المجموع : 78
وَوَجهٍ تَشَرَّبَ ماءَ النَعيمِ
وَوَجهٍ تَشَرَّبَ ماءَ النَعيمِ / فَلَو عُصِرَ الحُسنُ مِنهُ اِنعَصَر
يَمُرُّ فَأَمنَحُهُ ناظِري / فَيَنثُرُ وَرداً عَلَيهِ الخَضَر
تَمَتَّعَتِ العَينُ مِن حُسنِهِ / فَما حَفَلَت بِطُلوعِ القَمَر
قَصُرَ العَيشُ بِأَكنافِ الغَضا
قَصُرَ العَيشُ بِأَكنافِ الغَضا / وَكَذا العَيشُ إِذا طابَ قَصُر
في لَيالٍ كَأَباهيمِ القَطا / لَستَ تَدري كَيفَ تَأتي وَتَمُر
زَمانٌ كَثَوبِ الغولِ فيهِ تَلَوُّنٌ
زَمانٌ كَثَوبِ الغولِ فيهِ تَلَوُّنٌ / فَأَوَّلُهُ صَفوٌ وَآخِرُهُ كَدَر
وَلاحَ آذَرِيونُها
وَلاحَ آذَرِيونُها / مِثلَ الغَوالي في السُرَّر
خَليقَةُ شَهمٍ كُلَّما أَسمَحَت مَحَت
خَليقَةُ شَهمٍ كُلَّما أَسمَحَت مَحَت / مَعالِمَ جَدبٍ لَم يُطِق مَحوَها المَطَر
نُصِرتَ عَلى الأَعداءِ فَليَهنِكَ النَصرُ
نُصِرتَ عَلى الأَعداءِ فَليَهنِكَ النَصرُ / وَدانَت لَكَ الدُنيا وَذَلَّ لَكَ الدَهرُ
فَأَنتَ كَإِقبالِ الشَبيبَةِ وَالصِبا / تَطيبُ بِكَ الدُنيا وَيَنعَمِرُ العُمرُ
وَلَيسَ كِرامُ الناسِ إِلّا كَواكِباً / عَلى صَفحَتَي لَيلٍ وَأَنتَ لَهُم بَدرُ
وَفي الناسِ أَجوادٌ كَثيرٌ وَإِنَّما / أُولَئِكَ أَثمادٌ وَأَنتَ لَهُم بَحرُ
فَإِن أَظلَمَ الأَحداثُ وَاِسوَدَّ لَونُها / فَهُم شَفَقٌ فيها وَأَنتَ بِها فَجرُ
أَبا قاسِمٍ فَخراً عَلى المَجدِ وَالعُلا / فَإِنَّ العُلا رَوضٌ وَأَنتَ بِهِ زَهرُ
غَدَت أَرضُنا مِنكُم سَماءً مُظِلَّةً / لَها أَنجُمٌ مِن زُهرِ أَخلاقِكُم زُهرُ
كَأَنَّكَ في خَدِّ الزَمانِ تَوَرُّدٌ / وَفي فَمِهِ ضِحكٌ وَفي وَجهِهِ بِشرُ
فَمَن يَكُ مَمدوحاً بِنَظمٍ نَصوغُهُ / فَإِنَّكَ مَمدوحٌ بِكَ النَظمُ وَالنَثرُ
وَإِن يَكُ بَعضُ الأَكرَمينَ يَعُقُّني / فَإِنَّكَ مَدُّ البَحرِ إِن أَخلَفَ القَطرُ
قَد نِلتَ بِالرَأيِ وَالتَميِيزِ مَنزِلَةً
قَد نِلتَ بِالرَأيِ وَالتَميِيزِ مَنزِلَةً / ما نالَها أَخَواكَ البَحرُ وَالمَطَرُ
وَبِالتَكَرُّمِ وَالأَفضالِ مَرتَبَةً / لَم يُعطَها خادِماكَ السَيفُ وَالقَدَرُ
