المجموع : 44
يَا هِلالاً قَدْ تَجَلّى
يَا هِلالاً قَدْ تَجَلّى / في سَحَابٍ مِنْ حَريرْ
وَأميراً بِهَواهُ / قاهِراً كُلّ أميرْ
مَا لِخَدَّيْكَ اسْتَعارا / حُمْرَةَ الوَرْدِ المُنيرْ
ورَسومُ الوَصْلِ قَدْ أَل / بَستَها ثَوبَ دُثورْ
مُقفِراتٍ دارِساتٍ / مِثلَ آياتِ الزبور
يَا مُقْلةَ الرَّشإِ الغَري
يَا مُقْلةَ الرَّشإِ الغَري / رِ وشُقةَ القَمَرِ المُنيرْ
مَا رَنّقتْ عَيْنَاك لي / بَيْنَ الأَكِلّةِ والستُورْ
إلا وَضَعْتُ يَدي عَلى / قَلبي مَخافةَ أَنْ يَطيرْ
هَبْني كبَعْضِ حَمامِ مَكْ / كةَ واستمعْ قَوْلَ النَّذيرْ
أبُنَيَّ لا تَظْلِمْ بِمك / كَةَ لا الصَّغيرَ ولا الكبِيرْ
لم أَدْرِ جِنِّيٌّ سَبَاني أم بَشرْ
لم أَدْرِ جِنِّيٌّ سَبَاني أم بَشرْ / أَمْ شَمْسُ ظُهْرٍ أشْرَقَتْ لي أَم قَمَرْ
أَمْ نَاظرٌ يُهْدي المَنايا طَرْفُهُ / حَتّى كأَنَّ المَوْتَ مِنْهُ في النّظَرْ
يُحْيي قَتيلاً مَا لَهُ مِنْ قاتِلٍ / إِلا سِهَام الطَّرْفِ رِيْشَتْ بِاْلحَوَرْ
ما بالُ رَسمِ الوَصْلِ أَضْحَى دَاثراً / حَتّى لقَدْ أَذْكَرَني مَا قَدْ دَثَرْ
دَارٌ لِسلمى إِذْ سُليْمى جارَةٌ / قَفراً تُرَى آياتُها مِثْلَ الزُّبُرْ
هتَكَ الحِجابَ عَنِ الضمائرْ
هتَكَ الحِجابَ عَنِ الضمائرْ / طَرْفٌ به تُبْلى السرائرْ
يَرْنُو فَيَمْتَحنُ القُلو / ب كَأَنَّهُ في القَلبِ نَاظِرْ
يا ساحِراً مَا كُنْتُ أَعْ / رِفُ قَبْلهُ في الناسِ ساحِرْ
أَقْصَيْتَني مِنْ بَعْدِ مَا / أَدْنَيْتني فالقلْبُ طائِرْ
وَغَرَرْتَنِي وَزَعَمْتَ أنْ / نَكَ لابنٌ في الصَّيْفِ تامِرْ
أقْصَرتُ بَعْضَ الإقْصارْ
أقْصَرتُ بَعْضَ الإقْصارْ / عَنْ شادنٍ نائي الدَّارْ
صَبَّرني لمَّا سارْ / وَلَم أكُنْ بِالصبَّارْ
يا ملكاً يَزْدهي به المنبرْ
يا ملكاً يَزْدهي به المنبرْ / والمسجدُ الجامعُ الذي عَمَّرْ
خليفةُ اللَّه في بريَّتهِ / يُسرُّ للنّاسِ مثلَ ما يَجْهرْ
يا قمرَ الأرضِ إنْ تغبْ فلقد / أقمتَ للناس كوكباً يُزْهَرْ
ما فرحَ الناسُ مثلَ فرحتِهمْ / لمّا أُقيلَ الأديبُ واستُوزِرْ
وابتهجَ المُلكُ حينَ دبَّرَهُ / عينُ الإمامِ التي بها يُبْصِرْ
قُطْبٌ عليه المدارُ أجمعُهُ / في الأمرِ والرأيِ كلَّما دبَّرْ
لم يزلِ البيتُ طولَ غيبتهِ / أعمى فلما اسْتَوى بهِ أبصَرْ
ألمَّا على قصرِ الخليفةِ فانظُرا
ألمَّا على قصرِ الخليفةِ فانظُرا / إلى مُنيةٍ زهراءَ شِيدتْ لأزهرا
