مَنْ أَحْبَبْتَهُ عَسَلٌ / وَالشَّهْدُ مِنْ يَدِ مَنْ أَبْغَضْتَهُ صَبرُ
لقدْ جُبِلْتَ بمَكْروهٍ عَلَى أَحَدٍ / حُكْماً يُخَالِفُهُ نَصٌّ وَلا خَبرُ
رُزِقْتَ ذُرِّيَّةً ضاهَتْكَ طَيِّبَةً / مِنْ طِينَةٍ غارَ منها العَنْبَرُ العَطِرُ
فليَنهِكَ اليومَ منها الفضلُ حين غَدا / دينُ الإلهِ بِسَيْفِ الدِّينِ مُنْتَصِرُ
عَلَى صفاتِكَ دَلَّتْنا نَجَابَتُهُ / وَبانَ مِنْ أَيْنَ ماءُ الوَرْدِ يُعْتَصَرُ
مِيزانُهُ في التُّقَى مِيزَانُ مَعْدَلَةٍ / وَحِكْمَةٍ لا صَغىً فيها وَلا صِغرُ
مَشَى صِرَاطاً سَوِيَّاً مِنْ دِيَانَتِهِ / فما يَزالُ بِأمْرِ اللَّهِ يَأْتَمِرُ
تُرْضِيكَ في اللَّهِ أَعْمالٌ وَتُغْضِبُهُ / وَمَا بَدا لِيَ أَمْرٌ مِنْكُمَا نُكرُ
قالت ليَ النّاسُ ماذَا الخُلْفُ قلتُ لهمْ / كما تَخَالَفَ موسى قَبْلُ والخَضِرُ
أما عَصَى أَمْرَ عِنْدَ سَفْكِ دَمٍ / ما في شَرِيعَةِ موسى أنَّه هَدَرُ
وقد تعاطى ابنُ عَفَّانٍ لأُسرَتِهِ / وما تعاطَى أبو بَكْرٍ ولا عُمَرُ
ولَنْ يضِيرَ أُولي التَّقْوَى اختلافُهُم / وهم على فِطْرَةِ الإسلامِ قد فُطِرُوا
مُشَمِّرٌ في مَراعِي اللَّهِ مجتَهِدٌ / وبالعَفافِ وَتَقْوَى اللَّهِ مُؤتَزِرُ
زانَ اللَّياليَ وَالأَيّامَ إذْ بَقِيَتْ / كأنّها غُرَرٌ في إثْرِها طُرَرُ
وَقَعتُ بَينَ يَدَيْهِ مِنْ مَهابَتِهِ / وقالتِ الناسُ مَيْتٌ مَسَّهُ كِبَرُ
وَقَصَّرَتْ كلماتي عَنْ مَدَائِحهِ / وقد أتيتُ مِنَ الحالَيْنِ أعتَذِرُ
فاقبَل بِفَضْلِكَ مَدْحاً قد أَتَاكَ به / شيخٌ ضَعِيفٌ إلى تَقْصِيرِهِ قِصَرُ
فما عَلَى القَوْسِ مِنْ عَيْبٍ تُعَابُ به / إنِ انْحَنَتْ وَاستقامَ السَّهْمُ والوتَرُ
وَالْبَسْ ثَنَاءً أَجَادَتْ نَسْجَهُ فِكَرٌ / يَغَارُ في الحُسْنِ منه الوشْيُ والحِبَرُ
مِنْ شاعرٍ صادِقٍ ما شانهُ كَذبٌ / فيما يقولُ وَلا عِيٌّ وَلا حَصَرُ
يَهِيمُ في كلِّ وَادٍ منْ مدائِحِهِ / عَلَى معانٍ أَضَلَّتْ حُسْنَها الفِكَرُ
لا يَنْظِمُ الشِّعْرَ إِلَّا في المَديحِ وَما / غيرُ المديحِ لُهُ سُؤْلٌ وَلا وَطَرُ
ما شاقَهُ لِغَزالٍ في الظّبا غَزَلٌ / وَلا لِغانِيَةٍ في طَرفِها حَوَرُ
مَديحُهُ فيكَ حرٌّ لَيسَ يَملِكُهُ / منَ الجَوائِزِ أثَمَانٌ وَلا أُجرُ
إنَّ الأَديبَ إذا أهْدَى كَرَائِمَهُ / فَقَصْدُهُ شَرَفُ الأنسابِ لا المَهرُ
تبّاً لِقَوْمٍ قدِ اسْتَغْنَوا بِما نَظَموا / مِنِ امْتِدَاحِ بَني الدُّنْيا وَما نَثَرُوا
فَلَوْ قَفَوْتُ بأَخْذِ المالِ إثرَهم / لَعَوَّقَتْني القَوافِي فيكَ والفِقَرُ
خَيْرٌ مِنَ المال عِنْدِي مَدْحُ ذِي كَرَمٍ / ذِكْرِي بِمَدْحِي لهُ في الأرضِ يَنْتَشِرُ
فالصُّفْرُ مِنْ ذَهَبٍ عِنْدِي وإنْ صفِرَتْ / يَدِي وَإنْ غَنِيَتْ سِيَّان والصُّفُرُ
بَقِيتَ ما شِئْتَ فيما شِئْتَ مِنْ رُتَبٍ / عَلِيَّةٍ عُمُرُ الدُّنيا بِها عَمِرُوا
وَبَلَّغَتْكَ اللّيالِي ما تُؤَمِّلُهُ / وَلا تَعَدَّتْ إلَى أَيَّامِكَ الغِيَرُ
وَقد دَعَتْ لكَ منِّي كُلُّ جَارِحَةٍ / وبالإِجابَةِ فَضْلُ اللَّهِ يُنْتَظَرُ
جِوَارُكَ منْ جَوْرِ الزَّمَانِ يُجِيرُ
جِوَارُكَ منْ جَوْرِ الزَّمَانِ يُجِيرُ / وَبِشْرُكَ لِلرَّاجِي نَداكَ بَشِيرُ
فَضَلْتَ بَنِي الدُّنيا فَفَضلُكَ أَوَّلُ / وَأَوَّلُ فضلِ الأَوَّلِينَ أخِيرُ
وَأنتَ هُمَامٌ دَبَّرَ المُلْكَ رَأْيُهُ / خَبِيرٌ بِأحْوَالِ الزَّمَانِ بَصِيرُ
إذَا المَلِكُ المَنْصُورُ حَاوَلَ نَصْرَهَ / كَفَى المَلِكَ المَنْصُورَ منك نَصِيرُ
فلا تُنسِهِ الأَيَّامُ ذِكْرَكَ إنَّهُ / به فَرِحٌ بينَ الملوكِ فخُورُ
إذا مَرَّ في أَرْضٍ بِجَيْشٍ عَرَمْرَم / تكادُ لهُ أُمُّ النُّجُومِ تَمُورُ
وَتَحْسِبُهُ قد سارَ يَرْمِي بُرُوجَهَا / بِخَيْلٍ عليها كالبروجِ يُغيرُ
وَما قَلْبُها مِمَّا يَقَرُّ خُفُوقُهُ / وَلا طَرْفُها حتى يعودَ قَرِيرُ
سواءٌ عليه خَيْلُهُ وَرِكابُهُ / وَسَرْجٌ إذا جابَ الفَلاةَ وَكُورُ
لقد جَهِلَتْ دَاوِيَّةُ الكُفْرِ بَأسَهُ / وَغَرَّهُم بالمسلمينَ غَرورُ
فلا بُورِكُوا مِنْ إِخْوَةٍ إنَّ أُمَّهُمْ / وَإنْ كَثُرَتْ منها البَنُونَ نَزُورُ
فَإنْ غَلُظَتْ مِنْهُمْ رِقَابٌ لِبُعْدِهِ / فَما انْحَطَّ عَنْها لِلْمَذَلَّةِ نِيرُ
أَلَمْ تَعْلَمُوا أنَّا نُواصِلُ إنْ جَفَوا / وَأنَّا على بعد المزار نَزُورُ
يَظُنُّونَ خَيْلَ المُسلمينَ يَصُدُّها / عَنِ العَدْوِ في أرضِ العَدُوِّ دُحُورُ
أما زُلْزِلَتْ بالعادياتِ وَجاءها / مِنَ التُّرْكِ جَمٌّ لا يُعَدُّ غَفِيرُ
أتَوْا بِطِمرَّاتٍ مِنَ الجُرْدِ سُيِّرَتْ / وَرَجْلٍ لهُمْ مِثْلُ الجَرادِ طُمُورُ
فَلَمْ يَرْقُبوا مِنْ صَرْحٍ هامانَ مَرْقَباً / بهامَتِهِ بَرْدُ السَّحابِ بَكُورُ
وصُبَّ عليهم عارضٌ مِنْ حِجَارةٍ / ونَبْلٍ وكُلٌّ بالعَذابِ مَطِيرُ
وسامُوهُ خَسْفاً مِنْ ثُقُوبٍ كأنَّها / أثافٍ لها تلْكَ البُرُوجُ قُدُورٌ
فَذاَقُوا به مُرَّ الحِصَارِ فأصْبَحُوا / لهم ذلك الحِصْنُ الحَصِينُ حَصِيرُ
يَصِيحونَ أعلى السُّورِ خوْفاً كصافِنٍ / نَفَى عنه نَوْمَ المُقْلَتَيْنِ صَفِيرُ
وماذا يَرُدُّ السُّورُ عنهم وخلفَهُ / مِنَ الخَيْلِ سُورٌ والصَّوارِمِ سُورُ
فلما أحَسُّوا بَأْسَ أغْلَبَ هِمَّةً / غَدُوٌّ إليهم بالرَّدَى وبَكُورُ
دعَوْهُ وشمْلُ النَّصْرِ منهم مُمَزَّقٌ / أماناً وجلْبابُ الحياةِ بَقِيرُ
أعارَهُمُ افْرَنْسِيسُ تِلْكَ وَسِيلَةً / رأى مُسْتَعيراً غِبَّها وسَعيرُ
