القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : وَلِيّ الدِّين يَكَن الكل
المجموع : 20
غيرت عهدك في الهوى فتغيرا
غيرت عهدك في الهوى فتغيرا / ملك الهوى قلبي وقلبك ما درى
كوني كما أنا في الغرام وفية / لا تهجريني ما خلقت لأهجرا
أصبحت فيك من الولوع بغاية / لو زدت حسناً لا أزيد تحيراً
بلغ المدى بي كل شيئ في الهوى / فإذا اردت زيادة لن أقدرا
يسمو بك الحسن المدل إلى السما / ويمت به الجد المذل إلى الثرى
ماذا التخالف في المحبة بيننا / نفس مكرمة ونفس تزدري
ينفك عمري في الهوى متقدماً / ويظل سبقي في الهوى متأخرا
وأكاد أحسب في غرامك شقوتي / لو كان يسعد عاشق بين الورى
عندي حديث إن أردت ذكرته / من لي بأن تصغي إلي وأذكرا
عصفت به ريح الملامة موهناً / فجرى على وجه العذول وغيرا
لا تنكري نظرات عيني خلسة / الله قد خلق العيون لتنظرا
وقفت عليك فما انثنت عن منظر / فتنت به إلا لتطلب منظرا
أرسلت طيفك في المنام يزورني / فدنا وولى وهو يعثر بالكرى
لم يبق من أثر سوى تبسامة / خطرت على نفس الهوى فتأثرا
أتبعته أملي فأقصر دونه / ولو استمد بلفتة ما أقصرا
لا يعذلوني في غرامك ضلة / من هام فيك فحقه أن يعذرا
رقت حواشي الروع فيك صبابة / ونهى النهى عنك الفؤاد فاعذرا
قلبي يحس وهذه عيني ترى / ما حيلتي فيما يحس وما يرى
إن تصبري عني فقلبك هكذا / أما أنا فأخاف أن لا أصبرا
تمسين ناسية وأمسى ذا كرا / عجباً أشاعرة تهاجر شاعرا
فهل الملائك كالحسان هواجر / أن الملائك لا تكون هواجرا
أن كنت لاأسعى لدارك زائراً / فلكم سعى فكري لدارك زائراً
وأخو الوفاء يصون منه غائباً / أضعاف ما قد صان منه حاضرا
يصيبك طير الروض في ترجيعه / يا ليتني في الروض أصبح طائرا
ويهز منك الدهر في زفراته / نفساً تظل لها النفوس زوافرا
قد عشت دهرك بالمحاسن صبة / قضيت دهري بالمحاسن حائرا
أنا إقتسمنا السحر فيما بيننا / لله ساحرة تساجل ساحرا
لابد في هذي الحياة من الهوى / إن الهوى يهب الحياة نواظرا
ولقد تهب عليه يوماً سلوة / فتنيم ساهرة وتترك ساهرا
يا ويح ذي قلب يناجي مثله / يدعوه مؤنسه فيبقى نافرا
قلبان ذة صبر يعاني هاجراً / أو هاجر ظلماً يعذب صابرا
متوافقان على الشكاية في الهوى / كم جائراً في الحب يشكو جائرا
إن كان قلبي في التصبر مذنباً / فليمس قلبك في التصبر عاذرا
سيعود ذاك الود أبيض ناصعاً / ويصير هذا العهد أخضر ناضر
نظرت إليها نظرة فتأثرت
نظرت إليها نظرة فتأثرت / وبان على الخدين من نظرتي أثر
ولما تراءى الوجد بيني وبينها / مددت له ستراً من الرأي فاستتر
وقد كدت أنسى كبرتي فادكرتها / وراجعت نفسي أن يراجعها الصغر
تضن بها النعمى وتبذلها المنى / وينهضني شوقي ويقعدني الكبر
ارى في ديارات الأحبة أوجها / فأطلب إغضاء فيسبقني النظر
يلم بها يشتار منها محاسناً / كذا النحل يشتار العسول من الزهر
وكم لي في الألحاظ سراً مكتماً / ينم عليه اثنان شعري والحور
مضى زمان اللهو الذي لست ساخطاً / على ما مضى منه وذا زمن العبر
فأسكتني ما أسكت الورق في الدجى / وأنطقني ما أنطق الورق في السحر
كلانا له إن ردد الدوح سامع / فتسمعني كتبي ويسمعها الشجر
تمنت قلوب أن أكون دخلتها / ولا غرو لكن آفة الورد في الصدر
حيا ربوعك قطر
حيا ربوعك قطر / يا مصر لله مصر
مالي إليك سبيل / هذا خلاء وبحر
غر الأعادي انكساري / والأنكسار يغر
وسرهم طول نفيي / ومثل نفيي يسر
وأنني سوف أقضي / هنا ومالي ذكر
لكن بعدي رجالاً / والفجر يتلوه فجر
عين بكت قبل هذا / وسوف يبتسم ثغر
إرتجعي يا أماني / بالوصل قد طال هجر
إنا عهدناك أوفى / عهداً إذا خان دهر
فبينما أنت زهر / إذا بك اليوم غبر
فليس يرفع جد / وليس يخفض هذر
مرت عذاب الليالي / وكل عذاب يمر
ألتزم الصبر كرهاً / وليس للحر صبر
