المجموع : 51
وَساحِرَةِ العَينَينِ ما تُحسِنُ السِحرا
وَساحِرَةِ العَينَينِ ما تُحسِنُ السِحرا / تُواصِلُني سِرّاً وَتَقطَعُني جَهرا
أَبَت حَدَقُ الواشينَ أَن يَصفُوَ الهَوى / لَنا فَتَعاطَينا التَعَزِّيَ وَالصَبرا
وَكُنّا أَليفَي لَذَّةٍ شَملَ صَفوَةٍ / حَليفَي صَفاءٍ مانَخافُ لَهُ غَدرا
فَعُدنا كَغُصنَي أَيكَةٍ كُلَّما جَرَت / لَها الريحُ أَلقَت مِنهُما الوَرَقَ الخُضرا
وَزائِرَةٍ رُعتُ الكَرى بِلِقائِها / وَعادَيتُ فيها كَوكَبَ الصُبحِ وَالفَجرا
أَتَتني عَلى خَوفِ العُيونِ كَأَنَّها / خَذولٌ تُراعي النَبتَ مُشعَرَةً ذُعرا
إِذا ما مَشَت خافَت تَميمَةَ حَليها / تُداري عَلى المَشي الخَلاخيلَ وَالعِطرا
فَبِتُّ أُسِرُّ البَدرَ طَوراً حَديثَها / وَطَوراً أُناجي البَدرَ أَحسِبُها البَدرا
إِلى أَن رَأَيتُ اللَيلَ مُنكَشِفَ الدُجى / يُوَدِّعُ في ظَلمائِهِ الأَنجُمَ الزُهرا
خُذاها فَأَمّا أَنتَ فَاِشرَب وَهاتِها / لِأَسقيَها هَذا مُعَتَّقَةً بِكرا
وَهاتِ اِسقِني مِن طَرفِها خَمرَ طَرفِها / فَإِنّي اِمرُؤٌ آلَيتُ لا أَشرَبُ الخَمرا
أَرودُ بِعَيني مَنظَرَ اللَهوِ وَالصِبا / وَأَهوى ظِباءَ الإِنسِ وَالبَقَرِ العُفرا
وَبِنتَ مَجوسيٍّ أَبوها حَليلُها / إِذا نُسِبَت لَم تَعدُ نِسبَتُها النَهرا
تَجيشُ فَتُعدي جَوهَرَ الحَلي خِدرَها / وَتُغضي فَتُعدي نَكهَةَ العَنبَرِ الخِدرا
أَخَصُّ النَدامى عِندَها وَأَحَبُّهُم / إِلَيها الَّذي لا يَعرِفُ الظُهرَ وَالعَصرا
بَعَثتُ لَها خُطّابَها فَأَتوا بِها / وَسُقتُ لَها عَنهُم إِلى رَبِّها المَهرا
وَما زالَ خَوفاً مِنهُمُ في جُحودِها / يُقَرِّبُهُم فِتراً وَيُبعِدُهُم شِبرا
إِلى أَن تَلاقَوها بِخاتَمِ رَبِّها / مُخَدَّرَةً قَد عُتِقَت حِجَجاً عَشرا
إِذا مَسَّها الساقي أَعارَت بَنانَهُ / جَلابيبَ كَالجادِيِّ مِن لَونِها صُفرا
أَناخَ عَلَيها أَغبَرُ اللَونِ أَجوَفٌ / فَصارَت لَهُ قَلباً وَصارَ لَها صَدرا
قُلوبُ النَدامى في يَدَيها رَهينَةٌ / يَصيدونَها قَهراً وَتَقتُلُهُم مَكرا
أَبَت أَن يَنالَ الدُنُّ مَسَّ أَديمِها / فَحاكَ لَها الإِزبادُ مِن دونِها سِترا
إِذا ما تَحَسّاها الحَليمُ أَخو النُهى / أَسَرَّ بِها كِبراً وَأَبدى بِها كِبرا
وَدارَ بِها ظَبيٌ مِنَ الإِنسِ ناعِمٌ / تَرودُ عُيونُ الشَربِ جانِبَهُ شَزرا
فَحَثَّ مِطِيَّ الراحِ حَتّى كَأَنَّما / قَفا أَثَرَ العَنقاءِ أَو سايَرَ الخِضرا
إِذا ما أَدارَ الكَأسَ ثَنّى بِطَرفِهِ / فَعاطاهُمُ خَمراً وَعاطاهُمُ سِحرا
إِلى أَن دَعا لِلسُكرِ داعٍ فَمُوِّتوا / وَكانَ مُديرُ الكَأسِ أَحسَنَهُم سُكرا
أَدارَ عَلى الراحِ البَياتَ فَصَيَّرَت / وِساداً لَهُ مِنهُ التَرائِبَ وَالنَحرا
ظَلِلنا نَشوفُ الجِلدَ بِالجِلدِ لا نَرى / لَهُ وَلَها في طيبِ مَجلِسِنا قَدرا