فَدَى نفسَهُ بالمالِ والآلِ وَانثَنَى / تَطِيرُ به مِنْ حيثُ جاءَ طُيُورُ
فلا تَذْكُرُوا ما كانَ بالأمْسِ منهمُ / فذاكَ لأَحْقادِ السُّيُوفِ مُثِيرُ
فلو شاءَ سُلْطَانُ البَسِيطَةِ ساقَهُمْ / لِمِصْرٍ وتَحْتَ الفارِسَيْنِ بَعِيرُ
تُبَشّرُ مِصْر دائماً بِقُدُومِهِمْ / إذا فَصَلَتْ منهم لِغزَّة عِيرُ
تَسُرُّهُمْ عند القُفولِ بِضاعَة / وَتَحْفَظُ منهمْ إِخْوَةً وَتَمِيرُ
ولو شاءَ مَدَّ النِّيلَ سَيْلُ دمائِهِمْ / وَزَفَّتْ نُحُورٌ ماءَهُ وسُحُورُ
بِعِيدٍ كَعِيدِ النَّحْرِ يا حُسْنَ ما يُرَى / به مِنْ عُلوجٍ كالعُجُولِ جَزُورُ
وَلكنَّه مِنْ حِلمِهِ وَاقتِدَارِهِ / عَفُوٌّ عَنِ الذَّنْبِ العظيم غفورُ
وَلَمْ يُبْقِهِمْ إِلَّا خَمِيراً لِمِثْلِها / مَلِيكٌ يَجُبُّ الرَّأْيَ وَهْوَ خَبِيرُ
يَرَى الرَّأْيَ مُزَّ الرَّاحِ يهْوَى عَتيقهُ / وَيَكْرَهُ منه الحُلْوُ وَهْوَ عَصِيرُ
فَوَلَّوْا وَسوءُ الظَّنِّ يَلْوِي وُجُوهَهُمْ / فَتَحْسِبُها صُوراً وما هِيَ صُورُ
وقد شَغَرَتْ مِنهمْ حُصونٌ أَواهِلٌ / وما راعها مِنْ قبل ذاك شُغُورُ
فللَّهِ سلطانُ البسيطَةِ إنَّهُ / مَليكٌ يَسِيرُ النَّصْرُ حيثُ يسيرُ
ويُغْمِدُ في هامِ الملوكِ حُسامَهُ / ويَرْهَبُ منْ هامِ المُلوكِ غَفيرُ
ويَجْمَعُ مِنْ أَشْلائِهِمْ مُتَفَرِّقاً / بِصارِمهِ جَمْعَ الهَشِيم حَظيرُ
فَأَخْلِقْ بأنْ يَبْقَى وَيَبْقَى لِمُلْكِهِ / ثَناءٌ حَكاهُ عَنْبَرٌ وعَبيرُ
وتأتيه خَيْلُ اللَّهِ من كَلِّ وِجْهَةٍ / يُؤَيَّدُ منها بالنفيرِ نفيرُ
وَيَحْمِلَ كَلَّ المُلْكِ عنه وإصْرَهُ / حَرِيٌّ بِتَدْبيرِ الأُمورِ جَدِيرُ
أَخُو عَزَماتٍ فالبَعِيدُ منَ العُلا / لَدَيْهِ قرِيبٌ والعسيرُ يَسيرُ
تَكادُ إذا ما أُبْرِمَت عَزَماتُهُ / لها الأرضُ تُطْوَى وَالجِبالُ تَسيرُ
دَعَانِي إلَى مَغْنَاهُ داعٍ وَليسَ لِي / جَنانٌ عَلَى ذاكَ الجَنابِ جَسورُ
فقلتُ له دَعْنِي وَسَيْرِي لِماجِدٍ / لَهُ اللَّهُ في كُلِّ الأُمورِ يُجِيرُ
إذا جِئْتُهُ وَحْدِي يقُومُ بِنُصْرَتي / قبائلُ مِنْ إقبالِهِ وعَشيرُ
فَتىً أَبْدَتِ الدُّنيا عواقِبَها لَهُ / وَأَفْضَتْ بما فيها لَدَيْهِ صُدُورُ
فَغَفْلَتُهُ مِنْ شدَّةِ الحَزْمِ يَقْظَةٌ / وَغَيْبَتُهُ عَمَّا يُريدُ حُضورُ
وما كلُّ فضلٍ فيه إِلَّا سَجِيَّةٌ / يُشاركُ فيها ظاهرٌ وضميرُ
فليس له عندَ النَّزالِ مُحَرِّضٌ / وليس له عند النَّوالِ سفيرُ
هُوَ السَّيْفُ فاحذرْ صَفْحَةً لِغِرَارِهِ / فَبَيْنَهُما لِلَّامِسِينَ غُرورُ
مَهيبٌ وَهوبٌ لِلْمُحاوِلِ جُودَهُ / جَوادٌ ولِلَّيثِ الهَصُورِ هَصُورُ
إشاراتُهُ فيما يَرومُ صَوارمٌ / وساعاتُهُ عما يَسَعْنَ دُهُورُ
إذا هَجرَ الناسُ الهجيرَ لكَرْبِهِمْ / يَلَذُّ لهُ أَنَّ الزَّمانَ هَجيرُ
وَهلْ يَتَّقِي حَرَّ الزَّمانِ ابنُ غادَةٍ / جَليلٌ عَلَى حَرِّ الزَّمانِ صَبُورُ
يُحاذِرُهُ المَوْتُ الزُّؤَامُ إذا سطا / ولكنه مِنْ أنْ يُلامَ حَذُورُ
وتَسْتَهْوِنُ الأهوالَ في المَجْدِ نَفْسُهُ / وَتَسْتَحْقِرُ المَوْهُوبَ وهْوَ خَطيرُ
مَكَارِمُهُ لَمْ تُبْقِ فَقْراً ورَأْيُهُ / إلى بعضِه أغنَى الملوكِ فقيرُ
كَفَتْهُ سُطاهُ أَنْ يُجَهِّزَ عَسْكَراً / وآراؤُهُ أَنْ يُسْتَشارَ وَزِيرُ
فواطَنَ أَطْرافَ البَسِيطَةِ ذِكْرُهُ / وصِينَتْ حُصُونٌ باسمِهِ وثُغُورُ
مُحَيَّاهُ طَلْقٌ باسِمٌ رَوْضُ كَفِّهِ / أرِيضٌ وَماءُ البِشْرِ منه نمِيرُ
حَكَى البحرَ وصْفاً مِنْ طهارَةِ كَفِّهِ / فقيل لهُ مِنْ أَجْلِ ذاك طَهُورُ
وَما هُوَ إِلَّا كِيمياءُ سعادةٍ / وَوَصْفِي لتلكَ الكِيمياء شُذُورُ
بها قامَ شِعْرِي لِلْخَلاصِ فما أَرَى / لِشِعْرِي امْتِحانَ الناقِدِينَ نَصيرُ
وَرُبَّ أَدِيبٍ ذِي لِسانٍ كَمِبْرَدٍ / بَدَا مِنْ فَمٍ كالكِيرِ أَوْ هُوَ كِيرُ
أَرادَ امْتحاناً لِي فَزَيَّفَ لَفْظَهُ / نَتانٌ بَدَا مِنْ نَظْمِهِ وخَرِيرُ
إذَا ما رَآني عَافَنِي وَاسْتَقَلَّنِي / كأنِّيَ في قَعْرِ الزُّجَاجَةِ سُورُ
وَيُعْجِبُهُ أَنّي نَحِيفٌ وأَنّه / سَمِينٌ يَسُرُّ الناظِرينَ طَرِيرُ
وَلَمْ يَدرِ أَنَّ الدُّرَّ يَصْغُرُ جِرْمُهُ / وَمقدارُهُ عند الملوكِ خطيرُ
فقامَ بِنَصْرِي دونَهُ ذَو نَباهَةٍ / حَلِيمٌ إذا خَفَّ الحَلِيمُ وَقُورُ
وَلا جَوْرَ في أحْكَامِهِ غَيْرَ أَنه / عَلَى الخائِنِينَ الجَائرِينَ يَجُورُ
فلا تنْظُرِ العُمَّالُ لِلْمالِ إنَّهُ / عَلَى بَيْتِ مالِ المُسْلِمينَ غَيُورُ
وأنَّ عَذابَ المُجْرِمِينَ بِعَدْلِهِ / طويلٌ وعُمْر الخائِنِينَ قَصِيرُ
له قَلَمٌ بالبأْس يَجْرِي وَبالنَّدَى / فَفِي جانِبَيْهِ جَنَّةٌ وَسَعِيرُ
تُحَلِّي الطَّرُوسَ العاطِلات سطورُها / كما تَتحلَّى بالعُقُودِ نُحُورُ
أُجَلّي لِحَاظِي في خمائِلِ حُسْنِهِ / فَمِنْ حَيْرَةٍ لَمْ تَدْرِ كيفَ تَحُورُ
عَلا بعضُهُ في القَدْرِ بعضاً كما علا / مَعَ الحُسْنِ زَهْرٌ في الرِّياضِ نَضِيرُ
حَكَى حَسَناتٍ في صحائِفِ مُؤْمِنٍ / يُسَرُّ كَبِيريٌّ بها وَصَغِيرُ
فكانتْ شُكُولاً منه زانَتْ حروفُهُ / حِساباً قَلَتْ منه الصِّحاحَ كُسورُ
فقلتُ وَقد راعَتْ بِفَصْلِ خِطَابِهِ / وراقَتْ عُيُونَ الناظِرِينَ سُطُورُ
لَئِن جاءَهُم كَالغيثِ مِنهُ مُبَشِّراً / فَقَد جاءَهُم كَالموتِ مِنهُ نَذيرُ
فوَيْلٌ لِقَوْمٍ مِنْ يَراعٍ كأنّه / خِلالٌ يَرُوعُ الأُسْدَ منه صَرِيرُ
وَلِمْ لا وَآسادُ العرِينِ لِداتُهُ / يَكُونُ له مثلُ الأسودِ زَئيرُ
