القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : عَنْتَرة بن شَدّاد الكل
المجموع : 19
حَولي تَنفُضُ اِستُكَ مِذرَوَيها
حَولي تَنفُضُ اِستُكَ مِذرَوَيها / لِتَقتُلَني فَها أَنا ذا عُمارا
مَتى ما تَلقَني فَردَينِ تَرجُف / رَوانِفُ أَليَتَيكَ وَتُستَطارا
وَسَيفي صارِمٌ قَبَضَت عَلَيهِ / أَشاجِعُ لا تَرى فيها اِنتِشارا
وَسَيفي كَالعَقيقَةِ وَهوَ كِمعي / سِلاحي لا أَفَلَّ وَلا فُطارا
وَكَالوَرَقِ الخِفافِ وَذاتُ غَربٍ / تَرى فيها عَنِ الشِرَعِ اِزوِرارا
وَمُطَّرِدُ الكُعوبِ أَحَصُّ صَدقٌ / تَخالُ سِنانَهُ بِاللَيلِ نارا
سَتَعلَمُ أَيِّنا لِلمَوتِ أَدنى / إِذا دانَيتَ لي الأَسَلَ الحِرارا
وَلِلرُعيانِ في لُقُحٍ ثَمانٍ / تُحادِثُهُنَّ صَرّاً أَو غِرارا
أَقامَ عَلى حَسيسَتِهِنَّ حَتّى / لَقِحنَ وَنَتَّجَ الأُخَرَ العِشارا
وَقِظنَ عَلى لَصافِ وَهُنَّ غُلبٌ / تَرِنُّ مُتونُها لَيلاً ظُؤارا
وَمَنجوبٌ لَهُ مِنهُنَّ صَرعٌ / يَميلُ إِذا عَدَلتَ بِهِ الشَوارا
أَقَلُّ عَلَيكَ ضَرّاً مِن قَريحٍ / إِذا أَصحابُهُ ذَمَروهُ سارا
وَخَيلٍ قَد دَلَفتُ لَها بِخَيلٍ / عَلَيها الأُسدُ تَهتَصِرُ اِهتِصارا
فَمَن يَكُ سائِلاً عَنّي فَإِنّي
فَمَن يَكُ سائِلاً عَنّي فَإِنّي / وَجِروَةَ لا تَرودُ وَلا تُعارُ
مُقَرَّبَةَ الشِتاءِ وَلا تَراها / وَراءَ الحَيِّ يَتبَعُها المِهارُ
لَها بِالصَيفِ أَصبِرَةٌ وَجِلٌّ / وَنيبٌ مِن كَرائِمِها غِزارُ
أَلا أَبلِغ بَني العُشَراءِ عَنّي / عَلانِيَةً فَقَد ذَهَبَ السِرارُ
قَتَلتُ سَراتَكُم وَخَسَلتُ مِنكُم / خَسيلاً مِثلَ ما خُسِلَ الوِبارُ
وَلَم نَقتُلكُمُ سِرّاً وَلَكِن / عَلانِيَةً وَقَد سَطَعَ الغُبارُ
فَلَم يَكُ حَقُّكُم أَن تَشتُمونا / بَني العُشَراءِ إِذ جَدَّ الفَخارُ
أَبَني زَبيبَةَ ما لِمُهرِكُمُ
أَبَني زَبيبَةَ ما لِمُهرِكُمُ / مُتَخَدِّداً وَبُطونُكُم عُجرُ
أَلَكُم بِآلاءِ الوَشيجِ إِذا / مَرَّ الشِياهُ بِوَقعِهِ خُبرُ
إِذ لا تَزالُ لَكُم مُغَرغَرَةٌ / تَغلي وَأَعلى لَونِها صَهرُ
لَمّا غَدَوا وَغَدَت سَطيحَتُهُم / مَلأى وَبَطنُ جَوادِهِم صِفرُ
لا أَملِكُ السَيفَ إِلّا قَد ضَرَبتُ بِهِ
لا أَملِكُ السَيفَ إِلّا قَد ضَرَبتُ بِهِ / وَلا تَموتُ جِيادي وَهيَ أَغمارُ
