المجموع : 75
أُهنِّئُ مولانا بأيمنِ قادمٍ
أُهنِّئُ مولانا بأيمنِ قادمٍ / تَقَيَّلَ في الإحسانِ أفعالَهُ الزُّهْرا
بيومٍ أجَدَّ الدهرُ فيه لِباسَهُ / وأبرزَ من مكنونِ زينتِه الذُّخْرا
وقد حلَّ فيه الشمسُ بيتَ سنَائِها / كطلعةِ مولانا وقد مَلأَ الصَّدْرَا
وعُدِّلَ ميزانُ الزمانِ كأنَّما / تعلَّمَ عدلاً منه قد ثَقِفَ الدَّهْرا
ولانَ بهِ قلبُ الغَمامِ على الثَّرَى / كرأفتِه إذْ يَطْرد البُؤْسَ والفَقْرَا
وألبسَهُ وشيَ الثيابِ مُحَبَّراً / كما هو يكسونِي أيادِيَه تَتْرَى
وأُهدي إليهِ رسمَ خدمتيَ التي / تقيمُ علاهُ في خَفَارتِه العُذْرَا
فلا غَرو أن أهديتُ من فيضِ بِرِّهِ / إليهِ قليلاً ليس يعتَدُّهُ نَزْرَا
فإني رأيتُ الغَيْمَ يحملُ ماءَهُ / من البحرِ غَمْراً ثم يُهْدِي له قَطْرَا
فدُمْتَ كذا للمُلكِ منبسطاً يَداً / ومبتسماً ثغراً ومنشَرِحاً صَدْرَا
ولا زلتَ تنضُو من ثيابِكَ بالياً / وتَلبسُ غَضَّاً من أوانِقِه نَضْرَا
أيا سابقاً طلّابُ غايتِه حَسْرَى
أيا سابقاً طلّابُ غايتِه حَسْرَى / ويا واحِداً أمدادُ نعمتِه تَتْرَى
ومَنْ أذنب الأيامَ حتّى إِذا انتهتْ / إِلى يومهِ الميمونِ كان لها عُذْرَا
ومن يُوسِعُ الأيّامَ بأسَاً ونائلاً / ويملأ في ديوانِه العَيْنَ والصَّدْرَا
أترضَى لمثلي أن يعيشَ مطَرَّحاً / لدى معشرٍ لا يَعرِفونَ له قَدْرَا
قلوبُهمُ من جهلِهمْ في أَكِنَّةٍ / وآذانُهم من غَيّهمْ مُلِئَتْ وَقْرَا
إِذا سَمعِوا بالفضلِ يوماً تربَّدَتْ / وجوهُهمُ سُوداً قسائِمُها غُبْرَا
يُغالونَ بي عن غيرِ علمٍ وإنَّما / يرَون مُقامي بين أظهُرِهم فَخْرَا
ولو عَرَفُوا مقدارَ فضلي ألِفْتُهمْ / ولم ألتمسْ منهم ثَواباً ولا أجْرَا
وما أنا إلا كالكريمةِ كُلَّما / رأتْ كُفْأَها في المجدِ أرخصتِ المَهْرا
فهل فيكَ أن تفتَكَّني من إِسارِهم / فإنّيَ بينَ القومِ من جُمْلةِ الأسرى
تمُرُّ الليالي لستُ أسمعُ عندَهمْ / من الفضلِ نظماً يونقُ السمعَ أو نثرا
وما ساقَني فقرٌ إليكَ وإنَّما / أبَى لي عزوفُ النفسِ أن أعرِفَ الفقرا
وما أبتغي إلا الكرامةَ إنها / سجيَّةُ نفسٍ مِرَّةٍ مُلِئَتْ كِبْرا
أقولُ وقد غالَ الرَّدَى من أُحِبُّهُ
أقولُ وقد غالَ الرَّدَى من أُحِبُّهُ / ومن ذا الذي يُعْدِي على نُوَبِ الدَّهْرِ
أأبقَى حُطاماً بالياً فوقَ ظهرِها / ومن تحتِها خُرعوبةُ الغُصُنِ النَّضْرِ
