المجموع : 23
عَتَادُكَ أَنْ تَشُنَّ بِها مُغَارا
عَتَادُكَ أَنْ تَشُنَّ بِها مُغَارا / فَقُدْها شُزَّباً قُبّاً تَبَارى
كَأَنَّ أَهِلَّةً قَذَفَتْ نُجُوماً / إِذا قَدَحَتْ سَنابِكُها شَرارا
وَهَلْ مَنْ ضَمَّرَ الْجُرْدَ المَذَاكي / كَمَنْ جَعَلَ الطِّرادَ لَها ضِمارا
كَأَنَّ اللَّيْلَ مَوْتُورٌ حَرِيبٌ / يحاوِلُ عِنْدَ ضَوْءِ الصُّبْحِ ثَارا
فَلَيْسَ يَحِيدُ عَنْها مُسْتَجِيشا / عَلَى الإِصْباحِ عِثْيَرَها الْمُثارا
أَخَذْنَ بِثَأْرِهِ عَنَقاً وَرَكْضاً / مَدَدْنَ عَلَى الصَّبَاحِ بِهِ إِزارا
وَقَدْ هَبَّتْ سُيُوفُكَ لامِعَاتٍ / تُفَرِّقُ في دُجُنَّتِهِ نَهارا
أَمَا وَالسَّابِقاتِ لَقَدْ أَبَاحَتْ / لَكَ الشَّرَفَ الْمُمَنَّعَ وَالْفَخَارا
فَزُرْ حَلَباً بِكُلِّ أَقَبَّ نَهْدٍ / فَقَدْ تُدْنِي لَكَ الْخَيْلُ الْمَزَار
وَكَلِّفْ رَدَّها إِنْ شِئْتَ قَسْراً / عَزائِمَ تَسْتَرِدُّ الْمُسْتَعارا
فَأَجْدِرْ بِالْممَالِكِ أَنْ تَراها / لِمَنْ كانَتْ مَمَالِكَهُ مِرارا
وَإِنْ وَلَدَتْ لَكَ الآمالُ حَظَّاً / فَما زالَتْ مَواعِدُها عِشَارا
إِذا عَايَنْتَ مِنْ عُودٍ دُخاناً / فَأَوْشِكْ أَنْ تُعايِنَ مِنْهُ نارا
وَيَأْبى اللهُ إِنْ أَبَتِ الأَعادي / لِنَاصِرِ دينِهِ إِلاَّ انْتِصارا
وَمَا كَبُرَتْ عَلَيْكَ أُمُورُ مَجْدٍ / إِذا أَصْدَقْتَها الْهِمَمَ الْكِبارا
وَمَا هِمَمُ الْفَتى إِلاَّ غُصُونٌ / تَكُونُ لَها مَطالِبُهُ ثِمارا
أَلَسْتَ ابْنَ الَّذي هَطَلَتْ يَداهُ / نَدىً سَرَفاً لِمَنْ نَطَقَ اخْتِصارا
وَأَعْطى الأَلْفَ لَمْ تُعْقَرْ بِنَقْصٍ / وَما غُنِّي وَلا شَرِبَ الْعُقارا
وَأَشْبَعَ جُودُهُ غَرْثى الأَمَانِي / وَرَوَّى بَأُسُهُ الأَسَلَ الْحِرارا
وَقَادَ إِلى الأَعَادِي كُلَّ جَيْشٍ / تَقُودُ إِلَيْهِ رَهْبَتُهُ الدِّيارا
وَلَوْ قُلْتُ ابْنُ مَحْمُودٍ كَفَتْنِي / صِفَاتُ عُلاَكَ فَضْلاً وَاشْتِهار
وَهَلْ يَخْفَى عَلَى السَّارِينَ نَهْجٌ / إِذا ما الْبَدْرُ في الأُفُقِ اسْتَنارا
مِنَ الْقَوْمِ الأُولى جَادُوا سِرارا / وَعَادَوْا كُلَّ مَنْ عَادَوْا جِهارا
وَمَا كَتَمُوا النَّدى إِلاَّ لِيَخْفَى / وَيَأْبى الْغيْثُ أَنْ يَخْفى انْهِمارا
بُدُورُ الأَرْضِ ضَاحِيَةً عَلَيْها / وَأَطْيَبُ مَنْ ثَوى فِيها نُجِارا
إِذا ما زُلْزِلتْ كانوا جِبالاً / وَإِنْ هِيَ أَمْحَلَتْ كانوا بِحارا
وَأَنْتَ أَشَدُّهُمْ بَأْساً وَأَنْدَا / هُمُ كَفّاً وَأَكْثَرُهُمْ فَخارا
وَأَوْفَاهُمْ إِذا عَقَدُوا ذِماماً / وَأَحْمَاهُمْ إِذا حَامَوْا ذِمارا
وَأَمْرَعُهُمْ لِمُرْتَادٍ جَنَاباً / وَأَمْنعُهُمْ لِمَطْلُوبٍ جِوَارا
لَقَدْ لَبِسَتْ بِكَ الدُّنْيَا جَمالاً / فَلَوْ كَانَتْ يَداً كنْتَ السِّوَارا
يُضِيءُ جَبِينُكَ الْوَضَّاحُ فيها / إِذا ما الرَّكْبُ في الظُّلْمآءِ حَارا
فَما يدْرِي أَنَارُ قِراكَ لاَحَتْ / لَهُ أَمْ بَرْقٌ غَيْثِكَ قَدْ أَنَارا
تَمَلَّ أَبا الْقِوامِ شَرِيفَ حَمْدٍ / رَفَعْتُ بِهِ عَلَى الدُّنْيا مَنارا
ثَناءُ ما حَدَاهُ الْفِكْرُ إِلاَّ / أَقَامَ بِكُلِّ مَنْزِلَةٍ وَسَارا
إِذا أُثْنِي بِحَمْدِكَ قَالَ قَوْمٌ / بِحَقِّ الرَّوْضِ أَنْ حَمِدَ الْقُطارا
غَفَرْتُ ذُنُوبَ هذا الدَّهْرِ لَمّا / أَصارَ إِلَيَّ رُؤْيَتَكَ اعْتِذَارا
وَرَدَّ لِيَ الصِّبا بِنَداكَ حَتّى / خَلَعْتُ لَدَيْهِ في اللَّهْوِ الْعِذارا
ألا هكَذا تَسْتَهِلُّ الْبُدُورُ
ألا هكَذا تَسْتَهِلُّ الْبُدُورُ / مَحَلٌّ عَلِيٌّ وَوَجْهٌ مُنِيرُ
وَجَدٌّ سَعِيدٌ وَمَجْدٌ مَشِيدٌ / وَعِزٌّ جَدِيدٌ وَعَيْشٌ نَضِيرُ
وَيَوْمٌ يَصِحُّ الرَّجاءُ الْعَلِيلُ / بِهِ وَيَطُولُ الثَّناءُ الْقَصِيرُ
دَعا شَرَفَ الدَّوْلَةِ الْمَجْدُ فِيهِ / فَلَبّاهُ مِنْبَرُهُ وَالسّرِيرُ
مَرامٌ بِكُلِّ فَلاحٍ حَقِيقٌ / وَسَعْيٌ بِكُلِّ نَجاحٍ جَدِيرُ
عَلَى الطّالِعِ السَّعْدِ يا بْنَ الْمُلُو / كِ هذا الرُّكُوبُ وَهذا الظُّهُورُ
طَلَعْتَ تُجَلِّي الدُّجى وَالْخُطُوبَ / بِوَجُهٍ عَلَيْهِ بَهاءٌ وَنُورُ
تَكَفَّلَ رِيَّ الِّلحاظِ الْعِطا / شِ ماءٌ مِنَ الْحُسْنِ فِيهِ نَميرُ
يَتِيهُ بِكَ الْمُلْكُ وَهْوَ الُوَقُورُ / وَيَشْجى بِكَ الْدَّهْرُ وَهْوَ الصَّبُورُ
ظُهُورٌ ظَهِيرٌ عَلَى الْمَطْلَباتِ / فَكُلُّ عَسِيرٍ لَدَيْها يَسِيرُ
صَباحٌ صَبِيحٌ بِأَمْثالِهِ / تَقَرُّ الْعُيوُنُ وَتَشْفى الصُّدُورُ
شَرِبْنا بِهِ الْغِزِّ صِرْفاً فَمالَ / بِنا طَرَباً وَاتَّقَتْنا الْخُمُورُ
وَما لَذَّةُ السُّكْرِ إِلاّ بِحَيْثُ / تُغَنّى الْمُنى وَيَدُور السُّرُورُ
فَيا شَرَفَ الدَّوْلَةِ الْمُستَجارُ / لَكَ اللهُ مِنْ كُلِّ عَيْنٍ مُجِيرُ
لِمِثْلِكَ حَقّاً وَإِنْ قَلَّ عَنْكَ / يُرْشَّحُ هذا الْمَحَلُّ الْخَطِيرُ
فَإِنَّ النُّجُومُ حَرىً بِالسَّماءِ / وَأَحْرى بِها الْقَمَرُ الْمُسْتَنِيرُ
لَقَدْ هُزَّ لِلطَّعْنِ رُمْحٌ سَدِيدٌ / وَجُرِّدَ لِلضَّرْبِ نَصْلٌ طَرِيرُ
وَسُوِّمَ لِلسَّبْقِ يَوْمَ الرِّهانِ / جَوادٌ بِطُولِ الْمَدى لا يَخُورُ
فَتىً سادَ فِي مَهْدِهِ الْعالَمِينَ / وَشادَ الْعلُى وَهْوَ طِفْلٌ صَغِيرُ
غَنِيٌّ مِنَ الْمَجْدِ وَالْمَكْرُماتِ / وَلكِنَّهُ مِنْ نَظِيرٍ فَقِيرُ
