القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ دَرّاج القَسْطَلّي الكل
المجموع : 21
بشيرُ يومٍ بمُلْكِ دَهْرِ
بشيرُ يومٍ بمُلْكِ دَهْرِ / وَصِدْقُ فَأْلٍ بطولِ عُمْرِ
ودولةٌ بالسرور تَبْأَى / وأَنجُمٌ بالسعودِ تجْرِي
وَغُرّةٌ بَشَّرَتْ بفتح / وفاك واستبشَرَتْ بنصر
شاهدُ صُنعٍ وغيثُ فتحٍ / تواعَدا طُهْرَهُ لِقَدْرِ
فأقبلا سابقٌ وَتَالٍ / طلوعَ شمسٍ بِإِثْرِ فَجْرِ
فآنَ يَا نفسُ أَنْ تُسَرِّي / بكلِّ مَا شئتِ أَن تُسَرِّي
وحانَ يَا عَينُ أَن تَقَرِّي / بكُلِّ مَا شئتِ أن تَقَرِّي
غيثُ سحابٍ وغيثُ جود / وطيبُ عَرْفٍ وطيبُ ذِكْرِ
وراحةٌ غَيَّمَتْ علينا / تغدِقُ ساحاتِنَا بِتِبْرِ
الأرضُ قَدْ حُلِّيَتْ رياضاً / كُلِّلَ تيجانُها بِزَهْرِ
كأنما أَنْبتت رُباها / زُمُرُّداً أَثمرَتْ بِدُرِّ
وخير شمسٍ لِعَبْدِ شَمْسٍ / أَحلَّهُ السعدُ خيرَ قَصْرِ
خليفةُ اللهِ راحَ ضَيْفاً / لسيفِهِ الحاجِبِ الأَغَرِّ
زارَ لتطهير من كَساهُ / وِزَارَتَيْ مَفْخَرٍ وَخَطْرِ
فأَيُّ ضيفٍ وأَيُّ سيفٍ / وأيُّ مُلْكٍ وأيُّ فَخْرِ
وأيُّ شِبْلٍ لأَيِّ لَيْثٍ / وأَيُّ نهرٍ لأيِّ بَحْرِ
مُتَوَّجٌ قبلَ يومِ مُلكٍ / مُطَهَّرٌ قبل حين طهرِ
أدنى إِلَيْهِ الطبيب عَطْفاً / فِي مُرْتَقىً للخطوب وَعْرِ
فَسُدِّدَتْ كفُّه بصنعٍ / وَأُدْهِشَت نفسُهُ بذُعْرِ
فيا لَهُ رَامَ غَمْرَ ليثٍ / ومدَّ كَفَّاً لِلَمْسِ بَدْرٍ
أُغْمِدَ عَنهُ حُسامُ بَأْسٍ / فقد تَكَمَّى بدرعِ صَبْرِ
لِسُنَّةٍ للإِلهِ أَعطَى / قيادَ رَاضٍ بِهَا مُقِرِّ
يا لوْعَةً لِلْحَدِيدِ فازتْ / طُلَّابُ أعدائها بوِتْرِ
وقطرةً من دمٍ سَتَمْرِي / دمَ العِدَى وابلاً بقَطْرِ
وجُنْدُ أَنصارها شهودٌ / لَمْ يُذْعِنُوا قَبْلَها لَقَسْرِ
وأَبرَزوا كلَّ شبلِ غابٍ / بكُلِّ ذي لبدةٍ هِزَبْرِ
كلٌّ يُوَاسِي بنفسِ عَبدٍ / يقضي عليها بصَبْرِ حُرِّ
فَحُفَّ بدرُ السماءِ منه / بِأَنْجُمٍ للسعود زُهْرِ
وأَصبحَ الدهرُ من كُساهُ / فِي حُمْرِ إِسْتَبْرقٍ وَخُضْرِ
وأَشرقَ المسكُ والغَوَالي / فِي أَوْجُهٍ من نداه غُرِّ
بُشراكَ من طُولِ التَّرَحُّلِ والسُّرى
بُشراكَ من طُولِ التَّرَحُّلِ والسُّرى / صبحٌ بِرَوْحِ السَّفْرِ لاحَ فأَسْفَرا
مِنْ حاجِبِ الشَّمس الَّذِي حَجبَ الدجى / فَجراً بأَنهارِ الندى مُتفجِّراً
نادى بِحَيَّ عَلَى النَّدى ثُمَّ اعتلى / سُبُلَ العُفاةِ مُهلِّلاً ومُكَبِّرا
لَبَّيكَ أَسْمعنا نِداكَ ودُونَنا / نَوْءُ الكواكِبِ مُخْوِياً أَوْ مُمْطِرا
مِنْ كُلِّ طارِقِ لَيلِ همِّي ينتحي / وَجْهي بوجهٍ من لقائِكَ أَزْهَرَا
سارٍ ليعِدَل عن سَمائكَ أنجُمِي / وَقَدِ ازْدَهاها عنْ سَناكَ مُحيِّرا
فكأَنَّما أَغْرَتْهُ أَسبابُ النَّوى / قدَراً لِبُعْدِيَ عن يَديكَ مُقدَّرا
أَوْ غارَ من هممي فأَنْحى شأْوَها / فَلَكَ البُرُوجِ مُغرِّباً ومُغَوِّرا
حَتَّى عَلِقتُ النَّيِّرَيْنِ فأَعْلقَا / مَثنى يَدِي مَلِكَ الملوكِ النَّيِّرا
فَسَريْتُ فِي حَرَمِ الأَهِلَّةِ مُظلِماً / وَرَفَلْتُ فِي خِلَعِ السّمومِ مُهجِّرا
وَشَعَبْتُ أَفلاذَ الفُؤَادِ وَلَمْ أَكَد / فحذَوْتُ من حَذْوِ الثُّريَّا مَنظرا
سِتٌّ تَسرَّاها الجَلاءُ مُغرِّباً / وحَدا بِهَا حادِي النَّجاءِ مُشْمِّرا
لا يَستفيقُ الصُّبحُ منها مَا بَدا / فَلَقاً ولا جَدْيُ الفراقِد مَا سرى
ظُعنٌ أَلِفْنَ القفرَ فِي غَوْلِ الدُّجى / وَتَرَكْنَ مأْلوفَ المعاهِدِ مُقفرا
يَطلُبْنَ لُجَّ البحر حَيْثُ تقاذَفتْ / أَموَاجُهُ والبَرَّ حَيْثُ تنكَّرَا
هِيمٌ وَمَا يَبْغِينَ دونكَ مَوْرِداً / أَبَداً وَلا عن بَحرِ جُودِكَ مَصدَرا
من كُلِّ نِضوِ الآلِ مَحبوكِ المُنى / يُزْجِيهِ نَحوَكَ كُلُّ مَحبوكِ القَرَا
بُدُنٌ فَدَتْ مِنَّا دِماءَ نُحورِها / بِبِغائِها فِي كُلِّ أُفقٍ مَنحرا
نَحرَتْ بنا صَدْرَ الدَّبورِ فأَنْبطَت / قَلَقَ المضاجِعِ تَحْتَ جوٍّ أَكدَرَا
وَصَبتْ إِلَى نَحوِ الصبا فاسْتخلَصتْ / سَكَنَ الليالي والنَّهارَ المُبصِرا
خُوصٌ نَفَخْنَ بنا البُرا حَتَّى انْثَنَتْ / أَشلاؤُهُنَّ كَمِثلِ أَنْصافِ البُرَا
نَذَرَتْ لَنَا أَلّا تلاقي رَاحَةً / مِمَّا تُلاقِي أَوْ تُلاقيَ مُنذِرَا
وَتَقاسَمَتْ ألَّا تُسيغَ حَياتَها / دونَ ابْنِ يَحيَى أَوْ تَموتَ فَتُعذَرا
للهِ أَيُّ أَهِلَّةٍ بَلَغَتْ بنا / يُمْناكَ يَا بَدْرَ السَّماءِ المُقمِرَا
بَلْ أَيُّ غُصنٍ فِي ذَرَاكَ هَصَرْتَهُ / نَخِرٍ فأوْرَقَ فِي يَدَيْكَ وأَثْمرا
فَلَئِنْ صَفَا ماءُ الحياةِ لَدَيْكَ لي / فَبما شرِقْتُ إِليكَ بالماءِ الصَّرى
ولئِنْ خَلَعْتَ عَليَّ بُرْداً أَخضَرا / فلَقَدْ لبستُ إِليْكَ عَيشاً أَغْبَرا
ولَئِنْ مَدَدْتَ عليَّ ظِلّاً بارِداً / فلكم صُلِيتُ إِليكَ جَوّاً مُسعرا
وكَفاكَ مَنْ جعلَ الحياةَ بضاعةً / ورأَى رِضَاكَ بِهَا رخيصاً فاشتَرى
فَمَنِ المُبَلِّغُ عن غريبٍ نازِحٍ / قَلباً يكادُ عَليَّ أَنْ يتفَطَّرا
لَهْفَانَ لا يَرْتَدُّ طَرْفُ جفونِهِ / إِلَّا تذكَّرَ عَبْرَتي فاسْتَعبَرا
أَبُنَيَّ لا تَذْهَبْ بنفسِكَ حَسرَةٌ / عن غَوْلِ رَحْلي مُنجِداً أَوْ مُغْوِرا
فلَئِنْ ترَكْتَ اللَّيلَ فَوْقيَ دَاجِياً / فلقد لقيتُ الصُّبحَ بعدَكَ أَزْهَرَا
ولَقدْ وردْتُ مياهَ مارِبَ حُفَّلاً / وأَسَمْتُ خيلي وسْطَ جنَّةِ عبقرا
وَنَظَمْتُ للغيدِ الحِسانِ قَلائِداً / من تاجِ كِسرى ذِي البهاءِ وقيصرا
وحللْتُ أَرْضاً بُدِّلت حَصباؤُها / ذَهَباً يَرِفُّ لناظِرَيَّ وجَوْهَرا
وليَعلمِ الأَمْلاكُ أَنِّيَ بَعدهُم / ألفيتُ كُلَّ الصَّيدِ فِي جَوْفِ الفرا
ورمى عَليَّ رِداءهُ منْ دُونِهِم / مَلِكٌ تُخُيِّر للعُلا فَتَخَيَّرا
ضَرَبُوا قِداحَهُمُ عَليَّ ففازَ بِي / مَنْ كَانَ بالقِدْحِ المُعلَّى أَجْدرا
مَنْ فكَّ طِرْفي من تكاليفِ الفَلاَ / وأجارَ طَرْفي من تبارِيحِ السُّرى
وكفى عِتابي من أَلامَ مُعذِّراً / وتَذَمُّمِي مِمَّنْ تَجَمَّلَ مُعذِرا
ومُسائِلٍ عنِّي الرِّفَاقَ ووُدُّهُ / لَوْ تنبذُ الساداتُ رحلي بالعرا
وبقيتُ فِي لُججِ الأَسى مُتضَلِّلاً / وَعَدَلْتُ عن سُبلِ الهُدى مُتحيِّرا
كَلّا وَقَدْ آنستُ من هُودٍ هُدىً / ولَقيتُ يعرُبَ فِي القُيُولِ و حِميَرا
وأَصَبتُ فِي سَبأٍ مُورَّث مُلكِهِ / يَسبي المُلوك ولا يَدُبُّ لَهَا الضَّرا
فكأنما تابَعتُ تُبَّعَ رافِعاً / أَعلامَهُ مَلكاً يدينُ لَهُ الورى
و الحارِثَ الجَفنيَّ ممنوعَ الحِمى / بالخيلِ والآسادِ مَبذولَ القِرى
وحَططْتُ رحْلي بَيْنَ نارَيْ حاتِمٍ / أيام يقري مُوسِراً أَوْ مُعسرا
ولَقيتُ زَيد الخَيلِ تَحْتَ عَجاجَةٍ / يكسو غلائِلُها الجِياد الضُّمَّرا
وعَقدْتُ فِي يَمنٍ مَواثِقَ ذِمَّةٍ / مشْدودةِ الأَسبابِ مُوثَقةِ العُرى
وأَتيت بَحدلَ وهو يَرفَع مِنبراً / للدِّينِ والدُّنيا ويخفضُ مِنبرا
وَخَطَطْتُ بَيْنَ جِفانِها وجفونها / حَرماً أَبَتْ حُرُماتُهُ أَن تُخفرا
تِلْكَ البحُورُ تتابعتْ وخلَفْتَها / سعياً فكنتَ الجوهر المُتَخَيِّرا
ولقد نمَوْكَ وِلادَةً وسِيادةً / وكسَوْك عزّاً وابتنوا لَكَ مَفخرا
فعَمَرْت بالإِقبالِ أكرمَ أَكرمٍ / مُلكاً ورِثتَ عُلاهُ أَكبر أَكبرا
وشمائِلٍ عَبِقت بِهَا سُبُلُ الهوى / وأَلذَّ فِي الأَجْفانِ من طَعمِ الكرى
ومَشاهِدٍ لَكَ لَمْ تكنْ أَيَّامُها / ظَنّاً يريبُ ولا حَديثاً يُفترَى
لاقَيتَ فِيهَا المَوتَ أَسْوَدَ أَدْهَماً / فَذَعَرْتَهُ بالسيفِ أَبيضَ أَحْمرا
ولَوِ اجتلى فِي زيِّ قِرْنِكَ مُعلَماً / لتركْتَهُ تَحْتَ العجاجِ مُعفَّرا
يا مَنْ تَكَبَّرَ بالتَّكَرُّمِ قَدْرُهُ / حَتَّى تكرَّمَ أن يُرى مُتكبِّرا
و المُنْذِرُ الأَعداءَ بالبُشرى لَنَا / صَدَقتْ صِفاتُكَ مُنذِراً ومُبشِّرا
ما صُوِّرَ الإِيمانُ فِي قلبِ امْرِئٍ / حَتَّى يراكَ اللهُ فِيهِ مُصوَّرا
فارْفَع لَهَا عَلَمَ الهُدى فَلِمِثْلِها / رَفَعتكَ أعلامُ السِّيادَةِ فِي الذرى
وانصُرْ نُصِرتَ من السماءِ فإِنما / ناسَبتَ أَنصارَ النَّبيِّ لِتُنصرا
