القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الرَّصافي البَلَنْسي الكل
المجموع : 16
خَليلَيَّ ما لِلبيدِ قَد عَبَقَت نَشرا
خَليلَيَّ ما لِلبيدِ قَد عَبَقَت نَشرا / وَما لِرُؤوسِ الرَكبِ قَد رُنِّحَت سُكرا
هَلِ المِسكُ مَفتوقاً بِمَدرَجَةِ الصَبا / أَمِ القَومُ أَجرَوا مِن بَلَنسِيَةٍ ذِكرا
خَليلَيَّ عُوجا بي عَلَيها فَإِنَّهُ / حَديثٌ كَبَردِ الماءِ في الكَبِدِ الحَرّى
قِفا غَيرَ مَأمورَينِ وَلِتَصديا بِها / عَلى ثِقَةٍ لِلغَيثِ فَاِستَسقِيا القَطرا
بِجِسرِ مَعانٍ وَالرَصافَةِ إِنَّهُ / عَلى القَطرِ أَن يَسقي الرَصافَةَ وَالجِسرا
بِلادي الَّتي ريشَت قُوَيديمتي بِها / فُرَيخاً وَآوَتني قَرارَتُها وَكرا
مَبادئ لينِ العَيشِ في رَيِّقِ الصِبا / أَبى اللَهُ أَن أَنسى لَها أَبَداً ذِكرا
لَبِسنا بِها ثَوبَ الشَبابِ لِباسَها / وَلكِن عَرينا مِن حُلاهُ وَلَم تَعرى
أَمَنزِلَنا عَصرَ الشَبيبَةِ ما الَّذي / طَوى دونَنا تِلكَ الشَبيبَةَ وَالعَصرا
مَحَلٌّ أَغَرُّ العَهدِ لَم نُبدِ ذِكرَهُ / عَلى كَبِدٍ إِلا اِمتَرى أَدمُعاً حُمرا
أَكُلُّ مَكانٍ كانَ في الأَرضِ مَسقَطاً / لِرَأسِ الفَتى يَهواهُ ما عاشَ مُضطَرّا
وَلا مِثلَ مَدحُوٍّ مِنَ المِسكِ تُربَةً / تُمَلّي الصَبا فيها حَقيبَتَها عِطرا
نَباتٌ كَأَنَّ الخَدَّ يَحمِلُ نَورَهُ / تَخالُ لُجيناً في أَعاليهِ أَو تِبرا
وَماءٌ كَتَرصيعِ المَجَرَّةِ جَلَّلَت / نَواحِيَهُ الأَزهارُ فَاِشتَبَكَت زُهرا
أَنيقٌ كَرَيعانِ الحَياةِ الَّتي خَلَت / طَليقٌ كَرَيّانِ الشَبابِ الَّذي مَرّا
وَقالوا هَلِ الفِردَوسُ ما قَد عَلِمتُهُ / فَقُلتُ وَما الفِردَوسُ في الجَنَّةِ الأُخرى
بَلَنسِيَةٌ تِلكَ الزَبَرجَدَةُ الَّتي / تَسيلُ عَلَيها كُلُّ لُؤلُؤَةٍ نَهرا
كَأَنَّ عَروساً أَبدَعَ اللَهُ حُسنَها / فَصَيَّرَ مِن شَرخِ الشَبابِ لَها عُمرا
وَإِن كانَ قَد مدَّت يَدُ البَينِ بَينَنا / مِنَ الأَرضِ ما يَهدي المُجِدّ بِهِ شَهرا
تُؤَبَّدُ فيها شَعشَعانِيَّةُ الضُحى / إِذا ضاحَكَ الشَمسُ البُحَيرَةَ وَالنَهرا
تَراجَمُ أَنفاسُ الرِياحِ بِزَهرِها / رُجوماً فَلا شَيطانَ يَقرَبُها ذُعرا
هِيَ الدُرَّةُ البَيضاءُ مِن حَيثُ جِئتَها / أَضاءَت وَمن لِلدُّرِّ أَن يَشبِهُ البَدرا
خَليلَيَّ إِن أَصدُر إِلَيها فَإِنَّها / هِيَ الوَطَنُ المَحبوبُ أَوكَلتُهُ الصَدرا
وَلَم أَطوِ عَنها الخَطوَ هَجراً لَها إِذاً / فَلا لَثَمَت نَعلي مَساكِنَها الخَضرا
وَلكِنَّ إِجلالاً لِتُربَتِها الَّتي / تَضُمُّ فَتاها النَدبَ أَو كَهلَها الحُرّا
