المجموع : 192
بريَّةٌ بحريَّةٌ حَزْنيةٌ
بريَّةٌ بحريَّةٌ حَزْنيةٌ / سهيلةٌ منثورُها منثورُها
متكاملٌ فيها السرورُ لمن بها / يوماً أقامَ كما تكاملَ سورُها
وخلَتْ قلوبُ قصورِها فاستضحكتْ / إذْ عاشَ شاكرُها وماتَ كفورُها
مَنْ حَلَّ فيها نالَ وَصْلَ حبيبها / وشفى كليمَ الروحِ منهُ طورُها
ما تلك إلاّ جنَّةُ الدنيا وها / ولدانُها جُلِيَتْ عليكَ وحورُها
فمضيَّةٌ وسنيَّةٌ ونديَّةٌ / أرجاؤُها ورياضُها وقصورُها
لما بكى فقدَ الهمومِ سحابُها / ضحكتْ وقدْ عاشَ السرورَ زهورُها
فالأرضُ منها سندسٌ وخلالَهُ / سُلَّتْ سيوفٌ والسيوفُ نهورُها
هيَ دارُ مملكةِ الرضى فلأجلِ ذا / قد أُسْبِلَتْ دونَ الهمومِ ستورُها
جُمعتْ فنونُ الطيبِ في أفنانِها / وعلا على المِسْكِ الذَّكيِّ عبيرُها
تحكي دُماها غيدُها البيضُ الألى / بلحاظهن فتونُها وفتورُها
ما سلسلٌ عذبٌ سقاه وابل / وهناً فويقَ حصى بروقِ غديرها
فنفى بتفريكٍ وصقلٍ مذهبٍ / عنه القذى ريحُ الصّبا ومرورُها
بألذَّ طعماً مِنْ مَراشفهنَّ إذ / تَبْسَمْنَ عَن دُرٍّ يضيءُ بدورُها
تلكَ الثغورُ ودمعُ عاشِقهنّ قد / حاكَتْ عقوداً تحتويه نحورُها
كمْ كان فيها للفرنجِ كواعبٌ / كانتْ إناثاً واللحاظُ ذكورُها
ومهفهفٍ يَسقي السلافَ كأنما / مِنْ مقلتيهِ ووجنتيهِ يديرُها
هلْ نارُها في كاسِها أم كاسُها / في نارِها وعلى المنازلِ نورُها
تصفيقُ عاصيها المطيعِ مرقِّصٌ / أغصانَها لمَّا شَدَتْهُ طيورُها
فربوعُها محروسةٌ وسفوحُها / مأنوسةٌ لا ينطوي منشورُها
فاعجبْ لأرضٍ كالسماءِ منيرةٍ / أضحتْ تلوح شموسُها وبدورُها
فتبَسَّمَتْ وتَنَسَّمَتْ أرجاؤُها / أرجاً فما الغصنُ النضيرُ نظيرُها
سابَقْتُ بالبيضاءِ في ميدانها / شقراءَ جلِّق فاستكنَّ ضميرُها
ورأيتُ قبرَ البحتريِّ بها
ورأيتُ قبرَ البحتريِّ بها / وشهدتُ بهجةَ مشهدِ النورِ
ودعوت عندَ المستجابِ وفي / سفح المُصلَّى خارجَ السورِ
زائرةٌ زارتْ بلا موعدٍ
زائرةٌ زارتْ بلا موعدٍ / أفدي بما أملكُهُ سَيْرَها
فقلتُ ما ذا وَقْتُهُ فارجعي / وعاوديني ليلةً غَيْرَها
أنا لو كنتُ مُقِلاًّ
أنا لو كنتُ مُقِلاًّ / ما اصطلى الناسُ بناري
خَلُصَ العالمُ جمعاً / مِنْ يميني ويساري
وتاجر شاهدت عشاقه
وتاجر شاهدت عشاقه / والحرب فيما بينهم ثائرْ
قال علامَ اقتتلوا هكذا / قلتُ على عينكَ يا تاجرْ
دَعْهُ ونتفَ العذارِ إذْ ما
دَعْهُ ونتفَ العذارِ إذْ ما / يسَّرَ وصلي حتى تَعذَّرْ
بالنتفِ ثم النبات يبقى / عذارُهُ السكرَ المكررْ
قد بدا وجدي ببادٍ
قد بدا وجدي ببادٍ / ورقيبي فيه حاضرْ
أنا في بحرِ هواهُ / واقعٌ والقلبُ طائرْ
أقسمتُ إنْ جدَّ وطالَ المدى
أقسمتُ إنْ جدَّ وطالَ المدى / أروى الورى مِنْ بحرِهِ الزاخرِ
فقلْ لمنْ بالسبقِ تفضيلُهُ / كمْ تركَ الأولُ للآخِر
يا عُدَّتي يا عُمدتي
يا عُدَّتي يا عُمدتي / يا قُدوتي يا جابري
إنْ لمْ أجئْ معزِّياً / كنْ في انقطاعي عاذري
كمْ حاضرٍ كغائبٍ / وغائبٍ كحاضرِ
فأحفظَهُ هذا الكلامُ وغاظَهُ
فأحفظَهُ هذا الكلامُ وغاظَهُ / وأنشدني في صدِّهِ وازوِرارِهِ