سَلَكنا سَبيلاً لِلصِبا أَجنَبِيَّةً / ضَمِنّا لَها أَن نَعصِيَ اللَومَ وَالزَجرا
بِرَكبٍ خِفافٍ مِن زُجاجٍ كَأَنَّها / ثُدِيُّ عَذارى لَم تَخَف مِن يَدٍ كَسرا
عَلَينا مِنَ التَوقيرِ وَالحِلمِ عارِضٌ / إِذا نَحنُ شِئنا أَمطَرَ العَزفَ وَالزَمرا
وَصاحِبٍ لَم يُخَيِّرني المُنى أَمَلاً
وَصاحِبٍ لَم يُخَيِّرني المُنى أَمَلاً / إِلّا جَعَلتُ لَهُ مِن أَمرِهِ الخِيَرا
مَرَّت بِهِ هَفَواتُ الأُنسِ في سَبَبٍ / لَم يَتَّرِك لِلرِضى عَيناً وَلا أَثَرا
لَم أُعطِهِ مُهلَةَ العُتبى فَيُعتِبَني / وَلا تَعَتَّبتُ حَتّى ضَيَّعَ العُذُرا
أَديري عَلى الراحِ ساقِيَةَ الخَمرِ
أَديري عَلى الراحِ ساقِيَةَ الخَمرِ / وَلا تَسأَليني وَاِسأَلي الكَأسَ عَن أَمري
كَأَنَّكِ بي قَد أَظهَرَت مُضمَرَ الحَشا / لَكِ الكَأسُ حَتّى أَطلَعَتكِ عَلى سِرّي
وَقَد كُنتُ أَقلى الراحَ أَن يَستَفِزَّني / فَتَنطِقَ كَأسٌ عَن لِساني وَلا أَدري
وَلَكِنَّني أَعطَيتُ مِقوَدِيَ الصِبى / فَقادَ بَناتِ اللَهوِ مَخلوعَةَ العُذرِ
إِذا شِئتُ غاداني صُبوحٌ مِنَ الهَوى / وَإِن شِئتُ ماساني غُبوقٌ مِنَ الخَمرِ
ذَهَبتُ وَلَم أُحَدِد بِعَينِيَ نَظرَةً / وَأَيقَنتُ أَنَّ العَينَ هاتِكَةٌ سِتري
جَعَلنا عَلاماتِ المَوَدَّةِ بَينَنا / مَصايِدَ لَحظٍ هُنَّ أَخفى مِنَ السِحرِ
فَأَعرِفُ مِنها الوَصلَ في لينِ طَرفِها / وَأَعرِفُ مِنها الهَجرَ بِالنَظَرِ الشَزرِ
وَفي كُلِّ يَومٍ خَشيَةٌ مِن صُدودِها / أَبيتُ عَلى ذَنبٍ وَأَغدو عَلى عُذرِ
وَمُلتَطِمُ الأَمواجِ يَرمي عُبابُهُ / بِجَرجَرَةِ الآذِيِّ لِلعِبرِ فَالعِبرِ
مُطَعَّمَةٍ حِيتانُهُ ما يُغِبُّها / مَآكِلُ زادٍ مِن غَريقٍ وَمِن كَسرِ
إِذا اِعتَنَقَت فيهِ الجَنوبُ تَكَفَّأَت / جَواريهِ أَو قامَت مَعَ الريحِ لا تَجري
كَأَنَّ مَدَبَّ المَوجِ في جَنَباتِها / مَدَبُّ الصَبا بَينَ الوِعاثِ مِنَ العُفرِ
كَشَفتُ أَهاويلَ الدُجى عَن مَهولِهِ / بِجارِيَةٍ مَحمولَةٍ حامِلٍ بِكرِ
لَطَمتُ بِخَدَّيها الحَبابُ فَأَصبَحَت / مُوَقَّفَةَ الداياتِ مَرتومَةَ النَحرِ
إِذا أَقبَلَت راعَت بِقُنَّةِ قَرهَبٍ / وَإِن أَدبَرَت راقَت بِقادِمَتَي نَسرِ
تَجافى بِها النوتيُّ حَتّى كَأَنَّما / يَسيرُ مِنَ الإِشفاقِ في جَبَلٍ وَعرِ
تَجَلَّجُ عَن وَجهِ الحَبابِ كَما اِنثَنَت / مُخَبَّأَةٌ مِن كِسرِ سِترٍ إِلى سِترِ
أَطَلَّت بِمِجذافينِ يَعتوِرانِها / وَقَوَّمَها كَبحُ اللِجامِ مِنَ الدُبرِ
فَحامَت قَليلاً ثُمَّ مَرَّت كَأَنَّها / عُقابٌ تَدَلَّت مِن هَواءٍ عَلى وَكرِ
أَنافَ بِهاديها وَمَدَّ زِمامَها / شَديدُ عِلاجِ الكَفِّ مُعتَمِلُ الظَهرِ
إِذا ما عَصَت أَرخى الجَريرُ لِرَأسِها / فَمَلَّكَها عِصيانَها وَهيَ لا تَدري
كَأَنَّ الصَبا تَحكي بِها حينَ واجَهَت / نَسيمَ الصَبا مَشيَ العَروسِ إِلى الخِدرِ
