المجموع : 120
أغِيبُ ولي مهجة لا يزال
أغِيبُ ولي مهجة لا يزال / إليك سُرَاها وتبكيرُها
ولكنّك الشمسُ حيث انصرفْتُ / من الأرض يصحبني نورها
إذا ما غدتْ لك عندي يدٌ / تعاظَم في الفضل تأثِيرها
صددتُ حياءً فنادينني / سجاياك يَعطِفني خِيرها
كما يتَداوَى إذا ما انتشى / من الراح بالراح مخمورُها
أما ترى حركاتِ الريح مُخْبِرةً
أما ترى حركاتِ الريح مُخْبِرةً / أنّ الغمام يَصُوبُ الأرضَ بالمطرِ
فالجوّ ملتحِف بُسْطاً مفوَّفةً / كأنهن اختلافُ الوشي والحَبَر
كأنّ بردَ نسيم الغَيْم حين بدا / ارتشافِ حبيبٍ زار في السَّحَرِ
فأجرِ فيه كؤوسَ اللَّهو دائرةً / بين ارتجاع حنين الناي والوَتَرِ
واعلمْ بأنّ الليالي غيرُ باقيةٍ / فلا تُبَقِّ على لهوٍ ولا تَذَرِ
طوى البينُ عهد الوصل فهو قصيرُ
طوى البينُ عهد الوصل فهو قصيرُ / ففاض له دمع وطال زَفِيرُ
أحادِي الحُدوج المستحِثَّ أَخُذَّلُ / من الأُدْم فيها أم نواعِم حُور
صَدَعْنَ فؤاداً كاد ينهلُّ أدمُعاً / وقلباً غداة البين كاد يطير
أوانِس في أثوابهن وفي المُلاَ / غُصون وفي تنقِيبهن بُدور
كأنَّ نقا خَبْثٍ لهن روادفٍ / تأَزَّرنها والأقحوان ثغور
إذا ما دجا جِنْحُ الظلام أناره / لهنّ تَراقٍ وُصَّحٌ ونُحور
وإن هنّ حاولن النهوضَ تمايدتْ / بهنّ مُتونٌ وانتصبن صدور
فهنّ المُنَى لولا رقيبُ وحاسد / عدوٌّ وواشٍ كاشحٌ وغَيُور
وإني على ما بي إليهنّ من جَوىً / بكّل عفافٍ كاملٍ لجَدير
تبعِّدُني عن منزل الذمّ والخنا / خلائقُ زُهْرٌ كالنجوم وخِير
ولو شئتُ عاودتُ الصِبا واستفزَّني / من الغِيد مكحولُ الجفون غَرير
ولكن سمت بي هِمَّةٌ عَلَوِيَّةٌ / وقلبٌ إذا ارتاع الجَبانُ جَسُور
ونَفْسٌ سواءٌ عندها الفقرُ والغنى / وسيَّانِ بؤسٌ نالهَا وحُبُور
وما لي أخاف الدهر أو أحتنى له / ولي من أبي المنصور فيه نصير
عَزيزٌ به عزَّت خلافةُ هاشمٍ / وراح عمودُ البغي وهو كسيرُ
تباشرت الدنيا به وبملكه / وأشرق منه مِنْبَر وسرير
فيا بن الذين استُنبِطَ الوحيُ عنهمُ / وأضحى بهم وجه الزمان ينِير
ويا بن الملوك الشُمِّ من آل هاشمٍ / ومن طاب منهم ظاهر وضمير
لك الأوّل العالي الزكيُّ الذي انتهى / به المجد يُزْجَى والأوائل زُور
إذا عدّ قوم للفَخار عشيرةً / غدا لك من آل النبيّ عشير
هنيئاً لك العيدُ الذي أنت بالرضا / من الله للمرضيك فيه بشير
برزت كبدر التِمّ تَقْدُم جَحْفَلاً / تكاد بن الأرض الفضاء تمور
فلِلبيض بَرْقٌ في أعاليه خاطفٌ / وللأُسْد رَكْضٌ تحته وزئير