يَغُضُّ لَدَيْهِ مُقْلَتَيْهِ ابنُ مُقْلَةٍ / كما غضَّ مَنْ فِي مُقْلَتَيْهِ بُثُورُ
وَأَنَّى لُهُ لو نالَهُ مِنْ تُرابِهِ / ليَكْحَلَ منه مُقْلَتَيْهِ ذَرُورُ
وَقد كَفَّ عنْ كوفِيَّةٍ كَفَّ عاجِزٍ / وفيه نَظِيمٌ دُرُّهُ ونَثِيرُ
وَوَدَّ العَذارَى لوْ يُعَجِّلُ نِحْلةً / إليهنَّ مِنْ تلكَ الحُروفِ مُهُورُ
رَأَى ما يَرُوقُ الطَّرْفَ بلْ ما يَرُوعُهُ / فَخَارَ وَذُو القَلْبِ الضعيفِ يَخُورُ
بَنى ما بَنَى كِسْرَى وعادٌ وَتُبَّعٌ / وليسَ سواءً مُؤْمِنٌ وَكَفُورُ
ودَلَّ على تَقْوَى الإلهِ أَساسُهُ / كما دَلَّ بالوادي المُقَدَّسِ طُورُ
حِجازِيَّةُ السُّحْبِ الثِّقالِ يَسُوقُها / عَلَى عَجَلٍ سَوْقاً صَباً وَدَبُورُ
ومنها نُجومٌ في بُروجِ مَجَرَّةٍ / عَلَى الأرضِ تَبْدُو تارَةً وتَغُورُ
تَضِيقُ بها السُّبلُ الفِجَاجُ فلا يُرَى / بها للرِّياحِ العاصفاتِ مَسيرُ
فكَمْ صَخْرَةٍ عاديَّةٍ قَذَفَتْ بها / إليه سُهُولٌ جَمَّةٌ وَوُعُورُ
وَمنْ عُمُدٍ في هِمَّةِ الدَّهرِ قُوَّةٌ / وَفي باعِهِ مِنْ طُولِهنَّ قُصُورُ
أَشارَ لها فانْقادَ سَهْلاً عَسِيرُها / إليه وَما أَمْرٌ عليه عسيرُ
أَتَتْهُ بِها أَنْدَى الرِّياحِ وَدونَ مَا / أَتَتْهُ بها أَنْدَى الرِّياحِ ثَبِيرُ
وما كانَ لَولا ما لَهُ مِنْ كَرَامَةٍ / لِيَأْتِينَا بالمُعْجِزاتِ أَميرُ
لِما فيه مِنْ تَقْوَى وَعِلْمٍ وَحِكْمَةٍ / بِحُرِّ مَبَانِيهِ الثَّلاثُ تُشِيرُ
فَمِئْذَنَةٌ في الجوِّ تُشْرِقَ في الدُّجَى / عليها هُدىً لِلْعَالمينَ وَنُورُ
وَمِنْ حَيْثُمَا وَجَّهْتَ وَجْهَكَ نَحْوَها / تَلَقَّتْكَ مِنها نَضْرَةٌ وسُرُورُ
يَمُدُّ إليها الحاسدُ الطَّرْفَ حَسْرَةً / فَيَرْجِعُ عنها الطَّرْفُ وهْوَ حَسيرُ
فكَمْ حَسَدَتْها في العُلُوِّ كواكبٌ / وغارَتْ عليها في الكمالِ بُدُورُ
إذا قامَ يَدْعُو اللَّه فيها مُؤَذِّنٌ / فما هُوَ إِلَّا للنُّجومِ سَمِيرُ
فللنَّاسِ مِنْ تذكارِهِ وأذانِهِ / فَطُورٌ عَلَى رَجْعِ الصَّدَى وَسَحُورُ
وقُبَّةُ مارستانَ ليسَ لِعِلَّةٍ / عليه وإن طالَ الزَّمانَ مُرُورُ
صَحِيحُ هَواءٍ للنُّفوسِ بِنَشْرِهِ / مَعادٌ وَلِلعَظْمِ الرَّمِيمِ نُشُورُ
يَهُبُّ فَيَهْدِي كلَّ رُوحٍ بِجِسْمِهِ / كأنَّ صَباهُ حِينَ يَنْفُخُ صُورُ
فَلَو تَعْلَمُ الأجسامُ أن تُرابَهُ / مِهادُ حَياةٍ لِلْجُسومِ وَثيرُ
لَسَارَتْ بِمَرْضاها إليهِ أسِرَّة / وصارتْ بموْتاها إليهِ قُبُورُ
وما عادَ يُبلِي بعدَ ذلك مَيِّتاً / ضَرِيحٌ وَلا يَشْكُو المَرِيضَ سَرِيرُ
بِجَنَّتِهِ وُرْقٌ تُراسِلُ ماءَهُ / يَشُوقُ هَدِيلٌ منهما وَهَدِيرُ
وَقد وَصَفَتْ لِي الناس منها عَجائِباً / كأَوْجُهِ غِيدٍ ما لَهُنَّ سُفُورُ
محاسِنها اسْتَدْعَتْ نَسِيبِي ومَا دَعَا / نَسِيبِي غزالٌ قبلَ ذاك غرِيرُ
وباتَ بها قَلْبي يُمَثِّلُ حُسْنَها / لِعَيْنِي وَنَوْمِي بالسُّهادِ غَزِيرُ
وَلا وَصْفَ إِلَّا أنْ يَكُونَ لِواصِفٍ / وُرُودٌ عَلَى مَوْصُوفِهِ وصُدُورُ
بَدَتْ فَهْيَ عندَ الصَّالِحِيَّةِ جِلَّقٌ / وفي تلْكَ جَنَّاتٌ وتلكَ قُبُورُ
وَلَو فَتَحَت أَبْوابَها لَتَبَادَرَتْ / مِنَ الدُّرِّ وِلدانٌ إلَيْهِ وحُورُ
ومَدْرَسَةٌ وَدَّ الخَورْنَقُ أَنّه / لَدَيْهَا حَظِيرٌ والسَّدِيرُ غَدِيرُ
مَدِينَةُ عِلمٍ وَالمَدَارِسُ حَوْلَها / قُرىً أَوْ نُجُومٌ بَدْرُهُنَّ مُنِيرُ
تَبَدَّتْ فأَخْفَى الظَّاهِرِيَّةَ نُورُها / وليسَ بِظُهْرٍ للنُّجُومِ ظُهورُ
بِناءٌ كَأنَّ النَّحلَ هَندَسَ شَكلَهُ / وَلانَت لَهُ كَالشَّمعِ مِنهُ صُخورُ
بَناها حَكِيمٌ لَيْسَ في عَزَماتِهِ / فتُورٌ وَلا فيما بناه فُتُورُ
بَناها شَدِيدُ البَأْسِ أَوْحَدُ عَصْرِهِ / خَلَتْ حِقَبٌ مِنْ مِثْلِهِ وعُصُورُ
فما صَنَعَتْ عادٌ مَصانِعَ مِثلَهُ / وَلا طاوَلَتْهُ في البِناءِ قُصُورُ
ثَمَانِيَةٌ في الجَوِّ يَحْمِلُ عَرْشَها / وبعضٌ لبعضٍ في البناءِ ظَهيرُ
يَرَى مَنْ يَراها أَنَّ رافِعَ سَمْكهَا / عَلَى فِعْلِ ما أعْيا المُلوكَ قَدِيرُ
وَأَنَّ مَناراً قائماً بإزائها / بَنانٌ إلى فضلِ الأَمِيرِ تشيرُ
كَأَنَّ مَنارَ اسْكَنْدَرِيَّةَ عنده / نَواةٌ بَدَتْ والبابُ فيهِ نَقِيرُ
بناها سعيدٌ في بِقاعٍ سعيدَةٍ / بها سَعِدَتْ قَبْلَ المَدَارِسِ دُورُ
إذا قامَ يَدْعو اللَّهَ فيها مُؤَذِّنٌ / فما هُوَ إِلَّا للنُّجُومِ سَمِيرُ
فصارتْ بُيوتُ اللَّهِ آخِرَ عُمْرِهَا / قُصُورٌ خَبَتْ مِنْ سادةٍ وخُدُورُ
ذَكَرْنا لَدَيْهَا قُبَّةَ النَّسْرِ مَرَّةً / فما كادَ نَسْرٌ لِلْحَياءِ يَطِيرُ
فإنْ نُسِبَتْ لِلنَّسرِ فالطائرُ الَّذي / لَهُ في البُروجِ الثَّابِتاتِ وُكُورُ
وإِلَّا فَكَمْ في الأرضِ قد مالَ دونَها / إلى الأرضِ عِقْبَانٌ هَوَتْ ونُسُورُ
تَبيَّنتُ في مِحرابِها وَهْيَ كالدُّمَى / قُدُودَ غَوانٍ كُلُّهُنَّ خُصُورُ
وقد حُلِّيَتْ منها صُدُورٌ بِعَسْجَدٍ / وَلُفَّتْ لَها تَحْتَ الحُلِيِّ شُعُورُ
بها عُمُدٌ كاثَرْنَ أيَّامَ عامِها / وَمِنْ عامِها لَمْ يَمْضِ بعدُ شُهُورُ
مَبانٍ أبانَتْ عَنْ كمالِ بِنائِها / وأَعْرَبَ عَنْ وَضْعِ الأَساسِ هَتُورُ
سَمَاوِيَّةٌ أَرْجَاؤُها فكأَنَّها / عليها من الوَشْيِ البَديعِ سُتُورُ
تَوَهَّمَ طَرْفِي أَنَّ تَجْزِيعَ بُسْطِها / رُقُومٌ وَتَلْوِينَ الرُّخامِ حَريرُ
وكم جَاوَزَ الإِبْدَاعُ في الحُسْنِ حَدَّهُ / فَأَوْهَمَنا أَنَّ الحَقيقَةَ زُورُ
فَللَّهِ يَوْمٌ ضَمَّ فيه أَئمَّةً / تَدَفَّقَ منهم لِلعلومِ بُحورُ