وأسلك الحلم نفسي / ومسلك الحلم وعر
لبيك يا مجد قومي / لبى نداءك حر
دافعت دون فروق / قوماً رحلت وقروا
سادوا بها فلكل / نهي عليها وأمر
ما كنت أغلب لولا / قوم ثبت وفروا
ضاق المجال عليهم / ضيقاً ولم يغن كر
وفي العيون أزورار / وفي الجوانح ذعر
فبت تلقاء ليث / كأنما هو قصر
له شباة وظفر / ولي شباة وظفر
يعدو إلي وأعدو / إليه زار فزأر
فريع في البيد ذئب / وريع في الجو نسر
وظلت الحرب بيني / وبينه تستعر
فاضطر للصلح رغماً / ومن بغى يضطر
واغتالني بعد غدراً / وشيمة النذل غدر
لا يقصدوني بعذر / فما على الجبن غذر
بيني وبين الاعادي / يوم إذا طال عمر
إن عشت أدركت وتري / أو مت فالوتر وتر
حتام أخفض قدري / وما تعالاه قدر
إن أمس فيهم أسيراً / قد يعتري الحر أسر
رضيت سيواس دارا / وما بسيواس شر
جنوا عليها فأمست / قد أقفرت فهي قفر
فلا بها الروض خصب / ولا بها الزهر نضر
اندرسن مطرباتي / وأصبحت وهمي دثر
فليس لي ثم نظم / وليس لي ثم نثر
وكم بمصر أديب / يشدو فترقص مصر
لهفي على سانحات / كأنما هي سحر
يقولها قائلوها / فيعتري الناس سكر
هاجتك خالية القصور
هاجتك خالية القصور / وشجتك آفلة البدور
وذكرت سكان الحمى / ونسيت سكان القبور
وبكيت بالدمع الغزي / ر لباعث الدمع الغزير
ولواهب المال الكثي / ر وناهب المال الكثير
حامي الثغور الباسما / ت مضيع آهلة الثغور
إن كان أخلى يلديزا / مخلي الخورنق والسدير
أو فاستسرت من سما / ها أنجم بعد الظهور
فلتأهلن من بعدها / آلاف أطلال ودور
بعد النجوم ثوابت / والبعض دائمة المسير
ضائت عقود الملك ما / بين الترائب والنحور
والشيخ بات فؤاده / في أسر ولدان وحور
ما زال معتصر الخدو / د هوى ومهتصر الخصور
وإذا انقضت ليلاته / وصلت بليلات الشعور
أهدى الفتور لقلبه / ما باللواحظ من فتور
واستنفرته عن الرعا / يا كل آنسة نفور
تختال من حلل الصبا / بة في الدمقس وفي الحرير
والجند عارية منا / كبها مقصمة الظهور
خمص البطون من الطوى / دقت فعادت كالسيور
إن الزمان يغر ثم / يذيق عاقبة الغرور
وعظتك واعظة الفتير / ورأيت منقلب الدهور
ومشى الزمان إليك بال / أحزان من بعد السرور
قد كنت ذا القصر الكب / ير فصرت ذا البيت الصغير
وربيت في مجد الأمير / ولم تمت موت الأمير
لما سلبت الحكم قل / ت الحكم لله القدير
هل كنت ترضى أولاً / ما قلت في الزمن الأخير
ورآك جندك ضارعاً / لهم ضراعات الأسير
لقد استجرت بمعشر / ما كنت فيهم بالمجير
أنذرت لكن لم تشأ / تصديق أقوال النذير
وأثرتها شعواء تد / لف تحت رايات المثير
ملمومة الأطراف تن / زو بالصدور إلى الصدور
تم التكافؤ تحتها / فسطا النظير على النظير
أسد هصور في الوغى / يسعى إلى أسد هصور
يا مسغب الأجناد قد / اشبعت ساغبة النسور
هي غارة لكنها / دارت على رأس المغير
من ذا استشرت لها ولم / تك في الزمان بمستشير
لقد استطرت بشر يو / مك كل شر مستطير
وخترت يا عبد الحمي / د وما استحيت من الختور
إن الخفور سجية / فاذهب فما لك من خفير
إن الثلاثين التي / مرت بنا مر العصور
وهبتك تجربة الأمو / ر فعشت في جهل الأمور
ورددت عارية الخلا / فة بعد ذلك للمعير
من كان يدعوك الخب / ير فلست عندي بالخبير
لله أجساد ثوت / بين الجنادل والصخور
باتت على خشن الثرى / من بعد مضجعها الوثير
كانت زهور شبيبة / لهفي على تلك الزهور
نضرت سنين ولم تذق / من لذة العيش النضير
سقيت مياه دمائها / والروض رقراق الغدير
كم خلفها من صبية / يتمت ومن شيخ كبير
يترقبون مآبها / إن المآب إلى النشور
وممنعات في الخدو / وتموت حزناً في الخدور
ترجو زيادة صبها / نبت الزيارة بالمزور
لم يُجدها نصح القبي / ل ولا تسلت بالعشير
أودى الردى بنصيرها / فغدت تعيش بلا نصير
فشكلتها بلسانها / والزن في طي الضمير
