المجموع : 7
أَلهيتَ نفسَك لكنْ
أَلهيتَ نفسَك لكنْ / لَهيتَ بالأوطارْ
طلبتَ شهوتَها إذْ / أَلهَبْتَ فيها النارْ
قدَّمت ذنبَكَ لمّا / قدَّمتَ بالأَعذار
لَعَدَمْتَ عمرَكَ حتّى / عَمَرْتَ هذي الدارْ
العمرُ يقصُرُ والدَّهْ / رُ بالفتى غدّارْ
كلاهُما مسعارٌ / جَناهما مُشْتارْ
وِدادُهما قَلَّ دنيا / إيرادُها إصدارْ
سباعُها ضارياتٌ / طباعُها أضرارْ
جاراتُها جائرات / عرفاتُها إنكسار
خُسرانُها الرِّبحُ عندي / نقصانُها إبدارْ
كثيرُها مُستَقل / غزيرُها غرَّارْ
أَدوارُها دائرات / أَوطارُها أَطوارْ
لباسُها البأسُ فاعلَمْ / فناسُها أَغمارْ
غُفْلُ البصائرِ ذُهْلُ ال / قلوبِ والأبصارْ
توالتِ السّفْرُ منها / وطالتِ الأَسفارْ
بَدارِ فالأَمرُ صعب / حذارِ للانذارْ
اقْنِ الثناءَ وأَقنِ الثَّ / راءَ وانفِ العارْ
فَرِّق لُهاكَ وأحسنْ / وأَنفق الدينارْ
مالي أُكثرُ مالي / ومالي الأنصارْ
الذِّكرُ عندي خير / والشُّكرُ لي مختارْ
يُفرِّجُ الهمَّ عندي / ما تُنتجُ الأَقدارْ
وما مشيبُ المرءِ إلاّ غُبْرَة
وما مشيبُ المرءِ إلاّ غُبْرَة / تعلّقتْ من ركضِ عُمْرٍ قد غَبَرْ
أضحتْ ثغورُ النّصرِ تبسمُ بالظَفَر
أضحتْ ثغورُ النّصرِ تبسمُ بالظَفَر / وغدتْ خيولُ النّصرِ واضحةَ الغُرر
يا ابنَ السّراةِ ذوي العُلى من هاشمٍ / والأكرمينَ أُولي المناقبِ من مُضرْ
مُتقلّدي الذِّكر المنزَّل فيهمُ / إنْ نازلوا بَدلاً العَضْب الذَّكرْ
أَنتَ ابنُ عمِّ المصطفى وسميُّه / أَبشرْ فإنّكَ بعدَهُ خيرُ البشرْ
من راحتيكَ المُزن في المَحْلِ اجتدى / وإلى سَناكَ البدرُ في الليلِ افتقرْ
أَدنى وليٍ في رضاكَ مُعظّم / وأَجلُّ ذي مُلْكٍ بسخطكَ مُحتقرْ
أضحى حمى الباغي رضاكَ ممنّعاً / بينَ الورى وغدا دمُ الباغي هدَرْ
لو كنتَ في زمنِ النبيِّ لأُنزِلتْ / في هذهِ السِّير التي لكم سُورْ
بكمُ الورى في نعمةٍ لا تنقضي / لا تنقضي واللّه نعمةُ من شكَرْ
في أَنفسٍ بكم تُقرُّ وأَلنسٍ / بكمُ يقرُّ وأَعينٍ بكم تقرْ
عاصيكمُ لم يقضِ إلاّ نحبَهُ / من دهرهِ ومطيعكم إلاّ الوَطَرْ
لما شفعتَ العزمَ وهو مؤيّدٌ / بالحزمِ أَسفرَ بالمُنى منكَ السّفَرْ
وبرزتَ مثلَ الشمّسِ تُشرق للورى / وسَناكَ يحجُبُ عنكَ ناظرَ مَنْ نَظَرْ
في شيبةٍ مفطورةٍ لله من / أَنوارهِ سبحانَهُ فيما فَطَرْ
بيضاء يستسقي بها صوبُ الحيا / وبأصلها إذ أجدبوا استسقى عُمَرْ
وكأَنما تلك المظلّةُ هالةٌ / وجه الإمام يضيء فيها كالقَمَرْ
للهِ جيشٌ للخليفةِ قادَهُ / ربُّ الخليفة بالميامنِ والظّفَر
مَجْرٌ إذا جَرَّ القنا لا يرتضي / وَجْهَ المجرَّةِ أَنْ يكونَ لها مَجَرْ
أَشجارُ خطٍّ إن تشاجرت العدى / أَضحتْ لها هاماتُ مُخيطهم ثمر
فوق الجياد الجُردِ ما وردت وغىً / إلاّ وخيل عدوّها عنها صَدَرْ
يتركن في الظمأ الزُّلال بصفوه / ويَرِدْنَ في الرَّوعَ الدِّماء على كَدَرْ
فالأرضُ وهي فسيحةٌ ضاقتْ به / وعلى العدى منه فما وجدوا مَقَرْ
قد أَوقدوا ناراً هم احترقوا بها / وشرارِهم متطايرٌ بهم الشَّرَرْ
لما أَبوا ما فيه خيرُهمُ أَتوا / ما فيهم بَشَرٌ نجا إلاّ بِشَرْ
هذي أميرَ المؤمنين قصيدةٌ / غرّاءُ تَقْصدُ قبّةَ الملكِ الأغَرْ
حسناءُ يَهديها وليٌّ مُخلصٌ / لكم الولاءَ فأَوْلها حسنَ النّظرْ
صُوَرٌ تقوم بها معانٍ منكمُ / إنّ المعانيَ زائناتٌ للصُّوَرْ
دقّتْ لمعنى السِّحر إلاّ أَنّها / راقتْ ورقّتْ مثل أَنفاسِ السّحَرْ
لما رأَيتُ مَنارَ بيتكَ كعبةً / وافيتُ فيمن حَجَّ بيتكَ واعتمرْ
وهجرتُ أَوطاني إليه ومَن رأَى / شرفاً له في أَنْ يفارقها هَجَرْ
ونأَيتُ عن قومي ليرفعَ دونهم / قدري اصطناعُك لي فجئتُ على قدرْ
أَحبةَ قلبي طالَ ليليَ بعدكمْ
أَحبةَ قلبي طالَ ليليَ بعدكمْ / أَسىً فمتى أَلقى بوجهكم الفَجْرا
سكنتمْ فؤادي وهو في نار شوقكمْ / فهلاَّ أَخذتُمْ فيه من نارِه حِذْرا
فقدتُ حياتي مذْ فقدتُ لقاءَكم / فهل بحياتي منكم نشأةٌ أُخرى
لقد عادَ أُنسي وحشةً بفراقكم / كما عادَ عرفُ الدَّهرِ بعدكم نُكرا
وقد كنتُ مُغترّاً بأيامِ وصلكم / ولا يأمن الأيَامَ من كانَ مغترّا
أجيرانَ جيرونَ المجبرينَ جارهمْ / من الجَوْرِ حوزوا في مشوقكم الأجرا
محبّتُكم قد خانَهُ الصّبْرُ فاطلبوا / مسحباً سواء عنكمُ يحسنُ الصّبرا
ومذ غبتُ عن مَقرْي مَقَريَّ قد نبا / سقَآ ورعَى ربّي مَقريَّ في مقْرى
أَحنُّ إلى عذرا وعذريَ واضحٌ / لأَنَّ الهوى العذريَّ منّي في عذرا
إذا القدرُ المحتومُ من جلِّقٍ بنا / إلى مصر أَسرى فالقلوبُ بها أسرى
رحلنا فما باحتْ بأسرارنا سوَى / عبارةُ عينٍ خوف يومِ النّوَى عَبْرَى
تركنا دمشقاً والجنانُ وراءَنا / وقد أَمّنا بالكسوةِ الرفقة السّفرا
وجئنا إلى المَرْجِ الذي طابَ نشرُهُ / فلا زالَ من أَحبابنا طَيّباً نَشرا
رحلنا بمرجِ الصُّفرِ بالعيسِ غدوةً / فسارتْ وحطّتْ في محجَّتها ظهرا
وقد قطعتْ تُبْنى إلى الديِّرِ بعدها / وما عرستْ حتى أناختْ على بُصرى
نزلنا الدِّناحَ والجلاعبَ بعدها / وبعدهما غدرَ البشاميَّةِ الغزرا
ورأسَ الجشا والقريتينِ وكلُّها / مواردُ فيها السُّحبُ قد غادرتْ غدرا
وردنا من الزَّيتونِ حِسْمىَ وأَيلة / وجزنا عُقاباً كان مسلكها وعرا
إلى قلّةِ الرَّاعي إلى نابعٍ إلى / جراولَ فالنخلِ الذي لم يزل قفرا
إلى منزلٍ في روضةِ الجملِ اغتدتْ / به عيسنا في صدرِ شارحه صدرا
ودونَ حَشَا لمّا حَثَثْنا ركابنا / عيون لموسى لم يزل ماؤها مُرا
هناكَ تلقانا الوفودُ بِبرِّهم / فسروا بنا نفساً وزادوا بنا بِشرا
قطعنا إلى بحرِ النّدى بحرَ قُلْزُم / ومَنْ قصدُهُ بحرَ النَّدى يقطعُ البحرا
عبرنا إلى من كاثر الرمل جوده / وجزنا إليه ذلكَ الرَّملَ والجسرا
ولم يرونا ماء الثماد بعَجرَد / ولم يقتنع بالقل من يأمل الكثرا
وجبنا البوَيْب والمصانع قبله / إلى بركة الجب التي قربت مصرا
إلى عزمةٍ في المجدِ غيرِ قصيرةٍ / وكان قُصارى أَمرنا أَنْ نرى القصرا
ولما نزلنا مصرَ في شهر طوبة / وردنا بكف العادل النيل في مسرى
غدا قاصراً عن قصرِه قصرُ قيصرٍ / وإيوانُ ةكسرى عند إيوانهِ كسرا
لا تُنكرنَّ لسابحٍ عثرتْ بهِ
لا تُنكرنَّ لسابحٍ عثرتْ بهِ / قدمٌ وقد حملَ الخضمَّ الزاخرا
ألقى على السلطان طِرفك طرفه / فهوى هنالكَ للسّلام مبادرا
سبقَ الرِّياحَ بجريهِ وكففته / عنها فليس على خلافكَ قادرا
ضعفتْ قواه إذ تذكر أَنّه / في السّرحِ منكَ يُقل ليثاً خادرا
ومتى تطيقُ الرِّيحُ طوداً شامخاً / أَو يستطيعُ البرقُ جوناً ماطرا
فاعذر سقوط البرقِ عند مسيرهِ / فالبرقُ يسقط حين يخطفُ سائرا