أَكارِمُ عاثَ الدَهرُ ما شاءَ فيهِمُ / فَبادَت لَياليهِم فَهَلِ اِشتَكى الدَهرا
هَجوعٌ بِبَطنِ الأَرضِ قَد ضَرَبَ الرَدى / عَلَيهِم قُبَيباتٍ فُوَيقَ الثَرى غُبرا
تَقَضَّوا فَمِن نَجمٍ هُنالِكَ ساقِطٍ / أَبى اللَهُ أَن يَرعى السِماكَ أَوِ النَسرا
وَمَن سابِقٍ هذا إِذا شاءَ غايَةً / شَأى غَيرَ مَجهودٍ جِيادَ العُلا حُضرا
أُناسٌ إِذا لاقَيتَ مِن شيتَ مِنهُمُ / تَلَقَّوكَ لا غَثَّ الحَديثِ وَلا غَمرا
وَقَد دَرَجتَ أَعمارُهُم فَتَطَلَّعوا / هِلالَ ثَلاثٍ لَو سَنا رَقّ أَو بَدرا
ثَلاثَةُ أَمجادٍ مِنَ النَفَرِ الأُلى / زَكَوا خَبَراً بَينَ الوَرى وَزَكوا خُبرا
ثَكَلتهُم ثُكلاً دَهى العَينَ وَالحَشا / فَفَجَّرَ ذا ماءً وَسَجَّرَ ذا جَمرا
كَفى حَزَناً أَنّي تَباعَدتُ عَنهُم / فَلَم أَلقَ مَن أَسرى مُخفّاً وَلا سرّا
وَإِنّي مَتى أَسأَل بِهِم كُلَّ راكِبٍ / لِيُظهِرَ لي خَيراً تَأَبَّطَ لي شَرّا
أباحِثُهُ عَن صالِحاتٍ عَهِدتُها / هُناكَ فَيُنبيني بِما يَقصِمُ الظَهرا
مُحَيّا خَليلٍ غاضَ ماءُ حَياتِهِ / وَساكِنُ قَصرٍ صارَ مَسكَنُهُ القَبرا
وَأَزهَر كَالإِصباحِ قَد كُنتُ أَجتَلي / سَناهُ كَما يَستَقبِلُ الأَرِقُ الفَجرا
فَتىً لَم يَكُن خِلوَ الصِفاتِ مِنَ النَدى / وَلَم يَتَناسَ الجودَ أَعدَمَ أَم أَثرى
يُصَرِّفُ ما بَينَ اليَراعَةِ وَالقَنا / أَنامِلَهُ لا بَل هَواطِلَهُ الغَرّا
طَويلُ نِجادِ السَيفِ لانَ كَأَنَّما / تَخَطّى بِهِ في البَردِ خَطِّيَّةً سَمرا
سَقَتهُ عَلى ما فيهِ مِن أَريحيّةِ / خَلائِقُ هُنَّ الخَمرُ أَو تُشبِهُ الخَمرا
وَنَشرُ مُحيا لِلمَكارِمِ لَو سَرَت / حُمَيّاهُ في وَجهِ الأَصيلِ لَما اِصفَرّا
هَلِ السَعدُ إِلّا حَيثُ خُطَّ صَعيدُهُ / فَما بَلَّ في شَفرَي ضَريحٍ لَهُ شَفرا
طَوَيتُ اللَيالي طَيَّهُنَّ وَإِنَّما / طَوَينَ بِهِ عَنّي التَجَلُّدَ وَالصَبرا
فَلا حُرِمَت سُقياهُ أَدمُعَ مُزنَةٍ / تَرى مَبسَمَ النُوّارِ أَصفَرَ مُغبَرّا
وَما دَعوَتي لِلمُزنِ عُذراً لِدَعوَتي / إِذا ما جَعَلتُ البُعدَ عَن قُربِهِ عُذرا
مَعاهِدُ قَد وَلَّت إِذا ما اِعتَبَرتَها / وَجَدتَ الَّذي يَحلو مِنَ العَيشِ قَد مَرّا
سَقى العَهدَ مِن نَجدٍ معاهدَه بِما
سَقى العَهدَ مِن نَجدٍ معاهدَه بِما / يغارُ عَلَيها الدَمعُ أَن تَشرَبَ القَطرا
فَيا غَينَةَ الجَرعاءِ ما حالَ بَينَنا / سِوى الدَهرِ شَيءٌ فَاِرجِعي نَشتَكي الدَهرا
تَقَضَّت حَياةُ العَيشِ إِلا حُشاشَةً / إِذا سَأَلَت لُقياكِ عَلَّلتُها ذِكرا