كأنّ الدُّروعَ السابِغاتِ عليهمُ / لمِا ألَفوها سُنْدُسٌ وحرير
وقد منحوك الّلحظّ من كل جانبٍ / وكلّهمُ صافي الضمير شَكور
فمِن مُقْلةٍ منهمْ عليك حبِيسةٍ / ومن إصبع فيهمْ إليك تِشير
ولو نطقت أحجار أرضٍ لسَلَّمتْ / عليك المُصَلَّى أو أتتك تسير
فلمَّا بلغت المِنبر الطاهر الّذي / له بك فضلٌ لا يُنال كبير
تواضعت للرحمن ثم علوتَه / خطيباً وكُلُّ اللحظ عنك حسير
فأبديت ما أبدى النبيُّ من الهدى / كذا الفَرْعُ للأصل الزكيّ نظير
وأسهبتَ في حمد الإله بخطبة / تَفَجَّرُ منها للصواب بحور
وبَشَّرتَ ترغيباً وأنذرتَ خَشْيةً / بإيجاز قولٍ ما حواه نذِيرُ
فُدمْ لأبي المنصور يا مُلْكُ سالماً / فليست عليك الدائرات تدور
لأنك بالمَلْك العزيز ممنَّعٌ / وأَنّ له يعقوبَ فيك وزير
أغَرُّ إذا ما قابل الخطبَ رأيُهُ / تيسَّر صَعْبُ الخَطْب وهْوَ عسير
تطلّبتَ مرضاة الإِله فنِلتَها / وقصَّر عنها طالبون كثير
فأنت له في الحرب سَهْم ومُنْصُلٌ / وفي السِّلم لألاءٌ يلوحُ ونور
فيا بن معزّ الدين دعوةَ شاكرٍ / على كلّ ما أوليتَ ليس يحور
ودادُك في قلبي صحيحٌ صفاؤه / وغَرْسُك عندي فيه ليس يبور
بلغُت بك الحالَ التي كنتُ أرتجي / عُلاها فحالِي غِبْطةٌ وسرور
وماليّ لا أحوِي بك العزَّ والمنى / وأنت على كلّ الأمور قدير
وكيف أخاف الحاسِدين وبغَيهم / وأنت عليهمْ لي يدٌ وأمير
كلانَا لأصلٍ واحد ولوالدٍ / إذا ما دعانا الانتسابُ نصير
فلا تَنْسَ منّي ناصحاً وابنَ والدٍ / ووالدةٍ ما فيه عنك نُفُور
يودّ بأن تبقى عزيزاً مسلَّماً / ويَفديك من صَرْف الرّدى ويُجير
وإني بتقبيلي لك الأرض والثرى / على كل من فاخرته لفخور
عليك صلاةُ الله ما ذَرّ شارقٌ / وما دام رَضْوَى باقياً وثَبِير
أصبح المُلْك من أبي المنصورِ
أصبح المُلْك من أبي المنصورِ / وهْوَ في حُلَّتَيْ بهاءٍ ونورِ
ملِكٌ منذ قام لم يُلْفَ إلاّ / فوق طِرْفٍ أو مِنبْر أو سَريرِ
يتأنَّى حِلْماً ويبطِش عَزْماً / حازمُ الرأي مُحْكَم التدبير
في كمال المعِزِّ في هيبة القا / ئِم في حسن هيئةِ المنصور
أصبحَتْ مصرُ منه حسناء حَوْرا / ءَ وكانت مَرْهاء من كافورِ
أنا مِن فضله وجود يديه / بين عِزّ ونِعْمَةٍ وحُبُور
طلعتْ لي السعود بين رضاءٍ / عن ودادي وبين حِفظ الوزيرِ
بالله يا مشبِهةَ الخمرِ
بالله يا مشبِهةَ الخمرِ / لوناً ويا أضوأَ من بدرِ
رُدِّي فؤادي حَسْبُه بعضُ ما / سقَتْه عيناكِ من السحر
صُنْتُكِ عن لحظِيَ يا من غدت / تكاد من رقَّتها تجري
عِقدك هذا الجوهر المحض أم / ثغرك نَظَّمِت على النحر