أعينيَّ جُوداً بالدماءِ وأسْعِدا / فقد جلَّ قدْرُ الرُّزِء عن عَبْرةٍ تجري
أذُمُّ جفوني أن تضِنَّ بذُخْرِها / وأمقتُ قلبي وهو يهدأُ في صدري
بنفسيَ من غاليتُ فيها بمهجتي / وجاهي وما حازتْ يدايَ من الوَفْرِ
وغايظتُ فيها أهلَ بيتي فكلُّهمْ / بعيدُ الرِّضَا يطوي الضُّلوعَ على غَمْرِ
وفُزْتُ بها من بعدِ يأسٍ وخَيْبَةٍ / كما استخرجَ الغَوَّاصُ لُؤلؤةَ البحرِ
فجاءتْ كما شاء المُنْى واشتَهى الهَوى / كمالاً ونُبلاً في عَفافٍ وفي سِتْرِ
فصارتْ يدي ملأى وعيني قريرةً / بها كيفما أصبحتُ في العُسْرِ واليسرِ
فنافسني المِقدارُ فيها ولم يَدَعْ / سوى مقلةٍ مطروفةٍ ويَدٍ صِفرِ
وما كنت أخشى أن يكونَ اجتماعُنَا / قصيرَ المدى ثم البِعادُ مدَى العُمْرِ
لقد أسلمتني صحبةٌ سلفتْ لنا / يُرَدُّ بها بعضُ الغليلِ إِلى الجَمْرِ
ألا ليتنا لم نصطحبْ عُمْرَ ليلةٍ / ولم نجتمعْ من قبلِ هذا على قَدْرِ
فيا نومُ لا تعمُرْ وِسادي ولا تَطُر / بمقلةِ مرهوم الإزارين بالقَطْرِ
وما لكما يا مقلتيَّ وللكَرى / ونورُكما قد غاب في ظُلمةِ القبرِ
فما عثرة الساقي بكأس رويَّةٍ / بأغزرَ فيضاً من دمائِكما الغُزْرِ
ويا موتُ ألحقِني بها غيرَ غادرٍ / فإن بقائي بعدَها غايةُ الغَدْرِ
ويا صبرُ زُلْ عنِّي ذميماً وخَلِّني / ولوعةَ وجدي والدموعَ التي تَمْرِي
ولا تَعِدَنِّي الأجرَ عنها فإنَّها / ألذُّ وأحلى في فؤادي من الأجرِ
أَتُبذَلُ لي حُورُ الجِنانِ نَسِيئَةً / وتُؤخذُ نَقْداً من ورائي وفي خِدْري
وأقنعُ بالموعودِ وهو كما تَرى / وأصبرُ للمقدورِ وهو كما تَدرِي
ومن ذا الذي يرضَى إن اعتاضَ كفُّهُ / يواقيتَ حُمْراً من أنامِلهَا العشْرِ
بلَى إنْ يكنْ حظِّي من الخُلْدِ وحدَها / صبرتُ فكانت نِعْمَ عاقبةُ الصَّبرِ
بنا أنتِ من مهجورةٍ لم أُرِدْ لَها / فِراقاً ولم تَطْوِ الضلوعَ على هَجْرِي
طلعتِ طلوعَ البدرِ ليلةَ تَمِّهِ / وفُقْتِ كما أربَى على الأنجُم الزُّهْرِ
وآنستِنَا حتى إِذا ما بَهَرْتِنَا / سناً وسناءً غِبْتِ غَيبوبةَ البَدْرِ
فقد كان رَبْعِي آهِلاً بكِ مدَّة / أحِنُّ إليه حَنَّةَ الطيرِ للوَكْرِ
وآوي إليهِ وهو رَوْضَةُ جَنَّةٍ / بدائِعُها يَخْتَلْنَ في حُلَلٍ خُضْرِ
فمُذْ بِنْتِ عنهُ صارَ أوحشَ من لظَىً / وأضيقَ من قبرٍ وأجدبَ من قَفْرٍ