مُزَوَّقةٍ تستودعُ النجمَ سرَّها / فتحسَبُهُ يُصغي إليها لتُخبَرا
هيَ الزهرةُ البيضاءُ في الأرضِ ألبستْ / لها الزهرةُ الحمراءُ في الجوِّ مِغْفَرا
يودُّ وِداداً كلَّ عضوٍ ومفصلٍ / لمبصرها لو أنَّه كان أبصرا
بناءٌ إذا ما الليلُ حل قِناعَهُ / بَدا الصُّبحُ من أعرافهِ الشمِّ مُسْفِرا
تعالى عُلوّاً فاتَ عن كلِّ واصفٍ / إذا أكثَروا في وصفهِ كان أكثَرا
تَرى المنْيةَ البيضاءَ في كلِّ شارقٍ / تلبّسُ وجهَ الشمس ثَوباً مُعصفرا
إذا سَدَلتْ سِتراً على كلِّ كوكبٍ / كبا نورُه من نورِها فتستَّرا
فإن عذرتْ شمسُ الضُّحى في نجومِها / على الجوَّ كان القصرُ في الشمس أعذرا
ودونَكَ فانظرْ هل تَرى من تفاوُتٍ / به أو رأتْ عيناكَ أحسنَ منظرا
ترى السَّوسنَ المُنآدَ بينَ رياضِها / تلألأ حسناً في بهارٍ تَدنَّرا
توشَّحنَ من هذا اليمانيّ مِثْلما / تأزَّرْنَ من ذاكَ المُلاءِ المُزَعْفرا
بمَوْشَّيةٍ يُهدي إليها نسيمُها / على مَفرقِ الأرواحِ مسكاً وعَنبرا
سِداوَتُها من ناصعِ اللونِ أبيضٍ / ولُحمتُها من فاقعِ اللونِ أصفرا
تُلاحظُ لحظاً من عيونٍ كأنها / فُصوصٌ من الياقوتِ كُلِّلْنَ جَوهَرا
تَفكَّهْ أمينَ اللَّه وابنَ أمينهِ / بجنةِ دُنيا رائحاً ومُبكّراً
إمامَ الهُدى لا زلتَ في ظل حَبْرةٍ / ولا زلتُ أكسوكَ الثناءَ المحبَّرا
بكفَّهِ ساحرُ البيانِ إذا
بكفَّهِ ساحرُ البيانِ إذا / أدارَهُ في صحيفةٍ سَحَرا
يَنطِقُ في عُجمةٍ بلفظتهِ / نُصَمُّ عنها وتُسْمِع البَصَرا
نوادرٌ يقرعُ القلوبَ بها / إنْ تَسْتبِنْها وجدْتَها صُورَا
نظامُ دُرِّ الكلامِ ضَمَّنهُ / سِلكاً لخطِّ الكتاب مُسْتطرا
إذا امتطَى الخِنصرَين أذكرَ مِن / سَحبانَ فيما أطالَ واخْتَصرا
يخاطبُ الغائبَ البعيدَ بما / يخاطبُ الشاهدَ الذي حَضَرا
تَرى المقاديرَ تستدِفُّ لهُ / وتُنفِذُ الحادثاتُ ما أمَرا
شَختٌ ضئيلٌ لفعلهِ خَطَرٌ / أعظِمْ به في مُلمَّةٍ خَطرا
تَمُجُّ فكّاهُ ريقةً صَغُرتْ / وخَطْبُها في القلوبِ قد كبُرا
تُواقعُ النفسُ منه ما حَذِرتْ / وربَّما جُنِّبتْ به الحَذرا
مهفهفٌ تزْدَهي به صُحفٌ / كأنَّما حُلِّيتْ به دُرَرا
كأنّما تَرتعُ العيونُ بها / خلالَ رَوضٍ مُكلَّلٍ زَهَرا
إنْ قرِّبتْ مُرِّطتْ طوابعُها / ما فُضَّ طينٌ لها ولا كُسِرا
يكادُ عنوانُها لرَوْعتهِ / يُنْبيكَ عن سرِّها الَّذي اسْتَترا
حاشا لِمِثْلِكَ أنْ يَفُكَّ أسِيرا
