القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ المُقَرَّب العُيُونِي الكل
المجموع : 10
ذَريني فَضَرباً بِالمَهَنَّدَةِ البُترِ
ذَريني فَضَرباً بِالمَهَنَّدَةِ البُترِ / وَلا لَومَ مِثلي يا أُمَيمُ عَلى وَترِ
فَقَد كُنتُ آبى الضَيمَ إِذ لَيسَ ناصرٌ / سِوى عَزمَتي وَالعيسِ وَالمَهمَهِ القَفرِ
فَكَيفَ أُقِرُّ اليَومَ ضَيماً وَناصِري / عَديدُ الحَصى ما بَينَ بُصرى إِلى مِصرِ
إِذا ما دَعَوتُ اِبنَي نِزارٍ أَجابَني / كَتائِبُ أَنكى في العِدى من يَدِ الدَهرِ
تَداعى إِلى صَوتِ المُنادي تَداعياً / كَدَفّاعِ مَوجٍ جاءَ في المَدِّ لِلجَزرِ
عَلى كُلِّ ذَيّالٍ وَجَرداءَ شطبَةٍ / تَجيء كَسَيلٍ يَلطِمُ الطَلحَ بِالسِدرِ
نِتاجُ عُمَيرٍ وَالضُّبَيبِ وَكامِلٍ / وَذاتِ نُسوعٍ وَالنَعامَةِ وَالخَطرِ
سَوابِحُ لا تَغدو الرِياحُ غُدُوَّها / لِطَعنٍ وَلا تَسري النُجومُ كَما تَسري
وَرِثنَ عَنِ الشَيخَينِ بَكرٍ وَتَغلِبٍ / وَعَن عَبدِ قَيسٍ ذي العُلى وَعَن النمرِ
وَقَيسٍ أَبي الشُمِّ الطِوالِ وَبَعدَهُ / تَميمٍ وَأَكرِم والِداً بِأَبي عَمرِو
وَعَن سَيِّدَي آباءِ كُلِّ قَبيلَةٍ / وَأَشرَفِها نَسلاً خُزَيمَةَ وَالنَضرِ
وَما الخَيلُ إِلّا نِحلَةٌ مِن إِلَهنا / لَنا لا لِزَيدٍ مِن سِوانا وَلا عَمرِو
لَنا أُخرِجَت إِذ أُخرِجَت لا لِغافِقٍ / وَلا بارِقٍ أَو لا مُرادٍ وَلا قَسرِ
وَطِئنا بِها جَمعَ العَماليقِ وَطأَةً / أَرَتها نُجومَ القَذفِ تَجري مَعَ الظُهرِ
وَلَولا تَلاقينا بِها حَيّ جُرهُمٍ / لآبَت بِأَيدٍ لا تَشُقُّ وَلا تَفري
بِنَفسي وَما لي مِن نِزارٍ عِصابَةً / حِسانُ وُجوهٍ طَيِّبُو عُقَدِ الأُزرِ
جَلَوا بِصِفاحِ البيضِ هَمّي وَبَرَّدُوا / حَرارَةَ غَيظي بِالمُثقَّفَةِ السُمرِ
لَياليَ قادُوا الخَيلَ قَوداً أَصارَها / وَما الخَواطي كَاليَعاسيبِ في الضُمرِ
بِرَأيٍ سَديدِ الرَأيِ أَلوى مُعَوَّد / بِجَرِّ الخَميسِ الضَخمِ وَالعَسكَرِ المَجرِ
هُمامٌ تَعَدّى الأَربَعينَ فَجازَها / بِعَشرِ سِنينٍ أَو قَريبٍ مِن العَشرِ
فَأَصبَحَ لا شَيخاً يُخافُ اِنبِهارُهُ / وَلا حَدَثاً تِلعابَةً غائِبَ الفِكرِ
أَخو عَزمَةٍ كَالنارِ وَقداً وَهِمَّةٍ / تَرى النَجمَ أَدنى مِن ذِراعٍ وَمِن شِبرِ
بَدَت في مُحيّاهُ أَماراتُ مَجدِهِ / صَبيّاً وَيَبدو العِتقُ في صَفحَةِ المُهرِ
سَما لِلعُلى طِفلاً وَبَرَّزَ يافِعاً / وَسُمّي وَلَمّا يَثَّغِر أَوحَدَ العَصرِ
وَلَفَّ السَرايا بِالسَرايا وَقادَها / لِعَشرٍ وَرَدَّ الدُهمَ مِنهُنَّ كالشُقرِ
فَلِلّهِ بَكرٌ ما شَظى حَدُّ نابِهِ / وَفاقَ قُروماً بِالشَقاشِقِ وَالخَطرِ
جَرى وَجَرى الساعونَ شَأواً إِلى العُلى / فَفاتَ بِأَدنى خَطوهِ مُلهَب الحُضرِ
سَليلُ المُلوكِ الصِّيدِ وَالسادَةِ الأُلى / بَنَوا مَجدَهُم فَوقَ السِماكينِ وَالنَسرِ
إِلى ذروَةِ البَيتِ العُيونِيِّ يَنتَمي / وَهَل يَنتَمي الدِينارُ إِلّا إِلى التِبرِ
وَأَخوالُهُ أَدنى عُقَيلٍ إِلى العُلى / بُيُوتاً وَأَقصاها مِنَ اللُؤمِ وَالغَدرِ
ذَوُو المُحكَماتِ السُردِ وَالبيضِ وَالقَنا / وَأَهلُ الجِيادِ الشُقرِ وَالنِّعَمِ الحُمرِ
وَإِنَّ عَلِيّاً للَّذي بِفَخارِهِ / يُطالُ وَيُستَعلى عَلى كُلِّ ذِي فَخرِ
أَعَزُّ الوَرى جاراً وَأَوسَعُها حِمىً / وَأَشبَهُها بِاللَيثِ وَالبَحرِ وَالبَدرِ
مَتى تَدعُهُ تَدعُ اِمرَءاً غَيرَ زُمَّلٍ / وَلا وَكِلٍ في النائِباتِ وَلا غَمرِ
وَلا رافِعٍ بِالخَطبِ رَأساً وَإِنَّهُ / لَتُرفَعُ مِن جَرّائِهِ طُرَرُ الأُزرِ
لَهُ هَيبَةٌ مِلءُ الصُدورِ فَلو رَنا / إِلى المَوتِ مُزوَرّاً لَماتَ مِنَ الذُعرِ
وَلو قالَ لِلأَفلاكِ في سَيرِها قِفي / لَباتَت رُكوداً لا تَدورُ وَلا تَجري
فَتىً لَو لِلَيثِ الغابِ بَأسٌ كَبَأسِهِ / لَأَغناهُ عَن نابٍ حَديدٍ وَعَن ظُفرِ
وَلَو أَنَّ لِلعَضبِ اليَمانيِّ جَوهَراً / كَعَزمَتِهِ لَم يَنبُ عَن قُلَلِ الصَخرِ
وَلَو أَنَّ لِلأَنواءِ جُوداً كَجُودِهِ / لَما اِنتقَلَ الإِرباعُ يَوماً إِلى العِشرِ
عَلا في النَّدى أَوساً وَفي الزُهدِ وَالتُقى / أُوَيساً وَفي الحِلمِ اِبنَ قَيسٍ أَبا بَحرِ
وَأَبغَضُ شَيءٍ عِندَهُ لا وَإِنَّهُ / لِيَهوى نَعم لَو أَنَّ فيها ثَوى العُمرِ
يَريشُ وَيَبري عِزَّةً وَسَماحَةً / وَلا خَير فيمَن لا يَريشُ وَلا يَبري
أَبى غَيرَ عِزَّ النَفسِ وَالعَدلِ وَالتُقى / وَرَأبِ الثَأى وَالحِلمِ وَالنائِلِ الغَمرِ
وَلَمّا تَولّى المُلكَ باءَ مُشَمِّراً / بِأَعبائِهِ مِن غَيرِ لَهثٍ وَلا بُهرِ
وَعَفَّ فَلم يَمدُد إِلى مُسلِمٍ يَداً / بِسُوءٍ وَلا باتَت لَهُ عَقرَبٌ تَسري