لا زلت متّصِل الآمال بالظفرِ
لا زلت متّصِل الآمال بالظفرِ / مباركَ السعي عذبَ الوِرد والصَّدَرِ
وقابلتْكَ الليالي وهي لَيِّنة / نواعمٌ لا تشوب الصفَو بالكَدَر
لم يعطِك الله حُسْناً أنت حامِلُه / حتى استخفَّ بنور الشمس والقمر
ولا حبا الله بالمُلْك العزيزَ ولا / أعلاه حتى رآه سيّدَ البشر
غدا عامرُ الأوطان في مقلتِي قَفْراً
غدا عامرُ الأوطان في مقلتِي قَفْراً / لِبَيْنك عنها واغتدى سهلُها وَعْرا
وأظلمت الآفاقُ منها توحُّشاً / كأنك كنتَ الصبح والشمس والبدرا
ومالي أرى هذي القصورَ كأَنها / قد امتلأَت مذ غِبت عن أرضها ذُعْرا
ولم أتخلَّف أَنني عنك صابِر / فكيف تُطِيقُ العين عن نورها صبرا
ولكنَّ دهراً عاقني واستهاضني / فخلَّفَني رَغْماً وأوجعني ضُرّا
ولو طار مِن قبلي مَشُوقٌ لشائقٍ / لِطرتُ بشوق يقطع القلب والصدرا
وعلمك بي يكفينَي العذَر كُلَّه / لأنك تدري صفو سِرِّيَ والجهرا
فيا ليتني أَفدِيك من كل حادثٍ / وألقَي خطوب الدهر دونك والدهرا
ولو أنّ عمري كنتُ أدري أتنهاءَه / أحطتُ به علماً وأعطتك الشطرا
سَقَى سَردوسَ الغيثُ ما دمتَ ثاوياً / بها وكساها صوبُه الورقَ الخُضْرا
ولا برحتْ تختال في حَليْ روضها / كم اختالت العذراءُ في حَليْها كِبرا
رُبوعُ ديارٍ بالعزيز عزيزةٌ / يطاول فيها مجدُه الأَنجمَ الزُهْرا
عليك صلاة الله من مَلِك به / نفى الله عنا الجور والظلم والفَقْرا
لم يخلُ قلبيَ من ذِكرْ العزيز وإن
لم يخلُ قلبيَ من ذِكرْ العزيز وإن / نأي به شُغُلٌ أو عاقه قَدَرُ
يرعاك كُلِّي بكُلِّي رَعْىَ مرتقِب / لا رَعْىَ من قادَه الإطماعُ والحذرُ
قلبي عليك رقيب فيك يكلؤني / يا منتهَى أملي والسمعُ والبصرُ
لا سرَّني العيشُ إلا أن تُسرَّ به / ولا استوى لِيَ إلا عندك العُمُر
لو لاك لم تَحْسن الدنيا لساكنها / طِيباً ولا أشرقت شمس ولا قمر
ألست ترى سحاب اللَّهو يَهْمِي
ألست ترى سحاب اللَّهو يَهْمِي / على اللَّذّات أمطارَ السرورِ
وَرجُع الزَّمْر يشكو ما أُلاقي / إلى الأوتار من ألم الزفير
وصوتُ الطبل بينهما ينادي / ألا هُبُّوا إلى شرب الكبير
فيا لكِ من مشاهدة تجلَّى / بظاهر حسنها همُّ الصدور
ولولا أن في الشرر انتقاضاً / لقلت كأنه وَهَجُ الضمير
كلُّ حيّ إلى الفناء يصيرُ
كلُّ حيّ إلى الفناء يصيرُ / والليالي تَعِلَّةٌ وغُرورُ
وإلى الله يرجع المَلْكُ والمُلْ / ك ويفُضِي الأمير والمأمور
وإذا لم يكن من الموت بدٌّ / فطويل الحياة نَزْرٌ حقير
أيَّ خَطْبٍ أرى وأيُّ ليالٍ / دهم الناس صَرفُها المحذورُ