وَكَم بِالنَقا مِن رَوضَةٍ مُرجَحِنَّةٍ / تَضَمَّخُ أَنفاسُ الرِياحِ بِها نَشرا
وَمِن نُطفَةٍ زَرقاءَ تَلعَبُ بِالصَدى / إِذا ما ثَنى ظلٌّ مُدارٌ بِها سُمرا
وَبَردُ نَسيمٍ أَنثَني عِندَ ذِكرِهِ / عَلى زَفَراتٍ تَصدَعُ الكَبدَ الحَرّى
وَإِن لباناتٍ تَضَمَّنَها الحَشا / قَليلٌ لَدَيها أَن نَضيقَ بِها صَدرا
حَباني عَلى بُعدِ المَدى بِتَحِيَّةٍ
حَباني عَلى بُعدِ المَدى بِتَحِيَّةٍ / أَرى غُصني رَطبَ المَهَزِّ بِها نَضرا
بَرائِيَّةٍ لَم أَدرِ عِندَ اِجتِلائِها / هِيَ الدُرُّ مَنظوماً أَمِ الزَهرُ مُفتَرّا
وَما سِرُّ نَوّارٍ بِمَمطورَةِ الرُبى / تَبوحُ أُصَيلاناً بِهِ الريحُ أَو فَجرا
بِأَطيَبَ مِنها في الأُنوفِ وَغَيرِها / تَجاذَبَها سِرّاً بَنو الدَهرِ أَو جَهرا
أَعِندَكُم أَنّا نَبيتُ لِبُعدِكُم / وَكُلُّ يَدٍ مِنّا عَلى كَبِدٍ حَرّى
وَمِن عَجَبٍ أَنّا نَهيمُ بِقُربِكُم / وَلا زَورَ إِلّا أَن نُلِمَّ بِكُم ذِكرا
نُؤَمِّلُ لُقياكُم وَكَيفَ مَطارُنا / بِأَجنِحَةٍ لا نَستَطيعُ لَها نَثرا
فَلَو آبَ ريعانُ الصِبا وَلِقاؤُكُم / إِذاً قَضَتِ الأَيّامُ حاجَتَنا الكُبرى
فَإِن لَم يَكُن إِلّا النَوى وَمَشيبنا / فَفي أَيِّ شَيءٍ بَعدُ نَستَعطِفُ الدَهرا
فَهَل مِن فَتىً طَلقِ المُحَيّا مُحَبَّبٍ / يَطولُ تَمَنّي السَفرِ أَن يَصحَبَ السَفرا
تُحَدِّثُكُم عَنّا أَسِرَّةُ وَجهِهِ / وَإِن لَم تَصِف إِلا التَهَلُّلَ وَالبِشرا
فَلَو لَم تَكُن تُمسي مَشارِبُ خاطِري / كَما شاءَتِ الدُنيا مُعَكَّرَةٌ كُدرا
لَأَصدَرتُها عَنّي نَتائِجَ مُنجِبٍ / عِراباً كَما تَدري مُحَجَّلَةً غُرّا
عَلى أَنَّني لا أَرتَضي الشِعرَ خُطَّةً / وَلَو صُيِّرَت خُضراً مَسارِحِيَ الغَبرا
كَفى ضِعةً بِالشِعرِ أَن لَستُ جالِباً / إِلَيَّ بِهِ نَفعاً وَلا رافِعاً ضُرّا
يَقولُ أُناسٌ لَو رَفَعتَ قَصيدَةً / لَأَدرَكتَ حَتماً في الزَمانِ بِها أَمرا
وَمِن دونِ هذا غَيرَةٌ جاهِلِيَّةٌ / وَإِن هِيَ لَم تَلزَم فَقَد تَلزَمُ الحُرّا
أَلَم يَأتِهِم أَنّي وَأَدتُ بِحُكمِها / بُنَيّاتِ صَدري قَبلَ أَن تَبرَحَ الصَدرا
مَتى أَرسَلَت أَيدي المُلوكِ هِباتِها / وَلَم يُوصِلوا جاهاً وَلَم يُجزِلوا ذُخرا
فَقَد سَرَّني أَنّي حَرَمتُ عُلاهُمُ / حُلىً مُحكَماتٍ تُخجِلُ الأَنجُمَ الزُهرا
وَبِنَفسي مَن لا أُسَمّيهِ إِلّا
وَبِنَفسي مَن لا أُسَمّيهِ إِلّا / بَعضَ إِلمامَةٍ وَبَعضَ إِشارَه
هُوَ وَالظَبيُ في الجَمالِ سَواءٌ / ما اِستَعارَ الغَزالُ مِنهُ اِستَعارَه