يَمَمنا بِها لَيلَ التِمامِ لِأَربَعٍ / فَجاءَت لِسِتٍّ قَد بَقينَ مِنَ الشَهرِ
فَما بَلَغَت حَتّى اِطِّلاحِ خَفيرِها / وَحَتّى أَتَت لَونَ اللِحا مِنَ القِشرِ
وَحَتّى عَلاها المَوجُ في جَنَباتِها / بِأَردِيَةٍ مِن نَسجِ طُحلُبِهِ خُضرِ
رَمَت بِالكَرى أَهوالُها عَن عُيونِهِم / فَباتَت أَهاويلُ السُرى بِهِمُ تَسري
تَوُمُّ مَحَلَّ الراغِبينَ وَحَيثُ لا / تُذادُ إِذا حَلَّت بِهِ أَرجُلُ السَفرِ
رَكِبنا إِلَيهِ البَحرَ في مُؤخِراتِهِ / فَأَوفَت بِنا مِن بَعدِ بَحرٍ إِلى بَحرِ
خَليلَيَّ لَستُ أَرى الحُبَّ عارا
خَليلَيَّ لَستُ أَرى الحُبَّ عارا / فَلا تَعذُلاني خَلَعتُ العِذارا
وَكَيفَ تَصَبُّرُ مَن قَلبُهُ / يَكادُ مِنَ الحُبِّ أَن يُستَطارا
لَقَد تَرَكَ الوَجدُ نَفسي بِها / تَموتُ مِراراً وَتَحيا مِرارا
كِلانا مُحِبٌّ وَلَكِنَّني / عَلى الهَجرِ مِنها أَقَلُّ اِصطِبارا
إِذا قُلتُ أَسلو دَعاني الهَوى / فَأَلهَبَ في القَلبِ لِلشَوقِ نارا
وَأَحوَرَ وَسنانَ ذي غُنَّةٍ / كَأَنَّ بِوَجنَتِهِ الجُلَّنارا
كَساني مِنَ الحُبِّ ثَوبَ الجَوى / فَصارَ الشِعارَ وَصارَ الدِثارا
أَلَم تَرَ أَنّي بِأَرضِ الشَآمِ / أَطَعتُ الهَوى وَشَرِبتُ العُقارا
شَرِبتُ وَنادَمَني شادِنٌ / صَغيرٌ وَإِنّي أُحِبُّ الصِغارا
وَصِرفَ رُصافِيَّةٍ قَهوَةٍ / تُميتُ الهُمومَ وَتُبدي السِرارا
كُمَيتٍ رَحيقٍ إِذا صُفِّقَت / أَطارَت عَلى حافَّتَيها الشَرارا
لَقَد كِدتُ مِن حُبِّ خَمرِ البَلي / خِ أَن أَجعَلَ الشامَ أَهلاً وَدارا
فَما زِلتُ أَسقيهِ حَتّى إِذا / ثَنى طَرفَهُ نَشوَةً وَاِستَدارا
نَهَضتُ إِلَيهِ فَقَبَّلتُهُ / وَعانَقتُهُ وَحَلَلتُ الإِزارا
وَقَد زادَني طَرَباً نَحوَهُ / مُضاجَعَةُ الياسَمينَ البَهارا
أَتاني لَها شِعرُ ذي قُدرَةٍ / عَلى الشِعرِ قَد قالَ فِيَّ اِقتِدارا
فَقُل لي رِضىً قَد رَضينا بِكُم / وَإِن كُنتُ لَستُ أُريدُ الخِيارا
يا لَيلَةً نِلتُ فيها اللَهوَ وَالوَطَرا
يا لَيلَةً نِلتُ فيها اللَهوَ وَالوَطَرا / كُرّي عَلَينا وَإِلّا فَاِطرُدي الذِكَرا
لَمّا اِلتَقَينا اِفتَرَعنا في تَعاتُبِنا / مِنَ الحَديثِ وَمِن لَذّاتِهِ العُذَرا
إِذا اِستَتَرنا بِسِترِ اللَيلِ بادَرَنا / كَيما يَرانا عَمودُ الصُبحِ فَاِنفَجَرا
قالَت أَأَقرَرتَ بِالإِجرامِ قُلتُ نَعَم / لَو كانَ جُرمي عَلى الإِقرارِ مُغتَفَرا
سَأَدَّعي ذَنبَ غَيري كَي يُصَدِّقَني / مَن لا أُرَجّي لَدَيهِ العَفوَ إِن قَدَرا
قَد أَولَعَتهُ بِطولِ الهَجرِ غِرَّتُهُ / لَو كانَ يَعلَمُ طولَ الهَجرِ ما هَجَرا
ما تُغمِضُ العَينُ مُذ غُلِّقتُ حُبَّكُمُ / إِلّا إِذا خالَسَها عَينُكَ النَظَرا
أَسهَرتُموني أَنامَ اللَهُ أَعيُنَكُم / لَسنا نُبالي إِذا ما نِمتِ مَن سَهِرا
فَاِستَضحَكَت ثُمَّ قالَت لا تَكُن نَزِقاً / وَاِكتُم حَديثِكَ لا تُعلِم بِهِ بَشَرا