وَلا أُعَوِّدُ مُهري أَن أُوَقِّفَهُ / وَسطَ الكُماةِ وَلا يَشقى بِنا الجارُ
ضَرَبتُ عَمرواً عَلى الخَيشومِ مُقتَدِراً / بِصارِمٍ مِثلِ لَونِ المِلحِ بَتّارُ
اِصبِر حُصَينُ لَئِن تَرَكتَ بِوَجهِهِ
اِصبِر حُصَينُ لَئِن تَرَكتَ بِوَجهِهِ / أَثَراً فَإِنّي لا إِخالُكَ تَصبِرُ
ما سَرَّني أَنَّ القِنانَ تَخَرَّفَت / عَمّا أَصابَت مِن حِجاجِ المَحجَرِ
إِنَّ الكَريمَ نُدوبُهُ في وَجهِهِ / وَنُدوبُ مُرَّةَ لا تُرى في المَنحَرِ
لَكِنَّ في أَكتافِهِم وَظُهورِهِم / فَبِذاكَ فَاِفخَر بِئسَ ذاكَ المَفخَرُ
قُلتُ مَنِ القَومُ فَقالوا سَفَرَه
قُلتُ مَنِ القَومُ فَقالوا سَفَرَه / وَالقَومُ كَعبٌ يَبتَغونَ المُنكَرَه
قُلتُ لِكَعبٍ وَالقَنا مُشتَجِرَه / تَعَلَّمي يا كَعبُ وَاِمشي مُبصِرَه
ثُمَّ اِذهَبي مِنّي وَكوني حَذِرَه /
أَطوي فَيافي الفَلا وَاللَيلُ مُعتَكِرُ
أَطوي فَيافي الفَلا وَاللَيلُ مُعتَكِرُ / وَأَقطَعُ البَيدَ وَالرَمضاءُ تَستَعِرُ
وَلا أَرى مُؤنِساً غَيرَ الحُسامِ وَإِن / قَلَّ الأَعادي غَداةَ الرَوعِ أَو كَثِروا
فَحاذِري يا سِباعَ البَرِّ مِن رَجُلٍ / إِذا اِنتَضى سَيفَهُ لا يَنفَعُ الحَذَرُ
وَرافِقيني تَري هاماً مُفَلَّقَةً / وَالطَيرَ عاكِفَةً تُمسي وَتَبتَكِرُ
ما خالِدٌ بَعدَما قَد سِرتُ طالِبَهُ / بِخالِدٍ لا وَلا الجَيداءُ تَفتَخِرُ
وَلا دِيارُهُمُ بِالأَهلِ آنِسَةٌ / يَأوي الغُرابُ بِها وَالذِئبُ وَالنَمِرُ
يا عَبلَ يُهنِئُكِ ما يَأتيكِ مِن نَعمٍ / إِذا رَماني عَلى أَعدائِكِ القَدَرُ
يا مَن رَمَت مُهجَتي مِن نَبلِ مُقلَتِها / بِأَسهُمٍ قاتِلاتٍ بُرؤُها عَسِرُ
نَعيمُ وَصلِكِ جَنّاتٌ مُزَخرَفَةٌ / وَنارُ هَجرِكِ لا تُبقي وَلا تَذَرُ
سَقَتكَ يا عَلَمَ السَعدِيِّ غادِيَةٌ / مِنَ السَحابِ وَرَوّى رَبعَكَ المَطَرُ
كَم لَيلَةٍ قَد قَطَعنا فيكِ صالِحَةٍ / رَغيدَةٍ صَفوُها ما شابَهُ كَدَرُ
مَع فِتيَةٍ تَتَعاطى الكَأسَ مُترَعَةً / مِن خَمرَةٍ كَلَهيبِ النارِ تَزدَهِرُ
تُديرُها مِن بَناتِ العُربِ جارِيَةٌ / رَشيقَةُ القَدِّ في أَجفانِها حَوَرُ
إِن عُشتُ فَهيَ الَّتي ما عُشتُ مالِكَتي / وَإِن أَمُت فَاللَيالي شَأنُها العِبَرُ
وَيَمنَعَنا مِن كُلِّ ثَغرٍ نَخافُهُ
وَيَمنَعَنا مِن كُلِّ ثَغرٍ نَخافُهُ / أَقَبُّ كَسَرحانِ الأَباءَةِ ضامِرُ
