القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ الأَبّار الكل
المجموع : 23
أمبتسم الأضحَى ومَطلع الفِطرِ
أمبتسم الأضحَى ومَطلع الفِطرِ / أم الدّولَة الغَراء وَضاحَة البشرِ
ليالٍ وَأَيامٌ تَماثَلْنَ بَهجَةً / هيَ المِسكُ والكافور في اللونِ والنشرِ
عَبِيريةُ الرَّيا ربيعية الحُلَى / كَرَقراقَةٍ عَذراءَ تطلُعُ مِن خِدرِ
بِها اشتَمل الدهرُ المَحاسِنَ وارتَدى / وَمِنها استَمدت صفحة الشَّمسِ والبَدرِ
فَحَذيا كَما انهَلَّت شَآبِيبُ مُزنةٍ / وَدنيا كَما انشَق الكِمام عَن الزَّهرِ
ألا هُو شِبل البأسِ زارَ هِزَبرَه / فَقرَّ قَرارُ الناسِ منهُ عَلى الزأرِ
وَسَيلُ الندَى أَفضَى إِلى البَحرِ فَيضُه / وَما بَرِحت تُفضي السيولَ إلى البَحرِ
تَجلّى هِلالاً والسعود تَحفُّه / بهالَة بَدرِ المُلك في شُبْهَةِ الزُّهرِ
وَحَطَّ يَفاعاً شامخَ الأنفِ رحلَهُ / عَلى الجَبلِ الراسي من الفخرِ لا الصَخرِ
وَجاءَ كَما حيَّا الرياضَ نَسيمُها / عَلى قَدَرٍ ضَخم السرادِقِ والقَدْرِ
تَرَى السعدَ والإقبالَ واليمنَ حولهُ / تُواكِبه سبحا إلى جَيشِهِ المجرِي
وَقد أرْسَلتْ أمطارَها السُّحبُ خدمة / لهُ فأَحاطَتْ ساطِعَ النّقعِ بالقَطْرِ
ولَمْ تَستَطِعْ شمسُ الظهيرَة لَفحَه / بِما فَوْقَه مِن ظِلّ ألْوية النّصْرِ
مُنِيرٌ مُنيفٌ وَجْهُهُ ومَحَلُّه / عَلى القَصْرِ مِن لألائِهِ ما عَلى العَصْرِ
تَناصَرَتِ البُشرى بِيَومِ قُدومِهِ / عَلى الحَضرةِ العلياء في البدْوِ والحَضْرِ
وأَضْحَى بِهِ يَبْأَى سَريرٌ وَمِنْبَرٌ / كَبَأوِ اليَراع الصُّفر والأَسَل السُّمرِ
وكانَ عَلَى وَفْقِ الأمانِي وحُكْمِها / تَلاقي النّدى والوَرْد في الزّمنِ النضْرِ
زَكا زَكَرِياءُ المُبارَك مَنْشَأ / فَصَرّح عن مَعْروفِهِ نَابِتُ البَكرِ
وأُوتِيَ مِن آبائِهِ الحُكمُ والحِجَى / صَبِيّاً فكانَ الكهْلَ في بُرْدَةِ الغِرِّ
ورُبَّ صَغير في سِنيه سَنَاؤُه / جَليلٌ لَدى الجُلَّى كَبيرٌ عَن الكِبْرِ
كِنيُّ أبيه بُورِك اسْماً وكُنْيَةً / على النَّجلِ من وَسميْهما كرَمُ النَّجرِ
ويَسْرِي إلى الأرْواحِ مِنْهَا حُبورُها / كَمِثل سُرَى الأرْواحِ في غُرّةِ الفَجْرِ
هُمَامٌ يَدِقُّ المَدْحُ عَنْهُ جَلالةً / ولَو صِيغَت الشِّعرَى لهُ بَدَلَ الشِّعرِ
إذا ما احتَبى في مَجلِسِ الملك أو حبا / فَقُل في الجبالِ الشُّمِّ والأبْحُرِ الخُضْرِ
لهُ الصَّدْرُ مِن بَيتِ الإمارَةِ رُتْبَةً / وحُقَّ لِذاكَ البَيتِ مرْتبَةُ الصَّدْرِ
تَولّعَ بِالْعَليا مَغيباً وَمَشْهدا / فَمِنْ خَبرٍ يُسلي الزّمانَ وَمِن خُبْرِ
وَأَرْبى عَلَى الأملاكِ مَجداً وَسُؤْدَداً / فجرَّ عَلى الأفلاكِ أرْدِيَة الفَخْرِ
يَهيمُ بِإعْدادِ العَتادِ لِبَذْلِهِ / وَيَهْوَى عَوانَ الحَرْب للفَتْكةِ البِكْرِ
وَلا يَرْتَضِي عِزّاً وَقُوداً لِنارِه / سِوى المَنْدَلِ الهِندِيِّ والعَنبرِ الشِّحْرِي
لَقَد آنَسَتْ نُورَ الهُدى مِنهُ تُونِسٌ / كَما آنَس الأُمّالُ نَارَ النَدَى الغَمرِ
أَقُول وَقد أمَّ الوُفودُ قِبَابَه / مُطنّبَةً فَوقَ السِّمَاكَيْنِ والنَّشْرِ
على رِسلِكُم إنّ الكَواكِبَ بَعضُ ما / تَدُوسُ مَطاياكُم إلى الكَوْكَبِ الدرِّي
هَنيئاً لأمْر اللّهِ أنْ شُدَّ أزْرُهُ / بِآل أَبي حَفص أُلى النّهي والأمْرِ
وَأنْ قامَ يَحيْى المُرْتَضى وَسَلِيلُه / لإظْهَارِهِ أثْنَاءَ قَاصِمَة الظَّهْرِ
أَميراً حَبا مِنْهُ أميراً بِمُلكِه / فأدْرَكَ ثَأر الدينِ في البَغْي والكفرِ
وقَلَّدَهُ العَهْدَ الإمَامِيَّ راضِياً / بِسيرَتِه الحُسْنَى وآثارِهِ الغُرِّ
فَناطَ نِجادَ السَيْف منه بِعاتِقي / نَجيدٍ وأَعطى القَوْس أبرعَ مَن يَبْرِي
وَما هِيَ إلا دَوْلَةٌ عُمَرِيَّةٌ / يَدومُ بِها الإقبالُ مُنْفَسِحَ العُمْرِ
تَرى غَدَها يَسْمُو إلَيْهَا وأمسَها / يُديمُ إليها اللحْظَ كَرّاً عَلى كَرِّ
قَضَتْ نَذْرَها الدُّنيا بتَأمينِ أهْلِها / وَفاءً فأوْفَوْا للدّيانَةِ بِالنّذْرِ
حَمَوْها كَما يَحْمي الهِزَبرُ عَرينَه / وأسيافُهم أمضَى من النابِ والظُّفرِ
ولَم تَكُن الدُّنيا لتَعدِلَ عَنْهُم / وَهُم فِئَة التّقوى وطائِفَة البِرِّ
أيمَّة عَدل أقسَطوا حينَ أسْقَطوا / عنِ الناسِ ما آدَ الرّقابَ مِن الإصْرِ
تُضيءُ دَياجيرَ الليالي وُجوهُهم / فَنَحنُ طوالَ الدَّهرِ في وَسطَ الشّهرِ
وَفَوْا بالذي أعْيا الأئِمّةَ قبْلَهُم / وأَعيْا فُحولَ النَّظْمِ قبليَ والنثْرِ
أولئِكَ حِزْبُ اللّهِ لا رَيْبَ فِيهِمُ / وَإن كُنت مُرْتاباً فَسل محكم الذكرِ
سَليل الهُدى والمَجدِ والجودِ هاكَها / مُضَمَّخَةً بالمَدْح والحَمد والشكرِ
هَدايا مِن المَنظومِ أَرجو قَبولَها / وَقد أَقبَلتْ تَخْتال في حَبَر الحَبرِ