أَغيَدٌ يُمسِكُ الحَريرَ بِفِيهِ / مِثلَما يُمسِكُ الغَزالُ العَرارَه
ما بِقَلبي حَوَتهُ مِنهُ ضُلوعي / كَالرَجاءِ اِنطَوى وَفيهِ شَرارَه
دارُهُ القَلبُ وَهوَ يَحتَلُّ أُخرى / قَدَّسَ اللَهُ حَيثُما حَلَّ دارَه
رَأى حَرَكاتِ قامَتِهِ
رَأى حَرَكاتِ قامَتِهِ / قَضيبُ البانِ فَاِعتَبَرا
وَكَم جَهِدَ النَسيمُ بِهِ / لِيُحسِنَها فَما قَدَرا
اِجعَل العِلمَ أَوَّلاً
اِجعَل العِلمَ أَوَّلاً / وَاِجعَلِ الشِعرَ آخِرا
فَإِذا ما فَعَلتَ ذا / كُنتَ لا شَكَّ شاعِرا
عَذِيريَ مِن جَذلانَ يُبدي كَآبَةً
عَذِيريَ مِن جَذلانَ يُبدي كَآبَةً / وَأَضلُعُهُ مِمّا يُحاوِلُهُ صِفرُ
أُمَيلدُ مَيّاسٌ إِذا قادَهُ الصَبا / إِلى مُلَحِ الإِدلالِ أَيَّدَهُ السِحرُ
يَبُلُّ مَآقي زَهرَتَيهِ بِريقِهِ / وَيَحكي البُكا عَمداً كَما اِبتَسَمَ الزَهرُ
أَيوهِمُ أَنَّ الدَمعَ بَلَّ جُفونَهُ / وَهَل عُصِرَت يَوماً مِنَ النَرجِسِ الخَمرُ
تَفاءَلتُ بِالسِكّينِ لما بَعَثتهُ
تَفاءَلتُ بِالسِكّينِ لما بَعَثتهُ / لَقَد صَدَقَت مِنّي العِيافَةُ وَالزَجرُ
فَكانَ مِنَ السكّينِ سُكناكَ في الحَشا / وَكانَ مِنَ القَطعِ القَطِيعَةُ وَالهَجرُ
إِذا كانَ الَّذي يَعرُو مُهِمّاً
إِذا كانَ الَّذي يَعرُو مُهِمّاً / فَأَيسَرُ ما تَضيقُ بِهِ الصُدورُ
فَيا لَكِ صِحَّةً جَلَبَت حَياةً / تَعيشُ بِها المَنابِرُ وَالثُغورُ
وَيا لَكِ نِعمَةً رُمنا مَداها / فَما وَصَلَ اللِسانُ وَلا الضَميرُ
عَجَزنا أَن نَقومَ لَها بِشُكرٍ / عَلى أَنَّ الشَكُورَ لَها كَثيرُ
وَكَيفَ بِهِ وَباعُ القَولِ فيها / وَإِن طالَت مَسافَتُهُ قَصيرُ
تَخَلَّصنا بِها مِن كُلِّ هَمٍّ / كَأًنَّ اللَيلَ في يَدِهِ أَسيرُ
وَبِتنا في ذَراها كَيفَ شِئنا / فَجَفنٌ نائِمٌ وَحَشاً قَريرُ
رَفَعنا نَحوَ مَرآكُم عُيوناً / لَهُنَّ دُوَينَكُم نَظَرٌ كَسيرُ
فَكادَ يَصُدُّنا عَن مُجتَلاهُ / رَقِيبٌ مِن مَهابَتِكُم غَيورُ
فَيا صَفَحاتِهِ زيدي اِنبِلاجاً / كَما يَعلو الصَباحُ المُستَنيرُ
وَيا قَسَماتِهِ زيدي اِبتِهاجاً / كَما يَتَضاحَكُ الرَوضُ المَطيرُ
وَجِذمٌ في الخِلافَةِ مُستَقِرٌّ / تَمُرُّ عَلى أَصالَتِهِ الدُهورُ
وَحُكمٌ تَحتَهُ أَمرٌ مُطاعٌ / يُحَطُّ بِهِ عَنِ الجَيشِ الأَميرُ
وَتَدبيرٌ يَبيتُ عَلى التَمادي / مِنَ الرَأيِ المُصيبِ لَهُ سَميرُ
وَهَيجاءٌ تَخَطَّفتُم ذَوِيها / كَما تَتَخَطَّفُ الحَجَلَ الصُقورُ
بِخيلٍ مُدرِكاتٍ ما أَرادَت / إِذا اِشتَدَّت فَلَيسَ لَها فُتورُ