واسْلَمْ ولا وَجدوا لِجوِّكَ مَنفساً / فِي النَّائِباتِ ولا لِبَحرِكَ مَعبرا
عَمُرَتْ بطولِ بقائِكَ الأَعمارُ
عَمُرَتْ بطولِ بقائِكَ الأَعمارُ / وجرَتْ بِرِفعةِ قَدْرِكَ الأقدارُ
ودَنَتْ لَكَ الدُّنيا بِقاصِية المُنى / وَتَخَيَّرَتْ لَكَ فَوْقَ مَا تختارُ
فإِذَا النُّجومُ تطلَّعتْ لَكَ أَسعُداً / بَدَرَ البدُورُ بهنَّ والأقمارُ
وإِذا زَجَرْتَ ليُمنِ يَومِكَ طائراً / حُشرَتْ إِليكَ بِيُمنِها الأَطيارُ
وإِذا المُنى بدَأَتْكَ غَرْسَ رياضِها / حَيَّتكَ فِي أَغصانِها الأَثمارُ
سَبقاً كما سَبَقتْ فِعالُكَ كُلَّ مَا / أَعيتْ بِهِ الأَوْهامُ والأَفكارُ
وتَجلِّياً للدَّارِعينَ تَصيدُها / بطيورِ خَيلكَ والعقولُ تُطارُ
بشمائلٍ مشمولةٍ بمكارِمٍ / مَا للخطائرِ عندَها أَخطارُ
ومعالِمٍ لِندى يَديْكَ وإِنَّها / سُرُجٌ إِليكَ لحائرٍ ومَنارُ
فإِذا عوَانُ المَجدِ رَدَّ خطيبُها / فَلَكَ الأَيامى مِنهُ والأَبكارُ
وإِذا الحُروبُ تساجَلتْ أَيَّامُها / فقتيلُ سيفكَ فِي المُلوكِ جُبارُ
ولقد عَضضتَ عَلَى الخطوبِ بناجِذٍ / للدَّهرِ منه سكينةٌ وَوَقارُ
لكن شمائلُ فِي النَّدى وكَّلتها / بعفاةِ جُودِكَ فتيةٌ أَغمارُ
ما البحرُ فِي الأَرْضِ العريضةِ بعدَما / فاضتْ عليها من نَداكَ بحارُ
أَوْ مَا غَناءُ المِسك فِي الدُّنيا وَقَدْ / مُلِئَتْ بطيبِ ثنائكِ الأَمصارُ
فبهِ تأَنَّقَتِ الحدائِقُ وازْدَهى / زَهرُ الرُّبى وتفتَّحَ النُّوّارُ
وتنافَحتْ بنسيمها ريحُ الصَّبا / وتفاوَحَتْ برِياضها الأَسحارُ
وتعاطَتِ النُّدَماءُ كأْسَ مُدامِها / وسَرَتْ بِهَا الرُّكبانُ والسُّمَّارُ
فكأَنَّ للدُّنيا بحَمدِكَ أَلسُناً / تُصغِي لَهَا الآفاقُ والأَقطارُ
وكأَنَّما الأَيَّامُ فيكَ مدائحٌ / نُظِمَتْ كما نُظِمتْ لَكَ الأَشعارُ
واللهُ جارُكَ كم أَجَرْتَ عِبادَهُ / من كُلِّ خطبٍ لَيْسَ مِنه جارُ
وَضَرَبْتَ عنهمْ كُلَّ جبَّارٍ عتا / فحباكَ بيضةَ مُلكهِ الجبَّارُ
في جَحْفَلٍ كاللَّيلِ جرَّارٍ لَهُ / من عِزِّ نَصركَ جحفلٌ جَرَّارُ
أُمدِدْتَ فِيهِ بالملائكةِ الَّتِي / نُصرَتْ بِهَا أَعمامُكَ الأَنصارُ
وكَسوْتَ فِيهِ الشمسَ بُردَ عَجاجَةٍ / للموتِ تَحْتَ ظلامِها إِسفَارُ
والجوُّ يَحمى والدِّماءُ سواكِبٌ / والأَرْضُ رَيَّا والسَّماءُ غُبارُ
والمُقفِراتُ سوابقٌ وخوافقٌ / والشاهِقاتُ أَسِنَّةٌ وشِفارُ
كلٌّ رَفَعتَ صدورَهُنَّ لغارَةٍ / مَا إِنْ لَهَا قبلَ الصُّدورِ مُغارُ
وقد ادَّرَعَت لَهَا سوابقَ عَزمةٍ / البِرُّ والتقوى لهنَّ شِعارُ
بَهرَتْ فهنُّ عَلَى ابن يَحيى فِي الوغى / نورٌ لَهُ وَعَلَى ابن شنجٍ نارُ
تحمى فيودِعُها جوانِحَ صَدرِهِ / كي لا تُبَيِّنَهُ لَكَ النُّظَّارُ
أَسَدٌ حَطمْتَ سِلاحَهُ فتركْتَهُ / بالبيدِ لا ظَفَرٌ ولا أَظفارُ
رَهناً بإِلقاءِ اليدَيْنِ لقاهِرٍ / أَعلى يَدَيهِ الواحِدُ القهَّارُ
مَلِكٌ كَأَنَّكِ يَا مَحاسِنَ فِعلِهِ / من سَيِّئاتِ زمانِكَ استغفَارُ
خُصَّتْ بِهِ سَبأٌ وعُمَّ بنصْرِهِ / عُليا قُرَيشٍ فِي الهُدى ونِزارُ
رَبذُ القِداحِ من الرِّماحِ وَمَا لَهُ / إِلّا السِّباعَ وطيْرَها أيسارُ
ونديمُ بيض الهِندِ يومَ دَمُ العدى / خمرٌ لَهُ والمأْثراتُ خُمارُ
آياتُ نصْرٍ فِي الوَرى بسيوفِها / أَمِنَ الهُداةُ وآمَنَ الكُفَّارُ
جاهَرْتَ حُرَّ بلادِهِم بجهادِهِمْ / حَتَّى غَدَوْا وهُمُ لَهَا أَسرارُ
وسرَيتَ حَتَّى ظَنَّ من صبَّحتَهُ / أَن الظلامَ عَلَى سُراكَ نهارُ
ولكم أَطارَهُمُ لِسيفِكَ بارِقٌ / حَتَّى دَعَوْتَهُمُ إِليكَ فطاروا
وجنَحتَ للسَّلم الَّتِي جَنحوا لَهَا / وقضاءُ ربِّكَ فِي العِبادِ خِيارُ
فأَتوكَ مُستَبِقِينَ قَدْ قربَ المدى / منهمْ إِليكَ وذُلِّلَ المضمارُ
ودَنا ابنُ رُذْميرٍ يُزَلْزِلُ خَطوَهُ / أملٌ تقسَّم نفسَهُ وحِذارُ
ففُؤادُهُ من ذُعْرِ سيفكَ طائرٌ / طَوْراً ومن عَجلٍ إِليكَ مُطارُ
ولَقبلُ أَيْقنَ فِرْذِلَندٌ مَا لَهُ / إِلّا إِليكَ من الحِمامِ فِرار
كلٌّ يَخِرُّ لأَخْمَصَيْكَ وطالَما / سَامَوْكَ فِي رَهَجِ الخَميس فخَارُوا
فهناكَ أُخْلِصتِ النُّفُوسُ وأُكِّدَتْ / عُقَدُ العُهُودِ وشَدَّتِ الأَنْصارُ
وتَوَاصَلَ البُعَدَاءُ منكَ بطاعَةٍ / وُصِلتْ بِهَا الأَرْحامُ والأَصهارُ
فعقدْتَ فِي عُنقِ الضَّلالِ مَواثِقاً / دانَتْ بِهَا الرُّهبانُ والأَحبارُ
وكأنَّما كانتْ عُقودَ تمائِمٍ / سَكنتْ بِهَا الأَوْجَالُ والأَذْعارُ
أَحيَيتَ منها مُلكَ رُذْميرٍ وَقَدْ / مَشَتِ الدُّهور عَلَيْهِ والأَعصارُ
وأَقَمْتَ تاجَ جَبينِهِ منْ بعدِما / عفَتِ المعالِمُ منهُ والآثارُ
وبَسَطتَ من قَشتِلَّةٍ يَدَ آمِنٍ / لِرِضاكَ فِيهَا يارَقٌ وسِوارُ
ثم انثَنَوْا يَبأوْنَ منكَ بطاعَةٍ / رَفَعوا بِهَا أَعلامَهُمْ وأنارُوا
ولَهُمْ بذِكْرِكَ فِي العداةِ تَبجُّجٌ / وبقُبلِ كَفِّكَ فِي البلادِ فخارُ
ورفَعتَ أَجيادَ الجِيادِ لأَوْبَةٍ / رَفِعتْ لَهَا الآمالُ والأَبصارُ
فكأنما البُشرى بذلِكَ عندَنا / كأْسٌ علينا بالسُّرورِ تُدارُ
والأَرْضُ أَرْضُكَ كُلُّها لكَ رَوْضَةٌ / أُنُفٌ وأَنتَ سماؤها المِدْرارُ
حتى قَدِمْتَ وَمَا تَقَلَّبَ ناظِرٌ / إِلّا لَهُ بقدُومِكَ استِبشارُ
حُرَّ المكارِمِ حقُّ قَدْرِكَ أَنْ تُرى / وعبيدُكَ السَّاداتُ والأَحرارُ
ومُجَاهِداً فِي اللهِ حَقَّ جهادِهِ / واللهُ أَبْصَرَ فِيكَ مَا يَخْتارُ
واسْأَلْ بِضَيْفِكَ كيْفَ بَعْدَكَ حالُهُ / وقدِ اقْتَضَتْهُ بعدَ دارٍ دارُ
غَدَرَتْ بِهِ أَيَّامُ عامٍ قَدْ وَفى / أَنَّ الوفاءَ بِعَهْدِهِ غَدَّارُ
ودنا بِهِ أَجَلُ الرَّحِيلِ كَأَنَّهُ / أَجَلُ المماتِ دَنَا بِهِ المقدارُ
عامٌ كعُمْرِ الوَصْلِ ليلَةَ زائِرٍ / وأسىً تَقاصَرُ دُونَهُ الأَعمارُ
طالَتْ ليالِيهِ الزَّمانَ بِهَمِّهِ / وكأَنَّهُنَّ من السُّرورِ قِصَارُ
بِمُشَرَّدٍ قَلِقِ الثَّواءِ بِمَنْزِلٍ / لا يَنْثَنِي فِيهِ لَهُ الزُّوَّارُ
مثوايَ قيه تَقَلْقُلٌ وتَأَهُّبٌ / وَقِرَاي فِيهِ ذِلَّةٌ وصَغَارُ
وحسابُ أَيَّامٍ كَأَنَّ متاعَهَا / نَوْمٌ عَلَى وَجَلِ البَيَاتِ غِرَارُ
وطِلابُ مأْوىً قبلَ حِينِ أَوانِهِ / فَالدَّهْرُ أَجْمَعُهُ لِيَ اسْتِنْفارُ
للهِ من عامٍ جَرى عَنْي بِهِ / جَرْيُ الأَهِلَّةِ فِيهِ والأَقْمارُ
في أَهْلِ دَارٍ كالكَوَاكِبِ والنَّوى / بَعْدَ النَّوى فَلَكٌ بِهِمْ دَوَّارُ
كانوا جَمالاً للزَّمانِ فأَصْبَحُوا / وَهُمُ عَلَيْهِ بالتَّغَرُّبِ عَارُ
تَنْبُو الدِّيارُ بِهِمْ وَتِلْكَ ديارُهُمْ / غَرَضُ المصائِبِ مَا بِهَا دَيَّارُ
قد أَقْفَرُوا وَطَنَ الأَنيسِ وأُنِّسَتْ / بِهِمُ مفاوِزُ بالفَلا وقِفارُ
يتأَوَّهونَ إذَا رَمَتْ أَوْهَامُهُمْ / داراً لساكِنِها بِهَا اسْتِقْرارُ
ويَهِيجُهُمْ عِينٌ لَهُنَّ مرابِضٌ / ويَشُوقُهُمْ طَيرٌ لَهَا أَوْكارُ
وإِلَيْكَ يَا مَنصُورُ حَطُّوا أَرْحُلاً / لَعِبَتْ بِهِنَّ تَنَائِفٌ وبِحارُ
فَزَعاً إِلَيْكَ من الجَلاءِ بأَوْجُهٍ / فِي كُلِّ عامٍ للجَلاءِ تُثَارُ
ورأَوْا بقُرْبِكَ أَنَّهُمْ قَتَلُوا النَّوى / فاسْتُحيِيَت ولها عَلَيْهِمْ ثارُ
قد طُيِّرَتْ غِرْبانُ كُلِّ مُغَرِّبٍ / وغُرَابُهُمْ للبَيْنِ لَيْسَ يُطَارُ
جُرةً عَلَيْكَ وَمَا رَأَتْ من قَبْلِها / خَطْباً لَهُ فِيمَنْ أَضَفْتَ خِيَارُ
وَعَلَى اللَّيَالي مِنْكَ عَهْدٌ ثابِتٌ / أَلّا يُبَاحَ لِمَنْ حَمَيْتَ ذِمَارُ
واللهُ قَدْ أَعْلَى مَحَلَّكَ أَنْ تُرى / مكشوفَةً فِي سِتْرِكَ الأَسْتارُ
وحباكَ بالمُلْكِ الَّذِي لَوْ شِئتَ لَمْ / تَضِقِ القُصُورُ بنا ولا الأَحيارُ
وَأَجَارَ قَدْرَكَ أَن يَسُوغَ لِقائِلٍ / جَارَ الزَّمَانُ وأَنْتَ مِنهُ جَارُ
ولَحَقُّ مَنْ أَبْقى ثَناءَكَ فِي الوَرى / أَنْ تَسْتَقِرَّ بِهِ لَدَيْكَ الدَّارُ
لَكَ الفَوْزُ مِنْ صَوْمٍ زَكِيٍّ ومِنْ فِطْرٍ
لَكَ الفَوْزُ مِنْ صَوْمٍ زَكِيٍّ ومِنْ فِطْرٍ / وَصَلْتَهُما بالبِرِّ شَهْراً إِلَى شَهْرِ
فناطِقُ صِدْقٍ عَنْكَ بالصِّدْقِ والنُّهى / وشاهِدُ عَدْلٍ فيكَ بالعَدل والبِرِّ
