القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ حَمْدِيس الكل
المجموع : 56
بأبي مُنَطَّقَةُ القَوامِ مَشَتْ
بأبي مُنَطَّقَةُ القَوامِ مَشَتْ / كَالغُصنِ بَينَ القَحفِ والقَمَرِ
لَمياءُ تَنطِقُ عَن مُؤشَّرَةٍ / خُتِمَ العَقيقُ بها على الدُّرَرِ
كَيفَ السُّلوُّ وسِحرُ مُقْلَتِها / قَيْدُ الحياة وَمِقْوَدُ النَظَرِ
كم تعجبُ الناسُ من صَيْدٍ ولا شَرَكٍ
كم تعجبُ الناسُ من صَيْدٍ ولا شَرَكٍ / يَصيدُ رئمٌ به قَلبي سِوى نَظَري
وَكَم يَقولونَ مَجنونٌ وما عَلِموا / أَنَّ الجُنونَ الَّذي بي من هَوى بِشرِ
لا عذّبَ اللَّهُ من أَجلي مُعَذِّبَةً / تُشَرّدُ النومَ عَن عَينَيَّ بِالسَّهَرِ
يبيتُ في ثَغْرها بردُ الشبابِ كَما / باتَ النَّدى مِن أَقاحي الروضِ في زَهَرِ
يا لَيتَني والأَماني رُبَّما بُلِغَتْ / نَقَعتُ حَرَّ غَليلي مِنهُ في الخَصَرِ
وَسامِيَةِ الأَلحاظِ لِلصَّيدِ قُرِّبَتْ
وَسامِيَةِ الأَلحاظِ لِلصَّيدِ قُرِّبَتْ / وقد نامَ عنّا الليلُ وانتَبَهَ الفَجرُ
بَكَرنا على أَكتَادِها نَدَّري بِها / طَرائِدَ مَعموراً بِها البَلَدُ القَفرُ
تُسائِلُ عَنها السُّحبَ والتُّربَ جُرأةً / جَوارحُ فَوقَ الراحِ أَعيُنها خُزْرُ
فَوارسُ أُفْدٌ أَقبَلَتْ في جَواشِنٍ / مِنَ الرقمِ لَم تخلق لها البيضُ وَالسُّمرُ
وَغُضْفٌ تَرى آذانَهُنَّ لواحِظاً / بِهنَّ صُرورٌ وهيَ من هبوةٍ غُبْرُ
ومَروٍ عَلا عِندَ النَتاجِ حَديدَةً / نَتَائِجُها مِنهُ إِذا وُضِعت شُقرُ
هَفا بَينَنا مِنها جَناحُ بُوَيْزَةٍ / كَقادِمَةِ العصفورِ طارَ بِها الذُّعرُ
أَقامَ عَلَيها موقِدٌ كِيرَ سَحْرهِ / لِيَصلى لَها حَرّاً وَقَد ثَلجَ الصَّدرُ
رَدَدنا بِها روحاً عَلى شَلوِ أوْرَقٍ / يُبَلبِلُه ريحٌ وَيَضرِبُه قَطرُ
أَقامَت أَثافيهِ مِنَ الدَّهرِ بُرهَةً / عواريَ لم تركبْ رواحِلَها قِدرُ
وَلَمَّا تَلَظَّى جَمرُها وتَجَدَّلَتْ / وَقُصَّتْ بِأَيدِينا ذَوائِبُها الحمرُ
شَوقي إِلَيكَ مُجَدَّدٌ
شَوقي إِلَيكَ مُجَدَّدٌ / يُبْلي جَديدَ تَصَبُّري
وجَوانِحي يَجنَحنَ مِنْ / حُرَقِ الهوى المُتَسَعِّرِ
نَقَلَتْ مِنَ الدُّرَرِ الدُّموعَ / إِلى العَقيقِ الأَحمَرِ
وَلَبِستُ فيهِ مِنَ الضَّنى / عَرَضاً يُلازمُ جَوهَري
كَحَلَ الهوَى والسِّحرُ مِن / ك جفونَ رئمٍ أحورِ
فَجَوارِحي مَجروحَةٌ / مِنها بِسَيفٍ مُضمَرِ
كَم ذا يُغَيِّرُني هوا / ك بِخَلقك المُتَغَيِّرِ
نَقَضَتْ حلاوةَ موردي / مِنهُ مَرارَةُ مَصدري
وَمَنعتَني مِن لَثمِ فيك / جَنَى الرُّضابِ المُسكِرِ