مُصَرَّفَةٌ بِحُكمِكُمُ فَطَوراً / تَخُبُّ بِكُم وَآوِنَةً تَطيرُ
وَكَم بَيداءَ قَد جاوَزتُموها / فَلاذَ بِظِلِّكُم فيها الهَجيرُ
فَجِئتُم وَالغَديرُ بِها سَرابٌ / وَزُلتُم وَالسَرابُ بِها غَديرُ
رَسَمنا الحَمدَ بِاِسمِكَ وَاِقتَصَرنا / فَلَم يَطُلِ النَظيمُ وَلا النَثيرُ
إِذا لَم ينقصِ المَعنى بَيانٌ / فَسِيّان البَلاغَةُ وَالقُصورُ
فَتىً مِن قَيسِ عيلانٍ تَلاقى / عَلى سِيمائِهِ كَرَمٌ وَنورُ
تُضيءُ بِهِ البِلادُ إِذا تَجَلّى / وَتَغرَقُ في مَكارِمِهِ البُحورُ
وَتُعرَفُ مِن مَنازِلِهِ المَعالي / كَما عُرِفَت مِنَ القَمَرِ الشُهورُ
تَشَبَّهَتِ المُلوكُ بِهِ وَحاشا / وَذلِكَ مِنهُمُ غَيٌّ وَزُورُ
وَقَد يَقَعُ التَفاضُلُ في السَجايا / وَيُهجى الشَوكُ إِن لُمِسَ الحَريرُ
فِدىً لَكَ مِنهُمُ أَعلاقُ صِدقٍ / فَإِنَّكَ أَنتَ واحِدُها الخَطيرُ
إِلى الجَوزاءِ فَاِرقَ وَدَع أُناساً / مَراقِيهِم عَريشٌ أَو سَريرُ
وَبَعدُ فَزار حَضرَتَكُم سَلامٌ / وَلكِن مِثلُ ما نَفَحَ العَبيرُ
سَلامٌ تَحتَهُ شَوقٌ وَحُبٌّ / يَخُصُّكُمُ بِهِ عَبدٌ شَكورُ
مُمَلَّكُ طاعَةٍ لَكُمُ وَنُعمى / هَما في الجيدِ طَوقٌ أَو جَريرُ
بِعَيشِكَ هَل أَبصَرتَ مِن قَبلُ أَحرُفاً
بِعَيشِكَ هَل أَبصَرتَ مِن قَبلُ أَحرُفاً / كُتِبنَ بِماءِ الحُسنِ في طُرَرِ الزَهرِ
سَحاءَة قِرطاسٍ ثَنَتها كَما تَرى / مُلاعَبَةُ المِقراضِ سَطراً عَلى سَطرِ
أَلَيسَ عَجيباً أَن يُعَوَّضَ كاتِبٌ / بِكافورَةِ القِرطاسِ عَن مِسكَةِ الحِبرِ
وَفي أُذنِكَ الجَوزاءُ قُرطاً مُعَلَّقاً
وَفي أُذنِكَ الجَوزاءُ قُرطاً مُعَلَّقاً / وَلِلنَّجمِ في يُمناكَ ضِغثُ بَهارِ
وَأَنتَ هِلالٌ بَل أَقولُ غَزالَةٌ / وَحَولَكَ سِربٌ لا أَقولُ دَراري
كَما قُلتُ ما بالي أَرى اللَيل سَرمَداً / وَإِلّا فَلِم لا يَنجَلي بِنَهارِ
يَقولونَ طالَ اللَيلُ وَاللَيلُ لَم يَطُل / وَهَل فيهِ بَينَ العاشِقينَ تَماري
إِذا جَنَّ لَيلُ الحُبِّ لَم يَدرِ نائِمٌ / بِهِ ما يُقاسي هائِمٌ وَيُداري
وَقالوا تَجَلّى بِالمَشيبِ عِذارُهُ / فَقُلتُ تَجَلّى بِالمَشيبِ عِذاري
فَجاشَت لَها مِنهُم صُدورٌ كَأَنَّها / غُمودُ سُيوفٍ وَالسُيوفُ عَواري
وَلَو شِئتُ ثارَت بَينَنا حَربُ عاشِقٍ / يَكونُ بِها ثَوبُ السَقامِ شِعاري
وَلكِن عَدَتني يا اِبنَةَ الخَيرِ عَنهُمُ / عَوادي خُطُوبٍ في الخُطُوبِ كِبارِ
رَكِبتُ لَها بَحرَ الزُقاقِ تَعَمُّداً / وَلِلفُلكِ بَينَ العَدوَتَينِ تَباري
بِحَيثُ اِلتَقى البَحرانِ وَالمَوتُ عازِمٌ / يُساوِرُنا مِن يَمنَةٍ وَيَسارِ