وما كنتِ إلا نعمةَ اللّهِ لم تدُمْ / عليَّ لعجزِي عن قيامِيَ بالشُّكْرِ
وما كنتِ إلا شطرَ قلبيَ حافظاً / ذمامي وهل يبقى الفؤادُ بلا شَطْرِ
فانْ سكنتْ نفسي إِلى سكَنٍ لها / سواكِ مدى عُمْري فقد بُؤْتُ بالكُفْرِ
وإنْ أسْلُ يوماً عنكِ أسْلُ ضرورةً / وإلّا فإنّي عن قريبٍ على الأِثْرِ
عسى اللّهُ في دارِ القَرارِ يضُمُّنَا / ويجمعُ شملاً إنَّه مالكُ الأَمْرِ
فيا أسفا أنْ لا تزاورَ بينَنا / ويا حسرتا أنْ لا لقاءَ إِلى الحَشْرِ
برغمي خلا رَبْعِي وأُسْكِنتِ خاطري / وغُيِّبْتِ عن عيني وأُحضِرْتِ في فكري
أفدي التي استودَعْتُها بَطْنَ الثَّرى
أفدي التي استودَعْتُها بَطْنَ الثَّرى / وأبَنْتُها عنِّي برغمي مجبَرا
تاللّهِ ما اخترتُ التوقُّفَ ساعةً / من بعدِ يومِكِ لو خُلِقْتُ مُخَيَّرا
يا ليتَ أنكِ بالضِيَا من ناظِري / وسوادُهُ لكِ موطِئٌ دونَ الثَّرى
غُصنانِ مؤتلفانِ أَفْرَدَ واحِداً / ريبُ المنيَّةِ منهما فتهصَّرا
ما ضرَّهُ فيما جَنَاهُ عليهما / لو كانَ قدَّم منهما ما أخَّرَا
هيهاتَ أنْ يبقى الحُطَامُ بِحَالِه / من بعدِما هصرَ الأغضَّ الأنضرا
قالوا صبرتَ على المكروهِ من نَفَرٍ
قالوا صبرتَ على المكروهِ من نَفَرٍ / لو شئتَ حكَّمْتَ فيهمْ كفَّ مُنتَصِرِ
تعدو عليكَ رجالٌ لو هممتَ بهِمْ / صاروا فرائسَ بين النابِ والظُّفُرِ
تُغْضِي إِلى أنْ يقالَ العجزُ ألزَمهُ / ذُلّاً وتصبرُ حتى لاتَ مصطَبرِ
حتامَ تحلِم منهم غيرَ منتقِمٍ / والحِلْمُ ينزعُ أحياناً إِلى الخَوَرِ
وهَبْهُمُ الماءَ موّاراً على حَجَرٍ / والماءُ ينقرُ في صَلْدٍ من الحجرِ
فقلتُ إنَّهُمُ عندي وكيدُهُمُ / كالكلبِ إذْ باتَ يعوي صفحةَ القمرِ
إنِّي أبَتْ ليَ أخلاقٌ مهذَّبةٌ / أنْ أُسْلِمَ الحلْمَ بينَ الحِقْدِ والضَّجَرِ
بالرِفقِ أبلُغُ ما أهواهُ من أَرَبٍ / وصاحبُ الخُرْقِ محمولٌ على خَطَرِ
والسمُّ يبلغ في رِفْقٍ مكيدَتهُ / ما ليس يبلغُ كيدَا الصابِ والصَّبرِ
والحِقْدُ كالنارِ في الزندين إنْ تُرِكا / تكمُن وإن أغرِيا بالقَدْحِ تستَعِرِ
وربما ائتَلفَ الضِّدانِ فاعتدَلا / والماءُ والنارُ في نَضْرٍ من الشَّجَرِ
وأكثرُ الناس من يُشقَى بصحبتِه / ومصطَلِي النارِ لا يخلو من الشَّررِ
تشابهٌ في طِباعِ الشَّرِّ بينهمُ / على اختلافٍ من الأهواءِ والصُّوَرِ