وَكُلُّ سَبوحٍ في الغُبارِ كَأَنَّها / إِذا اِغتَسَلَت بِالماءِ فَتخاءُ كاسِرُ
إِذا لَعِبَ الغَرامُ بِكُلِّ حُرٍّ
إِذا لَعِبَ الغَرامُ بِكُلِّ حُرٍّ / حَمِدتُ تَجَلُّدي وَشكَرتُ صَبري
وَفَضَّلتُ البِعادَ عَلى التَداني / وَأَخفَيتُ الهَوى وَكَتَمتُ سِرّي
وَلا أُبقي لِعُذّالي مَجالاً / وَلا أُشفي العَدُوَّ بِهَتكِ سِتري
عَرَكتُ نَوائِبَ الأَيّامِ حَتّى / عَرَفتُ خَيالَها مِن حَيثُ يَسري
وَذَلَّ الدَهرُ لَمّا أَن رَآني / أُلاقِي كُلَّ نائِبَةٍ بِصَدري
وَما عابَ الزَمانُ عَلَيَّ لَوني / وَلا حَطَّ السَوادُ رَفيعُ قَدري
إِذا ذُكِرَ الفَخارُ بِأَرضِ قَومٍ / فَضَربُ السَيفِ في الهَيجاءِ فَخري
سَمَوتُ إِلى العُلا وَعَلوتُ حَتّى / رَأَيتُ النَجمَ تَحتي وَهوَ يَجري
وَقوماً آخَرينَ سَعَوا وَعادوا / حَيارى ما رَأوا أَثَراً لِأَثري
إِذا لَم أُرَوّي صارِمي مِن دَمِ العِدا
إِذا لَم أُرَوّي صارِمي مِن دَمِ العِدا / وَيُصبِحُ مِن إِفرِندِهِ الدَمُ يَقطُرُ
فَلا كُحِلَت أَجفانُ عَينَيَّ بِالكَرى / وَلا جاءَني مِن طَيفِ عَبلَةَ مُخبِرُ
إِذا ما رَآني الغَربُ ذَلَّ لِهَيبَتي / وَما زالَ باعُ الشَرقِ عَنِّيَ يُقصَرُ
أَنا المَوتُ إِلّا أَنَّني غَيرُ صابِرٍ / عَلى أَنفُسِ الأَبطالِ وَالمَوتُ يَصبُرُ
أَنا الأَسَدُ الحامي حِمى مَن يَلوذُ بي / وَفِعلي لَهُ وَصفٌ إِلى الدَهرِ يُذكَرُ
إِذا ما لَقيتُ المَوتَ عَمَّمتُ رَأسَهُ / بِسَيفٍ عَلى شُربِ الدِما يَتَجَوهَرُ
سَوادي بَياضٌ حينَ تَبدو شَمائِلي / وَفِعلي عَلى الأَنسابِ يَزهو وَيَفخَرُ
أَلا فَليَعِش جاري عَزيزاً وَيَنثَني / عَدُوّي ذَليلاً نادِماً يَتَحَسَّرُ
هَزَمتُ تَميماً ثُمَّ جَندَلتُ كَبشَهُم / وَعُدتُ وَسَيفي مِن دَمِ القَومِ أَحمَرُ
بَني عَبسَ سودوا في القَبائِلَ وَاِفخَروا / بِعَبدٍ لَهُ فَوقَ السَماكَينِ مِنبَرُ
إِذا ما مُنادي الحَيِّ نادى أَجَبتُهُ / وَخَيلُ المَنايا بِالجَماجِمِ تَعثُرُ
سَلِ المَشرَفيَّ الهِندَوانيَّ في يَدي / يُخَبِّركَ عَنّي أَنَّني أَنا عَنتَرُ
إِذا كانَ أَمرُ اللَهِ أَمراً يُقَدَّرُ
إِذا كانَ أَمرُ اللَهِ أَمراً يُقَدَّرُ / فَكَيفَ يَفِرُّ المَرءُ مِنهُ وَيَحذَرُ
وَمَن ذا يَرُدُّ المَوتَ أَو يَدفَعُ القَضا / وَضَربَتُهُ مَحتومَةٌ لَيسَ تَعثَرُ
