المجموع : 27
لَقَد جَشَأَت نَفسي عَشيَّةَ مُشرِفٍ
لَقَد جَشَأَت نَفسي عَشيَّةَ مُشرِفٍ / وَيَومَ لِوى حُزوى فَقُلتُ لَها صَبرا
نَحِنُّ إِلى مَيٍّ كَما حَنَّ نازِعٌ / دَعاهُ الهَوى فَارتادَ مِن قَيدِهِ قَصرا
فَقُلتُ اِربَعا يا صاحِبَيَّ بِدِمنَة / بِذي الرِمثِ قَد أَقوَت مَنازِلُها عَصرا
أَرَشَّت بِها عَيناكَ حَتّى كَأَنَّما / تَحُلّانِ مِن سَفح الدُموعِ بِها نَذرا
وَلا مَيَّ إِلا أَن تَزورَ بِمُشرِفٍ / أَو الزُرقِ مِن أَطلالِها دِمَناً قَفرا
تَعَفَّت لِتهتانِ الشِتاءِ وَهَوَّشَت / بِها نآئِجاتُ الصَيفِ شَرقيَّةً كُدرا
فَما ظَبيَةٌ تَرعى مَساقِطَ رَملَةٍ / كَسا الواكِفُ الغادي لَها وَرَقاً نَضرا
تِلاعاً هَراقَت عِندَ حَوضى وَقابَلَت / مِنَ الحَبلِ ذي الأَدعاصِ آمِلَةً عُفرا
رَأَت أَنَساً عِنَد الخَلاءِ فَأَقبَلَت / وَلَم تُبدِ إِلّا في تَصَرُّفِها ذُعرا
بِأَحسَنَ مِن مَيٍّ عَشيَّةَ حاولَت / لِتَجعَلَ صَدعاً في فُؤادِكَ أَو وَقرا
بِوَجهٍ كَقَرنِ الشَمس حُرٍّ كَأَنَّما / تَهيضُ بِهَذا القَلبِ لَمحَتُهُ كَسرا
وَعَينٍ كَأَنَّ البابِليّينِ لبَّسا / بِقَلبِكَ مِنها يَومَ مَعقُلَةٍ سَحرا
وَذي أَشُر كَالأَقحوانِ اِرتَدتَ بِهِ / حَناديجُ لَم يَقرَب سِباخاً وَلا بَحرا
وَجيدٍ وَلَبّاتٍ نَواصِعَ واضِحٍ / إِذا لَم تَكُن مِن نَضحِ جادِيّها صُفرا
فَيا مَيُّ ما أَدراكِ أَينَ مُناخُنا / مُعَرَّقَةَ الأَلحي يَمانيَةً سُجرا
قَدِ اِكتَفَلَت بِالحَزنِ وَاِعوَجَّ دونَها / ضَوارِبُ مِن خَفّانَ مُجتابَةٌ سِدرا
حَراجيجَ ما تَنفَكُّ إِلّا مُناخَةً / عَلى الخَسفِ أَو نَرمي بِها بَلَداً قَفرا
أَنَخنَ لِتَعريسٍ فَمِنهُنَّ صارِفٌ / يُغَنّي بِنابَيهِ مُطَلّحَةً صُعرا
وَمُنتَزِعٍ مِن بَينِ نِسعَيهِ جِرَّةً / نَشيجِ الشَجا جآءَت إِلى ضِرسِهِ نَزرا
طَواهَنَّ قَولُ الرَكبِ سيروا إِذا اِكتَسى / مِنَ الَليلِ أَعلى كُلِّ رابيَةٍ خِدرا
وَتَهجيرُنا وَالمَروُ حامٍ كَأَنَّما / يَطَأنَ بِهِ وَالشَمسُ حامِيَةٌ جَمرا
وَأَرضٍ خَلاءٍ تَسحَلُ الريحُ مَتنَها / كَساها سَوادُ الَليلِ أَردِيَةً خُضرا
قَموسٍ بِخِمسِ الرَكبِ تَيهآءَ ما يُرى / بِها الناسُ إِلّا أَن يَمُرّوا بِها سَفرا
طَوَتها بِنا الصُهبُ المَهارى فَأَصبَحَت / تَناصيبُ أَمثالَ الرِماحِ بِها غُبرا
مِنَ البُعدِ خَلفَ الرَكبِ يَلوونَ نَحوَها / بِأَعناقِهِم كَم دونَها نَظَراً شَزرا
إِذا خَلَّفَت أَعناقُهُنَّ بَسيطَةً / مِنَ الأَرضِ أَو خَشنآءَ أَو جَبَلاً وَعرا
نَظَرنَ إِلى أَعناقِ رَملٍ كَأَنَّما / يَقودُ بِهِنَّ الآلُ أَحصِنَة شُقرا
وَسِقطٍ كَعَينِ الديكِ عاوَرتُ صاحِبي / أَباها وَهَيَّأنا لِمَوقِعِها وَكرا
مُشَهَّرَةٍ لا يُمِكنُ الفَحلُ أُمَّها / إِذا نَحنُ لَم نُمسِك بِأَطرافِها قَسرا
أَخوها أُبوها والضَوى لا يَضُرُّها / وَساقُ أَبيها أُمُّها اِعتَقَرَت عَقرا
قَدِ اِنتَتَجَت مِن جانِبٍ مِن جُنوبِها / عَواناً وَمِن جَنب إِلى جَنبِها بِكرا
فَلَمّا بَدَت كَفَّنتُها وَهيَ طِفَلةٌ / بِطَلسآءَ لَم تَكمُل ذِراعاً وَلا شِبرا
فَقُلتُ لَهُ اِرفَعها إِلَيكَ وَأَحيِها / بِروحِكَ وَاِقتَتهُ لَها قيتَة قَدرا
وَظاهِر لَها مِن يابِسِ الشَختِ وَاِستَعِن / عَلَيها الصَبا وَاجعَل يَدَيكَ لَها سِترا
وَلَمّا تَنَمَّت تَأَكُلُ الرِمَّ لَم تَدَع / ذَوابِلَ مِمّا يَجَمعونَ وَلا خُضرا
فَلَمّا جَرَت في الجَزلِ جَرياً كَأَنَّهُ / سَنا الفَجرِ أَحدَثنا لِخالِقِنا شُكرا
وَقَريَةِ لا جِنٍّ وَلا أَنَسِيَّة / مُداخِلَةٍ أَبوابُها بُنِيَت شَزرا
نَزَلنا بِها لا نَبتَغي عِنَدها القِرى / وَلَكِنَّها كانَت لِمَنزِلِنا قَدرا
وَمَضروبَةٍ في غَيِرِ ذَنب بَريئَةٍ / كَسَرتُ لِأَصحابي عَلى عَجَل كَسرا
وَسَودآءَ مِثلِ التُرسِ نازَعتُ صُحبَتي / طَفاطِفَها لَم نَستَطِع دونَها صَبرا
وَأَبيَضَ هَفّافِ القَميصِ أَخَذتُهُ / فَجِئتُ بِهِ لِلقَومِ مُغتَصِباً ضَمرا
وَمَقرونَةٍ مِنها يَدَيها بِرِجلِها / حَمَلتُ لِأَصحابي وَوَلَّيتُها قُترا
مُكَنِّيَّةٍ لَم يَعلَمِ الناسُ ما اِسمُها / وَطِئنا عَلَيها ما تَقولُ لَنا هُجرا
وَإِن ظُلِمَت لَم تَنتَصِر مِن ظَلامَةٍ / وَلَم تُبدِ ناباً لِلقِتالِ وَلا ظُفرا
وَأَسوَدَ وَلاّجٍ بِغَيرِ تَحِيَّةٍ / عَلى الحَيِّ لَم يُحرِم وَلَم يَحتَمِل وِزرا
قَبَضتُ عَلَيهِ الخَمسِ ثُمَّ تَرَكتُهُ / وَلَم أَتَّخِذ إِرسالَهُ عِندَهُ ذُخرا
وَمَيِّتَةِ الأَجلادِ يَحيا جَنينُها / لأَِوَّلِ حَملٍ ثُمَّ يورِثُها عُقرا
وَأَشعَثَ عاري الضَرَّتَينِ مُشَجَّجٍ / بِأَيدي السَبايا لا تَرى مِثلَهُ جَبرا
كَأَنَّ عَلى أَعراسِهِ وَبِنائِهِ / وَئيدَ جِيادٍ قُرَّحٍ ضَبَرَت ضَبرا
وَداعٍ دَعاني لِلنَدى وَزُجاجَةٍ / تَحَسَّيتُها لَم تَقنِ ماءً وَلا خَمرا
وَذي شُعَبٍ شَتّى كَسَوتُ فُروجَهُ / لِغاشيَةٍ يَوماً مُقَطَّعَة حُمرا
وَخَضراءَ في وَكرَينَ عَرعَرتُ رَأَسَها / لِأُبلي إِذ فارَقتُ في صُحبَتي عُذرا
وَفاشَيةٍ في الأَرضِ تُلقي بَناتِها / عَواريَ لا تُكسى دُروعاً وَلا خُمرا
قَرآئِنَ أَشباهٍ غُذينَ بِنَعَمةٍ / مِنَ العَيشِ إِلّا أَنَّها خُلِقَت زُعرا
مُحَملَجَةَ الأَمراسِ مُلساً مُتونُها / سَقَتها عُصاراتُ الثَرى فَبَدَت عُجرا
إِذا ما المَطايا سُفنَها لَم يَذُقنَها / وَإِن كَانَ أَعلى نَبِتها ناعِماً نَضرا
وَأَقصَمَ سَيّارٍ مَعَ الحَيّ لَم يَدَع / تَراوحُ حافاتِ السَماءِ لَه صَدرا
وَأَصغَرَ مِن قَعبِ الوَليدِ تَرى بِهِ / قِباباً مُبَنّاةً وَأَوديَةً خُضرا
وَشِعبٍ أَبى أَن يَسلُكَ الغُفرُ بَينَهُ / سَلَكتُ قُرانى مِن قَياسِرَةٍ سُمرا
وَمَربوعَةٍ رِبعيَّةٍ قَد لَبأتُها / بِكَفَّيَّ مِن دَوِّيَّةٍ نَفَراً سَفرا
وَوارِدَةٍ فَرداً وَذاتِ قَرينَةٍ / تُبَيّنُ ما قالَت وَما نَطَقَت شِعرا
وَبَيضاءَ لَم تَطبَع وَلَم تَدرِ ما الخَنا / تَرى أَعيُنَ الشُّبَانِ مِن دوَنها خُزرا
إِذا مَدَّ أَصحابُ الصِبا بِأَكُفِّهِم / إِلَيها لِيُصبوها أَتَتهُم بِها صِفرا
وَمُنسَدِح بَينَ الرَجا لَيسَ يَشتَكي / إِذا ضَجَّ وَاِبتَلَّت جَوانِبُهُ فَترا
وَحامِلَة سِتّينَ لَم تَلقَ مِنهُمُ / عَلى مَوطِنٍ إِلّا أَخا ثِقَةٍ بَدرا
وَإِن ماتَ مِنهُم واحِدٌ لا يُهِمُّها / وَإِن ضَلَّ لَم تَتبَعهُ في بَلَدٍ شِبرا
وَأَسمَرَ قَوّامٍ إِذا نامَ صُحبَتي / خَفيفِ ثِيابٍ لا تُواري لَهُ أَزرا
عَلى رَأسِهِ أُمٌّ لَهُ يَهتَدي بِها / جِماعَ أُمورٍ لا يُعاصي لَها أَمرا
إِذا نَزَلَت قيلَ اِنزِلوا وَإِذا / عَدَت ذاتُ بِرزيقٍ تَخالُ بِها فَخرا
يا دارَ مَيَّةَ بِالخَلصاءِ غَيَّرَها
يا دارَ مَيَّةَ بِالخَلصاءِ غَيَّرَها / سَحُّ العِجاجِ عَلى جَرعائِها الكَدَرا
قَد هِجتِ يَومَ الِلوى شَوقاً طَرَفتِ بِهِ / عَيني فَلا تُعِجمي مِن دُونِيَ الخَبَرا
يَقولُ بِالزُرقِ صَخبي إِذ وَقَفتُ بِهِم / في دارٍ مَيَّةَ أَستَسقي لَها المَطَرا
لَو كَانَ قَلبُكَ مِن صَخرٍ لَصَدَّعَهُ / هَيجُ الدِيارِ لَكَ الأَحزانَ وَالذِكَرا
وَزَفرَةٌ تَعتَريهِ كُلَّما ذُكِرَت / مَيٌّ لَهُ أَو نَحا مِن نَحوِها البَصَرا
غَرّآءُ آنِسَةٌ تَبدو بِمَعقُلَةٍ / إِلى سُوَيقَةَ حَتّى تَحضُرً الحَفَرا
تَشتو إِلى عُجمَةِ الدَهنا وَمَربَعُها / رَوضٌ يُناصي أَعالي ميثِهِ العُقُرا
حَتّى إِذا هَزَّتِ البُهمى ذَوآئِبَها / في كُلِّ يَومٍ يُشَهّي البادِيَ الحَضَرا
وَرَفرَفَت لَلزُبانى مِن بَوارِحِها / هَيفٌ أَنَشَّت بِها الأَصناعَ وَالخَبِرا
رَدّوا لِأَحداجِهِم بُزلاً مُخَيَّسَة / قَد هَرمَلَ الصَيفُ عَن أَكتافِها الوَبَرا
تَقري العَلابِيَّ مُصفَرَّ العَصيمِ إِذا / غَبَّت أَخاديدُهُ جَوناً إِذا اِنعَصَرا
كَأَنَّهُ فِلفِلٌ جَعدٌ يُدَحرِجُهُ / نَضخُ الذَفارى إِذا جَولانُهُ اِنحَدَرا
شآفوا عَلَيهِنَّ أَنماطاً شآمِيَةً / عَلى قَناً أَلجَأَت أَظلالُهُ البَقَرا
شَبَّهتُها النَظرَةَ الأُولى وَبَهجَتَها / وَهُنَّ أَحَسَنُ مِنها بَعدَها صِوَرا
مِن كُلِّ عَجزآءَ في أَحشآئِها هَضَمٌ / كَأَنَّ حَليَ شَواها أُلبِسَ العُشَرا
لَميآءَ في شَفَتَيها حُوَّةٌ لَعَسٌ / كَالشَمسِ لَمّا بَدَت أَو تُشبِهُ القَمَرا