وأَقِلْ جوادكَ عثرة ندرت له / إنَّ الجوادَ لَمَن يُقبلُ العاثرا
وتوقَّ من عينِ الحسودِ وشرها / لا كان ناظرها بسوءٍ ناظرا
واسلمْ لنور الدِّينِ سلطان الورَى / في الحادثاتِ معاضداً ومؤازرا
وإذا صلاحُ الدِّينِ دامَ لأهلهِ / لم يحذروا للدَّهرِ صَرفاً ضائرا
أَبا يوسف الإحسان والحسن خير من
أَبا يوسف الإحسان والحسن خير من / حَوى الفضلَ والإفضالَ والنُّهى والأمرا
ومَنْ للهُدى وجهُ النّجاحِ برأيهِ / تجلى وثغرُ النّصرِ من عزمهِ افترَّا
حمى حوزةَ الدِّينِ الحنيفِ بحوزهِ / من الخالقِ الحُسنى ومن خلقهِ الشُّكرا
أَبوه أَبى إلاَ العلاءَ وعمُّهُ / بمعروفهِ عمَّ الورى البدوَ والحضْرا
وطالَ الملوك شيركوه بطَوله / وما شاركوه في العلى فحوى الفخرا
بنو الأصفر الإفرنج لاقوا ببيضهِ / وسمرِ عواليهِ مناياهمُ حُمرا
وما ابيضَّ يومُ النّصرِ واخضرَّ روضُهُ / من الخصبِ حتى اسودَّ بالنّقعِ واغبرَّا
رأى النّصرَ في تقوى الإله وكلّ من / تقوَّى بتقوى اللهِ لا يعدمُ النَّصرا
ولما رأَى الدُّنيا بعينِ ملالةٍ / أَغذَّ من الأُولى مسيراً إلى الأُخرى
وقامَ صلاحُ الدِّينِ بالملكِ كافلاً / وكيف ترى شمسَ الضُّحى تخلفُ البدرا
ولما صَبَتْ مصرٌ إلى عصرِ يوسف / أَعادَ إليها اللهُ يوسفَ والعصرا
فأَجرى بها من راحتهِ بجودهِ / بحاراً فسماها الورى أَنْمُلاً عشرا
هزمتم جنود المشركين برعبكم / فلم يلبثوا خوفاً ولم يمكثوا ذُعرا
وفرقتمُ من حولِ مصر جموعهم / بكسرٍ وعادَ الكسرُ من أهلها جبرا
وأمنتم فيها الرَّعايا بعدلكم / وأَطفأتم من شرِّ شاوَرِها الجمرا
بسفكِ دمٍ حطتمْ دماءً كثيرةً / وحُزتم بما أَبديتم الحمدَ والشكرا
وما يرتوي الإسلام حتى تغادروا / لكم من دماءِ الغادرينَ بها غُدرا
فصبُّوا على الإفرنج سوطَ عذابها / بأن تقسموا ما بينها القتلَ والأَسرا
ولا تهملوا البيتَ المقدَّسَ واعزموا / على فتحهِ غازينَ وافترعوا البكرا
تديمونَ بالمعروفِ طيِّبَ ذكركم / وما الملك إلاّ أن تُديموا لكم ذِكرا
وإنَّ الذي أَثرى من المالِ مُقتْرٌ / وإنْ يُفْنِهِ في كسبِ محمدةٍ أُخرى
كتبَ العذارُ على الخدودِ سُطورا
كتبَ العذارُ على الخدودِ سُطورا / من يَتْلُها يَكُ في الهوى معذورا
وبدا البنفسجُ بينَ وردِ خدودهم / غضاً فمازج وردها الكافورا
فكسا ربيعُ الحُسنِ روضَ جمالهم / من نورِه فوقَ الحريرِ حريرا
ومعنبرُ الصدغينِ ضم عِذاره / في عارضيهِ إلى العبيرِ عبيرا
بدرٌ به كلفُ العبادِ فيا لَهُ / عجباً فقد شابَ الظلامُ النورا
يا للرجالِ لمقلةٍ مخمورةٍ / يغدو المحب بكأسِها مخمورا
أَبكي ويضحكُ كالغمامِ إذا بكى / حُزناً تبسمت الرياضُ سرورا
وترى لآليء ثغرهِ منظومةً / ولديه لؤلؤ عبرتي منثورا
عهدي به والعيشُ صافٍ شربُهُ / والدهرُ لم يُحدثُ له تكديرا
يا حبذا ليلٌ يُقضى بالمنى / طالَ السرورُ به وكان قَصيرا
ولقد أَلفتُ نِفارَها وهَوَيْتُها / إذ ليس يُنكَرُ للظباءِ نِفارُ
يا جارةً للقلبِ جائرةً دعي / ظُلمي وإلا قلتُ جارَ الجارُ
قلبي كطرفي ما يفيقُ إفاقةً / سكران ما دارتْ عليه عُقارُ
صَبٌّ بصب الدمعِ محترق الحشا / خطرت ببال بلائهِ الأَخطارُ
لم يخشَ من خطرِ الهوى حتى حمى / ذاكَ القوام شبيهه الخطارُ
يذري الدموعَ كأنهن عوافٌ / لابْنِ المملكِ شيركوه غزارُ
من آلِ شاذي الشائدينَ بنا العُلَى / أَركانُهن لَها ذمٌ وشفارُ
حسنتْ بهم للدولةِ الأيامُ وال / أَعمالُ والأَحوالُ والآثارُ
قد حازَ ملكَ الشامِ يوسفٌ الذي / في مصر تغبطُ عصرَهُ الأعصارُ
نصرَ الهُدى فتوطدَ الإسلامُ في / أَيامهِن وتضعضعَ الكُفارُ
وكتيبةٍ مثل الرياضِ كأنما / راياتُها منشورةٌ أَزهارُ
وكأنما خُضرُ البيارقِ للقنا / وُرقٌ وهاماتُ العُداة ثمارُ
وكمائمُ الأَغماد عن زهرِ الظبى / فتقت فكل صقيلةٍ نُوَارُ
وعلى شعاعِ الشمسِ لمع حديدها / يبدو كما يعلو اللجَين نُضارُ
عَبيتَها بعزيمةٍ مشفوعةٍ / بالنصرِ منكَ تُعينُها الأَقدارُ
لما لقيتَ جموعهم منظومةً / صيرتَ ذاكَ النظمَ وهو نثارُ
في حالَتَيْ جُودٍ وبأسٍ لم يزلْ / للتبرِ والأَعداءِ منك تَبارُ
تهبُ الأُلوفَ ولا تهابُ أَلوفَهم / هانَ العدو عليكَ والدينارُ
لما جرى العاصي هنالك طائعاً / بدمائهم فخرتْ به الأَنهارُ
وتحطمتْ عند القرون قرونُهم / بل كلت الأنيابُ والأظفارُ
عبروا المعرةَ مالكينَ معرةً / والعارُ يملك تارةً ويعارُ
أو ما كفاهم يوم حمص وكفهم / في بعلبك بمثلها الإنذارُ
أهلي بجلقَ والعراق مراقبو / حالي وطرفُ رجائهم نظارُ
بادرتُ نحوكَ بالرجاءِ مؤملاً / ليكونَ منكَ إلى النجاحِ بدار
وقطعتُ أَبوابَ الملوكِ إليكم / والصفُو تحجزُ دونَهُ الأكدارُ
ما منزلٌ من يرى في / هِ غير عارٍ فعار
به تماطُ الأذايا / وترخَصُ الأوضارُ
والعيشُ فيه قريرٌ / والطيشُ فيه وقارُ
والسبتُ في كل يومٍ / لمن يرى مختارُ
نارٌ تطيبُ أَلا اعجبْ / لجنةٍ هي نارُ
لئنْ مَنَعَ الغيثُ عن زورةٍ / فغيثُ فضائلهِ زائرُ
وما غابَ مَنْ شخصُ آلائهِ / إذا غابَ عن ناظري حاضرُ
بدُركَ فُزْتُ وهل فائزٌ / بدُركَ في صفقةٍ خاسرُ
وما روضةٌ أُنُفٌ نَوْرُها / لناظرِ ذي طربٍ ناضرُ
بنفسجُها عارضٌ مُغْزِرٌ / ونرجسهُا ناظرٌ ساحرُ
فثغرُ الأَقاحي بها باسمٌ / ووجهُ الأَماني لها ناشرُ
كأن سقيطَ الندى بينها / لآليءُ ينثُرُها ناثرُ
بأحسنَ من روضِ أشعارهِ / وقد جادَها فضلُهُ الماطرُ
تَقر بقُربكَ لا بل يَقر / برؤيتكَ القلبُ والناظرُ
أَقول لركبٍ بالخيارةِ نُزلٌ / أَثيروا فما لي في المقامِ خيارُ
همُ رحلُوا عنكَ الغداةَ وما دَرَوا / بأَنهمُ قد خَلفوكَ وساروا
حليفُ اشتياقٍ لا ترى من تحبهُ / وفي القلبِ من نارِ الغرامِ أُوارُ
أَجيروا من البلوى فؤادي فعندكم / ذمامٌ له يا سادتي وجوارُ
المشمسُ لانتظارِنا مصفر / والروضُ إلى لقائنا مُفتر
قمْ نغتنم الوقتَ فهذا العمرُ / لا لبثَ له فمَنْ بهِ يَغتر
بلغتَ بالجد ما لا يبلغُ البشرُ / ونلتَ ما عَجَزتْ عن نيلهِ القُدَرُ
يهتدي للذي أَنت اهتديتَ له / ومن له مثلُ ما أَثرتَهُ أَثرُ
أَسرتَ أم بسُراك الأرضُ قد طويتْ / فأنتَ إسكندرٌ في السيرِ أم خَضرُ
أوردْتَ خيلاً بأقصى النيلِ صادرةً / عن الفراتِ يقاضي وِرْدَها الصدَرُ
تناقلتْ ذكرَكَ الدنيا فليس لها / إلا حديثكَ ما بينَ الورى سمرُ
فأنتَ مَنْ زانتِ الأيامُ سيرته / وزادَ فوقَ الذي جاءَتْ بهِ السيرُ
لو في زمانِ رسول الله كنتَ أتت / في هذه السيرةِ المحمودةِ السورُ
أصبحتَ بالعدلِ والإقدام مُنفرداً / فقل لنا أَعليٌّ أنتَ أم عمرُ
إسكندرٌ ذكروا أخبارَ حكمته / ونحنُ فيكَ رأينا كل ما ذكروا
ورُستمٌ خبرونا عن شجاعتهِ / وصارَ فيك عياناً ذلك الخبرُ