فَقَد غَفَرتُ لَكَ الذَنبَ الَّذي زَعَموا / لا بارَكَ اللَهُ فيمَن بَعدَ ذا غَدَرا
وَقَصَّرَ اللَيلُ عَن حاجاتِ أَنفُسِنا / كَذاكَ لَيلُ التَلاقي رُبَّما قَصُرا
قامَت تَمَشّى الهُوَينا نَحوَ قُبَّتِها / وَقُمتُ أَمشي خَفِيَّ الشَخصِ مُستَتِرا
لَمّا بَدا القَمَرُ اِستَحيَت فَقُلتُ لَها / بَعضَ الحَياءِ فَإِنَّ الحُبَّ قَد ظَهَرا
أَلقَت عَلى وَجهِها هُدّابَ خامَتِها / وَنازَعَتني بِكَأسِ الوَحشَةِ الخَفَرا
تُكاتِمُ القَمَرَ الوَجهَ الَّذي ضَمِنَت / وَالوَجهُ مِنّها تَرى في مائِهِ القَمَرا
ثُمَّ اِفتَرَقنا فَضَمَّنّا سَرائِرَنا / دونَ القُلوبِ وَفاءَ العَهدِ وَالخَطَرا
لَم نَأمَن اللَيلَ حَتّى حينَ فُرقَتِنا / كَأَنَّما اللَيلُ يَقفو خَلفَنا الأَثَرا
قالوا اِشتَهَرتَ فَقُلتُ الحُبُّ صاحِبُهُ / مَن لا يَزالُ بِهِ في الناسِ مُشتَهِرا
وَرُبَّ يَومٍ بِيَومِ اللَهوِ مُتَعَجِرٍ / خَلَعتُ فيهِ إِلى لَذّاتِهِ العُذُرا
وَكَأسِ راحٍ يُميتُ الهَمَّ شارِبُها / باكَرتُها وَرِداءُ اللَيلِ قَد حَسَرا
صَبَّ المِزاجُ عَلَيها الحَلى فَاِضطَرَبَت / كَأَنَّ في حافَتَيها الدُرَّ وَالشِذَرا
هاجَت وَساوِسَهُ بِرَومَةَ دورُ
هاجَت وَساوِسَهُ بِرَومَةَ دورُ / دُثُرٌ عَفَونَ كَأَنَّهُنَّ سُطورُ
أَهدى لَها الإِقفارَ حَتّى أَوحَشَت / مِن بَعدِ أُنسٍ زائِرٌ وَغَيورُ
جَرَتِ الرِياحُ بِها وَغَيَّرَ رَسمَها / هَزِمُ الكُلا داني الرَبابِ مَطيرُ
أَبكى نَعَم أَبكاهُ رَبعٌ بِاللِوى / تَسفى عَلَيهِ مَعَ العَجاجِ المُورُ
خَلَتِ الدِيارُ وَكانَ يُعهَدُ أَهلُها / وَأَجَدَّ بِالأَحبابِ عَنها مَسيرُ
تاللَهِ ما إِن كادَ يَقتُلُني الهَوى / لَولا رُسومٌ بِالعَقيقِ وَدورُ
وَلَقَد تَكونُ بِها أَوانِسُ كَالدُمى / بيضُ التَرائِبِ ناعِماتٌ حورُ
إِذ بِالحَوادِثِ طَرفَةٌ عَن أَهلِها / وَإِذا أَهلُها مُتَآلِفونَ حُضورُ
حَتّى تَشَتَّتَ بِالجَميعِ وَخانَهُم / دَهرٌ بِخُلّانِ الصَفاءِ عَثورُ
سَقياً لِأَيّامِ الهَوى إِذ عَيشُنا / غَضٌّ وَإِذ غُصنُ الشَبابِ نَضيرُ
أَيّامَ لا يَنفَكُّ مُقتَنِصاً بِها / وَطرَ الصَبابَةِ زائِرٌ وَمَزورُ
كَم قَد تَخَمَّطَتِ القُلوصُ بِيَ الدُجا / وَرِداؤُها وَرِدائِيَ الدَيجورُ
في ضُمَّرٍ مِثلِ القِداحِ سَواهِمٍ / أَزرى بِها التَفليسُ وَالتَهجيرُ
تُطوى لَهُنَّ بِصَبرِهِنَّ عَلى السُرى / وَبِسَيرِهِنَّ سَباسِبٌ وَوُعورُ
حَتّى يَزُرنَ مُهَذَّباً مِن حِميَرٍ / بِالزائِرينَ فَناؤُهُ مَعمورُ
مَلِكٌ إِذا اِستَعصَمتَ مِنهُ بِحَبلِهِ / خَضَعَت لَدَيكَ حَوادِثٌ وَدُهورُ
مَلِكٌ يَميرُ السائِلينَ بِسَيبِهِ / وَبِسَيفِهِ سَبُعَ الفَلاةِ يَميرُ
مَلِكٌ يُجِلُّ نَعَم إِذا ما قالَها / حَتّى يَجودَ وَمالَها تَغيِيرُ
مَنَعَ العُيونَ فَما تَكادُ تُبينُهُ / مِن وَجهِهِ الإِجلالُ وَالتَوقيرُ
حَمَلَ الصَنائِعَ عَن قَبائِلِ يَعرُبٍ / مَلِكٌ أَصابِعُها إِلَيهِ تُشيرُ