حُسّانَةُ الجيدِ تَحلو كُلَّما اِبتَسَمَت / عَن مَنِطقٍ لَم يَكُن غَثّاً وَلا هَذَرا
عَن واضِحٍ ثَغرُهُ حوٍّ مَراكِزُهُ / كَالأُقحُوانِ زَهَت أَحقافُهُ الزَهَرا
ثُمَّ اِستَقَلّوا فَبَتّوا البَينَ وَاِجتَذَبَت / حَبلَ الجِوارِ نَوىً عَوجآءُ فَاِنَبتَرا
ما زِلتُ أُتِبعُ في آثارِهِم بَصَري / وَالشَوقُ يَقتادُ مِن ذي الحاجَةِ البَصَرا
حَتّى أَتى فَلَكُ الخَلصآءِ دُونَهُمُ / وَاِعتَمَّ قورُ الضُحى بِالآلِ وَاِختَدَرا
يَبدونَ لِلعَينِ تاراتٍ وَيَستُرُهُم / رَيعُ السَرابِ إِذا ما خالَطوا الخَمَرا
كَأَنَّ أَظعانَ مَيٍّ إِذ رَفَعنَ لَنا / بوَاسِقُ النَخلِ مِن يَبرينَ أَو هَجَرا
يُعارِضُ الزُرقَ هاديهِم وَيَعدِلُهُ / حَتّى إِذا زاغَ عَن تِلقآئِهِ اِختَصَرا
إِذا يُعارِضُهُ وَعثٌ أَقامَ لَهُ / وَجهَ الظَعائِنِ خَلٌّ يَعسِفُ الضَفِرا
حَتّى وَرَدنَ عِذابَ المآءِ ذا بُرَق / عِدّاً يواعِدنَهُ الأَصرامَ وَالعَكَرا
زارَ الخَيالُ لِمَيٍّ بَعدَ ما رَحَلَت / عَنّا رَحى جابِرٍ وَالصُبحُ قَد جَشَرا
بِنَفحَةٍ مِن خُزامى فايِحٍ سَهِلٍ / وَزَورَةٍ مِن حَبيبٍ طالَ ما هَجَرا
هَيهاتَ مَيَّةُ مِن رَكبٍ عَلى قُلُص / قَدِ اِجرَهَدَّ بِها الإِدلاجُ وَاِنشَمَرا
راحَت مِنَ الخُرجِ تَهجيراً فَما وَقَفَت / حَتّى اِنفَأَى الفَأَو عَن أَعناقِها سَحَرا
يَسمو إِلى الشَرَفِ الأَقصى كَما نَظَر / أُدمٌ أَحَنَّ لَهُنَّ القانِصُ الوَتَرا
وَمَنهَلٍ آجِنٍ قَفرٍ مَحاضِرُهُ / تُذري الرياحُ عَلى جَمّاتِهِ البَعَرا
أَورَدتُهُ قَلِقاتِ الضُفرِ قَد جَعَلَت / تُبدي الأَخِشَّةُ في أَعناقِها صَعَرا
فَاستَكمَشَ الوِردُ عَنها بَعدَ ما صَدَرَت / يَحوي الحَمامُ إِلى أَسارِها زُمَرا
تَرمي الفِجاجَ بِآذانٍ مُؤَلَّلَةٍ / وَأَعيُنٍ كُتُم ما تَشتَكي السَهَرا
أَقولُ لِلرَّكبِ إِذ مالَت عَمآئِمُهُم / شارَفتُمُ نَفَحاتِ الجودِ مِن عُمَرا
كَم جُبتُ دونَكَ مِن تَيهآءَ مُظِلمَةٍ / تيهٍ إِذا ما مُغَنّي جِنِّها سَمَرا
وَمُزبِدٍ مِثلِ عُرضِ الَليلِ لُجَّتُهُ / يُهِلُّ شُكراً عَلى شَطَّيهٍ مَن عَبَرا
أَنتَ الرَبيعُ إِذا ما لَم يَكُن مَطَرٌ / وَالسآئِسُ الحازِمُ المَفعولُ ما أَمَرا
ما زِلتَ في دَرَجاتِ الأَمرِ مُرتَفِعاً / تَسمو وَيَنمي بِكَ الفَرعانِ مِن مُضَرا
حَتّى بَهَرتَ فَما تَخفى عَلى أَحَدٍ / إِلّا عَلى أَحَد لا يَعرفُ القَمَرا
أَنا وَإِيّاكَ أَهلُ البَيتِ يَجمَعُنا / حَسّانُ في باذِخٍ فَخرٌ لِمَن فَخَرا
مَجدُ العَديَّينِ جَدّاكَ اللَّذانِ هُما / كانا مِنَ العَرَبِ الأَنفَينِ وَالغُرَرا
وَأَنتَ فَرعٌ إِلى عيصَينِ مِن كَرَمٍ / قَد اِستالا ذُرى الأَطوادِ وَالشَجَرا
حَلَلتَ مِن مُضَرَ الحَمرآءِ ذِرَوتَها / وَباذِخَ الِعزِّ مِن قَيسٍ إِذا هَدَرا
وَالحَيُّ قَيسٌ حُماةُ الناسِ مَكرُمَةً / إِذا القَنا بَينَ فَتقَي فِتيَةٍ خَطَرا
بَنو فَزارَةَ عَن آبآئِهِم وَرِثوا / دَعآئِمَ الشَرَفِ العاديَّةَ الكُبَرا
المانِعونَ فَلا يُسطاعُ ما مَنَعوا / وَالمُنبِتونَ بِجِلدِ الهامَةِ الشَعَرا
فَلَو كانَ عِمرانُ بنُ موسى أَتَمَّها
فَلَو كانَ عِمرانُ بنُ موسى أَتَمَّها / وَلَكِنَّ عِمرانَ بنَ حَيداءَ أَقصَرا
فَسَت أُمُّ موسى فَوقَهُ حينَ طَرَّقَت / فَما زالَ مِنها مُنتِنَ الريحِ أَبخَرا
لَئِن كانَ موسى لَحَّ مِنكَ بِدَعَوةٍ / لَقَد كانَ مِن ثُؤلولِ أَنفِكَ أَوجَرا
نَبَت عَيناكَ عَن طَلَلٍ بِحُزوى
نَبَت عَيناكَ عَن طَلَلٍ بِحُزوى / عَفَتهُ الريحُ وَاِمتَنَحَ القِطارا
بِهِ قِطَعُ الأَعِنَّةِ وَالأَثافي / وَأَشعَثُ خاذِلٌ فَقَدَ الإِصارا
كَأَنَّ رُسومَهُ بُسِطَت عَلَيها / ثِيابُ الوَشي أَو لَبِسَ النِمارا
مَنَازِلُ كُلِّ آنِسَةٍ رَداحٍ / يَزينُ بَياضُ مَحجِرِها الخِمارا
تَبَسَّمُ عَن أَشانِبَ واضِحاتٍ / وَميضَ البَرقِ أَنجَدَ فَاستَطارا
أَوانِسَ وُضَّعِ الأَجيادِ عينٍ / تَرى مِنهُنَّ في المُقَلِ اِحوِرارا
كَأَنَّ حِجالَهُنَّ أَوَت إِلَيها / ظِبآءُ الرَملِ باشَرنَ المَغارا
أَعَبدَ بَني اِمرِئِ القَيسِ اِبنَ لُؤم / أَلَم تَسأَل قُضاعَةَ أَو نِزارا
فَتُخَبرَ أَنَّ عيصَ بَني عَديٍّ / تَفَرَّعَ نَبتُهُ الحَسَبَ النُضارا
وَأَنَّ بَني اِمرِئِ القَيسِ اِبنِ لؤمٍ / أَبَت عَيدانُها إِلّا اِنكِسارا
وَأَنّي حينَ تَزخَرُ لي رِبابي / عَماعِمَ أَمنَعُ الثَقلَينِ جارا
أُناسٌ أَهلَكوا الرُؤَسآءَ قَتلاً / وَقادوا الناسَ طَوعا وَاِعتِسارا
أُناسٌ إِن نَظَرتَ رَأَيتَ مِنُهم / وَرآءَ حِمايَ أَطوادا كِبارا
وَمِن زَيدٍ عَلَوتُ عَلَيكَ ظَهراً / جَسيمَ المَجدِ وَالعَدَدَ الكُثارا
أَنا اِبنُ الراكِزينَ بِكُلِّ ثَغرٍ / بَني جَلٍّ وَخالُ بَني نَوارا
وَتَزخَرُ مِن وَرآءِ حِمايَ عَمرٌو / بِذي صُدَّينِ يَكتَفِئُ البِحارا
يَعُدُّ الناسِبونَ إِلى تَميمٍ / بُيوتُ العِزِّ أَربَعَةً كِبارا
يَعُدّونَ الرِبابَ لَهُم وَعَمراً / وَسَعداً ثُمَّ حَنَظَلةَ الخيارا
وَيَهلِكُ بَينَها المَرَئِيُّ لَغواً / كَما أَلغَيتَ في الدّيَةِ الحوارا
هُمُ وَرَدوا الكُلابَ وَلَستَ مِنهُم / وَلا في الخَيلِ إِذ عَلَتِ النِسارا
نَقُدُّ بِها الفَلاةَ وَبِالمَطايا / إِلى الأَعدآءِ يَنتَظِرُ الغِوارا
وَنَحنُ غَداةَ بَطنِ الخَوعِ فِئنا / بِمَودونٍ وَفارِسِهِ جَهارا
عَزَزنا مِن بَني قَيسٍ عَلَيهِ / فَوارِسَ لا يُريدونَ الفِرارا
نَكُرُّ عَلَيهِمُ وَالخَيلُ تَردي / تَرى فِيها مِن الطَعنِ أَزوِرارا
أَبو شَعل وَمَسعودٌ وَسَعدٌ / يُروَوَّنَ المُذَرَّبَةَ الجِزارا
فَجِئ بِفَوارِسٍ كَالآلِ مِنكُم / إِذا التَمجيدُ أَنجَدَ ثُمَّ غارا
وَمِثلِ فَوارِسٍ مِن آل جَلٍّ / إِذا ما الحَربُ رَفَّعَتِ الإِزارا
وَجِئ بِفَوارِسٍ كَبَني شِهابٍ / وَمَسعَدَةَ الَّذي وَرَدَ الجِفارا
فَجآءَ بِنِسوَةِ النُعمانِ غَصباً / وَسارَ بِحَيّ كِندَةَ حَيثُ سارا
أُولاكَ فَوارِسٌ رَفَعوا مُحَلّىً / وَأَورَثَكَ اِمرُؤُ القَيسِ الصَغارا
جَلَبنا الخَيلَ مِن كَنَفَي حَفيرٍ / عِراضَ الخَيلِ تَعتَسِفُ القِفارا
بِكُلِّ طِمِرَّةٍ وَبِكُلِّ طِرفٍ / يَزينُ مَفيضُ مُقلَتِهِ العِذارا
فَرَعنَ الحَزنَ ثُمَّ طَلَعنَ مِنهُ / يَضَعنَ بِبَطنِ عاجِنَةَ المِهارا
أَجِنَّةَ كلِّ شازِبَةٍ مِزاقٍ / طَواها القَودُ وَاِكتَسَتِ أَقوِرارا
يُقَدُّ عَلى مُعَرقَبِها سَلاها / كَقَدِّ البُردِ أَنهَجَ فَاِستَطارا
نَزَرنَ بِمرأَةٍ عَمرَو بنَ هِندٍ / وَهُنَّ كَذاكَ يُبعِدنَ النِزارا
وَكُلّ قَتيلِ مَكرُمَةٍ قَتَلنا / وَأَكثَرنا الطَلاقَةَ وَالإِسارا
أَتَفخَرُ يا هِشامُ وَأَنتَ عًبدٌ / وَغارُكَ أَلأَمُ الغيرانِ غارا
وَكَانَ أَبوكَ ساقِطةً دَعيّاً / تُرَدَّدُ دونَ مَنصَبِهِ فِخارا
نَفَتكَ هَوازِنٌ وَبَنو تَميمٍ / وَأَنكَرَتِ الشَمائِلَ وَالنُجارا
أَفَخراً حِينَ تَحمِلُ قَريَتاكُم / وَلُؤماً في المَواطِنِ وَاِنِكسارا
مَتى رَجَتِ اِمرُؤُ القَيسِ السَرايا / مِنَ الأَخلاقِ أَو حَمَتِ الذِمارا
أَلَستُم أَلأَمَ الثَقلَينِ كَهلاً / وَشُبّاناً وَأَلأَمَهُم صِغارا
تُبَيّنُ نِسبَةَ المَرئيّ لُؤماً / كَما بَيَّنتَ في اِلأَدَمِ العُوارا
إِذا نَسَبوا إِلى العَليآءِ قالوا / أَولاكَ أَذَلُّ مَن حَصَبَ الجِمارا
ألَا لَعَنَ الإِلَهُ بِذاتِ غِسلٍ / وَمَرأَةَ ما حَدا اللَيلُ النَهارا
نِسآءَ بَني اِمرِئِ القَيسِ اللَواتي / كَسَوَن وجوهَهُم حُمَماً وَقارا
أَضَعنَ مَواقتِ الصَلواتِ عَمداً / وَحالَفنَ المَشاعِل والجِرارا
إِذا المَرَئِيُّ شَبَّت لَهُ بَناتٌ / عَصَبنَ بِرأسِهِ إِبَةً وَعارا
إِذا المَرَئِيُّ سِيقَ لِيَومِ فَخرٍ / أُهِينَ وَمَدَّ أَبواعاً قِصارا
إِذا مَرَئيَّةٌ وَلَدَت غُلاما / فَأَلأَمُ مُرضَعٍ نُشِغَ المَحارا
تُنَشَّأُ مِن تَرآئِبِ شَرِّ فَحلٍ / وَحَلَّ بِشَرِّ مُرتَكَضٍ قَرارا
إِذا المَرئِي شُقَّ الغِرسُ عَنهُ / تَبَوَّأَ مِن دِيارِ اللُؤمِ دارا
إِذا ما شِئتَ أَن تَلقى لَئِيما / فَأَوقِد يَأتِكَ المَرَئِيُّ نارا
ذَكَرتَ فَاِهتاجَ السَقامُ المُضمَرُ
ذَكَرتَ فَاِهتاجَ السَقامُ المُضمَرُ / وَقَد يَهيجُ الحاجَةَ التَذَكُّرُ
مَيَاً وَشاقَتكَ الرُسومُ الدُثَّرُ / آريُّها وَالمُنتَأَى المُدَعثَرُ