أَبِجَنَّةِ الفِردَوسِ أُحْرَمُ / شُرْبَ ماءِ الكَوثَرِ
وناهدةٍ تَرَّبَتْ كفُّها
وناهدةٍ تَرَّبَتْ كفُّها / ترائِبَها بِسَحيقِ العَبيرِ
تصونُ على القطفِ رُمّانَةً / مِنَ النهدِ في غُصْنِ بانٍ نَضيرِ
لَها وَجنَةٌ صُقِلَتْ بِالنَّعيم / وناظرةٌ كُحِلَتْ بِالفتورِ
وَتبسمُ عَن أَقحُوانٍ تُريكَ / على نَوْرِهِ الشمسُ إشراقَ نورِ
كَأَنَّ غَدائِرها المُرسَلاتِ / أسَاوِدَ سابِحةٌ في غَديرِ
فَبِتُّ أُلاطفُ أخلاقَها / كما رُمْتُ تأنيسَ ظبيٍّ نَفورِ
وما قهوةٌ صُفّقَتْ للصَّبوح / بِمِسكٍ ذَكِيٍّ وشَهْدٍ مَشورِ
بِأَطيَبَ مِن فَمِها ريقَةً / إذا بَرَدَ الدُّرُّ فَوقَ النحورِ
للَّه دَرُّ عصابَةٍ نَزَلوا
للَّه دَرُّ عصابَةٍ نَزَلوا / بَينَ الرّياضِ مَجالساً خُضْرا
شَرِبوا بِكَاساتٍ مُعَتَّقَةً / شَرِبَت عُقولُهُمُ بِها سَكرا
وكأنّما الأقمارُ تلثمُ من / أيدي السقاةِ كواكباً زُهْرا
وكأنّما صُوَرُ القِنانِ وقد / مُلِئت إلى لَهواتِها خَمرا
بيضُ الحسان وَقَفْنَ في عُرُسٍ / لمَّا لَبِسْنَ غَلائِلاً حُمرا
قَضَتْ في الصِّبا النَّفسُ أوطارَهَا
قَضَتْ في الصِّبا النَّفسُ أوطارَهَا / وأَبلَغَها الشَّيبُ إِنذَارَها
نَعَمْ وأُجِيلَتْ قِدَاحُ الهوَى / عَلَيها فَقَسَّمْنَ أَعْشارَها
وما غَرَسَ الدَّهرُ في تُربَةٍ / غِراساً ولم يَجْنِ أثمارَهَا
فأفنيتُ في الحربِ آلاتَها / وأَعدَدتُ لِلسِّلم أَوزَارَها
كميتاً لها مَرَحٌ بِالفَتى / إِذا حَثَّ بِاللَّهوِ أَدوارَها
تَناوَلَها الكوبُ مِن دَنِّها / فَتَحسَبُهُ كانَ مِضمارَها
وساقِيةٍ زَرَّرتْ كفُّها / على عُنُقِ الظبيِ أَزرَارَها
تُديرُ بِياقُوتَةٍ دُرَّةً / فَتَغمِسُ في مائِها نَارَها
وَفِتيانِ صِدقٍ كَزُهْرِ النُّجوم / كِرامُ النَّحائزِ أَحرارَها
يُديرونَ راحاً تَفيضُ الكُؤوسُ / على ظُلَمِ اللَّيلِ أنوارها
كَأَنَّ لَها مِن نَسيجِ الحَبَاب / شباكاً تُعَقّلُ أطيارها
وَرَاهِبةٍ أَغلَقَت دَيْرَها / فَكُنّا مَعَ اللَّيل زُوّارها
هَدانا إِلَيها شَذا قَهوَةٍ / تُذيعُ لأَنفِكَ أَسرارَها
فَما فازَ بِالمِسكِ إلّا فتىً / تَيَمّمَ دارِينَ أو دارَها
كَأنَّ نَوافِجَهُ عِندَها / دنانٌ مُضَمَّنًةٌ قارَها
طَرَحتُ بِميزانِها دِرهَمي / فَأَجْرَتْ مِنَ الدّنِّ دينارَها
خَطَبنا بَناتٍ لَها أَربَعاً / لِيَفتَرِعَ اللَّهوُ أَبكارها
مِنَ اللَّائي أَعصارُ زُهْرِ النُّجوم / تكادُ تُطاوِلُ أعمارَها
تُريكَ عَرائِسُها أَيدِياً / طِوالًا تُصافِحُ أخْصَارها