فهذا بِما استَقْبَلْتَ من صائِبِ النَّدى / وهذا بما زَوَّدْتَ من وافِرِ الذُّخْرِ
فكَمْ شافِعٍ فِي ظِلِّكَ الصَّوْمَ بالتُّقى / وكَمْ واصِلٍ فِي أَمْنِكَ اللَّيْلَ بالذِّكْرِ
وكم ساجِدٍ لله مِنَّا ورَاكِعٍ / يَبيتُ عَلَى شَفْعٍ ويَغْدُو عَلَى وَتْرِ
ووَجْهُكَ للهَيْجَاءِ من دُونِ وَجْهِهِ / وتَسْرِي إِلَى الأَعْداءِ عنه ولا يَسْرِي
وظِلُّكَ ممدودٌ عَلَيْهِ وتَصْطَلِي / بِجَاحِمِ نارِ الحربِ أَوْ جَامِدِ القُرِّ
خَلَعْتَ عَلَيْهِ ثَوْبَ صَوْنٍ ونِعْمَةٍ / وظاهَرْتَ عَنْهُ بَيْنَ صِنٍّ وصِنَّبْرِ
وكمْ قاطِعٍ بالنَّوْمِ لَيْلاً وَصَلْتَهُ / بِغَزْوِكَ مَا بَيْنَ الأَصِيلِ إِلَى الفَجْرِ
وأَقْدَمْتَ فِيهِ الخَيْلَ حَتَّى رَدَدْتَها / وآثارُها ثَغْرٌ لقاصِيَةِ الثَّغْرِ
كَأَنَّ دُجى لَيْلٍ يَمُرُّ عَلَى الضُّحى / إِذَا سِرْنَ أَوْ بَحْراً يمورُ عَلَى البَرِّ
فَأَنْتَ جَزَاءُ صَوْمِنا وَصَلاتِنا / وَفِيكَ رَأَيْنا مَا ابْتَغَيْنَا مِنَ الأَجْرِ
ومِنْكَ اسْتَمَدَّ الفِطْرُ مَطْعَمَ فِطْرِنا / وفيكَ أَرَتْنَا قَدْرَها لَيْلَةُ القَدْرِ
وباسْمِكَ عَزَّتْ فِي الخِطابِ مَنابِرٌ / بأَسْعَدِ عِيدٍ عادَ بالسَّعْدِ أَوْ فِطْرِ
ولاحَ لَنَا فِيهِ هِلالٌ كَأَنَّهُ / بَشِيرٌ بِفَتْحٍ مِنْكَ أَشْرَقَ بِالبِشْرِ
أَهَلَّ فأَهْلَلْنا إِلَيْهِ تَمَثُّلاً / بِرُحْبِكَ جُنْحَ اللَّيْلِ بالضَّيْفِ تَسْتَقْرِي
وأَسْفَرَ عَنْ زُهْرِ النُّجُومِ كَأَنَّما / جَبينُكَ أَبْدى عن خَلائِقِكَ الزُّهْرِ
عَلا وتَدَانى للعُيُونِ كَمَا عَلا / مَحَلُّكَ واسْتَدْنَيْتَ بُعْدَاً عَنِ الكِبْرِ
وذَكَّرَنا عَطْفاً بِعَطْفِكَ حانياً / عَلَى الدِّينِ والإِسلامِ فِي البَدْوِ والحَضْرِ
هلالُ مَساءٍ باتَ يَضْمَنُ لِلضُّحى / غَدَاةَ المُصَلَّى مطلعَ الشَّمْسِ والبَدْرِ
ومِلْءَ عُيُونِ النَاظِرِينَ كتَائِباً / كَتَبْتَ بِهَا الآفاقَ سَطْراً إِلَى سَطْرِ
مُخَطَّطَةً بالخَيْلِ والأُسْدِ والحُلى / ومُعْجَمَةً بالبَيْضِ والبِيضِ والسُّمْرِ
وصادِقَةَ الإِقْدَامِ تَهْتَزُّ لِلْوَغى / وخافِقَةَ الأَعْلامِ تَعْتَزُّ بِالنَّصْرِ
فَصَلَّيْتَ وَهْيَ النُّورُ فِي مَشْرِقِ العُلا / وأَصْلَيْتَ وَهْيَ النَّارُ فِي مَغْرِبِ الكُفْرِ
ولما اسْتَهَلَّتْ بالسَّلامِ صَلاتُهُمْ / أَهَلَّتْ إِلَى تَسْلِيمِهِمْ سُدَّةُ القصْرِ
فَكَرُّوا يُعِيدُونَ السَّلامَ عَلَى الَّذِي / يُعَاوِدُ عَنْهُمْ فِي العِدى صادِقَ الكَرِّ
يُحَيُّونَ بالإِعْظَامِ مَوْلَىً حَنانُهُ / أَخَصُّ بِهِمْ مِنْ رَأْفَةِ الوالِدِ البَرِّ
ووافَوْا سريرَ المُلْكِ يَسْتَلِمُونَهُ / كمُسْتَلَمِ الحُجَّاجِ للرُّكْنِ والحِجْرِ
مَشاهِدُ غارَتْ فِي البِلادِ وأَنْجَدَتْ / مُحَقَّقَةَ الأَنْباءِ طَيِّبَةَ النَّشْرِ
أَنارَتْ فَما بِالخُلْدِ عَنْهُنَّ مِنْ عَمىً / ولا بِزَبابِ الرَّمْلِ عَنْهُنَّ مِنْ وَقْرِ
فكيفَ بأَبْصارٍ أَضَاءَتْ لَهَا المُنى / إِلَيْكَ وأَسماعٍ صَغَتْ فِيكَ لِلْجَبْرِ
ولا مِثْلَ مَجْلُوِّ النَّواظِرِ بالْعِدى / بَياتاً ومَفْتُوقِ المَسَامِعِ بالذُّعْرِ
تَوَقَّى فأَبْلى عُذْرَ نَاجٍ مُخاطِرٍ / فَرَدَّ المنايا عنهُ مُبْلِيَةَ العُذْرِ
وآنَسَ يَا مَنْصُورُ عِنْدَكَ نَفْسَهُ / فَجَلَّى لَهَا تَحْتَ الدُّجى ناظِرَيْ صَقْرِ
فأَهْوى إِلَى مَثْوَاكَ أَمضى مِنَ الهوى / وأَسْرى إِلَى مَأْوَاكَ أخفى مِنَ السِّرِّ
فَكمْ جُزْتُ من سَيْفٍ لِقَتْلِيَ مُنْتَضىً / وجاوزتُ من لَيْثٍ لِضَغْمِيَ مُفْتَرِّ
فيا خِزْيَ ذا مِنْ سَبْقِ خَطْوٍ مُخاطِرٍ / ويا لَهْفَ ذا مِنْ فَوْتِ غِرَّةِ مُغْتَرِّ
كَأَنَّ خُفُوقَ القَلْبِ مَدَّ جوانِحي / بأَجْنِحَةٍ رِيشَتْ منَ الرَّوْعِ والذُّعْرِ
وتَحْتَ جَناحَيْ مَقْدِمِي وتَعَطُّفِي / ثمانٍ وَعَالَتْ بالْبَنينَ إِلَى الشَّطْرِ
أَخَذْتُ لَهُمْ إِصْرَ الحياةِ فأُجِّلُوا / وَقَدْ أًخَذَ الإِشْفَاقُ مِنِّي لَهُمْ إِصْرِي
فَحَمَّلْتُهُمْ وِزْراً ولَوْ خَفَّ مِنْهُمُ / جَناحِي لكانَ الطَّوْدُ أَيْسَرَ مِنْ وِزْرِي
فلِلَّهِ من أَعْدَادِ أَنْجُمِ يُوسُفٍ / تَحَمَّلَها مِنْها أَقلُّ مِنَ الْعُشْرِ
إِلَى كُلِّ مَأْوىً لِلْجَلاءِ هَوى بِنا / إِلَى حَيْثُ لا مَهْوَى عُقابٍ ولا نَسْرِ
رحَلْتُ لَهُ عُوجاً كَأَنَّ هُوِيَّها / بِنا فِيهِ أَفْلاكٌ بأَنْجُمِها تَجْرِي
طَوَيْنَ بِنا بُعْدَ السِّفَارِ كَأَنَّها / ليالٍ وأَيَّامٍ طَوَيْنَ مَدى العُمْرِ
ورُبَّتَما اسْتَوْدَعْنَنا بَطْنَ حُرَّةٍ / هَوَائِيَّةِ الأَحْشاءِ مائِيَّةِ الظَّهْرِ
رَحِيبَةِ مَأْوى الضَّيْفِ مانِعَةَ الْقِرى / وغَيْرُ ذَمِيمٍ أَنْ تُضِيفَ ولا تَقْرِي
فكَمْ ليَ بَيْنَ اللَّوْحِ واللَّوْحِ طائِراً / وأَوْكارُهُمْ فِي طائِرٍ غَيْرِ ذِي وَكْرِ
وكمْ أَسْلَمُوا لِلْعَسْفِ والخَسْفِ مِنْ حِمىً / وكمْ تَرَكُوا للغَصْبِ والنَّهْبِ من وَفْرِ
وكم وَجَّهُوا وَجْهاً لبارِقَةِ الظُّبى / وكم وَطَّنُوا نَحْراً لِنافِذَةِ النَّحْرِ
وكمْ أَقدَمُوا بَيْنَ المَنايا كَمَا هَوَتْ / فَرَائِسُ أُسْدِ الْغابِ لِلنَّابِ والظُّفْرِ
وكم بَدَّلُوا مِنْ وَجْهِ راعٍ وحافِظٍ / وُجُوهَ المنايا السُّودِ والحَدَقِ الحُمْرِ
ومِنْ رَفْرَفِ الأَسْتارِ دُونَ حِجَالِها / تَرَقْرُقَ لَمْعِ الآلِ فِي المَهْمَهِ القَفْرِ
ومن ساجِعِ الأَطْيارِ فَوْقَ غُصُونِها / مُراسَلَةَ الأَلْحَانِ فِي نَغَمِ الوَتْرِ
تُنادي عَزِيفَ الجِنِّ فِي ظُلَمِ الدُّجى / وهَوْلِ الْتِطَامِ المَوْجِ فِي لُجَجِ البَحْرِ
وكم زَفْرَةٍ نَمَّتْ عَلَيْهِمْ بِحَسْرَةٍ / أَنَارَتْ بِنارِ السِّرِّ فِي عَلَمِ الجَهْرِ
ونادَتْ عُيُونَ الشَّامِتينَ إِلَى القِرى / بأَفْلاذِ أَكْبادٍ كصَالِيَةِ الجُزْرِ
ومَاذَا جَلا وَجْهُ الجَلاءِ مَحاسِناً / تَهابُ العُيُونُ مَا نَثَرْنَ من الدُّرِّ
وماذا تَلظَّى الحَرُّ فِي حُرِّ أَوْجُهٍ / تَنَسَّمُ فِيهِ بَرْدَ ظِلٍّ عَلَى نَهْرِ
وماذَا أَجَنَّ اللَّيْلُ فِي مُوحِشِ الفَلا / أَوانِسَ بالأَتْرَابِ فِي يانِعِ الزَّهْرِ
وماذا تَرَامى المَوْجُ فِي غَوْلِ لُجَّةٍ / بِلاهِيَةٍ بَيْنَ الأَرَائِكِ والخِدْرِ
فإِنْ نَبَتِ الأَوْطَانِ مِنْ بَعْدُ عَنهُمُ / فلا مَحْجَرِي حَجْرٌ عَلَيْهِمْ ولا حِجْرِي
وإِنْ ضاقَ رَحْبُ الأَرْضِ عَنْ مُنْتَوَاهُمُ / فَرَحْبٌ لَهُمْ مَا بَيْنَ سَحْرِي إِلَى نَحْرِي
وإِنْ تَقْسُ أَكْبادٌ كِرَامٌ عَلَيْهِمُ / فواكَبِدِي مِمَّنْ تَذُوبُ لَهُ صَخْرِي
وإِنْ تَبْرَمِ الأَيْسَارُ فِي أَزَمَاتِهِمْ / فأَحْبِبْ بِأَيْسارٍ قَمَرْتُ لَهُمْ يُسْرِي
فَفازُوا بِنَفْسي غَيْرَ جُزْءٍ ذَخَرْتُهُ / لِما شَفَّ مِنْ خَطْبٍ وَمَا مَسَّ مِنْ ضُرِّ
فَعَفْوٌ لَهُمْ جَهْدِي وحُلْوٌ لَهُمْ مُرِّي / وصَفْوٌ لَهُمْ طِرْفي ويُسْرٌ لَهُمْ عُسْرِي
وإِنْ أَضْرَمُوا قَلْبِي فَجَمْرِي لَهُمْ نَدٍ / وإِنْ غَيَّضُوا شِرْبِي فَرَوْضِي لَهُمْ مُثْرِ
وَدَائِعُ نَفْسِي عِنْدَ نفسي حَفِظْتُها / بِما ضاعَ مِنْ حَقِّي وَمَا هانَ مِنْ قَدْرِي
قَليلٌ غِناهُم عَنْ يَدِي وَغَناؤُهُمْ / سِوى أَنَّهُمْ مِنْ ضَيْمِ كَسْبي لَهُمْ عُذْري
وأَنِّي لَهُمْ فِي ماءِ وَجْهِي تاجِرٌ / أُغَنِّمُهُمْ غُنْمِي وأُرْبِحُهُمْ خسُرِي
وأُسْلِمُ فِي وَخْزِ السَّفى ثَمَرَ المُنى / وأَبْذُلُ فِي قَذْفِ الحصى جَوْهَرَ الشُّكْرِ
وإِنْ نَفَقَتْ عِنْدي بِضَاعَةُ قانِعٍ / تَقَنَّعْتُ مِنْها فِي خَزَايَةِ مُعْتَرِّ
رَجاءً لِضُمْرٍ طالما قَدْ عَهِدْتُهُ / يُريني أَناةَ السَّهلِ فِي المَسْلَكِ الوَعْرِ
وخزياً لِوجهٍ هانَ فِي صَوْنِ أَوْجُهٍ / كريمٍ بهم رِبْحِي لَئيمٍ بهم تَجْرِي
بعدَّة أبراجِ السَّماءِ وَمَا سرى / مداها إِلَى صُبْحٍ يُضيءُ ولا فَجْرِ
وكيفَ وَمَا فِيهَا معرَّجُ مَنْزِلٍ / لِشَمْسٍ تُجلِّي ليلَ همٍّ ولا بَدْرِ
ولكن قُلُوبٌ قُسِّمَتْ وجوانِحٌ / منازِلَ مقدوراً لَهَا نُوَبُ الدَّهْرِ