لَو جِئتَ نارَ الهُدى مِن جانِبِ الطُورِ
لَو جِئتَ نارَ الهُدى مِن جانِبِ الطُورِ / قَبَستَ ما شِئتَ مِن عِلمٍ وَمِن نُورِ
مِن كُلِّ زَهراءَ لَم تُرفَع ذُؤابَتُها / لَيلاً لِسارٍ وَلَم تُشبَب لِمَقرورِ
فَيضِيَّةُ القَدحِ مِن نورِ النُبُوَّةِ أَو / نورِ الهِدايَةِ تَجلو ظُلمَةَ الزورِ
ما زالَ يُقضِمُها التَقوى بِمَوقِدِها / صَوّامُ هاجِرَةٍ قَوّامُ دَيجورِ
حَتّى أَضاءَت مِنَ الإيمانِ عَن قَبَسٍ / قَد كانَ تَحتَ رَمادِ الكُفرِ مَكفورِ
نورٌ طَوى اللَهُ زَندَ الكَونِ مِنهُ على / سِقطٍ إِلى زَمَنِ المَهدِيِّ مَذخورِ
وَآيَةٌ كَإِياةِ الشَمسِ بَينَ يَدَي / غَزوٍ عَلى المَلِكِ القَيسِيِّ مَنذورِ
يا دارُ دارَ أَميرِ المُؤمِنينَ بِسَف / حِ الطَودِ طَودِ الهُدى بورِكتِ في الدُورِ
ذاتَ العمادينِ مِن عِزٍّ وَمَملَكَةٍ / عَلى الأَساسينَ مِن قُدسٍ وَتَطهيرِ
ما كانَ بانيكِ بِالواني الكَرامَةِ عَن / قَصرٍ عَلى مَجمَعِ البَحرَينِ مَقصُورِ
مَواطِئ مِن نَبِيٍّ طالَ ما وُصِلَت / فيها الخُطى بَينَ تَسبيحٍ وَتَكبيرِ
حَيثُ اِستَقَلَّت بِهِ نَعلاهُ بورِكَتا / فَطَيَّبَت كُلَّ مَوطوءٍ وَمَعبورِ
وَحَيثُ قامَت قَناةُ الدينِ تَرفُلُ في / لِواءِ نَصرٍ عَلى البَرَّينِ مَنشورِ
في كَفِّ مُنشَمِرِ البُردَينِ ذي وَرَعٍ / عَلى التُقى وَصَفاءِ النَفسِ مَفطورِ
يَلقاكَ في حالِ غَيبٍ مِن سَريرَتِهِ / بِعالَمِ القُدسِ مَشهورٍ وَمَحضورِ
تَسَنَّمَ الفُلكَ مِن شِطِّ المَجازِ وَقَد / نُودينَ يا خَيرَ أَفلاكِ العُلا سيري
فَسِرنَ يَحمِلنَ أَمرَ اللَهِ مِن مَلِكٍ / بِاللَهِ مُستَنصِرٍ في اللَهِ مَنصُورِ
يُومي لَهُ بِسُجودٍ كُلُّ مَحرَكَةٍ / مِنها وَيوليهِ حَمداً كُلُّ تَصديرِ
لَما تَسابَقنَ في بَحرِ الزُقاقِ بِهِ / تَرَكنَ شَطَّيهِ في شَكٍّ وَتَحييرِ
أَهزَّ مِن مَوجِهِ أَثناءَ مَسرورِ / أَم خاضَ مِن لُجِّهِ أَحشاءَ مَذعورِ
كَأَنَّهُ سالِكٌ مِنهُ عَلى وَشَلٍ / في الأَرضِ مِن مُهَجِ الأَسيافِ مَقطورِ
مِنَ السُيوفِ الَّتي ذابَت لِسَطوَتِهِ / وَقَد رَمى نارَ هَيجاها بِتَسعيرِ
ذو المُنشَآتِ الجَواري في أَجِرَّتِها / شَكلُ الغَدائِرِ في سَدلٍ وَتَضفيرِ
أَغرى المِياهَ وَأَنفاسَ الرِياحِ بِها / ما في سَجاياهُ مِن لينٍ وَتَعطيرِ
مِن كُلِّ عَذراءَ حُبلى في تَرائِبِها / رَدعان مِن عَنبَرٍ وَردٍ وَكافورِ
تَخالُها بَينَ أَيدٍ مِن مَجاذِفِها / يَغرَقنَ في مِثلِ ماءِ الوَردِ مِن جُورِ
وَرُبَّما خاضَتِ التَيّارَ طائِرَةً / بِمِثلِ أَجنِحَةِ الفُتخِ الكَواسيرِ