يمضي السِّنانُ على مِقدارِ مُنَّتِه / في الطعنِ والوخز أقصَى منه بالإبرِ
إنْ يضطهدْنِيَ مَنْ دونِي فلا عَجَبٌ / هو الزمانُ يصيدُ الصقرَ بالنغرِ
تباركَ اللّهُ عدلاً في قضيّتِهِ / بحكمهِ راعَ ظبياً صولةُ النَّمِرِ
فلا ترومَنَّ إنصافاً وقد شَهِدَتْ / مخالبُ الليثِ أن الظلمَ في الفِطَرِ
قد يُحْرَمُ المرءُ نصراً من أقاربِهِ / حتَّى من السمعِ فيما نابَ والبصَرِ
ويرزقُ النصرَ ممَّن لا يُناسِبُهُ / كما يؤيَّدُ أزرُ القوسِ بالوَتَرِ
ولا يغرَّنْكَ نَورٌ راقَ منظرُهُ / إذا تفتَّقَ عن مُرٍّ من الثَّمَرِ
قد يُدرِكُ الغايةَ القُصْوَى على مَهَلٍ / أخو الهوينا وقد ينبتُّ ذو الخُصُرِ
فاقْنَعْ بميسورِ ما جادَ الزمانُ بهِ / وطالما رَضِيَ المكفوفُ بالعَوَرِ
وربما كان فضلُ المرءِ متلَفَةً / وإنما تلفُ الأصدافِ بالدُّرَرِ
والمرءُ يحسِبُ ما يأتيهِ من حَسَنٍ / منه وينسُبُ ما يجني إِلى القَدَرِ
رُزْنَا الأمورَ فلم نعرفْ حقائِقَها / من بعد فكرٍ فصار الخُبْرُ كالخَبَرِ
فارشحْ بخيرٍ وإن أعيتْكَ مقدرةٌ / فالغُصنُ يُحْطَبُ إن لم يعطِ بالثَّمرِ
والعيشُ كالماء قد يصفو لِشاربِهِ / حيناً ويُشربُ أحياناً على كَدَرِ
حُمْنا عليهِ فلما حانَ مورِدُنا / أقامنا الخوفُ بين الوِرْدِ والصَّدَرِ
أهْوِنْ بصرفِ الدهرِ أنَّ لهُ
أهْوِنْ بصرفِ الدهرِ أنَّ لهُ / حدَّاً إِذا قاومْتَهُ انْكَسرا
واشرحْ له صدراً فلا جَزَعاً / تُبْدِي لما يأتِي ولا بَطَرا
كَمْ قد جَزِعْتَ لوقعِ حادثةٍ / لم تلقَ عند حدوثِها ضَرَرا
ونظرتَ للميسورِ تُدْرِكُهُ / حتَّى إِذا أدْركتَهُ انْحَسَرا
والصفوَ خذهُ ما أتاكَ بهِ / واتْركْ على عِلّاتِه الكَدَرا
ودعِ الطِّباعَ وما يُوافِقُها / فالطبعُ إنْ قاهرتَهُ قَهَرا
والنارُ إنْ صوَّبْتَها صَعِدَتْ / والماءُ إن صَعَّدْتَهُ انحَدَرا
ذرِيني وما أختارُهُ من تَصَوُّنِي
ذرِيني وما أختارُهُ من تَصَوُّنِي / ومَصِّي ثِمَادَ الرِزْقِ غيرَ مُكَدَّرِ
فقد خِيرَ لي ملكُ القَناعةِ واستوتْ / لديَّ به حالا مُقِلٍّ ومُكْثرِ
وزهَّدنِي بالكَدِّ علمي بأنني / خُلقتُ على ما فِيَّ غيرَ مُخَيَّرِ
فلستُ مفيتا بالهُوينا مقدَّراً / ولا بالغاً بالكدِّ ما لم يُقَدَّرِ
أَما تَرى المرءَ له عِبرةٌ
أَما تَرى المرءَ له عِبرةٌ / مَتْلَفةٌ يشقَى بها الحُرُّ
لا تلتمسُ فضلَ الغِنَى إنهُ / في صدفٍ أهلكه الدُّرُّ