نوح الطيور يهجيها / فتنوح من نوح الطيور
لا بالعشي تفيق من / بث ولا عند البكور
لو أن للأيام ال / سنة لصاحت بالثبور
عجت رواحلها وقد / سئمت مواصلة الكرور
فترى شعوباً في أسى / وترى شعوباً في حبور
أبداً تدار كما يرا / د وأمرها بيد المدير
من عاش يستحلي الشرو / ر يموت من تلك الشرور
لما أديل عن السرير / بكاه عبّاد السرير
نذروا النذور لعوده / هيهات يرجع بالنذور
أسفوا عليه وإنما / أسفوا على المال الدرير
والبعض بات جريره / فسما يتيه على جرير
طلبوا له عفو الغفو / ر وشذ عن عفو الغفور
قلص ظلالك راحلاً / ودع البرية في الهجير
ويح الربوع الدائرا / ت إلى م تبقى في دثور
ماذا نرى إحدى العوا / صم أم نرى إحدى القفور
الأفق مغبر الصحي / فة والبرى خافي السطور
والملك بينهما يطل / على السباسب والبحور
كالشمس تبدو من وراء / السحب في اليوم المطير
وإذا تجلى وجهها / يزهو بنور فوق نور
حكت النواظر للنواظر
حكت النواظر للنواظر / برح الخفاء عن الضمائر
ما في الغرام سريرة / العاشقون بلا سرائر
حدّث بوجدك من ترى / لا تخفه فالأمر ظاهر
بان الرقيب ورُفّعت / عن وجه من أهوى الستائر
وبدت محاسنها التي / توحي الكلام لكل شاعر
يا من لقيتُ بهجرها / ما لا يطيب بقلب هاجر
من كان يصبر في هوا / ك فما أنا فيه بصابر
تُيّمت في هذي الخدو / د وهمت في تلك الغدائر
الله فيك وفي جما / لك وأمري هو فيك حائر
لي منك ما لا يستفا / ض بمثله فيض الخواطر
أنا من عرفت وفاءه / إن كان ساءك غدر غادر
لم ترض عثمانيتي / لي أن أخاتل أو أخاتر
قومي همُ القوم الألى / فاقوا الأوائل والأواخر
كسروا القيود وأطلقوا / أسراهم من كل آسر
اهتزت الدنيا بهم / واليوم تهتز المنابر
بالأمس كنا معشراً / تبكي لحالتنا المعاشر
تقتادنا الأيدي الأثيمة / للسجون أو المقابر
ويصول أنصار الملي / ك على الأكابر والأصاغر
تمشي الأيامى واليتا / مى والمدامع في المحاجر
كم بالمعاقل من فتى / متوقد الأحشاء زافر
لم يجن ذنباً إنما / سارت به القسم السوائر
لم يبق قصر عامراً / لكن قصر الظلم عامر
بتنا ننوح على الأحبْ / ة في منازلها الدوائر
أفروق حسنكِ ساحر / وأنا أهيم بكل ساحر
ما أنتِ إلا فتنة ال / أبصار موعظة البصائر
أنت التي أودى غرا / مك بالأكاسر والقياصر
يدعو الخليج قلوبهم / فتسير فيه كالمعابر
لله قصر شامخ / مدّ النواظر عنهُ قاصر
قصر بهِ يعلوا التسا / وي رأس مأمور وآمر
هو جحفل أو محفل / فيه المنازل والمناظر
ضاعت مفاتيح لهُ / واليوم تفتحهُ السماهر
جمعت مداره فيهِ عن / كل القبائل والعشائر
يتشاورون بأمرهم / والله في عون المشاور
الآن لما صار ما / خلناه دهراً غير صائر
واسترجع النائي الحمى / قول السعادة ويك بادر
وسعى الكريم إلى الكريم / مؤازراً نعم المؤازر
كادت بلاد الله تر / قص حين أقبلت البشائر
يا دهر شكرك واجب / يا دهر ما في الناس كافر
لم يبق ظلم يُتقى / دارت على الظلم الدوائر
فؤاد دأبه الذكَرُ
فؤاد دأبه الذكَرُ / وعين ملؤها عبرُ
ونفس في شبيبتها / وجسم مسّهُ الكبرُ
وآمال مضيّعة / ووقت كلهُ هدرُ
وعيش عذبهُ مضض / وعمر صفوه كدرُ
أما يا ليل من صبح / لمن سهروا فينتظر
جفون الناس هاجعة / وجفني ضافه السهر
اذا سور تولت منك / عني أقبلت سور
أفانيها فتفنيني / وأطويها فتنتشر
وحيدا ًفيك ذا حذر / يكاد يخونني الحذر
فلا كتب أسامرها / أذا ما شاقني السمر
ولا نظم ولا نثر / وقد نظموا وقد نثروا
سأقضي العمر في أسر / ويسعد بعد من أسروا
أرى سيواس تغمدني / كأني صارم ذكر
صدأت بها وأحسبني / سأصدأ ما جرى العمر
أيخذلني وإخواني / وينصر خصمنا القدر
فوا لهفي على سرب / تولى رعيه النمر
غدا في أرض مسغبة / جفاها النبت والشجر
قضى راعيه من زمن / وضلت بعده العفر
بقول أحبتي صبراً / وهل في النار يصطبر