عَلى أنّ أغْلَى المَدْحِ دُونَكَ قَاصِرٌ / ولَو كانَ مَقْصورَ البَيانِ عَلى السِحرِ
أَعِدْ نظَراً إلى الزَمنِ النَضيرِ
أَعِدْ نظَراً إلى الزَمنِ النَضيرِ / تَرَ الفَذَّ الوَحيدَ بِلا نَظيرِ
وما أَن لاحَ وَضَّاح المحيَّا / فقل إشراقُ بَدرٍ مُستَنيرِ
وَقَد برَقَت أسرَّتُه سُروراً / كَمثل وَميض برق مُستَطيرِ
كأنَّ نهارَه والليل صِيغَا / مِن الكافورِ والمِسكِ النَثيرِ
وَقد لبِسَ الأصيلُ هناكَ دِرعا / فَكأن علَيهِ رَدعاً في عَبيرِ
وَما متعَ الضُّحى إلا حَبانا / بِأَمتَعَ من مُحادَثة البَشيرِ
فمِنْ رِئي رَبيعيٍّ وَري / كإشراقِ الرياضِ عَلى الغَديرِ
تَبارَكَ مَن كَساه سَنىً وَحُسناً / وبارَكَ في الرواحِ وفي البكورِ
تَبَرّجَ أو تَبَلَّج فاشرَأَبَّتْ / لبَهجَتِهِ القُلوبُ مِن الصّديرِ
وَشَعشَعَ مِن سَنَاه فاستَتَبَّتْ / بَدائِع رُقْن من نَوْر ونُورِ
رأيتُ بِها العَذارَى طالِعاتٍ / شُموسا من سُموتٍ لِلخدورِ
مُضَمّخَةَ الذَوائِبِ بِالغَوالي / مُقَلّدَةَ الترائِب بالبخُورِ
أُعَاطي ذِكْرَها صَحبِي فَتَهفو / مَعاطِفُهم على حُكمِ السُرورِ
وَيَستَشرِي ارتِياحُهُم كأني / أصرّفُ بَينَهُم صَرْفَ الخُمورِ
فبُشرَى ثُم بُشرَى ثُمَّ بُشرَى / مُكرّرَةً عَلى كَرِّ العُصورِ
نطَقْتُ عَنِ المَكارِمِ والمَعالي / بِها وعَنِ المَنابِرِ والقُصورِ
وَعن دُنيا مُهنَّأةٍ ودينٍ / وَعن ذاتِ الصّليلِ وذي الصّريرِ
بِمَيْمُونِ المَطالِعِ والمَساعي / ومَأْمُون الستارِ أَو السُفُورِ
هِلالاً حَلَّ مَنْزِلَة الثريَّا / وَقَبَّل راحَة البَدْرِ المُنيرِ
وَشِبْلاً يَهْصُر الآسادَ بأساً / أَلَمَّ بغَابَة الأَسَد الهَصُورِ
ونَجْداً يَسْتَخِفُّ الشمّ حِلْماً / نَحا رضْوى وَحَطَّ عَلى ثَبيرِ
وَمُزْناً يَسْتَهِلُّ نَدىً وجُوداً / أَتى بَحراً يُطُمُّ عَلَى البُحورِ
أميرُ الدَّهْر يومٌ فيه وافَى / أبو يَحيَى الأمير ابنُ الأميرِ
لدارِ المُلك صَار وسار يُمْناً / فأسْعِدْ بالمَصيرِ وبالمَسيرِ
يؤُمُّ بها إمامَ العَدْلِ يَحْيَى / سرَاجاً كالسّريجِي الشّهيرِ
لِيُوسِعَها التِزاماً والتثاما / كَما ازْدَحم الحَجيجُ عَلى السُتورِ
وأَكرَمُ زائرٍ نجْلٌ أقرَّت / عُلاه عَيْن نَاجِلهِ المَزُورِ
تجلَّى يَمْلأ الدُّنيا جَلالاً / وأَكنافَ السهولَةِ والوُعورِ
فَكَم مِن أَنْفُس لِهُداهُ مِيلٌ / وَكَم مِن أعْينٍ لِسَناهُ صُورِ
وَجاشَتْ مِنْ حَوالَيْهِ جُيوشٌ / تَجُلُّ بِحارُهُنَّ عَن العُبورِ
وَراياتٌ كأَفْئِدَة الأَعادِي / إِذا خَفقت وأَجنحة الطيورِ
تُخَبِّر ألسُنُ العَيِيَاتِ عنْها / بِما يُعْيِي عَلَى اللسِنِ الخَبيرِ
فَإنْ تُصْبِحْ لَها الدُّنيا طُرُوساً / فَقَد صُفَّت عَلَيها كالسطورِ
هُمامٌ صِيغَ مِن كَرَم وَمجدٍ / وأُوتِيَ شيمتي خَيْرٍ وَخِيرِ
تَقَحّم غَمْرة الأخْطارِ لَمّا / سَما هِمَماً إِلى نَيْلِ الخَطيرِ
وأنْكَرُ ما لَديهِ غِرارُ سَيْفٍ / بِلا فَلٍّ ووَفرٌ في وُفورِ
وآنقُ ما يَكُرُّ اللحظَ فيهِ / نَجيعٌ حائِرٌ أثْناءَ مُورِ
يزور الحَرْب مُرْتاحاً إلَيها / ويَألفُ حِجْرَها دُونَ الحُجورِ
بِآيَةِ مَا غَذَتْهُ وأَرْضَعَتهُ / صَغيراً في حِجى الكَهلِ الكَبيرِ
وَسَلَّتْ مِنْه صدْق الضّربِ عَضْباً / مُبيراً كُلّ كَذّابٍ مُبيرِ
وَقوراً والجبالُ تخرُّ مِمَا / يُزَلزلُ جانِبَ الأرْضِ الوَقورِ
كأنَّ علَيهِ نَذْراً أنْ يُوَافي / رَجاها فَهوَ يُوفي بِالنذورِ
يَجُرُّ جُيوشَها حالاً فَحالا / ليَرتَفِعَ انتِصاباً لِلْهَجيرِ
ويختارُ السُّروج على الحَشايا / مِهاداً والحَديد عَلى الحَريرِ
غَدَتْ تهراق أنْصُلُه دِماءً / بِهامَةِ كلّ خَتَّارٍ فَخورِ
وتَقذفُها مُهَنّدَةً ذُكورا / وما قَذْفُ الرِّمَى شِيَمُ الذُّكورِ
وَإنْ فجَرتْ أعادِيه انْتِقاضاً / ولَجَّتْ في العُتوّ وفي النُّفورِ
فَماءُ حديدِهِ لهُمُ طَهُورٌ / يُصَبُّ عَلَيهِمُ بِيَد الطَّهورِ
ألَمْ ترَ كيفَ حاطَ الشّرْقَ رِدءاً / يَرى التّمكينَ مِنْ عَزْمِ الأمورِ
ومَلَّ الغرْبُ غرْبَ ظُباه عَوداً / ثَناهُ إِلى الغُروبِ عَن الغُبورِ
تَولّى الناصِرِيّةَ مِنهُ أَوْلى / وَلِيّ لِلإمارَةِ أوْ نَضيرِ
وَرَدَّ جَلالةً في كُلِّ جُلَّى / عَلى أدراجِها نُوَبَ الدّهورِ
فَكَم جَبرَتْ لُهاهُ من كَسيرٍ / وَكَم فكَّتْ ظُبَاهُ مِن أَسيرِ
وَكَم خَطبتْ على الأسوارِ هامٌ / رَماها الجِدُّ بالجَدِّ العثورِ
تُحَذِّر مِن مُواقَعَةِ المَعاصي / وَتَنْهَى عَن مُتابَعَة الغُرورِ
تَجَهَّمَتِ البَشيرَ فلَمْ يرُعْها / بِمُصْطَلَمَاتِها غَيرُ النّذيرِ
وَإنْ غَرَّ الغُواةَ ذُرى جِبالٍ / يُرَوْنَ بِها نُسوراً في وُكورِ