تَفَرَّسَ في شَمِّهِ طيبَها / مُجيدُ الفِراسَةِ فَاختَارَها
فتىً دارَسَ الخمرَ حتَّى دَرى / عَصيرَ الخُمورِ وأَعصارَها
يَعُدّ لما شئتَ من قهوةٍ / سِنيها ويَعرِفُ خَمّارها
وَعُدنا إِلى هالَةٍ أَطْلَعَتْ / عَلَى قُضُبِ البانِ أقمارَها
يَرى مَلِكُ اللَّهوِ فيها الهُّمومَ / تثورُ فيقتلُ ثوّارَهَا
وقد سكّنَتْ حركاتِ الأسى / قيانٌ تُحَرّكُ أوتارها
فَهَذي تُعانِقُ لِي عُودها / وَتِلكَ تُقَبِّلُ مِزمَارَها
وَرَاقِصَةٍ لَقَطَتْ رِجْلُها / حسابَ يدٍ نَقَرَتْ طارَها
وَقَضبٍ مِنَ الشَّمعِ مُصْفَرّةٍ / تُريكَ مِنَ النَّارِ نُوَّارَها
كأنّ لها عمداً صُفّفَتْ / وَقَد وَزَنَ العَدلُ أَقطارَها
تُقِلُّ الدَّياجي عَلَى هامِها / وَتَهتِكُ بِالنُّورِ أَستَارَها
كَأنَّا نُسلِّطُ آجالَها / عَلَيها فتَمحَقُ أَعمارَها
ذَكرتُ صِقِلِّيَّةً والأسى / يُهَيِّجُ لِلنَّفسِ تِذكَارَها
وَمَنزِلَةً للتَّصابي خَلَتْ / وَكَانَ بَنُو الظَّرفِ عُمَّارَها
فَإِن كُنتُ أُخرِجتُ مِن جَنَّةٍ / فَإِنِّي أُحَدِّثُ أَخبَارَها
وَلَولا مُلوحَةُ ماءِ البُكا / حَسِبْتُ دُموعِيَ أَنهَارَها
ضَحِكتُ ابنَ عِشرينَ مِن صَبوَةٍ / بَكيتُ ابنَ ستِّينَ أَوزارها
فَلا تَعظُمَنَّ لَدَيكَ الذُّنوب / فَما زالَ رَبُّكَ غَفَّارها
وَصَفراءُ كَالشَّمسِ تَبدو لَنا
وَصَفراءُ كَالشَّمسِ تَبدو لَنا / مِنَ الكأسِ في هالَةٍ مُستَديرَه
يُلاعِبُها الماءُ في مَزْجِهَا / فَيُضحِكَها عن نُجُومٍ مُنيرَه
إِذا جارَ هَمُّ الفَتى وَاعتَدى / رَأَيتَ بِها نَفْسَهُ مُستَجيرَه
فَتُرْوي صَداهُ وَتُدني مُنَاه / وتُرْدي أساه وَتُحْيي سُرورَه
زُجاجٌ وخَمرٌ وماءٌ كَما / تَقولُ هَيُولى وَنَفْسٌ وصُورَه
أَطِرْ عَنكَ نَوْمَكَ وانظُرْ إِلى / نَهارٍ أَفاضَ على اللَّيل نُورَه
كَأَنَّ دُجَى اللَّيلِ لمَّا استَرق / نَمومٌ مِنَ الصُّبحِ يُفْشي سَريرَه
شَرِبْنَا على وَجْهِ بَدرِ السّماءِ / وَنُسْقى على وجه شَمْسِ الظَهيرَه
بفوّاحةِ النَّوْر مُكّاؤها / يُرَجّعُ في كلّ غُصْنٍ صَفيرَه
مَرَت فَوقَها حَلَبَ المُعْصِرات / رِياحٌ لِكُلِّ سَحابٍ مُثيرَه
كَأَنَّ الفَرَزدَقَ في طَيرها / يُجيبُ عَلى كُلِّ شِعرٍ جَريرَه
قَصَرْنا بها طولَ ليلِ التّمامِ / بِعَيشٍ هَنيءٍ عَدِمْنَا نَظيرَه
كَأنَّ الكؤُوسَ بِأَيدي السَّقاةِ / خُيولٌ عَلى الهَمِّ مِنَّا مُغيرَه
وَطِيبُ النَّعيمِ لَهُ ساعَةٌ / تُعَدُّ وإِن هِيَ طالتْ قَصيرَه
غَشِيَتْ حِجْرَهَا دُموعيَ حُمْراً
غَشِيَتْ حِجْرَهَا دُموعيَ حُمْراً / وَهْيَ مِنْ لوعةِ الهوى تَتَحَدّرْ