عداة الحق قد ربحوا / وأهل الحق قد خسروا
ونحن أمامنا وطن / نراه اليوم يحتضر
فمن يجزع فمعذور / ولكن قل من عذروا
فيا أفق ألتهب حزنا / وجد بالدمع يا مطر
علام نلوم اعداء / على شر إذا قدروا
بلوناهم لدن شبوا / اننساهم إذا كبروا
نصحناهم فما انتصحوا / زجرناهم فما ازدجروا
لقد صلدت قلوبهم / كأن قلوبهم حجر
إذا أتمروا على كيد / فإنا سوف نأتمر
فمن نخشى وفوق العر / ش مهما يغترر بشر
وفي الأيام متسع / وفي الأقدار مدخر
وفي الأجداث معتبر / لو أن الناس تعتبر
وهذا التاج منعفر / غداً والقصر مندثر
رويداً إنها دول / تدول وبعدها أخر
يظل الحق منهزماً / زماناً ثم ينتصر
سيوف الله إن سلت / فلا تبقي ولا تذر
أسير بدار الظلم أعياه آسره
أسير بدار الظلم أعياه آسره / أما من فتى من الناس حرٍّ يناصره
أفي الناس أحراراً وفيهم أحبة / فما لأخيهم لا يرى من يؤازره
عفاء على الزوراء بعد جميلها / إذا ربعه المعمور أخلق دائره
ألمّ به خطب من الجور فادح / كما انقضّ باز أقتم الريش كاسره
تنادوا به والضغن ملء قلوبهم / وقالوا وحيدٌ ما لنا لا نكاثره
فإن نكفه نُكف الشديد مراسه / وما بعده فينا عدو نحاذره
فطافوا به من خلفه وأمامه / كما طاف بعد المحل بالربع زائره
أحين هوى عبد الحميد بعرشه / وغبّره بالذمّ في الناس غابره
يقوم رجال يستعيدون عهده / وفينا نيازي قائم وعساكره
ألا قد بغت هذي العمائم بغيها / فدارت على القوم الكرام دوائره
ألا هل نرجي العدل والعدل دوننا / موارده محمية ومصادره
تجلى زماناً ثم لم تبتسم لنا / أوائله حتى استسرّت أواخره
بأيّ كتاب أم بأية سنة / يجازى على قول الصواب معاشره
بأي كتاب أم بأية سنة / يريدون طي الحق إن قام ناشره
سلام على الأوطان من بعد مأمل / ذوي وأرق الإقبال منه وثامره
سلام علىالدنيا سلام على الورى / سلام على العهد الذي قلّ شاكره
سنبكي على العيش الذي كان غرّنا / وقد ساء ماضيه وما سر حاضره
سقى الله أجداثاً علت شهداءها / بكل مُلث الودق نهمي مواطره
قضوا نحت أسوار الحصار حمّية / ولم تغن عن عبد الحميد دساكره
فإن يك بالدرويش قد زل جدّه / فهذا عبيد الله حلّق طائره
أقام على الأطلال كالبوم ناعياً / يبشر بالتخريب ساءت بشائره
فأما قضى فيكم جميل بحسرة / ستبقى عليكم شاهدات مآثره
وإن تحجبوا من فضله كلّ باهر / فليس ضياء الشمس يحجب باهره
أخي وفجاج الأرض بيني وبينه / أعيذك من هم تبيت تساوره
أعيذك م وجد يضيفك نازلاً / وأهوال ليل مظلم أنت ساهره
توقف في ظلمائه غير متجلٍ / كواكبه تسطو عليها دياجره
تشوّفك البيت الذي كنت بدره / لقد أظلمت حزناً عليك مقاصره
واصبح زاهي الروض بعدك ذاوياً / وناح على دوحاته لك طائره
فإن تظلموا فيكم جميلاً لغاية / فإن جميلاً ليس بغفل ثائره
وإن فريق الظلم إن طال ظلمه / سنمشي إليه بالسيوف نبادره
هذا قضاء الله أم غدر
هذا قضاء الله أم غدر / ماذا أصابك أيها القصر
أعلى مراد رحت مضطرماً / من غيرة إذ ضمة القبر
أم أنت ممن فيك منتحر / يا قصر أم فيما جرى سر
نبكي نعم نبكي على أمل / فيك أنقضى وقد أنقضى الأمر
عن أربعين وخمسة سلفت / ما هكذا يستوجز العمر
أتظل دور المجد آهلة / فينا ودورك بينها دثر
ويح القلوب وكنت حاجتها / إن لم يجدها بعدك الصبر
يبقى مصابك وهو يذكرنا / لو كان ينفع مثلنا الذكر
برّاً فروق تباهياً زمناً / فانفك بر والتظى بر
شطراً محاسنها التي اشتهرت / إما شكا شطر بكى شطر
لما استقل بك اللهيب ضحى / وبدا خلال دخانك الجمر
وقف الزمان عليك منتحباً / وأقام يندب حسنك الدهر
والزهر قدماً كن حاسدة / لما أصبت بكت لك الزهر
الشمس أختك ثم كاسفة / لبس الخسوف شقيقك البدر
أو ما رآك البحر ملتهباً / بل لو رآح لجاءك البحر
فيجبش للنيران غاربه / ويبل حرك ماؤه الغمر
وكضت لنجدتك الجموع وقد / حفقت لها راياتك الحمر