لَقَد هانَ عِندي الدَهرُ لَمّا عَرَفتُهُ / وَإِنّي بِما تَأتي المُلِمّاتُ أَخبَرُ
وَلَيسَ سِباعُ البَرِّ مِثلَ ضِباعِهِ / وَلا كُلُّ مَن خاضَ العَجاجَةَ عَنتَرُ
سَلوا صَرفَ هَذا الدَهرِ كَم شَنَّ غارَةً / فَفَرَّجتُها وَالمَوتُ فيها مُشَمِّرُ
بِصارِمِ عَزمٍ لَو ضَرَبتُ بِحَدِّهِ / دُجى اللَيلِ وَلّى وَهوَ بِالنَجمِ يَعثَرُ
دَعوني أَجُدَّ السَعيَ في طالَبِ العُلا / فَأُدرِكَ سُؤلي أَو أَموتَ فَأُعذَرُ
وَلا تَختَشوا مِمّا يُقَدَّرُ في غَدٍ / فَما جاءَنا مِن عالَمِ الغَيبِ مُخبِرُ
وَكَم مِن نَذيرٍ قَد أَتانا مُحَذِّراً / فَكانَ رَسولاً بِالسُرورِ يُبَشِّرُ
قِفي وَاِنظُري يا عَبلَ فِعلي وَعايِني / طِعاني إِذا ثارَ العَجاجُ المُكَدَّرُ
تَري بَطَلاً يُلقي الفَوارِسَ ضاحِكاً / وَيَرجِعُ عَنهُم وَهوَ أَشعَثُ أَغبَرُ
وَلا يَنثَني حَتّى يُخَلّي جَماجِماً / تَمُرُّ بِها ريحُ الجَنوبِ فَتَصفِرُ
وَأَجسادَ قَومٍ يَسكُنُ الطَيرُ حَولَها / إِلى أَن يَرى وَحشَ الفَلاةِ فَيَنفِرُ
إِذا نَحنُ حالَفنا شِفارَ البَواتِرِ
إِذا نَحنُ حالَفنا شِفارَ البَواتِرِ / وَسُمرَ القَنا فَوقَ الجِيادِ الضَوامِرِ
عَلى حَربِ قَومٍ كانَ فينا كِفايَةً / وَلَو أَنَّهُم مِثلُ البِحارِ الزَواخِرِ
وَما الفَخرُ في جَمعِ الجُيوشِ وَإِنَّما / فَخارُ الفَتى تَفريقُ جَمعِ العَساكِرِ
سَلي يا اِبنَةَ الأَعمامِ عَنّي وَقَد أَتَت / قَبائِلُ كَلبٍ مَع غَنِيٍّ وَعامِرِ
تَموجُ كَمَوجِ البَحرِ تَحتَ غَمامَةٍ / قَدِ اِنتَسَجَت مِن وَقعِ ضَربِ الحَوافِرِ
فَوَلَّوا سِراعاً وَالقَنا في ظُهورِهِم / تَشُكُّ الكُلى بَينَ الحَشا وَالخَواصِرِ
وَبِالسَيفِ قَد خَلَّفتُ في القَفرِ مِنهُمُ / عِظاماً وَلَحماً لِلنُسورِ الكَواسِرِ
وَما راعَ قَومي غَيرُ قَولِ اِبنِ ظالِمٍ / وَكانَ خَبيثاً قَولُهُ قَولَ ماكِرِ
بَغى وَاِدَّعى أَن لَيسَ في الأَرضِ مِثلُهُ / فَلَمّا اِلتَقَينا بانَ فَخرُ المُفاخِرِ
أُحِبُّ بَني عَبسٍ وَلَو هَدَروا دَمي / مَحَبَّةَ عَبدٍ صادِقِ القَولِ صابِرِ
وَأَدنو إِذا ما أَبعَدوني وَأَلتَقي / رِماحَ العِدا عَنهُم وَحَرَّ الهَواجِرِ
تَوَلّى زُهَيرٌ وَالمَقانِبُ حَولَهُ / قَتيلاً وَأَطرافُ الرِماحِ الشَواجِرِ
