القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ المُعْتَزّ الكل
المجموع : 119
سَأُثني عَلى عَهدِ المَطيرَةِ وَالقَصرِ
سَأُثني عَلى عَهدِ المَطيرَةِ وَالقَصرِ / وَأَدعو لَها بِالساكِنينَ وَبِالقَطرِ
خَليلَينَ لي إِنَّ الدَما تَرَيانِهِ / فَصَبراً وَإِلّا أَيُّ شَيءٍ سِوى الصَبرِ
عَسى اللَهُ أَن يُتاحَ لي مِنهُ فَرجَةٌ / يَجيءُ بِها مِن حَيثُ أَدري وَلا أَدري
سَأَلتُكُما بِاللَهِ ما تُعلِمانِني / وَلا تَكتُما شَيئاً فَعِندَكُما خُبرِي
أَأَرفَعُ نيرانَ القِرى لِعُفاتِها / وَأَضرِبُ يَومَ الرَوعِ في ثَغرَةِ الثَغرِ
وَأَسأَلُ نَيلاً لا يُجادُ بِمِثلِهِ / فَيَفتَحُهُ بِشرِي وَيَختُمُهُ عُذرِي
وَيارَبُّ يَومٍ لا تُوَرّى نُجومُهُ / مَدَدتُ إِلى المَظلومِ فيهِ يَدَ النَصرِ
فَسُبحانَ رَبّي ما لِقَومٍ أَرى لَهُم / كَوامِنَ أَضغانٍ عَقارِبُها تَسري
إِذا ما اِجتَمَعنا في النَدِيِّ تَضاءَلوا / كَما خَفِيَت مَرضى الكَواكِبِ في الفَجرِ
بَنو العَمِّ لا بَل هُم بَنو الغَمِّ وَالأَذى / وَأَعوانُ دَهري إِن تَظَلَّمتُ مِن دَهري
وَغاظُهُمُ المَجدُ الَّذي لا يَنالُهُ / لَئيمٌ وَلا وانٍ ضَعيفٌ عَنِ الوِترِ
فَدونَكُمُ الفِعلَ الَّذي أَنا فاعِلٌ / فَإِنَّكُمُ مِثلي إِذاً وَلَكُم فَخري
نَمَتني إِلى عَمِّ النَبيِّ خَلائِقٌ / عَلَوا فَوقَ أَفلاكِ الكَواكِبِ وَالبَدرِ
بَنوا الحَبرِ وَالسَجادِ وَالكامِلِ الَّذي / وَفي المُلكَ حَتّى قَرَّ عِندَ ذَوي الأَمرِ
وَنَحنُ رَفَعنا سَيفَ مَروانَ عَنكُمُ / فَهَل لَكُمُ يا آلَ أَحمَدَ في الشُكرِ
أَبو الفَضلِ أَولى الناسِ بِالفَضلِ كُلَّهُم / تَعالَوا نُحاكِمكُم إِلى البَيتِ وَالحَجرِ
وَيَومَ حَنينٍ حينَ صاحَ وَراءَكُم / فَجِئتُم وَكانَ المَوتُ أَقرَبَ مِن شِبرِ
وَيا مَعشَرَ الأَنصارِ مَن كانَ عاقِداً / بِبَيعَتِكِم وَالدينُ في قَبضَةِ الكُفرِ
لَولاهُ ما قَرَّت بِطَيبَةَ هِجرَةٌ / وَلَولاهُ لَم تَجرِ الجِيادُ عَلى بَدرِ
أَقامَ بِدارِ الكِفرِ عَيناً عَلى العِدى / يُنَبّي نَبيَّ اللَهِ بِالكَيدِ وَالغَدرِ
لِذَلِكَ لَم تَرقُد جُفونُ مُحَمَّدٍ / نَبِيِّ الهُدى حَتّى أُريحَ مِنَ الأَسرِ
وَرَدَّ عَلَيهِ ما لَهُ دونَ غَيرِهِ / فَإِن كُنتَ ذا جَهلٍ فَسَل كُلَّ ذي خُبرِ
وَلَولا بُلوغُ السِنِّ مِنها وَكَفُّها / سَراجِيَهُ لَمّا أَتى آخِرُ العُمرِ
لَأَعطى أَبا حَفصٍ يُديرُ عِنانَها / وَما شَكَّ فيهِ وَالأُمورُ إِلى قَدرِ
أَلَم تَرَهُ مِن قَبلُ حينَ أَقامَهُ / شَفيعاً لِأَصحابِ النَبيِّ إِلى القُطرِ