كم جحفل مجر إليك سعى / فارتد عنك الجحفل المجر
لا البيض أغنت في مناجدة / لما أهبت بها ولا السمر
طلبوا المياه لكي تغاث بها / فنأى طريق دونها وعر
وعلا الدخان ذراك فاختبأت / في جنحه آياتك الغر
فكأنها صور محركة / وكأنه من دونها ستر
قد كنت ديواناً قصائده / تلك البدائع فامحن الشعر
سالت سطورك من صحائفها / فغدت وما بصحيفة سطر
وانساب مهلاً وارتمى حمماً / ذاك اللجين وذلك التبر
وقفوا أمامك ذاهلين وقد / ملك السبيل عليهم الدهر
فأخذت تنقص في نواظرهم / ويزيد في أطرافك القفر
يا منزل الأحرار إذ ملكوا / يبكي عليك مرادك الحر
يبكي عليك وإن أوى جدثاً / وعلاه بعد سقوفك الصخر
هذي الطلول فأين تنتحب ال / أطيار فيك ويضحك الزهر
يا عام جاء أخوك يغدرنا / مضى فقلنا قد مضى الغدر
أنرى فروق ومصر أذنبتا / شقيت فروق وبنتها مصر
غناك شوقيها وحافظها / وهممت لولم يعصني الفكر
وهباك شكراً لست صاحبه / سلفاً فابطر قلبك الشكر
فلئن تكن لأخيك معذرة / هل أنت عندك مثله عذر
فلا لبسنك من محبرة / يجري على أعطافها الحبر
مغبرة تسعى مغبرة / كلماتها وسطورها غبر
يا عصر إن لم تستقم معنا / فلنشهدن عليك يا عصر
تبقي جدود الناس ناهضة / وجدودنا في خطوها العثر
هذي خطوب ليس يحملها / جلد وينفد عندها الصبر
يا عصر قد حسدتك اليوم أعصارُ
يا عصر قد حسدتك اليوم أعصارُ / الأمر شورى وكل الناس أحرارُ
تنوّع الخير مرئياً ومستمعاً / فلتجتل الخير أسماع وأبصار
حسب الليالي من الإحسان ما وهبت / وربما أعقب الإقلال إكثار
ولو على قدر ما نرضى تجود لنا / لم يبق من سيبها للغير مقدار
في ذمة الله آباء لنا سلفوا / لم يبلغوا الدرب إلا أنهم ساروا
إن لم يكن لهمُ من بعدهم أثرٌ / الحمد لله إنا نحن آثار
الدار تبكي على ايامهم حزناً / ونحن تضحك في أيامنا الدار
إن الجدود التي قد أقصرت معهم / جدّت فليس لها من بعد اقصار
وربما تبلغ الهمات منزلة / ليست تؤمل لولا السيف والنار
الناس تحت قيود الأسر قد وقعوا / دهراً ومذ أدركوا حرية طاروا
أهلاً بفاتنة الأطيار داعية / لله ماذا دعت في الروض أطيار
استنشيها على أفنانها سحراً / فإنما تبعث الأشجان أسحار
إذا تهادى بريّاك النسيم ضحى / في الروض تعتنق الأشجار أشجار
هل ثامر الغصن يستصبي وزاهرهُ / إن لم تعش بك أثمار وأزهار
هذي الأغاني التي تلقين ساحرة / وذي المعاني التي توحين أسحار
تجري السجايا بها في النفس سانحة / وتغتدي وهي في الأفواه أشعار
تزين تيجان أقوام إذا عدلوا / تشين تيجان أقوام إذا جاروا
تظل من بلد تخطو إلى بلد / مستطردات لها في الكون أسفار
تطوى الفجاج لها طياً إذا طردت / كأن أميالها في الطول أشبار
مضى زمان الهجان البزل منقرضاً / وللبخار كما للبزل أدوار
عاش الرجال الذي قد كنت أثمرهُ / وللرجاء بطول الصبر أثمار
هوى من الأفق نجم لم ينر أبداً / لما أهابت به صيحات من ثاروا
لم ينظرالقدر المحتوم حين دها / وكان في كل جزء منه منظارُ
واستطلع الشرق أقماراً به احتجبت / دهراً فكم في سماهُ اليوم أقمارُ
إخواني الصيد لا فُلّت لكم همم / هذا الثناء الذي تبغون مختارُ
يبقى تراثاً لقوم يفخرون به / إذا توالت على الأعقاب أعصارُ
إن المعالي لم تنفد عرائسها / بل لا يزال لها كالغيد أبكارُ
تبدي صدوداً فإن لانت عرائكها / جادت وعاقبة الإعسار إيسارُ
كنا نمرّ بأقطار فنغبطها / وكم أثارت شجون الناس أقطارُ
حتى إذا رجعت للمُلك نضرتهُ / أبدت لنا مصرُ ما أبدتهُ أمصارُ
هذا الإخاءُ بنا شُدّت أواصرهُ / تقسّمتهُ قلوب فهو أشطارُ
يسير من مهج منا إلى مهج / فينا فتمضي الليالي وهو سيّارُ
كالكهرباء إذا الأيدي بها اتصلت / ينساب منها إلى الأجسام تيّارُ
إن كان للمُلك أنصار تؤيدهُ / بالشرع أنا لهُ بالعقل أنصارُ