إفخْر فإن ملوكَ الأرضِ أذهلهمْ / ما قد فعلتَ فكلٌّ فيكَ مفتكرُ
سهرتَ إذ رقدوا بل هجتَ إذ سكنوا / وصُلْتَ إذ جبنوا بل طلتَ إذ قصروا
يستعظمونَ الذي أدركتَهُ عجباً / وذاكَ في جنبِ ما نرجوهُ محتقرُ
قضى القضاء بما نرجوه عن كثبٍ / حتماً ووافقكَ التوفيقُ والقدرُ
شكتْ خيولُكَ إدمانَ السرى وشكتْ / من فَلها البيضُ بل من حَطْمها السمرُ
يَسرْتَ فتحَ بلادٍ كانَ أَيسرُها / لغيرِ رأيكَ قُفلاً فَتحُهُ عَسِرُ
قرنتَ بالحزمِ منكَ العزمَ فاتسقتْ / مآربٌ لكَ عنها أَسفرَ السفرُ
ومَنْ يكونُ بنورِ الدينِ مُهتدياً / في أَمرِهِ كيف لا يقوى له المرَرُ
يرى برأيكَ ما في الملكِ يبرمُهُ / فأنتَ منه بحيثُ السمعُ والبَصرُ
لقد بغتْ فئةُ الإفرنجِ فانتصفتْ / منها بإقدامكَ الهنديةُ البترُ
غرستَ في أرضِ مصر من جسومهمُ / أَشجارَ خط لها من هامهم ثمرُ
وسالَ بحرُ نجيعٍ في مقامِ وغى / به الحديدُ غمامٌ والدمُ المطرُ
أَنهرتَ منهم دماءً بالصعيدِ جرى / منها إلى النيلِ في واديهمُ نَهَرُ
رأوا إليكَ عبورَ النيلِ إذ عدموا / نصراً فما عبروا حتى اعتبروا
تحتَ الصوارمِ هامُ المشركينَ كما / تحتَ الصوالجِ يوماً خفتِ الأُكرُ
أَفنتْ سيوفُكَ مَن لاقتْ فإنْ تركتْ / قوماً فهم نفرٌ من قبلها نفروا
لم ينجُ إلا الذي عافته من خبثٍ / وحشُ الفلا وهو للمحذورِ منتظرُ
والساكنونَ القصورَ القاهرية قد / نادى القصورُ عليهم أنهم قُهروا
وشاورٌ شاوروه في مكائدهم / فكادَهُ الكيدُ لما خانه الحذرُ
كانوا من الرعبِ موتى في جلودهم / وحين أَمنْتَهم من خوفهم نُشروا
وإِن من شيركوه الشركَ منخزلٌ / والكفرَ منخذلٌ والدينَ منتصرُ
عول على فئةٍ عندَ اللقاءِ وفتْ / وعد عن تركمانٍ قبلهُ غدروا
وكيف يُخذلُ جيشٌ أَنتَ مالكُه / والقائدانِ له التأييدُ والظفرُ
أَجابَ فيكَ إلهُ الخلقِ دعوةَ مَنْ / يطيبُ بالليلِ من أَنفاسهِ السحرُ
قل في الكرامِ لهُ / مُشبهٌ وإنْ كثروا
همةٌ مباركةٌ / في الشفا لها أَثرُ
ليس في السيوفِ سوى / للمهند الأَثرُ
عيدانِ فطْرٌ وطُهرُ / فتحٌ قريبٌ ونَصْرُ
ذا موسمُ للأماني / بالنجحِ موفٍ مُبر
وذاكَ موسمُ نُغْمَى / أَخلافُها تستدر
هذا من الصومِ فطر / وذاك للصومِ بَدْرُ
كلاهما لكَ فيه / حقاً هناءٌ وأَجرُ
وفيهما بالتهاني / رسمٌ لنا مستمرُ
طهارةٌ طابَ منها / أَصلٌ وفرعٌ وذكرُ
نجلٌ على الطهْرِ نامٍ / زكا له منكَ نجرُ
محمود الملكُ العا / دلُ الكريمُ الأَغرُ
وبابنهِ الملك الصا / لحِ العيونُ تَقرُ
مولىً به اشتد للدي / نِ والشريعةِ أَزْرُ
نورٌ تجلى عياناً / ما دونَهُ اليومَ ستْرُ
أَضحتْ مساعيكَ غُراً / كما أَياديكَ غُزرُ
وكل قصدِكَ رُشْدٌ / وكل فعْلكَ برُ
وإن حبكَ دينٌ / وإن بغضَكَ كفُرُ
لنا بيُمناكَ يُمْنٌ / كما بيُسراكَ يُسْرُ
وللموالين نفعٌ / وللمعادينَ ضُرُ
وللسماءِ سحابٌ / وسحبُ كَفيكَ عشرُ
ناديك بالرفدِ رحبٌ / نداكَ للوفدِ بحرُ
عدلٌ عميمٌ وجودٌ / غمرٌ ويسرٌ وبشرُ
وفي العطِيةِ حلوٌ / وفي الحمِيةِ مُر
قد استوى منك تقوَى ال / لهِ سر وجَهرُ
تُقاكَ والملكُ عندَ ال / قياسِ عقد ونحرُ
يا أَعظمَ الناسِ قدراً / وهل لغيرِكَ قدرُ
وساهراً حين ناموا / وقائماً حين قروا
ما اعتدتَ إلا وفاءً / وعادةُ القومِ غدرُ
وفعلُكَ الدهرَ غزوٌ / للمشركينَ وقهرُ
وفعلُ غيرِكَ ظلمٌ / للمسلمين وقسرُ
يفتر من كل ثغرٍ / إلى ابتسامكَ ثغرُ
رومٌ به وفرنجٌ / في شَفْعهم لكَ وترُ
حربٌ عوانٌ وفتحٌ / على مرادكَ بكرُ
بنو الأَصافرِ من خش / يةِ انتقامكَ صفرُ
لم يبقَ للكفرِ ظفرٌ / لا كان للكفرِ ظفْرُ
وما دَجَى ليلُ خطبٍ / إلا وعزمُكَ فجرُ
أَصبحتَ بالغزوِ صَباً / وعنه مالكَ صبر
لكسرِ كل يتيمٍ / إسعافُ بركَ جبرُ
في كل قلبِ حسودٍ / من حر بأْسكَ جمرُ
تمل تطهيرَ مَلْكٍ / له الملوكُ تَخرُ
يُزْهَى سريرٌ وتاجٌ / به ودستٌ وصدرُ
وكيف يعملُ للطا / هرِ المطهرِ طهرُ
هذا الطهورُ ظهورٌ / على الزمانِ وأَمرُ
وذا الختانُ ختامٌ / بمسكهِ طابَ نشرُ
رزقتَ عمراً طويلاً / ما طالَ للدهرِ عُمرُ
كيفَ قُلتم في مقلتيهِ فتورُ / وأَراها بلا فتورٍ تجورُ
لو بَصُرْتُمْ بلحظه كيفَ يَسْبي / قُلتُم ذاكَ كاسرٌ لا كَسيرُ
مُوترٌ قَوْسَ حاجبيهِ لإصما / ءِ فؤادي كأنهُ مَوْتورُ
لا تَسَلْني عن اللحاظِ فعقلي / طافحٌ من عُقارِهن عَقيرُ
كيف يَصْحو من سُكره مُستهامٌ / مَزجَتْ كأسَهُ العُيونُ الحُورُ
أَوْرَثتْه سقامَها الحَدَقُ النج / لُ وأَهدتْ له النحولَ الخصورُ
ما تَصيدُ الأُسدَ الخوادِرَ إلا / ظَبَياتُ كناسهن الخُدورُ
كُل غُصنيهِ الموشحِ هَيْفا / ءَ على البَدْرِ جَيْبُها مَزور
وجناتٌ تُجنى الشقائق منها / وثنايا كأَنها المنثورُ
وبنفسي مُعنبرُ الصَدغِ والعا / رض فوقَ العبيرِ منه العبيرُ
مقْطَعٌ للقُلوبِ يَقطعُ فيها / باقتدارٍ وخَطهُ المَنشورُ
فتأمَل منه عذاريهِ تعلم / أَن معذولَ حُبهِ معذورُ
مُنثني العطفِ مُنتشي الطرفِ في في / هِ الحُميا وطَرْفُهُ المخمورُ
أَيسَ العاذلون مني فيه / مثلما خابَ في قبولي المشيرُ
ألأمْرِ المَلامِ يَنْقادُ قلبي / وعليهِ من الغَرامِ أَميرُ
قلْ لحُلْوٍ حالٍ من الحُسنِ في هج / رِكَ حالي حَزْنٌ وعَيْشي مَريرُ
بفؤادي حَلَلْتَ والنارُ فيه / فيه منكَ جنةٌ وسَعيرُ
نارُ قلبي لضيفِ طيفك تبدو / كل ليلٍ فيهتدي ويَزُورُ
وأَرَى الطَيفَ ليس يَشْفي غليلي / كيفَ يَشفْي الغليلَ زَوْرٌ زُوْرُ
ما مُدامٌ يُديرها ثَملُ العط / فِ بنَفْسي كؤوسُها والمدُيرُ
بنْتُ كرمٍ تُجلَى على ابنِ كريمٍ / وجهُهُ من شُعاعها مُستنيرُ
من سَنا كأْسها المعاصمُ والأَن / فُسُ فيها أَساوِرٌ وسُرورُ
ولها في الكؤوسِ في حالة المَزْ / جِ حبابٌ وفي النفوسِ حُبورُ
وكأن الحبابَ في الكأسِ منها / شَرَرٌ فوقَ نارهِ مُستطيرُ
طابَ للشاربينَ منها الهوا / ءانِ فَلَذ الممدودُ والمقصورُ
من يَدَيْ ساحرِ اللواحظِ قلبي / بهواهُ مُسْتَهْتَرٌ مَسْحُورُ
للحُميا في فيهِ طعمٌ وفي عي / نيهِ سُكْرٌ وفوقَ خديه نُورُ
من سجايا الصلاحِ أَبْهى وهذا / مَثَلٌ دونَ قَدْرِه مذكورُ
ما رياضٌ بنَوْرِها زاهراتٌ / غَردتْ في غُصونهن الطيورُ
كل غصنٍ عليه من خَلعِ النوْ / رِ رداءٌ ضافٍ ووشيٌ حَبيرُ
وُرْقُها في منابرِ الأَيكِ منها / واعظاتٌ من شأنها التذكيرُ
وكأن الروضَ الأَنيقَ كتابٌ / وكأَن الأَشجارَ فيه سطورُ
أشبَهَ الشرْبُ فيه شارِبَ أَلْمَى / أَخضر النبتِ والرضابُ نميرُ
وكأَن الهَزارَ راهبُ دَيْرٍ / بألحانهِ تَحَلى الزبورُ
وكأن القمري مقرىء آيٍ / قد صفا منه صوتهِ والضميرُ
كمعاني مَدْحيك حُسناً ومن أَي / نَ يُباري البحرَ الخضَم الغديرُ