شَجَتكَ لِهِندٍ دِمنَةٌ وَدِيارُ
شَجَتكَ لِهِندٍ دِمنَةٌ وَدِيارُ / خِلاءٌ كَما شاءَ الفِراقُ قِفارُ
سَليني إِذا ما الحَربُ ثارَت بِأَهلِها / وَلَم يَكُ فيها لِلجِبالِ قَرارُ
وَدارَت رُحيُّ المَوتِ وَالصَبرُ قُطبُها / وَأَكثَرُ ما فيها دَمٌ وَغُبارُ
وَقامَ لَها الأَبطالُ بِالبيضِ وَالقَنا / وَهَبَّت رِياحُ الآخَرينَ فَطاروا
وَقَد عَلِمَ المَقتولُ بِالشَمِ أَنَّني / أُريدُ بِهِ مَن رامَني وَأَغاروا
إِذا شِئتُ أَوقَرتُ البِلادَ حَوافِراً / وَسارَت وَرائي هاشِمٌ وَنِزارُ
وَعَمَّ السَماءَ النَقعُ حَتّى كَأَنَّهُ / دُخانٌ وَأَطرافُ الرِماحِ شَرارُ
وَبي كُلُّ خَوّارِ العِنانِ كَأَنَّهُ / إِذا لاحَ في نَقعِ الكَتيبَةِ نارُ
وَقَمصُ حَديدٍ ضافِياتٌ ذُيولُها / لَها حَدَقٌ خُزرُ العُيونِ صِغارُ
وَبيضٌ كَأَنصافِ البُدورِ أَبيَّةٌ / إِذا اِمتَحَنَتهُنَّ السُيوفُ خِيارُ
وَكَم عاجِمٍ عودي تَكَسَّرَ نابُهُ / إِذا لانَ عيدانُ اللِئامِ وَخاروا
وَقَفتُ بِالرَوضِ أَبكي فَقدَ مُشبِهِهِ
وَقَفتُ بِالرَوضِ أَبكي فَقدَ مُشبِهِهِ / حَتّى بَكَت بِعُيوني أَعيُنُ الزَهرِ
لَو لَم تُعِرها جُفوني الدَمعَ تَسفَحُهُ / لِرَحمَتي لَاِستَعارَتهُ مِنَ المَطَرِ
فَمَن لِباكِيَةِ الأَجفانِ سائِلَةٍ / ظَلَّت بِلا فِكَرٍ تَبكي بِلا فِكَرِ
حَتّى إِذا اللَيلُ أَرخى سِترَ ظُلمَتِهِ / وَساعَدَ اَجفانَها جَفني عَلى السَهَرِ
لا تَزدَري يا اِبنَةَ الأَقوامِ ذا كَرَمٍ / إِن رَثَّ ثَوباهُ وَاِستَعصى عَلى النَظَرِ
إِن تَبلَ جِدَّةُ ثَوبَيهِ فَبَينَهُما / سَيفٌ يُفَرِّقُ بَينَ الهامِ وَالقَصَرِ
نَؤومٌ عَلى غَيظِ الأَعادِ مُحَسَّدٌ
نَؤومٌ عَلى غَيظِ الأَعادِ مُحَسَّدٌ / لِأَعلى مَراقي العِزِّ تَسمو خَواطِرُه
إِذا ما أَرادَ الحاسِدونَ مِنِ اِمرِئٍ / يَزينُهُمُ أَخلاقُهُ وَمَآثِرُه
إِذا ما هُوَ اِستَغنى اِهتَدى لِاِفتِقارِهِم / وَلا يَهتَدي يَوماً إِلَيهِ مُفاقِرُه
وَيا عائِبي وَالعَيبُ حَشوُ فُؤادِهِ / تَأَمَّل رُوَيداً لَستَ مِمَن أُحاذِرُه
وَكُنتَ كَرامٍ كَوكَباً بِبِصاقِهِ / فَرُدَّ عَلَيهِ وَبلُهُ وَمَواطِرُه
أَيُّ رَسمٍ لِآلِ هِندٍ وَدارِ
أَيُّ رَسمٍ لِآلِ هِندٍ وَدارِ / دَرَسا غَيرَ مَلعَبٍ وَمَنارِ
وَأَثافٍ بَقَينَ لا لِاِشتِياقِ / جالِساتٍ عَلى فَريسَةِ نارِ
وَعِراصٍ جَرَت عَلَيها سَواري ال / ريحِ حَتّى غودِرنَ كَالأَسطارِ
وَمَغانٍ كانَت بِها العَينُ مَلأى / مِن غُصونٍ تَهتَزُّ في أَقمارِ
سَحَقَتها الرِياحُ في كُلِّ فَنٍّ / وَمَحَتها بَواكِرُ الأَمطارِ