نسعى ويسعون والآمال واحدة / وإن تناءت عن الأفكار أفكارُ
إيهٍ بني الشرق ن الشرق ينظركم / هذي النجوم التي في الأفق أنظارُ
وكلما جاء تموز بموكبه / فذاك من قبل الأيام إنذارُ
تفتر عنهُ الليالي وهي مشرقة / كأن ظلماءها للناس أنوارُ
فكم يكتّم من سرّ تطالعه / وتحتهُ من خفايا الدهر أسرارُ
السحر لا تدرك الألباب معجزهُ / كذاك تموز للألباب سحارُ
هنّئتموا بإخاء كان مختفياً / بين القلوب فحان اليوم إظهارُ
لم يستجدّ ولكنّا نكررهُ / وهكذا يستديم الود تكرارُ
طاب روضي وأثمرت أشجاري
طاب روضي وأثمرت أشجاري / فأعيدي الغناء يا أطياري
يا بنات الربيع جددن شجوي / وأعنّ الصبا على أوطاري
مصر أرضي والنيل نهري وهذا ال / قصر داري وكل قصر داري
أنا شمس في مشرق الحسن والمل / ك وللعاشقين نوري وناري
أتهادى بين الغصون فتنآ / د وتغضي نواظر الأزهار
والنسيم العليل في الرضو يستش / في بلثم الثرى على آثاري
مستمداً منه شذاً معطاراً / نافخاً فيه من شذاً معطار
وأكف الأوراق تنثر لي الدر / م فأمشي على غوالي النثار
وتظل السماء تحسد وجه ال / أرض أني سحبت فضل إزاري
فهي ترنو بأعين الليل حسري / وهي تبكي بأدمع الأسحار
إيه يا صبح هل أتيت بخير / طال رعبي من سيء الأخبار
أترى أنت رائعي بعد أمن / ومديلي من عزة لصغار
إن الليل من غلائه السو / د لستراً من أحكم الأستار
ومحياك في تباشيره الغر / م مذيع غوامض الأسرار
هدأت شرة الشبيبة واللي / ل وقد عاد حين عدت وقاري
أكذا ينقضي مع الصفو ليلي / ومع الهم يستجد نهاري
إن عمراً مقسماً بين ملك / وغرام لأتعب الأعمار
لي في دولة القلوب احتكام / هو في نجوة من الأوزار
علقت بي رغم الحوادث والده / ر وذاقت انسي وذاقت نفاري
تتلظى ولو أشاء لذابت / غير أني حبست عنها أواري
كره الناس لي الفناء فأبقوا / شبهي في هياكل من نضار
وأبوا أن تكون أشكال حسني / مثلت في الصخور والأحجار
أكرموني في حاضري وأحبوا / لي بقاء التكريم في الأدهار
ونزيل القبور مهما يكرم / في احتقار والقبر دار احتقار
عجباً قرت الرعية في أم / ني ولكن ما قر فيه قراري
وأفاد الملوك في دول الأر / ض اقتداري ولم يفدني اقتداري
وفككت الإسار عن كل عان / ثم أصبحت لا يفك إساري
ما لهذا الصبا يزيد جماحاً / وقصارى الصبا إلى أقصار
أبداً أجتلي الصفاء إذا استج / لت عيوني صفاء هذي البراري
ولقد أنظر البحار فأزدا / د أضطراباً من اضطراب البحار
هائجات في لجها مائجات / كالتحام الأقدار بالأقدار
تضرب الشط ثم ترتد عنه / كارتداد الخميس دون الحصار
وكأن الفضاء مرآة نفسي / وكأني أرى به أفكاري
كم مقام هناك تطلبه النف / س أشتياقاً وكم شفير هاري
مع جد مسيره لارتفاع / وشباب مصيره لانحدار
ليت شعري ماذا أعد لي الده / ر من الويل بين هذي الصواري
تتراءى مثل الردينية السم / ر تثنى في جحفل جرار
ساريات بين الشبيهين من أف / ق وماء لم تكتحل بغبار
مشرقات النجوم في دول الأف / لاك ماذا يثنيك دون السرار
قد هوى من سمائه القمر الطا / لع هذي قيامة الأقمار
ملأ الكون حين أسفر واستع / لى وكان المحاق في الأسفار
وكذا النيرات تبدو وتخفى / كالحباب الطافي بكأس العقار
لهف نفسي على حياء وفيّ / بزها طائعاً لرعي ذماري
في حشاء نار من الوجد ليست / من وقود جزل وزند واري
رام إطفاءها فلم يلق ما يط / فئها غير سيفه البتار
فجرى النصل في الحشاشة جري ال / سيل دراً في دافع التيار
يا قلوب العشاق مالك حيرى / المنايا كثيرة فاختاري
بلغوا الغاشم الذي رام حربي / فتخطى دياره لدياري
أنا لا استطيب ملكاً بذل / أنا لا أستلذ عيشاً بعار
ولئن غالني بلا أنصار / فسألقى الردى بلا أنصار
سلبته سوالب الحب خدناً / لا بذى خدعة ولا غدار
حث أسطوله وأقبل يسعى / في جبال على جبال جواري