مستجيرٌ جَوْري وإني منه / بابنِ أَيوبَ يوسفٍ مستجيرُ
أَنتَ مَنْ لم يَزَلْ يَحن إليهِ / وهو في المَهدِ سَرْجُهُ والسريرُ
فضلهُ في يَدِ الزمانِ سوارٌ / مثلما رأيُه على المُلْكِ سُورُ
كَرَمٌ سابغٌ وجُودٌ عميمٌ / وندىً سائغٌ وفضلٌ غزيرُ
راحةٌ أم سحابةٌ وبَنانٌ / أَم غَمامٌ وأَنحلٌ أَم بحورُ
كل يومٍ إلى عداكَ من الدهْ / رِ عَداكَ المَخُوفُ والمحذورُ
وتَولى وليكَ الطالعُ السع / دُ وعادَى عدوكَ التقديرُ
سارَ بالمكرُماتِ ذِكرُكَ في الدن / يا وإن اليسيرَ منها يَسيرُ
للحَيا والحياءِ ما إن في كف / كَ والوجهِ سائلٌ وعَصيرُ
لقد اسْتُعْذِبَتْ لديكَ المرارا / تُ كما اسْتُهِلْتْ إليكَ الوعورُ
من دم الغادرينَ غادرتَ بالأَم / سِ صعيدَ الصعيدِ وهو غديرُ
ولكلٍ مما تطاولت فيهم / أَملٌ قاصرٌ وعمرٌ قصيرُ
لاذَ بالنيلِ شاورٌ مثل فرعو / نَ فذل اللاجي وعز العبورُ
شارك المشركين بغياًن وقدماً / شاركتها قريظةٌ والنضيرُ
والذي يدعي الإمامة بالقا / هرةِ ارتاعَ إنه مقهورُ
وغدا المَلْكُ خائفاً من سُطاكم / ذا ارتعاد كأَنه مقرور
وبنو الهنفري هانُوا ففروا / ومن الأُسدِ كل كلبٍ فرورُ
إنما كان للكلابِ عواءٌ / حيثما كان للأُسودِ زئيرُ
وقليبٌ عندَ الفرارِ سليبٌ / فهو بالرعبِ مطلقٌ مأسورُ
لم يبقوا سوى الأَصاغر للسب / ي فودوا أَن الكبيرَ صغيرُ
وحميتَ الأسكندريةَ عنهم / ورحى حربهم عليهم تدورُ
حاصروها وما الذي بانَ من ذَب / كَ عنها وحفظها محصورُ
كحصارِ الأَحزابِ طَيْبَةَ قدماً / وبني الهدى بها منصور
فاشكر اللهَ حين أَولاكَ نصراً / فهو نعمَ المولى ونعمَ النصيرُ
ولكم أَرجفَ الأَعادي فقلنا / ما لما تذكُرونه تأْثيرُ
ولجأْنا إلى الإلهِ دُعاءً / فلوجهِ الدعاءِ منهُ سُفورُ
وعلمنا أَن البعيدَ قريبٌ / عندَهُ والعسيرَ سَهْلٌ يسيرُ
ورقَبْنا كالعيدِ عَوْدَكَ فاليو / مَ بهِ للأَنامِ عيدٌ كَبيرُ
مثلما يرقُبُ الشفاءَ سقيمٌ / أو كما يَرْتَجي الثراءَ فَقيرُ
عادَ من مصرَ يوسفٌ وإلى يع / قوبَ بالتهنئاتِ جاءَ البشيرُ
عادَ منها بالحمدِ والحمدُ لل / هِ تعالىَ فإنه المشكورُ
فلأَيوبَ من إيابِ صلاح الد / ينِ يومٌ به تُوفى النذورُ
وكذا إذ قميصُ يوسفَ لاقَى / وَجْهَ يعقوبَ عادَ وهو بَصيرُ
ولكم عودةٌ إلى مصر بالنص / رِ على ذكرِها تمر العصورُ
فاستردوا حق الإمامةِ ممن / خانَ فيها فإنهُ مستعيرُ
وافترعها بكراً لها في مدى الده / رِ رواحٌ في مدحكم وبكورُ
أنا سَيرْتُ طالعُ العَزْمِ مني / وإلى قَصدِكَ انتهى التسييرُ
وأرى خاطري لمدحكَ إلفاً / إنما يألَفُ الخطيرَ الخطيرُ
بعقودٍ من دُر نظمي في ال / مدحِ تحلى بها العُلى لا النحورُ
ولكَ المأثراتُ في الشرقِ والمغ / ربِ يُروى حديثُها المأثورُ
وببغدادَ قيلَ إن دمشقا / ما بها للرجا سواك مجيرُ
ما يرى ناظرٌ نظيرَكَ فيها / فهي رَوْضٌ بما تجودُ نضيرُ
لطاوي الإقبالِ عندكَ نشرٌ / وَلميْتِ الآمال منكَ نُشورُ
ومن النائباتِ أَني مقيمٌ / بدمشقٍ وللمقامِ شُهورُ
لا خليلٌ يقولُ هذا نزيلٌ / لا أميرٌ يقولُ هذا سميرُ
لستُ أَلقى سوى وجوهٍ وأَيْدٍ / وقلوبٍ كأنَهن صُخورُ
سُرِقَتْ كسوَتي وبانَ من الكل / توانٍ في رَدها وقصورُ
واعتذارُ الجميعِ أَن الذي تم / قضاءٌ في لوحهِ مسطورُ
ولَعَمْري هذا صحيحٌ كما قا / لوا ولكن قلبي به مكسورُ
أَجيرانَ جيرونَ مالي مُجيرُ / سوى عطفكُمْ فاعدِلوا أو فجوروا
وما لي سوَى طيفكمْ زائرٌ / فلا تمنعُوهُ إذا لم تَزُوروا
يَعز علي بأن الفؤادَ / لديكُمُ أسيرٌ وعنكُمْ أَسيرُ
وما كُنتُ أَعلمُ أني أعي / شُ بَعْدَ الترقِ إني صَبُورُ
وفتْ أَدمعي غيرَ أن الكَرَى / وقلبي وصبريَ كُلٌّ غَدُورُ
إلى ناسِ باناس ليس صَبْوةٌ / لها الوجدُ داعٍ وذكرى مُثيرُ
يَزيدُ اشتياقي وينمُو كما / يزيدٌ يزيدُ ثَوارا يَثورُ
ومن بردى بَرْدُ قلبي المَشُوق / فها أَنا من حَرهِ مُستَجيرُ
وبالمَسْرجِ مَرْجو عيشي الذي / على ذكرهِ العذْبِ عَيْشي مَريرُ
نأَى بيَ عنكم عَدو لَدودٌ / ودَهْرٌ خَؤونٌ وحَظٌّ عَثورُ
فقدتكُمُ فَفَقَدْتُ الحياةَ / ويومَ اللقاءِ يكونُ النشُورُ
أيا راكبَ النضْوِ يُنضي الركابَ / تسيرُ وخطب سُراه يَسيرُ
يَؤُم دمشقَ ومنْ دونها / تُجابُ سُهولُ الفَلا والوُعُورُ
وجلقُ مَقْصدُه المُسْتَجارُ / لقد سَعدَ القاصدُ المُستجيرُ
إذا ما بلغتَ فبلغهُمُ / سلاماً تأرجَ منه العبيرُ
تطاوَلْ بسؤليَ عند القُصَيْر / فَمنْ نَيْله اليومَ باعي قصيرُ
وكنْ لي بريداً ببابِ البريد / فأَنتَ بأَخبارِ شوقي خَبيرُ
أُعَنْوِنُ كتبي بشكوى العناء / وفيهن من بث شجوي سطورُ
متى تجد الري بالقَرْيَتين / خوامسُ أَثرَ فيها الهجيرُ
ونحو الجُلَيْجل أُزجي المطي / لقد جَل هذا المرامُ الخطيرُ
تُراني أُنيخُ بأَدْنَى ضُمَيرٍ / مطايا بَراها الوَجا والضمورُ
وعند القُطَيْفَةِ المشتهاةِ / قُطوفٌ بها للأَماني سُفورُ
ومنها بكوريَ نحو القُصَيْرِ / ومنيةُ عُمريَ ذاكَ البُكورُ
ويا طيبَ بُشرايَ من جلقٍ / إذا جاءَني بالنجاحِ البشيرُ
ويستبشرُ الأَصدقاءُ الكرامُ / هنالكَ بي وتُوفى النذورُ
تُرَى بالسلامةِ يوماً يكون / ببابِ السلامةِ مني عُبورُ
وأَن جوازي بباب الصغيرِ / لَعَمري من العُمرِ حَظٌّ كَبيرُ
وما جنةُ الخُلْدِ إلا دِمشقٌ / وفي القلبِ شوقاً إليها سَعيرُ
ميادِينُها الخُضُر فيحُ الرحابِ / وسَلْسالها العَذْبُ صافٍ نميرُ
وجامعُها الرحبُ والقُبةُ ال / مُنيفَةُ والفَلَكُ المُستديرُ
وفي قبةِ النسْرِ لي سادةٌ / بهم للكارمِ أُفْقٌ مُنيرُ
وبابُ الفراديسِ فرْدَوسُها / وسُكانُها أَحسَنُ الخلقِ حورُ
والأرزة فالسهمُ فالنيْربان / فجناتُ مِزتِها فالكُفورُ
كأن الجواسقَ مأهولةً / بروج تَطَلعُ منها البدورُ
بنَيْرَبها تَتَبرا الهمومُ / بربوتها يتربى السرورُ
وما غَر في الربوة العاشقي / نَ بالحُسنِ إِلا الربيبُ الغَريرُ
وعند المُغارة يومَ الخميسِ / أَغارَ على القَلْبِ مني مُغيرُ
وعندَ المُنَيْبعِ عينُ الحياةِ / مَدَى الدهرِ نابعةُ ما تغورُ
بجسرِ ابن شواش تم السكون / لنفسي بنفسيَ تلك الجسورُ
وما أنسَ لا أنسَ أُنسَ العُبورِ / على جسْرِ جسْرين إني جَسورُ
وكم بت أَلهو بقربِ الحبي / بِ في بيتِ لِهْيا ونامَ الغَيورُ
فأَينَ اغتباطيَ بالغُوطتينِ / وتلكَ الليالي وتلك القُصورُ
لمُقْرِىء مَقْرَى كقُمريها / غناءٌ فصيحٌ وشَدْوٌ جَهيرُ
وأشجارُ سَطْرَى بَدَتْ كالسطُو / رِ نَمقَهُن البليغُ البصيرُ
وأَينَ تأملْتَ فُلْكٌ يَدُورُ / وعينٌ تقورُ وبحرٌ يمورُ
وأَينَ نظرتَ نسيمٌ يَرِق / وزهرٌ يَرُوقُ وروضُ نَضيرُ