أَينَ أَهلُ الدِيارِ عَهدي بِكُم في / ها جَميعاً لا أَينَ أَينُ الدِيارِ
وَلَقَد أَهتَدي عَلى طُرُقُ اللَي / لِ بِذي مَيعَةٍ كَميتٍ مُطارِ
بَلَّلَ الرَكضُ جانِبَيهِ كَما فا / ضَت بِكَفِّ النَديمِ كَأسُ العُقارِ
لا تَشيمُ البُروقَ عَيني وَلا أَج / عَلُ إِلّا إِلى العِدى أَسفاري
لا وَلا أَرتَجي نَوالاً وَهَل تَس / تَمطِرُ الناسُ دَيمَةَ الأَمطارِ
هاشِميٌّ إِذا نُسِبتُ وَمَخصو / صٌ يَبيتُ مِن هاشِمٍ غَيرَ عارٍ
أَخزُنُ الغَيظَ في قُلوبِ الأَعادي / وَأُحِلُّ الجَبّارَ دارَ الصِغارِ
وَلِيَ الصافِناتُ تَردي إِلى المَو / تِ وَلا تَهتَدي سَبيلَ الفِرارِ
وَسُيوفٌ كَأَنَّها حينَ هُزَّت / وَرَقٌ هَزَّها سُقوطُ القِطارِ
وَدُروعٌ كَأَنَّها شَمَطُ الجَع / دِ دَهيناً تَضَلُّ فيها المَداري
وَسِهامٌ تُردي الوَرى مِن بَعيدٍ / واقِعاتٌ مَواقِعَ الأَبصارِ
وَقُدورٌ كَأَنَّهُنَّ قُرومٌ / هُدِرَت بَينَ جِلَّةٍ وَبِكارِ
فَوقَ نارِ شَبعى مِنَ الحَطَبِ الجَز / لِ إِذا ما اِلتَظَت رَمَت بِالشَرارِ
فَهيَ تَعلو اليَفاعَ كَالرايَةِ الحَم / راءِ تَفري الدُجى إِلى كُلِّ سارِ
قَد تَرَدَّيتُ بِالمَكارِمِ دَهراً / وَكَفَتني نَفسي مِنَ الإِفتِخارِ
أَنا جَيشٌ إِذا غَدَوتُ وَحيداً / وَوَحيدٌ في الجَحفَلِ الجَرّارِ
أَيا وَيحَهُ ما ذَنبُهُ إِن تَذَكَّرا
أَيا وَيحَهُ ما ذَنبُهُ إِن تَذَكَّرا / سَوالِفَ أَيّامٍ سَبَقنَ وَأَخَّرا
وَسَكرَةَ عَيشٍ فارِغٍ مِن هُمومِهِ / وَمَعروفَ حالٍ لَم نَخَف أَن يُنَكَّرا
وَعَصرَ شَبابٍ كانَ مَيعَةَ حُسنِهِ / وَظِلّاً مِنَ الدُنيا عَلَيهِ مُنَشَّرا
إِذا كُنَّ لا يَردُدنَ ما فاتَ مِن هَوىً / فَلا تَدَعِ المَحزونَ أَن يَتَصَبَّرا
وَقالوا كَبِرتَ فَاِنتَضَيتَ مِنَ الصَبا / فَقُلتُ لَهُم ما عُشتُ إِلّا لِأَكبَرا
إِذا لاحَ شَيبُ الرَأسِ يَوماً وَلَيلَةً / فَما أَجدَرَ الإِنسانَ أَن يَتَغَيَّرا
وَلَبثي وَإِخلافي أُناساً فَقِدتُهُم / وَما كُنتُ أَرجو بَعدَهُم أَن أُعَمَّرا
هُمُ طَرَدوا عَن مُقلَتَي رائِدَ الكَرى / وَشَكّوا سَوادَ القَلبِ حَتّى تَفَطَّرا
وَأَجلوا هُمومي مِن سِواهُم وَأَطبَقوا / جُفوني فَما أَهوى مِنَ العَيشِ مَنظَرا
وَأَصبَحتُ مُعتَلَّ الحَياةِ كَأَنَّني / أَسيرٌ رَأى وَجهَ الأَميرِ فَفَكَّرا
فَإِمّا تَرَيني بِالَّذي قَد نَكَرتِهِ / فَيارَبُّ يَومٍ لَم أَكُن فيهِ مُنكَرا
أَروحُ كَغُصنِ البانِ بَيَّتَهُ النَدى / وَهَزَّ بِأَنفاسٍ ضِعافٍ وَأُمطِرا
فَمالَ عَلى مَيثاءَ ناعِمَةِ الثَرى / تَغَلغَلَ فيها ماؤُها وَتَحَيَّرا