فَانزَوَتْ بِالشَّهيقِ خَوفاً وَظَنَّتْ / حَبَّ رُمَّانِ صَدرِها قد تَنَثَّر
قُلتُ عِندَ اختِبارِها بِيَدَيها / ثَمَراً صانَهُنَّ جَيْبٌ مُزَرَّر
لَم يَكُنْ ما ظَنَنتِ حَقّاً ولَكِن / صبغةَ الوَجْدِ صِبْغُ دمْعيَ أَحمَر
وَنَيْلُوفَرٍ أوْرَاقُهُ مُسْتَديرَةٌ
وَنَيْلُوفَرٍ أوْرَاقُهُ مُسْتَديرَةٌ / تَفَتّحَ فيما بينهنّ لَهُ زَهْرُ
كَما اعتَرَضَتْ خُضرُ التِّرَاسِ وَبَينَها / عَوامِلُ أَرماحٍ أَسِنَّتُها حُمرُ
هُوَ ابْنُ بِلادي كَاغتِرابي اغتِرابُهُ / كِلانا عَنِ الأَوْطانِ أَزْعَجَهُ الدَّهرُ
وَمُطَّرِدِ الأَجزاءِ يَصقُلُ مَتْنَهُ
وَمُطَّرِدِ الأَجزاءِ يَصقُلُ مَتْنَهُ / صَبا أَعْلَنَتْ لِلعَينِ ما في ضَميرهِ
جَريحٌ بِأَطرافِ الحَصى كُلَّما جَرى / عَلَيها شَكا أَوجاعَهُ بِخَريرِهِ
كَأَنَّ حُبَاباً ريعَ تَحتَ حَبَابِهِ / فَأَقبَلَ يُلْقي نَفسَهُ في غَديرِهِ
شَرِبنا على حافاتِهِ دَوْرَ سَكرَةٍ / وأقْتَلُ سُكْراً منه لَحْظُ مديرِهِ
كأَنَّ الدُّجى خَطُّ المَجَرَّةِ بَينَنا / وَقَد كُلّلَتْ حافاتُهُ بِبُدورِهِ
وَقَد لاحَ نَجمُ الصُّبحِ حَتَّى كَأَنَّهُ / مَطرِقُ جَيشٍ مُؤذِنٌ بِأَميرِهِ
كَلِفتُ بِكاساتِ الصّبوحِ مُبَكِّراً / وَكَم بَرَكاتٍ لِلفَتى في بُكورِهِ
هُوَ العيشُ فاغنمْ من زمانك صَفْوَهُ / وَصِدْ قَنَصَ اللَّذَّاتِ قبل مُثيرِهِ
وَزَرقاءَ في لَونِ السَّماءِ تَنَبَّهَتْ
وَزَرقاءَ في لَونِ السَّماءِ تَنَبَّهَتْ / لِتَحبِيكِها ريحٌ تَهُبُّ مَعَ الفَجرِ
يَشُقّ حَشَاها جَدولٌ مُتَكَفّلٌ / بسَقيِ رياضٍ أُلْبِسَتْ حُلَلَ الزَّهرِ
كَما طَعَنَ المِقدامُ في الحَربِ دَارِعاً / بِعَضْبٍ فَشَقَّ الخَصرَ مِنهُ إِلى الخصرِ
يُريكَ رُؤوساً منهُ في جِسمِ حَيَّةٍ / سَعَتْ من حياةٍ في حَدائِقِهِ الخضرِ
فَلا رَوضَةٌ إِلّا استَعارَت لِشُكرِهِ / لسانَ صَباً تَسْري مُطَيَّبَةَ النَّشرِ
وَلَيلَةٍ حالِكَةِ الإِزارِ
وَلَيلَةٍ حالِكَةِ الإِزارِ /
مَدّتْ جناحاً كسوادِ القارِ /
يَحْجُبُ عَنّا غُرّةَ النّهارِ /
عَقَرْتُ فيها الهَمَّ بِالعقارِ /
بِجِسمِ ماءٍ فيهِ رُوحُ نارِ /
في مَجلِسٍ ضَمَّ بَني الفَخارِ /
كَهالَةٍ تَضحَكُ عَن أَقمارِ /
تَزَاحَمَتْ بِأَنْجُمٍ دَراري /
مِن كُلِّ ذِمْرٍ في حِمَى الذِّمارِ /
مُهينُ مَالٍ وَمُعِزُّ جارِ /
يُسْقَوْنَ من ساطِعَةِ الأَنوارِ /
كَثيرَةِ الأَسماءِ وَالأَعمارِ /
أَعبَقَ مِن نَفحَةِ مِسْكٍ دَاري /
أَرَقَّ في حُسْنٍ وَفي احمِرارِ /
مِن ماءِ خَدٍّ راقَ في عجارِ /