كَأَنَّما عَبَرَت تَختالُ عائِمَةً / في زاخِرٍ مِن نَدى يُمناهُ مَعصورِ
حَتّى رَمَت جَبَلَ الفَتحَينِ مِن كَثَبٍ / بِساطِعٍ مِن سَناهُ غَيرَ مَبهورِ
لِلَّهِ ما جَبَلُ الفَتحَينِ مِن جَبَل / مُعَظَّمِ القَدرِ في الأَجبالِ مَذكورِ
مِن شامِخِ الأَنفِ سَحنائِهِ طَلَسٌ / لَهُ مِنَ الغَيمِ جَيبٌ غَيرُ مَزرورِ
مُعَبِّراً بِذَراهُ عَن ذَرى مَلِكٍ / مُستَمطَرِ الكَفِّ وَالأَكنافِ مَمطورِ
تُمسي النُجومُ عَلى إِكليلِ مَفرِقِهِ / في الجَوِّ حائِمَةً مِثلَ الدَنانيرِ
وَرُبَّما مَسَحَتهُ مِن ذَوائِبِها / بِكُلِّ فَضلٍ عَلى فَودَيهِ مَجرورِ
وَأَدرَدٍ مِن ثَناياهُ بِما أَخَذَت / مِنهُ مَعاجِمُ أَعوادِ الدَهاريرِ
مُحَنَّكٌ حَلَبَ الأَيّامَ أَشطُرَها / وَساقَها سَوقَ حادي العِيرِ لِلعيرِ
مُقَيَّدُ الخَطوِ جَوّالُ الخَواطِرِ في / عَجيبِ أَمرَيهِ مِن ماضٍ وَمَنظورِ
قَد واصَلَ الصَمتَ وَالإِطراقَ مُفتَكِراً / بادي السَكينَةِ مُغفَرِّ الأَساريرِ
كَأَنَّهُ مُكمَدٌ مِمّا تَعَبَّدَهُ / خَوفُ الوَعيدَينِ مِن دَكّ وَتَسييرِ
أَخلِق بِهِ وَجِبالُ الأَرضِ راجِفَةٌ / أَن يَطمَئِنَّ غَداً مِن كُلِّ مَحذورِ
كَفاهُ فَضلاً أَنِ اِنتابَت مَواطِئَهُ / نَعلا مَليكٍ كَريمِ السَعيِ مَشكورِ
مُستَنشِئاً بِهِما ريحَ الشَفاعَةِ مِن / ثَرى إِمامٍ بِأَقصى الغَربِ مَقبورِ
ما اِنفَكَّ آمِلَ أَمرٍ مِنهُ بَينَ يَدَي / يَومِ القِيامَةِ مَحتومٍ وَمَقدورِ
حَتّى تَصَدّى مِنَ الدُنيا عَلى رَمَقٍ / يَستَنجِزُ الوَعدَ قَبلَ النَفخِ في الصورِ
مُستَقبِلَ الجانِبِ الغَربِيِّ مُرتَقِباً / كَأَنَّهُ بائِتٌ في جَوِّ أَسميرِ
لِبارِقٍ مِن حُسامٍ سَلَّهُ قَدَرُ / بِالغَربِ مِن أُفُقِ البِيضِ المَشاهيرِ
إِذا تَأَلَّقَ قَيسِيّاً أَهابَ بِهِ / إِلى شَفا مِن مُضاعِ الدينِ مَوتورِ
مَلكٌ أَتى عِظَماً فَوقَ الزَمانِ فَما / يَمُرُّ فيهِ بِشَيءٍ غَيرِ مَحقورِ
ما عَنَّ في الدينِ وَالدُنيا لَهُ أَرَبٌ / إِلا تَأَتّى لَهُ مِن غَيرِ تَعذيرِ
وَلا رَمى مِن أمانِيهِ إِلى غَرَضٍ / إِلا هَدى سَهمَهُ نُجحُ المَقاديرِ
حَتّى كَأَنَّ لَهُ في كُلِّ آوِنَةٍ / سُلطانَ رِقٍّ عَلى الدُنيا وَتَسخيرِ
مُمَيَّزُ الجَيشِ مُلتَفّاً مَواكِبُهُ / مِن كُلِّ مَثلولِ عَرشِ المُلكِ مَقهورِ
مِنَ الأُلى خَضَعوا قَسراً لَهُ وَعَنَوا / لِأَمرِهِ بَينَ مَنهِيٍّ وَمَأمورِ
مِن بَعدِ ما عانَدوا أَمراً فَما تَرَكوا / إِذ أَمكَنَ العَفوُ مَيسوراً لِمَعسورِ
بَقِيَّةُ الحَربِ فاتوها وَما بِهِمُ / في الضَربِ وَالطَعنِ سيماءٌ لِتَقصيرِ