وأَنْجَمِ أَنْواءٍ تَنْوءُ بِهَا النَّوى / وَلَيْسَ لَهَا إِلّا دُمُوعِيَ مِنْ قَطْرِ
ولا مَطْلَعٌ إِلّا مِهادِيَ أَوْ حِجْرِي / ولا مَغْرِبٌ إلّا ضُلُوعِيَ أَوْ صَدْرِي
إِذَا ازْدَحَمُوا فِي ضَنْكِ شِرْبِي تَمَثَّلُوا / بأَسْباطِ مُوسى حولَ منفَجَرِ الصَّخْرِ
ولو بعَصَا موسى أُفَجِّرُ شُرْبَهُمْ / ولكنْ بِذُلِّ الفقرِ فِي عزَّة الوَفْرِ
فما جَهِدُوا فُلْكاً كَما جَهِدُوا يَدِي / ولا أَنْقَضُوا رحلاً كَمَا أنْقَضُوا ظَهْرِي
كَأَنَّ لَهُمْ وِتْراً عَلَيَّ وَمَا انْتحى / لَهُمْ حَادِثٌ إِلّا وَفِي نَفْسِهِ وِتْرِي
ولَوْلاهُمُ لَمْ أُبْدِ صَفْحَةَ مُعْدِمٍ / وَلَمْ أُسْمِعِ الأَعْداءَ دَعْوَةَ مُضْطَرِّ
ولا جُدْتُ لِلدُّنيا بِخَلَّةِ واصِلٍ / ولَوْ بَرَزَتْ لي فِي غَلائِلِها الخُضْرِ
ولا راقني مَا فِي الخُدُودِ من الهوى / ولا شاقني مَا فِي العُيونِ من السِّحْرِ
ولم يلهني قُربُ الحبيب الَّذِي دنا / وَلَمْ يُصبني طيفُ الخيالِ الَّذِي يسري
ونادَيْتُ فِي بِيضِ النُّضارِ وصُفْرِها / لِغَيْرِيَ فابْيَضِّي إِذَا شِئْتِ واصْفَرِّي
وأَعليتُ فِي مُلْكِ القناعة همَّتي / وهديِ الهدى حصني ونهيِ النُّهى قصري
إِذَا غزت اللذّات قلبي هزمتُها / بجيشينِ من حسن التحمُّلِ والصَّبْرِ
وإِنْ غَزَتْ الآمالُ نفسي صرمتُها / بصارِمِ يأْسٍ فِي يمينِ تُقىً حُرِّ
ولكِنْ أَبى مَا فِي الفُؤَادِ مِنَ الأَسى / وأَعْضَلَ مَا بَيْنَ الضُّلُوعِ مِنَ الجَمْرِ
وَمَا لَفَّ عَهْدُ اللهِ فِي ثَوْبِ غُرْبَتِي / مِنَ الآنِساتِ الشُّعْثِ والأَفرُخِ الزُّعْرِ
وَمَا لاح يَا مَنْصُورُ مِنْكَ لزائِرٍ / وأَسْفَرَ من إِشراقِ وَجْهِكَ لِلسَّفْرِ
وَمَا أَرْصَدَتْ يمناكَ للضَّيْفِ من قِرىً / وَمَا بسطَتْ علْيَاكَ للعلمِ من بِرِّ
وتقديرُ رَبِّ الخلْقِ والأَمرِ إِذْ قَضى / بِخَلْقِكَ فاسْتَصْفَاكَ للخَلْقِ والأَمْرِ
فَمَكَّنَ سيفَ النَّصْرِ فِي عاتِقِ العُلا / وأَثْبَتَ تاجَ المُلْكِ فِي مَفْرِقِ الفَخْرِ
وكَرَّمَ نفسَ الحِلْمِ عن وَغَرِ القِلى / وَطَهَّرَ جِسْمَ المجدِ من دَنَسِ الغَدْرِ
وحَلّاكَ فِي هَذَا الأَنامِ شمائِلاً / أَدالَ بِهِنَّ اليُسْرَ من دولَةَ العُسْرِ
وسمَّاكَ فِي الأَعداءِ مُنْذِرَ بأْسِهِ / بما اشْتَقَّ فينا من وفائِكَ بالنَّذْرِ
فلَمَّا توافى فيك إبداعُ صُنْعِهِ / وقَدَّرَ أَنْ يُعْلِيكَ قَدْراً إِلَى قَدْرِ
رآكَ جديراً أن يباهِيَ خَلْقَهُ / ويُحْيِي بكَ الأَملاكَ فِي غابِرِ الدَّهْرِ
بعَبْدٍ حَبا يُمْنَاكَ مُعْجِزَ رَبِّهِ / وأَصْفاكَ منه طاعَةَ المُخْلِصِ الحُرِّ
فأَنْطَقَ غَرْبَيْ قلبِهِ ولسانِهِ / بتخليدِ مَا سَيَّرتَ من طَيِّبِ الذِّكْرِ
لَيُبلِكَ عُمْراً بالغاً بك غَايَةً / وعُمْرَ ثَناءٍ بَعْدَ مُنْصَرَمِ العُمْرِ
ويكتُبَ لي فِي آلِ يَحْيَى وسائِلاً / تتيهُ عَلَى القُرْبى وتُزْهى عَلَى الصِّهْرِ
وَلاءٌ لمن أَعْتَقْتَ من مُوبِقِ الرَّدى / ورِقٌّ لمن أَطلقْتَ من مُوثِقِ الأَسْرِ
وما رُدَّ مِنْ حَمْدِي إِلَيْكَ ومن شكري / ورُدِّدَ من نظمِي عَلَيْكَ ومن نَثْرِي
وإِنَّكَ مَا تنفكُّ مِنِّيَ مُعْرِساً / بعذراءَ من نفسِي وغَرَّاءَ من فِكْرِي
تُهِلُّ إليها كُلُّ عذراءَ غادَةٍ / وتَخْجَلُ منها كُلُّ فَتَّانَةٍ بِكْرِ
وتشرِقُ من مَبْدَا سُهَيْلٍ إِلَى السُّهى / وتَعْبَقُ من مجرى البُطَيْنِ إِلَى الغُفْرِ
تَلأْلُؤَ مَا أَسْدَتْ أَياديكَ فِي يَدِي / وتحبيرَ مَا أَعْلَتْ مساعِيكَ من حِبْرِي
وفخرُكَ محمولٌ بحمديَ فِي الورى / وذِكرُكَ موصولٌ بذكرِي إِلَى الحَشْرِ
أَيُّ شراعٍ لأَيِّ بحرِ
أَيُّ شراعٍ لأَيِّ بحرِ / وأَيُّ كِسْفٍ لأَيِّ بَدْرِ
وأَيُّ شمسٍ تجلَّلَتْها / طُرَّةُ صُبْحٍ سَعَتْ بفجرِ
ظِلّاً لمن مَدَّ ظلَّ أَمْنٍ / فِي كل أَرضٍ وكل ثغرِ
وسِتْرَ صَوْنٍ لوجهِ مولىً / بِهِ رعى اللهُ كلَّ سِتْرِ
تُشرقُ منه بنورِ هَدْيٍ / وبرقِ غيثٍ وسيفِ نَصْرِ
كَأَنَّما ظَلَّلَتْ عَلَيْهِ / سحابَةٌ مَدَّها بقطرِ
أَو روضَةٌ في الهواءِ حُفَّتْ / من طِيبِ أخلاقه بزَهْرِ
كأَنما الريحُ فِي ذُرَاها / راحٌ تُريهِ انثناءَ سُكْرِ
أَوْ كَيْفَ يَهْتَزُّ إِنْ دَعاهُ / صوتُ وغىً أَوْ لسانُ شُكرِ
مُظَفَّرٌ حازَ تاجَ مُلْكٍ / كُلِّلَ من نظمِ كلِّ فخْرِ
فالله يُمْلي له الليالي / فِي عزِّ ملكٍ وطولِ عُمرِ
كسِيَتْ بدولَتِكَ اليالي نُورا
كسِيَتْ بدولَتِكَ اليالي نُورا / واهتَزَّتِ الدنيا إِلَيْكَ سُرُورا
وإِذا تأَمَّلْتَ المُنى أَلْفَيْتَها / قَدَراً لكُمْ ولَنَا بِكُمْ مَقْدُورا
وإِذا تفاخَرَتِ الملوكُ وُجِدْتُمُ / من كُلِّ ملكٍ أَوْجُهاً وصُدورا
وخلعتُمُ فِي العالَمينَ مساعِياً / حلَّيْنَهُنَّ مَفارِقاً ونحورا
وإِذا الدهورُ تساجَلَتْ أُلْفِيتُمُ / يَا آل تُبَّعَ للدُّهورِ دُهورا
من كل دهرٍ لا يزالُ كَأَنَّهُ / لَوْحٌ يلُوحُ بفخْرِكُمْ مَسْطُورا
يُتْلى فَتَنْشَقُهُ النفوسُ كأنما / بالمِسْكِ خَطَّ غُواتُهُ الكافورا
لكُمُ سماءُ الملكِ مَا زَالَتْ بكُمْ / تُزْهى فتشرِقُ أنجماً وبدورا
ولكم رياضُ الأَرضِ تَسْقُونَ الورى / نِعَماً فتنبِتُ حامِداً وشَكُورا
فتهنَّ يَا يَحْيى تُرَاثَ مآثِرٍ / أَحرزْتَ منها حظَّكَ الموفورا
من كل ذِي مُلْكٍ نَمَوْكَ فأَنْجَبُوا / بدراً لفخْرِهِمُ المنيرِ مُنِيرا
واستودَعُوكَ شمائِلاً ومحاسِناً / كَرُمَتْ فكنت بحفظِهِنَّ جديرا
فوصلْتَ مَا وصلُوا من النسبِ الَّذِي / بِذَرَاكَ عُوِّذَ أَن يُرى مهجورا
فَحَكَمْتَ فِي حَكَمٍ بشملٍ جامعٍ / نورَيْن زادَهُما التألُّفُ نورا
قَمَرَيْنِ لَمْ يعرِفْ لتِلْكَ نظيرَةً / هَذَا ولا هَذِي لذاكَ نَظيرا
فَلأَمْتَ شَعْبَهُمَا بسوقِ ولِيمَةٍ / راح الثَّرى بدمائِها مَمْطُورا
تحكي مَصارِعَ من عُدَاتِكَ لَمْ تَجِدْ / من حُكْمِ سيفِكَ فِي البلادِ مُجِيرا
فَجَزَرْتَ حَتَّى باتَ من عادَيْتَهُ / حَذِراً يراقِبُ أن يكونَ جَزُورا
ورفَعْتَ فِي ظُلَمِ الدياجِي عَنْهُما / شقراءَ باتَ لَهَا السِّماكُ سَمِيرا
ناراً تُمَثِّلُ تَحْتَ ظلِّ دُخانِها / كِسْفَ العَجاجِ وسيفَكَ المَشْهُورا
وتخالُها زُهْرُ الكواكِبِ تَحْتَها / قمراً تَغَشَّى دونَها ساهُورا
في مشهدٍ أَمسى نذيراً لِلْعِدى / وغَدَا لَنَا بالقربِ منكَ بشيرا
نُدْعى لَهُ الجَفَلى فحسبُكَ طاعَةً / مِمَّنْ يجيبُكَ مَغْنَماً ونفيرا
ولمن يرى خَفْضَ النعيمِ مُحَرَّماً / يوماً تُرِيهِ لواءَكَ المنشورا
فجَلَوْتَ من صَدَفِ المقاصِرِ دُرَّةً / حلَّيْتَ منها أَرْبُعاً وقُصُورا
بَكَرَ الربيعُ لَهَا بجودِكَ فاغْتَدَتْ / تُسْقَى بِهِ ماءَ الحياةِ نَمِيرا
فكسا المنازِلَ مَطْعَماً ومشارِباً / وكسا الأَسِرَّةَ نَضْرَةً وسرورا
كُلّاً كسوْتَ دَرَانِكاً ونمارِقاً / وزرابِياً وأرائِكاً وخُدُورا
وتتابَعَتْ منك الجنودُ كَأَنَّما / يَطَؤُونَ منها لُؤْلُؤاً منثورا
وتَلأْلأَتْ فِيهَا بُرُوقُ مَجامِرٍ / يكسُونَ أَصْبارَ المُسُوكِ صَبِيرا
هَطِلاً بماءِ الوَرْدِ سَحَّ كَأَنَّما / والى فَرَوَّضَ سُنْدُساً وحريرا
يومٌ لَكَ اكتُتِبَتْ شهادَاتُ النَّدى / بالمِسْكِ فِي صُحُفِ الوجوهِ سُطُورا
تبدُو فَنَقْرأُ فِي بيانِ خُطوطِها / جَدْوَى يَدَيْكَ وسعيَكَ المشكورا
للهِ أُمُّ مهيرَةٍ لم تعتَقِدْ / فِي مَهْرِها العِلْقِ الخطيرَ خَطيرا
زُفَّتْ إِلَى حَكَمٍ بِحُكْمِكَ فاغْتدى / مَلِكاً مليكاً عِنْدَها وأميرا
والسعْدُ قَدْ شمل السماءَ كواكِباً / واليُمْنُ قَدْ حَشَدَ الهواءَ طُيُورا
ولوِ ابْتَذَلْتَ بِهَا مَخَفَّةَ والِدٍ / لَمْ تُعْطِها إِلّا السيوفَ مُهُورا
ولَمَا جَزَرْتَ لَهَا وليمةَ مُعْرِسٍ / إِلّا الضَّراغِمَ عادِياً وهَصُورا
ولكانَ يومَ الزَّحْفِ مَوْقِدَ نارِها / حرباً تفور مَرَاجِلاً وقُدورا
ولما رفعت لَهَا دخاناً ساطِعاً / إِلّا عَجاجاً فِي السماءِ ومُورا
حَتَّى تؤوبَ وَقَدْ مَلأْتَ بلادَنا / نِعَمَ العِدى والناعماتِ الحُورا