فَلا زالَ ذا السَّعْدُ مُسْتَوْطِناً / مَحَلَّكَ ما حَلَّ قَلْباً ضَمِيرُ
وَلا بَرِحَ الْمُلْكُ يا فَخْرَهُ / وَمَجْدُكَ قُطْبٌ عَلَيْهِ يَدُورُ
وَأُعْطِيتَ فِي شَرَفِ الدَّوْلُةِ الْ / بَقاءِ الَّذِي تَتَمَنّى الدُّهُورُ
وَلا زالَ حَمْدِيَ وَقْفاً عَلَيْكَ / إِلَيْكَ رَواحِي بِهِ وَالْبُكُورُ
ثَناءٌ كَما هَبَّ غِبَّ الْحيَا / بِنَشْرِ الرِّياضِ نَسِيمُ عَطِيرُ
مُقِيمٌ لَدَيْكَ وَلكِنَّهُ / بِمَدْحِكَ في كُلِّ فَجٍّ يَسِيرُ
بِبَهاءِ وَجْهِكَ تُشْرِقُ الأَنْوارُ
بِبَهاءِ وَجْهِكَ تُشْرِقُ الأَنْوارُ / وَبِفَضْلِ مَجْدِكَ تَفْخَرُ الأَشْعارُ
آنَسْتَ أُنْسَ الدَّوْلَةِ الْمَجْدَ الَّذِي / ما زالَ فِيهِ عَنِ الأَنامِ نِفارُ
بِمَكارِمٍ نَصَرَتْ يَداكَ بِها الْعُلى / إِنَّ الْمَكارِمَ لِلْعُلى أَنْصارُ
وَإِذا الْفَتى جَعَل الْمَحامِدَ غايَةً / لِلمَكْرُماتِ فَبَذْلُها الْمِضمارُ
فَاسْعَدْ وَدامَ لَكَ الْهَناءُ بِماجِدٍ / طالَتْ بِهِ الآمالُ وَهْيَ قِصارُ
لُوْلاهُ فِي كَرَمِ الْخَلِيقَةِ وَالنُّهى / لَمْ تَكْتَحِلْ بِشَبِيهِكَ الأَبْصارِ
كَمْ لَيْلةٍ لَكَ ما لَها مِنْ ضَرَّةٍ / مِنْهُ وَيَوْمٍ ما لَهُ أَنْظارُ
جادَتْ أَنَامِلكُ الْغِزارُ بِهِ الْوَرى / وَمِنَ السَّحائِبِ تُغْدِقُ الأَمْطارُ
وَتَتَابَعَتْ قَطَراتُ غَيْثُكَ أَنْعُماً / إِنَّ الْكَرِيمَ سَماؤُهُ مِدْرارُ
وَأَضاءَ مَجْدُكَ بِالْحُسَيْنِ وَمَجْدِهِ / وَكَذا السَّماءُ تُنِيرُها الأَقْمارُ
قَدْ نالَ أفْضَلَ ما يُنالُ وَقدْرُهُ / أَعْلى وَلَوْ أَنَّ النُّجُومَ نِثارُ
وَجَرَتْ بِهِ خَيْلُ السُّرُورِ إِلى مَدى / فَرَحٍ دُخانُ النَّدِّ فِيهِ غُبارُ
وَحَوى صَغِيرَ السِّنَّ غاياتِ الْعُلى / وَصِغارُ أَبْناءِ الْكِرامِ كِبارُ
يُنْبِي الْفَتى قَبْلَ الْفِطامِ بِفَضْلِه / وَيَبِينُ عِتْقُ الْخَيْلِ وَهْيَ مِهارُ
لَمْ تَلْحَظ الأَبْصارُ يَوْمَ طَهُورِهِ / إِلاّ كُؤوساً لِلسُّرُور تُدارُ
فَغَدَوْتَ تَشْرَعُ فِي حَلالٍ مُسْكِرٍ / ما كُلُّ ما طَرَدَ الْهُمُومَ عُقارُ
قَمَرٌ يُضِيءُ جَمالُهُ وَكَمالُهُ / حَتّى يُعِيدَ اللَّيْلَ وَهْوَ نَهارُ
وَمِنَ الْعَجائِبِ أَنْ تَرُومَ لِمِثْلِهِ / طُهْراً وَكَيْفَ يُطَهَّرُ الأَطْهارُ
قدْ طَهَّرَتْهُ أُبُوَّةٌ وَمُرُوءَةٌ / وَنَمى بِهِ فَرْعٌ وَطابَ نِجارُ
إِنَّ الْعُرُوقَ الطَّيِّباتِ كَفِيلَةٌ / لَكَ حِينَ تُثْمِرُ أَنْ تَطِيبَ ثِمارُ
لَلَبِسْتَ مِنْ شَرَفِ الَمَناسِبِ حُلَّةً / بِالْفَخْرِ يُسْدِي نَسْجُها وَيُنارُ
فَطُلِ الأَنامَ وَهَلْ تَرَكْتَ لِفاخِرٍ / فَخْراً وَجَدُّكَ جَعْفَرُ الطِّيّارُ
يَنْمِيكَ صَفْوَةُ مَعْشَرٍ لَوْلاهُمُ / ما كانَ يُرْفَعُ لِلْعَلاءِ مَنارُ
وَلىَّ وَخَلَّفَ كُلَّ فَضْلٍ فِيكُمُ / والْغَيْثُ تُحْمَدُ بُعْدَهُ الآثارُ
إِنِّي اقتَصَرْتُ عَلَى الثَّناءِ وَليْسَ بِي / عَنْ أَنْ تَطُولَ مَناسِبِي إِقْصارُ
وَلَرُبَّ قَوْلٍ لا يُعابُ بِأَنَّهُ / خَطَلٌ وَلكنْ عَيْبُهُ الإِكْثارُ
وَأَراكَ وَابْنَكَ لِلسَّماحِ خُلِقْتُما / قَدْراً سواءً وَالْوَرى أَطْوارُ
فَبَقِيتُما عُمُرَ الزَّمانِ مُصاحِبيْ / عَيْشٍ تَجَنَّبُ صَفْوَهُ الأَكْدارُ
سَأَشْكُرُ ما مَنَنْتَ بِهِ وَمِثْلِي
سَأَشْكُرُ ما مَنَنْتَ بِهِ وَمِثْلِي / لأَهْلِ الْمَنِّ فَلْيَكُنِ الشَّكُورُ
وَأَحْمَدُ حُسْنَ رَأْيِكَ فِيِّ حَمْداً / يَدُومُ إِذا تَطاوَحَتِ الدُّهُورُ
وَإِنْ تَكُ مُسْتَقِلاً ما أَتَانِي / فَمِثْلُكَ يُسْتَقَلُّ لَهُ الْكَثِيرُ
وَأَذْكى ما يَكُونُ الرَّوْضُ نَشْراً / إِذا ما صَابَهُ الْقَطْرُ الْيَسِيرُ
وَلا وَأَبِي الْعُلَى ما قَلَّ نَيْلٌ / بِنَيْلِ أَقَلِّهِ غَنِيَ الْفَقِيرُ
وَلا فُوْقَ الْغِنى جُودٌ فَحَسْبِي / كَفى بِالْمَحْلِ عارِضُكَ الْمَطِيرُ
وَلا عِنْدِي مَكانٌ لِلْعَطايا / فَقُلْ لِلسَّيْلِ قَدْ طَفَحَ الْغَدِيرُ
فِداؤُكَ مَعْشَرٌ سُئِلُوا فَأَجْدَوْا / فَإِنَّكَ غَيْرَ مَسْئُولٍ تَمِيرُ
فَكَيْفَ بِأُمَّةٍ لُؤُمُوا وَذَلُّوا / فَلا خَلْقٌ يَجُودُ وَلا يُجِيرُ
رَأَيْتُكَ حاضِراً فِي حالِ غَيْبٍ / وَبَعْضُ الْقَوْمِ كالْغَيَبِ الْحُضُورُ
لَقَدْ سُدَّتْ مَوارِدُ كُلِّ خَيْرٍ / وَساحَ بِكَفِّكَ الْكَرَمُ الْغَزِيرُ
عَلَى رُغْمِ الزَّمانِ أَجَرْتَ مِنْهُ / وَقَدْ قَلَّ الْمُمانِعُ وَالْمُجِيرُ
تَخَطّى النّائِباتِ إِلَيَّ جُودٌ / كَما فاجاكَ فِي الظَّلْماءِ نُورُ
تَخِذْتَ بِهِ يَداً عِنْدَ الْقَوافِي / يَقُومُ بِشُكْرِها الْفِكْرُ الْمُنِيرُ
وَأَيْنَ الشُّكْرُ مِمّا خَوَّلَتْهُ / جَهِلْتُ وَرُبَّما جَهِلَ الْخَبِيرُ
سَماحٌ رَدَّ رُوحاً فِي الأَمانِي / وَمَعْرُوفٌ بِهِ جُبِرَ الْكَسِيرُ
وَشِعْرٌ لَوْ يَكُونُ الشِّعْرُ غَيْثاً / لَباتَ وَنَوْؤُهُ الشِّعْرِى الْعَبُورُ
مَعانٍ تَحْتَ أَلْفاظٍ حِسانٍ / كَما اجْتمَعَ الْقَلائِدُ وَالنُّحُورُ
يُخَيَّلُ لِي لِعَجْزِي عَنْهُ أَنِّي / بِما أَوْلَيْتَ مِنْ حَسَنٍ كَفُورُ
وَتَعْذِلُنِي الْقَوافِي فِيكَ طُوْراً / وَطَوْراً فِيكَ لي مِنْها عَذِيرُ
وَأَعْلَمُ أَنَّ طَوْلَكَ لا يُجازى / وَهَلْ تُجْزى عَلَى الدُّرِّ الْبُحُورُ
وَتَسْمُو هِمَّتِي فَإِخالُ أَنِّي / عَلَى ما لَسْتُ واجِدَهُ قَدِيرُ