وَلا باتَ جُنحَ اللَيلِ يَشكُوهُ شابِحٌ / إِلى اللَّهِ مَقتورٌ عَليهِ وَلا مُثرِ
فَيا أَيُّها الساعي لِيُدرِكَ مَجدَهُ / رُوَيدَكَ فَاِنظُر مَن عَلى إِثرِهِ تَجري
فَلَيسَ بِعارٍ أَن شَآكَ مُطَهَّمٌ / أَغَرُّ جَموحٌ لا يُنَهنَهُ بِالزَجرِ
فَما ضاقَ عَنهُ الوُسعُ غَيرُ مُطالِبٍ / بِهِ المَرءُ في أَكنافِ بَرٍّ وَلا بَحرِ
فَدَع عَنكَ ما أَعيَا المُلوكَ طِلابُهُ / وَقِف عَنهُ وَاِطلُب ما تُطيقُ مِن الأَمرِ
وَخَلِّ أَثيراتِ المَعالي لِسَيِّدٍ / هُمامٍ كَنَصلِ الهُندُوانِيِّ ذي الأَثرِ
فَلا مَلِكٌ إِلّا عَلِيُّ بنُ ماجِدٍ / جَميلُ المُحَيّا وَالإِنابَةِ وَالذِكرِ
إِلَيكَ أَبا المَنصورِ عَقدُ جَواهِرٍ / قَلَمَّسُها صَدري وَغَوّاصُها فِكري
نَفِستُ بِها عَمَّن سِواكَ وَسُقتُها / إِلَيكَ لِعِلمي أَنَّها أَنفَسُ الذُخرِ
وَعَدَّيتُها عَن رِقِّ لُؤمٍ مُوَكَّرٍ / قَليلِ اِكتِراثٍ بِالمَحامِدِ وَالأَجرِ
يَروحُ وَيَغدُو مِثلَ غَيمٍ تَرى لَهُ / صَواعِقَ يَحرقنَ البِلادَ بِلا قَطرِ
تَصَدَّرَ مِن شُؤمِ الزَمانِ وَإِنَّهُ / لَأَخفى مِن البُعصوصِ في نَقرَةِ الظَهرِ
فَصارَ مَعَ الجُهّالِ صَدراً وَإِنَّهُ / لَمِن خُبُثِ الأَعجازِ عِندَ ذَوي الخُبرِ
مَضى زَمَنٌ وَالهُرطُمانُ طَعامُهُ / وَبيّوتُ ما يَبتاعُ بِالطِّينِ وِالسِّدرِ
تُشَرَّفُ نَعلي عَن قيامٍ بِبابِهِ / وَتُكرَمُ عَن مَشيٍ بِساحاتِهِ الغُبرِ
وَلَولاكَ بِالأَحساءِ لَم تُحدَ نَحوها / قَلوصِي وَلَم يَصهل بِجَرعائِها مُهري
فَما أَنا مِمَّن يَجهَلُ الناسُ فَضلَهُ / فَيَرضى بِحَظٍّ واشِلٍ بِالعُلى مُزرِ
وَإِنّي لَصَوّانٌ لِمَدحي وَإِن نَبا / بِيَ الدَهرُ وَاِجتاحَت نَوائِبُهُ وَفرِي
وَلَكِنَّكَ المَلكُ الَّذي مِن سَمائِهِ / نُجومي الَّتي تُصمي وَمِن شَمسِهِ بَدري
وَمِن لَحمِهِ لَحمي وَمِن دَمِهِ دَمي / وَمِن عَظمِهِ عَظمي وَمِن شَعرِهِ شَعري
وَآباؤُكَ الغُرُّ الكِرامُ أُبُوَّتي / وَبَحرُكَ مِن تَيّارِ آذِيِّهِ بَحري
فَداكَ مِنَ الأَسواءِ كُلُّ مُعَلهَجٍ / مِنَ القَومِ لَم يَعبَأ بِعُرفٍ وَلا نُكرِ
وَجُزتَ المَدى في خَفضِ عَيشٍ وَدَولَةٍ / مُؤَيَّدَةٍ بِالأَمنِ وَالأَمرِ وَالنَصرِ
تَحوطُ نِزاراً حَيثُ كانَت وَلا خَلا / جَنابُكَ مِن شُكرٍ وَبابُكَ مِن ذِكرِ
وَعاشَ اِمرُؤٌ ناواكَ ما عاشَ خائِفاً / يَروحُ وَيَغدو بِالمَذَلَّةِ وَالصُغرِ
رِماحُ الأَعادي عَن حِماكَ قِصارُ
رِماحُ الأَعادي عَن حِماكَ قِصارُ / وَفي حَدِّها عَمّا تَرومُ عِثارُ
وَكُلُّ اِمرِئٍ لَيسَت لَهُ مِنكَ ذِمَّةٌ / يُضامُ عَلى رَغمٍ لَهُ وَيُضارُ
وَما عَزَّ مَن أَمسى سِواكَ مَعاذُهُ / وَلَو عَصَمَتهُ يَعرُبٌ وَنِزارُ
فَمَن مُبلِغٍ عَنّي عُقيلاً وَقَومَها / وَإِن بَعُدَت دارٌ وَشَطَّ مَزارُ
رُوَيداً بَني كَعبٍ أَفيقُوا وَراجِعُوا / حُلومَكُمُ مِن قَبلِ تُضرَمُ نارُ
وَقَبلَ تَغَشّى الخافِقينِ لَهالِهاً / لَها بِحُدودِ المُرهَفاتِ شَرارُ
فَتُبدي عَوانُ الحَربِ عَن حَدِّ نابِها / فَيَعلُو بِها غارٌ وَيَهبِطُ غارُ
فَيَشَقى بِها قَومُ الضَلالِ وَرُبَّما / تَغَطرَسَ قَومٌ في الضَلالِ فَبارُوا
فَإِيّاكُمُ وَاللَيثَ لا يَبعَثَنَّهُ / عَلَيكُم ثُؤاجٌ مِنكمُ وَيُعارُ
فَمَن هَيَّجَ الضِرغامَ ثارَ بِحَتفِهِ / إِلَيهِ وَلَم يَمنَعهُ مِنهُ فَرارُ
وَأُقسِمُ إِن نَبَّهتُمُ الحَربَ ساعَةً / وَضَمَّكُمُ نَحوَ الأَميرِ مَغارُ
لَتَصطبِحَن كَأساً عَلَيكُم مَريرَةً / يَطولُ لَكُم سُكرٌ بِها وَخُمارُ
بِها شَرِبَت مِن قَبلُ عَوفُ بنُ عامِرٍ / غَداةَ دَعَتها نَزفَةٌ وَنِفارٌ
بِكَفِّ أَبيهِ لا بِكَفِّ أَبيكُمُ / فَراحَت وَفيها ذِلَّةٌ وَصَغارُ
أَغَرَّكُمُ بُقيا الأَميرِ عَلَيكُمُ / وَصَفحٌ وَحِلمٌ عنكُمُ وَوَقارُ
وَلَولا مُراعاةُ العُهودِ لَأَصبَحَت / مَنازِلُ أَقوامٍ وَهُنَّ قِفارُ
وَلَكِنَّ حِفظَ العَهدِ مِنهُ سَجِيَّةٌ / إِلَيهِ بِها دونَ المُلوكِ يُشارُ
فَخَلّوا العَمى وَالغَيَّ وَالطيخَ وَاِركَبُوا / طَريقاً عَلَيها لِلرَّشادِ مَنارُ
وَلا تَبعَثُوهُ بِالنَكالِ عَلَيكُمُ / فَآجالُ مَن عادى عُلاهُ قِصارُ
لَئِن صَبَّحَتكُم يَومَ نَحسٍ جِيادُهُ / رِعالاً وَرَيعانُ العَجاجِ مُثارُ
لَتَدرُنَّ أَن البَغيَ لِلمَرءِ مَصرَعٌ / وَأَنَّ الَّذي يَجني الأَميرُ جُبارُ
وَأَنَّ أَبا الجَرّاحِ فيكُم وَقومَهُ / كَما كانَ في حَيَّي ثَمودَ قُذارُ
غَداةَ تَعاطى السَيفَ وَاِنصاعَ عاقِراً / فَحَلَّ بِهِ مِمّا جَناهُ بَوارُ
وَأَنَّ سَبيلَ الظالِمينَ سَبيلُكُم / وَلِلدَّهرِ كاسٌ بِالحُتوفِ تُدارُ
فَلا تَحسبُوا سَيفَ الأَميرِ الَّذي بِهِ / عَزَزتُم وَطُلتُم فُلَّ مِنهُ غِرارُ