حاشا لِمِثْلِكَ أنْ يَفُكَّ أسِيرا / أوْ أنْ يَكُونَ مِنَ الزَّمان مُجيرا
لَبِسَتْ قَوَافي الشِّعرِ فِيكَ مَدارعاً / سُوداً وَصَكَّتْ أَوْجُهاً وَصُدورا
هَلَّا عَطَفْتَ بِرَحْمَةٍ لَمَّا دعَتْ / وَيلاً عَلَيْكَ مَدائِحي وَثُبُورا
لوْ أنَّ لؤمَكَ عَادَ جُوداً عُشْرُهُ / ما كانَ عِنْدَكَ حاتِمٌ مَذْكورا
طعامُ مَنْ لستُ له ذاكراً
طعامُ مَنْ لستُ له ذاكراً / دقَّ كما دَقَّ بأن يُذْكرا
لا يُفطرُ الصائمُ من أكلهِ / لكنَّه صومٌ لمن أفطرا
في وجههِ من لؤمهِ شاهدٌ / يكفي به الشاهدُ أن يُخبرا
لم تعرفِ المعروفَ أفعالهُ / قطُّ كما لم يُنكرُ المُنكَرا
زادَني لومُكَ إصْرارا
زادَني لومُكَ إصْرارا / إِنَّ لي في الحُبِّ أنْصارا
طارَ قَلبي مِنْ هَوى رَشأٍ / لو دَنا للقَلبِ ما طارا
خُذْ بِكَفِّي لا أمُتْ غَرَقاً / إنَّ بَحْرَ الحُبِّ قَدْ فارا
أنضجتْ نارُ النَّوى كَبِدي / وَدُمُوعي تُطفِئُ النَّارا
رُبَّ َنارٍ بتُّ أرمُقُها / تَقْضِمُ الهِنْدِيَّ والغارا
ما ضَرَّ عِندَكَ حَاجَتي ما ضَرَّها
ما ضَرَّ عِندَكَ حَاجَتي ما ضَرَّها / عُذْراً إذا أعْطَيتَ نَفْسَكَ قدْرَها
اُنْظُر إلى عَرضِ البِلادِ وطُولِها / أوَلسْتَ أكْرَمَ أهْلها وَأبَرَّها
حاشا لِجُودِكَ أنْ يُوَعِّرَ حاجتي / ثِقَتي بِجُودِكَ سهَّلتْ لي وَعْرهَا
لا يَجْتَني حُلْوَ المَحامدِ ماجِدٌ / حتى يَذوقَ منَ المَطالبِ مُرَّها
هَلَّا ابتَكرْتَ لبَينٍ أنتَ مُبْتَكِرُ
هَلَّا ابتَكرْتَ لبَينٍ أنتَ مُبْتَكِرُ / هَيهاتَ يأبى عَليْكَ اللَّهُ وَالقَدَرُ
مَا زِلْتُ أبكِي حِذارَ البَينِ مُلْتَهفاً / حَتَّى رَثى ليَ فِيكَ الرِّيحُ وَالمَطَرُ
يا بَردَهُ مِنْ حَيا مُزنٍ على كَبِدٍ / نِيرانُها بِغليلِ الشَّوْقِ تَسْتَعِرُ
آلَيتُ ألا أرى شمساً ولا قمراً / حتى أرَاكَ فأنتَ الشمسُ والقمرُ
هِلالٌ نَماهُ المجدُ واختارَهُ الفخرُ
هِلالٌ نَماهُ المجدُ واختارَهُ الفخرُ / تلقَّتْ به شمسٌ وأنجبَهُ بدرُ
على وجههِ سِيما المكارِم والعُلا / فضاءَتْ به الآمالُ وابتهجَ الشِّعرُ
سلالةُ أملاكٍ ربيبُ خَلائفٍ / أكفُّهمُ بحرٌ ونائلُهمْ غَمرُ
بدا لصلاةِ الظُّهرِ نجمَ مَكارمٍ / تحفُّ به العَليا ويكنفُه الفخرُ
نَماهُ إلى العلياءِ خيرُ خليفةٍ / تَتيهُ به الدنيا ويزهَى به القَصْرُ
كذاك يَطيبُ الفْرعُ إنْ طاب نَجْرُهُ / وما طابَ فرعٌ لا يطيبُ له نَجْرُ