فَلَيْسُوا في حُصون بَل سُجونٍ / وَلَيْسُوا في قُصور بَلْ قُبورِ
وَسُكّانُ الجَنوبِ وَجانِبَيْها / سَيُسحِتُهُم بِه عَصْفُ الدّبورِ
وَلَوْلا أنّها رَكدتْ رِياحٌ / لباءَتْ مِنهُ باليومِ العَسيرِ
وَزاغَتْ زُغبَةٌ ثُمَّ استَقَامتْ / فقَد عادَتْ بِعَفْوٍ مِنْ قَديرِ
وَشاد نَجاةَ شدَّادٍ خُضوعٌ / وَفي أَعمارِهِم حَتْمُ الدُّثورِ
وزَانَ زَناتَةً أنْ لم يَشُقْها / شِقاقٌ جامِعٌ وِزْراً لزورِ
وبَيْنَ الزاغِبينَ وبَينَ زُغْبٍ / تَحَوَّل عُرْفُها نحْوَ النّكيرِ
ورُبَّ مُسَوَّد لِبَني سُوَيْدٍ / مَقود بِالجَرائرِ فِي جَرِيرِ
وَجبْت مِن بَني الجَبارِ أودَى / عَلَى صُغْرٍ بِلَهْدَمِهِ الطّريرِ
وَضَحَّى بالعُصَاةِ بَنِي تَميم / ضُحى يَوْم عَبُوسٍ قَمْطَريرِ
أَدارَ عَلَيْهِمُ كَأسَ المَنَايا / فَما اسْطاعُوا بِها رَدَّ المُديرِ
تَجَرَّعَها لَهَاهُم وهي صَابٌ / بِمَا رَغِبَتْ عن الشهْدِ المَشُورِ
وَفي سَحقِ ابن إسحاق اعْتِبار / ومَا أفْضَى إِلَيهِ مِن الثبورِ
مَحاهُ وكانَ ذا دَهْي طَويلٍ / بِأبْتَرَ مِنْ صَوارمِهِ قَصيرِ
وَإِنْ هوَ لَمْ يُباشِره ضرَاباً / فخِيفَتُهُ طَوتْه إلى النشورِ
وَكَم غَشِيَ الوَغى ولَه زَئيرٌ / فبُدِّلَ بالزّفيرِ من الزَئيرِ
وَطارَ إِلى غِمار المَوْتِ صَقْراً / فَحُطَّ إِلى البُغاثِ عَن الصُّقورِ
سُيوفُ بَني أَبي حَفْصٍ نَفَتهُ / وَقادَتْهُ إِلى سُوءِ المَصيرِ
وَلَوْلاهَا لَسَعَّرَها حُرُوباً / كَما اضْطَرَمَتْ علَيْهِ لَظَى السَّعيرِ
عُداتك في يدَيك وَإن تَناءَتْ / فَلِمْ تسْتنَّ في طُرُقِ الغُرورِ
إليكَ تَفِرُّ مِنْكَ بِلا ارْتِيابٍ / كَأعجازٍ تُرَدُّ عَلى صُدورِ
وَلِيَّ العَهدِ دَعوةَ مُسْتَجيبٍ / لِدَعْوتِهم وَقَوْلةَ مُسْتَجيرِ
جَرَى بِكُمُ القَريضُ إِلى مَداهُ / وَجَرّرَ ذَيْلَ مُختالٍ فَخورِ
وآلَى الشعرُ لا يَألُو سُمُوّا / بِمَدْحِكُمُ عَلى الشِّعرى العبورِ
وَإِني كُلَّما غَفَلُوا ونَامُوا / أسَامِر في الثّناءِ ابْنَيْ سَميرِ
وَأسْنَى البَذْل من مَوْلَىً جَوادٍ / إصَاخَتُهُ إلى عَبْدٍ شكورِ
تملّ شَباب مُلكِكَ في سُرورٍ / وسرْوُك والعُلى مِلْءُ السّريرِ
وَدُمْ للدّين والدُّنيا أَميراً / وَما غَيْرُ المُهَنَّدِ مِنْ وَزيرِ
لُذْنا مِن المَطَر المُنْهَلِّ بالمَطَر
لُذْنا مِن المَطَر المُنْهَلِّ بالمَطَر / فَنحْنُ في جَنّة مِنْهُ وفِي وَزَرِ
وَالفَضْلُ فيها لِمَوْلانا الذِي خُلِقَتْ / أيّامُه كُلها نَفْعاً بِلا ضَرَرِ
إلى الإلْفَيْن مِنْ أهْلٍ وَدار
إلى الإلْفَيْن مِنْ أهْلٍ وَدار / تأوّبني اشْتِياقِي وَادِّكاري
وَحَنّ القَلب أعْشاراً إلَيها / حَنِينَ الوالِهات مِن العشارِ
فبِتُّ كأني تَوْقاً وشَوْقاً / عَلَى مِثْلِ الأسِنَّة والشفارِ
وَما حَشْوُ الضُّلُوعِ سِوى أُوارٍ / وَما نَوْمُ الجُفون سِوى غِرارِ
وكَيْفَ يَقَرّ صَبّ مُسْتهامٌ
وكَيْفَ يَقَرّ صَبّ مُسْتهامٌ / دَنَا بَعْدَ النزوحِ مِنَ القرارِ
ضَميري واجدٌ بهَوى المصَلَّى / كوجد أخي قُشير بالضِّمارِ
لآصالٍ بهِ حسنت وَطَابَت / كَما حدّثْتَ عَنْ نوْر العَرارِ
وما جارَ الغَرامُ عليَّ حتَّى / تأكّد بَيْننا سَبَبُ الجِوارِ
وأبرَحُ ما يكون الشوق يَوْماً / إذا دَنَت الدّيار منَ الدّيارِ
بِعَيْشِكَ عَاطِني أنباءَ دارِ
بِعَيْشِكَ عَاطِني أنباءَ دارِ / بِها أغْنَى عَن القَدحِ المُدارِ
إذَا قَرُبتْ يَهيجُ لها اشتِياقي / وإنْ نزَحتْ يُمَثِّلها ادِّكارِي
وَدَعْ لَوْمي إِذا أبصَرْت ميلي / فَسُكرُ الشّوْق مِن سُكْرِ العُقارِ
فُطِرْتُ عَلى الحَنين إلى المَغاني / فقَلْبي في انصِداعٍ وانْفِطارِ
بَدَتْ أعلامُها فخَفِيتُ سُقماً / كأنيَ بعْضُ أقْمارِ السِّرارِ
ونازَعَني اصطبارِيَ بَرْحُ وَجدي / وأنَّى لِلْمُعنَّى بِاصْطِبارِ
أعمَى البَصيرَة مَنْ تَقدَّمه الهَوى
أعمَى البَصيرَة مَنْ تَقدَّمه الهَوى / وحِجَاه بِالرّأي الرّشيد بَصيرُ
سَلْ عَنْ مَغازِيه البِلادَ وأَهْلَها / يُنْبِئْك عن سَرْدِ الفُتوحِ خَبيرُ
أرْبَتْ طَواِئفُه على مَا قَبْلَها / والغُنْمُ في خَوْض الخطار خَطيرُ
تَتَنَعَّمُ الأسماعُ والأبْصارُ في / سُلْطانِهِ فَبِشَارَةٌ وَبَشيرُ
عُزِبَتْ إِلى عُمَرَ الُفتوحُ وعَزمُه / لا يأتَلِي أوْ يُفْتَحَ المَعْمورُ
مَاذا يحَبِّرُ أو يُحَرّرُ مادِحٌ / والعِزُّ أقْعَسُ والمَقَامُ كَبِيرُ
جُمِعَتْ تَفاريقُ العُلى في واحدٍ / ألْقَى أزمتَهُمْ لَه الجُمْهورُ
وَرِثَ الهُدى والنورَ عَن آبائِهِ / أسْنَى الْمَواريثِ الهُدى وَالنورُ
ما يَزْدَهِي ملْكٌ وسُلْطَان بِهِ / إلا تَخايَلَ مِنْبَرٌ وَسَريرُ
جَرَّ الكَتائِبَ رَافِعاً رَايَاته / فَتَكَافأَ المَرْفوعُ والمَجْرُورُ