وَكانَ أَجَلَّ الناسِ قَدراً وَقَد غَدا / أَجَلَّ قَتيلٍ زارَ أَهلَ المَقابِرِ
فَوا أَسَفا كَيفَ اِشتَفى قَلبُ خالِدٍ / بِتاجِ بَني عَبسِ كِرامِ العَشائِرِ
وَكَيفَ أَنامُ اللَيلَ مِن دونِ ثَأرِهِ / وَقَد كانَ ذُخري في الخُطوبِ الكَبائِرِ
ذَنبي لِعَبلَةَ ذَنبٌ غَيرُ مُغتَفِرِ
ذَنبي لِعَبلَةَ ذَنبٌ غَيرُ مُغتَفِرِ / لَمّا تَبَلَّجَ صُبحُ الشَيبِ في شَعري
رَمَت عُبَيلَةُ قَلبي مِن لَواحِظِها / بِكُلِّ سَهمٍ غَريقِ النَزعِ في الحَوَرِ
فَاِعجَب لَهُنَّ سِهاماً غَيرَ طائِشَةٍ / مِنَ الجُفونِ بِلا قَوسٍ وَلا وَتَرِ
كَم قَد حَفِظتَ ذِمامَ القَومِ مِن وَلَهٍ / يَعتادُني لَبَناتِ الدَلِّ وَالخَفَرِ
مُهَفهَفاتٍ يَغارُ الغُصنُ حينَ يَرى / قُدودَها بَينَ مَيّادٍ وَمُنهَصِرِ
يا مَنزِلاً أَدمُعي تَجري عَلَيهِ إِذا / ضَنَّ السَحابُ عَلى الأَطلالِ بِالمَطَرِ
أَرضُ الشَرَبَّةِ كَم قَضَّيتُ مُبتَهِجاً / فيها مَعَ الغيدِ وَالأَترابِ مِن وَطَرِ
أَيّامَ غُصنُ شَبابي في نُعومَتِهِ / أَلهو بِما فيهِ مِن زَهرٍ وَمِن ثَمَرِ
في كُلِّ يَومٍ لَنا مِن نَشرِها سَحَراً / ريحٌ شَذاها كَنَشرِ الزَهرِ في السَحَرِ
وَكُلُّ غُصنٍ قَويمٍ راقَ مَنظَرُهُ / ما حَظُّ عاشِقَها مِنهُ سِوى النَظَرِ
أَخشى عَلَيها وَلَولا ذاكَ ما وَقَفَت / رَكائِبي بَينَ وِردِ العَزمِ وَالصَدَرِ
كَلّا وَلا كُنتُ بَعدَ القُربِ مُقتَنِعاً / مِنها عَلى طولِ بُعدِ الدارِ بِالخَبَرِ
هُمُ الأَحِبَّةُ إِن خانوا وَإِن نَقَضوا / عَهدي فَما حُلتُ عَن وَجدي وَلا فِكري
أَشكو مِنَ الهَجرِ في سِرٍّ وَفي عَلَنٍ / شَكوى تُؤَثِّرُ في صَلدٍ مِنَ الحَجَرِ
أَرضُ الشَرَبَّةِ تُربُها كَالعَنبَرِ
أَرضُ الشَرَبَّةِ تُربُها كَالعَنبَرِ / وَنَسيمُها يَسري بِمِسكٍ أَذفَرِ
وَقِبابُها تَحوي بُدوراً طُلَّعاً / مِن كُلِّ فاتِنَةٍ بِطَرفٍ أَحوَرِ
يا عَبلَ حُبُّكِ سالِبٌ أَلبابَنا / وَعُقولَنا فَتَعَطَّفي لا تَهجُري
يا عَبلَ لَولا أَن أَراكِ بِناظِري / ما كُنتُ أَلقى كُلَّ صَعبٍ مُنكَرِ
يا عَبلَ كَم مِن غَمرَةٍ باشَرتُها / بِمُثَقَّفٍ صُلبِ القَوائِمِ أَسمَرِ
فَأَتَيتُها وَالشَمسُ في كَبَدِ السَما / وَالقَومُ بَينَ مُقَدِّمٍ وَمُؤَخِّرِ
ضَجّوا فَصُحتُ عَلَيهِمُ فَتَجَمَّعوا / وَدَنا إِلَيَّ خَميسُ ذاكَ العَسكَرِ