كأَن كمائمَ نُوارِها / شُنوفٌ تركَبُ فيها شُذورُ
ومثلُ اللآلي سقيطُ الندى / على كل منثورِ نَوْرٍ نثيرُ
مَدارُ الحياةِ حَياها المُدِر / مَطارُ الثراءِ ثراها المَطيرُ
وموعدُها رَعْدُها المستطيلُ / وواعدُها بَرْقُها المستطيرُ
إلامَ القساوَة يا قاسيُون / وبين السنا يتجلى سَنيرُ
لديكَ حبيبي ومنكَ الحُبا / وعندكَ حُبي وفيكَ الحبورُ
فيا حَسْرَتا غبْتُ عن بلدةٍ / بها حَظيتْ بالحُظوظِ الحضور
ومُنذ ثَوَى نور دِينِ الإل / هِ لم يبقَ للشامِ والدين نُورُ
وإني لأَرجو من الله أنْ / يُقَدرَ بعد الأُمورِ الأُمورُ
وللناسِ بالمَلكِ الناصرِ الص / لاحِ صلاحٌ ونَصْرٌ وَخيرُ
لأَجل تَلافيهِ لم يتلَفُوا / لأَجلِ حيا برهِ لم يَبُوروا
بفيضِ أَياديهِ غيثُ النجاح / لأَهلِ الرجاءِ سَموحٌ دَرور
مليكٌ بجَدواه يَقْوَى الضعيفُ / ويثرَى المقُل ويَغْنَى الفَقيرُ
أَرى الصدقَ في ملكهِ المستقيم / ومُلك سواه ازوِرارٌ وزورُ
لعزَ الوَلي وذل العَدُو / نوالٌ مبر وبأْسٌ مُبيرُ
بنعمته للعفاةِ الحُبورُ / بسطوتهِ للعُداةِ الثبُورُ
هو الشمسُ أَفلاكُه في البلادِ / ومَطْلَعُهُ سَرْجهُ والسريرُ
إذا ما سطا أَو حَبا واجتبَى / فما الليثُ مَنْ حاتمٌ ما ثَبيرُ
إيابُ ابن أَيوبَ نحو الشآمِ / على كل ما ترتجيهِ ظهورُ
بيوسفَ مصرٍ وأَيامه / تَقَر العُيونُ وتَشفَى الصدورُ
رأَتْ منك حمصُ لها كافياً / فواتاك منها القوي العسيرُ
مليكٌ ينادي رجائي ندَاهُ / ومولى جَداهُ بحمدي جَديرُ
وكم قد فللتَ جموعَ الفرنج / بحد اعتزامٍ شباهُ طريرُ
بضربٍ تَحذفُ منه الرؤوسُ / وطَعنٍ تَخسف منه النحورُ
وغادرتَ غادرهم بالعَراءِ / ومن دمهِ كل قَطرٍ غَديرُ
بجردٍ عليها رجالُ الهياج / كأَن صُقوراً عليها صُقورُ
من التركِ عند دَبابيسها / صحاحُ الطلَى والهوادِي كُسورُ
سهامُ كنائنها الطائرات / لَهُن قلوبُ الأَعادي وكورُ
وعندهم مثل صَيْد الصوارِ / إذا حاولوا الفتحَ صَيدا وصُورُ
بجيشكَ أزعجتَ جأشَ العَدُو / فما نَضَرٌ منه إلا نَفورُ
تركتَ مصارعَ للمشركينَ / بطونُ القشاعمِ فيها قُبورُ
تزاحمُ فرسانَها الضارياتُ / فتصدِمُ فيها النسورَ النسُورُ
وإن تَولدَ بكرِ الفُتوحِ / إذا ضُرِبَتْ بالذكور الذكورُ
إلي شكا الفَضلُ نَقصَ الزمانِ / وهل فَاضلٌ في زماني شكورُ
حَذارك من سطوةِ الجاهلينَ / وذو العلمِ من كل جهلٍ حذورُ
وهل يلدُ الخيرَ أو يستقيمُ / زمانٌ عقيمٌ وفَضلٌ عَقيرُ
شكَتْ بكْرُ فضلي تَعْنيسَها / فما يجلُبُ الود كفءٌ كَفور
فقلتُ لفضلي أَفاقَ الزمانِ / ودر المُرادُ ودارَ الأَثيرُ
وعاشَ الرجاءُ وماتَ الإياسُ / وسُر الحجا وأَنارَ الضميرُ
ووافى المليكُ الذي عَدْلُهُ / لذي الفضلِ من كل ضَيْمٍ يُجيرُ
فلستُ أُبالي بعَيْث الذئاب / إذا ما انتحى لي ليثٌ هصورُ
ملَكتَ فأَسْجحْ فما للبلادِ / سواكَ مجيرٌ ومولىً نصيرُ
وفي معصمِ المْلكِ للعز منك / سوارٌ ومنكَ على الدين سورُ
لكَ اللهُ في كل ما تبتغيهِ / بحقٍ ظهيرٌ ونعمَ الظهيرُ
أما المفسدونَ بمصر عَصَوْكَ / وهذي ديارهمُ اليومَ قورُ
أَما الأدعياءُ بها إذ نشطت / لإبعادهمْ زال منكَ الفتورُ
ويومُ الفرنج إذا ما لقُوكَ / عبوسٌ برغمهم قمطريرُ
نهوضاً إلى القدسِ يشفي الغليلَ / بفتحِ الفتوحِ وماذا عسيرُ
سَلِ الله تسهيلَ صعب الخطوب / فهو على كل شيءٍ قديرُ
إليكَ هجرتُ ملوكَ الزمان / فمالكَ واللهِ فيهم نظيرُ
وفجركَ فيه القرى والقران / جميعاً وفجرُ الجميع الفجورُ
وأَنتَ تريقُ دماءَ الفرنجِ / وعندهمُ لا تُراقُ الخمورُ
لا أَوحش الله من أُنسي بقربكمُ / ولا أَراني فيكم غير إيثاري
ولا عدمتكمُ في كل نائبةٍ / حفَاظ سري وأَعواني وأنصاري
فعندكم لا فقدتُ البرَ عندكمُ / فراغُ بالي وأَوطاني وأَوكاري
يا ساكني مصر قد فقتم بفضلكم / ذي الفضائلِ من سُكانِ أَمصارِ
للهِ دركمُ من عُصبةٍ كرُمتْ / ودر مصركمُ الغناء من دارِ
يمينكَ دأبها بذلُ اليسارِ / وكفكَ صوبُها بدرُ النضارِ
وإنكَ من ملوكِ الأَرضِ طُراً / بمنزلةِ اليمينِ من النهارِ
وأَنتَ البحرُ في بث العطايا / وأَنتَ الطودُ في بادي الوقارِ
أَعز الدين غيث الجود غوث ال / ورى طود العلى شمس النهارِ
حليفُ المجدِ رب الفخرِ تربُ ال / سماحِ أَخو الحجا زاكي النجارِ
غزيرُ المجتدى غمرُ الأيادي / منيرُ المجتلى عالي المنارِ
إذا عثرَ الأَماجدُ في مقامٍ / فعز الدينِ مأمونُ العثارِ
فتىً سبقَ الكرامَ فلم يطيقوا / وقد ركضوا لحوقاً بالغبارِ
لئن جهلَ الزمان فأَنتَ عذرٌ / له فامحُ الإساءةَ باغتفارِ
فإنكَ من رداءِ الفخرِ كاسٍ / وإنكَ من لباسِ العارِ عارِ
وليكَ في بلادِ اليمنِ والٍ / وجارُكَ في رياضِ الأمنِ حجارِ
وزائرةٍ وليس بها حياءٌ / وليس تزورُ إلا في النهارِ
ولو رهبتْ لدى الإقدام جوري / لما رغبتْ جهاراً في جواري
أَتتْ والقلبُ في وهجِ اشتياقٍ / لتظهرَ ما أُواري من أُواري
ولو عرفتْ لظَى سطواتِ عزمي / لكانتْ من سُطاي على حذارِ
تقيمُ فحينَ تُبصرُ مِن أَناتي / ثباتَ الْطَودِ تسرعُ في الفرارِ
تُفارقني على غيرِ اغتسال / فلم أَحلُلْ لزورتها إزاري
أيا شمسَ الملوكِ بقيتَ شمساً / تنيرُ على الممالكِ والديارِ
يجد إلى العلى أبداً بداراً / فلا عبرَ الأذى منه بدارِ
لئن حمي المزاج فغيرُ بدعٍ / فنارُ ذُكاكَ تقذفُ بالشرارِ
أَحماكَ استعارتْ لفحَ نارٍ / لعزمكَ لم تزلْ ذات استعارِ
فقد نهضتْ إليكَ بلا احتشامٍ / وقد جسرتْ عليكَ بلا اعتذارِ
وما إن حُم ليث الغابِ إلا / ليوقدَ نارَهُ عندَ الغوارِ
ولفحُ العارضِ الساري دليلٌ / من الغيثِ المُلث على انهمارِ
وما أحمى مزاجكَ غيرَ لطفٍ / لخلقكَ سالبٌ لطفَ العُقارِ
أُهني الملكَ الناص / رَ بالملكِ وبالنصرِ
وما مهد من بنيا / ن دين الحق في مصرِ
وما أَسداهُ مِن برٍ / بلا عدٍ ولا حصرِ
وما أحياهُ من عدلٍ / وما خففَ مِن إصرِ
وإعلاء سَنا السن / ة في بحبوحة القصرِ
قد استولى على مصرٍ / بقح يوسفُ العصرِ
وأحيا سنةَ الإحسا / نِ في البدوِ وفي الحضرِ
قد خطبنا للمستضيء بمصرِ / نائبِ المصطفى إمامِ العصرِ
وخذلنا لنصرة العَضُدِ العا / ضدِ والقاصرَ الذي بالقصرِ
وأَشعنا بها شعارَ بني الع / باسِ فاستبشرتْ وجوهُ النصرِ
ووضَعْنا للمستضيء بأمر ال / له عن أوليائه كل إصرِ
وتركنا الدعي يدعو ثبوراً / وهو بالذل تحت حَجْرٍ وحَصْرِ
وتباهتْ منابرُ الدينِ بالخط / بةِ للهاشمي في أرضِ مصْرِ
وجرى من نَداه دجلةُ بغدا / دَ بشطرٍ ونيلُ مصر بشطرِ
وقد اهتز للهدى كل عِطفِ / مثلما افتر بالمُنى كل ثَغْرِ
فبجدواه زائلٌ كل فقرٍ / وبنعماهُ آهلٌ كل فقرِ