مِنْ كُلِّ مُثقلةِ الخُطَى رَجراجَةٍ / تَرْتَجُّ مِنها الأرْضُ وهيَ وَقُورُ
مَلأتْ مَناديحَ المَلا فَكَأنَّها / طِرْسٌ عَلَيْه مِن الصُّفوفِ سُطورُ
فَتَكاثَفَتْ أُمَماً تَلوحُ فَعِنْدَها / يَخْفَى صُعُودٌ وسْطَها وحُدورُ
مَنْ يَعْتَبِر يَدلُله في الدُّنيا عَلى / حَشْرِ القِيامة جَمْعُها المَحْشورُ
وكأنَّهم وكأنَّ سُبَّقَ خَيْلِهم / وَسْط العَجَاج ضَراغِمٌ وصُقورُ
ألِفَ الإمَامُ لِقَوْدِها غُبْرَ الفَلا / فلَها رَواحٌ نَحْوَها وبُكورُ
وَشَرى الحَدائِقَ بالوَدائِق مُوقِناً / أنَّ اقْتِناءَ البِرّ لَيْسَ يَبُورُ
فَأَعَزُّ مَسْكونٍ لَدَيْهِ سُرَادِقٌ / وأَحَبُّ مَصْحوبٍ إليهِ هَجِيرُ
إنْ يُدْمِنِ السّفَرَ البَعيد مَطارِحاً / فَلأوْجُهِ البُشَراءِ عَنْهُ سُفورُ
أيَجُوزُ أنْ يُرْتَابَ في إظْهَارِه / ولهُ المَلائِكُ والمُلوكُ ظَهيرُ
لِبَني أبي حَفْصٍ أبيهِ مَقارِمٌ / في نَصْرِهِ تأثِيرُها مَأثُورُ
قَوْمٌ إِذَا وَرَدوا الوَغى لم يَصْدُروا / إلا إذا شُفِيَتْ هُناك صُدُورُ
هَزلتهُم العَلْيا لأنْ سَمِنَتْ بِهِمْ / فِيها وُحوش جُوّعٌ وَطُيورُ
هُمْ شَمَّرُوا إذ أسْبَلَتْ أضْدادُهُم / شَتّانَ ما الإِسْبَالُ والتشمِيرُ
وَطَريرُ هِنْديَّاتِهم مُتَفَلِّلٌ / وصَحيحُ خُطّيَّاتِهمْ مَكْسورُ
تَصِفُ الصّباحَ طلاقةً صَفَحاتُهُم / وطَلاقَةُ اليَوْمِ الأغَرِّ بُسُورُ
في عُقْرِها زاروا العُداة لِعقْرِها / فارْتَاحَ زُوّار وطَاحَ مَزورُ
تَخِذُوا الحِفَاظَ شِعارَهم ودِثارَهُم / لِيَبينَ عن مجدٍ بَنوْهُ دَثورُ
لا يَعْرِفونَ الذُّعرَ يَوْمَ كَريهةٍ / والمَوْتُ مِن كرَّاتِهِم مَذْعورُ
كَثروا الوَرَى أيْداً بِيُمنِ مُؤَيِّد / حَظُّ الكَرى مِنْ طرْفِهِ مَنُزورُ
لِلسِّلْمِ والهَيْجاء غَيْثٌ ديمَةٌ / مِنْهُ ولَيْثٌ لِلطغاةِ هَصورُ
لم يُبْقِ لِلأَمْر العَلِيّ قِيامُه / ثَأراً فَمَنْ ذا بَعد ذَاك يَثُورُ
تَتَقَبّلُ الأمْلاك مُلْهَمَ رَأيِهِ / فيما يُدَبِّرُهُ لَهُمْ تَدْبيرُ
ولَقد تناهَى في التُّقَى فَتَشاهَرَتْ / حِجَجٌ نوافِلَ طَوْلهِ وشُهورُ
عُلِّقتُه حَفْصيّ العلاقَة بِالعُلى / والخَيْرُ مِلْءُ وُجودِه والخيرُ
وكأنَّما رَمَضانُ في رَمْضَاء مِنْ / أسَفٍ لإزْماعِ الوَدَاع تَفورُ
تَفْطِيره الصُّوّامَ عِدْلُ أجُورهِم / ولَه إلى تِلكَ الأجورِ أُجورُ
إمّا عُلُومٌ تُسْتَفَادُ لَديهِ أوْ / أَعْمالُ بِرّ قَصْدُها مَبْرُورُ
يَهْنِيهِ عِيدٌ بالبَشائِرِ عائِدٌ / وافاهُ يُومي نَحْوَها ويُشيرُ
حَضَرَ المُصَلَّى وَهْوَ مَشْهودٌ بِمَن / تَتَزَيَّنُ الدُّنيا به مَحْضورُ
قَد رَفَّهُ التعزيرُ والتَوقيرُ إذْ / قَدْ حَفّهُ التَهليلُ والتَكبيرُ
تَضْفُو عَلَيهِ مِن السَّكينَة بُرْدَةٌ / جَيْبُ الطَّهارَةِ فَوْقَهَا مَزْرُورُ
وتُمِدُّ نورَ الشّمْسِ مِنه غُرّةٌ / يَرْتَدُّ عنها الطّرْفُ وهْوَ حَسيرُ
ثمَّ انثَنى وثَناؤُهُ مُتَضَوِّعٌ / كالرَّوْض نَمَّ شَذاهُ وهْوَ مَطيرُ
سَمْحاً لأفْواه المُلوكِ بِراحَةٍ / لَثَمُوا أنَامِلَها وَهُنّ بُحُورُ
وَالناسُ مِن داعٍ له ومؤَمنٍ / لا زَايلَتْهُ سَعَادَةٌ وظُهُورُ
يَقَرُّ بِعَيْني أنَّ قَلْبِيَ ما قَرّا
يَقَرُّ بِعَيْني أنَّ قَلْبِيَ ما قَرّا / نِزاعاً إلى مَنْ لوْ سَرى طيْفُها سِرّا
قُصارَايَ قَصْرُ النفسِ فيها عَلى الهَوى / هَواناً وقَتلُ الصّبرِ في إثرِها صَبرا
وَقَوْلي عَلى قُرْبِ المَزارِ وبُعْدِه / سَلامٌ وإن حيّيْتُ منْ ربعِها قَفرا
عَفَاهُ وَما أَعْفاهُ إزْماعُها النّوى / فأصبَحَ إِلا من طَوافي بِها صِفْرا
وَعَهدِي به يَنْدى نَعيماً ونضْرَةً / فَيُولي الصَّبا نشراً ويُوفي الضُّحى بِشرا
ألَمْ يَكُ لِلآمالِ كَعْبَةَ حِجِّها / وكان لذي الأوْجالِ في حِجرِهِ حِجرا
جَديرٌ بِلَثْمي واسْتِلامي جِدارُهُ / وَركناه عُرْفا عدّه الحبُّ أَوْ نُكْرا
فَلا عيدَ مَا لم تُسعِدُني بعَوْدَةٍ / وأنّى يَؤُمُّ القَصْرَ من يَمم القَبْرا
فَتَاةٌ أفَاتَتْهَا الليالِي غَوادِراً / وَغادَرْنَني مِنْ بعْدِها مُغْرماً مُغْرَى
أُسِرُّ هَواها ثُمَّ أَجْهَرُ مُفْصِحاً / بِهِ والهَوى ما خامَرَ السرّ والجَهْرا
مِنَ العُفرِ إلا أنَّ في العفر خدْرَها / فَيا للردَى كَمْ أندُبُ العُفر وَالعفرا
إِذا أتْبعتْ ألحاظها الكسْرُ فِتْنَةً / تَضلُّ بِها الأَلبابُ فاحتَسِبِ الجَبْرا
سَلاهَا وقَلبي ما سَلاهَا بِحالَةٍ / وَفاءً تَحلاه لِمَ اخْتارَت الخَتْرا
جَرَتْ بارِحاتُ الطَّيْر لا سانِحاتُها / بِما جَرّ فيها للتّباريحِ ما جَرَّا
تَعَهّدَها كَرُّ الجَدِيدَيْنِ بالبِلَى / فَيَا كَرْبَ نَفسي المُسْتَهامَة ما كَرَّا
نَعِمنا فُواقاً رَيثَما فَوّقَا لَنا / سِهَاماً أصابَتْنا بِما قَصَمَ الظَّهْرا