مُستَكسِبٌ لِلحَمدِ يَومَ كُنوزِهِ / مُستَجهِلٌ في الحَربِ وَهوَ وَقورُ
غادٍ عَلى كَسبِ المَحامِدِ رائِحٌ / في راحَتَيهِ مَنِيَّةٌ وَنُشورُ
قَد كانَ شَملُ المالِ غَيرَ مُشَتَّتٍ / حيناً فَشَتَّتَ شَملَهُ مَنصورُ
سَنّى يَزيدُ لَهُ البِناءَ فَشادَهُ / وَإِلَيهِ أَعناقُ المَكارِمِ صُورُ
مُغرىً بِنُجحِ نَعَم وَلَيسَ يَكيدُهُ / عَن تَركِ لا المَيسورُ وَالمَعسورُ
لا يَبلُغُ الدُنيا كَثيرَ عَطائِهِ / وَقَليلُهُ عِندَ الكَثيرِ كَثيرُ
يا أَيُّها المَلِكُ الَّذي أَضحى لَهُ / غُرَرُ المَدائِحِ في البِلادِ تَسِيرُ
أَشرَبتَ أَرواحَ العِدى وَقُلوبَها / خَوفاً فَأَنفُسُها إِلَيكَ تَطيرُ
لَو حاكَمَتكَ وَطالَبَتكَ بِذَحلِها / شَهِدَت عَلَيكَ مَلاحِمٌ وَنُسورُ
وَذَعَرتَ صَرفَ الدَهرِ حينَ ضَمِنتَهُ / فَالدَهرُ مِنكَ وَصَرفُهُ مَذعورُ
يا اِبنَ التَبابِعَةِ المُلوكِ أُولي النُهى / ما مِثلُهُم في سالِفٍ مَذكورُ
كَم مِن أَبٍ لَكَ ماجِدٍ مِن حِميَرٍ / جَزلِ النَّوالِ عَطاؤُهُ مَشكورُ
يا مَن يُجيرُ مِنَ الزَمانِ وَصَرفِهِ / مَن ذا سِواكَ مِنَ الزَمانِ يُجيرُ
نَفَحاتُ كَفِّكَ لَم تَزَل مَذكورَةً / تَشقى بِهِنَّ جَماجِمٌ وَبُدورُ
كَم رائِحينَ إِلَيكَ آبوا بِالغِنى / وَغَدوا عَلَيكَ وَحَظُّهُم مَوفورُ
قَومٌ هُمُ مَوتٌ إِذا ما حارَبوا / قَوماً وَإِمّا سالَموا فَبُحورُ
جابوا البِلادَ وَأَهلُها خَوَلٌ لَهُم / مُستَسلِمينَ فَمُطلَقٌ وَأَسيرُ
مَنَحوا العَدُوَّ مَعَ الصَوارِمِ وَالقَنى / جُمهورَ خَيلٍ خَلفَها جُمهورُ
مِن كُلِّ نَهدٍ لا يَزالُ كَأَنَّهُ / يَومَ الهِياجِ عَمَلَّسٌ مَمطورُ
حَتّى تَذَلَّلَتِ البِلادُ لِحَربِهِم / وَأُبيخَ مِن نارِ العَدُوِّ سَعيرُ
كانوا المُلوكَ بَني المُلوكِ وِراثَةً / وَالمُلكُ فيهِم لا يَزالُ يَدورُ
أَعطاهُمُ ذُلَّ المَقادَةِ قَيصَرٌ / وَجَبى إِلَيهِم خَرجَهُ سابورُ
يا عَينُ جودي بِدَمعٍ مِنكِ مِدرارِ
يا عَينُ جودي بِدَمعٍ مِنكِ مِدرارِ / لا تُعذِري في البُكا لا حينَ إِعذارِ
أَبكانِيَ الدَهرُ مِمّا كانَ أَضحَكَني / وَالدَهرُ يَخلِطُ إِحلاءً بِإِمرارِ
إِقرا السَلامَ عَلى قَبرٍ تَضَمَّنَهُ / ماذا تَضَمَّنَ مِن جودٍ وَأَيسارِ
حُلوُ الشَمائِلِ مَأمورُ الغَوائِلِ مَأ / مُولُ النَوافِلِ مَحَضٌ زَندُهُ واري
اللَهُ أَلبَسَهُ في عودٍ مَغرِسِهِ / ثِيابَ حَمدٍ نَقِيّاتٍ مِنَ العارِ
دَفّاعُ مُعضِلَةٍ حَمّالُ مُثقِلَةٍ / دَرّاكُ وِترٍ وَدَفّاعٌ لِأَوتارِ
الجودُ شيمَتُهُ كَالبَدرِ سُنَّتُهُ / يَكادُ أَن يَهتَدي في نورِهِ الساري
جاءَ القَضاءُ بِمِقدارِ الحِمامِ لَهُ / فَحَلَّ قَعرَ ضَريحٍ بَينَ أَحجارِ
مُصيبَةٌ نَزَلَت كَأَنَّها قَذَفَت / لا بَل وَقَد فَعَلَت في القَلبِ بِالنارِ
أَفنى البُكاءُ دُموعَ العَينِ فَاِنهَمَلَت / عَلى أَخي بِدِماءٍ فَيضُها جارِ