قالوا أَيُمطِرُ مِن مَحلٍ أَلَمَّ بِهِ / فَقُلتُ قَد تُمطِرُ الأَنهارُ وَالغَدرُ
مالٌ يُبَدِّدُهُ في جَمعِ مَكرُمَةٍ / فَالمَجدُ مُجتَمِعٌ وَالمالُ مُنتَشِرُ
مَناقِبٌ ما يَكادُ الدَهرُ يَهدِمُها / كَأَنَّها أُصَلٌ لِلدَهرِ أَو بُكَرُ
فَاِبشِر فَإِنَّكَ رَأسٌ وَالعُلا جَسَدٌ / وَالمَجدُ وَجهٌ وَأَنتَ السَمعُ وَالبَصَرُ
لَولاكَ لَم تَكُ لِلأَيّامِ مَنقَبَةٌ / تَسمو إِلَيها وَلا لِلدَهرِ مُفتَخَرُ
تَواضَع إِذا مَدَّ العَلاءُ بِضَبعِهِ
تَواضَع إِذا مَدَّ العَلاءُ بِضَبعِهِ / كَما اِنحَطَّ ضَوءُ البَدرِ وَاِرتَفَعَ البَدرُ
مَرَّ بِنا يَستَميلُهُ السُكرُ
مَرَّ بِنا يَستَميلُهُ السُكرُ / وَكَيفَ يَصحو وَريقُهُ خَمرُ
قَبَّلتُ فيهِ عَلى مُراقَبَةٍ / يَنبوعَ خَمرٍ حَصباؤُهُ دُرُّ
قالوا صَبَرتَ وَما صَبَرتُ جَلادَةً
قالوا صَبَرتَ وَما صَبَرتُ جَلادَةً / لَكِن لِقِلَّةِ حيلَتي أَتَصَبَّرُ
خَيرُ الوَرى لِخِيارِ الناسِ كُلِّهُمُ
خَيرُ الوَرى لِخِيارِ الناسِ كُلِّهُمُ / وَشَرُّهُم لِشِرارِ الناسِ سَوّارُ
مُنَبَّهُ الذِكرِ مَعلومٌ طَرائِقُهُ / كَالشَمسِ لا عَلَمٌ في رَأسِهِ نارُ
الصَبرُ عَمَّن تُحِبُّهُ صَبَرُ
الصَبرُ عَمَّن تُحِبُّهُ صَبَرُ / وَنَفعُ مَن لامَ في الهَوى ضَرَرُ
مَن كانَ دونَ المَرامِ مُصطَبِراً / فَلَستُ دونَ المَرامِ أَصطَبِرُ
مَنفَعَةُ الصَبرِ غَيرُ عاجِلَةٍ / وَرُبَّما حالَ دونَها الغِيَرُ
فَقُم بِنا نَلتَمِس مَآرِبَنا / أَقامَ أَو لَم يُقَم بِنا القَدرُ
إِنَّ لَنا أَنفُساً تُسَوِّدُنا / أَعانَهُنَ الزَمانُ أَو يَذَرُ
وَاِبغِ مِنَ العَيشِ ما تُسَرُّ بِهِ / إِن عَذَلَ الناسُ فيهِ أَو عَذَروا
قَد كُنتُ أَحذَرُ ما أَلقاهُ مِن نَكَدٍ
قَد كُنتُ أَحذَرُ ما أَلقاهُ مِن نَكَدٍ / لَو كانَ يَنفَعُني في مِثلِهِ الحَذَرُ
يا نَفسُ صَبراً عَلى ما كانَ مِن ضَرَرٍ / فَرُبَّ مَنفَعَةٍ يَأتي بِها الضَرَرُ
كَأَنَّما النَورُ مَضحَكٌ يَقَقٌ
كَأَنَّما النَورُ مَضحَكٌ يَقَقٌ / وَعَطفَةُ الغُصِ شارِبٌ خَضِرُ
قَد جَلَّ ظاهِرُهُ وَباطِنُهُ
قَد جَلَّ ظاهِرُهُ وَباطِنُهُ / وَأَمَرَّ مِخبَرُهُ وَمَنظَرُهُ