وَما كانَ إِلا للرّحيلِ إيابُها / كَذا القر يَا للناسِ لا يُنْسِئُ القَفْرا
كَفيلٌ بِشُكري ذِكرُها فَكأنَّما / تُدارُ عَلى المُشتاقِ أنباؤُها خَمْرا
ومِن سَدَرٍ أضْلَلْتُ فِيها مَرَاشِدي / أبَاحِثُ عَن أتْرابِها الضَّالَ والسِّدْرا
وأَذكُرُ بالرَّوْضِ الأرِيضِ وَما حَوَى / تَنَفّسها والقَدَّ والخَدَّ والثَّغرا
دَعاني وأَعْلاقَ العلاقَة إنَّما / دَعاني لَها أنّي تَخَيَّرْتُها ذُخْرا
فُطورٌ بِقَلْبي مِن هَواها مَنَعْنَنِي / وأُنْسِيتُ عِيدَ النّحر أن أَذْكُر الفِطْرا
وَعِنْدِي الْتَقى الضِّدَّانِ ماءٌ ومارِجٌ / وَسَلْ كَبِدي الحَرَّى تُجِبْ مُقْلتِي العبرَى
بَرَمْتُ بِهَجْرِ دَاوَل الوَصْل بُرْهةً / وقَد أبْرَمَتْ لِلْبَيْنِ مَا حَبّبَ الهَجْرا
هَلِ العَيْشُ إِلا أن أغازلَ غَادَةً / يُحَاسِن مَرْآها الغَزالَةَ والبَدرا
وَأسكُنُ مِنها قاطِفاً ثَمَر المُنى / إلى سَكنٍ كالرّيمِ لم يَرمِ الفِكرا
غلبتُ عليها منْ رَداها بِأغلَب / فَما بِيَدي مِنها الغداةَ سِوى الذكرى
ولَوْ أنَّ ما لا يُستَطاعُ أعادَهَا / تَجشّمتُ أمراً في إعادَتِها إمْرَا
ولُذْتُ بِيَحْيى المُرْتَضَى أسْتَعينُهُ / فأحْدقُ بي أنجادُه جَحْفلا مُجرى
أحَقُّ مُلوكِ الأرْضِ رَأياً وَرايَةً / بِفَوْز ونَصر لاعَدا الفوْزَ والنّصْرا
إلَيْهِ انتَمَى فَضْلُ الأئِمَّة وانتَهى / مَساعِيَ لِلدُّنْيا تُقَدَّمُ لِلأخْرى
فَمنْ يكُ زانَ الأمرُ والنّهيُ حالَه / فتِلكَ حُلاه زَانَتْ النّهْيَ والأمْرا
جَريئاً حريا بِالْخِلافَة مُجْمعاً / عليْهِ فبُشرى الدّين بالأجرأ الأحرَى
حَبَا وحمَى طوْلاً وَصَوْلاً تَكَافَآ / فَما أسأرتْ عَلْياه عُسراً ولا ذُعرا
إذا دَعَت الحَرْبُ العَوانُ بِعَزْمهِ / ولبَّى صَداها فارْقُب الفتكَةَ البِكْرا
تَسَنّى لَه في البَرِّ والبَحْرِ ما نَوى / سَعَادَةُ جدٍّ أخْدمَ البَرَّ والبَحْرا
فمَا ينْهرُ الليْلُ النّهار إذا مضَى / لِبُغْيَتِه قُدْماً ولا السَّنةُ الشّهرا
تُفاتِحُه الأعْوامُ بالفَتحِ خِدْمَةً / وَيَسبقُ في مَرْضاتِهِ العَجُزُ الصّدْرا
وللّهِ حَوْلُ الأرْبَعِينَ فلَمْ يَزَلْ / بِه حالِياً بُشْرى تظاهره بُشرى
تَرَى أوَّلاً مِنْهُ يُنافِسُ آخِراً / وحسْبُ الليالي ما يُطوِّقُها فَخْرا
فإن دَوَّخَتْ فيهِ العِنَادَ جيادُهُ / فقَد نَسَفَتْ فيهِ سَفائِنُه الكُفرا
سَوابِحُهُ عَمَّ الأعادِيَ عَدْوُها / بَوَاراً وأسمَى السَّعْي ما انتَظَم البَرَّا
فَمِنْ مُقْربَاتٍ جَاستِ السَّفْعَةَ الغَبرا / ومِن مُنْشآتٍ جَابَت الأبْحُرَ الخَضْرا
سَمتْ لأسَاطِيلِ النّصارَى فقُهْقِروا / لِتَصْويبِها مسْتيقِنين بِها القَهْرا
وَرَامَتْ ليوثَ الروم فُتخاً كَواسِراً / فَما وَجَدُوا نَصراً وَلا عَدِمُوا هَصرا
أَراقَتْ عَلَى الدأماءِ حُمْرَ دمائِهم / فَراقَت شَقيقا في البنَفسج مُحْمرّا
عَلى القِدِّ والقَيد التَقَت ثَمَّ هَامهُم / وَأَيديهمُ لا تُنكِر القَتل والأَسرا
ولَيْسَ لِداء الشرْك أسْوٌ سِواهُما / لدَى المِحرَب الماضِي إذا شَرُّه اسْتَشرى
نَتائِجُ مَولىً قَدّم البرّ والتقى / وَأجْرى إلى ما سَوْفَ يُجزى بِه الأجْرا
بِغُرّته انْجَابَتْ غَياهِبُ دَهْرِهِ / وأطْلعَتِ الأيّام أوْجُههَا غُرّا
دَنا قارِياً لمّا تَباعَدا راقِياً / فيا رفْعة المَرْقى ويا سَعَة المَقرى
إيالَتُه فَضْلٌ عَلَينا ونِعْمَةً / وعيشته فيناهي النعْمَة الكُبرى
رُوَيْدَ الليالِي كَم تُصِرُّ عَلَى الغَدْر
رُوَيْدَ الليالِي كَم تُصِرُّ عَلَى الغَدْر / أتَجْهلُ إتْلافَ النّفائِس أمْ تَدرِي
تَدبُّ بِفَجْعِ الخِلِّ بالخِلِّ دَائِباً / وتَسرِي لشتِّ الشَملِ في السِرِّ والجَهرِ
وَما أَنْشَبَتْ في ضَيْغَم الغَاب نَابَها / فأفْلَتَها يَوْماً ولا ظَبْيَة الخِدْرِ
فَيا لَيتَها والهَجْرُ مُودٍ بِوصْلِها / كَفَتْنا سُرُورَ الوَصْل أوْ حَزنَ الهجرِ
وَيا لَيتَها كانَت كأَشْعَبَ في الذي / تَعَلَّمَ دون الطَّيِّ مِن صَنعَةِ النَّشْرِ
فَلَم يَسْتَفِد لُطف التهدِّي إلى الأذى / ولم يعْتَمد عُنْف التَصدِّي إلى الضُّرِّ
لَقد أَثْكلَتْني خُلّةً طَعَنَتْ بِها / ولَكِن أَقامَتْ بعدَها لَوْعَة الصّدْرِ
ذَوَتْ غُصناً مَاءُ النّعيم يُميلُه / بِملْء الحَشايا والحَشا وَقدة الجَمرِ
وأَسْلمَها الجيشُ العَرَمرَمُ للرَّدى / كأن لَم تكُن أحْمَى مِن النجمِ الزُّهرِ
يُذَكِّرُ فيها الشَّمْس والبَدْر كُلّما / رَميْتُ بلَحْظي طلْعة الشَّمس والبَدْرِ
هَوَتْ في الثَّرى وَهْي الثرَيا مكانةً / فَلَهفي لمَا ساء الهَوى آخر الدَّهْرِ
حَنينِي لأحْداثٍ أَطافَتْ بِرَسْمِها / كأَصْدافِ دُرّ لَم تَرِمْ ساحِلَ البَحْرِ