وشمسُ المَعالي مِنْ كِتابٍ وسُنَّةٍ / عَلَى النَّاسِ مِنْ لَفْظِ الكلامِ تُديرُ
وقد أَعْرَبَتْ للنّاسِ عَنْ خَيْرِ مَوْلِدٍ / عَرُوبٌ به والفضلُ فيه كثيرُ
فأَكْرِمْ بِيَوْمٍ فيه أَكْرَمُ مَوْلِدٍ / لأَكْرَمِ مَوْلُودٍ نَمَتْهُ حُجُورُ
يُطالِعُهُ للمسلمينَ مَسَرَّةٌ / ولكِنْ به للكافِرينَ ثُبورُ
قَرَأْنا بها القرآنَ غيرَ مُبَدَّلٍ / فغارَتْ أناجيلٌ وغارَ زَبُورُ
وَثَنَّتْ بأخبارِ النبيِّ رُواتها / وكلّ بأخْبَارِ النبيِّ خَبِيرُ
وثَلَّثَ يدعو اللَّهَ فيها مُوَحِّدٌ / ذَكُورٌ لِنَعْمَاءِ الإِلهِ شَكُورُ
وما تلكَ للسلطانِ إِلَّا سعادَةٌ / يَدُومُ لهُ ذِكْرٌ بها وأُجُورُ
دَعاها إليه وافِرُ الرَّأْي والحِجَا / يَزِينُ الحِجَى والرَّأْيُ منهُ وَقُورُ
فَهَلْ في مُلوكِ الأرضِ أَوْ خُلفائها / لهُ في الّذِي شادتْ يَداهُ نَظِيرُ
عَلَى أَنَّهم في جَنْبِ ما شادَ مِنْ عُلاً / ولو كانَ كالسَّبْعِ الطِّباقِ حَصيرُ
ذُو يَراعٍ يَرُوعُ كَالسَّيْفِ إمَّا
ذُو يَراعٍ يَرُوعُ كَالسَّيْفِ إمَّا / بصَليلٍ عِداهُ أَوْ بِصَرِيرِ
ما رَأَى الناسُ قَبْلَهُ مِنْ يَراعٍ / لِوَزِيرٍ صَريرُهُ كالزَّئيرِ
فإذا سَطَّرَ الكتابَ أَرانا / بَحْرَ فضلٍ أمواجُهُ مِنْ سُطورِ
وإذا استخرجوهُ يَسْتَخْرجُ الدُّر / رَ نَفِيساً مِنْ بَحْرِهِ المَسْجورِ
نَظَرَتْ مُقْلَتِي إليهِ كأنّي / ناظِرٌ في بَدِيعِ زَهْرٍ نَضِيرِ
ثم شَرَّفْتُ مسْمَعِي بِتُؤَامٍ / وَفُرادَى مِنْ دُرِّهِ المَنثُورِ
لا تُطاوِلْهُ في الفخارِ فما غا / دَرَ في الفَخْرِ مُرْتَقَىً لِفَخُورِ
ذِكْرُهُ لَذَّةُ المَسامِعِ فاسْتَمْ / تِع به مِنْ لِسانِ كلِّ ذَكُورِ
ثَمَّ مَعْنىً وصورَةً فَهْوَ في الحا / لَيْنِ مِلْءُ العُيونِ مِلءُ الصُّدورِ
زُرْتُ أَبْوَابَهُ التي أَسْعَدَ الل / هُ بها كلَّ زائرٍ ومَزُورِ
كلُّ مَنْ زارَها يَعُودُ كما عُدْ / تُ بِفَضْلٍ مِنها وَأَجْرٍ كثيرِ
وَكَفانيَ سَعْيِي إليها لأُهْدَى / مِنه بالرُّشْدِ في جميع الأُمورِ
إنَّ مَنْ دَبَّرَ المَمالِكَ لا يَعْ / زُبُ عَنْ حُسْنِ رَأْيهِ تَدْبيرِي
كانَ رِزْقِي مِنْ جَدِّهِ وأبيه / أَيَّ رِزْقٍ مُيَسَّرٍ مَوْفورِ
وَإذا كانَ مِثْلُ ذَاك على الوا / رِثِ إنيَ عَبْدٌ لِعَبْدِ الشَّكُورِ
فارِسِ الخَيلِ العالِمِ العامِلِ ال / حبرِ الهمامِ الحُلاحِلِ النِّحْرِيرِ
لَمْ يَزَلْ مِنْ عُلومِهِ وَتُقاهُ / بين تاجٍ مِنْ سُؤدُدٍ وسَريرِ
أبَداً بِالصَّوابِ يَنْظُرُ في المل / كِ وَفي بَيتِ مالِهِ المَعْمُورِ
فَغَدا الجُنْدُ والرَّعِيَّةُ والما / لُ بخيرٍ مِنْ سَعْيهِ المَشْكُورِ
فأقَلَّ الأجنادِ في مصرَ يُزْرِي / مِنْ بِلادِ العِدا بأَوْفَى أمِيرِ
قُلْ لِمَنْ خابَ قَصْدُهُ في جميعِ ال / نَاسِ مِنْ آمِرٍ وَمِنْ مَأْمُورِ
يَمِّمِ الصاحِبَ الذِي يُتَرَجَّى / فَتْحُ ثَغْرٍ بهِ وسَدُّ ثُغُورِ
وَبَعِيدُ الأُمورِ مِثْلُ قَرِيبٍ / عندهُ وَالعسيرُ مِثْلُ يَسيرِ
آه مِمَّا لَقِيتُ مِنْ غَيْبَتِي عَن / هُ ومِنْ نِسْبَتِي إِلى التَّقْصِيرِ
كَثُرَ الشَّاهِدُونَ لِي أَنَّني مت / تُ وفي البُعدِ عنه قَلَّ عَذِيرِي
مَنْ لِشَيْخٍ ذِي عِلَّةٍ وعِيالٍ / ثَقَّلَتْ ظَهْرَهُ بِغَيرِ ظَهيرِ
أَثْقَلُوهُ وَكَلَّفوهُ مَسيراً / ومِنَ المُسْتَحيلِ سَيْرُ ثَبيرُ
فَهْوَ في قيدِهِمْ يُذادُ مِنَ السع / يِ لِتحصيلِ قُوتِهِمْ كالأَسيرِ
وعَتَتْ أُمُّهُمْ عليَّ وَلَجَّتْ / في عُتُوٍّ مِنْ كَبْرَتِي ونُفُورِ
وَدَعَتْ دونَهُمْ هَنالِكَ بِالوي / لِ لأَمْرٍ في نَفْسِها والثُّبورِ
حَسِبَتْ عِلَّتِي تَزُولُ فقالتْ / يا كَثِيرَ التَّهْوينِ وَالتَّهْوِيرِ
كُلُّ داءٍ لهُ دواءٌ فَعَجِّلْ / بَمُداوَاةِ داءِ عُضْوٍ خَطِيرِ
قُلْتُ مَهْلاً فما بِمِلحِ السَّقَنْقُو / رِ أُدَاوِي وَلا بِلَحْمِ الذُّرورِ
سَقَطَتْ قُوَّةُ المَرِيضِ التِي كا / نَتْ قديماً تُزادُ بالكافُورِ
وعَصانِي نَظْمُ القَرِيضِ الذي جَر / رَ ذُيُولاً عَلَى قَرِيضِ جَرِيرِ
وَازْدَرَتنِي بعضُ الوُلاةِ وقدْ أَص / بَحَ شِعْرِي فيهمْ كَخُبْزِ الشَّعِيرِ
وغَسَلْتُ الذي جَمَعْتُ مِنَ الشع / رِ بِفَيْضٍ عليه غسْلَ صُخورِ
ونَهَتْنِي عَنِ المَسِيرِ إليهمْ / شِدَّةُ البَأْسِ مِنْ سَخاً في مَسِيرِ
وَهَجَرْتُ الكِرامَ حتى شَكانِي / منهمُ كلُّ عاشِقٍ مَهْجورِ
وَكَزُغْبِ القَطا وَرائِي فِراخ / مِنْ إناثٍ أعُولُهُمْ وذُكُورِ
يَتَعاوَوْنَ كالذِّئَابِ وَيَنْقَض / ضونَ مِنْ فَرْطِ جُوعِهِمْ كالنُّسُورِ
وَفَتاةٍ ما جُهِّزَتْ بِجهازٍ / خُطِبَتْ للِدُّخولِ بعدَ شُهورِ
وَاقْتَضَتْنِي الشِّوارَ بَغْياً عَلَى مَنْ / بيتُهُ ليسَ فيهِ غير حَصِيرِ
هِذهِ السُّورَةُ التي أقْعَدَتْني / عنك آياتُها قُعُودَ حَسيرِ
أقْعَدَتْنِي بِقَريَةٍ أسْلَمَتْنِي / لِضَياعٍ مِنْ فاقَتِي وكُفُورِ
كلُّ يَوْمٍ مُنَغَّصٌ بٍطَعامٍ / أوْ رَفِيقٍ مُنَغِّصٍ بشُرُورِ
ورِفاقِي فِي خِدْمَةٍ طُولَ عُمْرِي / رِفْقَتي في الحِرانِ مثْلُ الحَميرِ
كلَّما رُمْتُ أُنْسَهُم ضَرَبُوا / مِنْ وَحْشَةٍ بينهُمْ وَبَيْنِي بِسُورِ
وأَبَوْا أنْ يُساعِدُونِي عَلَى قُو / تِ عِيالِي بُخْلاً بِكَيْلِ بَعِيرِ
فَسَيُغْنِيني الإلهِ عنهمِ بِجَدْوَى / خيْرِ مَولىً لَنا وخيرِ نَصِيرِ
صاحِبٌ يَبْلُغُ المُؤَمِّلُ منهُ / كلَّ ما رامَهُ بِغَيرِ سَفِيرِ
مِنْ أُناسٍ سادوا بَنِي الدِّينِ والدُّن / يا فما في الوَرَى لهُمْ مِنْ نَظِيرِ