شِعرٌ تَجَدَّدَ في عَوارِضِهِ / مِثلَ المَكانِ الرَطِبِ تَسفُرُهُ
ما خَيرُ عَيشٍ صَفوُهُ يُكَدِّرُه
ما خَيرُ عَيشٍ صَفوُهُ يُكَدِّرُه / لا بُدَّ أَن يَشكُوَهُ مَن يَشكُرُه
وَالمَرءُ يَنسى وَالمَنايا تُذكِرُه / يُميتُهُ بَقاؤُهُ فَيَقبُرُه
وَكَسرَهُ مِنهُ الَّذي لا يُجبِرُه / يَطويهِ مِن مَداهُ ما لا يَنشُرُه
في كُلِّ مَجرى نَفَسٍ يُكَرِّرُه / يَهدِمُ مِن عُمرِكَ ما لا تَعمُرُه
ما زِلتَ تَلقاهُ فَضاقَ صَدرُهُ
ما زِلتَ تَلقاهُ فَضاقَ صَدرُهُ / وَعادَ مِن بَعدِ الوِصالِ هَجرُهُ
مَن أَكثَرَ الغِشيانَ خَسَّ قَدرُهُ / لَو كُثِرَ الياقوتُ هانَ أَمرُهُ
وَلَم يَعِزَّ حُمرُهُ وَصُفرُهُ / وَلا عَلا بَينَ الأَنامِ ذِكرُهُ
زَبَرجَدَةٌ فيها قُراضَةُ فِضَّةٍ
زَبَرجَدَةٌ فيها قُراضَةُ فِضَّةٍ / فَإِن رَجَعَت تِبراً فَقَد خَسَّ أَمرُها
تُلِمُّ بِنا طَورَينِ في كُلِّ حِجَّةٍ / فَيَكثُرُ فينا خَيرُها ثُمَّ شَرُّها
فَعِندَ المِصَيفِ لَيسَ يُفقَدُ نَفعُها / وَعِندَ الخَريفِ لَيسَ يُؤمَنُ ضَرُّها
وَزائِرَةٍ في كُلِّ عامٍ تَزورُنا
وَزائِرَةٍ في كُلِّ عامٍ تَزورُنا / فَيُخبِرُ عَن طيبِ الزَمانِ مَزارُها
تُخَبِّرُ أَنَّ الجَوَّ رَقَّ قَميصُهُ / وَأَنَّ الرِياضَ قَد تَوَشّى إِزارُها
وَأَنَّ وُجوهَ الغُدرِ راقَ بَياضُها / وَأَنَّ وُجوهَ الأَرضِ راعَ اِخضِرارُها
تَحُنُّ إِلَينا وَهيَ مِن غَيرِ شَكلِنا / فَتَدنو عَلى بُعدٍ مِنَ الشَكلِ دارُها
فَيُعجِبُنا وَسطَ العِراصِ وُقوعُها / وَيُؤنِسُنا بَينَ الدِيارِ مَطارُها
أَغارَ عَلى ضَوءِ الصَباحِ قَميصُها / وَفازَ بِأَلوانِ اللَيالي خِمارُها
تَصيحُ كَما صَرَّت نِعالُ عَرائِسٍ / تَمَشَّت إِلَيها هِندُها وَنُوارُها
تُجاوِرُنا حَتّى تَشِبَّ صِغارُها / وَتَقضي لُباناتِ النُفوسِ كِبارُها
تَجَلّى لَكَ الإِملاكُ عَمّا تُحِبُّهُ
تَجَلّى لَكَ الإِملاكُ عَمّا تُحِبُّهُ / فَإِنَّكَ قَد فَصَّلتَ بِالتِبرِ جَوهَرا
فَصَيَّرتَهُ لِلدَهرِ عَقداً مُفَصَّلاً / وَطَيَّرتَهُ في الأُفقِ نَشراً مُعَطَّرا
هُوَ اليُمنُ لَم يُعدِمكَ مَحبوبَةً دَنَت / وَمَكروهَةً شَطَّت وَصَعباً تَيَسَّرا