وحَجِّي إلَيْها واعْتِمارِي جَعَلته / وَذاك لَعَمري مُنتَهى شَرَف العُمْرِ
أعِدْ نَظَراً فيما دَعانِي إِلى الأسى / وَما عادَنِي في عِيدي الفِطر والنَّحْرِ
تَجِدْنِيَ من مِيقاتِها يَا لِيَوْمِها / مهلاً ولكِنْ بالمَراثِي مِن الشِّعرِ
وَقاذِفَ دَمْعٍ كالجِمارِ مُورَّداً / إذا ما أفاضَ الناسُ فاضَ عَلى النَّحْرِ
وَلا تَلُمَنِّي أن حَلَلْتُ مُقَضِّياً / مَناسِكَ أشْجانِي وضَحَّيتُ بالصَّبرِ
فَقَلْبِيَ لَو رَامَ السلُوَّ ثَنيَتُه / عَن القَرِّ ما بينَ الضُّلوعِ إلى النَّفْرِ
وفاءً بِعَهْدٍ لا أُخِلُّ بِحِفْظِه / إلى عرْضَة الأمواتِ في عرْصة الحَشرِ
أَوائِل فَتْحٍ ما لَهُنَّ أَوَاخِرُ
أَوائِل فَتْحٍ ما لَهُنَّ أَوَاخِرُ / تَرَامَتْ بِها جُرْدٌ وَفُلْك مَواخِرُ
فَتِلكَ تُؤَدّيها قِفارٌ بَسابِس / وَهَذِي تُزَجِّيها بِحارٌ زَواخِرُ
سَوابِحُ إلا أنَّ بَعْضاً حَوامِلٌ / وبَعْضاً مِن الرَّكْضِ الحَثيثِ ضَوامِرُ
يَعُمُّ الذي خُصتْ به منْ تهانِئ / فَلا بَشرٌ إلا ازْدَهَتْهُ البَشائِرُ
وَأسْنَى الفُتُوحِ الطَّالِعاتُ سَوَافِراً / ولم تَتَلَثَّم بالقَتَامِ العَساكِرُ
ولا دَلَفَتْ للحرْبِ أُسدٌ خَوادرٌ / تَطيرُ بِها في النقعِ فُتخٌ كَواسِرُ
يَجودُ بِها المِقْدار دونَ رَويَّةٍ / وَيَفْتَنُّ سَبْقاً في البَديهَة شاعِرُ
وَما الماءُ فَوّاراً بغيْرِ احْتِفارهِ / كآخرَ تَفْرِي الأرْضَ عنْهُ المَحافرُ
تَعَوَّدَ يَحْيَى المُرْتَضى دَرَك المُنى / ولا هُزّ خَطِّيٌّ ولا سُلَّ بَاتِرُ
فَلَوْ شاءَ ما التَفَّتْ عَلَيهِ مَيامِنٌ / ولَوْ شاءَ ما التَفَّت عَلَيهِ مَياسِرُ
وَمن حارَبَتْ عنه السُعودُ فَمَا لَهُ / يُشاوِر آسادَ الوَغَى ويُسَاوِرُ
تَظَاهَرَ شَرْعاً بالحُماةِ وإنَّما / تُظَافِرُه أيّامُه وتُظَاهِرُ
كآرائِهِ رَايَاتُهُ في عُلوُهِّا / لَها خالِدُ الإقْبالِ إلفٌ مؤَازِرُ
تُحاذِرُ أَمْلاكُ البَسيطَة صَوْلَهُ / ويَأمَنُ مِنْ صَوْلاتِها ما تُحاذِرُ
كَفاهُ اتِّصافاً بالْكِفَايَةِ أنّهُ / مِن اللَّهِ مَنْصورٌ وللَّهِ ناصِرُ
هُوَ القائِمُ الهادِي بأيْمَنِ طائِر / فَمَا بِحِمَى الإِسْلام للشرْكِ طائِرُ
أطَلّ على الآفاقِ وهيَ بَلاِقعٌ / فعادَتْ مِنَ التّعميرِ وهيَ عَمائِرُ
وسَاسَ الرّعايا والنفوسُ شَوارِدٌ / تناكَرُ ضِغْناً والقُلُوبُ نَوافِرُ
فَيَا حُسْنَ ما صاروا إلَيْه بِسعْيِه / وتَحْسُنُ بالسّعْي الكريمِ المَصائِرُ
تَصافَى بِما أوْلاه دَانٍ ونازِحٌ / وأَثَّ على مَسْعاهُ بادٍ وحاضِرُ
وحَفَّ بِهِ للسَّعْدِ جُنْدٌ مُجَنَّدٌ / فَذَلَّتْ أعاريبٌ لَهُ وبَرابِرُ
بِحَسْبِكَ في هوَّارَةٍ وزَنَاتَةٍ / وقائِعُ هابَتْها سُلَيْم وعامِرُ
تُعادُ إلى النَّحْر الوَحِيَّ قُدومُها / بِما عَظُمَتْ آثارُها والجَرائِرُ
سَيَحْمَدُ ما أبْلَى نَداهُ وبَأسُهُ / صُفوفُ البَرايا يَوْمَ تُبلَى السَّرائِرُ
رَبِيعاً ثَنَى الأزْمانَ فالظلُّ سَجْسَجٌ / يَفيءُ على الضّاحين والرَّوْضِ ناضِرُ
لَقَدْ شادَ رُكنَ الحقِّ منه حُلاحِلٌ / وشَدَّ عُرَى الإيمانِ منْهُ عُراعِرُ
تَكفُّ سطاهُ الليثَ والليثُ هاصِرٌ / وتَكفِي لهاهُ الغَيثَ والغَيثُ هاجِرُ
أمدُّ الوَرَى في كلِّ صالِحَةٍ يَداً / وحَسْبكَ خافٍ مِنْ ثناهُ وظَاهِرُ
تَبَحْبَحَ في العَليا فَطَابَتْ شَمائِلٌ / مُقَدَّسةٌ مِنْهُ وطَابَتْ عَناصِرُ
مُكِبٌّ على خوْضِ الخِطارِ وإنَّما / يَنالُ خَطِيراتِ الأُمورِ المُخاطِرُ
يَمِيدُ ارْتِياحاً كلَّما غنّتِ الظُّبى / ومُدَّتْ مِنَ النّقْع المُثارِ سَتائِرُ
كعادَتِه إن قَام يَشْعُرُ نَاظِمٌ / بِأمْداحِهِ أو قامَ يَخْطُبُ ناثِرُ
تَقَاصَرَ عَنْهُ مَنْ تَطاوَلَ قَبْلَهُ / وأينَ مِن الشمسِ النجومُ الزَّواهِرُ
خِلافَتُهُ أوْدَت بِكُلِّ مُخالِفٍ / فَلا ثائِرٌ إِلا غَدا وهو بائِرُ
كأَنَّ عَلَيْهِ لِلْمقادِر رَغْبَةً / فَما قامَ إلا أقْعَدَتْهُ المَقَادرُ
بِها نَسَخَ الرُّشْدُ الضَّلالَةَ ماحِياً / وَهلْ تَثْبُتُ الظَّلماءُ والصُّبحُ باهرُ
تَحَرَّى وَلِيُّ العَهْد فِيه سَبيلَهُ / يُقَاسِمُه أعبَاءَها ويُشَاطِرُ
لئِن ظلَّ يوْمَ الحرْبِ للسيْفِ شَاهِراً / لَقَدْ بَاتَ لَيْل السلم والطّرْفُ سَاهِرُ
أبَى سُؤْدَداً إلا الحَزَامةَ سِيرَةً / يُرَاوِحُها ثَبْتَ الحِجى وَيُباكِرُ
سَجَايَا كِرامٍ أوْرَثوه كِرامَها / فبَعْضُ مَساعيهِ العُلى والمَآثِرُ
لَكَ الخَيْرُ أنْ شَرَّفتَهُ بولادَةٍ / فَما تَلِدُ الأخيارَ إلا الأخايِرُ
وإنْ تَتَعَهَّدْ بالخِلافَة ناظِراً / إليهِ فقَدْ قرّتْ بذاكَ النَّواظِرُ
هُوَ النُّور حَقاً والهُدى شدّ ما اقْتدَى / بِها حَائِدٌ ضَلَّ السبيلَ وحَائِرُ
حَبَتْ وَسْمَها دُونَ الأئِمة واسمَها / إمَاماً إذا سَمّتْهُ تُزْهَى المَنابِرُ