سَرَّتِ الناظِرِينَ منهم وجوهٌ / وُصِفَتْ بالجَمالِ وَصْفَ البُدُورِ
وَرِثُوا الأرضَ مثلَ ما كَتَبَ الل / هُ تعالَى في الذِّكْرِ بعد الزَّبورِ
فَهُمُ القائمونَ في الزَّمَنِ الأو / وَلِ بالقِسْطِ وَالزَّمانِ الأخِيرِ
وَهُم المُؤْمِنُونَ والوارِثُوا الفِرْ / دوسِ والمُفْلِحُونَ في التفسيرِ
عَبَدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لهُ الدّي / نَ لِما في قلوبِهِمْ مِنْ نورِ
وأَحَبُّوا آلَ النبيِّ فكانوا / معهم في مَغِيبِهِمْ وَالحُضورِ
في مَقامٍ منَ الصَّلاحِ وَأمْنٍ / وَمقامٍ مِنَ النَّعِيمِ وَثيرِ
أَهْلُ بيتٍ مُطَهَّرينَ مِنَ الرِّجْ / سِ وَهُمْ أَغْنِيا عنِ التَّطْهِيرِ
حُجِبُوا بالأثاثِ عَنَّا وبالزي / يِ وأَخْفَوْا جَمَالَهمْ بالخُدُورِ
لَبِسُوا الزِّيَّ بالقلوبِ وَأَغْنَوْا / صِدْقَهُم عَنْ لِباسِ ثَوبَي زُورِ
وَأرَوْنا أهلَ التُّقَى في الزَّوايا / سَلَّمُوا في البَقا لأَهْلِ القُصُورِ
وأَتَوْا كلُّهُمْ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ / وأَتَى غيرُهمْ بِثَوْبٍ نَقيرِ
وحَكَتهُم ذُرِّيَّةٌ كالدَّرَارِي / مِنْ بُطُونٍ زَكِيَّةٍ وظُهورِ
يُطْعِمُونَ الطَّعامَ لا لِجَزاءٍ / يَتَرَجَّوْنَهُ وَلا لِشُكورِ
عَلِمَ اللَّهُ منهم ما جَهِلْنا / وَكَفَاهمْ شُكْرُ العليم الخَبِيرِ
ثَناؤُكَ مِنْ رَوْضِ الخَمائِلِ أَعْطَرُ
ثَناؤُكَ مِنْ رَوْضِ الخَمائِلِ أَعْطَرُ / وَوَجْهُكَ مِنْ شَمْسِ الأَصائِلِ أَنْوَرُ
وَسَعْيُكَ مَقْبُولٌ وَسَعْدُكَ مُقْبِلٌ / وَكُلُّ مَرامٍ رُمْتَ فَهْوَ مُيَسَّرُ
وَجَاءَكَ مَا تَخْتَارُ مِنْ كلِّ رِفْعَةٍ / كأنَّكَ في أَمْرِ المعالِي مُخَيَّرُ
وَقَدْرُكُ أَعْلَى أَنْ تُهَنَّى بِمَنْصِبٍ / وَأنتَ منَ الدُّنيا أَجَلُّ وَأَكْبَرُ
فيا لَكَ شَمْساً تَمْلأُ الأرضَ رَحْمَةً / وَيَمْلأُهَا شَوْقاً لهُ حِينَ يُذْكَرُ
لقدْ مُلِئَتْ حُبَّاً وَرُعْباً قلوبُنا / بهِ فَهْوَ بالأَمْرَينِ فيها مُصَوَّرُ
وَقد أَذْعَنَتْ منهُ الجوارحُ طاعةً / لهُ إنَّ سُلطانَ الجوارِحِ سُنْقُرُ
يَرُوعُ العِدا مِثْلَ البَغايا إماتَةً / إذَا راعَها مِنْ رُمْحِهِ اللَّدْنِ مَنْسِرُ
فيا أَيُّها الشمسُ الذي في صفاتِهِ / عُقُولُ الوَرَى مِنْ دَهْشَةٍ تَتَحَيَّرُ
تَعَلَّمَ منكَ الناسُ ما مُدِحُوا به / كَأَنَّكَ فِيهم لِلْفَضائِلِ عُنْصُرُ
وَأنتَ هُمامٌ قَدَّمَتْهُ ثَلاثَةٌ / لها المُنْتَهَى قَوْلٌ وَفِعْلٌ ومَنْظَرُ
مِنَ التُّرْكِ في أَخْلاقِهِ بَدَوِيَّةٌ / لها يَعْتَزِي زَيْدٌ وَعَمْرٌو وَعَنْتَرُ
وَكَمْ فِتْنَةٍ بَيْنَ العَشيرِ أَزالَها / وكانَ بها للناسِ بَعْثٌ وَمَحْشَرُ
فَأَخمَدَ مَا بَيْنَ الخَلِيلِ بِرَأْيِهِ / ونابُلُسَ النارَ التي تَتَسَعَّرُ
وَقَد زَبَرَتْ زَبْراً وقَبْضاً وحارِثاً / كِنانةُ مِثْلَ الكَرْمِ إبَّانَ يُزْبَرُ
وَقد أخرَبَت ما ليسَ يَعْمُرُ عامِرٌ / وقد قَتَلَتْ ما ليسَ يَقْبُرُ مَقْبَرُ
وَلوْلاهُ لم تُخْمَدْ مِنَ القَوْمِ فِتْنَةٌ / ولم يَنْعَقِد فيها عَلَى الصُّلحِ مشوَرُ
إذا مَا أرادَ اللَّهُ إِنْفَاذَ أَمْرِهِ / يُنطِّقُ ذا رَأْيٍ به وَيُبَصِّرُ
فإنْ فَوَّضَ السُّلْطانُ أَمْرَ بِلادِهِ / إليه فما خَلْقٌ بِهِ منه أَجْدَرُ
وَأَمْسِ رَأْى حالَ المَحَلَّةِ حائِلاً / وأَعْمالها وَالجَوْر يَنْهَى ويَأمرُ
فقالَ لأَهْلِ الرَّأْيِ مَنْ يُرْتَضَى لها / فقالوا لهُ اللَّيْثُ الهُمامُ الغَضَنْفَرُ
فما غيرَ شمسِ الدِّينِ يَحْمِي دِيارَها / سُطاهُ كما يَحْمِي العَرِينَةَ قَسْوَرُ
خبيرٌ بأَحوالِ الأَنامِ كَأَنَّهُ / بما في نُفُوسِ العالَمِينَ يُخَيَّرُ
وَلا ستْرَ ما بيْنَ الرَّعايا وبينَهُ / ولكنّهُ حلْماً عَلَى الناسِ يَسْتُرُ
فلما رَأَتْ أَهلُ المَحَلَّةِ قَدْرَهُ / يُعَزَّزُ ما بينَ الوَرَى ويُوَقَّرُ
تَنَاجَوْا وقالوا قامَ فينا خَلِيفَةٌ / وَلكنْ لهُ مِنْ صَبْوَةِ الظَّرْفِ مِنْبَرُ
هَلُمُّوا لهُ فَهْوَ الرَّشِيدُ بِرَأْيِهِ / وبينَ يَدَيْهِ جُودُ كَفَّيْهِ جَعْفَرُ
فَقُلْتُ لَهُمْ هذا رسولُ سِيادَةٍ / وصارِمُهُ للناسِ هادٍ وَمُنْذِرُ
فَقُلْ لِلرَّعايا لا تخافوا ظُلامَةً / وَلا تَحْزَنُوا منْ حُكمِ جَوْرٍ وأبْشِرُوا
فقدْ جاءكمْ والٍ بروقُ سُيوفِهِ / إذا لَمَعَتْ لم يبْقَ في الأرض مُنْكَرُ
فَتىً حَسُنَتْ أَخبارُهُ واختيارُهُ / وطابَ مَغِيبٌ مِنْ عُلاهُ وَمَحْضَرُ
عَجِبْتُ لهُ يُرضِي الرَّعايا اتِّضاعُهُ / وَيَعْظُمُ ما بَيْنَ الرَّعايا وَيَكْبُرُ
وَيَرْمِي العِدا مِنْ كَفِّهِ بِصَواعِقٍ / وَأَنْمُلُها أنهارُ جُودٍ تَحَدَّرُ
وَيَجْمَعُ شرَّ الماءِ والنارِ سيْفُهُ / وَفي العُودِ سِرُّ النارِ والعُودُ أَخْضَرُ
ويُجْرِي عَلَى وَفْقٍ المُرَادِ أُمُورَهُ / فَيَبْسُطُ فيها ما يشاء وَيَقْدُرُ
وَتَنْفَعِلُ الأَشياءُ مِنْ غَيْرِ فِكْرَةٍ / لهُ وقدِ اعْتاصَتْ عَلَى مَنْ يُفَكِّرُ
وَيَستَعظِمُ الظلمَ الحقيرَ فلو بَدا / كمِثْلِ القَذا في العَيْنِ أَوْ هُوَ أَحْقَرُ
فَطَهَّرَ وَجْهَ الأَرضِ مِنْ كلِّ فاسِدٍ / وما خِلْتُهُ مِنْ قَبْلِهِ يَتَطَهَّرُ
ومَهَّدَهُ للسَّالِكِينَ مِنَ الأَذَى / فليسَ به الأعمى إذا سارَ يَعْثُرُ
فَشَرِّق وغَرِّب في البِلادِ فكَمْ لَهُ / بها عابِرٌ يُثْنِي عليه ويَعْبُرُ
وما كلُّ والٍ مِثلُهُ فيه يَقْظَةٌ / ولا قَلْبُهُ باللَّهِ قَلْبٌ مُنَوَّرُ