كيف لا تأثِر المصائب في النف / س على من هو النفيس الأثِير
وكذا الرُزْءُ بالعظيم عظيم / وكذا الرزء بالحقير حقير
كيف لم تسقط السماء على الأر / ض ولم تَهوِ شمسُها والبدور
يوم مات الأمير بل يوم مات الصَّ / بر فيه بل يوم مات السرور
يوم بُلَّ الثرى عليه من الدّم / ع وقُدّت على القلوب الصدور
يوم حُطَّت عمائم وأذاعت / سِرَّها فيه أَدْؤرٌ وخُدورُ
يوم أبكى العيون حتى بكاهُ الْ / أسَدُ الوَرْد والغزالُ الغَرِير
وسمعتُ الزفير وهو صُرَاخ / ورأيت الدموع وهي بحور
في أوانٍ هو الشتاء فأمسى / بلهيب الأنفاس وهوْ هجير
شيَّعت نعشَه ملائكة الل / ه وروَّته رحمة وطهور
بمقام غابت وجوهُ التعزِّي / عنه والحزن والأنام حضور
قَبروا شخصه ووارَوْا سناه / وتولَّوا والفائز المقبور
كم نصيرٍ له هناك ولكن / ليس من سَوْرة الحِمام نصير
لو تُركنا إلى الفداء فَداهُ / من يد الموت عالمَون كثيرُ
وسيوفٌ ومثلُهنّ عبيد / ورماحٌ ومثلهنّ عَشِير
قدَّس الله رُوحه وضريحاً / حلَّه ذلك السَنَا والنور
يا أخي أيُّ عَبْرة ليس تهمي / وفؤاد عليك ليس يطِير
يا أخي إن بكتك عيني فإني / بالبكا والأسى عليك جدير
يا أخي عبد الله أيّ مساع / لم يَفُقْهنَّ سَعْيك المبرور
يا أخي إن صاحبي وأخي بَعْ / دك تَلْهابُ لوعةٍ وزفير
وفؤادٌ عن السلوّ عنيد / ومن الصبر والعزاء نَفُور
كنتَ مِلْءَ الجفون نوراً فأَمْسَتْ / مِلْؤُها مدمع عليك غزير
خانني بعدك التجلّد والصب / ر على أنني الجليد الصبور
أيُّ أخلاقك الرضيَّة يُرْثَى / رأيك العَضْب أم سناك المنير
أم محّياً يجول ماء النُهَى في / ه وماء الحِجَا القَرَاح النَمِير
أم شباب كما بدا نَبْتُه الغضْ / ضُ وعُمْر لَدْنُ الحواشي نضير
فالصباح الأغرّ ليل بهيم / عند فَقْدِيك والديار قبور
أخَفّف تسليمي وأُصفِي مودَّتي
أخَفّف تسليمي وأُصفِي مودَّتي / وأطوى على نصحي لك القلب والصدرا
وإني إذا ما غِبتُ عنك لناظِرٌ / إليك بقلب منك ممتلئ فِكرا
ويذكر قلبي حسْن وجهك إن رأى / شبيهك في إشراقك الشمس والبدرا
هنَاك خليفة الله السرورُ
هنَاك خليفة الله السرورُ / وما جاءت إليك به الدهورُ
وفَتْحٌ جلَّ موقِعُه إلى أن / تعاظم أن يُقاس به نظير
غدت تُرْكُ العراق لديه أَسَرْى / ودَيْلمُهَا بعفوك تستجير
وقد طارت قلوبهمُ خُفُوقاً / إلى أن لم تَحصِّنها الصدور
أثَرْتَ عليهمُ بالشام حربا / تَضعضَع بالعراق لها السَّريرُ
ودان بها لك العاصي وألقتْ / أزِمَّتها لكفِّيك الأمور