تَحَلَّى منَ الإخْباتِ أزْينَ حِلْيَةٍ / لِتَنْعَم أبْصارٌ لها وبَصائِرُ
فلا جامحٌ إلا لِعَلْياه جَانِحٌ / ولا صَائِلٌ إلا لِمَثْواه صَائِرُ
هَنيئاً مَريئاً لِلْمرِيَّة أنْ أَوَتْ / إلَى مَظْهَر تَنْحَطُّ عنْهُ المَظاهِرُ
تَبَرَّأَ مِنِّي وَيَحِيَ النَّظمُ والنّثْرُ
تَبَرَّأَ مِنِّي وَيَحِيَ النَّظمُ والنّثْرُ / فَلا خُطْبةٌ مِما أُجيدُ ولا الشعْرُ
وأَيْأَسَني مِنْ ذا وذاكَ تَبَلُّدي / وَما لامرِئ ذنْبٌ إذا وَضَح العُذْرُ
تُهابُ السُّيوف البيضُ والأُسُل السمْرُ
تُهابُ السُّيوف البيضُ والأُسُل السمْرُ / وأقْتلُ مِنْهُن الغَلائِلُ والخُمْرُ
أما تِلْك صَرْعاها تَعِزُّ نَجَاتُها / وَكَمْ قد نَجا مَنْ يصْرَع الدّعْس والهَبْرُ
بِها فَتَنَ الأَلْبابَ حُسْنُ مَنَاظِرٍ / لَهَا طُرَرٌ سُحْمٌ لها غرَرٌ زُهْرُ
ولينُ قُدُودٍ يُوجَدُ النَّوْر والجَنَى / لَدَيْها ولكِن يُعدَمُ العطفُ والهَصْرُ
بكَتْ لِبُكائِي المَالِكِيّةُ فَالتَقَى / بِحُكمِ النَّوى الياقوتُ أحمَرَ والدُّرُّ
وَمَا زَوَّدَتْنِي غيْرَ إيماءةٍ كَفَتْ / وَحَسْبِيَ عُرْفٌ لا يُقَابِلُهُ نُكْرُ
عَجبْتُ لها رَاضَ الوَداعُ جِماحَهَا / وَعَهْدِي بِها غَضْبَى تُزارُ فَتَزْوَرُّ
وَقدْ سرّها في صدقِيَ السرَّ أنَّ لي / بِقَلْبِي لَهَا ما لا يُحِسُّ به الصّبْرُ
لَهَانَ عَلَيَّ الصَّعْبُ في حُبِّ عمرَةٍ / وإنْ غاب في أعقابِ رِحْلتها العُمرُ
يَقُولونَ أتبعْت الصّبا آهَةَ الهَوَى / فقُلْتُ ارْتِشافُ الرّاح يتْبعُهُ السُّكْرُ
صَبَرْتُ إِلى أن أَوْمأَتْ بِسَلامِها / فلمَّا استَقَلَّ الرّكبُ أسلَمَني الصَّبرُ
ومِنْ أيْنَ أو كَيْفَ التَّجَلُّدُ للنَّوَى / ومَدُّ الأسى في القَلْبِ لَيْس له جَزْرُ
حَيَاتِيَ هَجْرٌ كُلُّها وقَطيعَةٌ / أما آن أنْ تَفْنَى القَطيعَةُ والهَجْرُ
إِذا لَم يَكُن في صَبْوتي الهَوْنُ نافِعي / فَتَاللَّهِ ما في سَلْوَتِي ضَائِري الكِبْرُ
فَخَرْتُ بقرْبِ العِزِّ مِنْ حَضْرَة العُلى / وَلَولا مكانُ القرْبِ عَزَّنِيَ الفَخْرُ
فَإنْ عُدَّ بَيْتِي في قُضَاعة أوَّلاً / فَمَنْ عُدَّ مَوْلاها هُوَ الماجِدُ الحُرُّ
عَلَى أنَّها جُرْثُومَةُ اليَمَنِ التي / لها في بَنِي عَدْنَانَ الحلفُ والصِّهرُ
لَقَدْ كرمتْ في حالَتَيْها مَغَارِساً / فطال وطابَ النجْلُ ما شاءَ والنجْرُ
صَفَتْ جَوْهَراً مِنها تَميمٌ وصوفةٌ / وَزادتْ عُلىً عنْها كِنانَة والنّضْرُ
وَأَجْمَعُ بَأوٍ في إخاء مُجَمَّعٍ / كَفَانَا انتِخاءً أنَّ إِخْوَتنَا فِهْرُ
كَألْسُنِنا أسْيافُنا فِي مَضَائِها / فلا خُطْبَةٌ حَتَّى نَقُومَ ولا شِعْرُ
وكَمْ سُؤدَدٍ فينا تَرَدَّدَ مَحضُه / ومَجْدٍ أَبَى إبلاءَ جِدّتِهِ الدَّهْرُ
لَنَا آخِذُ المِرْباع قَبْلَ رَبيعَةٍ / فأَنَّى لبَكرٍ أنْ تُفاخرَنا بَكْرُ
ومنّا الذي أرْضى النبوَّة مَنْطِقاً / وأطْلَعَهُ بَدْراً بأفْقِ الوَغى بَدْرُ
جَحَاجِحَةٌ غُرُّ الوجوهِ صِبَاحُهَا / ألا بِأبِي تِلْك الجَحَاجِحَةُ الغُرُّ
يَمانُونَ في أيْمانِهِم مُلْتَقى العُلَى / سَماحٌ إذا قَرَّوا وَبَأسٌ إذا كَرُّوا
سِرَاعٌ بِطاءٌ لِلْحَبَاء وفي الحُبَى / فقُل أجْبلٌ شُمٌّ وقُلْ أبحرٌ خُضْرُ
مِنَ العَرَب العَرْباءِ في سِرّ يَعْربٍ / صَفَا للمَعالي مِنْهُمُ السِّرُّ والجَهرُ
أقَامُوا مُلوكَ الجاهِلِيّة عَصْرَها / وَما ازْدانَ في الإسلام إلا بهِمْ عَصْرُ
بِهِم شُدَّ لِلإيمانِ أَزْرٌ وسَاعِدٌ / وهُدَّ بناءُ الكُفرِ حتَّى هَوَى الكُفرُ
وَهُم فَتَحُوا الآفاق طراً فأصْبَحَتْ / تُؤَدِّي جِزاها القِبْطُ والفُرْسُ والصُّفرُ
ولَوْلاهُمُ بَاد الشآمُ وأهْلُهُ / ولَم يَتَبوّأْهُ ابنُ صَخْرٍ ولا صَخْرُ
قَضَوْا نَحْبَهم بين الأسِنَّة والظُّبى / وقَد خامَ عَنها عامِر ونَبا عَمرو
وَطالَ عَلَى حُمر المَنايا ازْدِحامُهُمْ / أَمَا نَبَّأْتَهُم أنَّ مَوْردها مُرُّ
يَعُدُّونَ غيرَ الموْتِ غَمْصاً علَيهمُ / فلَيسَ لَهُم إِلا بمَعرَكةٍ قَبْرُ
وَلوْ أن يَحْيَى المُرْتضَى أُنِسئوا مَعاً / لِخِدْمَتِهِ لَمْ يُنْسَ يَوْماً لَهُمْ ذِكْرُ
أولَئِكَ قَوْمي جاد تُرْبَهُمُ الحَيا / وَهَذا إِمامِي لا عَدا نَصله النّصْرُ
بِسُدَّتِهِ العَلْيَاءِ سُدْتُ فَمَنْزلي / بحيثُ استطارَ القلبُ أوْ رَفْرَفَ النسرُ
وعَن غُرةِ الإصباحِ غمَّضْتُ إِذ غَدَا / لغُرتِّه الإصباحُ مُذ بَدا والفَجرُ
وأَنمُله استَسقَيتُ لا البَحرَ زاخِراً / ولا المُزنَ أين المُزْنُ منهُنَّ والبَحرُ
سُمُوّاً إلى العليا لنفسٍ مَتَى وَنَت / عنِ الغايَةِ القُصوَى فَلَيْسَ لَها عُذرُ
تُحاوِلُ ما فوقَ الثرَيا براحَةٍ / تُطاوِل سُمر الخِطِّ أقلامُها الصُّفْرُ