فلا زال محفوفاً بأكنافِ نعمةٍ / يطيرُ له ذِكرٌ ويسمو بهِ قَدْرُ
هنيئاً إمامَ المسلمين عطيّةً / حباكَ بها ربٌّ له الحمدُ والشّكرُ
فيا من كساهُ اللَّهُ تاجَ خلافةٍ / ومَن جُودُهُ قَطرٌ إذا أُعدمَ القطرُ
ومَن كان يَنْدَى الخيزُرانُ بكفِّهِ / ويَنبُتُ في أطرافهِ الورقُ الخُضْرُ
لا غَرْوَ إِنْ نالَ مِنْكَ السُّقْمُ والضَّررُ
لا غَرْوَ إِنْ نالَ مِنْكَ السُّقْمُ والضَّررُ / قَدْ تُكْسَفُ الشَّمْسُ لا بَلْ يُخْسَفُ القَمَرُ
يا غُرَّةَ القَمَرِ الذَّاوي غضارَتُها / فِداً لِنُورِكَ مِنِّي السَّمْعُ والبصَرُ
إن يُمسِ جِسْمُكَ مَوْعوكاً بصالِيةٍ / فهكَذا يُوعكُ الضِّرغامَةُ الهَصِرُ
أنتَ الحُسامُ فإنْ تُفللْ مَضارِبُهُ / فقبْلهُ مَا يُفلُّ الصَّارِمُ الذَّكَرُ
رُوحٌ مِنَ المَجْد في جُثمان مَكرُمَةٍ / كأنَّما الصُّبْحُ مِنْ خَدَّيْهِ يَنْفجِرُ
لَو غالَ مَجْلودَهُ شَيءٌ سِوى قَدَرٍ / أكْبَرْتُ ذَاكَ وَلكِنْ غالَهُ القَدَرُ
كم أَلحَمَ السَّيفُ في أبناءِ مَلْحَمَةٍ
كم أَلحَمَ السَّيفُ في أبناءِ مَلْحَمَةٍ / ما مِنْهُمُ فَوقَ ظهْرِ الأَرْض دَيَّارُ
وأوْرَدَ النَّارَ مِنْ أَرواحِ مارِقَةٍ / كادَتْ تَمَيّزُ مِنْ غَيْظٍ لَها النّارُ
كأَنَّما صَالَ في ثِنْيَي مُفاضَتِهِ / مُسْتَأْسِدٌ حَنِقُ الأَحْشاءِ هَرَّارُ
لمَّا رأَى الفِتْنَةَ العَمْياءَ قَدْ رَحُبَتْ / مِنْها على النَّاسِ آفاقٌ وأَقْطارُ
وَأطبَقَتْ ظُلمٌ مِنْ فَوْقِها ظُلمٌ / مَا يُسْتَضاءُ بِها نُورٌ ولا نارُ
قادَ الجِيادَ إِلى الأعْداءِ سارِيَةً / قُبَّاً طَواها كطَيِّ العَصْبِ إِضْمَارُ
مَلْمُومَةً تَتَبارى في مُلَمْلَمَةٍ / كأَنَّها لاعْتِدالِ الخَلْقِ أَفْهارُ
تَزْوَرُّ عِنْدَ احْتماسِ الطَّعْنِ أَعْيُنُها / وَهُنَّ مِنْ فُرُجاتِ النَّقْعِ نُظَّارُ
تَفُوتُ بِالثأرِ أَقْواماً وَتُدْرِكُهُ / مِنْ آخَرينَ إذَا لم يُدْرَكِ الثّارُ
فَانسابَ ناصِرُ دينِ اللَّهِ يَقْدُمُهُمْ / وحَوْلَه مِنْ جُنُودِ اللَّهِ أَنصارُ
كتائِبٌ تَتَبارى حَوْلَ رايَتهِ / وجَحْفَلٌ كسَوادِ اللَّيْلِ جَرَّارُ
قَوْمٌ لَهُمْ في مَكَرِّ اللَّيْلِ غَمْغَمَةٌ / تَحْتَ الْعَجاجِ وَإقْبالٌ وَإدْبارُ
يَسْتَقْدِمُونَ كرادِيساً مُكَرْدَسَةً / كما تَدَفَّعَ بِالتَّيَّارِ تَيَّارُ
مِنْ كلِّ أَرْوَعَ لا يَرْعَى لِهاجِسَةٍ / كأَنَّهُ مُخْدِرٌ في الغِيلِ هَصَّارُ