فتملَّؤُوا يَا آلَ يحيى عُمْرَكُمْ / فِي مُلْكِ يحيى بالمنى معمورا
وسُقيتُمُ ورُعيتُمُ بحياتِهِ / ووُقيتُمُ من فَقْدِهِ المحذورا
سَماءُ العُلا منكُمْ وأنتَ لَهَا بَدْرُ
سَماءُ العُلا منكُمْ وأنتَ لَهَا بَدْرُ / وأَخلاقُكَ الحسنى كواكِبُها الزُّهْرُ
وَقَدْ تَمَّ فِي هَذَا الورى بكَ أَنْعُمٌ / يُقَصِّرُ عن أَدنى عوارِفِها الشُّكْرُ
فَمِنْها النُّهى والحِلْمُ والدينُ والتقى / وبذلُ اللُّهى والجودُ والبأْسُ والبِرُّ
وَزَحْفٌ إِلَى الأَعداءِ أَغراضُهُ العِدى / وسيفٌ عن الإِسلامِ إِقدامُهُ النَّصْرُ
وبذلُكَ دونَ الثغرِ نفساً عزيزةً / حَمَتْ عنه حَتَّى عادَ وَهْيَ لَهُ ثغرُ
وفِي سِرِّ علمِ اللهِ لِي فيكَ أَنَّني / ودادُكَ لي سِرٌّ وحمدُكَ لي جَهْرُ
وذِكْرُكَ لي عزٌّ وعزُّكَ لي غنىً / وبِرُّكَ لي عَهدٌ وعهدُكَ لي ذُخْرُ
وإِنَّكَ أَقصى مَا بَلَغْتُ من المنى / وإِنَّكَ أَسنى مَا أَفادَنِيَ الدهرُ
وإِنِّي وإِنْ قصَّرْتُ فيكَ مدائِحِي / فلا قِصَرٌ بالسلكِ إِن عَظُمَ الدُّرُّ
وما قصَّرَتْ بي هِمَّةٌ عنكَ حُرَّةٌ / ولا أَمَلٌ حُرٌّ ولا منطِقٌ حُرُّ
فإِنْ تقبلِ العذرَ المُقَصِّرَ طولَها / فشُغلي بشكرِ اللهِ فِيكَ هو العذرُ
فلا قَصَّرَ الرحمنُ عنكَ سيادَةً / تَمَلّأَها عُمْراً يُمَدُّ بِهِ عُمْرُ
دَعِي عَزَماتِ المستضامِ تسيرُ
دَعِي عَزَماتِ المستضامِ تسيرُ / فَتُنْجِدُ فِي عُرْضِ الفَلا وتَغُورُ
لعلَّ بما أَشجاكِ من لوعةِ النَّوى / يُعَزُّ ذليلٌ أَوْ يُفَكُّ أَسيرُ
أَلَمْ تعلَمِي أَن الثَّواءَ هو التَّوى / وأَنَّ بيوتَ العاجِزينَ قُبورُ
ولم تزجُرِي طَيْرَ السُّرى بِحروفِها / فَتُنْبِئْكِ إِنْ يَمَّنَّ فَهْيَ سُرورُ
تُخَوِّفُنِي طولَ السِّفارِ وإِنَّهُ / لتقبيلِ كفِّ العامِريّ سَفِيرُ
دَعِيني أَرِدْ ماءَ المفاوِزِ آجِناً / إِلَى حَيْثُ ماءُ المكرُمَاتِ نميرُ
وأَخْتَلِسِ الأَيَّامَ خُلْسَةَ فاتِكٍ / إِلَى حَيْثُ لي مِنْ غَدْرِهِنَّ خَفِيرُ
فإِنَّ خطيراتِ المهالِكِ ضُمَّنٌ / لراكِبِها أَنَّ الجزاءَ خطيرُ
ولَمَّا تدانَتْ للوداعِ وَقَدْ هَفا / بصَبْرِيَ منها أَنَّةٌ وزَفيرُ
تناشِدُني عَهْدَ المَوَدَّةِ والهَوى / وَفِي المَهْدِ مبغومُ النِّداءِ صَغيرُ
عِيِيٌّ بمرجوعِ الخطابِ ولَفْظُهُ / بمَوْقِعِ أَهواءِ النفوسِ خَبيرُ
تبوَّأَ ممنوعَ القلوبِ ومُهِّدَتْ / لَهُ أَذرُعٌ محفوفَةٌ ونُحُورُ
فكلُّ مُفَدَّاةِ الترائِبِ مُرْضِعٌ / وكلُّ مُحَيَّاةِ المحاسِنِ ظِيرُ
عَصَيْتُ شفيعَ النفس فِيهِ وقادَنِي / رَوَاحٌ لِتَدْآبَ السُّرى وبُكُورُ
وطارَ جَناحُ الشَّوْقِ بِي وَهَفَتْ بِهَا / جوانِحُ من ذُعْرِ الفِراقِ تطيرُ
لئِنْ وَدَّعَتْ مني غَيوراً فإِنَّنِي / عَلَى عَزْمَتِي من شَجْوِها لَغَيُورُ
ولو شاهَدَتْنِي والصَّواخِدُ تَلْتَظِي / عَلَيَّ ورقراقُ السراب يَمُورُ
أُسَلِّطُ حَرَّ الهاجِراتِ إذَا سَطَا / عَلَى حُرِّ وَجْهِي والأَصيلُ هَجِيرُ
وأَسْتَنْشِقُ النَّكْباءَ وَهْيَ بَوارِحٌ / وأَسْتَوْطِئُ الرَّمْضاءَ وَهْيَ تَفُورُ
ولِلْمَوْتِ فِي عيشِ الجبانِ تلوُّنٌ / وللذُّعْرِ فِي سَمْعِ الجريءِ صَفيرُ
لَبانَ لَهَا أَنِّي مِنَ الضَّيْمِ جازِعٌ / وأَنِّي عَلَى مَضِّ الخُطُوبِ صَبُورُ
أَمِيرٌ عَلَى غَوْلِ التَّنائِفِ مَا لَهُ / إذَا رِيعَ إلّا المَشْرِفيَّ وَزِيرُ
ولو بَصُرَتْ بِي والسُّرى جُلُّ عَزْمَتي / وجَرْسِي لِجِنَّانِ الفَلاةِ سَمِيرُ
وأَعْتَسِفُ المَوْمَاةَ فِي غَسْقِ الدُّجى / وللأُسْدِ فِي غِيلِ الغِياضِ زَئِيرُ
وَقَدْ حَوَّمَتْ زُهْرُ النُّجومِ كَأَنَّها / كواعِبُ فِي خُضْرِ الحَدائِقِ حُورُ
ودارَتْ نجومُ القُطْبِ حَتَّى كَأَنَّها / كُؤوسُ مَهاً والى بِهِنَّ مُدِيرُ
وَقَدْ خَيَّلَتْ طُرْقُ المَجَرَّةِ أَنَّها / عَلَى مَفْرِقِ الليلِ البهيمِ قَتِيرُ
وثاقِبَ عَزْمِي والظَّلامُ مُرَوِّعٌ / وَقَدْ غَضَّ أَجفانَ النجومِ فُتُورُ
لَقَدْ أَيْقَنَتْ أَنَّ المنى طَوْعُ هِمَّتِي / وأَنِّي بعطفِ العامِريِّ جديرُ
وأَنِّي بذكراهُ لِهَمِّيَ زاجِرٌ / وأَنِّيَ منهُ للخطوبِ نذِيرُ
وأَيُّ فتىً للدينِ والملكِ والنَّدى / وتَصْدِيقُ ظَنِّ الراغِبِينَ نَزُورُ
مُجِيرُ الهُدى والدينِ من كُلِّ مُلْحِدٍ / وَلَيْسَ عَلَيْهِ لِلضَّلالِ مُجِيرُ
تلاقَتْ عَلَيْهِ من تَميمٍ ويَعْرُبٍ / شُموسٌ تَلالا فِي العُلا وبُدُورُ
منَ الحِمْيَرَيِّينَ الَّذِينَ أَكُفُّهُمْ / سحائِبُ تَهْمِي بالنَّدى وبُحُورُ
ذَوُو دُوَلِ المُلْكِ الَّذِي سَلَفَتْ بِهَا / لَهُمْ أَعصُرٌ مَوْصُولَةٌ ودُهُورُ
لَهُمْ بَذَلَ الدهرُ الأَبيُّ قِيادَهُ / وهُمْ سَكَّنُوا الأَيَّامَ وَهْيَ نَفُورُ
وهُمْ ضَرَبُوا الآفاقَ شرقاً ومغرِباً / بِجَمْعٍ يَسيرُ النَّصْرُ حَيْثُ يَسيرُ
وهُمْ يَستَقِلُّونَ الحياةَ لِرَاغِبٍ / ويَسْتَصْغِرُونَ الخطْبَ وَهْوَ كبيرُ
وهُمْ نَصَرُوا حِزْبَ النُّبُوَّةِ والهُدى / وَلَيْسَ لَهَا فِي العالَمِينَ نَصِيرُ
وهُمْ صَدَّقُوا بالوَحْيِ لَمّا أَتاهُمُ / وَمَا النَّاسُ إِلّا عائِدٌ وكَفُورُ
مناقِبُ يَعْيا الوَصْفُ عَنْ كُنْهِ قَدْرِها / ويَرْجِعُ عَنْها الوَهْمُ وَهْوَ حَسِيرُ
ألا كُلُّ مَدْحٍ عَنْ مَدَاكَ مُقَصِّرٌ / وكلُّ رجاءٍ فِي سِواكَ غُرُورُ
تَمَلَّيْتَ هَذَا العيدَ عِدَّةَ أَعْصُرٍ / تُوَالِيكَ منها أَنعُمٌ وحُبُورُ
ولا فَقَدَتْ أَيَّامَكَ الغُرَّ أَنفُسٌ / حياتُكَ أَعيادٌ لهم وسُرورُ
ولما تَوافَوْا للسَّلامِ ورُفِّعَتْ / عن الشمسِ فِي أُفْقِ الشُّروقِ سُتورُ
وَقَدْ قامَ من زُرقِ الأَسِنَّةِ دُونَها / صفوفٌ ومن بِيضِ السُّيوفِ سُطُورُ
رأَوْا طاعَةَ الرَّحمنِ كَيْفَ اعتِزازُها / وآياتِ صُنْعِ اللهِ كَيْفَ تُنيرُ
وكَيْفَ اسْتَوى بالبَحْرِ والبَدْرِ مَجْلِسٌ / وقامَ بِعِبْءِ الرَّاسِياتِ سَريرُ
فَسارُوا عِجالاً والقُلوبُ خَوَافِقٌ / وأُدْنُوا بِطاءً والنَّوَاظِرُ صُورُ
يَقُولونَ والإِجلالُ يُخْرِسُ أَلسُناً / وحازَتْ عُيُونٌ مِلأَها وصُدُورُ
لقَدْ حاطَ أَعلامَ الهُدى بِكَ حائِطٌ / وقَدَّرَ فيكَ المَكْرماتِ قَدِيرُ
مُقِيمٌ عَلَى بَذْلِ الرَّغائِبِ واللُّهى / وفِكْرُكَ فِي أَقْصى البِلادِ يَسيرُ
وأَيْنَ انْتَوى فَلُّ الضَّلالَةِ فَانْتَهى / وأَيْنَ جُيُوشُ المسلِمينَ تُغِيرُ
وحَسْبُكَ من خَفْضِ النَّعِيمِ مُعَيِّداً / جِهازٌ إِلَى أَرضِ العِدى ونَفِيرُ
فَقُدْها إِلَى الأَعداءِ شُعْثاً كَأَنَّها / أَرَاقِمُ فِي شُمِّ الرُّبى وصُقُورُ
فَعَزْمُكَ بالنَّصْرِ العَزِيزِ مُخَبِّرٌ / وسَعْدُكَ بالفَتْحِ المُبِينِ بَشِيرُ
ونادَاكَ يَا ابْنَ المُنْعِمِينَ ابْنُ عَشرَةٍ / وعَبدٌ لِنُعْماكَ الجِسامِ شَكُورُ
غَنِيٌّ بِجَدْوى واحَتَيْكَ وإِنَّهُ / إِلَى سَبَبٍ يُدْني رِضاكَ فَقِيرُ
ومِنْ دُونِ سِتْرَيْ عِفَّتِي وتَجَمُّلِي / لَرَيْبٌ وصَرْفٌ للزَّمانِ يَجُورُ
وضاءَلَ قَدْرِي فِي ذَرَاكَ عوائِقٌ / جَرَتْ ليَ بَرْحاً والقضاءُ عَسِيرُ
وَمَا شَكَرَ النَّخْعِيُّ شُكْرِي ولا وَفى / وفائيَ إِذْ عَزَّ الوَفاءُ قَصِيرُ
فَقُدْنِي لِكَشْفِ الخَطْبِ والخَطْبُ مُعضِلٌ / وكِلْنِي لِلَيْثِ الغابِ وَهْوَ هَصُورُ
فَقَدْ تَخْفِضُ الأَسماءُ وَهْيَ سَوَاكِنٌ / ويَعْمَلُ فِي الفِعْلِ الصَّحيحِ ضَمِيرُ
وتَنْبُو الرُّدَيْنيَّاتُ والطُّولُ وافِرٌ / ويَنْفُذُ وَقْعُ السَّهْمِ وَهْوَ قَصِيرُ
حنانَيْكَ فِي غُفْرانِ زَلَّةِ تائِبٍ / وإِنَّ الَّذِي يَجْزِي بِهِ لغَفورُ
اِقْبَلْ ثَناءً وشُكرا
اِقْبَلْ ثَناءً وشُكرا / وازدَدْ بقاءً وعُمْرا
وليَهْنِكَ المَجْدُ لبساً / والحمدُ كَنْزاً وذُخْرا
فما دَجَا لِيَ خطبٌ / إِلّا لَمَحْتُكَ فَجْرَا
ولا دعوتُكَ سِرّاً / إِلّا وَجَدْتُكَ سِتْرَا
وإِنْ تَضَرَّمَ صَدْرِي / حَرّاً وجدتُكَ حُرَّا
كما وَجَدْتُكَ حُلواً / إِذْ ذُقْتُ دهريَ مُرَّا
فلا تَزَلْ وفق مَا كُنْ / تَ لي مَعَ العُسرِ يُسْرا
وكُنْتَ أَمْسِ سَرِيّاً / واليَوْمَ أَسْرى وأَسْرى