فأنت لسان فخر بني عليّ / وبدر ملوكها التمُّ المنير
أميرَ المؤمنين أنا لِرَبِّي / على ما قد حباك به شَكور
ألا هل لألفاظي طريقٌ إلى العذرِ
ألا هل لألفاظي طريقٌ إلى العذرِ / فدون الذي أوليتني رُتْبةُ الشكرِ
وما الشعر في قدر الأئمة زائد / ولكنَّ نظم الدّر أشهى من النثر
وما هَزَّني إلا الإمام وعطفُه / وإطفاء ذاك الجمر من ذلك الصدر
تبشِّرني عنه البشاشة بالرضا / وطيِّ الخطاب المتر والنظر الشَزْر
فيا حبَّذا ماءُ القَبول وحبذا / طلاوة ذاك البِشْر والمنظَرِ النضر
حباني معز الدين منه بنعمةٍ / كساني بها ثوبَ افتخارٍ على الفخر
وجرَّد من غمد الإذالة جانبي / وزحزح أقدام الحوادث عن ذِكري
وإن أمير المؤمنين لعالِم / بما يُمتطَى يوم الرهان وما يجري
أأُحصي أياديه ومِن بعضها أنا / أم أنعت جدواه ومن بعضها قدري
ومن كفّه أسطو ومن لحظه أرى / ومن مائه أَنمي وفي نوره أَسري
وقد جادني المَلْكُ الهمام فخصَّني / بِملْكٍ من الدُّهْم المطهَّمة الغُرّ
سأبلغ حظّي من أمانِيّ فوقه / وأدرِك أَثْارِي عليه من الدهر
ولا زال نصر الله دون وليّه / إذا سار عن مصرٍ أناخ على مصر
وصلّى عليه الله ما أنّ وامِق / وما غرّد القُمْرِي في فَنَن السِدْر
بِشارةٌ بالفتوح والظَفر
بِشارةٌ بالفتوح والظَفر / رؤياك فاسعَدْ بها على البَشَرِ
أنبأك الله في المنام بما / تبصره مقلتاك في السهر
رأيت آباءك الملوك وفي / أيديهم كلُّ صارمٍ ذَكَرِ
فضاربوا أرؤس العُدَاة كما / تضِربها في الرواح والبُكَر
وإن رنا نحوك السَقامُ فقد / عاد غضيضَ الجفونِ والنظر
وقد كفى الله ما نحاذِره / فيك وإن كنت غير ذي حَذَر
يا صفوة الله في بريَّته / وسرّه في الكتاب والسُوَر
زمنٌ منقضٍ وعمرٌ قصيرُ
زمنٌ منقضٍ وعمرٌ قصيرُ / وحياة الغُفُول عنه غرورُ
فاتق الله إن أردت نجاة / إنّ تقوى الإله فوزٌ كبير
أيّ خَلْقٍ يكون أنقصَ ممّن / ليس يدري لأيّ حال يصير
قالت أغدْر بنا في الحبّ قلت لها
قالت أغدْر بنا في الحبّ قلت لها / لا نال غايةَ ما يرجوه مَنْ غَدَرَا
قالت فلِمْ لَمْ تزرنا قلت زاركُم / قلبي ولم يدر بي جسمي ولا شعرا
قالت كذا يكتم العشّاقُ حبَّهم / فينعَمون ويَجْنون الهوى نَضِرا
قلت اسمحي لي بتقبيلٍ أعيش به / قالت وأيُّ محبّ قبَّل القمرا
لا تضِق بالدهر ذَرعا
لا تضِق بالدهر ذَرعا / واقتل الدهر جِهارَا
بمُدام تقتل الهمْ / مَ غُبوقا وابتكارا
ودعِ الدهرَ وإن خا / ن مُثِيرا ما أثارا
إن أسف من أن / تقتني منه حِذارا
لم نجِد مما قضى الل / هُ من الأمر فِرارا