لا يُنكِرُ القَومُ مِمّا في أَكُفِّهِمُ / بيضٍ مَفاليلَ أَو سُمرٍ مَكاسيرِ
إِذا صَدَعتَ بِأَمرِ اللَهِ مُجتَهِداً / ضَرَبتَ وَحدَك أَعناقَ الجَماهيرِ
لا يَذهَلَنَّ لِتَقليلٍ أَخو سَبَبٍ / مِنَ الأُمورِ وَلا يَركَن لِتَكثيرِ
فَالبَحرُ قَد عادَ مِن ضَربِ العَصا يَبَساً / وَالأَرضُ قَد غَرِقَت مِن فَورِ تَنّورِ
وَإِنَّما هُوَ سَيفُ اللَهِ قَلَّدَهُ / أَقوى الهُداةِ يَداً في دَفعِ مَحذورِ
فَإِن يَكُن بِيَدِ المَهدِيِّ قائِمُهُ / فَمَوضِعُ الحَدِّ مِنهُ جَدُّ مَشهورِ
وَالشَمسُ إِن ذَكَرَت موسى فَما نَسِيَت / فَتاهُ يُوشَعَ قَمّاعَ الجَبابيرِ
وَأَرضُ شِلبٍ وَما شِلبٌ وَإِن وَلَدَت
وَأَرضُ شِلبٍ وَما شِلبٌ وَإِن وَلَدَت / غِمارَ ناسٍ فَناسٌ غَيرُ أَغمارِ
عُرفُ التَحاوُرِ مِن تِلقاءِ أَلسُنِهِم / كَأَنَّما نَشَأوا في غَيرِ أَمصارِ
يُلقُونَ بِالقَولِ مَوزُوناً وَما قَصَدوا / كَأَنَّ ذلِكَ مِنهُم عَقدُ إِضمارِ
إيهٍ وَهَل مَعَ إيهٍ يا أَبا عُمَرٍ / مِن تُحفَةٍ غَيرِ إِعظامٍ وَإِكبارِ
وَغَيرِ عَقدِ صَفاءٍ قَد قَسَمتُ لَكُم / مَعينَهُ بَينَ إِعلانٍ وَإِسرارِ
عَجِبتُ مِن مَعشَرٍ تُمطي مَآثِرَهُم / مِنَ الثَناءِ عَلَيها ظَهرَ طَيّارِ
ما بالُهُم رَقَدوا في لِينِ عَيشِهِمُ / عَن جارِهِم وَهوَ مَحبوسٌ بِإِقتارِ
ما كانَ أَقدَرَهُم أَن يَأخُذوا لَكُمُ / عَلى البَديهِ مِنَ الأَيّامِ بِالثارِ
وَالحُرُّ أَكثَرُ ما يُزري بِحاجَتِهِ / تَوَسُّطٌ مِن خَبيثِ النَفسِ خَوّارِ
صَونُ الفَتى وَجهَهُ أَبقى لِهِمَّتِهِ / وَالرِزقُ جارٍ عَلى حَدٍّ وَمِقدارِ
قَنِعتُ وَاِمتَدَّ مالي فَالسَماءُ يَدِي / وَنَجمُها دِرهَمي وَالشَمسُ ديناري
هذي مَساعي اِبنِ حَربون وَكَيفَ بِها
هذي مَساعي اِبنِ حَربون وَكَيفَ بِها / فَبارِها شَرَفاً يا نَجمُ أَو سارِ
فَهَل نَسائمُ مِسكٍ تَنثُرونَ مَعي / أَم تَقطِفونَ مَعي أَكمامَ أَزهارِ
حَتّى لَقَد خِلتَني شَعشَعتُ بَينَهُم / خَمراً فَمِن بَينِ مَخمورٍ وَخَمّارِ
وَمُطارِحٍ مِمّا تَجُسُّ بَنانُهُ
وَمُطارِحٍ مِمّا تَجُسُّ بَنانُهُ / لَحناً أَفاضَ عَلَيهِ ماءَ وَقارِهِ
يَثني الحَمامَ فَلا يَرُوحُ لِوَكرِهِ / طَرَباً وَرِزقُ بَنيهِ في مِنقارِهِ
أَلوي الضلوعَ عَنِ الولوعِ بِخَطرَةٍ
أَلوي الضلوعَ عَنِ الولوعِ بِخَطرَةٍ / من شَيمِ بَرقٍ أَو شَميم عرارِ
وَأُنيخ حَيثُ دُموعُ عَيني منهَلٌ / يُروي وَحَيث حَشايَ مَوقِدُ نارِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025