وكُنْتَ تعدِلُ واليَوْ / مَ أَنْتَ بالعَدْلِ أَحْرى
فاحكُمْ كَمَا حَكَمَ الل / هُ حِينَ زادَكَ فَخْرَا
وزِدْ فَعَالَكَ قَدْراً / إِذ زادَكَ اللهُ قَدْرَا
فقد طَلَعْتَ هِلالاً / واليوم أَمْسَيْتَ بَدْرا
فكيفَ أَرضاكَ بحراً / كَمَا رَضِيتُكَ نَهْرَا
وكيف يَجْرِي جوادٌ / كَمَا جَرى قَبْلُ مُهْرَا
وَقَدْ بدأْتَ بِبِرٍّ / فأَتْبِعِ البِرَّ برَّا
وزِدْ عَلَى الباءِ رَفْعاً / يَرْفَعْ لَكَ اللهُ ذِكْرَا
سِرْ سارَ صُنْعُ اللهِ حَيْثُ تسيرُ
سِرْ سارَ صُنْعُ اللهِ حَيْثُ تسيرُ / قُدُماً وساعَدَ عَزْمَكَ المقدورُ
ووَصَلْتَ موصولاً بِبُغْيَتِكَ المُنى / ومُيَسَّراً لمُرادِكَ التَّيْسِيرُ
وأَعادَ عاداتٍ جَرَتْ لَكَ بالمُنى / ربٌّ عَلَى أَضعافِهِنَّ قديرُ
فالسعدُ بالنصرِ العزيزِ مُخَبِّرٌ / واليُمْنُ بالفتحِ المُبينِ بَشِيرُ
حَكَمَتْ لَكَ الأَقدارُ أَنَّكَ باهِرٌ / مُلْكَ الملوكِ وأَنَّهُ مَبْهُورُ
وقضى لَكَ الرحمنُ أَنَّكَ قاهِرٌ / حِزْبَ الضَّلالِ وأَنَّهُ مَقْهُورُ
جُعِلَتْ فداءَكَ أَنْفُسٌ أَحْيَيْتَها / وبها جميعاً لا بِكَ المَحْذُورُ
فانْهَضْ بحزبِ اللهِ يَقْدُمُ جَمْعَهُ / حِفْظُ الإِلهِ وسعيُكَ المشكورُ
في جحفَلٍ جَمِّ العديدِ كَأَنَّهُ / فَلَكٌ عَلَى الأَرْضِ الفضاءِ يَدُورُ
عُمَّتْ بِهِ الأَقطارُ إِلّا مَوضِعاً / فِيهِ عَدُوُّكَ للسيوفِ أَسيرُ
لَجِبٍ يُغِصُّ الأَرضَ وَهْيَ عريضَةٌ / ويَرُدُّ غَرْبَ الطَّرْفِ وَهْوَ حسيرُ
من كُلِّ مقدامٍ يكادُ فؤادُهُ / طَرَباً إِلَى نَغَمِ السيوفِ يطيرُ
مُتَسَرْبِلٍ صَدَأَ الحديدِ كَأَنَّهُ / قَمَرٌ تَعَرَّضَ دونَهُ ساهُورُ
ومُهَنَّدٍ يُزْجِي المنونَ كَأَنَّهُ / عبْدٌ بطاعَةِ حَدِّهِ مَأْمُورُ
لُجٌّ بشيرُ النصرِ فِيهِ سابِحٌ / بَرْقٌ سحابُ الموتِ منهُ قَطِيرُ
ومُثَقَّفٍ صَدْقِ الكُعُوبِ كَأَنَّهُ / قَلَمٌ تمكَّنَ من شَباهُ النُّورُ
وأَقَبَّ مصقولِ الأَديمِ كَأَنَّهُ / بَحْرٌ بِرَيْعانِ الجِراءِ يَمُورُ
مَرِحٍ يَكُرُّ القلبُ حَيْثُ يقودُهُ / ويسيرُ طرفُ العينِ حَيْثُ يسيرُ
هَزِجٍ يكادُ يَبينُ فِي نَغَماتِهِ / ويلاكَ يَا غَرْسِيَّةُ المغرورُ
أَيْنَ النَّجاءُ وَقَدْ أَظَلَّكَ مُغْضَباً / ليثُ العرينِ الحاجِبُ المَنْصورُ
وأَتاكَ فِي لبسِ الحديدِ مُضاعَفاً / سيفُ الهُدى ولواؤُهُ المنشورُ
سَهْمٌ إذَا شَجَر القواضِبُ صائِبٌ / سيفٌ إذَا اعْتَنَقَ الكماةُ مُبِيرُ
غيثٌ إذَا مَا الغيثُ أَخْلَفَ هاطِلٌ / بَدْرٌ إذَا دَجَتِ الخطوبُ مُنيرُ
سامٍ إِلَى شِيَمِ الملوكِ مُنازِعٌ / هادٍ عَلَى خُلُقِ الهُدى مَفْطُورُ
مُتَفَرِّدٌ بمناقِبٍ مُتَقاصِرٌ / عن كُنْهِها المنظومُ والمنثورُ
عبدُ المليكِ فتى المكارِمِ والَّذِي / حَظُّ الرَّجاءِ بِسَيْبِهِ مَوْفُورُ
فَهنَاكَ سَلُّكَ صارِمَيْنِ كِلاهُمَا / للمُلكِ والدينِ الحنيفِ نَصيرُ
وذخيرةٌ فِي النائِباتِ ومَعْقِلٌ / من صرفِ أَحداثِ الزمانِ مُجيرُ
حازا سَناءَ مناظِرٍ ومَخابِرٍ / مُلِئَتْ بِهِنَّ نواظِرٌ وصُدُورُ
إِن تفخَرِ الدنيا فأَنتَ فَخَارُها
إِن تفخَرِ الدنيا فأَنتَ فَخَارُها / أَوْ تَخْتَرِ العليا فأَنتَ خِيارُها
المجدُ ممنوعٌ بسيفِكَ عِزُّهُ / والأَرضُ معمورٌ بِمُلْكِكَ دارُها
زُهِيَتْ بذكرِكَ أَرضُها وسماؤها / وجرى بسعدِكَ ليلُها ونهارُها
هُدِيَتْ بِهَدْيِكَ فِي الظَّلامِ نجومُها / وسرَتْ بنورِكَ فِي الدجى أَقمارُها
يا عامِرِيّينَ اعْمُرُوا رُتَبَ العُلا / فَلَكُمْ سَنيُّ سنائِها وفخارُها
وتمكَّنُوا من دَولَةِ العِزِّ الَّتِي / أَنتُمْ زَكِيُّ أَرُومِها ونجارُها
لا تَعْدَمَنَّ عُلاكُمُ الرُّتَبَ الَّتِي / أَضحَتْ مُعَظَّمَةً بكُمْ أَقدارُها
بكُمُ اكْتَسَتْ حُلَلَ السَّنا وبِسَعْيِكُمْ / ضاءَتْ معالمها وحِيطَ ذِمارُها
رَضِيَتْ تَعَبُّدَكُمْ لَهَا أَملاكُها / وتفاخَرَتْ بولائِكُمْ أَحرارُها
من دوحَةِ الكَرَمِ المُنَعَّمَةِ الَّتِي / أَخَذَتْ بآفاقِ العُلا أَشجارُها
مُدَّتْ لأَمْنِ المسلمينَ ظِلالُها / ودَنَتْ لأَرزاقِ العبادِ ثِمارُها
فِي ذِرْوَةِ الشَّرَفِ الَّتِي شادَتْ لكُمْ / شُرُفاتِها قحطانُها ونِزارُها
أَعْطَتْكُمُ رَهْنَ السباقِ جيادُها / وخَلا لفائِتِ شأْوِكُمْ مِضْمارُها
سَبَقَ القضاءُ بأَنكم أملاكُها / دونَ الأَنامِ وأَنكم أَنصارُها
للهِ منكَ إِذَا الشِّفارُ تقاصَرَتْ / هِمَمٌ تَمُرُّ بِمَرِّها أَقدارُها
يا قائِدَ الخيلِ العِتاقِ كَأَنَّما / عَزَماتُهُ أَرماحُها وشِفارُها
ليثٌ يُخاطِرُ فِي المَكَرِّ بنفسِهِ / هِمَمٌ عظيمٌ فِي العلا أَخطارُها
أَوطَأْتَ أَرضَ المشركينَ كتائِباً / فِيهَا وَشيكُ فَنائها ودَمَارُها
وتركتَ أَرضَ لِيُونَ وَهْيَ كَأَنَّها / لَمْ تَغْنَ بالأَمسِ القريبِ دِيارُها
مرفوعةً لَكَ فِي العُلا أَعلامُها / لما غَدَتْ بك عافِياً آثارُها
شِيَعٌ حواها حَدُّ سيفِكَ عنوةً / أَضحتْ وعُقْبى الإِنتقامِ قُصارُها
وفلولُ من فات الفِرارَ بنفسِهِ / جاءَتْ يُعاجِلُها إِلَيْكَ فِرارُها
من بعدِ مَا عاذَتْ بحفظِ حياتِها / ببروجِ مَنْعٍ للنجومِ جِوارُها
واستعصمَتْ بمعاقِلٍ قَدْ أَصبَحَتْ / لِلْحَيْنِ وهي قيودُها وإِسارُها
غُبِقُوا بخمرِ الحربِ صِرْفاً فاغتَدتْ / تِلْكَ الحفائِظَ والحتوفَ خُمارُها
وكأَنَّما بَصُرَتْ لظىً بمكانِهِمْ / مُتَمَنِّعِينَ فعاجَلَتْهُمْ نارُها
نارٌ تطايَرُ بالغُواةِ كَأَنَّها / حِينَ ارتمَتْ بِهِمُ هناكَ شَرارُها
وتَبَرَّؤوا من كُلِّ مُخْطَفَةِ الحشا / محفوظَةٍ لحليلها أَطْهارُها
شَجِيتَ بمصرَعِ بعلِها ثُمَّ انْثَنَتْ / مطلوبَةً بجفونِها أَوْتارُها
من كُلِّ مُغْرَمَةٍ بِخِلٍّ تَمْتَرِي / السَّيْفُ أَمضى فِيهِ أم تذكارُها
لَبِسَتْ ثيابَ الأَمنِ حينَ تَمَنَّعَتْ / آفاقُها وتباعَدَتْ أَقطارُها
وتسربَلَتْ حُلَلَ الثُّلُوجِ جِبالُها / واسْتَفْرَغَتْ مَدَّ الحَيا أَنهارُها
والخيلُ والأَبطالُ تجهد خَلْفَها / أَلّا يَشِطَّ عَلَى الخليلِ مَزارُها
حَتَّى عَبَرْنَ خليجَ دُويْرُ كَأَنَّها / سُفُنٌ ترامى بالحتوفِ بِحارُها
بقواضِبٍ قُضِبَتْ بِهِنَّ حياتُها / وصوارِمٍ صُرِمَتْ بِهَا أَعمارُها
وكتائِبٍ لَهِجَتْ بَطَيِّبِ ذِكْرِكُمْ / فلذيذُهُ عندَ الهياجِ شِعارُها
وكأَنَّهُنَّ وَقَدْ دَجَتْ ظُلَمُ الوَغى / فِي الرَّوعِ أَفلاكٌ عَلَيْكَ مَدَارُها
وَصَلَتْ بِيُمْنِكَ صَوْمَها بجهادِها / وندى يَدَيْكَ بأَوْبِها إِفطارُها
حَتَّى قَدِمْتَ بِمَفْخَرِ الفَتْحِ الَّذِي / أَحْيا المُنى بقدومِهِ اسْتِبْشَارُها
وطَلَعْتَ للمُتَأَمِّلِينَ بِغُرَّةٍ / كالشمسِ يَحْسِرُ دونَها أَبصارُها
فنفوسُ أَهلِ الخافِقَيْنِ فِداؤُها / واللهُ من صرفِ الحوادِثِ جارُها
يَا غِياثَ العِبادِ إِنْ بَخِلَ المُزْ
يَا غِياثَ العِبادِ إِنْ بَخِلَ المُزْ / نُ سقاهُمْ وَبْلاً وَمَا اسْتَمْطَرُوهُ
والذي أَمَّنَ العِبادَ بِبِيضٍ / مُرْهَفاتٍ لِقاؤُهُنَّ كَرِيهُ
شَهِدَ الناسُ أَمْسِ مَا لَمْ يَرَوْهُ / فِي الَّذِي أَدْرَكُوا ولا شَهِدوهُ
قَتلَ المشركونَ مِنَّا شهيداً / فَتَمَنَّوْا بأَنَّهُمْ أَنْشَرُوهُ
سُفِكَتْ بالدَّمِ الكريمِ دِماءٌ / وكذا يُوبِقُ الحَليمَ السَّفِيهُ
قَتلوهُ مُصَفَّداً فَوَدَوْهُ / لَوْ عَلا ظَهْرَ طِرْفِهِ لَمْ يَدُوهُ
لَقِيَ الموتَ فِي الرَّصِيفِ رِجالٌ / كُلُّهُمْ فِي بَنِي أَبيهِ وَجِيهُ
غادَرَتْهُمْ صوارِمُ الهندِ والزُّرْ / قُ حَصِيداً يَا بُؤْسَ يَوْمٍ لَقُوهُ
ورأَيْنا الوزيرَ كاللَّيْثِ أَنَّى / غيرَ هَذَا والعامِريُّ أَبوهُ
أَيْقَنُوا بالحِمامِ لما رَأَوْهُ / مُقْبِلاً نحوَهُمْ وسِيئَتْ وُجُوهُ
ورأَيناهُ كالحسامِ مضاءً / فَشَهِدْنا أَنَّ الحُسامَ أَخُوهُ
زَرَقَ العِلْجَ زَرْقَةً تركَتْهُ / حَرِضاً قَدْ أَظلَّهُ المكروهُ
ماتَ ذُعْراً منه وكم لَقِيَ الأَب / طَالَ فِي هَبْوَةٍ فما ذَعَرُوهُ
ولكَمْ أَيِّماً لَهُ وقَتِيلاً / صَمَّ عن أَنْ يُجِيبَ مَنْ يَدْعُوهُ
وأَسيراً مُصَفَّداً فِي وَثَاقٍ / وغِياثاً لطارِقٍ جَفَّ فُوهُ