أنامَ الرَّعايا في أمانٍ وطَرْفُهُ / لما فيه إِصْلاحُ الرَّعِيَّةِ يَسْهَرُ
فلا الخوْفُ مِنْ خَوْفٍ أَلمَّ بأَرْضِهِ / وَلا الشرُّ فيها بالخَواطِرِ يَخْطُرُ
أتى الناسَ مثلَ الغيثِ في أَرْضِ جُودِهِ / يُرَوِّضُ ما يَأْتي عليه ويُزْهِرُ
وكانتْ وُلاةُ الحَرْبِ فيها كعاصفٍ / مِنَ الرِّيحِ ما مَرَّتْ عليه تُدَمِّرُ
وكلُّ امْرئٍ ولَّيْتَهَ في رَعِيَّةٍ / بما فيه مِنْ خَيْرٍ وشَرٍّ يُؤَثِّرُ
فَمَنْ حَسُنَتْ آثارُهُ فَهْوَ مُقْبِلٌ / ومَنْ قَبُحَتْ آثارُهُ فَهْوَ مُدْبِرُ
وكَمْ سَعِدَتْ بالطالِعِ السَّعْدِ أُمَّةٌ / وكَمْ شَقِيَتْ بالطَّالعِ النَّحْسِ مَعْشَرُ
فما بَلَغَ القُصَّادُ غايَةَ سُؤلِهِم / لقد خابَ من يَرْجو سواهُ وَيَحْذَرُ
ومَنْ حَظُّهُ مِنْ حُسْنِ مَدْحِيَ وَافِرٌ / وحَظِّيَ مِنْ إِحْسَانِهِ بِيَ أَوْفَرُ
أَمَوْلايَ عُذْراً في القَرِيضِ وكلُّ مَنْ / شَكا العَجْزَ عَنْ إدراكِ وصْفِكَ يُعْذَرُ
لَكَ الهِمَمُ العُليا وَكلُّ مُحَاوِلٍ / مَداها وَكَمْ بِالمَدْحِ مِثْلِي مُقَصِّرُ
تباشَرَتِ الأعمال لَمَّا رَأَيتها / بِمَرْآكَ وَالوجْهُ الجميلُ مُبَشِّرُ
عَذَرْتُ الوَرَى لَمَّا رَأَوْكَ فَهَلَّلُوا / لِمَطْلَعِ شَمْسِ الفَضْلِ مِنكَ وَكَبَّرُوا
دَعَوْكَ بها كِسْرَى وكم لكَ نائِبٌ / يُقِرُّ لَهُ في العَدْلِ كِسْرَى وَقَيْصَرُ
عَمَرت بها ما ليسَ يَخْرَبُ بَعدَهَا / وقد أخربَ الماضونَ ما ليسَ يَعْمُرُ
تفاءَلْتُ لَمَّا قيلَ أَقْبَلَ مَنْ سَخا / وكلُّ امْرِئٍ غَادٍ لِملقاهُ مُبْكِرُ
فَيَمَّمْتُهُ مُسْتَبْشِراً بِقُدُومِهِ / وطائرُ حَظِّي منه بالسَّعْدِ يُزْجَرُ
وحَقَّقَ طَرْفِي أَنَّ مَرْآكَ جَنَّةٌ / وبِشْرُكَ رِضْوَانٌ وَكَفُّكَ كَوْثَرُ
ولو لمْ تكنْ شمساً لَما سِرتَ في الضُّحَى / تَسُرُّ عُيُونَ الناظِرِينَ وَتَبهَرُ
وأَقْبَلْتَ تُحْيِي الأرضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِها / وَفي الجُودِ ما يُحيي المَواتَ وَيَنشُرُ
فأَخْرَجْتَ مَرْعاها وَأَجْرَيْتَ ماءَها / غَداةَ بِحارُ الأرضِ أَشْعثُ أَغْبَرُ
ولوْلاكَ ما رَاعَتْ بُحُوراً تُراعُها / ولا كانَ مِنْ جِسْرٍ عَلَى المَاءِ يُجْسَرُ
فها هِيَ تَحْكِي جَنَّةَ الخُلْدِ نُزْهَةً / ومِنْ تَحْتِها أنهارُها تَتَفَجَّرُ
وأُعْطِيتَ سُلطاناً عَلَى المَاء عالياً / به يَزْخَرُ البَحْرُ الخِضَمُّ و يُسْجَرُ
فَخُذْ آيَتَيْ موسى وعيسى بِقُوَّةٍ / وكلُّ النصارَى واليهودِ تَحَسَّرُوا
فيا صالحاً في قِسْمَةِ الماءِ بينهم / ولا ناقَة في أَرْضِهِمْ لَكَ تُعْقَرُ
فَفِي بَلَدٍ مِنْ حُكْمِكَ الماء راكِدٌ / وَفي بَلَدٍ مِنْ حُكْمِهِ يتحَدَّرُ
فهذا له وقْتٌ وَحَدٌّ مُعَيَّنٌ / وَهذا له حَدٌّ وَوَقْتٌ مُقَدَّرُ
هَنِيئاً لإِبْنُوطِيرَ أنك زُرْتَها / وشَرَّفَها مِنْ وَقْعِ خَيْلِكَ عَنْبَرُ
دَعَتْ لَكَ سُكَّانٌ بها وَمساكِنٌ / ولم يَدْعُ إِلَّا عامِرٌ وَمُعَمِّرُ
وصلَّوا بها للَّهِ شُكْراً وصَدَّقُوا / وَحُقَّ عليهم أن يُصَلُّوا وَيَنْحَرُوا
فكلُّ مَكانٍ منكَ بالعدْلِ مُخْصِبٌ / وبالحمدِ وَالذِّكْرِ الجميلِ مُعَطَّرُ
أتَيْتُكَ بالمَدْحِ الذي جاء مُظْهِراً / إلَى الناسِ مِنْ حُبِّيكَ ما أنا مُضْمِرُ
فخُذْهُ ثَناءً يُخْجِلُ الزَّهْرَ نَظْمُهُ / وَهَلْ تُنْظَمُ الأزهار نَظمي وتُنْثَرُ
مِنَ الرَّأْيِ أن يُهْدَى لِمِثْلِكَ مِثْلُهُ / جَهِلْتُ وهَلْ يُهْدَى إلى البَحرِ جَوْهَرُ
فُتِنْتُ بِشِعْرِي وهْوَ كالسِّحْرِ فِتْنَةً / وَقُلْتُ كَذَا كانَ امْرُؤُ القَيْسِ يَشْعُرُ
وَما لِي أُزَكِّي النَّفْسَ فيما أَقولُهُ / وَأَتبَعُها فيما يُذَمُّ وَيُشْكَرُ
وَها إنَّ شَمْسَ الدِّينِ لِلْفَضْلِ باهِرٌ / وليسَ بِخَافٍ عنه لِلْفَضْلِ مَخْبَرُ
إلى اللَّه أَشكو إنَّ صَفْوَ مَوَدَّتِي / عَلَى كَدَرِ الأيَّامِ لا تَتَكَدَّرُ
وإنْ أَظْهَرَ الأَصْحَابُ ما ليسَ عِنْدَهُم / فإنّي بما عِنْدِي مِنَ الوُدِّ مُظهِرُ
وإن غُرِسَت في أرضِ قَلْبِي مَحَبَّةٌ / فليسَ بِبُغْضٍ آخِرَ الدَّهْرِ تُثْمِرُ
وَيَمْلِكُنِي خُلْقٌ عَلَى السُّخْطِ والرِّضا / جَمِيلٌ كمِثْلِ البُرْدِ يُطْوَى ويُنْشَرُ
وقَلْبٌ كمِثْلِ البحرِ يَعْلُو عُبابُه / ويَزْخَرُ مِنْ غَيْظٍ ولا يَتَغَيَّرُ
إذا سُئِلَ الإِبْرِيزُ جاشَ لُعابُهُ / ويَصْفُو بما يَطفو عليه ويَظْهَرُ
وما خُلُقِي مَدْحُ اللَّئِيمِ وَإنْ عَلَتْ / بهِ رُتَبٌ لا أَنَّني مُتَكَبِّرُ
وَلا أَبْتَغِي الدُّنيا ولا عَرَضاً بها / بَمَدْحِي فَإِنِّي بِالقَنَاعَةِ مُكْثِرُ
لِيَعْلَمَ أَغْنَى العالَمِينَ بِأَنَّهُ / إلَى كَلِمي مِنِّي لِدُنْياهُ أَفْقَرُ
وَأَبْسُطُ وَجْهِي حينَ يَقْطُبُ وَجههُ / فيَحْسَبُ أنِّي موسِرٌ وهْوَ مُعْسِرُ
أَأنظُمُ هذا الدُّرَّ في جِيدِ جَاهِلٍ / وأَظلِمُهُ أنِّي إذن لَمُبَذِّرُ
وعِنْدِي كَلامٌ واجِبٌ أَنْ أقُولَهُ / فلا تَسْأَمُوا مَمَّا أَقولُ وتَسْخَرُوا
وَلَمْ تَرَنِي لِلمالِ بِالمَدْحِ مُؤْثِراً / ولكِنّني لِلوُدِّ بالمَدْحِ مُؤْثِرُ
فيا مَصْدَرَ الفضلِ الذي الفضلُ دأبُهُ / فما اشْتُقَّ إِلَّا منه لِلفَضلِ مَصْدَرُ
بَرِئْتُ مِنَ المُسْتَخْدَمينَ فخَيْرُهم / لصاحِبهِ أَعْدَى وَأَدْهَى وأَنْكَرُ
هَدَرْتُهُمْ مِثْلَ الرُّماةِ لِكِذْبِهِمْ / وَعندِيَ أنَّ المرء بالكذْبِ يُهْدَرُ
فلا تُدْنِ منهم واحِداً منكَ ساعةً / ولو فاحَ مِنْ بُرْدَيْهِ مِسْكٌ وَعَنْبَرُ
وَقد قيلَ كتابُ النَّصارَى مَناسِرٌ / فما مِثْلُ كتَّابِ المَحَلَّةِ مَنْسَرُ
