إنّي أَتَتني لِسانٌ مَا أُسَرُّ بها
إنّي أَتَتني لِسانٌ مَا أُسَرُّ بها / من عُلوَ لا عَجَب فِيهَا ولا سَخَرُ
جَاءَتْ مُرَجِّمَةً قَدْ كُنْتُ أَحْذَرُها / لو كانَ يَنْفَعُني الإِشْفَاقُ والحَذَرُ
تَأْتِي على النّاسِ لا تُلوي على أَحَدٍ / حتى أَتَتْنَا وَكَانَتْ دُونَنَا مُضَرُ
إذا يُعَادُ لها ذِكْرٌ أُكَذِّبُهُ / حتى أتَتْني بِهَا الأنْبَاءُ وَالخَبَرُ
فَبِتُّ مُكْتَئِباً حَيْرَانَ أَنْدُبُهُ / وَلَسْتُ أَدْفَعُ ما يَأْتِي بِهِ القدَرُ
فَجَاشَتِ النّفْسُ لَمّا جَاءَ جَمْعُهُمُ / وَرَاكبٌ جَاءَ مِنْ تَثْلِيثَ مُعْتَمِرُ
إنَّ الذي جِئْتَ مْنْ تَثْلِيثَ تَنْدُبُهُ / مِنْهُ السّمَاحُ وَمِنْهُ الجودُ وَالغِيَرُ
تَنَعَى امرأً لاَ تُغِبَّ الحيَّ جَفْنَتُهُ / إذا الكَوَاكِبُ خَوّى نَوْأَها المَطَرُ
وَرَاحَتِ الشَّوْلُ مُغْبَرّاً مَنَاكِبُها / شُعْثاً تَغَيّرَ مِنْهَا النَّيُّ وَالوَبَرُ
وَأَجْحَرَ الكَلْبَ مُبْيَضُّ الصَّقِيعِ بِهِ / وَضَمّت الحيَّ مِنْ صُرّادِهِ الحُجَرُ
عَلَيْهِ أَوّلُ زَادِ القَوْمِ قَدْ عَلِموا / ثُمَّ المَطيَّ إذا ما أَرْمَلوا جَزَرُوا
لا تَأْمَنُ البازلُ الكوماءُ ضَرْبَتَهُ / بِالمَشْرَفيّ إذا ما اخْرَوّطَ السّفَرُ
قَدْ تَكْظِمُ البُزْلُ مِنْهُ حِينَ يَفْجؤها / حَتّى تَقَطَّعَ في أَعْنَاقِها الجِرَرُ
أَخُو رَغَائِبَ يُعْطِيهَا وَيَسْأَلُها / يَخْشَى الظُّلامَةَ مِنْهُ النَّوْفَلُ الزَّفَرُ
مَنْ لَيْسَ في خَيْرِهِ مَنٌّ يُكَدّرُهُ / عَلَى الصَّدِيقِ وَلاَ في صَفْوِهِ كَدَرُ
يَمْشي بِبَيْدَاءَ لا يَمْشي بِهَا أَحَدٌ / وَلاَ يُحَسُّ خَلاَ الخافي بِهَا أَثَرُ
كَأَنّهُ بَعْدَ صِدْقِ القَوْمِ أَنْفُسَهم / بِالبأسِ يَلْمَعُ مِنْ أَقْدَامِهِ الشّرَرُ
وَلَيْسَ فِيهِ إذا اسْتَنْظَرْتَهُ عَجَلٌ / وَلَيْسَ فيهِ إذا ياسَرْتَهُ عُسُرُ
إمّا يُصِبْهُ عَدوٌّ في مُنَاوَأةٍ / يَوْماً فَقَدْ كَانَ يَسْتَعلي وَيَنْتَصِرُ
أَخُو حُروبٍ وَمِكْسَابٌ إذا عَدَمُوا / وفي المَخَافَةِ مِنْهُ الجِدُّ والحَذَرُ
مِردَى حُروبٍ شِهابٌ يُسْتَضَاءُ بِهِ / كَمَا أَضَاءَ سَوَادَ الصَّخْيَةِ القَمَرُ
مُهَفْهَفٌ أَهْضَمُ الكَشْحَينِ مُنْخَرِقٌ / عَنْهُ القَمِيصُ لِسَيْرِ اللّيْلِ مُحْتَقِرُ
ضَخْمُ الدّسِيعَةِ متلافٌ أَخُو ثِقةٍ / حَامِي الحَقِيقةِ مِنْهُ الجُودُ والفَخَرُ
طاوي المَصِيرِ على العَزّاءِ مُنْجَرِدٌ / بِالقَوْمِ لَيْلَةَ لا ماءٌ ولا شَجَرُ
لاَ يَتَأرّى لِمَأ في القِدْرِ يَرْقبُهُ / ولا يَعَضّ على شُرسُوفِهِ الصَّفَرُ
تَكْفِيهِ فِلْذَةُ لَحْمٍ إنْ أَلمّ بِهَا / مِنَ الشِّواءِ وَيَروي شُرْبَهُ الغَمَرُ
لاَ يَأْمَن النّاسُ مُمْسَاهُ وَمُصْبَحَهُ / في كلّ فَجٍ وإنْ لَمْ يَغزُ يُنْتَظَرُ
المُعَجّلُ القَوْمِ أَنْ تَغلي مَرَاجِلُهُمْ / قَبْلَ الصَّبَاحِ وَلَمّا يُمْسَحِ البَصَرُ
لاَ يَغْمِزُ السّاقَ مِنْ أَيْنٍ ولا نَصَبٍ / وَلاَ يَزَالُ أَمَامَ القَوْمِ يَغْتَفِرُ
عِشْنَا بِهِ بُرْهَةً دَهْراً فَوَدّعَنا / كَذَلِكَ الرِّمْحُ ذُو النّصْلَيْنِ يَنْكَسِرُ
فَنِعْمَ مَا أَنْتَ عِنْدَ الخَيْرِ تَسْأَلُهُ / وَنِعْمَ مَا أَنْتَ عِنْدَ البأسِ تَحْتَضِرُ
أَصَبْتَ في حُرُمٍ مِنّا أَخَأ ثِقَةٍ / هِنْدَ بْنَ سَلْمَى فَلاَ يَهْنَا لَكَ الظَّفَرُ
فإنْ جَزَعْنَا فإنّ الشّرّ أَجْزَعَنَا / وَإنْ صَبَرْنَا فَإنَّا مَعْشَرٌ صُبُرُ
لَوْ لَمْ يخُنْهُ نَفِيلٌ لاسْتَمَرّ بِهِ / وِردٌ يُلِمَ بِهَذَا النّاسِ أَوْ صَدَرُ
إنْ تَقْتُلُوهُ فَقَدْ تُسْبَى نِسَاؤُكُمُ / وَقَدْ تَكُونُ لَهُ المُعْلاَةُ وَالخَطَرُ
فإنْ سَلَكْتَ سَبيلاً كُنْتَ سَالِكَها / فَاذْهَبْ فَلاَ يُبْعِدَنْكَ اللَّهُ مُنْتَشِرُ