بِحَيثُ ناصَى الأَجَرعَينِ الأَيسَرُ / فَهِجنَ وَقراً وَاِقرَاً لا يُجبَرُ
أَمِ الدُموعُ سُجَّمٌ أَم تَصبِرُ / وَلَيسَ ذو عُذرٍ كَمَن لا يُعِذرُ
وَما إِلى مَطموسَةٍ مُستَعبِرُ / قَفرٍ يُعَفّيها العَجاجُ الأَكَدرُ
قَد مَرَّ أَحوالٌ لَها وَأَشهُرُ / وَقَد يُرى فِيها لِعِينٍ مَنظَرُ
مَجالِسٌ وَرَبرَبٌ مُصَوَّرُ / جُمُّ القُرونِ آنِساتٌ خُفَّرُ
أَترابُ مَيٍٍّ وَالوِصالُ أَخضَرُ / وَلَم يُغَيّر وَصلَها المُغَيّرُ
وَقَد عَدَتني عادِياتٌ شُجَّرُ / عَنها وَهَجرٌ وَالحَبيبُ يَهجُرُ
أَتَتكَ بِالقَومِ مَهارٍ ضُمَّرُ / خُوصٌ بَرى أَشرافَها التَبَكُّرُ
قَبلَ اِنصِداعِ الفَجرِ وَالتَهَجُّرُ / وَخَوضُهُنَّ اللَيلَ حينَ يَسكُرُ
حَتّى تَرى أَعجازَهُ تَقَوَّرُ / وَيَستَطيرُ مُستَطيرٌ أَشقَرُ
يَعسِفنَ وَاللَيلُ بِها مُعَسكَرُ / مَهامِهاً جِنّانُهُنَّ سُمَّرُ
وَمَنهَلٍ أَعرى خَباهُ الحُضَّرُ / طَامِي النِطافِ آجِنٍ لا يُجهَرُ
أَنهَلتُ مِنهُ وَالنُجومُ تَزهَرُ / وَلَم يُغَرِّد بِالصَباحِ الحُمَّرُ
تَحمِلُني زَيّافَةٌ تَغَشمَرُ / صُهباً أَبوها دَاعِرٌ وَبُحتُرُ
تَحدو سُرَاها أَرجُلٌ لا تَفتُرُ / كَأَنَّهُنَّ الشَوحَطُ الموَتَّرُ
وَأَذرُعٌ تَسدو بِها فَتَمهَرُ / إِذا اِزدَهاها القَرَبُ العَشَنزَرُ
كَما اِزدَهى حُقبَ الفَلاةِ الأَصحَرُ / ذَاكَ وَإِن يَعرِض فَضآءٌ مُنكَرُ
كَأَنَّهُ تَحتَ السَمامِ المَرمَرُ / يَهمآءُ لا يَجتازُها المُغَرَّرُ
كَأَنَّما الأَعلامُ فيها سُيَّرُ / بِها يَضِلُّ الخَوتَعُ المُشَهَّرُ
وَالمُسَبطِرُ اللاَحِبُ المُنَيّرُ / جاذَبنَ حَتَّى يَستَظِلَّ الأَعفَرُ
مَجدولَةً فيها النُحاسُ الأَصفَرُ / كَأَنَّهُنَّ مَأتَمٌ مُستَأجَرٌ
أَو نآئِحاتٌ موجَعاتٌ حُسَّرٌ / وَإِن حَبا مِن أَنفِ رَملٍ مَنخِرُ
أَعنَقُ مُقوَرُّ السَراةِ أَوعَرُ / ماشَينَهُ وَالقَصدُ عَنهُ أَزوَرُ
حَتّى إِذا ما اِبيَضَّ مِنهُ مُقفِرُ / حَطَمنَهُ حَطماً وَهُنَّ عُسَّرُ
وَإِن بَدا آخَرُ نآءٍ أَغبَرُ / كَأَنَّهُ في رَيطَةٍ مُخَدَّرُ
بَيضآءَ تُطوى مَرَّةً وَتُنشَرُ / رَمَينَهُ بِأَعيُنٍ لا تَسدَرُ
وَقَد أَناخَ الأَفِدُ المُغَوِّرُ / بَعدَ الضُحى وَأَظهَرَ المُظَهِّرُ
وَآضَ حِربَآءُ الفَلاةِ الأَصعَرُ / كَأَنَّهُ ذو صَيَدٍ أَو أَعوَرُ
مِنَ الحَرورِ وَاِحزَأَلَّ الحَزوَرُ / في الآلِ يَخفَى مَرَّةً وَيَظهَرُ
ألَا يا اِسلَمِي يا دارَ مَيٍّ عَلى البِلَى
ألَا يا اِسلَمِي يا دارَ مَيٍّ عَلى البِلَى / وَلا زالَ مُنهَلا بِجَرعائِكِ القَطرُ
فَإِن لَم تَكونِي غَيرَ شامٍ بِقَفرَةٍ / تَجُرُّ بِها صَيفِيَّةٌ كُدرُ
أَقامَت بِها حَتّى ذَوَى العودُ في الثَرَى / وَساقَ الثُرَيّا في مُلآءَتِهِ الفَجرُ
وَحَتّى اِعَتَرى البُهمَى مِنَ الصَيفِ نافِضٌ / كَما نَفَضَت خَيلٌ نواصِيَها شُقرُ
وَخاضَ القَطا في مَكرَعِ الحَيّ باللِوى / نِطافاً بَقاياهُنَّ مَطروقَةٌ صُفرُ
فَلَمّا مَضَى نَوءُ الزُبانَى وَأَخلَفَت / هَوادٍ مِن الجَوزآءِ وَاِنغَمَسَ الغَفرُ
رَمى أُمَّهاتِ القُردِ لَذعٌ مِنَ السَفا / وَأَحصَدَ مِن قُريانِهِ الزَهَرُ النَضرُ
وَأَجلَى نَعامُ البِينِ وَاِنَقلَبَت بِنا / نَوىً عَن نَوى مَيٍّ وَجاراتِها شَزرُ
وَقَرَّبنَ بِالزُرقِ الجَمائِلَ بَعدَما / تَقَوَّبَ عَن غِربانِ أَوراكِها الخَطرُ
صُهابِيَّةً غُلبَ الرِقابِ كَأَنَّما / تُناطُ بِأَلحِيها فَراعلَةٌ غُثرُ
تَخَيَّرنَ مِنها قَيَسرِياً كَأَنَّهُ / وَقَد أَنهَجَت عَنهُ عَقيقَتُهُ قَصرُ
رَفَعنَ عَلَيهِ الرَقمَ حَتّى كَأَنَّهُ / سَحوقٌ تَدَلَّى مِن جَوانِبِها البُسرُ
فَوَاللَهِ ما أَدري أَجَولانُ عَبَرةٍ / تَجودُ بِها العَينانِ أَحجى أَم الصَبرُ
فَفي هَمَلانِ العَينِ مِن غُصَّةِ الهَوى / شِفاءٌ وَفي الصَبرِ الجَلادَةُ والأَجرُ
إِذا الهَجرُ أَودى طولُهُ وَرَقَ الهَوى / مِنَ الإِلفِ لَم يَقطَع هَوى مَيَّةَ الهَجرُ
تَميمِيَّةٌ حُلالَةٌ كُلَّ شَتوَةٍ / بحِيثُ اِلتَقى الصَمَّانُ وَالعَقَدُ العُفرُ
بِأَرضٍ هِجانِ التُربِ وَسِميَّةِ الثَّرى / عَذاةٍ نَأَت عَنها المُلوحَةُ وَالبَحرُ
تَحَلُّ اللِوى أَو جُدَّةَ الرَملِ كُلَّما / جَرَى الرِمثُ في مآءِ القَرينَةِ وَالسِدرُ
تَطيبُ بِها الأَرواحُ حَتَّى كَأَنَّما / يَخوضُ الدُجى في بَردِ أَنفاسِها العِطرُ
بِها فِرَقُ الآجالِ فَوضى كَأَنَّها / خَناطيلُ أَهمالٌ غُرَيرِيَّةٌ زُهرُ
حَرىً حِينَ يُمسي أَهلُها مِن فِنآئِهِم / صَهيلُ الجِيادِ الأَعَوجيَّاتِ والهَدرُ
لَها بَشَرٌ مِثلُ الحَريرِ وَمَنطِقُ / دَقيقُ الحَواشِي لا هُرآءٌ وَلا نَزرُ
وَعَينانِ قالَ اللَهُ كونا فَكانَتا / فَعولانِ بِالأَلبابِ ما تَفَعلُ الخَمرُ
وَتَبسِمُ لَمحَ البَرقِ عَن مُتَوَضِّحٍ / كَنَورِ الأَقاحِي شافَ أَلوانَها القَطرُ
فَما زِلتُ أَدعو اللَهَ في الدَارِ طامِعا / بِخَفضِ النَوى حَتَّى تَضَمَّنَها الخِدرُ
فَلَمّا اِستَقَلَّت في حُمولٍ كَأَنَّها / حَدائِقُ نَخلٍ القادِسِيَّةِ أَو حَجرُ
رَجَعتُ إِلى نَفسِي وَقَد كَادَ يَرتَقي / بِحَوبائِها مِن بَينِ أَحشائِها الصَدرُ
وَحَيرانَ مُلتَجٍّ كأَنَّ نُجومَهُ / وَرآءَ القَتامِ العاصِبِ الأَعيُنُ الخُزرُ
تَعَسَّفتُهُ بِالرَكبِ حَتَّى تَكَشَّفَت / عَنِ الصُهبِ وَالفِتيانِ أَرواقُهُ الخُضرُ
وَماء هَتَكتُ الدِمنَ عَن آجِناتِهِ / بِأَسارِ أَخماسٍ جَماجِمُها صُعرُ
تَرَوَّحنَ فَاعصَوصَبنَ حَتَّى وَرَدنَهُ / وَلَم يَلفِظِ الغَرثَى الخُدارِيَّةَ الوَكرُ
بِمِثلِ السُكارَى هَتَكوا عَن نِطافِهِ / غِشَاءَ الصَرى عَن مَنهَلٍ جَالُهُ حَفرُ
وَغَيدٍ نَشاوَى خَضخَضوا طامِياتِهِ / لَهُنَّ وَلَم يَدرُج بِهِ الخامِسُ الكُدرُ
كَأَنَّ مَجَرَّ العِيسِ أَطرافَ خُطمِها / بِحَيثُ اِنتَهى مِن كِرسِ مَركُوِّهِ العُقرُ
مَلاعِبُ حَيّاتٍ ذُكورٍ فَيَمَّمَت / بِنا مَصدَراً وَالشَمسُ مشن دونِها سِترُ
إِذا ما اِدَّرَعنا جَيبض خَرقٍ نَجَت بِنا / غُرَيرِيَّةٌ أُدمٌ هَجائِنُ أَو سُجرُ
حَراجيجُ تُغِليها إِذا صَفَقَت بِها / قَبائِلُ مِن حَيدانَ أَوطانُها الشِحرُ
تَراني وَمِثلَ السَيفِ يَرمي بِنَفسِهِ / عَلى الهَولِ لا خَوفٌ حَدانا وَلا فَقرُ
نَؤُمُّ بِآفاقِ السَماءِ وَتَرتَمي / بِنا بَينَها أَرجاءُ دَوِيَّةٍ غُبرُ
نَصي اللَيلَ بِالأَيّامِ حَتَّى صَلاتُنا / مُقاسَمَة يَشتَقُّ أَنصافَها السَّفرُ
نُبادِرُ إِدبارَ الشُعاع بِأَربَعٍ / مِنَ اِثنَينِ عِندَ اِثنَينِ مُمساهُما قَفرُ
إِذا صَمَحَتنا الشَمسُ كَانَ مَقيلَنا / سَماوَةُ بَيتٍ لَم يُرَوَّق لَهُ سِترُ
إِذا ضَرَبَتهُ الرِيحُ رَنَّقَ فَوقَنا / عَلى حَدِّ قَوسَينا كَما رَنَّقَ النَسرُ
عَجِبتُ لِفَخرٍ لاِمرِئِ القَيسِ كاذِبٍ / وَما أَهلُ حَورانَ اِمرُؤُ القَيسِ وَالفَخرُ
وَما فَخرُ مَن لَيسَت لَهُ أَوَّليَّةٌ / تُعَدُّ إِذا عُدَّ القَديمُ وَلا ذِكرُ
تُسَمَّى اِمُرؤُ القَيسِ اِبنَ سَعدٍ إِذا اِعَتزَت / وَتأَبى السِبالُ الصُهبُ وَالآنُفُ الحُمرُ
وَلَكِنَّما أَصلُ اِمرِئِ القَيسِ مَعشَرٌ / يَحِلَّ لَهُم لَحمُ الخَنازِيرِ وَالخَمرُ
نِصابُ اِمرِئِ القَيسِ العَبيدُ وَأَرضُهُم / مَجَرُّ المَساحِي لا فَلاةٌ وَلا مِصرُ
تَخَطَّى إِلى الفَقرِ اِمرُؤُ القَيسِ إِنَّهُ / سَوآءٌ عَلى الضَيفِ اِمرُؤُ القَيسِ وَالفَقرُ
تُحِبُّ اِمرُؤُ القَيسِ القِرى أَن تَنالَهُ / وَتَأَبى مَقارِيها إِذا طَلَعَ النَسرُ
هَلِ الناس إِلا يا اِمرَأَ القَيسِ غادِرٌ / وَوافٍ وَما فِيكُم وَفاءٌ وَلا غَدرُ
إِذا اِنتَمَتِ الأَجدادُ يَوماً إِلى العُلى / وَشُدَّت لأَيّامِ المُحافَظَةِ الأُزرُ
عَلا باعُ قَومي كُلَّ باعٍ وَقَصَّرَت / بِأَيدي اِمرِئ القِيسِ المَذَلَّةُ وَالحَقرُ
تَفوتُ اِمرَأَ القَيسِ المَعالي وَدونَها / إِذا اِئتَمَر الأَقوامُ يُحتَضَرُ الأَمرُ
فَما لاِمرِئِ القَيسِ الحَصى إِن عَدَدتَهُم / وَما كَانَ يُعطيها بِأَوتارِها القَسرُ
أَرِحمٌ جَرَت بِالودِّ بَينَ نِسائكم / وَبَينَ اِبنِ حَوطٍ يا اِمرَأَ القَيسِ أَم صِهرُ
تَحِنُّ إِلى قَصرِ اِبن حَوطٍ نساؤُكُم / وَقَد مالَ بِالأَجيادِ وَالعُذَرِ السُّكرُ