أُعَلَّلُها بِمَدْحِكَ كُلِّ يَوْمٍ / وَما تَعْلِيلُها إِلاّ غُرُورُ
أَمِثْلُكَ مُنْعِماً يُجْزى بِشُكْرٍ / لَقَدْ أَلْقَتْ مَقالِدَها الأُمُورُ
وَما الْعَنْقاءُ بِالْمَكْذُوبِ عَنْها / حَدِيثٌ بَعْدَ ما زَعَمَ الضَّمِيرُ
وَلا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بَعْدَ ذا فِي / أَمانٍ أَنْ يَكُونَ لَهُ نَظِيرُ
أَغَرُّ مُهَذَّبٌ حَسَباً وَفِعْلاً / يَخِفُّ لِذِكْرِهِ الأَمَلُ الْوَقُورُ
بَني لِبَنِي أَبِي الْعَيشِ الْمَعالِي / فَتىً يَحْلُو بِهِ الْعَيْشُ الْمَرِيرُ
أُناسٌ لا يَزالُ لِمُجْتَدِيهِمْ / عَلَيْهِمْ مِنْ مَكارِمِهِمْ ظَهِيرُ
هُمُ انْتُجِبُوا مِنَ الْحَسَبِ الْمُزَكّى / كَما قُدَّتْ مِنَ الأَدَمِ السُّيُورُ
وَهُمْ فَكُّوا مِنَ الإِخْفاقِ ظَنِّي / بِطَوْلِهِمُ كَما فُكَّ الأَسِيرُ
وَقامَ بِنَصْرِ آَمالِي نَداهُمْ / أَلا إِنَّ النَّدى نِعْمَ النَّصِيرُ
فَإِنْ لَمْ أَحْبُهُمْ وُدِّي وَحَمْدِي / فَلا طَرَدَ الْهُمُومَ بيَ السُّرُورُ
وَقُلْتُ شَبِيهُ جُودِهِمُ الْغَوادِي / إِذا هَطَلَتْ وَمِثْلُهُمُ الْبُدُورُ
رَأَيْتُكَ لَمّا شِمْتُ بَرْقَكَ خُلَّباً
رَأَيْتُكَ لَمّا شِمْتُ بَرْقَكَ خُلَّباً / وَما أَرَبِي في عارِضٍ لَيْسَ يُمْطِرُ
فَأَخْطَأَنِي مِنْكَ الَّذِي كُنْتُ أَرْتَجِي / وَأَدْرَكَنِي مِنْكَ الَّذِي كُنْتُ أَحْذَرُ
وَما ذاكَ عَنْ عُذْرٍ فأَسْلُوهُ مَطْلَباً / تَعَذَّرَ لَكِنْ حَظِّيَ الْمُتَعَذِّرُ
وَكَمْ مانِعٍ رِفْداً وَما كانَ مانِعاً / وَلكنْ أَبى ذاكَ الْقَضاءُ الْمُقَدَّرُ
وَقَدْ كانَ فِيما بَيْنَنا مِنْ مَوَدَّةٍ / وَمَعْرِفَةٍ مَعْرُوفُها لَيْسَ يُنْكَرُ
مِنَ الْحَقِّ ما يَقْضِي عَلَيْكَ بِأَنْ أُرى / لَدَيْكَ وَحَظِّي مِنْ نَوالِكَ أَوْفَرُ
وَما هِيَ إِلاّ حُرْمَةٌ لُوْ رَعَيْتَها / رَعَيْتَ فَتىً عَنْ شُكْرِها لا يُقَصِّرُ
كَرِيماً مَتى عاطَيْتَهُ كَأْسَ عِشْرَةٍ / تَعَلَّمْتَ مِنْ أَخْلاقِهِ كَيْفَ يُشْكَرُ
إِذا عَزَّ نَفْسِي عَنْ هَواكَ قُصُورُها
إِذا عَزَّ نَفْسِي عَنْ هَواكَ قُصُورُها / فَمِثْلُ النَّوى يَقْضِي عَلَيَّ يَسِيرُها
وَهَلْ غادَرَ الهِجْرانُ إِلاّ حُشاشَةً / لِنَفْسٍ بأَدْنى لَوْعَةٍ يَسْتَطِيرُها
هَوىً وَنَوىً يُسْتَقْبَحُ الصَّبْرُ فِيهِما / وَحَسْبُكَ مِنْ حالٍ يُذَمُّ صَبُورُها
وَقَدْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ تَماسَكَ مُهْجَتِي / وَأَنَّكَ مِنْ جَوْرِ الْفِراقِ مُجِيرُها
فَما كانَ إِلاَّ غِرَّةً ما رَجَوْتُهُ / أَلا شَرُّ ما أَرْدى النُّفُوسَ غُرُورُها
وإِنِّي لَرَهْنُ الشَّوْقِ وَالشَّمْلُ جامِعٌ / فَكَيْفَ إِذا حَثَّ الْحُداةَ مَسِيرُها
وَما زِلْتُ مِنْ أَسْرِ الْقَطِيعَةِ باكِياً / فَمَنْ لِي غَداةَ الْبَيْنِ أَنِّي أَسِيرُها
وَكُنْتُ أَرى أَنَّ الصُّدودَ مَنِيَّةٌ / يَكُونُ مَعَ اللَّيْلِ التَّمامِ حُضُورُها
فَلَمّا قضَى التَّفْرِيقُ بِالْبُعْدِ بَيْنَنا / وَجَدْتُ اللَّيالِي كَانَ حُلْواً مَرِيرُها
أَعُدُّ سُرُورِي أَنْ أَراكَ بِغِبْطَةٍ / وَأَنْفَسُ ما يُهْدِي لِنَفْسٍ سُرُورُها
كَفى حَزَناً أَنِّي أَبِيتُ مُعَذَّباً / بِنارِ هُمُومٍ لَيْسَ يَخْبُو سَعِيرُها
وَأَنَّ عَدُوِّي لا يُراعُ وَأَنَّنِي / أَبِيتُ سَخِينَ الْعَيْنِ وَهْوَ قَرِيرُها
تَعافُ النُّفُوسَ الْمُرَّ مِنْ وِرْدِ عَيْشِها / وَتَكْرَهُ حَتّى يَسْتَمِرَّ مَرِيرُها
وَلا والْقَوافِي السّائِراتِ إِذا غَلَتْ / بِحُكْمِ النَّدى عِنْدَ الْكِرامِ مُهُورُها
لَئِنْ أَنا لَمْ يَمْنَعْ حِمايَ انْتِصارُها / وَيَثْنِي أَذى الْعادِينَ عَنِّي نَكِيرُها
فَلا ظَلَّ يُوْماً مُصْحِباً لِي أَبِيُّها / وَلا باتَ لَيْلاً آنِساً بِي نَفُورُها
قَطَعْتُ صُدُورَ الْعُمْرِ لَمْ أَدْرِ لَذَّةً / وَغَفْلَةَ عَيْشٍ كَيْفَ كَانَ مُرُورُها
وَلَمّا رَمانِي الدَّهْرُ عُذْتُ بِدَوْلَةٍ / جَلا الْحادِثاتِ الْفادِحاتِ مُنِيرُها
وَكَيْفَ يَخافُ الدَّهْرُ رَبُّ مَحامِدٍ / غَدا كَرَمُ الْمَنْصُورِ وَهْوَ نَصِيرُها
إِلى عَضُدِ الْمُلْكِ امْتطَيْتُ غَرائِباً / مُحَرَّمَةٌ إِلاّ عَلّي ظُهُورُها
ِإلى مَلِكٍ تَعْنُو الْمُلُوكُ لِبَأْسِهِ / ويَقْصُرُ يَوْمَ الْفَخْرِ عَنْهُ فَخُورُها
أَعَمُّهُمُ غَيْثاً إِذا بَخِلَ الْحيَا / وَأَطْعَنُهُمْ وَالْخَيْلُ تُدْمى نُحُورُها
إِلى حَيْثُ تَلْقى الْجُودَ هَيْناً مَرامُهُ / لِباغِيهِ وَالْحاجاتِ سَهْلاً عَسِيرُها
لَدى مَلِكٍ ما انْفَكَّ مِنْ مَكْرُماتِهِ / مَوارِدُ يَصْفُو عَذْبُها وَنَمِيرُها
يَزِيدُ عَلَى غُوْلِ الطُّرُوقِ صَفاؤُها / وَيَنْمِي عَلَى طُولِ الْوُرُودِ غَزِيرُها
أَغَرُّ لَوَ أَنَّ الشَّمْسَ يَحْظَى جَبِينُها / بِبَهْجَتِهِ ما كَانَ يُكْسَفُ نُورُها
غَنِيٌّ الْعُلى مِنْ كُلِّ فَضْلٍ وَسُؤْدَدٍ / وَلكِنَّهُ مِنْ كُلِّ مِثْلٍ فَقِيرُها
يُعُدُّ الْمَنايا مُسْتَساغاً كَرِيههُا / وَبِيضَ الْعَطايا مُسْتَقَلاًّ كَثِيرُها
سَقى اللهُ أَيّامَ الْمُؤَيَّدِ ما سَقَتْ / حَوافِلُ مُزْنٍ لا يُغِبُّ مَطِيرُها
فَما نَقَلَتْ جَرْداءُ سابِحَةٌ لَهُ / شَبِيهاً وَلا وَجْناءُ يَقْلَقُ كُورُها
سَقى لهذِه الدُّنْيا مِنَ الْعَدْلِ رَيَّها / فَأَصْبَحَ لا يَخْشَى الذَّواءَ نَضِيرُها