وَلا أَنَّكُم إِن رُمتُمُ بَعدَ حَربِهِ / مَطاراً يُنَجّى مِن يَدَيهِ مُطارُ
فَما الرَأيُ إِلّا أَن تَذِلّوا لِحُكمِهِ / فَلَيسَ عَلَيكُم في المَذَلَّةِ عارُ
وَتُمسُوا كَما كُنتُم جَميعاً رِعاءَهُ / عَسى أَن تَنالُوا نُصفَةً وَتُجارُوا
فَمَن مِثلُهُ يَرمي عِداكُم وَيَتَّقي / أَذاكُم وَيَحمي دُونَكُم وَيَغارُ
وَيُرعيكُمُ المَرعى وَلَو أَنَّ دُونَهُ / عَثيرُ دِماءٍ بِالسُيوفِ تُمارُ
وَيُعطيكُمُ الجُردَ الجِيادَ تَحُفُّها ال / موالي وَكُومٌ لا تُذَمُّ عِشارُ
وَيَعفو عَن الجاني وَلَو شاءَ هُلكَهُ / لَما عَصَمَتهُ من قَناهُ ظَفارُ
فَعِش في عَظيمِ المُلكِ ما لاحَ كَوكَبٌ / وَأَظلَمَ لَيلٌ أَو أَضاءَ نَهارُ
وَمِن حَولِكَ الغُرُّ الكِرامُ ذَوُو النُهى / بَنوكَ الأَلى طالُوا عُلىً فَأَنارُوا
فَما مِنهُمُ إِلّا فَتى السِنِّ ماجِدٌ / لَهُ حِلمُ كَهلٍ لا أَراهُ يُطارُ
وَكُلُّهُمُ آسادُ غِيلٍ إِذا دُعِي / نَزالِ وَأَمّا في النَدى فَبِحارُ
عَلَيكُم سَلامٌ كُلَّ يَومٍ وَلَيلَةٍ / يَروحُ وَيَغدو ما أَقامَ يَعارُ
سَلامُ فَتىً يَرضى رِضاكُم وَلا يَرى / سِوى مَدحِكُم مُذ شُدَّ مَنهُ إِزارُ
تُقَرِّبُهُ رَحمٌ عَطوفٌ إِليكُمُ / وَأَرحامُ قَومٍ إِذ تُعَدَّ ظِئارُ
يا شَمسَ دينِ اللَهِ كَم لَكِ مِن يَدٍ
يا شَمسَ دينِ اللَهِ كَم لَكِ مِن يَدٍ / يُثني بِها بادٍ وَيَشهَدُ حاضِرُ
وَلَدَيَّ أَعمِدَةٌ قَليلٌ قَدرُها / جِدّاً وَلِلدِيوانِ والٍ قادِرُ
لا شَيءَ عِندي مَكسُها لَكِنَّني / أَخشى يَقولُ الناسُ جاهُكَ قاصِرُ
وَلَقد جَرى فيها بِواسِطَ وَقعَةٌ / ما كانَ لي فيها هُنالِكَ ناصِرُ
وَأُعيذُ مَجدَكَ أَن أُقابِلَ مِثلَها / مِن حَيثُ أَنتَ وَسَيبُكَ المُتظاهِرُ
وَبِأَمسِ كانَت لِي بِقُربِكَ صَيلَمٌ / ما لي وَبَيتِ اللَهِ فيها عاذِرُ
لَكِنَّني اِستَصغَرتُها وَلَقد أَرى / أَنَّ الصَغائِرَ بَعدَهُنَّ كَبائِرُ
فَاِدفَع بِجاهِكَ أَو بِمالِكَ مُنعِماً / عَنّي فَمالُكَ لِلعُفاةِ ذَخائِرُ
لَئِن حالَ ما بَيني وَبَينَكَ حائِلٌ
لَئِن حالَ ما بَيني وَبَينَكَ حائِلٌ / مِنَ البَرِّ أَو لُجٌّ مِن البَحرِ زاخِرُ
فَإِنّيَ وَالمُحيي بِكَ البَأسَ وَالنَدى / بِذِكرِكَ في الأَحياءِ سارٍ وَسامِرُ
فَما كُلُّ مَن تَنأى بِهِ الدارُ غائِبٌ / وَلا كُلُّ مَن تَدنو بِهِ الدارُ حاضِرُ
صَبا شَوقاً فَحَنَّ إِلى الدِيارِ
صَبا شَوقاً فَحَنَّ إِلى الدِيارِ / وَنازَعَهُ الهَوى ثَوبَ الوَقارِ
وَهاجَ لَهُ الغَرامَ غِناءُ وُرقٍ / هَواتِفُ في غُصونٍ مِن نُضارِ
صَدَحنَ غُدَيَّةً فَتَرَكنَ قَلبي / وَكانَ الطَود كَالشَيءِ الضِمارِ
رُوَيداً يا حمامُ بِمُستَهامٍ / مَشُوقٍ مَنَّهُ طولُ السفارِ
بَراهُ الشَوقُ بَري القِدحِ جِدّاً / فَغادَرَهُ بِقَلبٍ مُستَطارِ
فَوا عَجَباً لَكُنَّ تَنُحنَ خَوفَ ال / فراق وَما بَدَت خَيلُ المِعارِ
وَلَم تُصدَع لَكُنَّ عَصاً بِبَينٍ / وَلَم تَعبَث لَكُنَّ نَوىً بِعارِ
وَأَنتُنَّ النَواعِمُ بَينَ بانٍ / وَخَيريٍّ يَرِفُّ وَجُلَّنارِ
وَبَينَ بَنَفسَجٍ يَزدادُ حُسناً / كَلَونِ القَرصِ في وُجنِ الجَواري
تَرِدنَ نمِيرَ دِجلَةَ لا لِغَبٍّ / بِطاناً مِن بَواكيرِ الثِمارِ
لَدى أَوكارِكُنَّ بِحَيثُ تاجُ ال / خَليفَةِ لا بِأَجوازِ البَراري
فَكَيفَ بِكُنَّ لَو نِيطَت شُجوني / بِكُنَّ وَنارُ وَجدي واِدِّكاري
مُنيتُ مِنَ الزَمانِ بِعَنقَفيرٍ / قَليلٌ عِندَها حَزُّ الشِفارِ
فِرَاقُ أَحِبَّةٍ وَذَهابُ مالٍ / وَضَيمُ أَقارِبٍ وَأَذاةُ جارِ
فَلا وَاللَهِ ما وَجدٌ كَوَجدي / وَلا عُرِفَ اِصطِبارٌ كَاِصطِباري
وَلائِمَةٍ وَأَحزَنَها مَسيري / وَقَد شَرِقَت بِأَدمُعِها الغِزارِ
تَقولُ وَقَد رَأَت عِيسي وَرَحلي / وَصَدّي عَن هَواها وَاِزوِراري
عَلى مَ تَجشَّمُ الأَهوالَ فَرداً / بُغبِرِ البِيدِ أَو لُجَجِ البِحارِ
أَمالاً ما تُحاوِلُ أَم عُلُوّاً / هُديتَ أَمِ اِجتِواءً لِلدِيارِ
أَتَقنَعُ بِالعَلاةِ مِنَ العَلالي / بَديلاً وَالمُثارِ مِن الوِثارِ
فَقُلتُ لَها غِشاشاً وَالمَطايا / إِلى التَجليحِ حاضِرَةُ الحَضارِ
ذَريني لا أَبا لَكِ كَيفَ يَرضى / بِدارِ الهُونِ ذُو الحَسَبِ النُضارِ
فَظِلُّ السِدرِ عِندَ الذُلِّ أَولى / بِأَهلِ المَجدِ مِن ظِلِّ السِدارِ
فَكَم أُفني عَلى التَسويفِ عُمراً / أَتى في إِثرِ أَعمارٍ قِصارِ
وَحتّامَ الخُلودُ إِلى مَكانٍ / عَلى مَضَضٍ بِهِ أَبَداً أُداري
وَلَو أَنّي أُداري قِرمَ قَومٍ / كَريمَ المُنتَهى حامي الذِمارِ
عُذِرتُ وَقُلتُ لِلنَّفسِ اِطمَئِنّي / وَمِلتُ إِلى التَحَلُّمِ وَالوَقارِ
وَلَكِنّي أُداري كُلَّ قَرٍّ / يُجَلُّ إِذا يُعَدُّ مِنَ القَرارِ