دمشقُ كما كنتَ تَسَمَّعُ جنَّةٌ / ألمْ تَرَها محفوفةً بالمكارِهِ
فإلى جاهِكَ مَيْلٌ
فإلى جاهِكَ مَيْلٌ / وعنِ المالِ نِفارُ
فقبولُ الجاهِ فخرٌ / وقبولُ المالِ عارُ
مولايَ يا ذا المنظرِ الزاهرِ
مولايَ يا ذا المنظرِ الزاهرِ / والمنطقِ المنتظمِ الباهرِ
يا حاكماً شاهدُهُ عاملٌ / على العُلى نفديكَ بالناظرِ
أبدعت نثراً قلتُ لَما بدا / كم تركَ الأولُ للآخرِ
وقلتَ شعراً محكماً مثلُهُ / في الدهر لم يخطرْ على خاطِرِ
فيا سريعَ النظمِ لا زلتَ في / خيرٍ مديدٍ كاملٍ وافرِ
جَمَّلْتَ مصراً أنتَ مِنْ أهلِهِ / وسُدْتَ في البادي وفي الحاضرِ
فأنتَ نورُ الدينِ عدلاً ومَنْ / يُسْمى به غيرُكَ كالجائرِ
وإنما كلفتني خطةً / تُوهي قوى المستأسدِ الخادِرِ
قلتَ أجزني وأنا قطرةٌ / واحدةٌ من بحرِكَ الزاخرِ
يوسفُ أعرِضْ ما الذي تبتغي / مِنْ عمرَ المعدولِ مِنْ عامِرِ
أمرتني ما أنتَ أولى به / فشرِّف المأمورُ بالآمرِ
فإن أُخالفْ لم يلقَ بي وإنْ / أطعتُ أخشى هزأةَ الناظرِ
وطاعتي أمرَكَ ألفيْتُها / أولى وإن شقَّتْ على خاطري
أجزتُ مولايَ كما جوّزوا / صرفَ سوى المصروفِ للشاعرِ
ضرورةً إذ لست أهلاً لما / ظننتَ يا طائلُ بالقاصرِ
إجازةً لو أنني منصف / سألتُها من فضلِكَ الغامرِ
مثلُكَ لا يُجهلُ مقدارُهُ / ولا سجايا بيتكِ الطاهرِ
حكمتَ في الشهباءِ فرعاً عن ال / شرعِ وعن طَشْتمرَ الناصري
فما رأينا منكَ إلاّ الذي / يَسرُّ في الباطنِ والظاهرِ
حكْمٌ عفيفٌ نَزِهٌ محسنٌ / بَرٌّ مقيلٌ عثرةَ العاثرِ
مسدَّد الأحكامِ حتى غدا / حكمُكَ مثلَ المثلِ السائر
فاللهُ لا يجعلُهُ آخرَ ال / عهدِ لنا من وجهكَ الناضرِ
ودمتَ في عزٍّ وفي رفعةٍ / يا قدوةَ الناظمِ والناثرِ
إني بفعل الله أولُ مؤمنٍ
إني بفعل الله أولُ مؤمنٍ / وبما قضاه النجمُ أولُ كافرِ
كذبَ الحكيمُ فما لَهُ منْ قوةٍ / وذوو النجومِ فما لهم من ناصر
وليس وفاتهم بالردم نَقْصاً
وليس وفاتهم بالردم نَقْصاً / لقدرهمُ ففي الشهداء صاروا
وما في سطوةِ الخلاّقِ عيبٌ / ولا في ذلّةِ المخلوقِ عارُ
منبجٌ أهلها حَكَوا دودَ قزٍّ
منبجٌ أهلها حَكَوا دودَ قزٍّ / عندهم تُجعلُ البيوتُ القبورا
ربِّ نعِّمهمُ فقدْ ألفوا مِنْ / شجرِ التوتِ جنَّةً وحريرا
مَن انتهى طيشُهُ في المخزيات إلى
مَن انتهى طيشُهُ في المخزيات إلى / هذا المقامِ عليهِ لعنةُ الباري
ولستُ عن مالكٍ أرضى بنائبةٍ / عن خازِنِ العلمِ أو عن خازن النارِ
حاكمٌ يصدرُ منهُ
حاكمٌ يصدرُ منهُ / خلفَ كلِّ الناسِ حَفْرُ
يتمنى كُفْرَ شخصٍ / والرضى بالكفرِ كفرُ
المالكيُّ طائشٌ ذو قوهْ
المالكيُّ طائشٌ ذو قوهْ / لهُ على أهل العلومِ سورَهْ
دارَ على بابِ الجراحِ الدوره / وما قرأ في باب سترِ العورَهْ
أذاهُ شاملٌ وشرو
أذاهُ شاملٌ وشرو / كاملٌ ومنهاجو عسرْ
لو كان حاوي الخصائص / ما قال بالتنديبْ
ما هو العزيز النهاية / ولو بداية مدوَّنهْ
من يحتقر بالمهذب / من أين لو تهذيبْ
ومالكيٍّ جاهلٍ باخلٍ
ومالكيٍّ جاهلٍ باخلٍ / لا باركَ الرحمنُ في عمرِهِ
جفنتُهُ أضيقُ مِنْ جفنهِ / وقدْرُه أصغر من ِقدْرِهِ