وَهَبَّ لَهُ فِيها نَسِيمُ غَضارَةٍ / مِنَ الْعَيْشِ حَتّى عادَ بَرْداً هَجِيرُها
عَفُوٌّ فَما عايَنْتُ زَلَّةَ مُجْرِمٍ / لَدى عَفْوِهِ إِلاّ صَغِيراً كَبِيرُها
لَهُ الرَّأْيُ وَالْبَأسُ اللَّذانِ تَكَفَّلا / لأَعْدائِهِ أَوْحى حِمامٍ يُبِيرُها
سُيُوفٌ مِنَ التَّدْبِيرَ والْفَتْكِ لَمْ يَزَلْ / وَمُغْمَدُها فِي كَفِّهِ وَشَهِيرُها
رَأَى أَرْضَ صُورٍ نُهْبَةً لِمُغالِبٍ / يُنازِلُها يَوْماً وَيَوْماً يُغِيرُها
تداركها والنصر في صدر سيفه / أخو عز مات لا يخاف فتورها
هُمامٌ إِذا ما حَلَّ يَوْماً بِبَلْدَةٍ / فَخَنْدَقُها حَدُّ الْحُسام وَسُورُها
وَسُمْرٌ مِنَ الْخَطِّيِّ لا تَرِدُ الْوَغى / فَتُحْطَمَ إِلاّ فِي الصُّدُورِ صُدُورُها
أَرى أُمَراءِ الْمُلْكِ لِلْفَخْرِ غايَةً / وَأَنْتَ إِذا عُدَّ الْفَخارُ أَمِيرُها
وَما زِلْتَ تسْمُو لِلْعَلاءِ بِهِمَّةٍ / تَقِلُّ لَكَ الدُّنْيا بِها كيْفَ صُورُها
وَأَقْسِمُ لَوْ حاوَلْتَ قَدْرَكَ فِي الْعُلى / لَما آثَرَتْ عَنْكَ السَّماءَ بُدُورُها
وَإِنَّ بِلاداً أَنْتَ حائِطُ ثَغْرِها / بِسَيْفِكَ قَدْ عَزَّتْ وَعَزَّ نَظِيرُها
فَسَعْداً لأَمْلاكٍ عَلَيْكَ اعْتمِادُها / وَفَخْراً لأيّامٍ إِلَيْكَ مَصِيرُها
لَقَدْ عَطَّرَ الدُّنْيا ثَناؤُكَ فَانْثَنى / بِهِ ذا كَسادٍ مِسْكُها وَعَبِيرُها
فَتاهَتْ بِذِكْراهُ الْبِلادُ وَأَهُلُها / وَهَبَّتْ بِرَيّاهُ الصِّبا وَدَبُورُها
مَلأْتَ بِهِ الآفاقَ طِيباً مَتى دَعا / إِلى نَشْرِهِ الآَمالَ خَفَّ وَقُورُها
فَجِئتُكَ ذا نَفْسٍ يُقَيِّدُها الْجَوى / وَقَدْ كادَ حُسْنُ الظَّنِّ فِيكَ يُطِيرُها
رَمِيمٍ أُزَجِّيها إِلَيْكَ لَعَلَّهُ / يَكُونُ بِنُعْمى راحَتَيْكَ نُشُورُها
وَلَسْتُ بِشاكٍ مُدَّةَ الْخَطْبِ بَعْدَها / وَأَوَّلُ إِفْضائِي إِلَيْكَ أَخِيرُها
أَبْلِغْ أَبا الْفَضْلِ الَّذِي شَهِدَتْ
أَبْلِغْ أَبا الْفَضْلِ الَّذِي شَهِدَتْ / بِالْفَضْلِ مِنْهُ الْبَدْوُ والْحَضْرُ
الْعُذْرُ عَنْدَكَ لا يَسُوغُ وَلِي / فِي أَنْ أَطِيلَ عَتابَكَ الْعُذْرُ
أَيَجُوزُ فِي حُكْمِ الْمُرُؤَةِ أَنْ / أَظْما وَدُونَ سَماحِكَ الْبَحْرُ
وَالسَّبْتُ مِنْ شَرْطِ الْمُدامِ وَلا / سِيمَا وَثَوْبُ زَمانهِ الْقُرُّ
وَلَدَيَّ بَدْرٌ لُوْ تَأَمَّلَهُ / يُوْماً لتاهَ بِحُسْنِهِ الْبَدْرُ
لا الْبَذْلُ شِيمَتُهُ وَلا الِفَتىً / عَرَفَ الْهوى عَنْ مِثْلِهِ صَبْرُ
فِي خُلْقِهِ سَرَسٌ وَلَيْسَ يُرى / إلاّ التَّمَتُّعُ مِنْهُ وَالْهَجْرُ
فَابْعَثْ لَنا خَمْراً يُراضُ بِها / فَعَسى يُذَلِّلُ صَعْبهُ الْخَمْرُ
وَالسُّكْرُ قَدْ ضَمِنَ الْوِصالَ لَنا / وَلَكَمْ وَفى بِضمانِهِ السُّكْرُ
سارِعْ إلى كَرَمٍ يُحازُ بِهِ الْ / شُّكْرُ الْجَمِيلُ وَيُعْدَمُ الأَجْرُ
هِيَ الدِّيارُ فَعُجْ فِي رَسْمِها الْعارِي
هِيَ الدِّيارُ فَعُجْ فِي رَسْمِها الْعارِي / إِنْ كانَ يُغْنِكَ تَعْرِيجٌ عَلَى دارِ
إِنْ يَخْلُ طَرْفُكَ مِنْ سُكَانِها فَبِها / ما يَمْلأُ الْقَلْبَ مِنْ شَوْقٍ وَتَذْكارِ
يا عُمْرُو ما وَقْفَةٌ فِي رَسْمِ مَنْزِلَةٍ / أَثارَ شَوْقَكَ فِيها مَحْوُ آثارِ
أَنْكَرْتَ فِيها الْهَوى ثُمَّ اعْتَرَفْتَ بِهِ / وَما اعْتِرافُكَ إلاّ دَمْعُكَ الْجارِي
تَشْجُو الدِّيارُ وَما يَشْجُو أَخا كَمَدٍ / مِنَ الْهَوى مِثْلُ دارٍ ذاتِ إفْقارِ
يا حَبَّذا مَنْزِلٌ بالسَّفِحِ مِنْ إِضَمٍ / وَدِمْنَةٌ بِلوى خَبْتٍ وَتعِشْارِ
وَحَبَّذا أُصُلٌ يُمْسِي يَجَرُّ بِها / ذَيْلُ النَّسِيمِ عَلَى مَيْثاءِ مَعْطارِ
لُوْ كُنْتُ ناسِيَ عَهْدٍ مِنْ تَقادُمِهِ / نَسِيتُ فِيها لُباناتِي وَأَوْطارِي
أَيّامَ يَفْتِكُ فِيها غَيْرَ مُرْتَقَبٍ / طَبْيُ الْكِناسِ بِلَيْثِ الْغابَةِ الضّارِي
يَصْبُو إِليَّ وَيُصْبِي كُلِّ مُنْفَرِدٍ / بِالدَّلِّ وَالْحُسْنِ مِنْ بادٍ وَمِنْ قارِ
لا أُرْسِلُ اللَّحْظَ إلاّ كانَ مَوْقِعُهُ / عَلَى شُمُوسٍ مُنِيراتٍ وَأَقْمارِ
ما أَطْيَبَ الْعَيْشَ لَوْ أَنِّي وَفَدْتُ بِهِ / عَلَى شَبابٍ وَدَهْرٍ غَيْرِ غَدّارِ
اَلآنَ قَدْ هَجَرَتْ نَفْسِي غَوايَتَها / وَحانَ بَعْدَ حُلُولِ الشِّيْبِ إِقْصارِي
وَالْعَيْشُ ما صَحِبَ الْفِتْيانُ دَهْرَهُمُ / مُقَسَّمُ بَيْنَ إِحْلاءٍ وإِمْرارِ
يا مَنْ بِمُجْتُمُعِ الشَّطَّيْنِ إِنْ عَصَفَتْ / بِكُمْ رِياحِي فَقَدْ قَدَّمْتُ إِعْذارِي
لا تُنْكِرُنَّ رِحِيلِي عَنْ دِيارِكُمُ / لَيْسَ الْكَرِيمُ عَلَى ضَيْمِ بِصَبّارِ
يَأْبى لِيَ الضَّيْمَ فُرْسانُ الْخِلاجِ وَما / حَبَّرْتُ مِنْ غُرَرٍ تُهْدى وَأَشْعارِ
وَقَدْ غَدَوْتُ بِعِزِّ الدِّينِ مُعْتَصِماً / إِنَّ الْكِرامَ عَلَى الأَيّامِ أَنْصارِي
مَلْكٌ إِذا ذُكِرَتْ يُوْماً مَواهِبُهُ / أَثْرى الرَّجاءُ بِها مِنْ بَعْدِ إِقْتارِ
يُعْطِيكَ جُوداً عَلَى الإِقْلال تَحْسَبُهُ / وافاكَ عَنْ نَشَبٍ جَمٍّ وَإِكْثارِ
رَيّانُ مِنْ كَرَمٍ مَلآنُ مِنْ هِمَمٍ / كَأَنَّهُ السَّيْفُ بَيْنَ الْماءِ وَالنّارِ
لَيْسَ الْجَوادُ جُواداً ما جَرى مَثَلٌ / حَتّى يَكُونَ كَحَسّانِ بْنِ مِسْمارِ
الْواهِبُ الْخَيْل إِمّا جِئْتَ زائِرَهُ / أَقَلَّ سَرْجَكَ مِنْها كُلُّ طَيّارِ