حَنينَ اللِقاحِ الخورِ حَرَّقَ نارَهُ / بِغولانِ حَوضَى فَوقَ أَكبادِها العِشرُ
وَما زالَ فِيهِم مُنذُ شَبَّت بَناتُهُم / عَوانٌ مِنَ السَوآتِ أَو سَوءَةٌ بِكرُ
وَإِنِّي لأَهجوكُم وَما لي بِسَبِّكُم / بِأَعراضِ فَومي عِندَ ذي نُهيَةٍ عُذرُ
خَليلَيَّ لا رَبعٌ بِوَهبينَ مُخبِرُ
خَليلَيَّ لا رَبعٌ بِوَهبينَ مُخبِرُ / وَلا ذو حِجىً يَستَنطِقُ الدارَ يُعذَرُ
فَسيرا فَقَد طالَ الوُقوفُ وَمَلَّهُ / قلَاَئِصُ أَمثالُ الحَنِيَّاتِ ضُمَّرُ
أَصاحٍ الَّذي لَو كَانَ مَا بي مِنَ الهَوى / بِهِ لَم أَدَعهُ لا يُعزَّى وَينُظَرُ
لَكَ الخَيرُ هَلاَّ عُجتَ إِذ أَنا وَاقِفٌ / أُغِيضُ البُكا في دارِ مَيٍّ وَأَزفَرُ
فَتَنظُرَ إِن مالَت بِصَبري صَبابَتي / إِلى جَزَعي أَم كَيفَ إِن كُنتُ أَصبِر
إِذا شِئتُ أَبكاني بِجَرعاءِ مالِكٍ / إِلى الدَحلِ مُستَبدىً لِمَيٍّ وَمَحضَرُ
وَبِالزُرقِ أَطلالٌ لِمَيَّةَ أَقفَرَت / ثلَاثَةَ أَحوالٍ تُراحُ وَتُمطَرُ
يَهيجُ البُكا أَن لا تَريمَ وَأَنَّها / مَمَرٌ لأَصحابِي مِراراً وََمنظَرُ
إِذا ما بَدَت حُزوى وَأَعرَضَ حارِكٌ / مِنَ الرَملِ تَمشي حولَهُ العِينُ أَعفَرُ
وَجَدتُ فُؤادِي كَادَ أَن يَستَفِزَّهُ / رَجيعُ الهَوى مِن بَعدِ ما يَتَذَكَّرُ
عَدَتني العَوادي عَنكِ يا مَيُّ بُرهَةً / وَقَد يُلتَوى دونَ الحَبيبِ فَيُهجَرُ
عَلى أَننَّي في كُلِّ سَيرٍ أَسيرُهُ / وَفي نَظَري مِن نَحوِ دارِكِ أَصوَرُ
فَإِن تُحدِثِ الأَيَّامُ يا مَيُّ بَينَنا / فلَا ناشِرٌ سِرَّاً وَلا مُتَغيِّرُ
أَقولُ لِنَفسي كُلَّما خِفتُ هَفوَةً / مِنَ القَلبِ في آثارِ مَيٍّ فَأُكثِرُ
ألَا إِنَّما مَيِّ فَصَبراً بَلِيَّةٌ / وَقَد يُبتَلى الحُرُّ الكَريمُ فَيَصبِرُ
تُذَكِّرُني مَيّاً مِنَ الظَّبي عَينُهُ / مِراراً وَفاها الأُقحوانُ المُنَوِّرُ
وَفي المِرطِ مِن مَيٍّ تَوالي صَريمَةٍ / وَفي الطَوقِ ظَبيٌ واضِحُ الجِيدِ أَحوَرُ
وَبَينَ مَلاثِ المِرطِ والطَوقِ نَفنَفٌ / هَضيمُ الحَشا رَأَدُ الوِشاحَينِ أَصفَرُ
وَفي العاجِ مِنها وَالدَماليجِ وَالبُرى / قَناً مالِئٌ لِلعَينِ رَيّانُ عَبَهرُ
خَراعيبُ أُملودٍ كَأَنَّ بَنانَها / بَناتُ النَقا تَخفَى مِراراً وَتَظهَرُ
تَرى نِصفَها نِصفاً قَناةً قَويمَةً / وَنِصفاً نَقاً يَرتَجُّ أَو يَتَمَرمَرُ
تَنوءُ بِأُخراها فَلأَياً قِيامُها / وَتَمشي الهَوينا مِن قَريبٍ فَتَبهُرُ
وَماءٍ كَلَونِ الغِسلِ أَقوى فَبَعضُهُ / أَواجِنُ أَسدامٌ وَبَعضٌ مُعَوَّرُ
وَرَدتُ وَأَردافُ النُجومِ كَأَنَّها / قَناديلُ فِيهِنَّ المَصابِيحُ تَزهَرُ
وَقَد لاحَ للسّاري الَّذي كَمَّلَ السُرَ / عَلى أُخرَياتِ اللَيلِ فَتقٌ مٌشَهَّرُ
كَلونِ الحِصانِ الأَنبَطِ البَطنِ قَائِماً / تَمايَلَ عَنهُ الجُلُّ وَاللَونُ أَشقَرُ
تُهاوي بي الظَلماءَ حَرفٌ كَأَنَّها / مَسَيَّحُ أَطرافُ العَجيزَةِ أَصحَرُ
سِنادٌ كَأَنَ المِسحَ في أُخَرياتِها / عَلى مِثل خَلقاءِ الصَفا حِينَ تَخطِرُ
نَهوضٌ بِأُخراها إِذا ما اِنبَرى لَها / مِنَ الأَرضِ نَهّاضُ الحَزابِيِّ أَغبَرُ
مُغَمِّضُ أَطرافَ الخُبوتِ إِذا اِكتَسى / مِنَ الآلِ جُلاًّ نازِحُ الماءِ مُقفِرُ
تَرى فِيهِ أَطرافَ الصَحارى كَأَنَّها / خَياشيمُ أَعلامٍ تَطولُ وَتَقصُرُ
يَظَلُّ بِها الحِرباءُ لِلشَّمس ماثِلا / عَلى الجَذلِ إِلا أَنَّهُ لا يُكَبِّرُ
إِذا حَوَّلَ الظِلُّ العَشِيَّ رَأَيتَهُ / حَنيفاً وَفي قَرنِ الضُحى يَتَنَصَّرُ
غَدا أَكهَبَ الأَعلَى وَراحَ كَأَنَّهُ / مِنَ الضِحِّ وَاِستِقبالِهِ الشَمسَ أَخضَرُ
أَنا اِبنُ الَّذين اِستَنزَلوا شَيخَ وائِلٍ / وَعَمرَو بنَ هِندٍ وَالقَنا يَتَكَسَّرُ
سَمَونا لَهُ حَتَّى صَبَحنا رِجالَهُ / صُدورَ القَنا فَوقَ العَناجيجِ تَخطِرُ
بِذي لَجَبٍ تَدعو عَديّاً كُماتُهُ / إِذا عَثَّنَت فَوقَ القَوانِسِ عِثيَرُ
وَإِنّا لَحَيٌّ ما تَزالُ جِيادُنا / تُوَطِّئُ أَكبادَ الكُماةِ وَتأَسِرُ
أَخَذنا عَلى الجَفَرينِ آلَ مُحَرِّقٍ / وَلاقَى أَبو قابوسَ مِنّا وَمُنذِرُ
وَأَبرَهَةَ اِصطادَت صُدورُ رِماحِنا / جِهارَاً وَعُثنونُ العَجاجَةِ أَكدَرُ
تَنَحَّى لَهُ عَمروٌ فَشَكَّ ضُلوعَهُ / بِنافِذَةٍ نَجلاءَ وَالخَيلُ تَضبِرُ
أَبي فارِسُ الحَواءِ يَومَ هُبالَةٍ / إِذ الخَيلُ في القَتلى مِنَ القَومِ تَعثُرُ
يُقَدِّمُها لِلمَوتِ حَتَّى لَبانُها / مِنَ الطَعنِ نَضّاحُ الجَدِيّاتِ أَحمَرٌ
كَأَن فُروجَ اللأَمَةِ السّردِ شَدَّها / عَلى نَفسِهِ عَبلُ الذِراعَينِ مُخدِرُ
وَعَمِّي الَّذي قادَ الرِبابَ جَماعَةً / وَسَعداً هوَ الرَأَسُ الرَئِيسُ المُؤَمَّرُ
يَزيدُ بنُ شَدّادِ بنِ صَخرِ بنِ مَالِكٍ / وَذَلِكَ عَمّي العُدمُلِيُّ المُشَهَّرُ
عَشيَّةَ أَعَطتنا أَزِمَّةَ أَمرِها / ضِرارُ بَنو القَرمِ الأَغَرِّ وَمِنقَرُ
أَبَت إِبِلي أَن تَعرِفَ الضَيمَ نِيبُها / إِذا اِجتِنبَ لِلحَربِ العَوانِ السَنَوَّرُ
أَبَى عِزُّ قَومي أَن تَخافَ ظَعائِني / صِياحاً وَأَضعافُ العَديدِ المُجَمهِرُ
لَها حَومَةُ العِزَّ الّتي لا يَرومُها / مُخيضٌ وَمِن عَيلانَ نَصرٌ مُؤَزَّرُ
تَجُرَُ السَلوقيَّ الرِبابُ وَراءَها / وَسَعدٌ يَهُزّونَ القَنا حِينَ تُذعَرُ
وَعَمرٌو وَأَبناءُ النَوارِ كَأَنَّهُم / نُجومُ الثُريَّا في الدُجا حِينَ تَبَهرُ
فَهَل شاعِرٌ أَو فاخِرٌ غَيرُ شاعِرٍ / بِقَومٍ كَقَومي أَيُّها الناسُ يَفخَرُ
عَلا مَن يُصَلِّي مِن مَعَدٍّ وَغَيرِها / بِطَمٍّ كَأَهوالِ الدُجَى حِينَ يَزخَرُ
هُمُ المَنصِبُ العادِيُّ مَجداً وَعِزَّةً / وَهُم مِن حَصى الدَهنا وَيَبرينَ أَكثَرُ
وَهُم عَلَّموا الناسَ الرِياسَةَ لَم يَسِر / بِها قَبلَهُم مِن سائِرِ الناسِ مَعشَرُ
وَهُم يَومَ أَجراعِ الكُلابِ تَنازَلوا / عَلى جَمعِ مَن ساقَت مُرادٌ وَحِميَرُ
بِضَربٍ وَطَعنٍ بِالرَماحِ كَأَنَّهُ / حَريقٌ جَرى في غابَةٍ يَتَسَعَّرُ
عَشِيَّةَ فَرَّ الحارِثيُّونَ بَعدَما / قَضى نَحبَهُ في مُلتَقى القَومِ هَوبَرُ
وَقالَ أَخو جَرمٍ ألَا لا هَوادَةٌ / وَلا وَزَرٌ إِلا النَجاءُ المُشَمِّرُ
وَعَبدُ يَغوثٍ تَحجِلُ الطَيرُ حَولَهُ / قَدِ اِحتَزَّ عُرشَيهِ الحُسامُ المُذكَّرُ
أَبى اللَهُ إِلا أَنَّنا آلَ خِندِفٍ / بِنا يَسمَعُ الصَوتَ الأَنامُ وَيُبصِرُ
لَنا الهَامَةُ الكُبرى الَّتي كُلُّ هامَةٍ / وَإِن عَظُمَت مِنها أَذَلُّ وَأَصغَرُ
إِذا ما تَمَضَّرنا فَما الناسُ غَيرُنا / وَنُضعِفُ إِضعافاً وَلا نَتَمَضَّرُ
إِذا مُضَرُ الحَمراءُ عَبَّ عُبابُها / فَمَن يَتَصدَّى مَوجَها حِينَ تَطحَرُ
أَنا اِبنُ النَبِيِّينَ الكِرامِ وَمَن دَعا / أَباً غَيَرهُم لا بُدَّ عَن سَوفَ يُقهَرُ
أَلَم تَعلَموا أَنّي سَمَوتُ لِمَن دَعا / لَهُ الشَيخُ إِبراهيمُ والشَيخُ يُذكَرُ
لَيالي تَحتَلُّ الأَباطِحَ جُرهُمٌ / وَإِذ بِأَبِينا كَعبَةُ اللَهِ تَعمُرُ
نَبيُّ الهُدى مِنّا وَكُلُّ خَليفَةٍ / فَهَل مِثلُ هَذا في البَرِيَّةِ مَفخَرُ
لَنا الناسُ أَعطاناهُمُ اللَهُ عَنَوةً / وَنَحنُ لَهُ واللَهُ أَعلى وَأَكبَرُ
أَنا اِبنُ مَعَدٍّ وَابِنُ عَدنانً أَنتَمي / إِلى مَن لَهُ في العِزّ وِردٌ وَمَصدَرُ
لَنا مَوقِفُ الداعِينَ شُعثاً عَشيَّةً / وَحَيثُ الهَدايا بالِمَشاعِرِ تُنحَرُ
وَجَمعٌ وَبَطحاءُ البِطاحِ الَّتي بِها / لَنا مَسجِدُ اللَهِ الحَرامُ المُطَهَّرُ
وَكُلُّ كَريمٍ مِن أُناسٍ سَوائِنا / إِذا ما التَقَينا خَلفَنا يَتأَخَّرُ
إِذا نَحنُ سَوَّدنا اِمرأً سادَ قَومَهُ / وَإِن لَم يَكُن مِنَ قَبلِ ذَلِكَ يُذكَرُ
هَلِ الناسُ إِلا نَحنُ أَم هَل لِغَيرِنا / بَني خِندِف إِلا العَواريَّ مِنَبرُ
أَبونا إِياسٌ قَدَّنا مِن أَديمِهِ / لِوالِدةٍ تُدهي البَنينَ وَتُذكِرُ
وَمِنَّا بُناةُ المَجدِ قَد عُلَمِت بِهِ / مَعَدٌ وَمِنَّا الجَوهَرُ المُتَخَيَّرُ
أَنا اِبنُ خَليلِ اللَهِ وَاِبنُ الَّذي لَهُ ال / مَشاعِرُ حَتّى يَصدُرَ الناسُ تُشعَرُ
لَقَد حَكَمَت يَومَ القَضيَّةِ بَينَنا
لَقَد حَكَمَت يَومَ القَضيَّةِ بَينَنا / وَبَينَ اِمرئِ القَيسِ الِرماحُ الشَواجِرُ
عَشيَّةَ جَمعٌ مِن عَديٍّ بِخَوفِها / مُهينٌ لِآنافِ اِمرِئِ القَيسِ حاقِرُ