تَكادُ ذاتُ القرطِ وَالسِوارِ /
وَالنَّغمُ الرَّطبُ على الأَوتارِ /
إِذ أَسمَعَتنا نَغَمَ الهَزارِ /
يَجري معَ الأَرواحِ في المجاري /
حَتّى إذا ما غَنَّتِ القَمَاري /
مُناغِماتٍ حِزَقَ الأَطيارِ /
صَوافِراً وَالصُّبحُ في الأَسفارِ /
قُمنا لِنَنفي عَرَضَ الخُمارِ /
عَن جَوهَرِ الأَنفُسِ في الصَّحاري /
بِكُلِّ طِرْفٍ سَلْهَبٍ مُطَارِ /
مُوَجَّهِ الإقبالِ والإدبارِ /
إِن بادَرَ السَّبقَ مَعَ المَجاري /
طَارَتْ بِهِ قَوادِمُ النجارِ /
يَتبَعُهُ كُلُّ صَيودٍ ضارِ /
ظامي الضُّلوعِ ضامِرُ الأَخْصارِ /
كَأنَّهُ في عُقدَةِ الزُّنَّارِ /
بِأَعيُنٍ لَم تُغْضِ من عُوّارِ /
كَالجَّمرِ بَينَ الهُدْبِ والأَشفارِ /
تَكادُ تَرمي الصَّيدَ بِالشرارِ /
كَأنَّما يُكَشِّرُ عَن جِمَارِ /
يُعَقِّفُ الأَذنابَ لِلصُّوارِ /
كَأَنَّها عَقاربُ القِفارِ /
وَحاكِمٌ في الوَحشِ بِالتَّبارِ /
أسْرَعُ من برْقٍ ومن إعْصَارِ /
ولَحظَةِ الصَّبِّ على حذارِ /
أَصفَرُ مِن لَونٍ جَنَى بَهارِ /
كَأَنَّما صِيغَ مِنَ النّضَارِ /
آسَدتُه وَالظَبيِ في نِفارِ /
ما بَينَ جَثجَاثٍ إِلى عَرارِ /
فَمَرَّ في غَيمٍ منَ الغُّبارِ /
يُشْكِلُ منه أحْرُفَ الآثارِ /
كَأَنَّما يَطلُبُهُ بِثارِ /
ماذا يُريدُ الظَّبيُ بِالفِرارِ /
مِنِ ابنِ ريحٍ في قَميصِ نارِ /
وَهوَ مَعَ الإِجهادِ وَالإِضرارِ /
يَحذِفُهُ بِيَرْمَعٍ صغارِ /
حَذْفَ المُوَلِّي بِاليَدِ اليَسارِ /
فَلَو تَرانا في انتِزاحِ الدَّارِ /
في رَوضَةٍ كالغادةِ المِعطارِ /
نَأكُلُ مِن صَيدِ أَبي العَقّارِ /
وَنَشرَبُ الصَّهباءَ بِالكبارِ /
ما كُنتُ إِلّا خالِعَ العِذَارِ /
وَرُبَّ صُبْحٍ رَقَبْنَاهُ وقد طَلَعَتْ
وَرُبَّ صُبْحٍ رَقَبْنَاهُ وقد طَلَعَتْ / بَقِيّةُ البَدْر في أُولى بَشَائِرِهِ
كَأَنَّما أدهمُ الظلماءِ حينَ نَجا / مِن أشهَبِ الصُّبحِ ألْقَى نَعْلَ حافِرِهِ
نَظَرتُ إلِى حُسْنِ الرِّياضِ وغَيمُها
نَظَرتُ إلِى حُسْنِ الرِّياضِ وغَيمُها / جَرَى دَمْعُهُ مِنهُنَّ في أَعيُنِ الزَّهْرِ
فَلَمْ تَرَ عَيني بَينها كَشَقائِقٍ / تُبَلبِلُها الأَرواحُ في القَضَبِ الخَضرِ
كَما مَشَطَتْ غِيدُ القِيانِ شُعورَها / وَقامَتْ لِرَقصٍ في غَلائِلِها الحُمْرِ
وساقيَةٍ تَسْقي النّدَامَى بمدّها
وساقيَةٍ تَسْقي النّدَامَى بمدّها / كُؤوساً مِنَ الصَّهباءِ طاغِيَةَ السُّكرِ
يُعَوَّمُ فيها كُلُّ جامٍ كَأَنَّما / تَضَمّنَ رُوحُ الشَّمسِ في جَسَدِ البَدرِ
إِذا قَصَدتْ مِنَّا نَديماً زجاجةٌ / تَناوَلَها رِفقاً بِأَنمُلِهِ العَشرِ