اَلطّاعِنُ الطَّعْنَةَ الْفَوْهاءَ جائِشَةً / تَرُدُّ طاعِنَها عَنْها بِتَيارِ
يَكادُ يَنْفُذُ فِيها حِينَ يُنْفِذُها / لُوْلا عُبابُ دَمٍ مِنْ فُوْرِها جارِ
تَلْقى السِّنانَ بِها وَالسَّرْدَ تَحْسَبُهُ / ما ضَلَّ منْ فُتُلٍ فِيها وَمِسْبارِ
فِي كَفِّهِ سَيْفُ مِسْمارَ الَّذِي شَقِيَتْ / هامُ الْمُلُوكِ بِهِ أَيّامَ سِنْجارِ
لاَ يَأْمُلُ الرّزْقَ إلاّ مِنْ مَضارِبِهِ / فَرْسُ الْهُمامِ بِأَنْيابٍ وَأَظْفارِ
نِعْمَ الْمُناخُ لِشُعْثٍ فَوْتِ مَهْلَكَةٍ / أَرْماقِ مَسْغَبَةٍ أنْضاءِ أَسْفارِ
لا يَشْتَكُونَ لَدَيْهِ الْمَحْلَ فِي سَنَةٍ / يَشْكُو بِها السَّغَبَ الْمَقْرِيُّ وَالقَارِي
سَحابُ جُوْدٍ عَلَى الرّاجِينَ مُنْهَمِلٍ / وَبَحْرُ جُودٍ عَلَى الْعافِينَ زَخّارِ
إذا تَرَحَّلَ عَنْ دارٍ أَقامَ لَهُ / مِنَ الصَّنائِعِ فِيها خَيْرُ آثارِ
كَالْغَيْثِ أَقْلَعَ مَحْمُوداً وَخَلَّفَ ما / يُرْضِيكَ مِنْ زَهَرٍ غَضٍّ وَنُوّارِ
تَبْقى الذَّخائِرُ مِنْ فَضْلاتِ نائِلِهِ / كَأَنَّها غُدُرٌ مِنْ بَعْدِ أَمْطارِ
مُظَفَّرُ الْعَزْمِ ما تَأْلُو مُوَفَّقَةً / آراؤُهُ بَيْنَ إِيْرادٍ وَإِصْدارِ
سامٍ إلى الشَّرَفِ الْممْنُوعِ جانِبُهُ / نامٍ إِلى الْحَسَبِ الْعَارِي مِنَ الْعارِ
مُخَوَّلٌ فِي جَنابٍ يَيْتَ مَمْلَكَةٍ / عَزُّوا بِهِ وَأَذَلُّوا كُلَّ جَبّارِ
أَيّامَ كَلْبٌ لَها ما بَيْنَ جُوسِيَةٍ / وَبَيْنَ غَزَّةَ مِنْ رِيفٍ وَأَمْصارِ
يَقُودُها مِنْ سِنانٍ عَزْمُ مُتَّقِدٍ / أَمامَها كَسِنانِ الصَّعْدَةِ الْوارِي
تَرْمِي بأَعُيُنِها فِي كُلِّ داجِيةٍ / مِنْهُ إلى كَوْكَبٍ بِالسَّعْدِ سَيّارِ
يَبِيتُ كلُّ ثَقِيلِ الرُّمْحِ حامِلُه / فِي سَرْجِ كُلِّ خَفِيفِ اللِّبْدِ مِغْوارِ
مُجْدٌ تَأَثَّلَ فِي نَجْدٍ أَوائِلُهُ / وَشِيد بِالشّامِ مِنْهُ الطّارِفُ الطّارِي
يَا بْنَ الْكرِامِ الأُلى ما زالَ مَجْدُهُمُ / مُغْرىً بِقِلَّةِ أشْباهٍ وَأَنْظارِ
اَلْمانِعِينَ غَداةَ الْخَوْفِ جارهُمُ / وَالْحافِظِينَ بِغَيْبٍ حُرْمَةَ الْجَارِ
بِيضُ الْعَوارِفِ أَغْمارٌ إِذا وَهَبُوا / جُوداً وَلَيْسُوا إِذا عُدُّوا بِأَغْمارِ
لا يَصْحَبُ الدَّهْرُ مِنْهُمْ طُولَ ما ذُكِرُوا / إِلاّ الثَّناءُ وَإلاّ طِيبُ أَخْبارِ
إِنَّ الْعَشائِرَ مِنْ أَحْياءِ ذِي يَمَنٍ / لَمّا بَغَوْكَ جَرَوْا فِي غَيْرِ مِضْمارِ
أَصْحَرْتَ إِذْ مَدَّ بِالْمِدّانِ سَيْلُهُمُ / وَاللَّيْثُ لا يُتَّقى مِنْ غَيْرِ إِصْحارِ
سالُوا فَأَغْرَقَهُمْ قطر نضحت به / ما كل سبل على خيل بجرار
مالوا فقوم منهم كل مناظر / طَعْنٌ يُعَدِّلُ مِنْهُمْ كُلَّ جُوّارِ
حَتّى إِذا نَهَتِ الأُولى فَما انْتَفَعُوا / بِالنَّهْي وَالْبَغْيُ فِيهِمْ شَرُّ أَمّارِ
أَبَحْتَها وَحَمَيْتَ الشّامَ معْتقِداً / أَنْ لَيْسَ يَنْفَعُ إِلاّ كُلُّ ضَرّارِ
قَدْ نابَكَ الدَّهْرُ أَزْماناً بِغَيْرِهِمِ / فَظَلَّ يَغْمِزُ عُوداً غَيْرَ خُوّارِ
وَكَمْ أَبَتَّ عَلَى ثَأْرٍ ذَوِي ضَغَنٍ / وَلَمْ تَبِتْ قَطُّ مِنْ قُوْمٍ عَلَى ثارِ
إِنْ زُرْتُ دارَكَ عنْ شَوْقٍ فَمَجْدُكَ بِي / أَوْلى وَما كُلُّ مُشْتاقٍ بِزَوّارِ
لَيْسَ الْمُطِيقُونَ حِجَّ الْبَيْتِ ما تَرَكُوا / فَرِيضَةَ الْحَجِّ عَنْ زُهْدٍ بِأَبْرارِ
وَقَدْ أَتَيْتُكَ أَسْتَعْدِي عَلى زَمَنٍ / لا يَشْرَبُ الْحُرُّ فِيهِ غَيْرَ أَكْدارِ
مُوَكِّلُ الْجُوْرِ بِالأَحْرارِ يَقْصِدُهُمْ / كَأَنَّهُ عِنْدُهُمْ طَلاّبُ أَوْتارِ
وَالْحَمْدُ أَنْفَسُ مَذْخُورٍ تَفَوزُ بِهِ / فَخُذْ بِحظِّكَ مِنْ عُونِي وَأَبْكارِي
مِنَ الْقَوافِي الَّتِي ما زِلْتُ أُودِعُها / عُلالَةَ الرَّكْبِ مِنْ غادٍ وَمِنْ سارِ
إِنَّ السِّماحَةَ َأُولاها وَآخِرَها / فِي كَفِّ كُلِّ يَمانٍ يَا بْنَ مِسْمارِ
لا تَسْقِنِي بسِوى جَدْوى يَدَيْكَ فَما / يُرْوِي مِنَ السُّحْبِ إِلاّ كُلُّ مِدْرارِ
وَلَسْتُ أَوَّلَ راج قادَهُ أَمَلٌ / قَدْ راحَ مِنْكَ عَلَى شَقْراءَ مِحْضارِ
جَرى لَكَ بِالتَّوْفِيقِ أَيْمَنُ طائِرِ
جَرى لَكَ بِالتَّوْفِيقِ أَيْمَنُ طائِرِ / وَمُلِّيتَ مَأْثُورَ الْعُلى وَالْمآثِرِ
وَأَيَّدَكَ اللهُ الْعِليُّ ثَناؤُهُ / بَعاجِلِ نَصْرٍ خالِدِ الْعِزِّ قاهِرِ
وَلا زِلْتَ وَرّاداً إِلى كُلِّ مَفْخَرٍ / مَوارِدَ مَحْمُودٍ سَعِيدِ الْمَصادِرِ
لَقَدْ دَلَّ تَشْرِيفُ الْخَلِيفَةِ أَنَّهُ / بِخَيْرِ بَنِي أَيّامِهِ خَيْرُ خابِرِ
وَأَنَّ لَهُ فِي حَوْطَةِ الدِّينِ هِمَّةً / بِها يَسْتَحِقُّ النَّصْرَ مِنْ كُلِّ ناصِرِ
تَسَرْبَلْتَ عَضْبَ الدَّوْلَةِ الْمُلْكَ فَخْرَهُ / وَما الْفَخْرُ إِلاّ لِلسُّيُوفِ الْبَواتِرِ
وما جَهِلَتْ نُعْماهُ عِنْدَكَ قَدْرَها / وَقَدْ كَشَفَتْ عَمّا طَوى فِي الْضّمائِرِ
وَما نَبَّهَتْ إِلاّ عَلَى ذِي نَباهَةٍ / كَما سُقِي الرَّوْضُ الْخَطِيبُ بِماطِرِ
وَما كانَ إِلاّ الْعَنْبَرَ الْوَرْدَ فِعْلُهُ / أُضِيفَ إِلى نَشْرٍ مِنَ الْمِسْكِ عاطِرِ
وَما شاءَ إلاّ أَنْ تُحَقِّقَ عِنْدَهُ / مَحَلَّكَ مِنْ طاوٍ هَواهُ وَناشِرِ
وَأَنَّكَ مَعْقُودٌ بِأَكْبرِ هِمَّةٍ / وَأَنَّكَ مَعْدُودٌ لَهُ فِي الذَّخائِرِ
وَلَيْسَ يَبِينُ الدَّهْرَ إِخْلاصُ باطِنٍ / إذا أَنْتَ لَمْ تُدْلَلْ عَلَيْهِ بِظاهِرِ