قَتَلناكُمُ غَصباً وَرَدَّت عَلَيكُمُ / بِسُلطانِنا مِنَّا قُرَيشٌ وَعامِرُ
وَما كَانَ إِثرٌ لِامرِئِ القَيسِ عِنَدنا / بأَدنى مِنَ الجَوزاءِ لَولا المُهاجِرُ
لِمَيَّةَ أَطلالٌ بِحُزوَى دَوائِرُ
لِمَيَّةَ أَطلالٌ بِحُزوَى دَوائِرُ / عَفَتها السَوافي بَعدَنا وَالمَواطِرُ
كَأَنَّ فُؤادي هاضَ عِرفانُ رَبعِها / بِهِ وَعي ساقٍ أَسلَمَتها الجَبائِرُ
عَشِيَّةَ مَسعودٌ يَقولُ وَقَد جَرى / عَلى لِحَيتي مِن عَبَرةِ العَينِ قاطِرُ
أَفي الدارِ تَبكي أَن تَفَرَّقَ أَهلُها / وَأَنتَ اِمرُؤٌ قَد حَلَّمَتكَ العَشائِرُ
فلَا صَبرَ إِن تَستَعبرِ العَينُ إِنَّني / عَلى ذاكَ إِلا جَولَةَ الدَمعِ صابِرُ
فَيا مَيَّ هَل يُجزى بُكائي بِمِثلِهِ / مِراراً وَأَنفاسي إِلَيكِ الزَوافِرُ
وَأَنّي مَتى أُشرِف عَلى الجانِبِ الَّذي / بِهِ أَنتِ مِن بَينِ الجَوانِبِ ناظِرُ
وَأَن لا يَني يا مَيُّ مِن دونِ صُحبَتي / لَكِ الدَهرَ مِن أُحدوثَةِ النَفسِ ذاكِرُ
وَأَن لا يَنالَ الرَكبُ تَهويمَ وَقعَةٍ / مِنَ اللَيلِ إِلا اِعتادَني مِنكِ زائِرُ
وَإِن تَكُ مَيُّ حالَ بَيني وَبَينَها / تَشائِي النَوى وَالعادِياتُ الشَواجِرُ
فَقَد طالَ ما رَجَّيتُ مَيّاً وَشاقَني / رَسيسُ الهَوى مِنهُ دَخيلٌ وَظاهِرُ
فَقَد أَورثَتني مَيُّ مِثلَ الَّذي بِهِ / هَوى غَربَةٍ دانى لَهُ القَيدَ قاصِرُ
لَقَد نامَ عَن لَيلى لَقيطٌ وَشاقَني / مِنَ البَرقِ عُلويُّ السَنا مُتياسِرُ
أَرقتُ لَهُ وَالثَلجُ بَيني وَبَينَهُ / وَحَومانُ حُزوى فَاللَّوى وَالحَرائِرُ
وَقَد لاحَ لِلسّاري سُهَيلُ كَأَنَّهُ / قَرِيعُ هِجانٍ عارَضَ الشَولَ جافِرُ
نَظَرتُ وَرائي نَظرَةَ الشَوقِ بَعدَما / بَدا الجَوّ مِن حَيٍّ لَنا وَالدَّساكِرُ
لأَنظُرَ هَل تَبدو لِعينَيَّ نَظرَةً / بِحومانَةِ الزُرقِ الحُمولُ البَواكِرُ
أَجَدَّت بِأَغباشٍ فَأَضحَت كَأَنَّها / مَواقيرُ نَخلٍ أَو طُلوحٌ نَواضِرُ
ظَعائِنُ لَم يَسلُكنَ أَكنافَ قَريَةٍ / بِسيفٍ وَلَم تَنغُض بِهنَّ القَناطِرُ
تَصَيَّفنَ حَتّى اِصفَرَّ أَقواعُ مُطرِقٍ / وَهاجَت لأَعدادِ المِياهِ الأَباعِرُ
وَطارَ عَنِ العُجمِ العِفاءُ وَأَوجَفَت / بِرَيعانِ رَقراقٍ السَرابِ الظَواهِرُ
وَلَم يُبقِ أَلواءُ الثَماني بَقيَّةً / مِنَ الرُّطبِ إِلا بَطنُ وادٍ وَحاجِرُ
فَلَمّا رَأَينَ القِنعَ أَسفى وَأخلَفَت / مِنَ العَقرَبيّاتِ الهُيوجُ الأَواخِرُ
جَذَبنَ الهَوى مِن سِقطِ حَوضى بِسُدفَةٍ / عَلى أَمرِ ظَعّانٍ رَعَتهُ المَحاضِرُ
فَأَصبَحنَ قَد نَكَّبنَ حَوضى وَقابلَت / مِنَ الرَملِ ثَبجاءُ الجَماهيرِ عاقِرُ
وَتَحتَ العَوالي وَالقَنا مُستظِلَّةً / ظِباءٌ أَعارَتها العُيونَ الجآذِرُ
هِيَ الأُدمُ حاشا كُلُّ قَرنٍ وَمِعصَمٍ / وَساقٍ وَما ليثَت عَلَيهِ المَآزِرُ
إِذا شَفَّ عَن أَجيادِها كُلُّ مُلحَمٍ / مِنَ القَزِّ وَاِحَورَّت إِلَيكَ المَحَاجِرُ
وَغَبراءَ يَحمي دونَها ما وَراءَها / وَلا يَختَطيها الدَهرَ إِلا مُخاطِرُ
سَخاويَّ ماتَت فَوقَها كُلِّ هَبوَةٍ / مِنَ القَيظِ وَاِعَتَّمت بِهِنَّ الحَزاوِرُ
قَطَعتُ بِخَلقاءِ الدُفوفِ كَأَنَّها / مِنَ الحُقبِ مَلساءُ العَجيزَةِ ضامِرُ
سَديسٍ تُطاوي البُعدَ أَو حَدَُ نابِها / صَبيٌَ كخُرطومِ الشَّعيرَةِ فاطِرُ
إِذا القَومُ رَاحوا راحَ فيها تَقاذُفٌ / إِذا شَرِبَت ماءَ المَطيَّ الهَواجِرُ
نَجاةٌ يُقاسي لَيلَها مِن عُروقِها / إِلى حَيثُ لا يَسمو اِمرُؤٌ مُتَقاصِرُ
زَهالِيلُ لا يَعبُرنَ خَرقاً سَبَحنَهُ / بِأَكوارِنا إِلا وَهُنَّ عَواسِرُ
يُنَجَيَننا مِن كُلِّ أَرضٍ مَخوفَةٍ / عِتاقٌ مُهاناتُ وَهُنَّ صَوابِرُ
وَماءٍ تَجافى الغَيثُ عَنهُ فَما بِهِ / سَواءَ الحَمامِ الحُضَّنِ الخُضرِ حاضِرُ
وَرَدتُّ وَأَردافُ النُجومِ كَأَنَّها / وَراءَ السِماكَينِ المَها وَاليَعافِرُ
عَلى نِضوَةٍ تَهدي بِرَكبٍا تَطَوَّحوا / عضلى قُلُصٍ أَبصارُهنَّ الغَوائِرُ
إِذا لاحَ ثَورٌ في الرَهاءِ اِستَحَلنَهُ / بِخوصٍ هَراقَت مَاءَهُنَّ الهَواجِرُ
فَبَيَّنَّ بِراقَ السَراةِ كَأَنَّثه / فَنيقُ هِجانٍ دُسَّ مِنهُ المَساعِرُ
نَجائِبُ مِن آلِ الجَديلِ وَشارَكَت / عَلَيهِنَّ في أَنسابِهِنَّ العصَافِرُ
بَدأَنا عَلَيها بِالرحيلِ مِنَ الحِمى / وَهُنَّ جِلاسٌ مُسنمِاتٌ بَهازِرُ
فَجِئنَ وَقَد بُدِّلنَ حِلما وَصورَةً / سِوى الصورَةِ الأُولى وَهُنَّ ضَوامِرُ
إِذا ما وَطِئنا وَطأَةٍ في غروزِها / تَجافَينَ حَتّى تَستَقِلَّ الكَراكِرُ
فَيَقبِضنَ مِن عادٍ وسادٍ وَواخِدٍ / كَما اِنصاعَ بِالسيِّ النَعامُ النَوافِرُ
وَإِن رَدَّهُنَّ الرَكبُ راجَعنَ هِزَّةً / دَريجَ المَحالِ اِستَثقَلَتهُ المَحاوِرُ
يُقَطِّعنَ للإِبساسِ شاعاً كَأَنَّهُ / جَدايا عَلى الأَنساءِ مِنها بَصائِرُ
تَفُضُّ الحَصى عَن مُجمِراتٍ وَقيعَةٍ / كَأَرحاءِ رَقدٍ زَلَّمَتها المَناقِرُ
مَناسِمُها خُثمٌ صِلابٌ كَأَنَّها / رُؤوسُ الضِبابِ اِستَخرَجَتها الظَهائِرُ
ألَا أَيُهذا الباخِعُ الوَجدُ نَفَسهُ / بِشَيءٍ نَحَتهُ عَن يَدَيهِ المَقادِرُ
فَكائِن تَرى مِن رَشدَةٍ في كَريهَةٍ / وَمِن غَيَّةٍ تُلقى عَلَيها الشَراشِرُ
تَشابَهُ أعناقُ الأَمورِ وَتَلتَوي / مَشاريطٌ ما الأَورادُ عَنهُ مَصادِرُ
إِلى اِبنِ أَبي موسى بِلالٍ طَوَت بِنا / قلِاصٌ أَبوهُنَّ الجَديلُ وَداعِرُ
بِلاداً يَبيتُ البومُ يَدعو بَناتِهِ / بِها وَمِنَ الأَصداءِ والجِنِّ سامِرُ
قَواطِعُ أَقرانِ الصَبابضةِ والهَوى / مِنَ الحَيّ إِلا ما تَجُنَّ الضَمائِرُ
تَمُرُّ بِرَحلي بَكرَةٌ حِميَرِيَّةٌ / ضِناكُ التَوالي عَيطَلُ الصَدرِ ضامِرُ
اَسَرَّت لَقاحاً بَعدَما كانَ راضَها / فِراسٌ فَفيها عِزَّةٌ وَمَياسِرُ
إِذا الرَكبُ أَسروا لَيلَةً مُصمَعِدَّةً / عَلى إِثرِ أُخرى أَصبَحَت وَهي عاسِرُ
أَقولُ لَها إِذ شَمَّرَ السَيرُ وَاِستَوَت / بِها البيدُ وَاِستَنَّت عَلَيها الحَرائِرُ
إِذا اِبن أَبي موسى بِلالٌ بَلَغتِهِ / فَقامَ بِفَأسٍ بَينَ وصلَيكِ جازِرُ
بِلالُ اِبنُ خَيرِ الناسِ إِلا نُبوَّةٍ / إِذا نُشِّرَت بَينَ الجَميعِ المآثِرُ
نَماكَ أَبو موسى إِلى الخَيرِ وَاِبنُهُ / أَبوكَ وَقَيسٌ قَبلَ ذاكَ وعامِرُ
أَسودٌ إِذا ما أَبدَتِ الحَربُ ساقَها / وَفي سائِرِ الدَهرِ الغُيوثُ المَواطِرُ
وَأَنتَ اِمرُؤٌ مِن أَهلِ بَيتِ ذُؤابَةٍ / لَهُم قَدَمٌ مَعروفَةٌ وَمَفاخِرُ
يَطيبُ تُرابُ الأَرضِ أَن يَنزِلوا بِها / وَتَختالُ أَن تَعلو عَلَيها المَنابِرُ
وَما زِلتَ تَسمو لِلمَعالي وَتَجتَبي / جَبا المَجدِ مُذ شُدَّت عَلَيكَ المآزِرُ
إِلى أَن بَلَغتَ الأَربَعينَ فَأُلقِيَت / إِلَيكَ جَماهيرُ الأُمورِ الكَبائِرُ
فَأَحكَمتَها لا أَنتَ في الحُكمِ عاجِزٌ / وَلا أَنتَ فيها عَن هُدى الحَقِّ جائِرُ
إِذا اِصطَكَّتِ الإِلباسُ فَرَّقتَ بَينَها / بِعَدلٍ وَلَم تَقحَز عَلَيكَ المَصادِرُ
لِني وَليَةً تُمرِع جَنابي فَإِنَّني / لِما نِلتُ مِن وَسمِيِّ نُعماكَ شاكِرُ
وَإِنَّ الَّذي بَيني وَبَينَك لا يَني / بِأَرضٍ أَبا عَمرٍو لَكَ الدَهرَ ذاكِرُ
وَأَنتَ الَّذي اِختَرتَ المَذاهِبَ كُلَّها / بِوَهبينَ إِذ رُدَّت عَلَيَّ الأَباعِرُ
وَأَيقَنتُ أَنِّي إِن لَقيتُكَ سالِماً / تَكُن نُجعَةً فيها حَياً مُتَظاهِرُ
وَأَلقَ اِمرَءاً لا تَنتَحي بَينَ مالِهِ / وَبَينَ أَكُفِّ السائِلينَ المَعاذِرُ
جَواداً تُريهِ الجودَ نَفسٌ كَريمَةٌ / وَعِرضٌ عَنِ التَبخيلِ وَالذَمِّ وافِرُ
رَبيعاً عَلى المُستَمطِرينَ وَتارَةً / هِزَبرٌ بِأَضغانِ العِدى مُتَجاسِرُ
إِذا خافَ شَيئاً وَقَّرَتهُ طَبيعَةٌ / عَروفٌ لِما خَطَّت عَلَيهِ المَقادِرُ
وَجَدنا أَبا بَكرٍ تُفَرِّعُ في العُلى
وَجَدنا أَبا بَكرٍ تُفَرِّعُ في العُلى / إِذا فارَعَت يَوماً عَلى المَجدِ عامِرُ
مَساميحَ أَبطالاً كِراماً أَعِزَّةً / إِذا شَلَّ مِن بَردِ الشِتاءِ الخَناصِرُ
تُعاقِبُ مَن لا يَنفَعُ العَفوُ عِندَهُ / وَتَعفو عَنِ الهافي وَقَبضُكَ قادِرُ
أَشَدُّ اِمرِئٍ قَبضاً عَلى أَهلِ ريبَةٍ / وَخَيرُ وُلاةِ المُسلِمينَ المُهاجِرُ
لِمَن طَلَلٌ عافٍ بِوَهبينَ راوَحَت