لا تجزعَنْ إنْ فات ما رُمْتَهُ
لا تجزعَنْ إنْ فات ما رُمْتَهُ / واشْدُدْ عُرَى عزمِكَ بالصَّبْرِ
فالجَدُّ إنْ ساعدَ نالَ الفَتَى / بُغْيَتَه من حيثُ لا يَدرِي
وإنْ نَبا الجَدُّ فكلُّ الذي / تأمُلُ من رِبْحٍ إِلى خُسْرِ
والمرءُ في إقبالِه سابِحٌ / يجري مع الماءِ كما يجري
وهو إِذا أدبر مستقبلٌ / جَرْيتَهُ منقطعَ الظَّهْرِ
أَلمْ تَرَ أنَّ الصبرَ للشكرِ توأَمٌ
أَلمْ تَرَ أنَّ الصبرَ للشكرِ توأَمٌ / وأنهما ذُخْرانِ للعُسْرِ واليُسْرِ
فشُكراً إِذا أُوتيتَ فاضلَ نِعْمَةٍ / وصبراً إِذا نابَتْكَ نائبةُ الدهرِ
فلم أرَ مثلَ الشُّكْرِ حارسَ نعمةٍ / ولا ناصراً عند الكريهةِ كالصَّبْرِ
وما طابَ نشرُ الروض إلّا لأنّهُ / شكورٌ لما أسدَتْ إليه يَدُ القَطْرِ
وما فُضِّلَ الإبريزُ إلّا لأَنّهُ / صبورٌ إِذا ما مَسَّهُ وهجُ الجمرِ
لا يزهدنَّكَ في الجميلِ مقابِلٌ
لا يزهدنَّكَ في الجميلِ مقابِلٌ / حُسْنَ الصنيعةِ منك بالكُفْرِ
فلربما أثنَى عليكَ بفعلهِ / من لستَ تعرفُ حين لا تدري
أَوَ ما سمعتَ مقالَ قائِلهمْ / اِفعلْ جميلاً وارمِ في البحرِ
إيَّاكَ والإرتِقاءَ في سَبَبٍ
إيَّاكَ والإرتِقاءَ في سَبَبٍ / يخونُ كَفَّيْكَ حين تنحَدِرِ
لا بدَّ من همَّةٍ يعيشُ بها ال / مرءُ وإلّا فعيشُهُ كَدِرُ
أما رأيتَ الصحيحَ يُؤلِمُهُ / ما لا يُبالِي بمثلِه الحَذِرُ
هذا الصغيرُ الذي وافَى على كِبَري
هذا الصغيرُ الذي وافَى على كِبَري / أقَرَّ عيني ولكنْ زادَ في فِكَرِي
وافى وقد أبقتِ الأيامُ في جَسَدي / ثَلْماً كثلمِ الليالي دارةَ القمرِ
والشيبُ أردفَ مسودَّاً بمشتعِلٍ / والدهرُ أعقبَ منصاتاً بمنأطِرِ
سبعٌ وخمسونَ لو مرَّتْ على حَجَرٍ / لبانَ تأثيرُها في صفحةِ الحَجَرِ
فزادَ حِرصي على الدُّنْيا وجدَّدَ لي / ضَنّاً بمالي وإِشفاقاً على عُمُري
أحنُو عليهِ وأخشى أنْ يعاجلَنِي / يومي ولم أَقْضِ من ترشيحهِ وطري
وأشتهي أن أراهُ وهو مقتبِلٌ / غضّ الشبابِ خضيب الوجه بالشَّعَرِ
أحيَى مآثرَ آبائي وأَشْبَهَهُمْ / في مجدهِمْ واقتفَى في هَدْيهم أثري
تفرَّدَ اللّهُ بالتقدير ما اشتركتْ
تفرَّدَ اللّهُ بالتقدير ما اشتركتْ / فيه نجومٌ ولا شمسٌ ولا قمرُ
فكِلْ إِلى اللّه ما أعياكَ مطلَبُهُ / فسوفَ يأتي بما لا تأمُلُ القَدَرُ
فالخيرُ والشرُّ منه جاريانِ على / ما شاء لا حيلةٌ تُغْنِي ولا حَذَرُ