رَآكَ بِعَيْنِ اللُّبِّ أَبْعَدَ فِي الْعُلى / وَأَسْعَدَ مِنْ زُهْرِ النُّجُومِ الْبَواهِرِ
وَأَبْهى مَحَلاً فِي الْقُلُوبِ وَمَوْقِعاً / وَأَشْهى إِلى لَحْظِ الْعُيُونِ النَّواظِرِ
وَأَطْعَمَ فِي الَّلأْواءِ والدَّهْرُ ساغِبٌ / وَأَطْعَنَ فِي صَدْرِ الْكَمِيِّ الْمَغامِرِ
فَناهَزَ فَخْراً باصْطِفائِكَ عاجِلاً / عَلَى كُلِّ باقٍ فِي الزّمانِ وَغابِرِ
وَما ذاكَ مِنْ فِعْلِ الْخَلِيفَةِ مُنْكَرٌ / وَلا عَجَبٌ فيض البحور الزواخر
وما عد إلا من مناقبه التي / مثلن بِهِ فِي الفِعْلِ طِيبَ الْعَناصِرِ
وَما كانَ تَأْثِيلٌ شَرِيفٌ وَسُؤْدُدٌ / لِيُنْكَرَ مِنْ أَهْلِ النُّهَى وَالْبَصائِرِ
وأَنْتَ الَّذِي مِنْ بَأْسِهِ فِي جَحافِلٍ / وَمِنْ مَجْدِهِ فِي أُسْرَةٍ وَعَشائِرِ
بِعَزْماتِ مَجْدٍ ثاقِباتٌ هُمُومُها / وَآراءِ مَلْكٍ مُحْصَداتِ الْمَرائِرِ
يَراها ذَوُو الأَضْغانِ بَثَّ حَبائِلٍ / وَما هِيَ إلاّ أَسْهُمٌ فِي الْمَناحِرِ
وَآياتُ مَجْدٍ باهِراتٌ كَأَنَّها / بَدائِعُ تَأْتِي بِالْمَعانِي النَّوادِر
وَأَخْلاقُ مَعْشُوقِ السَّجايا كَأَنَّما / سَقاكَ بِها كَأْسَ النَّدِيمِ الْمُعاقِرِ
يَبيتُ بَعِيداً أَنْ تُوَجَّهَ وَصْمَةٌ / عَلَى عِرْضِهِ والدَّهْرُ باقِي الْمَعايرِ
إِذا دَفَعَ الطُّلابَ إِلْحاحُ لَزْبَةٍ / فأَنْتَ الَّذِي لا يَتَّقِي بِالْمُعاذِرِ
وَما لِلْبُدُورِ أَنْ تَكُفَّ ضِياءَها / وَلا الْبُخْلُ فِي طَبْعِ الْغَمامِ البَواكِرِ
لَعَمْرِي لَقَدْ أَتْعَبْتَ بِالْحَمْدِ مَنْطِقِي / وَأَكْثَرتَ مِنْ شُغْلِ الْقَوافِي السَّوائِرِ
وَما نَوَّهَتْ مِنْكَ الْقَوافِي بِخامِلٍ / وَلكِنْ رَأْيْتُ الشِّعْرَ قَيْدَ الْمَفاخِرِ
إِذا أَنْتَ لَمْ تَجْعَلْ لَهُ مِنْكَ جانِباً / فَمَنْ يَقْتَنِي الْحَمْدَ اقْتِناءَ الْجَواهِرِ
وَما زِلْتَ مَشْغُوفاً لَدَيَّ مُتَيَّماً / بِكُلِّ رَداحٍ مِنْ بَناتِ الْخَواطِرِ
لَهُنَّ إِذا وافَيْنَ مَجْدَكَ قُرْبَةُ الْ / حِسانِ وَدَلُّ الآنِساتِ الْغَرائِرِ
يَرِدْنَ رَبِيعاً مِنْ جَنابِكَ مُمْرِعاً / وَيَرْتَعْنَ فِي إِثْرِ الْغُيُومِ الْمَواطِرِ
وَإِنِّي لَقَوّالٌ لِكُلِّ قَصِيدَةٍ / إِذا قِيلَ شِعْرٌ أَقْحَمَتْ كُلَّ شاعِرِ
فَمِنْ كَلِمٍ يَكْلُمِنْ أَكْبادَ جُسَّدِي / وَمِنْ فِقَرٍ تَرْمِيهِمْ بِالفَواقِرِ
ألا لَيْتَ شِعَرِي هَلْ أَفُوزُ بِدَوْلَةٍ / تُصَرِّفُ كَفِّي فِي عِنانِ الْمَقادِرِ
وَهَلْ تَنَهْضُ الأَيّامُ بِي فِي مَقاوِمٍ / تَطُولُ بِناهٍ لِلزَّمانِ وَآمِرِ
فإِنَّ مِنَ الْعَجْزِ الْمُبِينِ وَأَنْتَ لي / نُزُولِي عَلَى حُكْمِ اللَّيالِي الْجَوائِرِ
أَلا هكَذا فَلْيُحْرِزِ الْحَمْدَ وَالأَجْرا
أَلا هكَذا فَلْيُحْرِزِ الْحَمْدَ وَالأَجْرا / وَيَحْوِ جَميلَ الذِّكْرِ مَنْ طَلَبَ الذِّكْرا
لَقَدْ كَرَّمَ اللهُ ابْنَ دَهْرٍ تَسُودُهُ / وَشَرَّفَ يا تاجَ الْمُلُوكِ بِكَ الدَّهْرا
وَمَنَّ عَلَى هذا الزَّمانِ وَأَهْلِهِ / بِأَرْوَعَ لا يَعْصِي الزَّمانُ لَهُ أَمْرا
حُسامُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ تَكنْ / حُساماً لَهُ فَلْيَقْتُلِ الْخَوْفَ وَالْفَقْرا
هَزَزْناكَ لَدْناً وانْتَضَيْناكَ صارِماً / فَطُلْتَ الْقَنا صُمَّاً وَغُلْتَ الظُّبى بُتْرا
حُساماً نَرى ِي صَفْحِهِ الصَّفْحَ وَالنَّدى / وَفِي حَدِّهِ الْجَدَّ الْمُظَفَّرَ والنَّصْرا
وَفِي قُرْبِهِ الزُّلْفى وَفِي نَيْلِهِ الْعُلى / وَفِي حُكْمِهِ الْبُقْيا وَفِي ظِلِّهِ الْيُسْرا
فَتىً لا يَرى إِلاّ الْمَحامِدَ مَغْنَماً / وَلا يَقْتَنِي إِلاّ الثَّناءَ لَهُ ذُخْرا
وَمُقْرَبَةً جُرْداً وَزُغْفاً سَوابِغاً / وَهِنْدِيَّةً بِيضاً وَخَطِّيَّةً سُمْرا
إِذا صالَ بَأْساً قَطَّعَ الْبِيضَ وَالْقَنا / وَإِنْ فاضَ جُوداً بخَّلَ الدَّيَمَ الْغُزْرا
لَعَمْرِ لَئِنْ أَعْدَتْ أَنامِلُكَ الْحَيا / سَماحاً لَقَدْ أَعْدَتْ شَمائِلُكَ الْخَمْرا
وَكائِنْ مَنَحْتَ الرّاحَ مِنْ خُلْقِكَ الصَّفا / وَأَكْسَبْتَها مِنْ نَشْرِكَ الطَّيِّبِ النَّشْرا
وَأَوْدَعْتَها مِنْ حَدِّ بَأْسِكَ سَورَةً / وَعَلَّمْتَها مِنْ أَرْيَحِيَّتِكَ السُّكْرا
كَأَنَّ الثُّرَيّا تَلْثِمُ الْبَدْرَ كُلَّما / تَمَطَّقْتَها فِي الْكَأْسِ عانِسَةً بِكْرا
أَبا الأَْنجُمِ الزُّهْر الأُولى لَوْ تَحَلَّتِ السَّ / ماءُ بِهِمْ لَمْ تَحْفِلِ الأَنْجُمَ الزُّهْرا
إِذا واحدٌ مِنْهُمْ جَلَتْهُ مَخِيلَةٌ / تَبَيَّنْتَ فِي أَعْطافِهِ الْعَسْكَرَ الْمَجْرا
وَكَمْ لَيْثِ غابٍ كانَ شِبلاً مُرَيَّناً / وَعادِيِّ نَبْعِ قَدْ غَدا غُصُناً نَضْرا
رَجَوْتُكَ بَحْراً يُخْجِلُ الْبَحْرَ نائِلاً / وَزُرْتُكَ بَدْراً جَلَّ أَنْ يُشْبِهَ الْبَدْرا
وَقَدْ خَطَبَ الأَمْلاكُ مَدْحِي فَصُنْتُهُ / لأكْرَمِهِمْ نَجْراً وَأَشْرَفهِمْ قَدْرا
وَما كانَ لِي أَنْ لا أَزُفَّ عَرائِسِي / إِلَيْكَ وَقَدْ أَغْلَيْتَها دُونَهُمْ مَهْرا
جَعَلْتُ لَها مِنْ مَدْحِكَ الْفاخِرِ الْحُلى / وَمِنْ جُودِكَ النُّعْمى وَمِنْ ظِلِّكَ الْخِدْرا
وَإِنْ طالَ عُمْرٌ لَمْ تُقَصِّرْ غَرائِبٌ / يَعُزُّ اللَّيالِي أَنْ تُطاوِلَها عُمْرا
بَدائِعُ إِنْ بَغْدادُ هامَتْ بِحُبِّها / فَفَدْ تَيَّمَتْ مِنْ قَبْلِها وَشَجَتْ مِصْرا