فَشَكَكتُ هَذا بِالقَنا وَعَلَوتُ ذا / مَع ذاكَ بِالذِكَرِ الحُسامِ الأَبتَرِ
وَقَصَدتُ قائِدَهُم قَطَعتُ وَريدَهُ / وَقَتَلتُ مِنهُم كُلَّ قَرمٍ أَكبَرِ
تَرَكوا اللَبوسَ مَعَ السِلاحِ هَزيمَةً / يَجرونَ في عُرضِ الفَلاةِ المُقفِرِ
وَنَشَرتُ راياتِ المَذَلَّةِ فَوقَهُم / وَقَسَمتُ سَلبَهُمُ لِكُلِّ غَضَنفَرِ
وَرَجَعتُ عَنهُم لَم يَكُن قَصدي سِوى / ذِكرٍ يَدومُ إِلى أَوانِ المَحشَرِ
مَن لَم يَعِش مُتَعَزِّزاً بِسِنانِهِ / سَيَموتُ مَوتَ الذُلِّ بَينَ المَعشَرِ
لا بُدَّ لِلعُمرِ النَفيسِ مِنَ الفَنا / فَاِصرِف زَمانَكَ في الأَعَزِّ الأَفخَرِ
يا عَبلَ خَلّي عَنكِ قَولَ المُفتَري
يا عَبلَ خَلّي عَنكِ قَولَ المُفتَري / وَاِصغي إِلى قَولِ المُحِبِّ المُخبِرِ
وَخُذي كَلاماً صُغتُهُ مِن عَسجَدٍ / وَمَعانِياً رَصَّعتُها بِالجَوهَرِ
كَم مَهمَهٍ قَفرٍ بِنَفسي خُضتُهُ / وَمُفاوِزٍ جاوَزتُها بِالأَبجَرِ
كَم جَحفَلٍ مِثلِ الضَبابِ هَزَمتُهُ / بِمُهَنَّدٍ ماضٍ وَرُمحٍ أَسمَرِ
كَم فارِسٍ بَينَ الصُفوفِ أَخَذتُهُ / وَالخَيلُ تَعثُرُ بِالقَنا المُتَكَسِّرِ
يا عَبلَ دونَكِ كُلَّ حَيٍّ فَاِسأَلي / إِن كانَ عِندَكِ شُبهَةٌ في عَنتَرِ
يا عَبلَ هَل بُلِّغتِ يَوماً أَنَّني / وَلَّيتُ مُنهَزِماً هَزيمَةَ مُدبِرِ
كَم فارِسٍ غادَرتُ يَأكُلُ لَحمَهُ / ضاري الذِئابِ وَكاسِراتُ الأَنسُرِ
أَفري الصُدورَ بِكُلِّ طَعنٍ هائِلٍ / وَالسابِغاتِ بِكُلِّ ضَربٍ مُنكَرِ
وَإِذا رَكِبتُ تَرى الجِبالَ تَضِجُّ مِن / رَكضِ الخُيولِ وَكُلَّ قُطرٍ موعِرِ
وَإِذا غَزَوتُ تَحومُ عِقبانُ الفَلا / حَولي فَتَطعُمُ كَبدَ كُلِّ غَضَنفَرِ
وَلَكَم خَطِفتُ مُدَرَّعاً مِن سَرجِهِ / في الحَربِ وَهوَ بِنَفسِهِ لَم يَشعُرِ
وَلَكَم وَرَدتُ المَوتُ أَعظَمَ مَورِدٍ / وَصَدَرتُ عَنهُ فَكانَ أَعظَمَ مَصدَرِ
يا عَبلَ لَو عايَنتِ فِعلي في العِدا / مِن كُلِّ شِلوٍ بِالتُرابِ مُعَفَّرِ
وَالخَيلُ في وَسطِ المَضيقِ تَبادَرَت / نَحوي كَمِثلِ العارِضِ المُتَفَجِّرِ
مِن كُلِّ أَدهَمَ كَالرِياحِ إِذا جَرى / أَو أَشهَبٍ عالي المَطا أَو أَشقَرِ
فَصَرَختُ فيهِم صَرخَةً عَبسِيَّةً / كَالرَعدِ تَدوي في قُلوبِ العَسكَرِ