كَم قائِلاً بَعدَهُ حُزناً وَقائِلَةً / يا ضَيعَنا بَعدَ حَمّادِ بنِ سَيّارِ
إِن يُنصِتِ القَومُ لا يَنطِق بِفاحِشَةٍ / أَو يَنطِقوا فَمُصيبٌ غَيرُ مِهذارِ
كانَ الرَبيعُ إِذا ضَنَّ السَحابُ لَهُم / وَفي اللَوازِبِ مُرتاداً لِمُمتارِ
يا حَسرَتا يا أَخي مَن ذا أُؤَمِّلُهُ / لِلدَهرِ بَعدَكَ في عُسري وَإِيساري
أَم مَن لَنا إِن مُلِمّاتٌ بِنا نَزَلَت / أَم مَن لِحاجَةِ ذي القُربى وَلِلجارِ
فَجَأتَني بِفِراقٍ لا لِقاءَ لهُ / وَكُنتُ أَبكيكَ في نَأيِي وَأَسفاري
فَالآنَ أَبكي بُكاءً لا اِنقِطاعَ لَهُ / بِدَمعِ عَينٍ غَزيرِ السَيبِ مِدرارِ
أَتى بِتَبلِ المَنايا يا أَخي قَدَرٌ / صَلّى عَلَيكَ الإِلَهُ الخالِقُ الباري
قَطَعتَني مِن رَجاءٍ كُنتُ آمُلُهُ / فَصِرتُ بَعدَكَ بَينَ البابِ وَالدارِ
ما لِلحَوادِثِ لا يُغبِبنَ بَعدَكَ إِن / يَهِضنَ عَظمي بِإِقبالٍ وَإِدبارِ
وَأَبيَضَ أَمّا جِسمُهُ فَمُدَوَّرٌ
وَأَبيَضَ أَمّا جِسمُهُ فَمُدَوَّرٌ / نَقِيٌّ وَأَمّا رَأسُهُ فَمُعارُ
وَما يُشتَرى إِلّا لِتَسكُنَ وَسطَهُ / بَديعَةُ رَأسٍ ما عَلَيهِ خِمارُ
لَها أَخَواتٌ أَربَعٌ هُنَّ مِثلُها / وَلَكِنَّها الصُغرى وَهُنَّ كِبارُ
وَما فيهِ مِن نَفعٍ سِوى خَطِّ رَأسِهِ / وَبَعدُ فَفيهِ زينَةٌ وَوَقارُ
عاوِد عَزاءَكَ لا يَعنُف بِكَ الذِكَرُ
عاوِد عَزاءَكَ لا يَعنُف بِكَ الذِكَرُ / ماذا الَّذي بَعدَ شَيبِ الرَأسِ تَنتَظِرُ
هَذا الشَبابُ لَهُ في شِرَّةٍ أُنُفُ / دونَ الثَلاثينَ مَجلوبٌ بِهِ الشِرَرُ
يَرميهِ بِالحَزمِ مَعقولٌ فَتَنزِعُهُ / إِلى التَصابي القَريباتُ الهَوى النُفُرُ
أَهِلَّةٌ فَوقَ أَغصانٍ عَلى كُثُبٍ / كَأَنَّها صُوَرٌ تَمشي بِها البَقَرُ
تَبكي لِبَيضاءَ لاحَت في مَفارِقِهِ / بَيضاءُ ما يَنقَضي مِنها لَهُ وَطَرُ
يَروعُها الشَيبُ تاراتٍ وَيُعجِبُها / بَقِيَّةٌ مِنهُ لَم يَعنُف بِها الكِبَرُ
هُوَ الشَبابُ فَما بالُ الصِبا حُبِسَت / أَيّامُهُ وَقَد اِشتَدَّت لَها المِرَرُ
كِلا الجَديدَينِ قَد أُطعِمتُ حَبرَتَهُ / بادٍ وَماضٍ وَمَغفورٌ وَمُغتَفَرُ
خَليفَةَ اللَهِ إِنَّ النَصرَ مُقتَصَرٌ / عَلَيكَ مُذ أَنتَ مَبلوٌ وَمُختَبَرُ
أَعدَدتَ لِلحَربِ سَيفاً مِن بَني مَطَرٍ / يَمضي بِأَمرِكَ مَخلوعاً لَهُ العُذُرُ
لاقى بَنو قَيصَرٍ لَمّا هَمَمتَ بِهِم / مِثلَ الَّذي سَوفَ تَلقى مِثلَهُ الخَزَرُ
لَقَد بَعَثتَ إِلى خاقانَ جائِحَةً / خَرقاءَ حَصّاءَ لا تُبقي وَلا تَذَرُ
أَظَلَّهُم مِنكَ رُعبٌ واقِفٌ بِهِمُ / حَتّى يُوافِقَ فيهِم رَأيَكَ القَدَرُ
أَمضى مِنَ المَوتِ يَعفو عِندَ قُدرَتِهِ / وَلَيسَ لِلمَوتِ عَفوٌ حينَ يَقتَدِرُ
ما إِن رَمى بِالمُنى في مُلكِهِ طَمَعٌ / وَلا تَخَطّاهُ التَأيِيدُ وَالظَفَرُ
لايَنتُها بِاِختِلاسِ اللَحظِ فَاِنخَشَعَت