فَيَشرَبُ مِنها سَكرَةً عِنَبِيَّةً / تُنَّوِمُ عَيْنَ الصَّحوِ مِنهُ وما يَدري
وَيُرْسِلُهَا في مائِها فيُعِيدُهَا / إِلى رَاحَتي ساقٍ على حُكمِهِ تَجري
جَعَلنا عَلى شُرْبِ العُقَار سَمَاعَنَا / لُحوناً تُغَنّيها الطُّيورُ بِلا شعرِ
وساقيَنَا ماءً ينيلُ بلا يدٍ / وَمَشروبَنَا ناراً تُضيءُ بِلا جَمرِ
سَقانا مَسَرّاتٍ فَكَانَ جَزاؤهُ / عَلَيها لَدَينا أنْ سَقَيناهُ لِلبَحرِ
كَأَنَّا على شَطِّ الخَليجِ مَدائِنٌ / تُسافِرُ فيما بَينَنا سُفُنُ الخَمرِ
وما العَيشُ إلّا في تَطَرُّفِ لَذَّةٍ / وَخَلْعِ عِذَارٍ فيه مُسْتَحْسَنُ العذر
في كُنْهِ قَدْرِكُ للعقولِ تَحَيّرُ
في كُنْهِ قَدْرِكُ للعقولِ تَحَيّرُ / فَلِذاكَ عنه النَيّرَاتُ تُقَصّرُ
والوَاصِفونَ عُلاكَ مِنّا قَرِّبوا / ما تَرجَموا لِلنَّاسِ عَنهُ وعَبَّروا
أَلقَيتَ عَزمَكَ بَينَ عَيْنَيْ ضَيْغَمٍ / وأباتَ طَيْفُكَ كُلَّ شَيءٍ يُذْعَرُ
وَرَحلتَ في جَوْنِ القَتامِ عَرمرَمٍ / وَكَأنَّهُ لَيلٌ بِوَجهِكَ مُقمِرُ
وَلَئِن قَدِمْتَ وفي اعتِقادِكَ عَوْدَةٌ / فَالبَحرُ من عظمٍ يَمُدُّ ويَجزُرُ
والفتحُ من فَضْلِ الإله ويومُهُ / مُتَقدّمٌ بِالنَّصرِ أو مُتأخِّرُ
لَولا اقتِرابُ الوَقتِ عَن قدَرٍ لَما / فُتِحَتْ على حالٍ لأَحمَد خَيبَرُ
وفَوارِسٍ يَحْمَرُّ مِنْ ضربِ الطِّلا / بِأَكُفِّهم وَرَقُ الحَديدِ الأَخضَرُ
لا غُشَّ جُبْنٍ فيهمُ فَكأنَّهم / سُبكوا بِنِيرانِ الحُروبِ وسُجِّروا
وَمِنَ الرِّجالِ مُرَوَّعٌ ومُشَجَّع / ومنَ السُّيوفِ مُؤنّثٌ ومُذَكَّرُ
ألِفَتْ قلوبُهُمُ الخضوعَ لِرَبِّهِم / والبَأسُ في أَسيافِهِم مُتَكَبِّرُ
يَرْمُونَ أغراضَ الحتوفِ بأنفسٍ / وَوُجوهُها لِعُيونِهِم تَتَنَمَّرُ
وَتَغورُ في هامِ العُلوجِ جَداوِلٌ / لِلضَّربِ مِن أَغمادِهِم تَتفَجَّرُ
مِن كُلِّ وَحشِيِّ الطِّباعِ كَأَنَّهُ / بَينَ القَنا الخَطِّيِّ لَيثٌ مُخْدَرُ
مُتَقَدِّمٌ مِن صَبرِهِ ولِثامُهُ / يَومَ القراعِ أضاتُهُ والمِغفَرُ
صًحِبَت جُيوشُهُمُ جيوشاً يا لها / مِن أبْحُرٍ زَخَرَتْ عَلَيها أَبحُرُ
ويلٌ لِحصنِ لَبَيطَ من يومٍ على / جَنَبَاتهِ يجري النجيعُ الأحمرُ
والرَّوعُ تَثْقُلُ بالرَّدى ساعاتُهُ / وَتَخِفُّ بِالأَبطالِ فيهِ الضُّمَّرُ
يُثْنَى النَّهارُ بِهِ على أَعْقابِهِ / حَتَّى كَأنَّ الشَّمسَ فيه تُكَوَّرُ
والنّقْعُ فيه دُجُنّةٌ لا تَنجلي / والصُّبحُ مِنهُ مَلاءةٌ لا تُنشَرُ
وَلَقَد شَدَدتَ على خِناقِ علوجِهِم / وَأَدارَ رأيَكَ فيهِمُ مُستَبصِرُ