وَعَطَفتُ نَحوَهُمُ وَصُلتُ عَلَيهِمُ / وَصَدَمتُ مَوكِبَهُم بِصَدرِ الأَبجَرِ
وَطَرَحتُهُم فَوقَ الصَعيدِ كَأَنَّهُم / أَعجازُ نَخلٍ في حَضيضِ المَحجَرِ
وَدِماؤُهُم فَوقَ الدُروعِ تَخَضَّبَت / مِنها فَصارَت كَالعَقيقِ الأَحمَرِ
وَلَرُبَّما عَثَرَ الجَوادُ بِفارِسٍ / وَيَخالُ أَنَّ جَوادَهُ لَم يَعثُرِ
دَهَتني صُروفُ الدَهرِ وَاِنتَشَبَ الغَدرُ
دَهَتني صُروفُ الدَهرِ وَاِنتَشَبَ الغَدرُ / وَمَن ذا الَّذي في الناسِ يَصفو لَهُ الدَهرُ
وَكَم طَرَقَتني نَكبَةٌ بَعدَ نَكبَةٍ / فَفَرَّجتُها عَنّي وَما مَسَّني ضُرُّ
وَلَولا سِناني وَالحُسامُ وَهِمَّتي / لَما ذُكِرَت عَبسٌ وَلا نالَها فَخرُ
بَنَيتُ لَهُم بَيتاً رَفيعاً مِنَ العُلا / تَخُرُّ لَهُ الجَوزاءُ وَالفَرغُ وَالغَفرُ
وَها قَد رَحَلتُ اليَومَ عَنهُم وَأَمرُنا / إِلى مَن لَهُ في خَلقِهِ النَهيُ وَالأَمرُ
سَيَذكُرُني قَومي إِذا الخَيلُ أَقبَلَت / وَفي اللَيلَةِ الظَلماءِ يُفتَقَدُ البَدرُ
يَعيبونَ لَوني بِالسَوادِ جَهالَةً / وَلَولا سَوادُ اللَيلِ ما طَلَعَ الفَجرُ
وَإِن كانَ لَوني أَسوَداً فَخَصائِلي / بَياضٌ وَمِن كَفَّيَّ يُستَنزَلُ القَطرُ
مَحَوتُ بِذِكري في الوَرى ذِكرَ مَن مَضى / وَسُدتُ فَلا زَيدٌ يُقالُ وَلا عَمروُ
بَردُ نَسيمِ الحِجازِ في السَحَرِ
بَردُ نَسيمِ الحِجازِ في السَحَرِ / إِذا أَتاني بِريحِهِ العَطِرِ
أَلَذُّ عِندي مِمّا حَوَتهُ يَدي / مِنَ اللَآلي وَالمالِ وَالبِدَرِ
وَمُلكُ كِسرى لا أَشتَهيهِ إِذا / ما غابَ وَجهُ الحَبيبِ عَن نَظَري
سَقى الخِيامَ الَّتي نُصِبنَ عَلى / شَرَبَّةِ الأُنسِ وابِلُ المَطَرِ
مَنازِلٌ تَطلُعُ البُدورُ بِها / مُبَرقَعاتٍ بِظُلمَةِ الشَعَرِ
بيضٌ وَسُمرٌ تَحمي مَضارِبَها / أَسادُ غابٍ بِالبيضِ وَالسُمُرِ
صادَت فُؤادي مِنهُنَّ جارِيَةٌ / مَكحولَةُ المُقلَتَينِ بِالحَوَرِ
تُريكَ مِن ثَغرِها إِذا اِبتَسَمَت / كَأسَ مُدامٍ قَد حُفَّ بِالدُرَرِ
أَعارَتِ الظَبيَ سِحرَ مُقلَتِها / وَباتَ لَيثُ الشَرى عَلى حَذَرِ
حَودٌ رَداحٌ هَيفاءُ فاتِنَةٌ / تُخجِلُ بِالحُسنِ بَهجَةَ القَمَرِ
يا عَبلَ نارُ الغَرامِ في كَبدي / تَرمي فُؤادي بِأَسهُمِ الشَرَرِ
يا عَبلَ لَولا الخَيالُ يَطرُقُني / قَضَيتُ لَيلي بِالنَوحِ وَالسَهَرِ