غايِظْ صديقَكَ تكشفْ عن ضمائِرِه
غايِظْ صديقَكَ تكشفْ عن ضمائِرِه / وتَهْتِكِ السِتْرَ عن محجوبِ أسرارِ
فالعودُ يُنْبِيكَ عن مكنونِ باطنهِ / دُخَانُهُ حين تُلْقِيهِ على النَّارِ
خُذْ من شبابِكَ صفوَ العيش مبتدِراً
خُذْ من شبابِكَ صفوَ العيش مبتدِراً / فقد أتاكَ نذيرُ الشَّيْبِ يبتَدِرُ
واستوفِ حظَّكَ منهُ قبل فُرقَتِه / بحيثُ لا أثَرٌ يبقَى ولا خَبَرُ
بقيَّةٌ من شَبابٍ بانَ أكثرُهُ / كأنَّهُ ليلُ وَصْلٍ كادَ ينحَسِرُ
فاعرِفْ لها حقَّها واشدَدْ يديكَ بها / فإنّهُ الصفْوُ يأتي بعدَهُ الكَدَرُ
جاريْتُ في مِضْمارِ عُمريَ عُصْبةً
جاريْتُ في مِضْمارِ عُمريَ عُصْبةً / سبقُوا وها أنا خلفَهُمْ أجرِي
طوراً على ظهرِ البهيمِ وتارةً / من فوقِ أشهبَ سابحٍ غَمْرِ
شَيْبٌ أُفِيضَ على الشبابِ كأنَّما / كشفَ الدياجي غُرَّةُ الفجرِ
صِبغانِ مُقْتَبَسانِ من صِبْغَيهما / طلعَا بلونهما على شَعْرِي
هذاكَ مركوبي وتلكَ جنيبتي / بهما قطعتُ مسافةَ العُمْرِ
أمّا الشبيبةُ والنعيمُ فإنَّني
أمّا الشبيبةُ والنعيمُ فإنَّني / لم أَدْرِ أيُّهما ألذُّ وأنضَرُ
حتَّى انقضَى عَصْرُ الشَّبابِ فبانَ لي / أنّ الشباب هو النعيمُ الأكبرُ
لا تُخْدَعَنْ عنه فبائعُ ساعةٍ / منهُ بدنيانا جميعاً يخسرُ
رأيتُ رِجالاً يطلُبونَ مساءَتِي
رأيتُ رِجالاً يطلُبونَ مساءَتِي / بجهدِهمُ من غيرِ ذَحْلٍ ولا وِتْرِ
وما سبقتْ منِّي إليهم اساءَةٌ / ولكنّهمْ مالُوا عليَّ مع الدهرِ
فهلّا اكتفَوْا بالدهرِ فيما يسوؤُني / أما فيهِ ما يَشفي الصدورَ من الغمرِ
فانْ أَصطلِحْ والدهرَ أَجعَلْ مودَّتِي / ويُسري لمن واسَى وساعدَ في العُسْرِ
رشَأٌ فُتورُ لِحَاظِهِ
رشَأٌ فُتورُ لِحَاظِهِ / يروي عن المَلَكينِ سِحْرا
متلثِّمٌ ولِثَامُهُ / غَيْمٌ يُوارِي منه بَدْرا
إنْ خُصَّ حُسْنٌ بالصِّوا / نِ فحسنُه أولَى وأحْرَى
يُخفِي اللثامُ مباسِماً / منهُ مُفَدَّاةً وثَغْرا
ثغرٌ هو الإغريضُ قد / جُعِلَ اللثامُ عليه قِشْرَا
لمَّا اعتنقنا للوَدا / عِ وصارَ سِرُّ البَيْنِ جَهْرَا
وأحسَّ بالزفراتِ من / نَفَسِي وقد أُلهبْنَ جَمْرا
ردَّ اللِّثامَ على مبا / سِمَ ضُمِّنَتْ بَرَداً وخَمْرا
خوفاً عليهِ أنْ يذو / بَ بَحَرِّ أنفاسي وحِذْرا
وَلَوَ اَنَّنِي مُكِّنْتُ من / ها هِلْتُها دُرَّاً وعِطْرا