واستَعصَموا بِذُرى أَشَمَّ كَأَنَّهُم / عُصْمٌ أُتيحَ لَها هِزَبرٌ قَسْوَرُ
قَلّوا لَدَيْكَ غنيمةً فكأنّما / أَبقتهُمُ الأَيّامُ فيه لِيَكثُروا
وَلَقَلَّمَا يبقى رمادُهُمُ إذا / طارَتْ بِهِ في الجَوِّ ريحٌ صَرْصَرُ
قامَ الدَّليلُ وما الدَّليلُ بِكاذِبٍ / أَنَّ النَّصارى يُخْذَلونَ وتُنْصَرُ
سكّنْتَ في الآفاقِ من حَرَكاتِهِم / والنَّبضُ من خَوَرِ الطَّبيعَةِ يَفْتُرُ
هلّا أطاقَ الكفرُ جَرَّ قَناتِهِ / لَمَّا تَرَكتَ كُعُوبَها تَتَكَسّرُ
يَومَ العُروبَةِ والعِرَابُ لواعِبٌ / تَكبو على هامِ العُلوجِ وَتَعثُرُ
والفَنشُ يَحصِبُ ناظريه وقلبَهُ / بقوارعِ الأحزانِ يوْمٌ مُعْوِرُ
رَكبَ الغِوايةَ واستبَدَّ برأيِهِ / جهلاً ليَعبُرَ خضرماً لا يُعبَرُ
خُذ في عَزائِمِكَ الَّتي تركَتهُمُ / خَبَراً مَعَ الأيّامِ لا يَتَغَيَّرُ
بِالخيلِ تَحتَ اللَّيلِ يُسْرَجُ حَولَها / في كُلِّ ذابِلَةٍ سِنانٌ أَزهَرُ
وَتَلوكُ من فَقْدِ القَضيمِ شَكائِماً / تُنْهَى بها أفْواهُهُنَّ وَتُؤمَرُ
عَرَكَتْ أَديم الأَرضِ تَحتَ حَوافرٍ / صَخْرُ البلادِ بِوَطئِهِنَّ مُسَخَّرُ
حَتَّى تُغَنّيهِمْ ظُبَاكَ مِنَ الرَّدى / نَغَماً وتسقيهم كؤوساً تُسْكِرُ
جاهَدتَ في الرَّحمَنِ حَقَّ جِهادِهِ / وجَرَى المُلوكُ كما جَرَيتَ فقصَّروا
فَيَبيتُ ناجودٌ وعودٌ حَولَهم / ويَبيتُ حَولَكَ شزَّبٌ وَسَنَوّرُ
وتَفوحُ غالِيَةٌ بِهِم وَذَريرَةٌ / وَهُما دمٌ في بُردَتَيكَ وَعِثْيَرُ
أَعطَتكَ رَيحانَ الثَّناءِ حَديقَةٌ / ظَمِئَتْ وَلَكِن قَلَّما تَستَمطِرُ
وَأَنا العَليمُ بِأَنَّ طَوْلَكَ شاملٌ / وَذُراكَ رَحراحٌ وَجُودُكَ كَوْثَرُ
حَبَّذا فِتيانُ صدْقٍ أَعرسوا
حَبَّذا فِتيانُ صدْقٍ أَعرسوا / بعذارى من سُلافاتِ الخُمورْ
عَرْبَدَ الصحوُ عليهمْ بالأسَى / فاتَّقاه السُّكْرُ عَنهم بِالسُّرور
عَمَرُوا ربعَ الصِّبَا من قبلِ أنْ / يَتَمشّى فيه بالشَّيب دُثُور
إنّ للأَعمارِ أَعجازاً إذا / بُلِغَتْ لم تُثْنَ مِنهُنَّ صُدور
كلُّ نافي العمر في شِرَّتِهِ / للصِّبَا نارٌ وفي الوَجْنَةِ نور
يقتنون العيشَ من قانيةٍ / ذاتِ عمرٍ كَثُرت فيها الدُّهور
أطلَعَ الساقي عشاءً مِنهُمُ / أَنجُمَ الكاساتِ في أيدي البُّدور
عَدّ بالأكوابِ عَنّي إنّ لي / في يَدِ الآنسِ عَنهُنَّ نُفور
غَمَرَ الشَّيبُ الدُّجى مِن لِمَّتي / بِنُجومٍ طُلَّعٍ لَيسَتْ تَغور
لا نُشورٌ لِشَبابي بَعدَ ما / ماتَ مِن عُمري إلى يَومِ النُّشور