كَليلِ الطَرفِ عَن سُبُلِ المَعالي / بَصيرٍ بِالمَآثِرِ وَالإثارِ
تَعَلَّقَ مِن عُرى قَومي بِسَبٍّ / ضَعيفٍ لَيسَ بِالسَبَبِ المُغارِ
فَأَصبَحَ كالحُبارى مُقذَحِرّاً / بِحِذرِيَةٍ لَهُ لا كَالحِذارِ
فَيا شَرَّ الدُهورِ جُزيتَ شَرَّ ال / جَزاءِ وَذُقتَ فُقدانَ الشّرارِ
لترأَمَ كُلَّ ذي شَرَفٍ قَديمٍ / وَتَذرُوا ما بِرَأسِكَ مِن ذِرارِ
فَقَد كَلَّفتَني خُطَطاً أَشابَت / قَذالى قَبلَ خَطٍّ في عِذاري
وَلَو أَجرضتُ مِنكَ بِغَيرِ ريقي / لَكانَ بِأَعذَبِ الماءِ اِعتِصاري
فَقُل لِلشّامِتينَ بِنا عِلاناً / هَنيئاً بِالمَهانَةِ وَالصَغارِ
مَكانَكُمُ فَسِخّوا فَالمَعالي / صِعابٌ لَيسَ تُدرَكُ بِالسِّرارِ
فَقَد نِلتُ المُنى غَضّاً بِجِدٍّ / وَعَزمٍ لا يَقِرُّ عَلى قَرارِ
قَسَماً بِأَعرافِ الجِيادِ الضُمّرِ
قَسَماً بِأَعرافِ الجِيادِ الضُمّرِ / وَبِما أَثَرنَ مِن العَجاجِ الأَكدَرِ
وَبِما حَمَلنَ إِلى الوَغى مِن ماجِدٍ / طَلقِ المُحَيّا ذي جَبينٍ أَزهَرِ
وَبِكُلِّ أَبيَضَ صارِمٍ وَمُفاضَةٍ / كَالنَّهرِ سابِغَةٍ وَعالٍ أَسمَرِ
لَو قيلَ مَن في الأَرضِ أَعلى هِمَّةٍ / وَأَعَزُّ نافِلَةٍ وَأَشرَفُ مَعشَرِ
ما قيلَ إِلّا ذاكَ فَضلٌ في العُلى / حامي حِمى الآباءِ سامي المَفخَرِ
الماجِدُ الأَحساب وَالمَلِكُ الَّذي / يَغشى الوَغى فَرداً بِوَجهٍ مُسفِرِ
الواهِبُ الجُردَ العِتاقَ يَقودُها / صُفرُ المَجاسِدِ مِن بَناتِ الأَصفَرِ
وَالمُكرِهُ السُّمرَ الدِقاقَ ومُنهِلُ ال / بيضِ الرِقاقِ مِنَ النَجيعِ الأَحمَرِ
وَمُقَنطِرُ البطَلِ الهزبرِ بِطَعنَةٍ / يَقضي قَضِيَّتَهُ وَلَمّا يَستُرِ
وَمُفَلِّقُ الهاماتِ في ضَنكِ الوَغى / بِمُذَلَّقِ الحَدَّينِ صافي الجَوهَرِ
كَم غادَرَت أَسيافُهُ مِن ماجِدٍ / جَزر السِباعِ مُجَدَّلٍ لَم يُقبَرِ
مُنيَ العِدى مِنهُ بِأَغلَبَ ثائِرٍ / يُنبيكَ مَنظَرُهُ بِصِدقِ المَخبَرِ
مُتَوَقِّدُ العَزماتِ أَكبَرُ هَمِّهِ / إِحياءُ مَأمورٍ وَمَوتُ مُؤَمَّرِ
وَالمَوتُ أَشهى عِندَهُ مِن أَن يُرى / في غَيرِ مَرتَبَةِ المَليكِ الأَكبَرِ
تلقاهُ أَثبَتَ ما يَكونُ جَنابُهُ / وَالخَيلُ تَعثُرُ بِالقَنا المُتَكَسِّرِ
وَأَحَبُّ يَومٍ عِندَهُ يَومٌ بِهِ / يُعطي الهُنَيدَةَ لِلفَقيرِ المُقتِرِ
جَرّارُ كُلِّ كَتيبَةٍ فُرسانُها / أَوفى وَأَمضى مِن كَتيبَةِ دَوسَرِ
تَحتَ السَنوَّرِ وَالتَريكِ تَخالُهُم / وَالخَيلُ تَحتَ النَقعِ جِنَّةُ عَبقَرِ
ما صَبَّحَت داراً سَنابِكُ خَيلها / إِلّا وَوارَت جَوَّها بِالعِثيرِ
لِسِنانِهِ مِن كُلِّ فارِسِ بَهمَةٍ / ما بَينَ وَجَنَةِ خَدِّهِ وَالمحجِرِ
وَلِسَيفِهِ مِنهُ إِذا ما اِستَلَّهُ / ما بَينَ قُلَّةِ رَأسِهِ وَالأَنهُرِ
ما حِلمُ قَيسٍ ما وَفاءُ سَمَوأَلٍ / ما جودُ أَوسٍ ما شَجاعَةُ جَحدَرِ
لَو أَنَّهُم وُزِنُوا بِهِ لَم يَعدِلُوا / مِن كَفِّهِ اليُسرى بَنانَ الخِنصَرِ
آبى وَأَمنَعُ جانِباً مِن هانِئٍ / أَيّامَ يَمنَعُ خَلفَهُ اِبنَ المُنذِرِ
وَأَشَدُّ بَأساً مِن كُلَيبٍ إِذ سَطا / بِالسَيفِ يَجتَثُّ الذُرى مِن حِميَرِ
وَأَعَزُّ جاراً مِن فَتى بَكرٍ وَقَد / نَزَلَت بِساحَتِهِ عَقيلَةُ مِنقَرِ
ذُو هِمَّةٍ صَعَدت وَأَصبَحَ دونَها / زُحَلٌ وَأَوجُ عُطارِدٍ وَالمُشتَري
ما زالَ يَجتابُ البِلادَ مُشَمِّراً / تَشميرَ لا وانٍ وَلا مُتَحَيِّرِ
حَتّى ظَنَنّا أَنَّهُ في عَزمِهِ / يَسعى لِيَخرُجَ عَن مَدى الإِسكَندَرِ
رَضِيَ الخَليفَةُ هَديَهُ وَاِختارَهُ / وَحَباهُ بِالحَظِّ الجَزيلِ الأَوفَرِ
لَبّاهُ جَهراً وَاِصطَفاهُ لَهُ فَتىً / مِن بَينِ أَبناءِ النَبيتِ وَقَيذَرِ
وَأَمَدَّهُ بِخَزائِنٍ لَو صَبَّحَت / ذاتَ العِمادِ لَآذَنَت بِتَدَعثُرِ
فيها المَناجيقُ العِظامُ يَحُفُّها / نِفظٌ تَأَجَّج نارُهُ بِتَسَعُّرِ
وَقسِيُّ أُسدٍ لا تَرُدُّ نِصالَها / زُبرُ الحَديدِ وَلا صَفيحُ المَرمَرِ
وَقَضى إِلَيهِ أَنَّ حُكمَكَ نافِذٌ / ماضٍ بِأَكنافِ العِراقِ وَتُسترِ
فَاِضمُم إِلَيكَ الجَيشَ وَاِنهَض وَاِفتَتِح / ما شِئتَ مِن بَلَدٍ وَجِدَّ وَشَمِّرِ
فَلَكَ الكَرامَةُ وَالحِباءُ وَكُلُّ ما / تَسمُو لَهُ مِن عَسجَدٍ أَو عَسكَرِ
تِيهي بِهِ يا آلَ فَضلٍ وَاِرتَقي / فَوقَ السَماءِ عُلىً وَباهي وَاِفخَري
فَبِهِ تَطولُ رَبيعَةٌ كُلَّ الوَرى / مِن مُتهِمٍ أَو مُنجِدٍ أَو مُغورِ
جُزتَ المَدى وَبَلَغتَ يا اِبنَ مُحَمَّدٍ / أَقصى المَنى وَرَقيتَ أَعلى مِنبَرِ
وَجَرَت أَوامِرُكَ الشَريفَةُ في قُرى / كِسرى وَسابورِ المُلوكِ وَقَيصَرِ
بِع واسِطاً بِالنَأيِ وَالهَجرِ
بِع واسِطاً بِالنَأيِ وَالهَجرِ / وَدَعِ المُرورَ بِها إِلى الحَشرِ