لِمَن طَلَلٌ عافٍ بِوَهبينَ راوَحَت / بِهِ الهوجُ حَتّى ما تَبينُ دَواثِرُه
بِتَنهِيَةِ الدَحلَينِ غَيَّرَ رَسمَهُ / مِنَ المورِ نَأّاجٌ تَمُرُّ أَعاصِرُه
لَيالِيَّ أُبدي في الدِيارِ وَلَم أَلِح / مَراخِيَ لَم أَزجُر عَنِ الجَهلِ زاجِرُه
أُطاوِعُ مَن يَدعو إِلى رَيِّقِ الصِبا / وَأَترُكُ مَن يَقلي الصِبا لا أُؤامِرُه
وَسِربٍ كَأَمثالِ المَها قَد رَأَيتُهُ / بِوَهبينَ حورِ الطَرفِ بيضٌ مَحاجِرُه
أَوانِسُ حورُ الطَرفِ لُعسٌ كَأَنَّها / مَها قَفرَةٍ قَد أَفرَدَتهُ جَآذِرُه
خِدالُ الشَوى نِصفانِ نِصفٌ عَوانِسٌ / وَنِصفٌ عَلَيهِنَّ الشُفوفُ مَعاصِرُه
إَذا ما الفَتى يَوماً رَآهُنَّ لَم يَزَل / مِنَ الوَجدِ كَالماشي بِداءٍ يُخامِرُه
يُرينَ أَخا الشَوقِ اِبتِساماً كَأَنَّهُ / سَنا البَرقِ في عُرفٍ لَهُ جادَ ماطِرُه
فَجِئتِ وَقَد أَيقَنتُ أَن تَستَقيدَني / وَقَد طارَ قَلبي مِن عَدُوٍّ أُحاذِرُه
فَقالَت بِأَهلي لا تَخَف إِنَّ أَهلَنا / هُجوعٌ وَإِنَّ الماءَ قَد نامَ سامِرُه
أَتَعرِفُ أَطلالاً بِوَهبينَ وَالحَضرِ
أَتَعرِفُ أَطلالاً بِوَهبينَ وَالحَضرِ / لِمَيٍّ كَأَنيارِ المُفَوَّفَةِ الخُضرِ
فَلَمّا عَرَفتُ الدارَ وَاِعتَزَّني الهَوى / تَذَكَّرتُ هَل لي أَن تَصابَيتُ مِن عُذرِ
فَلَم أَرَ عُذراً بَعدَ عِشرينَ حِجَّةً / مَضَت لي وَعَشرٌ قَد مَضَينَ إِلى عَشرِ
فَأَخفَيتُ شَوقي مِن رَفيقي وَإِنَّهُ / لَذو نَسَبٍ دانٍ إِلَيَّ وَذو حِجرِ
مَحَلَّ الحِواءَينِ الَّذي لَستُ ذاكِراً / مَحَلَّهُما إِلاّ غُلِبتُ عَلى الصَدرِ
وَضِبحاً ضَبَتهُ النارُ في ظاهِرِ الحَصى / كَباقِيَةِ التَنويرِ أَو نُقَطِ الحِبرِ
وَغَيرَ ثَلاثٍ بَينَهُنَّ خَصاصَةٌ / تَجاوَرنَ في رَبعٍ زَماناً مِنَ الدَهرِ
كَساهُنَّ لَونَ السودِ بَعدَ تَعَيُّسٍ / لِوَهبينَ إِحماشُ الوَليدَةِ بِالقِدرِ
أَرَبَّت عَلَيها كُلُّ هَوجاءَ رادَةٍ / شَمالٍ وَأَنفاسُ اليَمانِيَةِ الكُدرِ
تَسُحُّ بِها بَوغاءَ قُفٍّ وَتارَةً / تَسُنُّ عَلَيها تُربَ آمِلَةٍ عُفرِ
هِجانٍ مِنَ الدَهنا كَأَنَّ مُتونَها / إِذا أَبرَقَت أَثباجُ أَحصِنَةٍ شُقرِ
فَهاجَت عَلَيكَ الدارُ ما لَستَ ناسِياً / مِنَ الحاجِ إِلّا أَن تُناسي عَلى ذُكرِ
هَواكَ الَّذي يَنهاضُ بَعدَ اِندِمالِهِ / كَما هاضَ حادٍ مُتعِبٌ صاحِبَ الكَسرِ
إِذا قُلتُ قَد وَدَّعتُهُ رَجَعَت بِهِ / شُجونٌ وَأَذكارٌ تَعَرَّضنَ في الصَدرِ
بِمُستَشعِرٍ داءَ الهَوى عَرَّضَت لَهُ / سَقاماً مِنَ الأَسقامِ صاحِبَةُ الخِدرِ
إِذا قُلتُ يَسلو ذِكرُ مَيَّةَ قَلبَهُ / أَبى حُبُّها أَلّا بَقاءَ عَلى الهَجرِ
تَميمِيَّةٌ نَجدِيَّةٌ دارُ أَهلِها / إِذا مُوِّهَ الصَمّانُ مِن سَبَلِ القَطرِ
بِأَدعاصِ حَوضى ثُمَّ مَوضِعُ أَهلِها / جَراميزُ يَطفو فَوقَها وَرَقُ السِدرِ
مِنَ الواضِحاتِ البيضِ تَجري عُقودُها / عَلى ظَبيَةٍ بِالرَملِ فارِدَةٍ بِكرِ
تَبَسَّمُ إيماضَ الغَمامَةِ جَنَّها / رِواقٌ مِنَ الظَلماءِ في مَنطِقٍ نَزرِ
يُقَطِّعُ مَوضوعَ الحَديثِ اِبتِسامُها / تَقَطُّعَ ماءِ المُزنِ في نُزَفِ الخَمرِ
وَلَو كَلَّمَت مَيٌّ عَواقِلَ شاهِقٍ / رِغاثاً مِنَ الأَروى سَهَونَ عَنِ الغُفرِ
خَبَرنَجَةٌ خَودٌ كَأَنَّ نِطاقَها / عَلى رَملَةٍ بَينَ المُقَيَّدِ وَالخَصرِ
لَها قَصَبٌ فَعمٌ خِدالٌ كَأَنَّهُ / مُسَوِّقُ بَردِيٍّ عَلى حائِرٍ غَمرِ
سَقِيَّةُ أَعدادٍ يَبيتُ ضَجيعُها / وَيُصبِحُ مَحبوراً وَخَيراً مِنَ الحَبرِ
تُعاطيهِ بَرّاقَ الثَنايا كَأَنَّهُ / أَقاحِيُّ وَسمِيٍّ بِسائِفَةٍ قَفرِ
كَأَنَّ النَدى الشَتوِيَّ يَرفَضُّ ماؤُهُ / عَلى أَشنَبِ الأَنيابِ مُتَّسِقِ الثَغرِ
هِجانٍ تَفُتَّ المِسكَ في مُتَناعِمٍ / سُخامِ القُرونِ غَيرِ صُهبٍ وَلا زُعرِ
وَتُشعِرُهُ أَعطافَها وَتَسوفُهُ / وَتَمسَحُ مِنهُ بِالتَرائِبِ وَالنَحرِ
لَها سُنَّةٌ كَالشَمسِ في يَومِ طَلقَةٍ / بَدَت مِن سَحابٍ وَهيَ جانِحَةُ العَصرِ
فَما رَوضَةٌ مِن حُرِّ نَجدٍ تَهَلَّلَت / عَلَيها سَماءٌ لَيلَةً وَالصَبا تَسري
بِها ذُرَقٌ غَضُّ النَباتِ وَحَنوَةٌ / تُعاوِرُها الأَمطارُ كَفراً عَلى كَفرِ
بِأَطيَبَ مِنها نَكهَةً بَعدَ هَجعَةٍ / وَنَشراً وَلا وَعساءُ طَيِّبَةُ النَشرِ
فَتِلكَ الَّتي يَعتادُني مِن خَبالِها / عَلى النَأيِ داءُ السِحرِ أَو شَبَهُ السِحرِ
إِلى اِبنِ أَبي موسى بِلالٍ تَكَلَّفَت / بِنا البُعدَ أَنقاضُ الغُرَيرِيَّةِ السُجرِ
مُدَئِّبَةُ الأَيّامِ واصِلَةٌ بِنا / لَيالِيَها حَتّى تَرى واضِحَ الفَجرِ
يُأَوِّبنَ تَأَويباَ قَليلاً غِرارُهُ / وَيَجتَبنَ أَثناءَ الحَنادِسِ وَالقَمرِ
يُقَطِّعنَ أَجوازَ الفَلاةِ بِفِتيَةٍ / لَهُم فَوقَ أَنضاءِ السُرى قِمَمُ السَفرِ
تَمُرُّ بِنا الأَيّاُم ما لَمَحَت لَنا / بَصيرَةَ عَينٍ مِن سِوانا إِلى شَفرِ
تَقَضَّينَ مِن أَعرافِ لُبنى وَغَمرَةٍ / فَلَمّا تَعَرَّفنَ اليَمامَةَ عَن عَفرِ
تَزاوَرنَ عَن قُرّانَ عَمداً وَمَن بِهِ / مِنَ الناسِ وَاِزوَرَّت سُراهُنَّ عَن حَجرِ
فَأَصبَحنَ بِالحَومانِ يَجعَلنَ وِجهَةً / لِأَعناقِهِنَّ الجَديَ أَو مَطلَعِ النَسرِ
فَصَمَّمنَ في دَوِّيَةِ الدَوِّ بَعدَما / لَقينَ الَّتي بَعدَ اللَتَيا مِنَ الضَمرِ
فَرَغنَ أَبا عَمرٍو بِما بَينَ أَهلِنا / وَبَينَكَ مِن أَطراقِهِنَّ وَمِن شَهرِ
فَأَصبَحنَ يَجعَلنَ الكَواظِمَ يُمنَةً / وَقَد قَلِقَت أَجوازُهُنَّ مِنَ الضَفرِ
فَجِئنا عَلى خوصٍ كَأَنَّ عُيونَها / صَباباتُ زَيتٍ في أَواقي مِن صُفرِ
مُكِلّينَ مَضبوحي الوُجوهِ كَأَنَّنا / بَنو غِبِّ حِمى مِن سَمومٍ وَمِن فَترِ
وَقَد كُنتُ أُهدي في المَفاوِزِ بَينَنا / ثَناءَ اِمرِئٍ باقي المَوَدَّةِ وَالُشكرِ
ذَخَرتُ أَبا عَمرٍو لِقَومِكَ كُلِّهِمِ / بَقاءَ اللَيالي عِندَنا أَحسنَ الذُخرِ
فَلا تَيأَسَن مِن أَنَّني لَكَ ناصِحٌ / وِمَن أَنزَلَ الفُرقانَ في لَيلَةِ القَدرِ
أَقولُ وَشِعرٌ وَالعَرائِسُ بَينَنا / وَسُمرُ الذُرى مِن هَضبِ ناصِفَةِ الحُمرِ
إِذا ذُكِرَ الأَقوامُ فَاِذكُر بِمِدحَةٍ / بِلالا أَخاكَ الأَشعرَيَّ أَبا عَمرِو
أَخاً وَصلُهُ زَينُ الكَريمِ وَفَضلُهُ / يُجيرُكَ بَعدَ اللَهِ مِن تِلَفِ الدَهرِ
رَأَيتُ أَبا عَمرٍو بِلالا قَضى لَهًُ / وَلِيُّ القَضايا بِالصَوابِ وَبِالنَصرِ
إِذا حارَبَ الأَقوامَ يَسقي عَدُوَّهُ / سِجالاً مِن الذيفانِ وَالعَلقَمِ الخَضرِ
وَحَسبي أَبا عَمرٍو عَلى مَن تُصيبُهًُ / كَمُنبَعِقِ الغَيثِ الحَيا النابِتِ النَضرِ
فَإِن حارَدَ المَعطونَ أَلفَيتَ كَفَّهُ / هَضوماً تَسُحُّ الخَيرَ مِن خُلُقٍ بَحرِ
وَمُختَلَقٌ لِلمُلكِ أَبيَضَ فَدغَمٌ / أَشَمُّ أَبَجُّ العَينِ كَالقَمَرِ البَدرِ
تُصاغِرُ أَشرافَ البَرِيَّةِ حَولَهُ / لِأَزهَرَ صافي اللَونِ مِن نَفَرٍ زُهرِ
خَلَفتَ أَبا موسى وَشَرَّفتَ ما بَنى / أَبو بُردَةَ الفَيّاضَ مَن شَرَفِ الذِكرِ
وَكَم لِبِلالٍ مِن أَبٍ كانَ طَيِّباً / عَلى كُلِّ حالٍ في الحَياةِ وَفي القَبرِ
لَكُم قَدَمٌ لا يُنكِرُ الناسُ أَنَّها / مَعَ الحَسَبِ العادي طَمَت عَلى الفَخرِ
خِلالُ النَبِيِّ المُصطَفى عِندَ رَبِّهِ / وَعُثمانُ وَالفاروقُ بَعدَ أَبي بَكرِ
وَأَنتَم ذَوو الأُكلِ العَظيمِ وَأَنتُم / أُسودُ الوَغى وَالجابِرونَ مِنَ الفَقرِ
أَبوكَ تَلافى الدَين وَالناسَ بَعدَما / تَشاءَوا وَبَيتُ الدينِ مُنقَطِعُ الكَسرِ
فَشَدَّ إِصارَ الدينِ أَيّامَ أَذرُحٍ / وَرَدَّ حُروباً قَد لَقِحنَ إِلى عَقرِ
تُعِزُّ ضِعافَ الناسِ عِزَّةُ نَفسِهِ / وَيَقطَعُ أَنفَ الكِبرِياءِ عَنِ الكِبرِ
إِذا المِنبَرُ المَحظورُ أَشرَفَ رَأسَهُ / عَلى الناسِ فَوقَهُ نَظَرَ الصَقرِ
تَجَلَّت عَنِ البازي طَشاشٌ وَلَيلَةٌ / فَآنَسَ شَيئاً وَهوَ طاوٍ عَلى وَكرِ
فَسَلَّمَ فَاِختارَ المَقالَةَ مِصقَعٌ / رَفيعُ البُنى ضَخمُ الدَسيعَةِ وَالأَمرِ
لِيَومٍ مِنَ الأَيّامِ شَبَّهَ قَولَهُ / ذَوو الرَأيِ وَالأَحجاءِ مُنقَلِعَ الصَخرِ
فَمِثلُ بِلالٍ سُوِّسَ الأَمرَ فَاِستَوَت / مَهابَتُهُ الكُبرى وَجَلّى عَنِ الثَغرِ
إِذا اِلتَكَّتِ الأَورادُ فَرَّجتَ بَينَها / مَصادِرَ لَيسَت مِن عَبامٍ وَلا غَمرِ