ذَاكَ حَتَّى إذَا اللقاءُ دَعاهُ / عَايَنَ الناسُ منهُ مَا اسْتَعْظَمُوهُ
أَسَداً ساقِطاً لِزَرْقَةِ شِبْلٍ / لَوْ دَرَوْا حَيْثُ أَوْغَلَتْ عَذَرُوهُ
وَقَفُوا يُذْعَرُونَ منهُ فَلَمَّا / عايَنُوا الفضلَ مائِلاً أَمَّلُوهُ
وكذا العامِريُّ مَا دامَ طِفْلاً / ولَعَمْرِي لَنِعْمَ مَا شَبَّهُوهُ
غُصُنٌ مَا يزالُ من دَوْحَةِ المَجْ / دِ فروعٌ كثيرةٌ تَغْذُوهُ
فإِذا جازَ تِسْعَةً وثَلاثاً / جَلَّ عن أَنْ يَحُدَّهُ تَشْبِيهُ
يا ثِمالَ العُفاةِ يَا مَلِكَ الدُّنْ / يا ومن فازَ بالغِنى آمِلُوهُ
قَدْ حَبانِي دَهْرِي بإِدراكِ دَهْرٍ / مَا بِهِ ناجِهٌ ولا مَنْجُوهُ
لو حَبانِي بذاكَ عَصْرُ شبابِي / لَرآنِي عَلَى العبادِ أتِيهُ
ورجائِي مَا قَدْ عَلِمْتَ وشُكْرِي / وثنائِي فِي الناسِ مَا عَلِمُوهُ
غير أَنَّ الزمانَ ثَقَّل ظهري / فَهْوَ ثِقْلٌ عليَّ صعبٌ كريهُ
ولَعَمْرِي مَا لي سِوى المَلِكِ المَنْ / صُورِ فِي الأَرضِ سَيِّدٌ أرجوهُ
هو البدرُ فِي فَلَكِ المَجْدِ دارا
هو البدرُ فِي فَلَكِ المَجْدِ دارا / فما غَسَقَ الخطبُ إِلّا أَنارَا
تَجَلَّى لَنَا فَأرَتْنَا السُّعودُ / غُيُوبَ المُنى فِي سناهُ جِهارا
وأَوْفَى فكادَتْ صَوَادِي القُلوبِ / تفوتُ العُيونَ إِلَيْهِ بِدارا
وحَلَّ فَحَلَّتْ جِسامُ الفُتُو / حِ تَبْأَى اخْتِيالاً وتُزْهى افْتِخارا
وحَقَّ لَهُ اليومَ رِقُّ الكرا / مِ طَوْعاً ورِقُّ العُداةِ اقْتِسارا
فَيا رُبَّ غايَةِ مَجْدٍ شَأَوْتَ / إِلَى فَخْرِها مُعْجِزاً أَنْ تُجارى
ومن يَسْمُ فِي ذِرْوَتَيْ حِمْيَرٍ / ويَحْتَلَّ من يَمَنِ المُلْكِ دارا
يُنازِعْ إِلَى شِبْهِ ذَاكَ السَّناءِ / وتَنْحُ مساعِيهِ ذَاكَ النِّجارا
وحَسْبُ الخليفةِ إِيثارُهُ / لكُمْ دونَ هَذَا الأَنامِ اقْتِصارا
تَنَقَّاكُمَا عامِرِيَّيْنِ قاما / بأَعبائِهِ فاسْتَجَدَّا الفَخارا
فلَمْ يَأْلُ بحبوحَةَ الملكِ حَظّاً / ولا ادَّخَرَ المسلمينَ اختيارا
رمى بكَ بَحرَ الأَعادِي وأَدْنى / من المُلْكِ حاجِبَهُ مُسْتَشارا
فكانَ الحسامَ وكُنْتَ السِّنانَ / وَكَانَ الشِّعارَ وكنتَ الدِّثارا
ولأْلأَ منهُ عَلَى الدِّينِ نُوراً / وأَضْرَمَ منكَ عَلَى الشِّرْكِ نارا
فأَوْلَيْتَ نُعْماهُ فِي اللهِ عَزْماً / ترى النَّصْرَ يَقْدُمُهُ حَيْثُ سارا
فصُنْتَ العُلا وأَبَحْتَ النَّدى / وحُطْتَ الهُدى وحميتَ الذِّمارا
فأَصبحَ سيفُكَ للدينِ حِصْناً / وأَمسى سِنانُكَ لِلْثَّغْرِ جارا
وَفِي شَنْتِ ياقُبَ أَوْرَدْتَها / شوارِبَ يَبْغِينَ فِي البحرِ ثارا
فسِرْتَ هِلالاً تُبارِي الهِلالَ / إِلَيْها وبَحْراً يخوضُ البِحارا
وشمساً تَطَلَّعُ بالمَغْرِبَيْنِ / بحيثُ تُوافِي ذُكاءُ الغُبارا
فما رِمْتَ حَتَّى عَلَتْ جانِباها / بأَيدِي المَذَاكِي عَجاجاً مُثارا
تهُبُّ بِهَا فِي الهواءِ الرِّيا / حُ إِمَّا دُخاناً وإِما غُبارا
وَلَمْ يَسْتَطِعْ ياقُبٌ نَصْرَها / ولا دَفَعَ الخَسْفَ عنهُ انْتِصارا
لَئِنْ غَوَّرَتْ فِي شَغافِ الشّمالِ / لقد أَنْجَدَ الفَتْحُ مِنْها وغَارا
وأَخْلَفَ بِرمُنْدَ منها الرَّجاءُ / وَمَا زادَهُ الشِّرْكُ إِلّا تَبارا
أَطَرْتَ إِلَى ناظِرَيْهِ عَجاجاً / تركتَ بِهِ عَقْلَهُ مُسْتَطارا
فما يعرفُ العَهْدَ إِلّا امْتِراءً / ولا يُوقِنُ العهدَ إِلّا ادِّكارا
ولما ادَّرَعْتَ إِلَيْهِ اليَقِي / نَ لَمْ يَدَّرِعْ منكَ إِلّا الفِرارا
وشامَ غِرَارَيْ حُسامِ المنايا / فما يَطْعَمُ النَّوْمَ إِلّا غرارا
ولَنْيُوشُ أَمْطَرْتَها صائباتٍ / تُصِيبُ النفوسَ وتَعْفو الدِّيارا
هَزَزْتَ إِلَيْها رِماحاً طِوالاً / تُصَيِّرُ أَعمارَ قومٍ قِصارا
فغادَرْتَها فِي ضَمانِ الإِلهِ / ويَمَّمْتَ أعلى وأَنْأَى مَزَارا
وَقَدْ يَفْرِسُ الليثُ أَرْوى الهِضابِ / ويُهْمِلُ حَرْشَ الضِّبابِ احْتِقارا
وخَلَّفْتَ فِيهَا مُبِيدَ الضَّلالِ / يُقَرِّبُها لَكَ ثوباً مُعَارا
يُكَفكِفُ أَدْمُعَ عَيْنٍ سِجاماً / ويُبْرِدُ أَحشاءَ صَدْرٍ حِرَارا
فَإِنْ أَخْطَأَتْهُ كُؤوسُ المنايا / لقد خَلَّدَتْ فِي حَشاهُ خُمارا
وعمَّ بِهَا فتحُكَ الأَرضَ نُوراً / كَمَا ذَرَّتِ الشمسُ فِيهَا النَّهارا
فَعَرِّجْ عَلَى الحَجِّ بالمسلمينَ / بِعُقْبِ اصْطِلامِكَ حَجَّ النَّصارى
فقد نَشَرَتْ مِصْرُ والقيروانُ / ومَدَّتْ عيونُ الحجازِ انْتِظارا
وَعْداً عَلَى اللهِ حَقَّاً نَصْرُ مَنْ نَصَرَهْ
وَعْداً عَلَى اللهِ حَقَّاً نَصْرُ مَنْ نَصَرَهْ / وحُكْمُ سَيْفِكَ فِي هاماتِ مَنْ كَفَرَهْ
رأسٌ مُطِلُّ عَلَى بابَيْ طُليْطِلَةٍ / يُومي إلى الكُفْرِ هَذَا مَوْعِدُ الكَفَرَهْ
وهامَةٌ قَدْ قَضَتْ نَحْبَ الحِمامِ ضُحىً / وهامَةٌ فَوقَ صَفْحَي شَنْجُ مُنْتَظِرَهْ
أوفى عَلَى مَوْعِدٍ منهُ تُراقِبُهُ / تَدْعُو هَلُمَّ إلى مُسْتَودَعِ الغَدَرَهْ
وناخِراً أمْسِ فِي البيداء من عِظَمٍ / واليومَ أصبَحَ فِيهَا أعْظُماً نَخِرَهْ
كم من سمِيٍّ له فيها وذي نسبٍ / لم يدخِّرْ نابَهُ عنه ولا ظُفُرَهْ
كأنَّما زارَ مُشتاقاً ومُعْتَنِقاً / فاعتامَ منهُ مكانَ النَحْرِ والقَصَرَهْ
ومُسْعِراً لِضِرامِ الحربِ من أشرِ / فَلَمْ يُطِقْ منكَ فِي إضرامِها شَرَرَهْ
فإنْ جَرى دَمُهُ فِيهَا فأطفأها / فإنَّ نَفْسَ ابنِ شَنْجٍ منهُ مُسْتَعِرَهْ
شَقيقُ مَفخَرِهِ إن قامَ مُفْتَخِراً / وشِقُّ مُهْجَتِهِ إنْ واتِرٌ وَتَرَهْ
حُمَّ الحِمامُ لَهُ قَدْراً فأفْرَدَهُ / يدعو الحِمامَ لِرُزْءٍ غالَ مُصْطَبَرَهْ
ما يَرْجِعُ الطَرْفَ إلّا وَهْوَ ذاكِرُهُ / ولا يُحِسُّ بنفسٍ كُلَّما ذَكَرَهْ
ولا يَرُدُّ الرَّدى عنهُ سِوَى دَلَهٍ / وافى المُصابَ وَلَمْ يَعرِفْ بِهِ قَدَرَهْ
وما القَنا بالِغاتٌ من جوانِحهِ / بلوغَ ألسِنَةٍ أبْلَغْنَهُ خَبَرَهْ
عَتادُهُ للوغى إن خافَ طارِقَها / وذُخْرُهُ لِمُلِمِّ الخطبِ إن حَذِرَهْ
وسيفُهُ وسيوفُ الهِنْدِ بارِقَةٌ / ورُمْحُهُ ورِماحُ الخَطِّ مُشْتَجِرَهْ
فَتْحٌ تَقَدَّمْتَ فِي اسْتِفْتاحِ مُقْفَلِهِ / بخافقاتِ إلى الأعداءِ مُبْتَدِرَهْ
فِي دَعْوَةٍ سَمِعَ الرحمنُ داعِيَها / لما اسْتَهلَّ بأخرى سُورَةِ البَقَرَهْ
هوَ الجِهادُ الَّذِي بَرَّتْ مَشاهِدُهُ / فَأُشهِدَتْهُ الكِرامُ الصَّفْوَةُ البَرَرَهْ
ذَلَّلتَ فِيهِ حِمى الإشراكِ مُقْتحِماً / بالخيلِ رَائِحَةً فِيهِ ومَبْتَكِرَهْ
فِي كُلِّ ضاحِيَةٍ ألْبَسْتَها كِسَفاً / غادَرْتَ شمسَ الضحى فيهِنَّ مُنْعَفِرَهْ
دونَ السماء سماءُ النَّقْعِ أنْجُمُها / زُرْقُ الوشيجِ عَلَى الأعداءِ مُنْكَدِرَهْ
وكُلِّ مُزْدَحَمٍ في جُنحِ مُرتَكمٍ / لا نجمَهُ يَرقبُ الساري ولا قمرَهْ
إلّا جبينَكَ يحدو صارِماً ضَرِماً / كالبدرِ تحتَ الدَّياجي يَتبَعُ الزُّهَرَهْ
حتَّى رَفَعْتَ عَلَى أعلامِهمُ عَلَماً / يستنجزُ الله فِيهَا وَعْدَ من نَصَرَهْ
عُقابُ فَألٍ بِعُقْبى رَفْعِ أوَّلِهِ / يجلُو السعادَةَ للإسلامِ والخِيَرَهْ
وجَدُّ شانيكَ مَخفُوضٌ فكانَ لَهُمْ / عِقابَ خَسْفٍ مُبِينِ الزَّجْرِ والطِيَرَهْ
سَعْيٌ تركْتَ بِهِ أرضَ العِدى نَهَجاً / لِمَنْ سَعى فِي مداهُ واقْتَفى أثَرَهْ
فَهَلْ لِنفسِ ابنِ شنْجٍ بعدَها عِوَضٌ / مِنْ لُبِّ لُبِّسَ أو من كافِرِ الكَفَرَهْ
صِنْواهُ فِي حربِهِ أو فِي ضَلالَتِهِ / قَدْ كانَ ذا سَمْعَهُ فِيهَا وذا بَصَرَهْ
وَفَتْ دِماؤُهُما ثَأراً فلم يَدَعا / للمسلمينَ عَلَى حربِ الضَلالِ تِرَهْ
فلْيَهْنِكَ اليومَ فَتحٌ تقتفيهِ غَداً / عَوَائِدٌ من فتوحِ اللهِ مُنتَظِرَهْ
بضائِعٌ لَكَ من بأسٍ ومن كَرَمٍ / محفوظَةٌ لكَ عند اللهِ مُدَّخَرَهْ
سلَّمْتَها فِي سبيلِ اللهِ وافِيَةً / فناجِزُ النَّقْدِ أو مُستَقْرَبُ النَّظِرَهْ
وابْشِرْ بِأُخْرى وأُخرى واعَدَتْ فَوَفَتْ / بوعدِ ذي العرشِ فِي نعماءِ من شَكَرَهْ
نداكَ حبيبٌ لا يشِطُّ مزارُهُ
نداكَ حبيبٌ لا يشِطُّ مزارُهُ / وإنْ غَنِيَت بينَ الكواكب دارُهُ
وأكرِمْ بِهِ ألفاً دعا الحمدَ راغِباً / فلَبَّاهُ مخلوعاً إليه عِذارُهُ