أَرضٌ يُدَبِّرُها اِبنُ صابِئَةٍ / شابَت مَفارِقُها عَلى الكُفرِ
قَلفاءُ مِن نَبطِ البَطائِحِ لَم / تَمرُر لَها المَوسى عَلى بَظرِ
تَلقى الأُيورَ بِعُنبلٍ خَشِنٍ / مُتَعَثكِلٍ يُوفي عَلى الشِبرِ
قَد سَدَّ واسِعَ قُبلِها عَظمٌ / فَجَميعُ ما وَلَدَت مِن الدُبرِ
يا اِبنَ الدُيَيثِيِّ اللَعينِ لَقَد / رُمتَ المُحالَ فَغُصتَ في بَحرِ
لَكَ لِحيَةٌ كَالتَيسِ ما بَرِحَت / مِن بَولِهِ في ناطِفٍ تَجري
وَبِها إِذا حاضَت حَليلَتُكَ الر / رَعناءُ تَعرِفُ أَوَّلَ الطُهرِ
وَلَسَوفَ يَحلِقُها أَخُو كَرَمٍ / زاكي الأَرُومَةِ طَيِّبُ النَجرِ
وَهِيَ الَّتي غَرَّتكَ فَاِبغِ لَها / بَيتاً يُحَصِّنُها مِن الظَهرِ
وَاِجمَع حَوالَيها لِيَمنَعَها / ما اِسطَعتَ مِن مُستَحكَمِ الجَعرِ
فَلَقَد أَتاها ما سَيَترُكُها / مَرداءَ خالِيَةً مِنَ الشَّعرِ
وَلَعَلَّ ذَلِكَ فيهِ مَصلَحَةٌ / لَكَ يا لَئيمُ وَنَحنُ لا نَدري
نُمسي كَما قَد كُنتَ مُحتَرَماً / عِندَ الزُناةِ مُعَظَّمَ القَدرِ
يُعطيكَ حُكمَكَ كُلُّ ذي شَبَقٍ / يَهوى العُلوقَ مُضَبَّرٍ عُفرِ
لُقِّبتَ جَهلاً بِالسَديدِ وَما / سُدِّدتَ في نَهيٍ وَلا أَمرِ
وَلَقَد تَسَمَّيتَ الأَديبَ وَفي / أَدَبِ الحِمارِ عَجائِبُ الدَهرِ
لَو كُنتَ يا نُوتِيُّ ذا أَدَبٍ / لَخَلَعتَ عَنكَ مَلابِساً تُعري
يا تَيسُ قَرنُكَ كُلُّهُ نَقَدٌ / في النَطحِ لا يَقوى عَلى الصَخرِ
مَهلاً فَقَد نَبَّهتَ لَيثَ شَرىً / أَظفارُهُ وَنُيوبُهُ تَفري
مِن مَعشَرٍ لَبِسُوا العُلى وَنَشَوا / بَينَ الصَوارِمِ وَالقَنا السُمرِ
تَختالُ تَحتَهُمُ الجِيادُ إِذا / رَكِبُوا فَيَسمُو الطّرفُ كَالصَقرِ
أَهلُ القِبابِ الحُمرِ إِن نَزَلُوا / قَفراً وَأَهلُ الجامِلِ الدّثرِ
وَالراسياتُ مِنَ النَخيلِ لَهُم / وَمُكَرَّماتُ البَرِّ وَالبَحرِ
لا يَرهَبُ الأَيّامَ جارُهُمُ / وَنَزيلُهُم مِن مالِهم يُقري
أَنكَرتَني وَلَسَوفَ تَعرِفُني / فَتُقِرُّ أَنّي واحِدُ العَصرِ
فَاِذهَب فراراً كَيفَ شِئتَ فَما / تَنجو بِأَجنِحَةِ القَطا الكُدرِ
قَد يُمهِلُ اللَهُ الظَلومَ إِلى / حينٍ وَيَجزي المَكرَ بِالمَكرِ
أَسرَفتَ في ظُلمِ العِبادِ أَما / لِلبَعثِ في ناديكَ مِن ذِكرِ
وَأَعَنتَ قُطّاعَ الطَريقِ عَلى / فَقرِ التِجارِ وَخَيبَةِ السَفرِ
نِصفُ البِضاعَةِ حينَ تَظفرُها / مَكسٌ لَقَد بالغتَ في النُكرِ
خُنتَ الخَليفَةَ في رَعِيَّتِهِ / وَعَصَيتَهُ في السِرِّ وَالجَهرِ
وَتَناقَلَت أَيدي الرِكابِ بِما / أَحدَثتَ في أَيّامِهِ الذِكرِ
فَليَرمِيَنَّكَ بَعضَ أَسهُمِهِ / فَتُبَلُّ مِنكَ بِثَغرَةِ النَحرِ
اِردُد عَلَيَّ بِلا مُراجَعَةٍ / ما خانَني في نَظمِهِ فِكري
تُدعى السَديدَ وَما السَدادُ بِأَن / تُستَنكَحَ الحَسنا بِلا مَهرِ
لَكَ مُؤنَةُ العُمُدِ الخِباثِ وَقَد / وُزِنَت فَهَل لَكَ مُؤنَةُ الشِعرِ
وكَّلت عُثماناً فَوافَقني / فيها وَتابَعَهُ أَبو بَكرِ
حَتّى خَرَجتُ عَلى حِسابِهما / مِمّا جَلَبتُ بِراحَةٍ صَفرِ
قَد قُلتُ حينَ رَأَيتُ فِعلَهُما / وَيهاً فَهَذا بَيضَة العُقرِ
لا أَخلَفَ الرَحمَنُ مالَ فَتىً / يَأتيكُمُ فَيَبيعُ أَو يَشري
هَذا جَزاءُ النَظمِ فيكَ وَقَد / يُجزى الضِراطَ مُقَبِّلُ الحِجرِ
قابَلتَها إِذ أُنشِدَت بِرِضاً / وَعَقَقتَها فَوَقَعتَ عَن خبرِ
وَالعُذرُ لي فيما هَذَيتُ بِهِ / إِن كانَتِ الحُمّى مِن العُذرِ
أَلا فَمِثلُكَ لا أَجُودُ لَهُ / بِالمَدحِ في نَظمٍ وَلا نَثرِ
هِيَ سَبعَةٌ تَأتيكَ سَبعَ مائىٍ / تُنسِيكَها وَالحَصدُ لِلبَذرِ
عَن كُلِّ بَيتٍ صادِرٍ مائَةٌ / وَجَزاءُ مِثلي لَيسَ بِالنَزرِ
فَاِصبِر لَها يا نَذلُ لا كَرَماً / فَالكَلبُ يُجزى القَتلَ بِالعَقرِ
لا عِزَّ إِلّا بِحَدِّ الصارِمِ الذَكَرِ
لا عِزَّ إِلّا بِحَدِّ الصارِمِ الذَكَرِ / وَضَربِكَ الصّيدَ بَينَ الهامِ وَالقَصَرِ
وَقَودِكَ الخَيلَ تَمضي في أَعِنَّتِها / يُعاجِلُ العَزم أُولاها عَن الخَبَرِ
وَبِالطّوالِ الرُدَينِيّاتِ تُدرك ما / فَوقَ المُنى لا بِطولِ الذَيلِ وَالشَعَرِ
يا طالِبَ المَجدِ لا ينفَكُّ مُجتَهِداً / هَوِّن عَلَيكَ فَكَم وِردٍ وَلا صَدَرِ
فَكَم شَأى شاءٍ العَليا فَأَحرَزَها / أَبو سِنانٍ جَميلُ الذِكرَ وَالسّيرِ
السالِبُ الملِكَ الجَبّارَ مُهجَتَهُ / وَالطاعِنُ الخَيلَ في اللَبّاتِ وَالثَغَرِ
وَالمُمطِرُ الجودَ مِن أَثناءِ راحَتِهِ / فَيضاً إِذا ضَنَّتِ الأَنواءُ بِالمَطَرِ
وَالعابِدُ الزاهِدُ الصَوّامُ إِن حَمِيَت / هَواجِرُ الصَيفِ وَالقَوّامُ بِالسَحَرِ
وَالمُظهِرُ الحَقَّ لا يَبغي بِهِ عِوَضاً / إِذ كانَ طالِبُهُ يَغدو علَى خَطَرِ