وتراءت أنوار ملكي لعيني / ه فلم تبصرا من الأنوار
حسن اسكندرية المتبدي / ناب عن حسن رومة المتواري
وإذا أسهم بغير انتظار / وإذا غارة بلا إنذار
كان جبار معشر فتولى ال / لحظ إذلال ذلك الجبار
نبذ الصولجان والصارم العض / ب هياماً بدملج وسوار
يبتغي ما ابتغاه صاحبه أم / س وهيهات وصمة التكرار
يضمر الحب ثم يبدي صدوداً / رب سر يذاع بالأضمار
أيها الدهر كم تطيف عليّ ال / كأس جاوزت غاية الإسكار
هيئي يا أماه مجلس أنسي / وأعدي الصبوح لي يا جواري
ولتقم هذه القيان وتشدو / مطربات ضرباً على القيثار
فعسى نغمة تروح روحي / إن روحي ترتاح للأوتار
ليقم بين اكؤس الراح عرشي / ثابتاً أسه رفيع المنار
حاملاً فوقه رواء شباب / طيب المجتنى وغض البهار
ولتضيء في ظلام نفسي نجوم / مشرقات من الحباب الصغار
كلآل على السموط تبدت / أو دموع على خدود العذاري
هان عندي أن أخلع الهم والتا / ج جميعاً إذا خلعت عذاري
أضجرتني سياسة الناس حيناً / ولئن دام دام لي اضجاري
والذي هامت البرية فيه / زخرف من تصلف وفخار
أيها التاج ما لبستك إلا / وبرأسي بقية من خمار
فوداعاً يا مجلساً كنت شمساً / أتجلى فيه على الحضار
قد سلا كل من أحب بحبي / وتلهى عن جاره بجواري
وانتهت دولة الشباب كأن لم / تك كانت لم تبق من تذكار
وفراق الأحباب إن صدق الحب / م سبيل لمنزل الأنتحار
فزت يا قيصر ولكن بماذا / لا بدار نعمت أو ديار
الله ما أحلاك في ناظري
الله ما أحلاك في ناظري / يا منبع الألهام للخاطر
ما في السما مثلك من فتنة / ولا الثرى مثلي من شاعر
إنا خلقنا للهوى والوفا / من أول العمر إلى الآخر
لي أمل لا أزال أثمره
لي أمل لا أزال أثمره / أخفيه وحدي ومعك أظهره
أبقيه حتى يجئ موسمه / وأنت إن شئت لا تؤخره
مالك أدنو وأنت تبعدني / عرفت حبي أصرت تنكره
يا فتنة الراهب المبتل هل / يقدر مثلي ما ليس يقدره
أهيم وجداً وأنت تزجرني / أكل صب يهواك تزجره
إني أمرؤ شاعر أجن بما / يحسن في ناظري منظره
الحسن يملي الهوى فأنظمه / والدل يملي الأسى فأنثره
وأنت روض الشباب إن نضبت / عيونه بالدموع أمطره
للحسن عندي مكانة شرفت / لكنني لا أزال أحذره
مالي وللشعر أبقيه لطالبه
مالي وللشعر أبقيه لطالبه / وصيري حصتي في مرسل الشعر
إني أحبك حباً لا اتصال له / بعلة أنت في قلبي وفي فكري
سعى بحبك لي في أصله قدر / فأنت في قدري والحب في قدري
انظر إليها إنها تنظرُ
انظر إليها إنها تنظرُ / تسحر بالطرف ولا تسحر
نرجسة كالعين في شكلها / لو لم يشنها الحدق الأصفر
جاحظة جحظتها فتنة / تشقى بها الحوراء والأحورُ
أهدابها مثل جناح الفرا / ش أصله من طرفهِ أصغر
تزمز طيباً لك أنفاسها / فلا تزال دهرها تزفرُ
تصبر في الفرقة عن أرضها / أما عن الماء فلا تصبر
قامت على مهفهف أخضر / وحبذا المهفهف الأخضر
تُرقصهُ الشمأل إذ تجتزي / يسكره النهير إذ يعبر
أجوف كالأنبوب في خلقهِ / يكاد من ليانه يُهصر
قد نظموا الأشعار في وصفها / وحسنها من وصفهم أشعر
أتصبر والمتيم غير صابر
أتصبر والمتيم غير صابر / وتهجر والمتيم غير هاجر
صدقت فكل حب فيه بدء / يكون وكل حب فيه آخر
أظنك قد هجعت الليل بعدي / ولم تعلم بأني فيه ساهر
سأزجر عن هواك غداً فؤادي / ولا والله لست غداً بزاجر
فزد تيهاً ازد حباً فإني / وإن أسرفت في هجري لشاكر
يا غراماً في بدئه كان حلواً
يا غراماً في بدئه كان حلواً / كيف أصبحت بعد ذلك مرا
لم أزل فيك أشكر الوصل حتى / أزف البعد فإغتدى الوصل هجرا
لا الصبر يرجى ولا السلوان ينتظر
لا الصبر يرجى ولا السلوان ينتظر / قد جل يومك في الأيام يا عمر
ويح القلوب التي أسكنتها أزلاً / ماذا عليك من الاحزان تدخر
أن تفن منها فما ذكراك فانية / تبقى الهيولى وتفنى وحدها الصور
خط الوجود لنا في بعضه خططاً / هي الكنوز ولكن أسمها حفر