ونداءُ الهدى أَزالَ مِن الأس / ماعِ في كل خطةٍ كل وَقْرِ
نشكرُ اللهَ إذ أَتم لنا النص / رَ ونرجو مزيدَ أَهلِ الشكرِ
ولدينا تضاعفتْ نِعَمُ ال / لهِ وجلتْ عن كل عدٍ وحَصْرِ
فاغتدى الدينُ ثابتَ الركنِ في مص / رَ محوطَ الحمى مصونَ الثغرِ
واستنارتْ عزائمُ الملكِ العا / دلِ نورِ الدينِ الكريم الأغر
وبنو الأَصفرِ القوامصُ منه / بوجوهٍ من المخافةِ صُفرِ
عَرَفَ الحق أهلُ مصْرَ وكانوا / قبلَهُ بين مُنكرٍ ومُقر
هو فتحٌ بكْرٌ ودونَ البرايا / خصنا اللهُ بافتراعِ البكْرِ
وحَصَلُنا بالحمدِ والأَجرِ والنص / رِ وطيبِ الثنا وحُسنِ الذكرِ
ونشرنا أَعلامنا السودَ مَهراً / للعدى الزرقِ بالمنايا الحمرِ
واستعدنا من أدعياءَ حقوقاً / تُدعَى بينهم لزيدٍ وعمرِو
والذي يدعي الإمامةَ بالقا / هرةِ انحط في حضيضِ القهرِ
خانَهُ الدهرُ في مناهُ ولا يط / معُ ذو اللب في وفاءِ الدهرِ
ما يُقامُ الإمامُ إلا بحقٍّ / ما تحازُ الحسناءُ إلا بمهرِ
خلفاءُ الهدى سَراةُ بني الع / باس والطيبونَ أَهلُ الطهرِ
بهمُ الدينُ ظافرٌ مستقيمٌ / ظاهرٌ قوةً قويُ الظهرِ
كشموسِ الضحى كمثلِ بدور ال / تم كالسحبِ كالنجومِ الزهرِ
قد بلغنا بالصبْرِ كل مرادٍ / وبلوغُ المرادِ عُقْبَى الصبْرِ
وتمامُ الحبورِ ما تم من خط / بةِ خيرِ الخلائفِ ابنِ الحَبْر
مَهْبطُ الوحي بيته منزل الذكْ / ر بشفعٍ من المثاني ووِتْرِ
ليس مُثري الرجال مَنْ مَلَك الما / لَ ولكنما أخو اللب مُثْرِ
ولهذا لم ينتفعْ صاحبُ القص / رِ وقد شارفَ الدثُورَ بدثرِ
لسوى نظمِ مدحهِ أَهجرُ النظْ / مَ فما مدحُ غيرهِ غير هُجرِ
وأرتنا له قلائدَ م / نٍ وبرٍ ليست بجيدٍ ونَحْرِ
وبإنعامه تزايدَ شكري / وبتشريفهِ تضاعفَ فخري
كم ثراءٍ وقوةٍ وانشراحٍ / منه في راحتي وقلبي وصدري
وعلي النذورُ في مثلِ ذا اليو / مِ وهذا يومُ الوفاءِ بنَذري
واستهلت بوارقَ الأنعم الغُر / به في حيا الأيادي الغُزرِ
نعشَ الحق بعدَ طولِ عثارٍ / جَبَرَ الحق بعدَ وَهْنٍ وكسرِ
دامَ نصرُ الهدى بملكِ بني الع / باسِ حتى يكونَ يوم الحشرِ
هجرتكمُ لا عن ملالٍ ولا غَدْرِ / ولكن لمقدُورٍ أُتيحَ منَ الأَمرِ
وأَعلمُ أَني مخطىءٌ في فراقكم / وعُذْريَ في ذنبي وذنبيَ في عُذري
أَرى نُوَباً للدهرِ تُحْصى وما أَرى / أَشد من الهجران في نُوب الدهرِ
بعيني إلى لُقْيا سواكمْ غشاوَةٌ / وسمعي إلى نجوى سواكم لذو وَقْرِ
وقَلبي وصَدْري فارقاني لبُعدكم / فلا صدرَ في قلبي ولا قلبَ في صدري
وإني على العهدِ الذي تعهدُونَهُ / وسري لكم سري وجَهْري لكم جهري
تجرعتُ صرْفَ الهم من كأْسِ شوقكمْ / فها أَنا في صَحْوِي نزيفٌ من السكرِ
وإن زماناً ليس يَعْمُرُ موطني / بسُكناكمُ فيه فليس منَ العمرِ
وأقسمُ لو لم يَقسم البينُ بيننا / جوى الهم ما أَمسيتُ مُنْقَسِمَ الفكرِ
أَسيرُ إلى مصرٍ وقلبي أَسيركُمْ / ومن عَجَبٍ أَسري وقلبيَ في أَسْرِ
أَخلاي قد شَط المزارُ فأَرْسلوا ال / خيالَ وزُورُوا في الكرى واربَحُوا أَجْري
تذكرتُ أَحبابي بجلقَ بعدما / ترحلتُ والمشتاقُ يأنَسُ بالذكرِ
أَخلاي فقري في التنائي إليكُمُ / بحق غناكمْ بالتداني ارْحَمُوا فَقْري
وناديتُ صبري مستغيثاً فلم يجبْ / فأسبلْتُ دمعي للبكاء على صبري
ولما قصدْنا من دمشقَ غباغباً / وبتنا من الشوقِ الممض على الجمرِ
نزلنا برأْسِ الماءِ عند وداعنا / مواردَ منْ ماءِ الدموعِ التي تجري
نزلنا بصحراءِ الفَقيعِ وغُودِرَتْ / فواقعُ من فيضِ المدامعِ في الغُدرِ
ونهنهتُ بالفَوارِ فَوْرَ مدامعي / ففاضتْ وباحتْ بالمكتم من سري
سرينا إلى الزرقاءِ منها ومن يُصبْ / أُواماً يَسرْ حتى يرى الوِرْدَ أَو يَسْرِ
أَعادَتْكِ يا زرقاءُ حمراءَ أَدمعي / فقد مزجتْ زُرْقَ المواردِ بالحُمْرِ
وسُودُ هُمومي سودَتْ بيض أَزْمُني / فيومي بلا نُورٍ وليلي بلا فجرِ
أَيا ليلُ زِدْ ما شئتَ طولاً وظلمةً / فقد أَذْهَبَتْ منكَ السنا ظلمةُ الهَجْرِ
تذكرتُ حَمامَ القُصَيرِ وأَهلَهُ / وقد جُزْتُ بالحمام في البلدِ القفرِ
وبالقريتين القريتين وأين من / مغاني الغواني منزل الأُدم والعفر
وردنا من الزيتونِ حسْمَى وأيلة / ولم نسترحْ حتى صدَرْنا إلى صدْرِ
غَشينا الغَواشي وهي يابسةُ الثرى / بعيدةُ عَهْدِ القُطرِ بالعَهْد والقَطْرِ
وضن علينا بالندى ثَمَدُ الحَصَى / ومن يرتجي رِياً من الثمدِ النزْرِ
فقلتُ اشرحي يا لخمْسِ صدراً مطيتي / بصدرٍ وإلا جادكِ النيلُ للعِشْر
رأَينا بها عينَ المواساة أَننا / إلى عين موسى نبذلُ الزادَ للسفْرِ
وما جسرتْ عيني على فيضِ عبرةٍ / أكفكفُها حتى عَبَرنا على الجسْرِ
وملتُ إلى أرضِ السديرِ وجَنةٍ / هنالكَ من طلحٍ نضيدٍ ومن سدْرِ
وجُبْنا الفلا حتى أَتَينا مباركاً / على بركة الجُب المُبشرِ بالقَصْرِ
ولما بدا الفسطاطُ بشرْتُ ناقتي / بمن يَتَلقى الوفدَ بالوَفْرِ والبشْرِ
ولم أنس يومَ البين بالمَرْح نَشْرنا / مطاويَ سرٍ في الهوى أَرج النشْرِ
وقد أَقبلتْ نُعْمٌ وأَترابُها كما / تطلعَ بَدْرُ التم في الأَنجمِ الزهرِ
وقفنا وحادينا يحث وناقتي / تزم ولاحينا لمُغرمنا مُغَرِ
وكل بنانٍ فوقَ سِنٍ لَنادم / وكل يدٍ فوقَ التريبةِ والنحرِ
وبيعَ فؤادي في مناداةِ شوقهم / فسِمتهم أنْ يأخذوا الروحَ بالسعْرِ
بكت أُم عمرٍو من وشيكِ ترحلي / فيا خجْلتا من أُم عمرٍو ومنْ عمرو
تقولُ إلى مصرٍ يسيرُ تعجباً / وماذا الذي تبغي ومن لكَ في مصر
تُبَددُ في سَهْلٍ من العيشِ شملنا / وتنظمُ سلْكَ العيشِ في المَسْلَكِ الوَعْرِ
فقلْ أَيما عُرْفٍ حداكَ على النوى / ومن ضَلةٍ أَنْ تطلبَ العُرْفَ بالنكرِ
ومَنْ فارقَ الأَحبابَ مستبدلاً بهم / سواهم فقد باعَ المرابحَ بالخُسْرِ
فقلتُ ملاذي الناصرُ الملكُ الذي / حصلتُ بجدواه على المُلْكِ والنصرِ
فقالتْ أَقمْ لا تعدم الخيرَ عندنا / فقلت وهل تُغني السواقي عن البحرِ
فقالتْ صلاح الدينِ قلتُ هو الذي / به صارَ فضلي عاليَ الحظ والقَدْرِ
ثقي برجوعٍ يضمنُ اللهُ نُجحَهُ / ولا تَقْنَطِي أَنْ نُبْدِلَ العُسرَ باليسرِ
وإِن صلاحَ الدينِ إنْ راحَ مُعْدِمٌ / إليه غَدا من فَيْضِ نائلهِ مُثري
نَعز بأَفضالِ العزيزِ وفضلهِ / ونَحْسبُ نفعاً كل ما مَن من ضُر
عطيتُهُ قد ضاعفتْ منةَ الرجا / ومنتُهُ قد أَضعفتْ منةَ الشكرِ
وماذا يحد المدح منه فإنما / مناقبُهُ جَلتْ عن الحد والحَصْرِ
تحدرَ بالفوارِ دمعي على الفَوْرِ / فقلتُ لجيراني أَجيروا من الجورِ
وأَصعبُ ما لاقيتُ أَني قانعٌ / من الطيفِ مُذْ بنتمْ بزورٍ من الزورِ
قيلَ في مصرَ نائلٌ عدَدَ الرم / لِ ووفْرٌ كنيلها الموفورِ
فاغتررْنا بها وسرْنا إليها / ووقعنا كما ترى في الغرورِ