وَوَاللهِ لا أَغْبَبْتُ شُكْراً وَسَمْتُهُ / بِمَدْحِكَ ذا ما اسْتَوجَبَ الْمُحْسِنُ الشُّكْرا
لِيَلْبَسَ جِيدُ الْمَجْدَ مِنْ حَلْيِ مَنْطِقِي / قَلائِدَ دُرٍّ تَزْدَرِي عِنْدَهُ الدُّرّا
إِذا قُلْتُ فِي تاجِ الْمُلُكِ قَصِيدَةً / مِنَ الشِّعْرِ قالُوا قَدْ مَدَحْتَ بِهِ الشِّعْرا
أَظُنُّ الدَّهْرَ جاءَكَ مُستَثِيراً
أَظُنُّ الدَّهْرَ جاءَكَ مُستَثِيراً / فَقَدْ أَحْقَدْتَهُ كَرَماً وَخِيرا
تَبِيتُ عَلى نَوائِبه مُعِيناً / وَتُضْحِي مِنْ حَوادِثِهِ مُجِيرا
وَتَصْرِفُ صَرْفَهُ عَنْ كُلِّ حُرٍّ / وَتَمْنَعُ خَطْبَهُ مِنْ أَنْ يَجُورا
فَكَمْ أَنْقَذْتَ مِنْ تَلَفٍ أَخِيذاً / وَكَمْ أَطْلَقْتَ مِنْ عُدْمٍ أَسِيرا
فَلا عَجَبٌ وَإِنْ وافى بِأَوفى الْ / فَوادِحِ أَنْ يَسُوءَ وَأَنْ يَسُورا
وَهَلْ قَصَدَ الزَّمانُ سِوى كَرِيمٍ / حَماهُ أَنْ يَضِيمَ وَأَنْ يَضِيرا
وَما زالَتْ صُرُوفُ الدَّهْرِ تَحْدُو / إِلى الأَخْيارِ شَراً مُسْتَطِيرا
تُسِيءُ إِلى ذَوِي الْحُسْنى وَتَحْبُو / مُقَيِلَ عِثارِها الْجَدَّ الْعَثُورا
وَلَوْ راعى ذَوِي الأَخْطارِ دَهْرٌ / رَعى ذا الْمَجْدَ وَالشَّرَفَ الْخَطِيرا
وَلَو دُفِعَ الْحِمامُ بِعِزِّ قَوْمٍ / لَكُنْتَ أَعَزَّ ذِي عِنٍّ نَصِيراً
هُوَ الْقَدَرُ الَّذِي لَمْ تَلْقَ خَلْقاً / عَلَى دَفْعٍ لَهُ أَبَداً قَدِيرا
سَواءٌ مَنْ يَقُودُ إِلَيْهِ جَيْشاً / وَمَنْ يَحْدُو مِنَ الأَقْوامِ عِيرا
وَما ينَفْكُّ هذا الدَّهْرُ حَتّى / يَصِيرَ إِلى الْفَناءِ بِنا الْمَصِيرا
فيا لِيَ مِنْهُ صَوّالاً فَتُوكاً / وَيا لِيَ مِنْهُ خَلاّباً سَحُورا
كَذلِكَ شِيمَةُ الأَيّامِ فِينا / تَسُوءُ حَقِيقَةً وَتَسُرُّ زُورا
وَكَمْ سُكّانِ دُنْياً لَوْ أَفاقُوا / لَما سَكَنَتْ قُلُوبُهُمُ الصُّدُورا
أَهَبَّ عَلَيْهِمُ الْحَدَثانُ رِيحاً / بِكُلِّ عَجاجَةٍ تُغْري مُثِيرا
تَحَدّاهُمْ كَأَنًَّ عَلَيْهِ فِيهِمْ / يَمِيناً أَوْ قَضى بِهمُ النُّذُورا
فَيا عَيْشا مُنِحْناهُ خِداعاً / وَيا دُنْيا صَحِبْناها غُرُورا
وَيا دَهْراً أَهابَ بِنا رَداهُ / لِيُتْبِعَ أَوَّلاً مِنّا أَخِيرا
أَما تَنْصَدُّ وَيْحَكَ عَنْ فَعالٍ / ذَمِيمٍ لا تَرى فِيهِ عَذِيرا
سَمَوتَ إلى سَماءِ الْفَخْرِ حَتّى / تَناوَلْتَ الْهِلالَ الْمُسْتَنِيرا
وَطُفْتَ بِدَوْحَةِ الْعَلْياءِ حَتّى / خَلَسْتَ بِكَيْدِكَ الْغُصْنَ النَّضِيرا
كأَنَّ أَبا الْغَنائِمِ كانَ مِمَّنْ / تَعُدُّ وَفاتَهُ غُنْماً كَبِيرا
كَأَنَّكَ كُنْتَ تَطْلُبُهُ بِثَأْرٍ / غَشُومٍ لا تَرى عَنْهُ قُصُورا
خَطَوْتَ الْعالَمِينَ إِلَيْهِ قَصْداً / كَأَنَّكَ قَدْ سَأَلْتَ بِهِ خَبِيرا
إِلى أَنْ أَغْمَدَتْ كَفّاكَ مِنْهُ / حُساماً زانَ حامِلَهُ شَهِيرا
مُصابٌ لَوْ تَحَمَّلَهُ ثَبِيرٌ / دَعا وَيْلاً وَأَتْبَعَها ثُبُورا
يُذَكِّرُنِي سَدِيدَ الْمُلْكِ وَجْداً / وَكُنْتُ لِمِثْلِهِ أَبَداً ذَكُورا
فَما أَطْفَأْتَ مِنْ نارٍ لَهِيباً / إِلى أَنْ عُدْتَ تُذْكِيها سَعِيرا
وَما طالَ الْمَدى فَيَسُوعَ عُذْرٌ / بِأَنْ يَكْبُوا الْجَوادُ وَاَنْ يَخُورا
قَصَرْتَ مَداهُ حَتّى كادَ يَوْماً / بِهِ أَنْ يَسْبِقُ النّاعِي الْبَشِيرا
وَلَمْ يَكْسُ الْفَتى كَمَداً طَوِيلاً / كَمَفْقُودٍ نَضى عُمْراً قَصِيرا
وَلَمْ أَجِدِ الْكَبِيرَ الرُّزْءِ إِلاّ / سَلِيلَ عُلاً فُجِعْتَ بِهِ صَغِيراً
عَلَى أَنَّ الْكِرامَ تَعُدُّ لَيْثاً / هَصُوراً مِنْهُمُ الرَّشَأَ الْغَرِيرا
تَرى أَيّامَهُمْ أَعْوامَ قَوْمٍ / وَساعاتِ الْفَتى مِنْهُمْ شُهُورا
فَلا يَبْعُدْ حِبِيبٌ بانَ عَنّا / وَإِنْ كانَ الْبعادُ بِهِ جَدِيرا
وَكَيْفَ دُنُوُّ مَنْ طَوَتِ اللَّيالِي / كَما تَطْوِي عَلَى الظَّنِّ الضَّمِيرا
فَيا رامِيهِ عَنْ قَوْسِ الْمَنايا / أَصَبْتَ بِواحِدٍ عَدَداً كَثِيرا
ويا راجيه يجعله ظهيراً / نبا لك حادث قطع الظهورا
ويا حاثِي التُّرابِ عَلَيْهِ مَهْلاً / كَسَفْتَ بَهاءَهُ ذاكَ الْبَهِيرا
فَلَو أَنِّي اسْتَطَعْتُ حَمَلْتُ عَنْهُ / ثَقِيلَ التُّرْبِ وَالْخَطْبَ الْكَبِيرا
أَصُونُ جَمالَهُ وَأُجِلُّ مِنْهُ / جَبِينَ الْبَدْرِ أَنْ يُمْسِي عَفِيرا
بِنَفْسِي نازِحٌ بِالغَيْبِ دانٍ / يُجاوِرُ مَعْشَراً غَيَباً حُضُورا
أَقامَ بِحَيْثُ لا يَهْوى مُقاماً / وَلا يَبْغِي إِلى جِهَةٍ مَسِيرا
وَلا هَجْراً يَوَدُّ وَلا وِصالاً / وَلا بَرْداً يُحِسُّ وَلا هَجِيرا
أَقُولُ سَقى مَحَلَّتَهُ غَمامٌ / يَمُرُّ بِها مِراراً لا مُرُوراً
وَرَوَّضَ ساحَتَيْهِ كَأَنَّ وَشْياً / يَحُلُّ بِها وَدِيباجاً نَشِيرا
إِذا خَطَرَ النَّسِيمُ عَلَيْهِ أَهْدى / إِلى زُوّارِهِ أَرَجاً عَطِيرا
وَما أَرَبِي لَهُ فِي ماءِ مُزْنٍ / وَقَدْ وَدَّعْتُ مِنْهُ حَياً مَطِيرا
وَلَوْلا عادَةُ السُّقْيا بِغَيْثٍ / إِذاً لَسَقَيْتُهُ الدُّرَّ النَّثِيرا
وَقَلَّ لِقَدْرِهِ مِنِّي وَقَلَّتْ / لَهُ زُهْرُ الْكَواكِبِ أَنْ تَغُورا
أَحِنُّ إِلى الصَّعِيدِ كَأَنَّ فِيهِ / شِفايَ إِذا مَرَرْتُ بِهِ حَسِيرا
وَاسْتافُ الثُّرى مَذْ حَلَّ فِيهِ / وَأَلْصِقُهُ التَّرائِبَ وَالنُّحُورا
وَلَوْلا قَبْرُهُ ما كُنْتُ يَوْماً / لأَلْثِمَهُ وَأَعْتَنِقَ الْقُبُورا