أبانَ سبيلَ النُّجْحِ ساطِعُ نورِهِ / ولاحَتْ لعلياء النواظر نارُهُ
فصُبْحُ الَّذِي يغدو إليكَ بَشِيرُهُ / ولَيْلُ الَّذِي يسري إليك نهارُهُ
وأيُّ رجاءٍ حادَ منكَ طريقُهُ / وأيُّ ثناءٍ قَرَّ عنك قرارُهُ
ولا أمَلٌ إلّا إليك مآلُهُ / ولا سُودَدٌ إلّا عَلَيْكَ مدارُهُ
ولو أنَّ قلباً شاقه المجدُ والعُلا / فطارَ إليها مَا عَداك مطارُهُ
ولو نَثَرَ البحرُ المُسَخَّرُ دُرَّهُ / لما كانَ إِلّا فِي ذَراك انتثارُهُ
لو كانَ من زُهْرِ الكواكبِ زائرٌ / إلى مَلِكٍ مَا حادَ عنكَ مَزَارُهُ
لَأَمَّكَ مشدوداً إليكَ زِمامُهُ / ووافاكَ مرفوعاً إليكَ عَمارُهُ
ولو كانَ للدهرِ المؤَبَّدِ مَفْخَرٌ / لكانَ بما أبْدَعْتَ فِيهِ افتخارُهُ
ولم يعْدَمِ الشادِي بذكرِكَ زَهْرَةً / يطولُ بِهَا إعجابُهُ وازْدِهارُهُ
لَبْوسُ ثناءٍ من مساعيكَ بِينُهُ / ومن غُرَرِ الأشعارِ فيكَ شِعارُهُ
تُهِلُّ بِهِ الدنيا إلى المَلِكِ الَّذي / زَكَا وتعالى جِذْمُهُ ونِجارُهُ
مَليِكٌ تَرَدَّى من تُجيبَ سَكِينَةً / وحِلْماً يَفِي بالرّاسياتِ وَقارُهُ
ودَوْحٌ تعالَتْ فِي السَّماءِ فُروعُهُ / ولَكِنْ دَنَتْ للمُجتَنِينَ ثِمارُهُ
بمَطْعَمِ سَلْمٍ لا يُمَلُّ مَساغُهُ / ومَطْعَمِ حَرب لا يُساغُ مرَارُهُ
إذا نَشَأتْ بالبارِقاتِ سَحابُهُ / وجاشَتْ بجيشِ الدَّارِعينَ بِحارُهُ
وقد أضرَمَ الآفاقَ من حرِّ بأسِهِ / لَظى لَهَبٍ زُرْقُ الوَشيجِ شَرارُهُ
وغَرَّةُ شمسِ المجدِ تسمو كأنّما / تراءى لَهْ فِي غُرَّةِ الشمس نارُهُ
وكَمْ وَصَلَتْهُ بالكواكِبِ هِمَّةٌ / تُجَلّي إلى الآفاقِ أينَ مَغارُهُ
وليثُ ليوثٍ يُصْعِقُ الأرضَ زأرُها / ويَقْدُمُها فِي حَوْمَةِ الموتِ زَارُهُ
وشمسٌ وَفِي كِسْفِ العَجاجِ كُسوفُها / وبَدْرٌ وَفِي خَفْقِ البُنودِ سِرارُهُ
وأكرِمْ بِهِ أنْ يَعْرِفَ النَّكْثَ عَقْدُهُ / أو الخُلْفَ راجِيهِ أو الضَّيْمَ جَارُهُ
ومن طَرَقَتْ خَيْلُ الخطوبِ حَرِيمَهُ / فأوَّلُ دعواهُ إليهِ انْتِصارُهُ
فتىً جَعَلَ الجُرْدَ الجيادَ قِداحَهُ / ففازَ بأقمارِ المعالي قِمارُهُ
ضَمانٌ عليهِ أنْ يَذِلَّ عَدُوُّهُ / وحَقٌّ إليهِ أنْ يعِزَّ جِوارُهُ
وماليَ لا أختارُ قُربَكَ بادِياً / وأنتَ من الدَّهرِ الخيارِ خِيارُهُ
ومَنْ ذا لداعِ لا يُجابُ دُعاؤُهُ / سِواكَ وعانٍ لا يُفَكُّ إسارُهُ
ومهوى غَريقٍ لا يُرَّجى غِياثُهُ / وعاثِرِ جَدٍّ لا يُقالُ عِثارُهُ
ألا عَزَّ من أبَدى إليكَ خُضُوعَهُ / وحازَ غِناهُ من إليكَ افتقارُهُ
وَفِي غَياباتِ أَطْباقِ الخطوبِ شَجٍ
وَفِي غَياباتِ أَطْباقِ الخطوبِ شَجٍ / بالبَيْنِ يَيْأَسُ أَحياناً ويَنْتَظِرُ
مُظاهِرٌ بَيْنَ لَيْلَيْ كُرْبَةٍ ودُجىً / لا يُرْتَجى لَهُما فَجْرٌ ولا سَحَرُ
قَدْ أَخْرَسَ الدهرُ منهُ مَنْطِقاً هَتَفَتْ / عنهُ الرَّزايا أَلا غادٍ فَمُعْتَبِرُ
لِمُعْتَلِي هِمَّةٍ بَيْنَ النجومِ هَوَتْ / بِهِ النجومُ بِرُزْءٍ مَا لَهُ وَزَرُ
وتِلْكَ آثارُهُ بالمَشْرِقَيْنِ سَناً / للعينِ والعَيْنُ لا حَظٌّ ولا أَثَرُ
حانٍ عَلَى كَرِشٍ منثورةٍ سُلُبٍ / يكادُ من شَجْوِهِنَّ النَّجْمُ يَنْتَثِرُ
أُبْرِزْنَ من سُتُرِ الإِكرامِ وانْسَدَلَتْ / من الهوانِ عَلَيْنا بَعْدَهُ سُتُرُ
يُخْفِي التَّعَفُّفَ مَثْوانا فلَيْسَ لِذِي / أُنْسٍ إِلَى وَحْشِنا سَمْعٌ ولا بَصَرُ
ولا يَدٌ غيرَ أَيدِي الظُّلْمِ تَعرِفُنا / ولا بغيرِ دُموعِ العينِ نَنْتَصِرُ
نَرْعى الهَشيمَ ونَمْتَصُّ الثِّمارَ وَقَدْ / أَظَلَّ أَنهارَنا الأَغصانُ والثَّمَرُ
والأَرضُ مَضْجَعُ أَبْشارٍ مُمَهَّدَةٍ / لَهَا الأَرائِكُ فِي الأَكْنانِ والسُّرُرُ
وتحتَ أَجْنَحَةِ الإِشفاقِ حانِيةً / حُمْرُ الحواصِلِ لا ماءٌ ولا شَجَرُ
إذَا تَضَرَّمَ بالشَّكْوى تَحَلَّلَهُ / وَجْهٌ بماءِ الحَياءِ العِدِّ يَنْفَجِرُ
وهل بِسَمْعِكَ يَا يَحْيَى حَيِيتَ لَنا / عن دَعْوَتي زَوَرٌ أَوْ عَنْكَ لي وَزَرُ
وهَلْ بِمَدْحِكَ أَسْتَقْضيكَ عارِفَةً / بَلِ الغَمامُ بِطَبْعِ السَّكْبِ يَنْهَمِرُ
وإِنَّ أَوْلى بِمُهْدٍ فيكَ مِدْحَتَهُ / لَوْ جاءَ قَبْلُ مِنَ التَّقْصِيرِ يَعْتَذِرُ
وأَيْنَ نَظمي ونَثْرِي من حُلى مَلِكٍ / تُتْلى بِمَفْخَرِهِ الآياتُ والسُّوَرُ
وكيفَ يَبْلُغ سَبْقِي فِي مَدَائِحِهِ / مَدىً تقاصَرَ عنهُ الجِنُّ والبَشَرُ
لِيَهْنِكَ الفِطْرُ والأَعيادُ تتبعُهُ / فِي عِزِّ مُلْكِكَ مَا فِي صفوِهِ كَدَرُ
والنَّصرُ مُتَّصِلٌ والفَتْحُ مُقْتَبَلٌ / سارٍ فَمُدَّلِجٌ غادٍ فَمُبْتَكِرُ
وَقَدْ تسابَقَتِ البُشْرَى إِلَيْكَ بِما / بِهِ توالَتْ إِلَى أَعادائِكَ النُّذُرُ
فالْبَسْ ثيابَ ثَناءٍ حَلْيُ عاتِقِها / سيفٌ عَلَى الثَّغْرِ لا يُبْقِي ولا يَذَرُ
لعلَّنا نَرِدُ الماءَ الَّذِي صَدَرَتْ / عنهُ الحوائِمُ وِرْداً مَا لَهُ صَدَرُ
وتَنْجَلِي ظُلُماتُ الخطْبِ عن أُمَمٍ / لا الشَّمْسُ آفِلَةٌ عنها ولا القَمَرُ
بأَوْجُهِ الفاطِمِيِّينَ الَّتِي شَهِدَتْ / شمسُ الضُّحى أَنَّها فِي وجهِها غُرَرُ
هِلالٌ بنورِ السَّعْدِ والحَقِّ مُقْمِرُ
هِلالٌ بنورِ السَّعْدِ والحَقِّ مُقْمِرُ / أَهلَّ عَلَى الإِسلامِ أَللهُ أَكْبَرُ
أَغَرُّ نَما فِي الغُرِّ من آلِ هاشِمٍ / ووافى بِهِ يومٌ أَغَرُّ مُشَهَّرُ
بِهِ زِيدَ فِي آلِ النَّبيِّ مُحَمَّدٍ / حسامٌ وبَحْرٌ بالنَّدى يَتَفَجَّرُ
فَأَدْرَكَتِ الآمالُ غاياتِ سُؤْلِها / وأُعْطِيَتِ الأَيَّامُ مَا تَتَخَيَّرُ
وقامَ سريرٌ للخلافَةِ ثابِتٌ / وسَرْجٌ ومِحْرابٌ وتاجٌ ومِنْبَرُ
وَمَا النَّاسُ إِلّا آمِلٌ ومُؤَمِّلٌ / وَمَا الدَّهْرُ إِلّا مُبْشِرٌ ومُبَشِّرُ
وأَيَّامُ مَحْيانا حدائِقُ تَزْدَهِي / وأَوْجُهُ دنيانا كواكِبُ تُزْهِرُ
فَدُومُوا لهذا الدِّينِ حِصْناً ومَوْئِلاً / فأَنْتُمْ لَهُ عِزٌّ وذِكْرٌ ومَفْخَرُ
وَفِي سُرَّ مَنْ رَا من مَحَلِّي مَقاصِرُ
وَفِي سُرَّ مَنْ رَا من مَحَلِّي مَقاصِرُ / تُلاعِبُ فِيهِنَّ الظِّباءَ الجآذِرُ
وتُزْهى بِهَا من صِنْوِ دِجْلَةَ لُجَّةٌ / تَحَلَّلَ منها الرَّوْضُ جارٍ وجَائرُ
حَدَائِقُ جَنَّاتٍ نَضائِرُ زانَها / تَقَلُّبُ أَحْداقٍ إِلَيْها نَوَاظِرُ
مشابِهُ حُسنٍ مَا لَهُنَّ مَشابِهٌ / نظائِرُ شَكْلٍ مَا لَهُنَّ نَظائِرُ
ثَلاثٌ كأَطْلاءِ الظِّباءِ رَوَائِعٌ / ولا شَبَهٌ إِلّا الطُّلى والنَّوَاظِرُ
نَماها إِلَى الأَرْءامِ رُومٌ وَجِلَّقٌ / وأَرْضَعَها منهم سُلَيْمٌ وعامِرُ
لِتَأْثُرَ عَنَّا كُلَّما فاهَ خاطِبٌ / وأَغْرَبَ رَجَّازٌ وأَبْدَعَ شاعِرُ
إِذَا أَجْرَتِ الأَقلامُ عَنْهُمْ بِمَنْطِقٍ / أَرَتْكَ بُطُونَ الصُّحْفِ وَهْيَ أَزَاهِرُ
يُذَكِّرنَني ما أنْتَ عَنِّيَ مُبْلِغٌ / خَوَاطِبَ أَحياءٍ وَهُنَّ مَنابِرُ
بِتَرْجِيعِ ألْحانٍ كأَنَّ حَنِينَها / لما أنا من آثارِ مَجْدِكَ ذاكِرُ
ويُذْهِلُني عن سِحْرِ ما في جُفُونِها / بتُفَّاحِ سَواحِرُ
تُطَارِدُها في الجَوِّ نَزْواً كأَنَّها / نوازِعُ وبَوَادِرُ
نُسورٌ تَهادى بالسُّرورِ وإنَّني / لها بالذي يهدي السرور لزاجرُ
وإنْ بُدِّلَتْ منها السَكاكِينُ خِلْتَها / غماماً صائِرُ
وإنْ قامَ باسطُرْلابِهم يَدُ بعْضِها / فكِيوانُ أو بَهْرَامُ
يُخبِّرُني أنْ قَدْ تبيَّنتُ أنَّني / لمعروف ما تسديهِ نحويَ شاكرُ
وأنك موصولُ السُّعودِ بِغِبْطَةٍ / يُطاوِلُها في عُمْر أمْرِكَ عامِرُ
وحُيِّيتَ مِنِّي كُلَّ يومٍ تَحِيَّةً / تسيرُ بها الرُّكُبانُ ما سارَ سائِرُ
يلوحُ بها نَجْمٌ من الأُفقِ طالِعٌ / ويُرْجِعُها لي منكَ ما غارَ غائِرُ
ومَحَقَ الشهرُ كَمَالَ البَدْرِ
ومَحَقَ الشهرُ كَمَالَ البَدْرِ / فَلاحَ في أُولى الصَّباحِ النَّضْرِ
كأْنَّه قُرْطٌ بِأُذْنِ الفَجْرِ /
يا عاكِفِينَ على المُدَامِ تَنَبَّهُوا
يا عاكِفِينَ على المُدَامِ تَنَبَّهُوا / وسَلُوا لِساني عن مكارِمِ مُنْذِرِ
مَلِكٌ لوِ استَوهَبْتَ حَبَّةَ قَلْبِهِ / كَرماً لجادَ بها ولَمْ يَتَعَذَّرِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025