لايَنتُها بِاِختِلاسِ اللَحظِ فَاِنخَشَعَت / لِلحُبِّ جارِيَةٌ أَقسى مِنَ الحَجَرِ
أَتبَعتُها نَظَري حَتّى إِذا عَلِمَت / مِنّي الهَوى قارَضَتني الوِدَّ بِالنَظَرِ
فَنَحنُ مِن خَطَراتِ الحُبِّ في وَجَلٍ / وَمِن تَقَلُّبِ طَرفَينا عَلى خَطَرِ
ما كُنتُ أَحسِبُ خَمراً لَيسَ مِن عِنَبٍ / حَتّى سَقَتنيهِ صَرفاً أُعينُ البَقَرِ
ظَلَمتُ نَفسي لَها حَتّى إِذا رَضِيَت / وَقَفتُ حِفظاً عَلَيها ناظِرَ البَصَرِ
باتَت تَجَنّى ذُنوباً لَستُ أَعرِفُها / وَبِتُّ أَطلُبُ مِنها مَخرَجَ العُذُرِ
يا أَبا الفَضلِ هَيَّجَتكَ الدِيارُ
يا أَبا الفَضلِ هَيَّجَتكَ الدِيارُ / وَرَواحٌ بِفُرقَةٍ وَاِبتِكارُ
كَم وَكَم نَظرَةً نَظَرتُ بِعَيني / لا بِعَينَيكَ حينَ لا إيثارُ
وَسَماعٍ سَمِعتُهُ لَكَ عاطَت / ني عَلَيهِ خَريدَةٌ مِعطارُ
قَبَّلَ المِسكُ عارِضَيها فَفيها / مِن بَقايا تَقبيلِهِ آثارُ
يا قَصرَ جَعفَرَ مالي عَنكَ إِقصارُ
يا قَصرَ جَعفَرَ مالي عَنكَ إِقصارُ / لي فيكَ إِلفٌ وَأَشجانٌ وَأَوطارُ
مازِلتُ أَبكي إِلى سُكّانِ دارِكُمُ / حَتّى بَكى لِيَ جِنٌّ فيهِ عُمّارُ
وَالدارُ تَملِكُني وَيحي وَساكِنُها / فَلي مَليكانِ رَبُّ الدارِ وَالدارُ
ما كُنتُ أَحسِبُني أَحيا وَتَملِكُني / مِن بَعدِ حُرِّيَّةِ لِبنٌ وَأَحجارُ
إيهاً دَعِ اللَومَ عَنّي لَستُ مُزدَجِرا
إيهاً دَعِ اللَومَ عَنّي لَستُ مُزدَجِرا / لا تَسلُك اللَومَ مِنّي مَسلَكاً وَعِرا
رُقادُ عَينِيَ مِن عَيني بِمَنزِلَةٍ / لَكِنَّها في الهَوى تَستَحسِنُ السَهَرا
ما ضَرَّ مَن كان مَهجوراً وَمُجتَنِباً / لَو أَنَّهُ لَم يَكُن قَبلَ الهَوى بَشَرا
أَمُرُّ بِالحَجَرِ القاسي فَأَغبِطُهُ / لِأَنَّ قَلبَكِ عِندي يُشبِهُ الحَجَرا
أَنا المُقِرُّ بِذَنبٍ لَستُ صاحِبُهُ / إِن كانَ ذَنبٌ عَلى الإِقرارِ مُغتَفَرا
أَحبَبتُ مِن حُبِّها مَن كانَ يُشبِهُها / حَتّى لَقَد صِرتُ أَهوى الشَمسَ وَالقَمَرا
وَما ضَمِنتُ لَها سِرّاً فَأَكتُمَهُ / إِلّا حَفَظتُ عَلَيهِ الدَمعَ وَالبَصَرا
لَها المجازُ عَلى عَيني فَأَمنَعُها / أَن تَستَتِمَّ إِذا ما تَطرُفُ النَظَرا
إِذا تَخَوَّفتُ أَن تَبدو سَرائِرُها / كَلَّفتُها في الحَشا الكِتمانَ وَالحَذَرا
لَم يَعدُها الشَوقُ قَلبي وَهيَ في يَدِها / لَقَد تَسَلّى بِها أَو بي لَقَد غَدَرا
يا نَظرَةً نِلتُها عَلى حَذَرِ
يا نَظرَةً نِلتُها عَلى حَذَرِ / أَوَّلُها كانَ آخِرَ النَظَرِ
إِن يَحجُبوها عَنِ العُيونِ فَقَد / حَجَبتُ عَيني لَها عَنِ البَشَرِ
لا أَشتَكي الهَجرَ وَالفِراقَ وَلا / أَكُمُّ إِلّا مَعاقِدَ الأُزُرِ
فَلَم أَرَ كَالأَقدامِ صارَت سَواعِداً
فَلَم أَرَ كَالأَقدامِ صارَت سَواعِداً / وَلَم أَرَ كَالدَيّوثِ أَحلَمَ مَنظَرا
وَإِن غَفَلَ الدَيّوثُ عَنها تَقَنَّعَت / بِثَوبِ الدُجى تَرتادُ مَزنىً وَمَعهَرا
قَبرٌ بِبَرذَعَةَ اِستَسَرَّ ضَريحُهُ