يا عَبلَ كَم فِتنَةٍ بُليتُ بِها / وَخُضتُها بِالمُهَنَّدِ الذَكَرِ
وَالخَيلُ سودُ الوُجوهِ كالِحَةٌ / تَخوضُ بَحرَ الهَلاكِ وَالخَطَرِ
أُدافِعُ الحادِثاتِ فيكِ وَلا / أُطيقُ دَفعَ القَضاءِ وَالقَدَرِ
صَباحُ الطَعنِ في كَرٍّ وَفَرٍّ
صَباحُ الطَعنِ في كَرٍّ وَفَرٍّ / وَلا ساقٍ يَطوفُ بِكَأسِ خَمرِ
أَحَبُّ إِلَيَّ مِن قَرعِ المَلاهي / عَلى كَأسٍ وَإِبريقٍ وَزَهرِ
مُدامي ما تَبَقّى مِن خُماري / بِأَطرافِ القَنا وَالخَيلُ تَجري
أَنا العَبدُ الَّذي خُبِّرتَ عَنهُ / يُلاقي في الكَريهَةِ أَلفَ حُرِّ
خُلِقتُ مِنَ الحَديدِ أَشَدُّ قَلباً / فَكَيفَ أَخافُ مِن بيضٍ وَسُمرِ
وَأَبطِشُ بِالكَمِيِّ وَلا أُبالي / وَأَعلو لِلسِماكِ بِكُلِّ فَخرِ
وَيَبصُرني الشُجاعُ يَفِرُّ مِنّي / وَيَرعَشُ ظَهرُهُ مِنّي وَيَسري
ظَنَنتُم يا بَني شَيبانَ ظَنّاً / فَأَخلَفَ ظَنَّكُم جَلدي وَصَبري
سَلوا عَنّي الرَبيعَ وَقَد أَتاني / بِجُردِ الخَيلِ مِن ساداتِ بَدرِ
أَسَرتُ سَراتَهُم وَرَجَعتُ عَنهُم / وَقَد فَرَّقتُهُم في كُلِّ قُطرِ
وَها أَنا قَد بَرَزتُ اليَومَ أَشفي / فُؤادي مِنكُمُ وَغَليلَ صَدري
وَآخُذُ مالَ عَبلَةَ بِالمَواضي / وَيَعرِفُ صاحِبُ الإيوانِ قَدري
زارَ الخَيالُ خَيالُ عَبلَةَ في الكَرى
زارَ الخَيالُ خَيالُ عَبلَةَ في الكَرى / لِمُتَيَّمٍ نَشوانَ مَحلولِ العُرى
فَنَهَضتُ أَشكو ما لَقيتُ لِبُعدِها / فَتَنَفَّسَت مِسكاً يُخالِطُ عَنبَرا
فَضَمَمتُها كَيما أُقَبِّلَ ثَغرَها / وَالدَمعُ مِن جَفنَيَّ قَد بَلَّ الثَرى
وَكَشَفتُ بُرقُعَها فَأَشرَقَ وَجهُها / حَتى أَعادَ اللَيلَ صُبحاً مُسفِرا
عَرَبِيَّةٌ يَهتَزُّ لينُ قَوامِها / فَيَخالُهُ العُشّاقُ رُمحاً أَسمَرا
مَحجوبَةٌ بِصَوارِمٍ وَذَوابِلٍ / سُمرٍ وَدونَ خِبائِها أُسدُ الشَرى
يا عَبلَ إِنَّ هَواكِ قَد جازَ المَدى / وَأَنا المُعَنّى فيكِ مِن دونِ الوَرى
يا عَبلَ حُبُّكِ في عِظامي مَع دَمي / لَمّا جَرَت روحي بِجِسمي قَد جَرى
وَلَقَد عَلِقتُ بِذَيلِ مَن فَخَرَت بِهِ / عَبسٌ وَسَيفُ أَبيهِ أَفنى حِميَرا
يا شَأسُ جِرني مِن غَرامٍ قاتِلٍ / أَبَداً أَزيدُ بِهِ غَراماً مُسعَرا
يا شَأسُ لَولا أَنَّ سُلطانَ الهَوى / ماضي العَزيمَةِ ما تَمَلَّكَ عَنتَرا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025