وَالطاهِرُ العِرض مِن عَيبٍ وَمِن دَنَسٍ / وَالسالِمُ العُودَ مِن وَصمٍ وَمِن خَوَرِ
ذِكرُ المَظالِمِ وَالآثامِ إِن ذُكِرَت / لَدَيهِ وَالبُخلُ ذَنبٌ غَيرُ مُغتَفَرِ
يا طالِبَ الرَزقِ في حِلٍّ وَمُرتَحَلٍ / يَمِّمهُ تَرضَ عَنِ الأَيّامِ وَالقَدَرِ
بَعيدُهُ لِذَوي الآمالِ مُتَّدَعٌ / كَجَنَّةِ الخُلدِ لا تَخلو مِنَ الثَمَرِ
فَكُلُّ حَيٍّ مِنَ الأَحياءِ يَعرِفُهُ / يدعوهُ بِالمَلِكِ الوَهّابِ لِلبِدَرِ
وَيا مَضيماً أَمضَّ الضَيمُ مُهجَتَهُ / اِنزِل بِساحَتِهِ تَنزِل عَلى الظَفَرِ
وَاِصفَع بِنَعلِكَ رَأسَ الدَهرِ واِسطُ عَلى / أَحداثِهِ سَطوَ ضِرغامٍ عَلى حُمُرِ
وَلا تَخَف عِندَها مِن بَأسِ صَولَتِهِ / فَلَيسَ يَملِكُ مِن نَفعٍ وَلا ضَرَرِ
فَكَم أَجارَ عَلى الأَيّامِ ذا مَضَضٍ / يَبيتُ يَلصِقُ مِنهُ الصَدرَ بِالعَفَرِ
وَكَم أَغاثَ اِمرءاً أَضحى وَمُنيتُهُ / مَوتٌ يُؤَدّي إِلى الفِردَوسِ أَو سَقَرِ
وَكَم مَشى الخَيزَلى في ظِلِّ دَولَتِهِ / مَن كانَ يَنسابُ كَالعِلّوصِ في الخُمُرِ
يا اِبنَ الأُلى شَيَّدُوا بُنيانَ مَجدِهِمُ / بِالجُودِ وَالبَأسِ لا الآجُرِّ وَالمَدَرِ
نَماكَ لِلمجدِ آباءٌ أَقَرَّ لَهُم / بِالفَضلِ مَن كانَ ذا سَمعٍ وَذا بَصَرِ
قَومٌ إِذا كانَتِ الأَنباءُ أَو كُتِبَت / صَحائِفُ المَجدِ كانُوا أَوَّلَ السَطَرِ
وَإِن هُمُ كَتَبوا مَجداً بِسُمرِهِمُ / فَخَطُّهُم بِمدَادٍ مِن دَمٍ هَدَرِ
وَالشارِبونَ جِمامَ الماءِ صَافِيَةً / وَيَشرَبُ الناسُ مِن طينٍ وَمِن كَدَرِ
وَالمُوقِدونَ إِذا هَبَّت شَآمِيَةٌ / نارَ الوَغى تَحتَ هامي القَطرِ بِالقِطرِ
أُعيذُ مَجدَكَ مِن عَينِ الجمالِ فَقَد / أَراهُ في التِمِّ يَحكي هالَةَ القَمَرِ
جَمَعتَ شَملَ المَعالي بَعدَ تَفرِقَةٍ / وَصُنتَ وَجهَ العُلا مِن ذَلِكَ القَتَرِ
أَطفَأتَ ناراً يُغَشّي الأَرضَ لاهِبُها / لَولاكَ لَم تُبقِ مِن شَيءٍ وَلَم تَذَرِ
فَأَصبَحَت كُلُّ أَرضٍ خافَ ساكِنُها / تَقولُ دَعني وَسِر قَصداً إِلى هَجَرِ
وَاِجعَلَ بِها دارَ سَكنٍ تَستَقِرُّ بِها / عَمّا يُريبُكَ مِن خَوفٍ وَمِن ذُعرِ
مَتى تَحُلَّ بِها تَحلُل لَدى مَلِكٍ / بِالزُهدِ مُشتَمِلٍ بِالعَدلِ مُتَّزِرِ
تَنامُ أَمناً رعاياهُ وَمُقلَتُهُ / وَقَلبُهُ أَبَداً في غايَةِ السَهَرِ
يَرى البَلِيَّةَ أَن تَغدو رَعِيَّتُهُ / وَأَن تَروحَ بِناديهِ عَلى حَذَرِ
لا يَرهَبُ الريمَ مَن أَمسى بِعقوَتِهِ / وَلا يَمُنُّ عَلَيهِ سابِحُ البَقَرِ
وَلا يُرَوَّعُ ذَو وَفرٍ يُجاوِرُهُ / بِنَكبَةٍ مِن مُقيمٍ أَو أَخي سَفَرِ
لَكِن يَروعُ العِدا مِنهُ بِذي لَجَبٍ / كَاللَيلِ تَلمَعُ فيهِ البيضُ بِالغَدَرِ
الطَعنُ مِنهُ كَأَفواهِ المَزادِ إِذا / غُصَّت وَطَعنُ العِدى كَالوَخزِ بِالإِبَرِ
يا أَيُّها الملكُ النَدبُ الَّذي عُرِفَت / لَهُ المَناقِبُ في بَدوٍ وَفي حَضَرِ
يا زينَةَ المُلكِ يا تاجَ المُلوكِ وَيا / فَخرَ المَمالِكِ بَل يا غُرَّةَ الغُرَرِ
أَنتَ الصَؤولُ بَلا خَيلٍ وَلا دَهَشٍ / أَنتَ القَؤُولُ بِلا عِيٍّ وَلا حَصَرِ
أَنتَ الوَلِيُّ بِلا خَوفٍ وَلا رَهَبٍ / أَنتَ السَخِيُّ بِلا مَنٍّ وَلا كَدَرِ
بِاللَهِ أُقسِمُ لا مُستَثنِياً أَبَداً / لَولاكَ لَم يبقَ لِلعَلياءِ مِن وَزَرِ
وَلا خَلَت باحَةُ البَحرَينِ مِنكَ وَلا / زالَت عِداتُكَ طُولَ الدَهرِ في قِصَرِ
وَعِشتَ في عِزَّةٍ قَعساءَ نائِيَةٍ / مِنَ الحَوادِثِ وَالآفاتِ وَالغيرِ
ماذا بِنا في طِلابِ العِزِّ نَنتَظِرُ
ماذا بِنا في طِلابِ العِزِّ نَنتَظِرُ / بِأَيِّ عُذرٍ إِلى العَلياءِ نَعتَذِرُ
لا الزَندُ كابٍ وَلا الآباءُ مُقرِفَةٌ / وَلا بِباعِكَ عَن باعِ العُلى قِصَرُ
لا عَزَّ قَومُكَ كَم هَذا الخُمولُ وَكَم / تَرعى المُنى حَيثُ لا ماءٌ وَلا شَجَرُ
فَاِطلُب لِنَفسِكَ عَن دارِ القِلى بَدَلاً / إِن جَنَّة الخُلدِ فاتَت لَم تَفُت سَقَرُ
أَما عَلِمتَ بِأَنَّ العَجزَ مَجلَبَةٌ / لِلذُّلِّ وَالقُلِّ ما لَم يَغلِب القَدَرُ
وَلَيسَ تَدفَعُ عَن حَيٍّ مَنِيَّتهُ / إِذا أَتَت عُوَذُ الراقي وَلا النُشرُ
وَلا يجتلي الهُمومَ الطارِقاتِ سِوى / نَصُّ النَجائِب وَالرَوحاتُ وَالبُكَرُ
وَالذِكرُ يُحييهِ إِمّا وابِلٌ غَدِقٌ / مِنَ النَوالِ وَإِمّا صارِمٌ ذَكَرُ
واحَسرَتا لِتَقَضّي العُمرِ في نَفَرٍ / هُمُ الشَياطينُ لَولا النُطقُ وَالصُوَرُ
لا يَرفَعونَ إِذا عَزّوا بِمَكرُمَةٍ / رَأساً وَلا يحسِنونَ العَفوَ إِن قَدِرُوا
يَوَدُّ جارُهُمُ الأَدنى بِأَنَّهُمُ / أَضحَوا وَما مِنهُمُ عَينٌ وَلا أَثَرُ
بُليتُ مِنهُم بِأَجلافٍ سَواسِيَةٍ / قَد صَعَّدُوا بِزمامِ اللُؤمِ وَاِنحَدَرُوا