وحظينا بالرملِ والسيرِ فيه / ومنعنا مِن نيلها الميسور
وبرزنا إلى المبرز نشكو / سدراً من نزولنا بالسديرِ
وعددنا في الرعاعِ فلا في ال / عير ندعى ولا في النفيرِ
قيلَ لي سِرْ إلى الجهادِ وماذا / بالغٌ في الجهادِ جهدَ مسيري
ليس يقوَى في الجيشِ جأْشي ولا قو / سي يُرى موتُوراً إلى موتورِ
أَنا للكُتبِ لا للكتائبِ إِقدا / مي وللصحْفِ لا الصفاح حضوري
كاد فضلي يضيعُ لولا اهتمامُ ال / فاضلِ الفائضِ الندي بأُموري
وأَنا منه في ملابسِ جاهٍ / رافلاً منه في حبيرِ حُبورِ
فهو رَقى من الحضيضِ حظوظي / وسما بي إلى سريرِ السرورِ
يا ملكاً أَيامُهُ لمْ تَزَلْ / يفصلهِ فاضلة فاخره
غاصتْ بحارُ الجودِ مُذْ غُيبَتْ / أَنْملُكَ الفائضةُ الزاخرهْ
ملكتَ دنياكَ وخَلفْتَها / وسِرْتَ حتى تملكَ الآخرهْ
ما صورةٌ ما مثلُها صُورَهْ / كأنها في العُمقِ مطمورَهْ
تُمطرُ للري ومن ذا رأَى / مطمورةً للري ممطورَهْ
منكوحةٌ ما لم تَضَعْ حملَها / مسدودةُ الأنفاسِ محصورَهْ
محرورةُ القلبِ ولكنها / مضروبةٌ بالبَرْدِ مقرورَهْ
كأنما النارُ بأحشائها / على اشتداد البردِ مسجورَه
تَظَل مُلْقاة على رأْسها / خمارةٌ تُحْسَبُ مخمورَهْ
مُعارَةُ الهامةِ من غيرِها / قصيرةُ القامةِ ممكورَهْ
كأنها رأْسٌ بلا جُثةٍ / موصولةٍ إنْ شئتَ مبتورَهْ
كهامةٍ صلْعاءَ محلوقةٍ / ما استعملتْ مُوسَى ولا نُورَهْ
زامرةٌ في فمها زمرُها / وهيَ بغيرِ الزمْرِ مشهورَهْ
دَوارةٌ إنْ أَنتَ أَرسلْتَها / مهتوكةُ الأَستارِ مستورَه
مَنْ فَضها تبصقُ في وجههِ / كأنها بالفُحشِ مأمورَهْ
تورِثُ تعبيساً لمن باسَها / وهيَ على ذلكَ مشكورَهْ
معسولةٌ ريقتُها مُزةٌ / وهي على اللذةِ مقصورَهْ
وهي على ما هيَ في إثْرِهِ / مَرْسَلةٌ بالهَضْم منصورَهْ
إن عُقلت قرت وإن أُنشطتْ / فَرتْ وثارتْ مثلَ مذعورَهْ
كم عسلٍ ذاقتْ وكم سُكرٍ / وأَنعُمٍ ليستْ بمكفورَهْ
ملمومةٌ من صخرةٍ صَلْدَةٍ / فاجرةٌ بالماءِ مفجورَهْ
من الصفا جسمٌ ولكنْ ترى / على صَفاءِ الماءِ تامورَهْ
فيا حليفَ المأثُرات التي / أَضحتْ لأَهلِ الفضلِ مشهورَهْ
أَنعمْ وعجل حَل إشكالها / فهيَ لدى فضلك مأْسورَهْ
لهفي على مَنْ كانَ صبحي وجهُهُ / فعدمتُ حينَ عدمتُهُ أنوارَهُ
سكنَ الترابَ وغاضَ ماءُ حياتهِ / مُذْ أَطفأَتْ ريحُ المنيةِ نارَهُ
الدينُ في ظُلَمٍ لغيبةِ نُورهِ / والدهرُ في غَمٍ لفقدِ أَميرِهِ
فليندُبِ الإسلامُ حامي أَهلهِ / والشامُ حافظُ مُلكهِ وثغورِهِ
ما أَعظمَ المقدارَ في أَخطاره / إذ كان هذا الخطبُ في مقدورِهِ
ما أكثرَ المتأسفينَ لفقدِ مَنْ / قَرتْ نواظرهم بفقدِ نظيرِهِ
ما أَعوَصَ الإنسانَ في نسيانه / أَوَما كفاهُ الموتُ في تذكيرِهِ
مَنْ للمساجدِ والمدارسِ بانياً / للهِ طوعاً عن خلوصِ ضميرِهِ
من ينصرُ الإسلامَ في غزواتهِ / فلقد أُصيبَ بركنهِ وظهيرِهِ
مَنْ للفرنج من لأَسرِ ملوكها / من للهُدى يبغي فكاكَ أَسيرِهِ
من للخُطوبِ مُذللاً لجماحها / من للزمانِ مُسَهلاً لوعورِهِ
مَنْ كاشفٌ للمعضلاتِ برأيهِ / مَنْ مشرقٌ في الداجيات بنورِهِ
مَنْ للكريمِ ومَنْ لنعشِ عثارِهِ / من لليتيمِ ومن لجبرِ كسيرِهِ
مَنْ للبلادِ ومَنْ لنصرِ جيوشها / من للجهادِ ومن لحفظِ أُمورِهِ
منْ للفتوحِ محاولاً أبكارَها / برواحهِ في غَزْوهِ وبُكورِهِ
مَنْ للعُلى وعُهودها مَنْ للندى / ووفودهِ مَنْ للحِجا ووفورِهِ
ما كنتُ أَحسبُ نورَ دينِ محمدٍ / يخبو وليلُ الشركِ في ديجورِهِ
أَعزِزْ علي بليثِ غابٍ للهدى / يخلو الشرى من زورهِ وزئيرِهِ
أَعزِزْ علي بانْ أَراهُ مغيباً / عن محفلٍ مُتَشرفٍ بحضورِهِ
لهفي على تلكَ الأَناملِ إنها / مُذ غيبت غاض الندى ببحورِهِ
ولقد أَتى منْ كنتَ تجري رسمَهُ / فضعِ العلامةَ منكَ في منشورِهِ
ولقد أَتى مَنْ كنتَ تكشفُ كربَهُ / فارفعْ ظلامتَهُ بنصرِ عشيرِهِ
ولقد أتى مَنْ كنتَ تُؤمنُ سربَهُ / وقعْ له بالأَمنِ مِنْ محذورِهِ
ولقد أَتى مَنْ كنتَ تُؤثرُ قربَهُ / فأَدمْ له التقريبَ في تقريرِهِ
والجيشُ قد ركبَ الغداةَ لعرضهِ / فاركبْ لتُبْصِرَه أَوان عبورِهِ
أَنتَ الذي أَحييتَ شرعَ محمدٍ / وقضيتَ بعدَ وفاتهِ بنُشورِهِ
كم قد أَقمتَ من الشريعةِ مَعْلَماً / هو منذ غبتَ مُعَرضٌ لدُثورِهِ
كم قد أَمرتَ بحفرِ خندقِ معقلٍ / حتى سكنتَ اللحد في محفورِهِ
كم قيصرٍ للرومِ رُمْتَ بقسرهِ / إرواءَ بيضِ الهندِ من تامورِهِ
أُوتيتَ فتحَ حصونهِ وملكتَ عُقْ / رَ بلادهِ وسبيتَ أَهل قصورِهِ
أَزَهِدْتَ في دارِ الفناءِ وأَهلها / ورغبت في الخُلْدِ المقيمِ وحورِهِ
أَو ما وعدتَ القدس أَنك منجزٌ / ميعادَهُ في فتحهِ وظهورِهِ
فمتى تجير القدس من دَنَسِ العدا / وتقدس الرحمن في تطهيرِهِ
يا حاملينَ سريرَهُ مهلاً فمنْ / عَجَبٍ نهوضكم بحملِ ثَبيرِهِ
يا عابرينَ بنعشهِ أَنشقتُمُ / من صالحِ الأَعمالِ نشرَ عبيرِهِ
نزلتْ ملائكةُ السماءِ لدفنهِ / مستجمعينَ على شفيرِ حفيرِهِ
ومنَ الجفاءِ له مُقامي بعدهُ / هَلا وفيتُ وسرتُ عندَ مسيرِهِ
حَياكَ معتلُ الصبا بنسيمهِ / وسقاكَ مُنهل الحيا بدُرورِهِ
ولبستَ رضوانَ المهيمنِ ساحباً / أَذيالَ سنْدسِ خزهِ وحريرِهِ
وسكنتَ عليينَ في فردوسهِ / حلْفَ المسرةِ ظافراً بأَجورِهِ
تذاكرَ من ورادِ مصرَ عصابةٌ / حديثَ فتىً طابَ الندي بذكرِهِ
وقالوا رأَينا فاضلاً ذا نباهةٍ / أَديباً يفوقُ الفاضلينَ بفخرِهِ
يدينُ حبيب والوليد لنظمه / ويحمدُهُ عبدُ الحميدِ لنثرِهِ
ولو عاشَ قسٌ في زمانِ بيانهِ / لكان مشيداً في البيانِ بشكرِهِ
فضائلُهُ كالشمسِ نوراً ولم تزلْ / مناقبُهُ في الدهرِ أَعدادَ زهرِهِ
بيانٌ هو السحرُ الحلالُ وإننا / نَرَى معجزاً من فضلهِ حل سحرِهِ
ذوو الفضلِ هم عند الحقيقةِ أَبحرٌ / ولكنهم أَضحوا جداولَ بحرِهِ
يضوعُ مهب الحمدِ من عرفِ عرفهِ / وتأرَجُ أَرجاءُ الرجاءِ بنشرِهِ
فقلتُ لهم هذا الذي تصفونَهُ / أَبو اليُمنِ تاجُ الدينِ أَوْجَهُ عصرِهِ
أُعيذُكمُ أَنْ تغفلوا عن أُموره / وأَنْ تتركوهُ نُهبةً لمغيرِهِ
عفا اللهُ عنكم قد عفا رسمُ وُدكم / خلعتم على عهدي دِثارَ دثورِهِ
بما بيننا يا صاحبي من مودةٍ / وفاءَكَ إني قانعٌ بيسرِهِ
وهذا أَوان النصح إنْ كنتَ ناصحاً / أَخاً فقبيحٌ تركُهُ بغرورِهِ
وإني أَرى الأريَ المَشورَ مَشورةً / حَلَتْ موقعاً عند امرىءٍ من مُشيرِهِ
تَحمَلْتُ عبءَ الوجدِ غيرَ مُطيقهِ / وعَلمتُ صبرَ القلبِ غيرَ صَبورِهِ
صِلوا مَن قضى من وحشةِ البينِ نحبَهُ / ونَشرُ مطاوي أُنسهِ في نُشورِهِ
رعى اللهُ نجداً إذ شكرنا بقربكم / قصارَ ليلاي العيشِ بينَ قصورِهِ