وَنَكَّلتَ فُسّاقَ العِراقِ فَأَقصَروا / وَغَلَّقتَ أَبوابَ النِساءِ عَلى سَترِ
فَلَم يَبقَ إِلّا داخِرٌ في مُخَيِّسٍ / وَمُنحَجِرٌ مِن غَيرِ أَرضِكَ في حَجرِ
يَغارُ بِلالٌ غَيرَةً عَرَبِيَّةً / عَلى العَرَبِيّاتِ المُغيباتِ بِالمِصرِ
فَإِن تَقتُلوني بِالأَميرِ فَإِنَّني
فَإِن تَقتُلوني بِالأَميرِ فَإِنَّني / قَتَلتُكُمُ غَصباً بِغَيرِ أَميرِ
أَصهَبَ يَمشي مِشيَةَ الأَميرِ
أَصهَبَ يَمشي مِشيَةَ الأَميرِ / لا أَوطَفَ الرَأسِ وَلا مَقرورِ
كَأَنَّ جِلدَ الوَجهِ مِن حَريرِ / أَملَسَ إِلّا خَطرَةَ الجَريرِ
بِخَطمِهِ أَو مَسحَبِ التَصديرِ / بَينَ الحَشا وَظَلِفاتِ الكورِ
فَهُنَّ يَنهَضنَ إِلى الصُدورِ / خَوارِجاً مِن سِكَكٍ وَدورِ
تَطَلُّعَ البيضِ مِنَ الخُدورِ / يَرفَعنَ مِن مَسامِعٍ حُشورِ
شَفناً إِلى مُستَرحَلٍ مَضبورِ / هَيقِ الهِبابِ سَحبَلِ الجُفورِ
أَإِن تَرَسَّمتَ مِن خَرقاءَ مَنزِلَةً
أَإِن تَرَسَّمتَ مِن خَرقاءَ مَنزِلَةً / كَالوَحيِ في مُصحَفٍ قَد مَحَّ مَنشورِ
أَودى بِها الدَهرُ قِدماً وَاِستَحالَ بِها / بِكُلِّ داجٍ مُسِفِّ الوَدقِ مَبحورِ
داني الرَبابِ كَأَنَّ البُلقَ تَحفِرُهُ / إِذا اِستَقَلَّ فُوَيقَ الأَرضِ مَهمورِ
مَنازِلُ الحَيِّ إِذ حَبلُ الصَفا عَلقٌ / مِن آلِ مَيٍّ جَديدٍ غَيرِ مَبتورِ
أَضحَت وَكُلُّ جَديدٍ صائِرٌ عَجِلاً / يَوماً إِلى قِلَّةٍ مِنهُ وَتَغييرِ
أَعراضَ ريحِ الصَبا تُزهي جَوانِبَها / عِندَ الصَباحِ مَعَ الحَصباءِ بِالمورِ
وَمَنهَلٍ آجِنٍ كَالغِسلِ مُختَلَطٍ / باكَرتُهُ قَبلَ تَرنيمِ العَصافيرِ
تَكسو الرِياحُ نَواحيهِ بِمُختَلِفٍ / مِنَ التُرابِ إِذا ما رُحنَ مَدجورِ
في صَحنِ يَهماءَ تَهوي الخامِعاتُ بِها / مِن قِلَّةِ الكَسبِ لِلغُبسِ المَغاويرِ
تَنزو القُلوبُ بِها مِنها إِذا اِشتَمَلَت / في الآلِ أَعلامُها خَوفاً مَعَ القورِ
وَنَصَّ حِرباؤُها فيها ذَوائِبَهُ / في صامِحٍ مِن لُعابِ الشَمسِ مَسجورِ
بِأَينُقٍ كَقِداحِ النَبعِ قَد ذَبَلَت / مِنها الشَمائِلُ أَمثالِ القَراقيرِ
تَشكو إِذا وَقَفَت بِالقَوم في بَلَدٍ / مِن آخِرِ اللَيلِ ناءٍ غَيرِ مَهجورِ
جَذبَ البُرى في عُرى أَزرارَ آنُفَها / بِراجِعٍ مِن عَتيقِ الجَوفِ مَنشورِ
كَأَنَّ أَعيُنَها مِن طولِ ما نَزَحَت / مِنها إِذا خَزَرَت خُضرُ القَواريرِ
مِنَ اللَواتي لَها دُهنٌ مُنَصِّفُها / قَد غَيَّرَتها الفَيافي أَيَّ تَغييرِ
يَتبَعنَ شَأوَ عَلَنداةٍ مُذَكَّرَةٍ / خَطّارَةٍ حُرَّةٍ إِحدى المَماهيرِ
كَأَنَّ رَحلي وَقَد لانَت عَريكَتُها / عَلى أَحَمَّ أَجَمِّ الرَوقِ مَذعورِ
ضاحي المَراتِعِ بِالبَيداءِ في قَرَنٍ / يَدنو بِهِ اللَيلَ في ظَلماءَ دَيجورِ
فَباتَ ضَيفَ أَلاءٍ يَستَغيثُ بِهِ / مِن قِطقِطٍ في سَوادِ اللَيلِ مَحدورِ
كَأَنَّهُ وَالدُجى في اللَيلِ مُنغَمِسٌ / ذو يَلمَقٍ مِن عَتيقِ القَهزِ مَقصورِ
إِذا اِنجَلى البَرقُ عَنهُ قامَ مُبتَهِلاً / لِلَّهِ يَتلو لَهُ بِالنَجمِ وَالطورِ
حَتّى إِذا ما الدُجى مالَت أَواخِرُهُ / مِثلَ الرُواقِ وَلاحَت جَبهَةُ النورِ
باكَرَهُ قانِصٌ يَسعى بِطاوِيَةٍ / شُمِّ المَلاطِمِ أَمثالِ الزَنانيرِ
حَتّى إِذا قالَ قَد نالَت أَوائِلَها / وَأَدركتَهُ جَميعا بِالأَظافيرِ
كَرَّ يَهُزُّ سِلاحاً ما يُقَوِّمُهُ / قَينٌ بِمِطرَقَةٍ يَوماً عَلى كيرِ
أَسمَرُ يَطرُدُ ما لاقى وَمُنعَقِدٌ / في الرَأسِ قَرنٌ جَديدٌ غَيرُ مَسمورِ
فَغادَرَ الغُضفَ يَسعى وَاِنصَمى جَنِفاً / يَمُرُّ مَرَّ شِهابٍ اِنقَضَّ مَحدورِ
فَذاكَ شَبَّهتَ عيسي في مَعاقِدِها / إِذا اِنتَحَت في سَوادِ اللَيلِ بِالعيرِ
أَشاقَتكَ أَخلاقُ الرُسومِ الدَواثِرِ
أَشاقَتكَ أَخلاقُ الرُسومِ الدَواثِرِ / بِأَدعاصِ حَوضى المُعنِقاتِ النَوادِرِ
لِمَيٍّ كَأَنَّ القَطرَ وَالريحَ غادَرا / وُحولاً عَلى جَرعائِها بُردَ ناشِرِ
أَهاضيبُ أَنواءٍ وَهَيفانِ جَرَتا / عَلى الدارِ أَعرافُ الحِبالِ الأَعافِرِ
وَثالِثَةٌ تَهوي مِنَ الشامِ حَرجَفٌ / لَها سَنَنٌ فَوقَ الحَصى بِالأَعاصيرِ
وَرابِعَةٌ مِن مَطلَعِ الشَمسِ أَجفَلَت / عَلَيها بِدَقعاءِ المِعى فَقَراقِرِ
فَحَنَّت بِها النُكبُ السَوافي فَأَكثَرَت / حَنينَ اللِقاحِ القارِباتِ العِواشِرِ
فَأَبقَينَ آياتٍ يَهِجنَ صَبابَةً / وَعَفَّينَ آياتٍ بِطولِ التَعاوِرِ
نَعَم هاجَتِ الأَطلالُ شَوقاً كَفى بِهِ / مِنَ الشَوقِ إِلّا أَنَّهُ غَيرُ ظاهِرِ
فَمازِلتُ أَطوي النَفسَ حَتّى كَأَنَّها / بِذي الرِمثِ لَم تَخطُر عَلى بالِ ذاكِرِ
حَياءً وَإِشفاقاً مِنَ الرَكبِ أَن يَروا / دَليلاً عَلى مُستَودَعاتِ السَرائِرِ
لِمَيَّةَ إِذ مَيٌّ مَعانٌ تَحُلُّهُ / فِتاخٌ فَحُزوى في الخَليطِ المُجاوِرِ
إِذا خَشِيَت مِنُه الصَريمَةَ أَبرَقَت / لَهُ بَرقَةً مِن خُلَّبٍ غَيرِ ماطِرِ
كَأَنَّ عُرى المَرجانِ مِنها تَعَلَّقَت / عَلى أُمِّ خَشفٍ مِن ظِباءَ المَشاقِرِ
تَثَوَّرَ في قَرنِ الضُحى مِن شَقيقَةٍ / فَأَقبَلَ أَو مِن حِضنٍ كَبداءَ عاقِرِ
حُزاوِيَّةٌ أَو عَوهَجٌ مَعقُلِيَّةٍ / تَرودُ بِأَعطافِ الرِمالِ الحَرائِرِ
رَأَت راكِباً أَو راعَها لِفَواقِها / صُوَيتٌ دَعاها مِن أُعَيِّسَ فاتِرِ
إِذا اِستَودَعَتهُ صَفصَفاً أَو صَريمَةً / تَنَحَّتَ وَنَصَّت جيدَها بِالمَناظِرِ
حِذاراً عَلى وَسنانَ يَصرَعُهُ الكَرى / بِكُلِّ مَقيلٍ عَن ضِعافٍ فَواتِرِ
إِذا عَطَفَتهُ غادَرَتهُ وَراءَها / بِجَرعاءَ دَهناوِيَّةٍ أَو بِحاجِرِ
وَتَهجُرُهُ إِلّا اِختِلاساً نَهارَها / وَكَم مِن مُحِبٍّ رَهبَةَ العَينِ هاجِرِ
حِذارَ المَنايا رَهبَةً أَن يَفُتنَها / بِهِ وَهيَ إِلّا ذاكَ أَضعَفُ ناصِرِ
وَيَومٍ يُظِلُّ الفَرخُ في بَيتِ غَيرِهِ / لَهُ كَوكَبٌ فَوقَ الحِدابِ الظَواهِرِ
تَرى الرَكبَ فيهِ بِالعَشِيِّ كَأَنَّما / يُدانونَ مِن خَوفٍ خَصاصَ المَحاجِرِ
تَلَثَّمَتُ فَاِستَقبَلتُهُ ثُم مِثلَهُ / وَمِثلَيهِ خِمساً وِردُهُ غَيرُ صادِرِ
وَماءٍ كَماءِ السُخدِ لَيسَ لِجَوفِهِ / سَواءَ الحَمامِ الوُرقِ عَهدٌ بِحاضِرِ
صَرى آجِنٌ يَزوي لَهُ المَرءُ وَجهَهُ / وَلَو ذاقَهُ ظَمآنُ في شَهرِ ناجِرِ
وَرَدتُ وَأَغباشُ السَوادِ كَأَنَّها / سَماديرُ غَشيٍ في العُيونِ النَواظِرِ
بِرَكبٍ سَرَوا حَتّى كَأَنَّ اِضطِرابَهُم / عَلى شُعَبِ المَيسِ اِضطِرابُ الغَدائِرِ
تَعادَوا بِيَهيا مِن مُدارَكَةِ السُرى / عَلى غائِرات الطَرفِ هُدلِ المَشافِرِ
كَأَنّا تُغَني بَينَنا كُلَّ لَيلَةٍ / جَداجِدُ صَيفٍ مِن صَريرِ المَآخِرِ
عَلى رَعلَةٍ صُهبِ الذَفارى كَأَنَّها / قَطاً باصَ أَسرابَ القَطا المُتَواتِرِ
شَجَجنَ الدُجى حَتّى إِذا قالَ صُحبَتي / وَحَلَّقَ أَردافُ النُجومِ الغَوائِرِ
كَأَنَّ عَمودَ الصُبحِ جيدٌ وَلَبَّةٌ / وَراءَ الدُجى مِن حُرَّةِ اللَونِ حاسِرِ
جَنَحنَ عَلى أَجوازِهِنَّ وَهَوَّموا / سُحَيراً لَدى أَعضادِهِنَّ الأَياسِرِ
أَلا خَيَّلَت خَرقاءُ بِالبينَ بَعدَما / مَضى اللَيلُ إِلّا خَطَّ أَبلَقَ جاشِرِ
سَرَت تَخبِطُ الظَلماءَ مِن جانِبي قَساً / فَأَحببِ بِها مِن خابِطِ اللَيلِ زائِرِ
إِلى فِتيَةٍ مِثلَ السُيوفِ وَأَينُقٍ / حَراجيجَ مِن آلِ الجِديلِ وَداعِرِ
جَذَبنَ البُرى حَتّى شَدِفنَ وَأَصعَرَت / أُنوفُ المَهارى لَقوَةً في المَناخِرِ
وَفي الميسِ أَطلاحٌ تَرى في خُدودِها / تِلاعاً لِتَذرافِ العُيونِ القَواطِرِ
وَكائِن تَخَطَّت ناقَتي مِن مَفازَةٍ / وَكَم زَلَّ عَنها مِن جُحافِ المَقادِرِ
وَكَم عَرَستَّ بَعدَ السُرى مِن مُعَرِّسٍ / بِهِ مِن كَلامِ الجِنِّ أَصواتٌ سامِرِ
إِذا اِعتَسَّ فيه الذِئبُ لَم يَلتَقِط بِهِ / مِنَ الكَسبِ إِلّا مِثلَ مُلقى المَشاجِرِ
مُناخَ قُرونِ الرُكبَتَينِ كَأَنَّهُ / مُعَرِّسُ خَمسٍ مِن قَطاً مُتَجاوِرِ
وَقَعنَ اِثنَتَينِ وَاِثنَتَينِ وَفَردَةً / حَريداً هِيَ الوُسطى بِصَحراءَ حائِرِ
وَبَينَهُما مُلقى زِمامٍ كَأَنَّهُ / مَخيطَ شُجاعٍ آخِرَ اللَيلِ ثائِرِ
وَمَغفى فَتىً حَلَّت لَهُ فَوقَ رَحلِهِ / ثَمانِيَةً جُرداً صَلاةُ المُسافِرِ
سِوى وَطأَةٍ في الأَرضِ مِن غَيرِ جَعَدةٍ / ثَنى أُختَها في غَرزِ عَوجاءَ ضامِرِ