خُزرِ العُيونِ إِذا أَبصارُهُم نَظَرَت / شَخصي فَلا زالَ عَنها ذَلِكَ الخَزَرُ
وَغَيرُ مُعنِتِهِم لَوماً فَأَظلِمُهُم / الشَمسُ يَزوَرُّ عَن إِدراكِها البَصَرُ
لَهُم سِهامٌ بِظَهرِ الغَيبِ نافِذَةٌ / لَم تُكسَ ريشاً وَلَم يَنبِض لَها وَتَرُ
كَم غادَرَت مِن فَتىً حُلوٍ شَمائِلُهُ / يُمسي وَحَشوُ حَشاهُ الخَوفُ وَالحَذَرُ
إِن يَظفَرُوا بي فَلا تَشمَخ أُنُوفُهُمُ / فَإِنَّما لِعِداهُم ذَلِكَ الظَفَرُ
أَلا فَسَل أَيُّهُم يُغني غِنايَ إِذا / نارُ العَدُوِّ تَعالى فَوقَها الشَرَرُ
وَمَن يَقومُ مَقامي يَومَ مُعضِلَةٍ / لا سَمع يُبقى لِرائيها وَلا بَصَرُ
وَمَن يَسُدَّ مَكاني يَومَ مَلحَمَةٍ / إِذا الغَزالَةُ وارى نُورَها القَتَرُ
أُمضي عَلى السَيفِ عَزماً حينَ تُبصِرُهُ / مِثلَ الجِداءِ إِذا ما بَلَّها المَطَرُ
إِذا نَطَقتُ فَلا لَغوٌ وَلا هَذَرٌ / وَإِن سَكَتُّ فَلا عِيٌّ وَلا حَصَرُ
تَجري الجِيادُ وَإِن رَثَّت أَجِلَّتُها / فَلا يُغرّكَ جُلٌّ تَحتَهُ دَبَرُ
إِنّي لَأَعجَبُ مِن قَومٍ رَأَوا عَسَلاً / ظُلمي وَأَسوَغُ مِنهُ الصابُ وَالصَبرُ
أَيَأمنونَ اِنتِقامي لا أَباً لَهُمُ / بِحَيثُ لَيسَ لَهُم مِن سَطوَتي وَزَرُ
إِنّي اِمرُؤٌ إِن كَشَرتُ النابَ عَن غَضَبٍ / لا الخَطُّ يَمنَعُ مِن بَأسي وَلا هَجَرُ
فَلا يَغُرَّنَّهُم حِلمٌ عُرِفتُ بِهِ / قَد تَخرُجُ النارُ فيما يُقرَعُ الحَجَرُ
إِن تَعمَ عَن رُشدِها قَومي فَلا عَجَبٌ / مِن قَبلِها عَمِيت عَن رُشدِها مُضَرُ
مالُوا عَن المُصطَفى وَالوَحيُ بَينَهُمُ / وَفيهمُ تَنزِلُ الآياتُ وَالسُوَرُ
وَقابَلوهُ بِكُفرانٍ لِنِعمَتِهِ / وَكانَ خَيراً مِنَ الكُفرَانِ لَو شَكَرُوا
فَإِن تَغاضيتُ عَن قَومي فَعَن كَرَمٍ / مِنّي وَما ذَنبُ كُلِّ الناسِ يُغتَفَرُ
وَإِنَّ قَومي لِتُؤذيني أَذاتُهُمُ / أَلامَ في ذَلِكَ اللُوّامُ أَم عَذَروا
لا عَيبَ فيهِم سِوى أَنّي شَقيتُ بِهم / وَالذَنبُ لِلحَظِّ وَالخُسران ما خَسِرُوا
وَلَو أَشاءُ لَما ضاقَت مَذاهِبُها / عَنّي وَلا كانَ لِي الإِيرادُ وَالصَدَرُ
وَكُلُّ ذي خَطَرٍ في الناسِ مُحتَقَرٌ / عِندي إِذا لَم يَكُن لِي عِندَهُ خَطَرُ
فَليخشَ بَأسِيَ مَن طالَت حَماقَتُهُ / وَرُبَّ عاجِلِ شَرٍّ قادَهُ أَشَرُ
حَسبي مِن المُكذِبي الآمالَ لَو بَلَغَت / مِنّي اللّيالي وَفي التَجريبِ مُزدَجَرُ
قَومٌ كَأَنَّهُمُ الدّفلى يَبينُ لَها / نورٌ يَرُوقُكَ مَرآهُ وَلا ثَمَرُ
يا شِبهَ بَردِيَّةٍ في الماءِ منبِتُها / وَلا نَداوَةَ فيها حينَ تُعتَصَرُ
لا تُلزِمونيَ ذَنباً في رِحابِكُمُ / فَلَستُ أَوَّلَ سارٍ غَرَّهُ قَمَرُ
ما كُنتُ أَحسبكُم كَالجوزِ لَيسَ يُرى / فيهِ السَماحَةُ إِلّا حينَ يَنكَسِرُ
لَقَد نَأَيتُ فَلَم آسَف لِفَقدِكُمُ / وَلا تَداخَلَني مِن نَأيِكُم ضَجَرُ
وَاللَهِ ما طالَ لَيلي وَحشَةً لَكُمُ / وَلا عَرانِيَ مِن وَجدٍ بِكُم سَهَرُ
وَإِنَّني لَقَريرُ العَينِ مُذ شَحَطَت / بِيَ النَوى عَنكُمُ وَاِخرَوَّطَ السَفَرُ
كَم أَشرَبُ الغَيظَ صِرفاً مِن أَكُفِّكُمُ / وَلا يُرَجّى لِشَرٍّ مِنكُمُ غِيَرُ
لا حِلمَ يَردَعُكُم عَمّا أُساءُ بِهِ / وَلا أُطيعُ بِكُم جَهلي فَأَنتَصِرُ
فَجَنِّبوني أَذاكُم قَبلَ آبِدَةٍ / تَأتي غِشاشاً فَلا تُبقي وَلا تَذَرُ
وَاِستَعصِمُوا بِرِضائي وَاِحذَرُوا سَخَطي / فَجَرحُ مِثلي في أَمثالِكُم هَدَرُ
أَنا الَّذي يَرهَبُ الجَبّارُ سَطوَتَهُ / وَبي يُقَوَّمُ مَن في خَدِّهِ صَعَرُ
أُنمى إِلى الذّروَةِ العُليا وَتُنجِبُني / أَماجِدٌ لَيسَ في عِيدانِها خَوَرُ
سُمحٌ بَهاليلُ عَيّافُو الخَنا صُبُرٌ / يَومَ الكَريهَةِ طَلّابُونَ إِن وُتِرُوا
غُرٌّ مَغاويرُ أَنجادٌ خَضارِمَةٌ / بِمثلِهِم تحسُنُ الأَخبارُ وَالسِيَرُ
لا يُسلِمونَ لِرَيبِ الدَهرِ جارَهُمُ / يَوماً ولا رِفدُ راجي رِفدِهِم غُمَرُ
كَم نِعمَةٍ لَهُم لا يُستَقَلُّ بِها / لا مَنُّ يَتبَعُها مِنهُم وَلا كَدَرُ
لا يَجبُرُ الدَهرُ هَيضاً في كَسيرِهِمُ / وَلا تَهيضُ يَدُ الأَيّامِ ما جَبَرُوا
جِبالُ عِزٍّ مَنيفاتٌ بِحارُ نَدىً / قَلَهذَماتٌ لُيُوثٌ سادَةٌ غُرَرُ
لا يُنكِرُ الناسُ نعماهُم وَأَنَّهُمُ / أَهلُ العَلاءِ وَأَهلُ الفَخرِ إِن فَخَرُوا
أَتعَبتَ سَمعي بِطولِ اللَومِ فَاِقتَصِرِ
أَتعَبتَ سَمعي بِطولِ اللَومِ فَاِقتَصِرِ / ماذا أَهَمَّكَ مِن نَومي وَمِن سَهَرِي
عَدِمتَ رُشدَكَ كَم نَومٍ عَلى ضَمَدٍ / قُل لي أَمِن حَجَرٍ صُوِّرتَ أَم بَشَرِ
يا جاثِماً لِسِهامِ الذُلِّ تَرشُقُهُ / ما أَنتَ إِلّا قَتيلُ العَجزِ وَالخَورِ