قَبرٌ بِبَرذَعَةَ اِستَسَرَّ ضَريحُهُ / خَطَراً تَقاصَرُ دونَهُ الأَخطارُ
أَجَلٌ تَنافَسَهُ الحِمامُ وَحُفرَةٌ / نَفِسَت عَلَيها وَجهَكَ الأَحفارُ
أَبقى الزَمانُ عَلى مَعَدٍّ بَعدَهُ / حَزناً كَعُمرِ الدَهرِ لَيسَ يُعارُ
نَفَضَت بِكَ الآمالُ أَحلاسَ الغِنى / وَاِستَرجَعَت نُزّاعَها الأَمصارُ
سَلَكَت بِكَ العَرَبُ السَبيلَ إِلى العُلا / حَتّى إِذا سَبَقَ الرَدى بِكَ حاروا
فَاِذهب كَما ذَهَبَت غَوادي مُزنَةٍ / أَثنى عَلَيها السَهلُ وَالأَوعارُ
في حالَتَيّ جودٍ وَبَأسٍ لَم يَزَل
في حالَتَيّ جودٍ وَبَأسٍ لَم يَزَل / لِلتِبرِ وَالأَعداءِ فيكَ تَبارُ
تَهَبُّ الأُلوفَ وَلا تَهابُ أُلوفَهُم / هانَ العَدوُّ لَدَيكَ وَالدينارُ
تَلَمَّظَ السَيفُ مِن شَوقٍ إِلى أَنَسِ
تَلَمَّظَ السَيفُ مِن شَوقٍ إِلى أَنَسِ / فَالمَوتُ يَلحَظُ وَالأَقدارُ تَنتَظِرُ
فَلَيسَ يَبلُغُ مِنهُ ما يُؤَمِّلُهُ / حَتّى يُؤامَرَ فيهِ رَأيَكَ القَدَرُ
أَمضى مِنَ المَوتِ يَعفو عِندَ قُدرَتِهِ / وَلَيسَ لِلمَوتِ عَفوٌ حينَ يَقتَدِرُ
عَرَفتُ بِها الأَشجانَ وَهيَ خَلِيَّةٌ
عَرَفتُ بِها الأَشجانَ وَهيَ خَلِيَّةٌ / مِنَ الحُبِّ لا وَصلٌ لَدَيها وَلا هَجرُ
أَراها فَأَطوي لِلنَصيحِ عَداوَةً / وَأَحمَدُ عُقبى ما جَنى النَظَرُ الشَزرُ
فَلا سِيَّما العُذّالُ فيها مَلامَهُم / أَلَستُ إِذا لاموا أَبيتُ وَلي عِذرُ
شَكَوتُ فَقالوا ضِقتَ ذَرعاً بِحُبِّها / مَتى تَملُكُ الشَكوى إِذا غَلَبَ الصَبرُ
أَلَمَّت بِنا في العائِداتِ مِن أَهلِها / فَأَذكَت غَليلاً ما لَدَيها بِهِ خُبرُ
قُل لِمَن تاهَ إِذ بِنا عَزَّ جَهلاً
قُل لِمَن تاهَ إِذ بِنا عَزَّ جَهلاً / لَيسَ بِالتيهِ يَفخَرُ الأَحرارُ
فَتَناهَوا وَأَقصِروا فَلَقَد جا / رَت عَنِ القَصدِ فيكُمُ الأَبصارُ
أَيَّكُم حاطَ ذا جِوارٍ بِعِزٍّ / قَبلَ أَن تَحتَويهِ مِنّا الدارُ
أَو رَجا أَن يَفوتَ قَوماً بِوَترٍ / لَم تَزَل تَمتَطيهُمُ الأَوتارُ
لَم يَكُن ذاكَ فيكُم فَدَعوا الفَخ / رَ بِما لا يَسوغُ فيهِ اِفتِخارُ
وَنِزاراً فَفاخِروا هُم تَفَضَّلوا / وَدَعوا مَن لَهُ عَبيدُ نِزارُ
فَبِنا عَزَّ مِنكُمُ الذِلُّ وَالدَه / رُ عَلَيكُم بِريبَةٍ كَرّارُ
حاذِروا دَولَةَ الزَمانِ عَلَيكُم / إِنَّهُ بَينَ أَهلِهِ أَطوارُ
فَتُرَدّوا وَنَحنُ لِلحالَةِ الأَو / لى وَلِلأَوحَدِ الأَذَلِّ الصَغارُ
فاخَرَتنا لَمّا بَسَطنا لَها الفَخ / رَ قُرَيشٌ وَّفَخرُها مُستَعارُ
ذَكَرَت عِزَّها وَما كانَ فيها / قَبلَ أَن تَستَجيرَنا مُستَجارُ
إِنَّما كانَ عِزُّها في جِبالٍ / تَرتَقيها كَما تُرَقّى الوَبارُ
أَيُّها الفاخِرونَ بِالعِزِّ وَالعِ / زُّ لِقومٍ سِواهُم وَالفَخارُ
أَخبِرونا مَنِ الأَعَزُّ أَأَلمَن / صورُ حَتّى اِعتلى أَم الأَنصارُ
فَلنا العِزُّ قَبلَ عِزِّ قُرَيشٍ / وَقُرَيشٌ تِلكَ الدُهورَ تِجارُ