وَخِضابُ الشَّيبِ لا أَقبَلُهُ / إِنَّهُ في شَعَري شاهِدُ زُور
أَنا مِنْ وَجْدي بِأَيَّام الصِّبا / أَذرِفُ الدَّمعَ رَواحاً وَبُكور
فَكَأنِّي ذو غليلٍ تَلتَظي / لَوعةٌ مِنهُ إِلى ماءِ الثُّغور
أصِفُ الراحَ ولا أشْرَبُهَا / وهيَ بالشّدْوِ على الشَّرْبِ تَدور
كَالَّذي يأمرُ بالكرِّ ولا / يَصْطلي نارَ الوَغى حَيثُ تَفور
فَسَواءٌ بَينَ إِخوانِ الصّفا / وذَوي اللَّهوِ مَغيبي والحُضور
أَنا مَن كَسْب ذُنوبي وَجِلٌ / وإنِ استَغفَرتُ فَاللَّهُ غَفور
يا قليلَ الوفاء ضاعَ ودادٌ
يا قليلَ الوفاء ضاعَ ودادٌ / أنْت ضيّعْتَهُ بكثرة غدرِكْ
أنا أشكو صَبَابَةً لَذَعَتْني / بَرّدَ اللَّه حرَّ نَحري بِنَحرِك
وَجَنى لي فَإِنَّ قَلبي عَليلٌ / ما اشتهى من جَنِيِّ رُمّانِ صَدرك
وَتَدَاوَيتُ من خُماري بخمرٍ / نابِعاتٌ بِها جَواهِرُ ثَغْرِك
هَذهِ كُلُّها أَماني وِصالٍ / حيلَ بَيني وَبَينَهُنَّ بِهَجرِك
هُنَّ الحِسانُ وَحَرْبُهَا الهَجْرُ
هُنَّ الحِسانُ وَحَرْبُهَا الهَجْرُ / فَلِذاكَ يَجْبُنُ عِندَها الذِّمْرُ
أصَلِيتَ تلك الحربَ تجربةً / أم أنْتَ عن فَتَكاتِها غَمْرُ
مِن كُلِّ ناشِئةٍ إذا اتّصَلَت / مِنْ عُمْرها بالأرْبَعِ العَشْرُ
وكَمِ اشْتَهَى مِنها عَليلُ هوىً / ثَمَراً بِهِنَّ تَفَلَّكَ الصَّدرُ
خُلُقي مَطِيَّةُ خُلْقِها وَهُمَا / سهلٌ يديرُ عِنَانَهُ وَعْرُ
يا ظبيةً إنْ مَرّضَتْ نظراً / فَلِكُلِّ قَسْوَرَةٍ به قَسرُ
كَرْبٌ هواك وما له فَرَجٌ / وَمَتى يُفارِقُ لَذعَهُ الجَّمرُ
حَتّى الأَراكةُ منك ظالمةٌ / دُرّاً بفيكِ أيُظْلَمُ الدّرُّ
وَكَأنَّ بَرْقاً في تَبَسّمِهِ / وكأنّما دَمْعي له قَطرُ
أشكو خُماراً ما شربتُ له / خَمراً بِفيكَ فَريقُكَ الخمرُ
وَيَهيجُ بي وَجَعٌ وَعِلَّتُهُ / سَقَمٌ بِطَرفِكَ إنَّ ذا سحرُ
وَأَرى الَّذي تَجِدينَ فيكِ لَهُ / نَفْعاً فَمنهُ مَسَّنِيَ الضُّرُّ
من وجهكِ الحُسنُ اقتنى مُلَحاً / فكأنّها في وَجْهِهِ بِشرُ
ليستْ تنالُ الشمسُ منزلةً / مِنها فَكَيفَ ينالها البَدرُ
وأراكِ قد حاولتِ نَقْلَ خُطىً / فَقَصَرْتِها وعلا بكِ البُهْرُ
وعَذَرتُ مِنكِ الخصرَ مَرْحَمَةً / ولِحَملِ ردفِكِ يُعْذَرُ الخصرُ
عَذَلتْ على دَنفٍ أخا مِقَةٍ / لا يَستَقِلُّ بِبَعضِها الصَّبرُ
فَرَثَتْ لِذِلَّتِهِ ورُبَّتَما / لانَ الصّفَا وَتَواضَعَ الكبرُ
بَعَثَتْ لَواحِظُها بِعِطفَتِها / سِرّاً إِلَيهِ فَلَيتَها جَهرُ
قَتَلَتْهُ وهيَ تُريدُ عِيشَتَهُ / ذنبٌ بعيشكِ ذاك أمْ أجْرُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025