ثِب قائِماً وَاِركَبِ الأَخطارَ مُقتَحِماً / فَإِنَّما يَركَبُ الأَخطارَ ذُو الخَطَرِ
وَلا تَكُن مِثلَ ما قَد قالَ بَعضُهُمُ / غَيمٌ حَمى الشَمسَ لَم يُمطِر وَلَم يسِرِ
أَفي القَضِيَّةِ أَن أَبقى كَذا تَبَعاً / وَالقَومُ قَومي وَأَربابُ العُلى نَفَري
كَم ذا اِنتِظاريَ وَالأَنفاسُ في صَعَدٍ / وَالظُلمُ في مَدَدٍ وَالعُمرُ في قِصَرِ
عَلى حُسامي وَعَزمي لا عَدِمتُهُما / وِردي وَلَكِن عَلى رَبِّ العُلى صَدَري
وَكَيفَ أَرهَبُ مَوتاً أَو أَخافُ رَدىً / وَحامِلُ المَيتِ مَحمولٌ عَلى الأَثَرِ
وَلَستُ مِمَّن إِذا نابَتهُ نائِبَةٌ / أَحالَ عَجزاً وَإِشفاقاً عَلى القَدَرِ
يا ضَيعَةُ العُمرِ في قَومٍ تَخالُهُمُ / ناساً وَلا غَيرَ أَثوابٍ عَلى صُوَرِ
لَو أَنَّ ذا الحِلمِ قَيساً حَلَّ بَينَهُمُ / لَوَدَّ مِنهُم ذَهابَ السَمعِ وَالبَصَرِ
وَلَو يُعَمِّرُ نُوحٌ فيهمُ سَنَةً / لَقالَ يا رَبِّ هَذا غايَةُ العُمُرِ
فَآهِ مِنّي بِحَجّاجٍ يزُولُ بِهِ / ما كانَ مِن عُجَرٍ عِندي وَمِن بُجَرِ
أَدنِ النَجيبَةِ لِلتِرحالِ واِرخِ لَها / زِمامَها وَاِخلط الرَوحاتِ بِالبُكَرِ
وَخَطِّها الخَطَّ إِرقالاً وَأَولِ قِلىً / أَوالَ لا نادِماً وَاِهجُر قُرى هَجَرِ
أَماكِناً لَعِبَت أَهلُ الفَسادِ بِها / فَدَمَّرُوها بِلا فِكرٍ وَلا نَظَرِ
لَم يَبقَ في خَيرِها فَضلٌ وَلا سَعَةٌ / عَنِ العَدُوِّ لذي نَفعٍ وَلا ضَرَرِ
أَما وَلَولا اِبن عَبدِ اللَهِ لا كَذِبا / لاِستُهلِكَت بَينَ نابِ الشَرِّ وَالظَفُرِ
لَولا الهُمامُ اِبنُ عَبدِ اللَهِ لاِنقَلَبَت / حَصّاءَ نابٍ بِلا هُلبٍ وَلا وَبَرِ
لَكِنَّهُ لَم يَزَل يَجلو بِهِمَّتِهِ / عَنها غَياهِبَ مِن ذُلٍّ وَمِن قَتَرِ
كَم نارِ شَرٍّ عَلَت فيها فَأَخمَدَها / مِن بِعدِ أَن عَمَّتِ الآفاقَ بِالشَرَرِ
وَكَم أَخي ثَروَةٍ أَودى بِثَروَتِهِ / تَحامُلٌ مِن صُروفِ الدَهرِ وَالغِيَرِ
أَهدى إِلَيهِ الغِنى مِن غَيرِ مَسأَلَةٍ / كَذا يَكونُ فِعالُ السادَةِ الغُرَرِ
وَكَم مِن مَضيمٍ تَمَنّى مِن مَضامَتِهِ / مَوتاً يُؤَدّي إِلى الفِردَوسِ أَو سَقَرِ
أَغاثَهُ وَأَزالَ الضَيمَ عَنهُ فَما / يَخشى سِوى اللَه في بَدوٍ وَلا حَضَرِ
فَحَبَّبَ العَيشَ وَالدُنيا إِلَيهِ وَقَد / تَحلو الحَياةُ لِفَقدِ الخَوفِ وَالضَرَرِ
وَكَم غَشومٍ شَديدِ البَطشِ ذي جَنَفٍ / بِالكِبرِ مُشتَمِلٍ بِالتِّيهِ مُؤتَزِرِ
لا يَذكُرُ اللَهَ إِلّا عِندَ رابِيَةٍ / يَرقى وَعِندَ اِرتِجاسِ الرَعدِ وَالمَطَرِ
يَلقى الرِياحَ إِذا هَبَّت بِساحَتِهِ / مُجَرَّدَ السَيفِ مِن جَهلٍ وَمِن أَشَرِ
يَتلوهُ كُلُّ غَوِيٍّ حينَ تَندُبُهُ / أَجرى مِنَ السَيلِ بَل أَشرى مِنَ النَفَرِ
لا يَعرِفُ المَنعَ في شَيءٍ يُحاوِلُهُ / وَلا يُراجِعُ في عُرفٍ وَلا نُكرِ
قَد عَوَّدَتهُ ذوُو الأَمرِ النُزولَ عَلى / ما شاءَ عادَةَ مَقهورٍ لِمُقتَهِرِ
أَرادَ مِنهُ الَّذي قَد كانَ يَعهَدُهُ / مِنهُم فَصادَفَ أَلوى طامِحَ البَصَرِ
مُماحِكاً لِلعِدى عَقّادَ أَلوِيَةٍ / أَقضي وأَمضي مِنَ الصَمصامَةِ الذَكَرِ
فَعافَ مَن كانَ منَّتهُ مَطامِعُهُ / وَاِنقادَ بَعدَ طُموحِ الرَأسِ وَالصَعَرِ
لَو غَيرُهُ وُلِّيَ البَحرَينِ لاِنتُهِكَت / وَخبِّرَ القَومُ عَنها أَسوَأَ الخَبَرِ
فَقَد تَوَلَّت رِجالٌ أَمرَها وَسَعَت / فيها فَلَم تُبقِ مِن شَيءٍ وَلَم تَذَرِ
وَأَيُّ سائِسِ مُلكٍ وَاِبنُ سائِسَةٍ / وَأَيُّ عُدَّةِ أَملاكٍ وَمُدَّخَرِ
أَغَرُّ ينمِيهِ مِن شَيبانَ كُلُّ فَتىً / حامي الذِمارِ جَوادٍ ماجِدٍ زَمِرِ
سَمحٍ يَعُدُّ وَفُورَ المالِ مَنقَصَةً / عِندَ الكِرامِ إِذا ما العِرضُ لَم يَفِرِ
لَو لَم يَكُن لِبَني شَيبانَ مَنقَبَةٌ / إِلّا أَبوهُ لَطالَت كُلَّ مُفتَخِرِ
وَلَم يَمُت مَن صَفِيُّ الدِينِ وارِثهُ / إِنَّ الغُصونَ لَقَد تُنمى عَلى الشَجَرِ
جُودُ الأَكارِمِ إِخبارٌ وَجُودُهُما / شَيءٌ تَراهُ وَلَيسَ الخُبرُ كَالخَبَرِ
يَفديكَ يا ذا العلى وَالمَجدِ كُلُّ عَمٍ / عَنِ المَكارِمِ بادي العِيِّ والحَصَرِ
إِذا يُلِمُّ بِهِ خَطبٌ ذكَرتَ بِهِ / تِلكَ النَعامَةَ لَم تَحمِل وَلَم تَطِرِ
فإِنَّهُ وَالَّذي تَعنُو الوُجُوهُ لَهُ / لَولاكَ لَم يَبقَ لِلعَلياءِ مِن وَزَرِ
قالوا نُهَنِّيكَ بِالعيدِ الكَبيرِ فَقَد / وافى وَتَركُ الهَنا مِن أَعظَم الكبَرِ
وَهَل تهَنّا بِعيدٍ أَنتَ بَهجَتُهُ / لَولاكَ لَم يَحلُ في سَمعٍ وَلا بَصَرِ
بَقيتَ ظِلّاً عَلى كُلِّ الأَنامِ وَلا / زِلتَ المَؤَيَّدَ بِالإِقبالِ وَالظَفَرِ
وَلا خَلَت مِنكَ دُنيا أَنتَ زَهرَتُها / حَتّى يُقارَن بَينَ الشَمسِ وَالقَمَرِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025