وإذْ راقتِ الأَبصارُ حُسنى حسانهِ / وأَطربتِ الأَسماع نجوى سميرِهِ
وإذ بُكرات الروضِ أَلسنةُ الصبا / تعبرُ في أَنفاسها عن عبيرِهِ
وإذ تكتب الأَنداء في شجراتهِ / وأَوراقها إملاءَ وُرقِ طيورِهِ
أَيا نجد حياك الحيا بأَحبتي / بهم كنت كالفردوسِ زين نحورِهِ
وما طابَ عَرف الريح إلا لأَنه / أَصابَ عَبيراً منك عند عبورِهِ
ومُطْلَقَةٍ لما رأَتنيَ موثقاً / أَعِنةَ دمعٍ أُنزِعَتْ من غديرِهِ
تُناشدني باللهِ مَن لي ومَنْ ترى / يقوم لبيتٍ شدته بأُمورِهِ
فقلتُ لها باللهِ عودي فإنما / هو الكافلُ الكافي بجبرِ كسيرِهِ
هو الفلكُ الدوارُ لكن على الورى / مقدرةٌ أَحداثُهُ من مديرِهِ
عذريَ أَضحى عاذلي في خُطوبهِ / فيا مَنْ عذيرُ المُبتلى من عذيرِه
يُجرعني من كأْسهِ صرْفَ صرْفهِ / فعيشٌ مريرٌ ذوقُهُ في مُرورِهِ
ولستُ أَرى عاماً من العمرِ ينقضي / حميداً ولم أَفرحْ بمر شُهورِه
لحى اللهُ دهراً ضاقَ بي إذ وَسِعتُه / بفضلي كما ضاقتْ صدورُ صدورِهِ
فلم أرَ فيها واحداً غيرَ واعدٍ / يخيلُ لي زَوْرَ الخيالِ بزُورِهِ
وما كنتُ أَدري أَن فضلي ناقصي / وأَن ظلامَ الحظ من فيضِ نورِهِ
كذلك طولُ الليلِ من ذي صبابةٍ / يُخبرهُ عن عيشهِ بقصورِهِ
وما كنتُ أَدري أَن عقليَ عاقلي / وأَن سراري حادثٌ من سُفورِه
وكان كتابُ الفضلِ باسمي مُعنوناً / فحاولَ حَظي مَحوَهُ من سطورِهِ
فيا ليتَ فضلي ألآسري قد عَدِمتهُ / فأَضحى فداءً في فكاكِ أَسيرِهِ
أَرى الفضلَ معتادٌ له خَسفُ أَهلهِ / كما الأُفق معتادٌ خسوفُ بدورِهِ
أَقولُ لعزمي إن للمجدِ منهجاً / سهول الأَماني في سلوكِ وعورِهِ
فَهونْ عليكَ الصعبَ فيه فإنما / بأَخطارهِ تَحظَى بوصلِ خطيرِهِ
ومالي يا فكري سواكَ مُظاهرٌ / وقد يستعينُ المبتلى بظهيرهِ
فخل مغنىً خاضَ في غمراتهِ / وحسبكَ معنىً خضت لي في بحورِهِ
وكنْ لي سفيرَ الخيرِ تسفرْ مطالبي / فحظ الفتى إسفارُهُ بسفيرِهِ
وقُلْ للذي في الجدبِ أَطلقَ جَدهُ / سبيلَ الحيا حتى همَى بدرورِهِ
لماذا حبستمْ مخلصاً في ولائكم / وما اللهُ ملقي مؤمنٍ في سعيرِهِ
وكم فَدْفَدٍ جاوزتُ أَجوازَهُ سُرىً / كأَني وِشاحٌ جائلٌ في خصورِهِ
بمهريةٍ تحكي بكفي زمامَها / وأَحكي لكد السيرِ بعضَ سيورِهِ
وخاطبَ أَبكارَ الفدافدِ جاعلٌ / بكَارَ المهاري في السرى من مهورِهِ
وإن رجاءً بالإمامِ أَنوطُهُ / حقيقٌ بآمالي ابتسامُ ثغورِهِ
تقر بعلياهُ الخلافةُ عينها / فناظرُها لم يكتحلْ بنظيرِهِ
أَرى اللهَ أَعطى يوسفاً حسنَ يوسفٍ / ومكنَهُ في العالمينَ لخيرِهِ
برتني صروفُ الحادثاتِ فآوِني / تضعْ منيَ الإنعام عند شكورِهِ
كذا القلمُ المبري آوتْهُ أَنملٌ / فقامَ يؤدي شكرَها بصريرِهِ
وما زهَرٌ هامي الربابِ يحوكُهُ / تعمم هامات الربى بحريرهِ
كأَن سقيطَ الطل في صفحاتهِ / سحيراً نظيمَ الدر بينَ نثيرهِ
يقابلُ منه النرجسُ الوردَ مثلما / رأَتْ وجنةَ المعشوقِ عينُ غيورِهِ
وللوردِ خدٌّ بالبنفسجِ معذرٌ / ونرجسهُ طرفٌ رَنا بفتورِهِ
بأَبهجَ من شعرٍ مدحتكُمُ به / ومعناكُمُ مستودعٌ في ضميرِهِ
وما حق هذا الشعرِ لا لجريرهِ / وقد سارَ في الآفاقِ جيشُ جريرهِ
لا راحةَ في العيشِ سوى أَنْ أَغْزُو / سيفي طَرَباً إلى الطلَى يَهْتز
في ذُل ذوي الكفرِ يكونُ العز / والقُدرةُ في غيرِ جهادٍ عَجْزُ
شادنٌ كالقضيبِ لدْنُ المهزه / سلبتْ مقلتاهُ قلبي بغُمزَهْ
كلما رُمْتُ وصلَه رامَ هجري / وإذا زدتُ ذلة زادَ عزهْ
للصبا من عِذاره نسجُ حُسْنٍ / رقمَ المسْكُ في الشقائقِ طرزَهْ
وعزيزٌ علي أن اصطباري / فيه قد عزهُ الغرامُ وبزهْ
ما رأَى ما رأيتُ مجنونُ ليلى / في هواهُ ولا كُثيرُ عَزهْ
ما ذكرنا الفسطاطَ إلا نسينا / ما رأَينا بالنيربينِ والأرْزَهْ
فمها الجيزةِ الجوازي لها المي / زةُ حسناً على ظِباءِ المزهْ
ونصيري عليه نائلُ عز ال / دين ذي الفضل خلدَ اللهُ عزهْ
فَرغَ الكنزَ من ذخائرَ مالٍ / مالئاً من نفائسِ الحمدِ كنزَهْ
همةٌ مستهامة بالمعالي / للدنايا أَبيةٌ مُشْمئزهْ
سلطتِ المطلَ على نجازها / وضيعتْ حقي في مجازها
وِصالُها من الحياةِ مُنيتي / مَن ليَ بالفُرصةِ في انتهازِها
وجنتُها الوردةُ في احمرارها / وقدها البانةُ في إهتزازِها
شمسُ الضحى في الحسنِ لم تُضاهها / بدرُ الدجى في التِم لم يوازِها
أَعطاهُ رب العالمينَ دولةً / عزةُ أَهلِ الدينِ في إعزازِها
حازَ العُلى ببأْسهِ وجودهِ / وهو أَحق الخلقِ باحتيازِها
بجدهِ أَفنى كنوزاً فَنيَ ال / ملوكُ في الجد على اكتنازِها
مهلكُ أَهلِ الشركِ طراً روحها / أرمنها إفرنجها إنجازها
تفاخرَ الإسلامُ من سلطانه / تفاخرَ الفرسِ بأَبراوازها
تَهَن من فتحِ عزازٍ نصرةً / أوقعت العداةَ في اعتزازِها
واليومَ ذلتْ حَلبٌ فإنها / كانت تنالُ العز من عزازِها
وحلبٌ تنفي كمُشُتكينها / كما انتفتْ بغدادُ عن قيمازِها
بَرَزْتَ في نصرِ الهُدى بحجةٍ / وضوحُ نهج الحق في إبرازِها
كم حاملٍ للرمحِ عادَ مبدياً / عَجْزَ عجوزِ الحي عن عكازِها
ارفعْ حظوظي من حضيضِ نقصها / وعد عن هُمازها لُمازِها
والشعرُ لابد له من باعثٍ / كحاجةِ الخيلِ إلى مهمازِها
استوحشَ القلبُ مذ غبتم فما أنسا / وأَظلمَ اليومُ مذ بنتم فما شَمسَا
ما طبتُ نفساً ولا استحسنتُ بعدكمُ / شيئاً نفيساً ولا استعذبتُ لي نَفَسا
قلبي وصبري وغمضي والشبابُ وما / أَلفتمُ من نشاطي كلهِ خلسا
وكيف يُصبحُ أَو يُمسي محبكمُ / وشوقكم يتولاهُ صباحَ مسا
عادتْ معاهدكمْ بالجزعِ دراسةً / وإن معهدكمْ في القلبِ ما درسا
وكنتُ أَحدسَ منكم كل داهيةٍ / وما دهانا من الهجرانِ ما حدَسَا
لما هدتْ نارُ شوقي ضيفَ طيفكمُ / قريتُهُ بالكرَى اذرارَ مقتبسا
ورمتُ تأنيسَهُ حتى وهبتُ له / إنسانَ عيني أَفديهِ فما أَنِسا
أَنا الخيالُ نحولاً فالخيالُ إذا / ما زارني كيفَ يلقَى مَنْ بهِ التبسا
لهفي على زمنٍ قضيتُه طَرَباً / إذ لم أكنْ من صروفِ الدهرِ مُحترسا
عسى يعودُ شبابي ناضراً ومتى / أَرجو نضارةَ عودٍ للشبابِ عسى
وشادنٍ يغرسُ الآسادَ ناظرُهُ / فديتُهُ شادناً للأسدِ مُفترسا
في العطْفِ لينٌ وفي أَخلاقهِ شَوَسٌ / يا لينَ عطْفَيْهِ جَنبْ خُلْقَه الشوَسا
إن بَان لبسٌ مضينا لاجئينَ إلى ال / فتَى الحسامِ بنِ لاجينَ بنابلسا
يميتُ أَعداءَه بأْساً ونائلُهُ / يُحيي رجاءَ الذي من نجمهِ أَيسا
ممزق المازق المنسوج عثيره / وقد محا اليوم ليل النقع فانطمسا
لا زلتَ مستوياً فوقَ الحصانِ وفي / حصنِ الحفاظِ ومَنْ عاداكَ منتكسا
قلْ للمليكِ صلاحِ الدينِ أَكرمَ من / يمشي على الأَرضِ أَو مَنْ يركبُ الفَرسا
من بعدِ فتحكَ بيت القدس ل?