فَبَرِّدْ فؤادِي بانْتِقَامِكَ منهمُ / فقد كادَ قلبي منهمُ يَتَفَطَّرُ
مُنِعْتُ بهِمْ حَظِّي شُهُوراً وَلم أَصِلْ / إلى حَظِّهِمْ حتى مَضَتْ لِي أَشْهُرُ
وحَسْبُكَ أنِّي منهمُ مُتَضَوِّرٌ / وكلُّ امْرِئٍ منهم كذا يَتَضَوَّرُ
فَوا عَجَباً مِن واقِفٍ منهمُ على / شَفا جُرفٍ هارٍ مَعِي يَتَهَوَّرُ
يقولون لو شاءَ الأميرُ أَزالَهُمْ / فقلتُ زَوالُ القَوْمِ لا يُتَصَوَّرُ
فقد قَهَرَ السُّلْطَانُ كلَّ معانِدٍ / وما أَحَدٌ لِلقِبطِ في الأرضِ يَقْهَرُ
وَمَا فيهِمُ لا بارَكَ اللَّهُ فيهمُ / أَخُو قَلَمٍ إِلَّا يَخُونُ ويَغْدِرُ
إنِ اسْتُضْعِفُوا في الأرضِ كانَ أَقَلّهُم / عَلَى كلِّ سُوءٍ يُعْجِزُ الناسَ أَقْدَرُ
كأَنَّهُمُ البُرْغُوثُ ضَعْفاً وجُرْأَةً / وإنْ يَشْبَعِ البُرْغُوثُ لولا يُعَذّرُ
رِياستُهُم أن يُصْفَعُوا ويُجَرَّسوا / ودِينُهُم أنْ يَصلُبُوا ويُسَمِّرُوا
وما أَحَدٌ منهم على الصَّرْفِ صابِرٌ / ولا أَحَدٌ منهم على الذُّلِّ أَصْبَرُ
ومُذْ كَرِهَ السُّلطَانُ خِدْمَتَهُم لَهُ / تَمَنَّى النَّصَارَى أنهم لم يُنَصَّرُوا
إذ كانَ سُلْطانُ البسيطةِ منهمُ / يَغارُ على الإِسْلامِ فاللَّهُ أَغيَرُ
وَبالرَّغمِ منهم أَنْ يَرَوا لَكَ كاتِباً / وما أَحَدٌ في فَنِّهِ منهُ أَمهَرُ
ويُعجِبُهُم مَن جَدُّ جَدَّيْهِ بُطْرُسٌ / وَيحزنُهُمْ مَنْ جَدُّ جَدَّيْهِ جَحْدَرُ
بِأَنَّ النَّصَارَى يَرْغَبُونَ لِبَعْضِهِم / وَمِن غِيرِهِم كُلٌّ يُراعُ وَيُزعَرُ
عَدَاوَتُهُم لِلمَلكِ ما ليسَ تَنْقَضِي / وَذَنْبُ أَخِي الإسلامِ ما ليسَ يُغْفَرُ
ومنهمْ أُناسٌ يُظْهِرُونَ مَوَدَّتِي / وبُغْضُهُمُ لِي مِنْ قِفا نَبْكِ أَشْهَرُ
وَكَمْ عَمَّرَ الوالِي بلاداً وَأَخْرَبُوا / وَكَمْ آنَسَ الوالِي قُلوباً ونَفَّرُوا
وقالوا بأَيَّامِي مَساقٌ مُحَرّرٌ / وليسَ لهمْ فَلْسٌ مَساقٌ مُحَرَّرُ
وَكَم زُورِ قَولٍ قُلْتُمُ أَيُّ حُجَّةٍ / وَكَمْ حُجَجٍ لِلخائِنِينَ تُزَوَّرُ
وَإنْ تَنْصُروني قُمْتُ فيهم مُجاهِداً / فإنَّهم للَّهِ أَعْصَى وأَكْفَرُ
وإِلَّا فإنِّي للأَمِيرِ مُذَكِّرٌ / بما فَعَلُوهُ والأميرُ مُنَظّرُ
وكَمْ مُشْتَكٍ مِثْلِي شَكا لِيَ منهمُ / كما يَشْتَكِي في الليلِ أَعْمَى وأَعْوَرُ
وكُنتُ وَما لِي عندهم مِن طِلابَةٍ / أُزَوَّدُ مِنْ أَمْوالِهمْ وأُسَفَّرُ
وما ضَرَّني إِلَّا مَعارِفُ منهمُ / ذُنوبُ وِدادِي عندهمْ لا تُكَفَّرُ
وَلولا حَيائي أَنْ أُعانِدَ مُمْسِكاً / لِحَقِّي أَتَانِي الحَقُّ وَهْوَ مُعَبِّرُ
فإن شَمَّرُوا عِن ساقِ ظُلمِي فإنّني / لِذَمِّهِمُ عَن ساقِ جَدِّي مُشَمِّرُ
وإن حَمَلوا قَلبي وساروا فمَنطِقِي / يُحَمَّلُ في آثارِهم وَيُسَيَّرُ
وإن يَسبِقُوا لِلبَابِ دوني فإنّهم / بما صَنَعُوا بالنّاسِ أَحرَى وأَجدَرُ
فإِن أَشْكُ ما بِي للأَميرِ فإنّه / لَيَعْلَمُ مِنهُ ما أُسِرُّ وأَجْهَرُ
فَإِن أَشْكَتِ الأيّامُ تُلقِ قِيادَها / إليه وتَجفُ مَن جَفَاهُ وتَهجُرُ
وتُمْلِي عَلَى أَعدائِهِ ما يَسُوؤُهُم / وتُوحِي إلَى أَسماعِهِ ما يُحَبَّرُ
يا أيّها المَوْلَى الوزِيرُ الّذي
يا أيّها المَوْلَى الوزِيرُ الّذي / أيَّامُهُ طائِعَةٌ أَمْرَهْ
ومَنْ لَهُ مَنْزِلَةٌ في العُلا / تَكِلُّ عَنْ أَوْصَافِهَا الفِكْرَهْ
أَخْلاقُكَ الغُرُّ دَعَتْنَا إلَى ال / إِدْلاءِ في القَوْلِ على غِرَّهْ
إذْ لَمْ تَزَلْ تَصْفَحُ عَمَّنْ جَنَى / وتُؤْثِرُ العَفْوَ مَعَ القُدْرَهْ
حتى لقد يَخْفَى على الناسِ ما / تُحِبُّ مِنْ أَمْرٍ وَما تَكرَه
إليكَ نَشْكُو حالَنا إنّنا / عائلةٌ في غايَةِ الكَثْرَهْ
أُحَدِّثُ المَوْلَى الحَدِيثَ الّذي / جَرَى عليهم بالخيطِ وَالإِبْرَهْ
صَاموا مَعَ النَّاسِ ولكنَّهمْ / كانوا لِمَنْ يُبصِرُهم عِبْرَهْ
إن شَرِبُوا فالبِئْرُ زِيرٌ لهُمْ / ما بَرِحَتْ والشَّرْبَة الجَرَّهْ
لهُمْ مِنَ الخُبَّيْزِ مَسْلوقةٌ / في كلِّ يَوْمٍ تُشْبِهُ النَّشْرَهْ
أَقُول مَهما اجتمعوا حَوْلها / تَنَزَّهُوا في الماءِ والخُضْرَهْ
وأقبلَ العيدُ وما عندهم / قَمْحٌ وَلا خُبْزٌ ولا فطْرَهْ
فارْحَمْهُمُ إنْ أَبْصَرُوا كَعْكَةً / في يَدِ طِفْلٍ أَوْ رَأَوْا تَمْرَه
تَشْخَصُ أَبْصَارُهُمْ نَحْوَها / بِشَهقَةٍ تَتْبَعُها زَفْرَهْ
فكم أُقاسِي منهمُ لَوْعَةً / وكم أُقاسي منهمُ حسرَه
كم قائلٍ يا أبَتا منهمُ / قَطَعْتَ عَنَّا الخُبْزَ في كَرَّهْ
ما صِرْتَ تَأْتينا بِفلس وَلا / بِدِرْهَمٍ وَرِقٍ وَلا نُقرَه
وَأنتَ في خدمَةِ قَوْمٍ فَهَل / تَخْدُمُهُمْ يا أبَتا سُخْرَهْ
يا خَيْبَةَ المَسْعَى إذا لم يَكن / يَجْري لنا أَجْرٌ وَلا أُجْرَهْ
لقد تَعَجَّبْتُ لها فِطْنَةً / أتى بها الطِّفْلُ بلا جَرَّهْ
وَكيف يَخْلُو الطِّفْلُ مِنْ فِطْنَةٍ / وكلُّ مولودٍ عَلَى الفِطْرَهْ
وَيَوْمَ زارت أُمُّهم أُختَها / والأُخْتُ في الغَيْرَةِ كالضَّرَّهْ
وَأَقْبَلَتْ تَشْكُو لها حالَها / وَصَبْرَها مِني على العُسْرَهْ
قالتْ لها كيفَ تكونُ النِّسا / كذا مَعَ الأزواجِ يا غِرَّهْ
قُومِي اطْلبي حَقَّكِ منه بِلا / تَخَلّفٍ منكِ ولا فَتْرَهْ
وإنْ تَأَبَّى فَخُذِي ذَقْنَهُ / ثمَّ انتفيها شَعْرَةً شَعْرَهْ
قالت لها ما عادَتي هكذا / فإنَّ زَوْجِي عنده ضَجْرَهْ
أَخافُ إنْ كَلَّمْتُهُ كِلمَةً / طَلَّقَنِي قالتْ لها بَعْرَهْ
فَهَوَّنَتْ قَدْرِي في نَفْسِها / فجاءَتِ الزَّوْجَةُ مُحْتَرَّهْ