في قَسطَلٍ مِنْ عَجاج الحَرْبِ مُدَّ لَهُ / بَينَ السَّماءِ وبَيْنَ الأَرْضِ أَسْتارُ
فَكمْ بِساحَتِهمْ مِنْ شِلْوِ مُطَّرَحٍ / كأنَّهُ فَوْقَ ظَهْرِ الأَرْضِ إجَّارُ
كأنَّما رَأسُهُ أَفْلاقُ حَنْظَلَةٍ / وساعِداهُ إلَى الزَّنْدينِ جُمَّارُ
وكم على النَّهْرِ أَوْصالاً مُقَسَّمَةً / تَقَسَّمَتْها المَنايا فَهْيَ أَشْطارُ
قَدْ فُلِّقَتْ بِصَفيحِ الهِندِ هَامُهُمُ / فَهُنَّ بَينَ حَوَامي الخَيْلِ أَعْشارُ
جارَ المَشيبُ على رأسِي فَغَيَّرَهُ
جارَ المَشيبُ على رأسِي فَغَيَّرَهُ / لمَّا رأى عنْدَنا الحُكَّامَ قَدْ جَارُوا
كَأنَّما جُنَّ لَيْلٌ في مَفارِقِهِ / فَاعْتاقَهُ مِنْ بَياضِ الصُّبحِ إِسْفارُ
نُجُومٌ في المَفارِقِ ما تَغُورُ
نُجُومٌ في المَفارِقِ ما تَغُورُ / ولا يَجري بِها فَلَكٌ يَدُورُ
كأنَّ سَوادَ لِمَّتهِ ظَلامٌ / أغارَ مِنَ المَشيبِ عَليْهِ نُورُ
أَلا إِنَّ القَتيرَ وَعيدُ صِدْقٍ / لنَا لو كَانَ يَزْجُرُنا القَتيرُ
نَذيرُ المَوْتِ أَرْسَلَهُ إليْنا / فَكَذَّبْنا بِما جاءَ النَّذيرُ
وقُلْنا لِلنفُوسِ لعلَّ عُمراً / يَطُولُ بِنا وَأَطْوَلُهُ قَصيرُ
مَتى كذبتْ مَواعِدُها وخانَتْ / فَأوَّلُها وَآخِرُها غُرورُ
لقد كادَ السُّلوُّ يُميتُ شَوقِي / وَلكنْ قَلَّما فُطِمَ الكَبيرُ
كأنِّي لم أَرُقْ بَلْ لم تَرُقني / شُمُوسٌ في الأكِلةِ أو بُدُورُ
ولَمْ ألقَ المُنَى في ظلِّ لَهْوٍ / بِأَقمارٍ سَحَائِبُها السّتُورُ
عَلى مِثْلِها مِنْ فَجْعَةٍ خانَني الصَّبرُ
عَلى مِثْلِها مِنْ فَجْعَةٍ خانَني الصَّبرُ / فِراقُ حَبيبٍ دُونَ أَوبَتِهِ الحَشْرُ
وَلي كَبدٌ مَشطورَةٌ في يَدِ الأَسى / فَتَحْتَ الثَّرى شَطْرٌ وفَوْقَ الثَّرى شَطرُ
يَقولونَ لي صَبِّرْ فُؤادَكَ بَعْدَهُ / فَقُلتُ لهُمْ ما لِي فؤادٌ ولا صَبْرُ
فُرَيْخٌ مِنَ الحُمْرِ الحَواصلِ ما اكْتَسى / مِنَ الرِّيشِ حَتَّى ضَمَّهُ المَوْتُ والقَبْرُ
إذَا قُلْتُ أَسْلو عَنْهُ هَاجَتْ بَلابِلٌ / يُجَدِّدُها فِكْرٌ يُجَدِّدُهُ ذِكْرُ
وَأَنْظُرُ حَوْلي لا أرَى غَيرَ قَبرِهِ / كأنَّ جميعَ الأَرضِ عِنْدِي لَهُ قَبرُ
أَفَرْخَ جِنَانِ الخُلْدِ طِرْتَ بِمُهْجَتي / وَليْسَ سِوى قَعْرِ الضَّريحِ لَهُ وَكرُ
سَبيلُ الحبِّ أوَّلُهُ اغْترارُ
سَبيلُ الحبِّ أوَّلُهُ اغْترارُ / وآخِرُهُ هُمومٌ وَادِّكارُ
وَتَلْقى العَاشِقينَ لَهُمْ جُسومٌ / بَراها الشَّوقُ لو نُفِخُوا لطاروا