سَواءٌ لدَيها الوَصْم وَالمَوت لا تَرى / سِوى الصَّومِ والإمساكِ ما يَوَّمَ الفِطرُ
وما أنا مِمن يرتَضِي القُلَّ مُقتَنىً / وَمَوْلايَ لا يُرضِيهِ أَفضالُهُ الكُثرُ
تَقَبَّلْتُ مِنهُ الوِترَ في كلِّ سُؤدَدٍ / مَواهِبُهُ شَفعٌ ونُجعَتُهُ وِتْرُ
فَمَنْ ضَامَهُ دَهرٌ وأَلوَى بِوَفْرِهِ / فَمِنِّي له نَصرٌ وعِندِي له وَفْرُ
وأُبرِئُ مَن يَشكُو وإن شَفَّنِي الضّنَى / وأنفَع مَنْ يَرجو وإنْ مَسَّنِي الضرُّ
لِلَّهِ قَلْعَةُ بِيرانٍ وَعِزَّتهَا
لِلَّهِ قَلْعَةُ بِيرانٍ وَعِزَّتهَا / عَلَى الأَعَاصِيرِ فِي ماضِي الأَعَاصِيرِ
عَنَتْ وَدَانَتْ عَلَى حُكْمِ المُنَى فَرَقاً / مِنْ سَيِّد قَدْ هَوَتْ مِنْ أَرْفَعِ السُّورِ
وَأَذْعَنَتْ وَهيَ الشمَّاءُ ذُرْوَتُها / عَلَى حجَاجٍ لهَا مِنْ قَبْلُ مَذْكورِ
وَلَوْ أَصَرَّتْ عَلَى الإعْراضِ ثَانِيَةً / لأَصْبَحَتْ بَيْنَ تَخْريبٍ وَتَدْميرِ
مَدَّتْ إِلَيكَ أَبَا زَيْدٍ بِطَاعَتِها / يَداً مَخَافَةَ صَوْلٍ مِنكَ مَشْهُورِ
وَأَكَّدَتْ في الرِّضَى والصَّفحِ رَغْبَتَها / كَمَا تَقَدَّمَ تَأييدُ الْمَقَادِيرِ
فَجُدْتَ جُودَكَ بِالنُعْمَى بِمَا سَأَلَتْ / مِنَ الأَمَانِ لَهَا طَلْقُ الأَسَارِيرِ
بِنَفْسِي مُثلِجَاتٍ لِلصدُورِ
بِنَفْسِي مُثلِجَاتٍ لِلصدُورِ / لَهَا سِمَتانِ مِنْ نارٍ وَنُورِ
حَوامِلُ وَهْيَ أَبْكَارٌ عَذَارَى / تُزَفُّ عَلَى الأَكُفِّ مَعَ البُكُورِ
بَياضُ الطَّلحِ ما تَنْشَقُّ عَنْهُ / وَفَوْقَ أَدِيمِها صَهَبُ الخُمُورِ
كَبَرْدِ الطَّلِّ حِينَ تُذَاقُ طَعماً / وَفِي أَحْشَائِها وَهَجُ الحَرورِ
لَها حالان بَيْنَ فَمٍ وَكَفٍّ / إِذَا وَافَتكَ رائِقَةَ السُّفُورِ
فَتَغْرُبُ كَالأَهِلَّةِ فِي لَهَاةٍ / وتَطْلعُ في يَمينٍ كالبُدورِ
لِمِثَالِ نَعْلِ المُصْطَفَى أُصْفِي الهَوَى
لِمِثَالِ نَعْلِ المُصْطَفَى أُصْفِي الهَوَى / وَأَرَى السُلُوَّ خَطِيئَةً لَنْ تُغْفَرا
وَإِذَا أُصَافِحُهُ وأَمْسَحُ لاثِماً / أَرْكانَهُ فَمُعزِّزاً وَمُوَقِّرا
سِرُّ اعْتِزَازِي في جَهارِ تَذَلُّلِي / لِجَلالِهِ أَثَراً بِقَلْبِي أَثَّرا
إِنْ شَاقَنِي ذَاكَ المِثالُ فَطَالَما / شَاقَ المُحِبَّ الطيْفُ يَطْرُقُ فِي الكَرى
لِي أُسْوَةٌ فِي العاشِقِينَ وَقَصْدِهِمْ / لَثْمَ الطُلولِ لأَهْلِهِنَّ تَذكُّرا
وَبُكائِهِمْ تِلْكَ المَعَاهِدَ ضِلَّةً / تَحْتَ الظَّلامِ عَلَى الغَرامِ تَوَفَّرا
أَفَلا أُمَرِّغُ فيهِ شَيْبِي رَاشِداً / وأُريقُ دَمْعِي وَسْطَه مُسْتَبْصِرا
ثِقَةً بِإِثْرائِي مِنَ الخَيْراتِ فِي / شَغَفِي بِنَعْلَيْ خَيْر منْ وَطِئَ الثَّرى
لَوْ عَنَّ لِي عَوْنٌ مِنَ الِمْقدَارِ
لَوْ عَنَّ لِي عَوْنٌ مِنَ الِمْقدَارِ / لَهَجَرْتُ لِلدَّارِ الكَرِيمَةِ دَارِي
وَحَلَلْتُ أَطْيَبَ طِينَةٍ مِنْ طِيبَة / جَاراً لِمَنْ أَوْصَى بِحِفْظِ الجَارِ
وَرَكَعْتُ فِي صَحْنٍ هُنالِكَ طَاهِراً / وَكَرَعْتُ فِي مَعْنٍ هُنالِكَ جارِي
حَيْثُ اسْتَنَارَ الحَق لِلأَبْصَارِ / لمِّا اسْتَثَارَ حَفائِظَ الأَنْصارِ
لَكِنْ عَلَيَّ لَها أَدَاءُ الفَرْضِ مِنْ / طُولِ النِّزاعِ وَشِدَّةِ التّذْكارِ
يا زَائِرينَ القَبْرَ قَبْرَ مُحَمَّدٍ / بُشْرَى لَكُمْ بِالسَّبْقِ فِي الزُّوَّارِ
أَوْضَعْتُمُ لِنَجاتِكُمُ فَوَضَعْتُم / ما آدَكمْ منْ فَادِحِ الأَوْزَارِ
فُوزُوا بِسَبْقِكُمُ وَفُوهُوا بِالذِي / حَمَّلْتُكُمْ شَوْقاً إِلَى المُخْتَارِ
أَدُّوا السَّلامَ سَلِمْتُمُ وَبِرَدِّهِ / أَرْجُو الإجارَةَ مِنْ وُرُودِ النَّارِ
ثُم اشْفَعُوا لِي فَالشَّفاعَةُ عِنْدَهُ / فِيهَا أُبَوَّأُ رُتبَة الأَبْرَارِ
أَمْرِي عَجِيبٌ في الأُمورِ
أَمْرِي عَجِيبٌ في الأُمورِ / بَينَ التَّوارِي والظُّهورِ
مُسْتَعْمَلٌ عِنْدَ المَغي / بِ وَمُهْمَلٌ عِنْدَ الحُضُورِ
قُلْ لابْنِ شَلبُونٍ مَقالَ تَنَزُّهٍ
قُلْ لابْنِ شَلبُونٍ مَقالَ تَنَزُّهٍ / غَيرِي يُجاريك الهِجَاءَ فَجَارِ
إِنَّا اقْتَسَمْنا خُطَّتَيْنا بَيْنَنا / فَحَمَلْتُ بَرَّةَ واحْتَمَلْتَ فَجَارِ
أَلا اسْمَعْ فِي الأَميرِ مَقَالَ صدْقٍ
أَلا اسْمَعْ فِي الأَميرِ مَقَالَ صدْقٍ / وَخُذْهُ عَنِ امْرِئٍ خدَم الأَمِيرا
مَتَى يَكْتُبْ تَرِدْ وَشَلاً أُجَاجاً / وَإِنْ يَرْكَبْ تَرِدْ عَذْباً نَمِيرا
وَقَالوا ألفْتَ الكَرَى نُطْفَةً
وَقَالوا ألفْتَ الكَرَى نُطْفَةً / وَبتَّ عَلَى ظَمَإٍ لِلكَرَى
فَقُلتُ الهَوَى ضَافَنِي طَاوِياً / إِليَّ المَراحِلَ يَشْكُو السُّرَى
فَبَوَّأتُه مُقلَتِي مَنزِلاً / وَقَدَّمتُ نَوْمِي إِلَيهِ قِرَى

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025