فاسْتَقْبَلَتْنِي فَتَهَدَّدْتُها / فاسْتَقْبَلَتْ رَأْسِي بآجُرَّهْ
وَباتَتِ الفِتنَةُ ما بَينَنَا / مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ إلى بُكْرَهْ
وَما رَأَى العَبْدُ لهُ مَخْلَصاً / إِلَّا وما في عِينِهِ قَطرَه
فَحَقُّ مَنْ حالَتُهُ هذِهِ / أَن يَنظُرَ المَولَى لهُ نَظرَه
يَهُودُ بُلْبَيْسَ كُلَّ عِيدٍ
يَهُودُ بُلْبَيْسَ كُلَّ عِيدٍ / أَفضلُ عندي مِنَ النَّصارَى
أما تَرَى البَغْلَ وهْوَ بَغْلٌ / فِي فَضْلِهِ يَفْضُلُ الْحِمَارا
يا رَبِّ صَلِّ عَلَى المُخْتَارِ مِنْ مُضَرٍ
يا رَبِّ صَلِّ عَلَى المُخْتَارِ مِنْ مُضَرٍ / وَالأَنْبِيا وَجَميعِ الرُّسْلِ مَا ذُكِرُوا
وَصَلِّ رَبِّ عَلَى الهَادِي وَشِيْمَتِهِ / وَصَحْبِهِ مِنْ لِطَيِّ الدِّينِ قدْ نَشَرُوا
وَجاهَدُوا مَعَهُ في اللهِ وَاجْتَهَدُوا / وهاجَرُوا ولَهُ آوَوْا وَقَدْ نَصَرُوا
وبَيَّنُوا الْفَرْضَ وَالمَسْنُونَ وَاعْتَصَبُوا / للهِ وَاعْتَصِمُوا باللهِ وَانْتَصَرُوا
أزْكَى صَلاَةٍ وأتماها وَأَشْرَفَها / يُعِطِّرُ الكَوْنُ رَيَّا نَشْرها العَطِرُ
مَفْتُوقَةً بِعَبِيرِ الْمِسْكِ زَاكِيةً / مِنْ طِيبها أَرَجُ الرَّضْوَانِ يَنْتَشِرُ
عَدَّ الْحَصَى وَالثَّرَى والرَّمْلِ يَتْبَعُهَا / نَجْمُ السَّماءِ وَنَبْتُ الأَرْضِ والمَدَرُ
وَعَدَّ ما حَوَتِ الأُشْجَارُ منْ وَرَقٍ / وكُلِّ حَرْفٍ غَدَا يُتْلَى وَيُستَطَرُ
وَعَدَّ وَزْنَ مَثاقِيلِ الْجِبالِ كَذَا / يلِيهِ قَطْرُ جَمِيعِ الماءِ والمَطَرُ
وَالطَّيْرِ وَالوَحْشِ وَالأسْماكِ مَعْ نَعَمٍ / يَتْلُوهُمُ الجِنُّ وَالأمْلاكُ وَالبَشَرُ
والذَّرُّ والنَّمْلُ معَ جَمْعِ الحُبُوبِ كَذَا / والشَّعْرُ والصُّوفُ والأَرْياشُ والوَبَرُ
وما أحاطَ بهِ العِلْمُ المُحِيطُ وَما / جَرَى بهِ القَلَمُ المَأمُونُ وَالقَدَرُ
وعَدَّ نَعْمَائِكَ اللاتِي مَنَنْتَ بِهَا / عَلَى الخلائِقِ مُذْ كانُوا وَمُذْ حُشِرُوا
وعَدَّ مِقْدَارِهِ السَّامِي الَّذي شَرُفَتْ / بهِ النَّبِيُّونَ والأمْلاكُ وافْتَخَرُوا
وعَدَّ ما كانَ في الأكْوانِ يا سَنَدِي / وما يَكُونُ إلَى أنْ تُبْعَثَ الصُّوَرُ
في كُلِّ طَرْفَةِ عَيْنٍ يَطْرِفُونَ بِها / أهْلُ السَّموَاتِ والأَرْضِينَ أوْ يَذَرُ
مِلْءُ السَّموَاتِ والأَرْضِينَ مَعْ جَبَلٍ / والْفَرْشِ والعَرْشِ والكُرْسِي وَما حَصَرُوا
ما أَعْدَمَ اللهُ مَوْجُوداً وَأَوْجَدَ / مَعْدُوماً صَلاَة دَوَاماً لَيْسَ تَنْحَصِرُ
تَسْتَغْرِقُ العدَّ مَعْ جَمعِ الدُّهورِ كَمَا / يُحِيطُ بالحَدِّ لا تُبْقِي ولا تَذَرُ
لا غايَةً وَانتِهَاءً يَا عَظِيمُ لَها / ولا لَهُم أمَدٌ يُقْضَى وَيُنْتَظَرُ
مَعَ السَّلامِ كَمَا قَدْ مَرَّ مِنْ عَدَدٍ / رَبَا وضاعَفَها والفَضْلُ مُنْتَشِرُ
وَعَدَّ أَضْعَافِ مَا قَدْ مَرَّ مِنْ عَدَدٍ / مَعْ ضِعْفِ أَضْعافِهِ يَا مَنْ لَهُ الْقَدَرُ
كَمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى سَيِّدِي وكَمَا / أمَرْتَنا أنْ نُصَلِّي أنْتَ مُقْتَدِرُ
وَكُلُّ ذلِكَ مَضْرُوبٌ بِحَقِّكَ في / أنْفاسِ خَلْقِكَ إنْ قَلُّوا وَإنْ كَثُرُوا
يَارَبِّ واغْفِرْ لِتَالِيها وسامِعِها / وَالمُرْسَلِينَ جَمِيعاً أَيْنَمَا حَضَرُوا
وَوَالِدينَا وأَهْلِينا وَجِيرَانِنَا / وَكُلُّنا سَيِّدِي لِلْعَفْوِ مُفْتَقِرُ
وقَدْ أَتَتْ بِذُنُوبٍ لاَ عِدَادَ لَها / لكِنْ عَفْوَكَ لا يُبْقى ولا يَذَرُ
والهَمُّ عَنْ كُلِّ ما أَبْغِيهِ أَشْمَلَنِي / وقَدْ أَتَى خاضِعاً وَالقَلْبُ مُنْكَسِرٌ
أَرْجُوكَ يَا رَبِّ في الدَّارَيْنِ تَرْحَمُنا / بِجَاهِ مَنْ فِي يَدَيْهِ سَبَّحَ الحَجَرُ
يَا رَبِّ أَعْظِمْ لَنا أجْراً وَمَغْفِرَةً / لأَنَّ جُودَكَ بَحْرٌ لَيْسَ يَنْحَصِرُ
وكُنْ لَطِيفاً بِنَا في كلِّ نَازِلَةٍ / لُطْفاً جَمِيلاً بهِ الأهْوَالُ تَنْحَسِرُ
بالمُصْطَفَى المُجْتَبَى خَيْرِ الأنامِ ومَنْ / جَلاَلَةً نَزَلَتْ في مَدْحِهِ السُّوَرُ
ثُمَّ الصَّلاَةُ عَلَى المُخَتارِ ما طَلَعَتْ / شَمْسُ النَّهارِ وما قَدْ شَعْشَعَ الْقَمَرُ
ثُمَّ الرِّضَا عَنْ أبي بَكْرٍ خَلِيفَتِهِ / مَنْ قَامَ مِنْ بَعْدِهِ لِلدِّينِ يَنْتَصِرُ
وَعَنْ أَبِي حَفْصٍ الفَارُوقِ صاحِبِهِ / مَنْ قَوْلُهُ الْفَصْلُ في أحْكامِهِ عُمَرُ
وَجُدْ لِعُثْمَانَ ذِي النورَيْنِ مَنْ كَمُلَتْ / لَهُ المَحَاسِنُ في الدَّارَيْنِ والظَّفَرُ
كَذَا عَلِيَّ مَعَ ابْنَتِهِ وَأُمِّهِمَا / أَهْلِ العَبَاءِ كَمَا قَدْ جَاءَنا الخَبَرُ
سَعدٌ سَعِيدُ بنُ عَوْفٍ طَلْحَةٌ وَأَبُو / عُبَيْدَةَ وَزُبَيْرٌ سادَةٌ غُرَرٌ
وَالآلِ وَالصَّحْبِ والاتْبَاعِ فاطِمَةٌ / ما حَنَّ لَيْلُ الدَّيَاجِي أَوْ بَدَا السَّحَرُ
انْظُرْ بِحَمْدِ اللهِ فِي
انْظُرْ بِحَمْدِ اللهِ فِي / عَيْنَيْهِ سِرَّاً أَيَّ سِرِ
طَمَسَ الْيَمِينَ بِكَوْكَبٍ / وسَيَطْمُسُ اليُسْرَى بَفَجْرِ
عاشَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ البُوصِيريْ
عاشَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ البُوصِيريْ / وَحَياةُ الكِلاَبِ مَوْتُ الحَمِيرِ
عاشَ قَوْمٌ مُذْ قِبْلَ إنِّي قد مِتُّ / فماتُوا قَبْلِي بِوَخْزِ الصُّدُورِ
لَسْتُ مَمَّنْ يَمُوتُ أَوْ يَقْدمُونِي / وَأَبْكِي عَلَيْهِمُ في القُبُورِ
وَصَحِيحٌ بأَنَّني كُنتُ قَدْ مِتُّ / وأحْيانِيَ جُودُ هذَا الوَزِيرِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025