وَمَوضِعِ عِرنينٍ كَريمٍ وَجَبهةٍ / إِلى هَدَفٍ مِن مُسرِعٍ غَيرَ فاجِرِ
طَوى طَيَّةً فَوقَ الكَرى جَفنَ عَينِهِ / عَلى رَهباتٍ مِن جِنانِ المَحاذِرِ
قَليلاً كَتَحليلِ الأَلى ثُمَّ قَلَّصَت / بِهِ شيمَةٌ روعاءُ تَقليصَ طائِرِ
إِلى نَضوَةٍ عَوجاءَ وَاللَيلِ مُغبِشٌ / مَصابيحَهُ مِثلَ المَها وَاليَعافِرِ
قَد اِستَبدَلَت بِالحِلمِ جَهلاً وَراجَعَت / وُثوباً شَديداً بِعدَ وَثبٍ مُبادِرِ
وِكانَت كِنازَ اللَحمِ أَورى عِظامَها / بِوَهبينَ آثارُ العِهادِ البَواكِرِ
إِلى مَعقُلاتٍ فَالشَماليلِ فَاِنطَوت / عَلى لَقَحٍ مِن شَدقَمٍ غَيرِ جافِرِ
فَما زِلتُ أَكسو كُلَّ يَومٍ سَراتَها / خَصاصَةَ مَعلوفٍ مِن المَيسٍ قاتِرِ
وَأَرمي بِها الأَهوالَ حَتّى أَحَلتُها / وَسَوَّيتُها بِالمُحرِثاتِ الحَدابِرِ
وَصارَت وَباقي النِقيِ مِن خَلفِ عَينِها / ظَنونٌ وَمُخُّ المُجمِراتِ الأَقاصِرِ
إِذا حَثَّهُنَ الرَكبُ في مُدلَهِمَّةٍ / أَحاديثُها مِثلُ اِصطِخابِ الصَرائِرِ
تَياسَرنَ عَن حَذوِ الفَراقِدِ في السُرى / وَيا مَن شَيئاً عَن يَمينِ المَغاوِرِ
حَراجِيجُ أَشباهٌ عَلَيهِنَّ فِتيَةٌ / بَأَوطانِ أَهليهِمُ وُحوشُ الأَباعِرِ
يَحُلّونَ من وَهبينَ أَو مِن سُوَيقَةٍ / مَشَقَّ السَوابي عَن أُنوفِ الجَآذِرِ
أَعاريبُ طَورِيّونَ مِن كُلِّ قَريَةٍ / يَحيدونَ عَنها مِن حِذارِ المَقادِرِ
فَشَدّوا عَلَيهِنَّ الرِحالَ فَصَمَّموا / عَلى كُلِّ هَولٍ مِن جَنانِ المُخاطِرِ
أَقولُ بِذي الأَرطى لَها إِذ رَحَلتُها / لِبَعضِ الهُمومِ النازِحاتِ المَزاوِرِ
عَشِيَّةَ حَنَّت في زِمامي صَبابَةً / إِلى إِبِلٍ تَرعى بِلادَ الجآذِرِ
سَتَستَبدِلينَ العامَ إِن عِشتُ سالِماً / إِلى ذاكَ مِن إِلفِ المَخاضِ البَهازِرِ
قَلوصَينِ عَوجاوَينِ بَلّى عَلَيهِما / هَواءُ السُرى ثُمَّ اِقتِراحُ الهَواجِرِ
مَنَنّاهُما بِالخِمسِ وَالخِمسِ قَبلَهُ / وَبِالحَلِّ وَالتِرحالِ أَيّامَ ناجِرِ
وَبِالسَيرِ حَتّى ما تَحِنانِ حَنَّةً / إِلى قارِبٍ آتٍ وَلا إِثرِ صادِرِ
رَتوعَينِ أَدنى مَرتَعٍ حَلَّتا بِهِ / بِلا زَمٍ تَقييدٍ وَلا صَوتِ زاجِرِ
طَوَيناهُما حَتّى إَذا ما أُنيخَتا / مُناخاً هَوى بَينَ الكُلى وَالكَراكِرِ
أَراني إِذا ما الرَكبُ جابوا تَنوفَةً / تُكَسِّرُ أَذنابُ القِلاصِ العَواسِرِ
كَأَنّي كَسَوتُ الرَحلَ أَخنَسَ أَقفَرَت / لَهُ الرُزقُ إِلّا مِن ظِباءٍ وَباقِرِ
أَحَمَّ الشَوى فَرداً كَأَنَّ سَراتَهُ / سَنا نارِ مَحزونٍ بِهِ الحَيُّ ساهِرِ
نَمى بَعدَ قَيظٍ قاظَهُ بِسُوَيقَةٍ / عَلَيهِ وَأَن لَم يَطعَمِ الماءَ قاصِرِ
إَلى مُستَوى الوَعساءِ بَينَ حُمَيِّطٍ / وَبَينَ جِبالِ الأَشيَمَينِ الحَوادِرِ
فَظَلَّ بِعَيني قانِصٍ كان قَصَّهُ / مِنَ المُغتَدى حَتّى رَأى غَيرَ ذاعِرِ
يَرودُ الرُخامى لا يَرى مُستَرادَهُ / بِبَلّوقَةٍ إِلّا كَبيرُ المَحافِرِ
يَلوحُ إِذا أَفضى وَيَخفى بَريقُهُ / إِذا ما أَجَنَّتهُ غُيوبُ المَشاعِرِ
فَلَما كَسا اللَيلُ الشُخوصَ تَحَلَّبَت / عَلى ظَهرِهِ إِحدى اللَيالي المَواطِرِ
وَهاجَت لَهُ مِن مَطلَعِ الشَمسِ حَرجَفٌ / تَوَجَّهُ أَسباطَ الحُقوفِ التَياهِرِ
وَقَد قابَلَتهُ عَوكَلاتٌ عَوانِكٌ / رُكامٌ نَفَينَ النَبتَ غَيرَ المآزِرِ
تُناصي أَعاليهِنَّ أَعفَرِ حابياً / كَقِرمِ الهِجانِ المُستَشيطِ المُخاطِرِ
فَأَعنَقَ حَتّى اِعتامَ أَرطأةَ رَملَةٍ / مُحَفَّفَةً بِالحاجِزاتِ السَواتِرِ
فَباتَ عَذوباً يَحدُرُ المُزنُ ماءَهُ / عَلَيهِ كَحَدرِ اللُؤلُؤِ المُتَناثِرِ
تَصابَيتُ في أَطلالِ مَيَّةَ بَعدَما
تَصابَيتُ في أَطلالِ مَيَّةَ بَعدَما / نَبا نَبوَةً بِالعَينِ عَنها دُثورُها
بِوَهبينَ أَجلى الحَيُّ عَنها وَراوَحَت / بِها بَعدَ شَرقِيِّ الرِياحِ دَبورُها
وَأَنواءُ أَحوالٍ تِباعٍ ثَلاثَةٍ / بِها كانَ مِمّا يَستَحيرُ مَطيرُها
عَفَت عَرَصاتٌ حَولَها وَهيَ سُفعَةٌ / لِتَهييجِ أَشواقٍ بِواقٍ سُطورُها
ظَلِلنا نَعوجُ العيسَ في عَرَصاتِها / وُقوفاً وَتَستَنعي بِنا فَنَصورُها
فَما زالَ في نَفسي هُلاعٌ مُراجِعٌ / مِنَ الشَوقِ حَتّى كادَ يَبدو ضَميرُها
عَشِيَّةَ لَولا خَشيَتي لَتَهَتَّكَت / مِنَ الوَجدِ عَن أَسرارِ قَلبي سُتورُها
فَما ثَنيُ نَفسي عَن هَواها فَإِنَّهُ / طَويلٌ عَلى آثارِ مَيٍّ زَفيرُها
خَليلَيَّ أَدِّ اللَهُ خَيراً إِلَيكُما / إِذا قُسِمَت بِينَ العِبادِ أُجورُها
بَميٍّ إِذا أَدلَجتُما فاطرُدا الكَرى / وَإِن كانَ آلى أَهلُها لا أَطورُها
يَقَرُّ بِعَيني أَن أَراني وَصُحبَتي / نُقيمُ المَطايا نَحوَها وَنُجيرُها
أَقولُ لِرِدفي وَالهَوى مُشرِفٌ بِنا / غَداةَ دَعا أَجمالَ مَيٍّ مَصيرُها
أَلا هَل تَرى أَظعانَ مَيٍّ كَأَنَّها / ذُرى أَثأُبٍ راشَ الغُصونَ شَكيرُها
تَوارى فَتَبدو لي إِذا ما تَطاوَلَت / شُخوصُ الضُحى وَاِنشَقَّ عَنها غَديرُها
فَوَدَّعنَ أَقواعَ الشَماليلِ بَعدَما / ذَوى بَقلُها أَحرارُها وَذُكورُها
وَلَم يَبقَ بِالخَلصاءِ مِمّا عَنَت بِهِ / مِن الرَطبِ إِلّا يَبسُها وَهَجيرُها
فَما أَيأَسَتني النَفسُ حَتّى رَأَيتُها / بِحَومانَةِ الزُرقِ اِحزَأَلَّت خُدورُها
فَلَمّا عَرَفتُ البَينَ لا شَكَّ أَنَّهُ / عَلى صَرفِ عَوجاءَ اِستَمَرَّ مَريرُها
تَعَزَّيتُ عَن مَيٍّ وَقَد رَشَّ رَشَّةً / مِنَ الوَجدَ جَفنا مُقلَتي وَحُدورُها
وَكائِن طَوَت أَنقاضُنا مِن عِمارَةٍ / لِنَلقاكَ لَم نَهبِط عَلَيها نَزورُها
وَجاوَزنَ مِن أَرضٍ فَلاةٍ تَعَصَّبَت / بِإِحشادِ أَمواتِ البَوارِح قورُها
وَمِن عاقِرٍ يَنفي الأَلاءَ سَراتُها / عَذارَينِ عَن جَرداءَ وَعثٍ خُصورُها
إِذا ما عَلاها راكِبُ الصَيفِ لَم يَزَل / يَرى نَعجَةً في مَرتَعٍ فَيُثيرُها
مُوَلَّعَةً خَنساءَ لَيسَت بِنَعجَةٍ / يُدَمِّنُ أَجوافَ المِياهِ وَقيرُها
وِمِن جَردٍ غُفلٍ بَساطٍ تَحاسَنَت / بِهِ الوَشي قَرّاتُ الرِياحِ وَخورُها
تَرى رَكبَها يَهوونَ في مُدلَهِمَّةٍ / رَهاءٍ كَمَجرى الشَمسٍ دُرمٌ حُدورُها
بِأَرضٍ تَرى فيها الحُبارى كَأَنَّها / قَلوصٌ أَضَلَّتها بِعِكمَينِ عيرُها
وَمِن جَوفِ أَصواءٍ يَصيحُ بِها الصَدى / لِمُترِبَةِ الأَخفافِ صُفرٍ غُرورُها
وَحَومانَةٍ وَرقاءَ يَجري سَرابُها / بِمُنسَحَّةِ الآباطِ حُدبٍ ظُهورُها
تَطيلُ الوِحافُ الصُدأُ فيها كَأَنَّها / قَراقيرُ مَوجٍ غَضَّ بِالساجِ قيرُها
مُلَجَّجَةٌ في الماءِ يَعلو حَبابُهُ / حَيازيمَها السُفلى وَتَطفو سُطورُها
تُجاوِزنُ وَالعُصفورُ في الحُجرِ لاجِئٌ / مَعَ الضَبِّ وَالشِقذانُ تَسمو صُدورُها
بِمَسفوحَةِ الآباطِ طاحَ اِنتِقالُها / بِأَطراقِها وَالعيسُ باقٍ ضَريرُها
تُهَجِّرُ خوصاً مُستَعاراً رَواحَها / وَتُمسي وَتُضحي وَهيَ ناجٍ بُكورُها
كَأَنّي وَأَصحابي وَقَد قَذَفَت بِنا / هِلالَينِ أَعجازَ الفَيافي نُحورُها
عَلى عانَةٍ حُقبٍ سَماحيجَ عارَضَت / رِياحَ الصِبا حَتّى طَوَتها حُرورُها
مَراويدُ تَستَقري النِقاعَ وَيَنتَحي / بِها حَيثُ يَهوي مِن هَوى يَستَشيرُها
خَميصُ الحَشا مُخلَولِقُ الظَهرِ أَجمَعَت / لَهُ لَقَحاً مِرباعُها وَنَزورُها
تَرى كُلَّ مَلساءِ السَراةِ كَأَنَّها / كَساها قَميصاً مِن هَراةَ طُرورُها
تَلَوَّحنَ وَاِستَطلَقنَ بِالأَمسِ وَالهَوى / إِلى الماءِ لَو تُلقى إِلَيها أُمورُها
فَظَلَّت بِمَلقى واحِفٍ جَرَعَ المِعا / قِياماً يُفالي مُصلَخِمّاً أَميرُها
بِيَومٍ كَأَيّامٍ كَأَنَّ عُيونَها / إِلى شَمسِهِ حوصُ الأَناسِيِّ عورُها
فَما زالَ فَوقَ الأَكوَمِ الفَردِ رابِئاً / يُراقِبُ حَتّى فارَقَ الأَرضَ نورُها
فَراحَت لِإِدلاجٍ عَلَيها مُلاءَةٌ / صُهابِيَّةٌ مِن كُلِّ نَقعٍ تُثيرُها
فَما أَفجَرَت حَتّى أَهَبَّ بِسُدفَةٍ / عَلاجيمَ عَينٍ اِبني صُباحٍ يُثيرُها
تَهوي رُؤوسُ القاحِراتِ القُحَّرِ
تَهوي رُؤوسُ القاحِراتِ القُحَّرِ / بَينَ اللُهى مِنها وَبَينَ الحَنجُرِ
تَرى لِأَياءِ الشَمسِ فيها تَحَدَّرا
تَرى لِأَياءِ الشَمسِ فيها تَحَدَّرا /
فَلا وَصلَ إِلاّ أَن تُقارِبَ بَينَنا
فَلا وَصلَ إِلاّ أَن تُقارِبَ بَينَنا / قَلائِصُ تَجسُرنَ الفَلاةَ بِنا جَسرا