أن يخل ريع الصبا ينزل مرابعها / أو يندثر أثر يظهر بها أثر
تجاورت عندها الأحساب فالتحمت / أن الورى أسرة في الارض لا أسر
أن تذو يا غصن مصر في حديقتها / فحسبها منك أن قد أينع الثمر
تنبو الحوادث عن أهرامها قعساً / وليس يأبى على أهرامها الكبر
الناطقات لمصر وهي صامتة / والشاهدات لمصر وهي تفتخر
بك النواظر والأفواه في شغل / كلا الفريقين فيه جمت الدرر
تسابقت فيك لا تألو عزائمها / وقصرت فاتتك اليوم تعتذر
يثني عليك رجال الفضل ما ذكروا / وتستطيب المعالي كل ما ذكروا
تبقى مساعيك فيهم سلوة لهم / يجري الصغار عليها إن هم كبروا
ما بعد مجدك للآمال مطرح / وليس بعدك في الأمجاد منتظر
لا زال قبرك بالريحان مزدهراً / فكل قلب به أسكنت مزدهر
ضع الأمر في موضع الأعتبار
ضع الأمر في موضع الأعتبار / فإن الزمان زمان العبر
ولا يفرحنك زوال الخطوب / فكم أثرها من خطوب أخر
مصاب مرير إذا ما انقضى / تلاه مصاب عليك أمر
سهرت لياليك في بغية / مضت ونبا بك عنها السهر
حياتك أمست حياة التساوي / فلست تساء ولست تسر
قدرت فقلت فلما عجزت / سكت فغشى البيان الحصر
إذا ما أماني الهوى برزت / وكل خفي بها قد ظهر
وشام بصير وأصغى سميع / وراحت ترود المعاني الفكر
وقال زمانك كيف التحامي / وناداك دهرك أين المفر
هالك تشكو كما كنت تشكي / ويجري بما لا تشاء القدر
أكذاك تبكر في علاك وتمطر
أكذاك تبكر في علاك وتمطر / يا غيث ملكك كل ملكك مزهر
تسعى وجودك مثل ظلك تابع / لك والمواهب إثر خطوك تقطر
لم يبق في أم العواصم معهد / إلا وفيه من عهادك أنهر
فاليوم عطشاها بسيبك رية / واليوم مجدبها بريك مغمر
هش المقام الأحمدي لزائر / سبقت عوارفه إليه تبشر
جار على سنن الجدود كما بنوا / يبني وعما أقصروا لا يقصر
لو يستطيع مزوره من شوقه / لأطل يرتجل الثناء ويشكر
أوعي من دهش هناك خطيبه / لأقام يخطب في الحضور المنير
يستقبل المحراب منك مملكاً / هو مثله للملك بل هو أكبر
آثار أسماعيل في ريعانها / ملء الجفون إلى حسين تنظر
فكأنما هي السن لفعاله / أبداً تباهي في العصور وتفخر
حيتك آثار النبي محمد / وغدت تهلل باسمه وتكبر
فترو من بركاتها ورضائه / فلأنت أولى بالرضاء وأجدر
اليوم يصطنع الثنا لك مخلصاً / وغداً تظل به ترن الأعصر
لله طنطا ما أشد سرورها / لله أعين أهلها من تبصر
يطأ الحسين ترابها فيضوع من / خطواته في جانبها العنبر
سيبيت معهدها يسامي أفقها / ويبيت ملتفتاً إليه الأزهر
حسب الشبيبة أنها في روضه / قد نورت وكذاك سوف تنور
مولاي فضلك هاج منطق صامت / والفضل يقتدح اللسان فيذكر
علمتني صوغ الثنا فعلمته / ونهضت أنظم في ثناك وأنثر
أنا صادق في ما أقول وضامن / أن الزمان إذا أقول يكرر
ركب تيمم منزلاً قفراً
ركب تيمم منزلاً قفراً / جاز الربوع وشارف القبرا
متحير يمضي فيعطفه نعي / نعي يرن وعبرة تذرى
الآن أمضى الحين نائله / وسطت على الأولى يد الأخرى
كرت جياد كن كابية / وكبا جواد طالما كرا
افروق شأنك في الورى عجب / أكذاك أرضك بأكل الحرا
ثوت الفصاحة في ملحدة / إثر البلاغة فاندبوا الشعرا
قال النعاة طوى الردى حسناً / قلت طوى الدهرا
يا روع الله المحبة كم / سلبت نهى وكم استبت فكرا
تأوي قلوباً لا تفارقها / وتقودها لحمامها قسرا
فلها يد تسقى بها ضرباً / حتى اتقضت فرأيتها أمرا
ما زلت امتعن الامور بها / حتى انقضت فرأيتها أمراً
يا قبر عندي طية عرضت / لمن استفضت فزحزح السترا
قد كنت قل اليوم اقصده / أهدي إليه النظم والنثرا
لا تطرحن وإن ثوى حسن / بعد المدائح فوقه الصخرا
الآن لما اسعفت قسم / ووفى الزمان وغادر الغدرا
ابكيك ما ذكر الورى اثراً / ووعى الخلود لفاضل ذكرا
ابكيك ما جرت اليراعة في / ميدانها واستطردت سطرا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025