عَلَيْكَ بِأَدْمُعٍ آلَيْنَ أَلاّ / يَغِضْنَ وَلَوْ أَفَضْنَ دَماً غَزِيرا
يَزُرْنَكَ مُسْعِداتٍ مُنْجِداتٍ / رَواحاً بِالتَّفَجُّعِ أَوْ بُكورا
فَأَوْلى مَنْ يُقاسِمُكَ الأَسى فِي / خُطُوبِكَ مَنْ تُقاسِمُهُ السُّرُورا
وَلا تَعْلَقُ بِصَبْرٍ بَعْدَ بَدْرٍ / ذَمَمْنا الصَّبْرَ عَنْهُ والصَّبُورا
وَإِنْ قالُوا اسْتَرَدَّ الدَّهْرُ مِنْهُ / مُعاراً كَيْفَ تَمْنَعُهُ اْلمُعِيرا
فَلِمْ أَعطاكَهُ نَجْماً خَفِياً / وَعادَ لأَخْذِهِ قَمَراً مُنِيرا
أَبا الذَوّادِ ما كَبِدٌ أُذِيبَتْ / بِشافِيَةٍ وَلا قَلْبٌ أطِيرا
فَهلَْ لَكَ أَنْ تُراقِبَ فِيهِ يَوْماً / يُوَفّى الصَابِرونَ بِهِ الأُجُورا
وَلَوْلا أَنْ أَخافَ اللهَ مِنْ أَنْ / يَرانِي بَعْدَ إيمانٍ كَفُورا
لَما عَزَّيْتُ قَلْبَكَ عَنْ حَبِيبٍ / وَكُنْتُ بِأَنْ أُحَرِّقَهُ بَصِيرا
وَلَمْ نَعْهَدْكَ فِي سَرّاءِ حالٍ / وَلا ضَرّائِها إِلاّ شَكُورا
فَصَبْراً لِلْمُلِمِّ وإِنْ أَصَبْنا / جَناحَ الصَّبْرِ مُنْهاضاً كَسِيرا
أَلَمْ تَعْلَمْ وَكانَ أَبُوكَ مِمَّنْ / إِذا خَطَبَ الْعُلى أَغْلى الْمُهُورا
بِأَنَّكُمُ أَطَبُّ بِكُلِّ أَمْرٍ / إِذا ما ضَيَّعَ النّاسُ الأُمُورا
وَأَيُّ الْخَطْبِ يَنْقُصُ مِنْ عُلاكُمْ / وَأَيُّ النَّزْفِ يَنْتَزِحُ الْبُحُورا
وَأَيُّ عَواصِفِ الأَرْواحِ يَوْماً / تَهُبُّ فَتُقْلِقُ الطُّوْدَ الْوَقُورا
وَإِنَّكَ شائِدٌ وَأَخُوكَ مَجْداً / سَيَخْلُدُ ذِكْرُهُ حَسَناً أَثِيرا
إِذا وُقِّيتُما مِنْ كُلِّ خَطْبٍ / فَما نَبْغِي عَلَى زَمَنٍ ظَهِيرا
وَما الْقَمَرانِ إِذْ سَعِدا وَتَمّا / بِأَبْهَرَ مِنْكُما فِي الْفَضْلِ نُورا
أُرانِي لا أَسُومُ الصَّبْرَ قَلْبِي / فَأُدْرِكُهُ يَسِيرا أَوْ عَسِيرا
كَأَنِّي مُبْتَغٍ لَكُما شَبِيهاً / بِهِ أَوْ مُدَّعِ لَكُما نَظِيرا
فَلا أَخْلى الزَّمانُ لَكُمْ مَحَلاّ / وَ لاعَدِمَتْ سَماؤُكُمُ الْبُدُورا
أَطاعَكَ فِيما تَرُومُ الْقَدَرْ
أَطاعَكَ فِيما تَرُومُ الْقَدَرْ / وَأَسْفَرَ عَمّا تُحِبُّ السَّفَرْ
وَأَسْعَدَكَ اللهَ بِالْوِرْدِ مِنْهُ / وأَحْمَدَ بِالْيُمْنِ مِنْكَ الصَّدَرْ
يَزِيدُ مَسِيرُكَ ذا عِزَّةٍ / كَما ازْداد بِالسَّيْرِ نُورُ القَمَرْ
دَعاكَ الْهُمامُ لِنَيْلِ الْمَرامِ / فَكُنْتَ الْحُسامَ الْحَمِيدَ الأَثَرْ
رَأَى ثِقَةُ الْمُلْكِ عَوْناً لَهُ / فَباتَ عَلَى ثِقَةٍ بِالظَّفَرْ
وَلَمْ يَدْعُ ذُو خَطَرٍ لِلْمُلِمِّ / مِنَ الأَمْرِ إِلاّ الْعَظِيمَ الْخَطَرْ
بَقاؤُكَ أَشْرَفُ ما يُرْتَجى / وَأَوْبُكَ أَبْهَجُ ما يُنْتَظَرْ
أَسْعَدَ اللهُ بِالْمَسِيرِ وَأَعْطى
أَسْعَدَ اللهُ بِالْمَسِيرِ وَأَعْطى / فِيهِ عَزْمَ الْوَزِيرِ نَجْحاً وَنَصْرا
وَحَباهُ الْمُرادَ فِيهِ وَأَسْنى / مِنْهُ ذِكراً يَبْقى وَأَعْلاهُ قَدْرا
غَيْرُ نُكرٍ أَنْ تُدْرِكَ الْحَظَّ فِيهِ / كَمْ هِلالٍ قَدْ عادَ بِالسَّيْرِ بَدْرا
يا أَيُّها النَّجْمُ ما وَفَّيْتُهُ لَقَباً
يا أَيُّها النَّجْمُ ما وَفَّيْتُهُ لَقَباً / وَأَنْتَ بَدْرٌ وَمِنْكَ الْبَدْرُ يَعْتَذِرُ
أَخُوكَ شَمْسٌ عَلَى الأَيّامِ طالِعَةٌ / فَكَيْفَ يُنْكِرُ خَلْقٌ أَنَّكَ الْقَمَرُ
لِلهِ يَوْمٌ سَقانا اللَّهْوُ وَالْمَطَرُ
لِلهِ يَوْمٌ سَقانا اللَّهْوُ وَالْمَطَرُ / بِهِ وَأُحْمِدَ مِنّا الْوِرْدُ وَالصَّدَرُ
يَوْمٌ كَفانا مِنَ اللَّذّاتِ أَنَّ بِهِ / لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ حَتّى زارَنا الْقَمَرُ
فِي قامَةِ الْغُصْنِ إِلاّ اَنَّهُ رَشَأٌ / فِي طَلْعَةِ الْبَدْرِ إِلاّ أَنَّهُ بَشَرُ
زِيارَةٌ لَيْتَ يَوْمِي لا يَكُونُ لَهُ / فِيها عِشاءٌ وَلَيْلِي ما لَهُ سَحَرُ
بِنَفْسِي مَنْ تُضِيءُ بِهِ الدَّياجِي
بِنَفْسِي مَنْ تُضِيءُ بِهِ الدَّياجِي / وَيُظْلِمُ حِينَ يَبْتَسِمُ النَّهارُ
وَمَنْ أَمَلِي لِزَوْرَتِهِ غُرُورٌ / وَمَنْ نَوْمِي لِفُرْقَتِهِ غِرارُ
يُكَدَّرُ وَصْلُهُ وَالْوُدُّ صافٍ / وَيَبْعُدُ كُلَّما قَرُبَ الْمَزارُ
وَأَحْلى ما ظَفِرْتَ بهِ وِصالٌ / إِذا هُوَ لَمْ يَشِنْهُ الانْتِظارُ
دارٌ يَدُورُ بِها السُّرُورُ
دارٌ يَدُورُ بِها السُّرُورُ / أَبَداً وَيَسْكُنُها الْحُبُورُ
ما إِنْ تُخِلُّ بِمَجْلِسٍ / فِيهِ الْبُدُورُ أَوِ الْبُحُورُ
تَحْدُو الْكُؤُوسَ سُقاتُها / وَكَأَنَّها فَلَكٌ يَدُورُ
جَرى النَّهْرُ مِنْ شَوْقٍ إِلى ما حِلِ الثَّرى
جَرى النَّهْرُ مِنْ شَوْقٍ إِلى ما حِلِ الثَّرى / وَأَجْرَيْتُ دَمْعاً شاقَهُ الْمَنْزِلُ الْقَفْرُ
فَلَوْ كُنْتَ يَوْمَ الْبَيْنِ شاهِدَ عَبْرَتِي / وَعَبْرَتِهِ لَمْ تَدْرِ أَيُّهُما النَّهْرُ
فَيا نَهْرَ ثَوْرا قَدْ أَثَرْتَ مِنَ الْهَوى / دَفِيناً أَجَنَّتْهُ الْجَوانِحُ وَالصَّدْرُ
فَلَو كانَ لِي صَبْرٌ كَفَفْتُ مَدامِعِي / وَلكِنَّ مَنْ يَشْتاقُ لَيْسَ لَهُ صَبْرُ
ثَمَرٌ كَأَنَّ بِهِ الَّذِي
ثَمَرٌ كَأَنَّ بِهِ الَّذِي / بِي مِنْ جَوىً فِيه اصْفِرارُ
أَبْقى الْهَوى أَثَراً بِهِ / وَالسُّكْرُ يَتْبَعُهُ الْخُمارُ
خِيارٌ حِينَ تَنْسُبُهُ خِيارُ
خِيارٌ حِينَ تَنْسُبُهُ خِيارُ / لرَيْحانِ السُّرُورِ بِهِ اخْضِرارُ
كَأَنَّ نَسِيمَهُ أَنْفاسُ حِبٍّ / فَلَيْسَ لِمُغْرَمٍ عَنْهُ اصْطِبارُ