فاسقِني صِرْفاً وغَنِّ / داوِ بالخمر الخُمَارا
لِيهنك أني لم أجِد لك عائباً
لِيهنك أني لم أجِد لك عائباً / سوى حاسدٍ والحاسدون كثير
لَيهْنِ المعالي أنني أنا رَبُّها / وأني متى ما رمت صعباً تيسّرا
غذتنِيَ مذ كُنتُ النبوّةُ والهدى / فحسبيّ أَن كانا هما لِيَ عُنصُرَا
فمن شاء فليحسد ومن شاء فليَدَعْ / فلست أبالي مَن أَقَلّ وأكثرا
كفانيَ صنعُ الله في كل ظالم / وكلّ حسودٍ في المكاره شمَّرا
وقد قبضتْ كفُّ المنون نفوسَهم / وقد محقتْ منهم أُناساً ومعشرا
يا سيدي وأميري
يا سيدي وأميري / ما إن له من نظيرٍ
إني فقدتُ بفقدي / أبي جميعَ سروري
فقدتُ منه تِلادي / فقدتُ منه نصيري
فقدتُ منه مُعِني / فقدتُ منه مُجِيري
فصِرتُ فَرْداً وحِيداً / وإنّني ذو عشيرِ
لا أعرف السهل والوَعْ / رَ إن قصدتُ مَسيري
قد كنت أخشى عليه / بناتِ دهرٍ عَثُورِ
كأنما الدهر أودى / منه بِركنَيْ ثَبِير
فمن عذِيريَ من دَمْ / عِ مقلتي مَن عذيري
هلاَّ بكتْه دماءً / إذ ماله من نظيرِ
فكلّ أمرٍ كبيرٍ / يُخبا لكل كبير
مَن للضعيف إذا ما / أتى ومَن للفقير
إلى من ألْجَأْ مِن شرْ / رِ صَيْلَم عنقفير
فوّضتُ أمري إلى من / يُرْجَى لكلّ الأمورِ
يا من صفا ودُّ صدري
يا من صفا ودُّ صدري / له وسِرّي وجهري
ومن تكدَّر عندي / لرزئه صفوُ دهري
ما مات ركنك لا بل / ركني وفخري وذُخري
لو كنتُ أملِك عمري / وهبتُه شَطر عمري
أو كنت اسطيع دفعاً / عنه بروحي ووَفْري
دافعت عنه المنايا / وكلِّ فادحِ أمر
وقَلَّ في واجب الحِف / ظ عنه دفعي ونصري
ما كان إلاّ يمني / ومُقلتَيَّ وأَزْرِي
لئن تولّى حميداً / بكلّ مدحٍ وشكر
لَحَسْبُه لك فينا / نَجْلاً وخِلفةَ فخر
يلقَى الزمان بحزمٍ / والمَكْرُماتِ ببِشر
لم تَنْء منه المنايا / عنّا بطيٍّ ونَشْرِ
ولا بفضل وبذل / ولا بسهل ووعر
بل كل ذا فيك أمسى / حريّة في ابن حرّ
وكان جسماً وروحاً / يسمو بها كلُّ بَرّ
فالجسم بان وأودى / وروحه فيك يجري
كذاك لو وَلَد البد / رُ لم يَلدْ غيرَ بدر
يا مورِثي بملامي / رسِيس همّ وذعرِ
ومُتْهِمي بظنون / لم تدر ما عَقْد سِرِّي
قليل لومك أمضى / من كل بِيض وسُمْر
وخُوْنُ عهِدك عندي / أشدّ من كل كفرِ
وكيف ترضى يميني / مني لقلبي بغدر
ما كان تركي صلاتي / على أبيك وأجري
إلا لداءٍ دهاني / وحلَّ عُقْدةَ صبري
وحلّ بالرِجْل مني / فجذَّ خطوي وخَطْري
حتى لقد عاقَني عن / صلاةِ ظُهري وعصري
فاعِذر فقد راح صدقي / إليك يسعى بعذري
واعلم بأن مصابي / على أبيك وضرّي
مصاب قيسِ بليلى / ووجدُ خَنْسا بصخر