كَأَنَّ الصَبا تُهدي إِلَيها إِذا جَرَت / عَلى تُربِها مِسكاً سَحيقاً وَعَنبَرا
سَقَتهُ الغَوادي وَالسَواري قِطارَها / فَجَنَّ كَما شاءَ النَباتُ وَنَوَّرا
وَحَلَّت عَلَيهِ لَيلَةٌ أَرحَبيَّةٌ / إِذا ما صَفا فيها الغَديرُ تَكَدَّرا
كَأَنَّ الغَواني بُتنَ بَينَ رِياضِهِ / فَغادَرنَ فيهِ نَشرَ وَردٍ وَعَبهَرا
طَويلَةَ ما بَينَ البَياضينِ لَم يَكَد / يُصَدَّقُ فيها فَجرُها حينَ بَشَّرا
إِذا ما أَلَحَّت قَشَّرَ الصَخرَ وَبلُها / وَهَمَّت غُصونُ النَبعِ أَن تَتَكَسَّرا
فَباتَت إِذا ما البَرقُ أَوقَدَ وَسطَها / حَريقاً أَهَلَّ الرَعدُ فيهِ وَكَبَّرا
كَأَنَّ الرَبابَ الجَونَ دونَ سَحابِهِ / خَليعٌ مِنَ الفِتيانِ يَسحَبُ مِئزَرا
إِذا لَحَقَتهُ رَوعَةٌ مِن وَرائِهِ / تَلَفَّتَ وَاِستَلَّ الحُسامَ المُذَكَّرا
فَأَصبَحَ مَستورَ التُرابِ كَأَنَّما / نَشَرتَ عَلَيهِ وَشيَ بُردٍ مُحَبَّرا
بِهِ كُلُّ مَوشيَّ القَوائِمِ ناشِطٌ / وَعَينٌ تُراعي فاتِرَ اللَحظِ أَحوَرا
تُطيفُ بِذَيّالٍ كَأَنَّ صُوارَهُ / غَدائِرُ ذي تاجٍ عَتا وَتَجَبَّرا
يَحُكُّ الغُصونَ المورِقاتِ بِرَوقِهِ / كَخَصفَكَ بِالإِشفى نِعالاً فَخَصَّرا
وَذي عُنُقٍ مِثلَ العَصا شُقَّ رَأسَها / وَشُذَّبَ عَنها جِلدُها فَتَقَشَّرا
وَساقٍ كَشَطرِ الرُمحِ صُمَّ كُعوبُهُ / تَرَدّى عَلى ما فَوقَها وَتَأَزَّرا
فَبادَرتُهُ قَبلَ الصَباحِ بِسابِحٍ / جَوادٍ كَما شاءَ الحَسودُ وَأَكثَرا
إِذا ما بَدا أَبصَرتَ غُرَّةَ وَجهِهِ / كَعُنقودِ كَرمٍ بَينَ غُصنَينِ نَوَّرا
وَسالِفَتي ظَبي مِنَ الوَحشِ سانِحٍ / إِذا ما عَراهُ خَوفُ شَيءٍ تَبَصَّرا
وَرِدفاً كَظَهرِ التُرسِ أُسبِلَ خَلفَهُ / عَسيبٌ كَفَيضِ الطَودِ لَمّا تَحَدَّرا
وَأَرسَلتُهُ مُستَطعِماً لِعِنانِهِ / أَخا ثِقَةٍ ما أَنتَ إِلّا مُبَشِّرا
وَهَمٌّ أَتَتني طارِقاتُ ضُيوفِهِ / فَما كانَ إِلّا اليَعمُلاتِ لَهُ قِرى
بِوَحشيَّةٍ قَفرٍ تَخالُ سَرابَها / مَهاً لامِعاتٍ أَو مُلاءً مُنَشَّرا
فَلَمّا تَبَدّى اللَيلُ يَحدو بِنَجمِهِ / لَبِسنا ظَلاماً لَم يَكَد صُبحُهُ يُرى
وَطافَ الكَرى بِالقَومِ حَتّى كَأَنَّهُم / نَشاوى شَرابٍ دَبَّ فيهِم وَأَسكَرا
فَمِن كُلِّ هَذا قَد قَضَيتُ لُبانَتي / وَوَلّى فَلَم أَملِك أَسىً وَتَذَكُّرا
وَيَوماً مِنَ الجَوزاءِ أَصلَيتُ نارَهُ / وَقَد سَتَّرَ الكَناسُ إِذ بانَ مُشتَرى
وَقَد أَكَلَت شَمسُ النَهارِ ظِلالَهُ / وَصارَت كَحِرباءِ الهَواجِرِ مِعفَرا
وَكَم مِن عَدوٍّ رامَ قَصفَ قَناتِنا / فَلاقى بِنا يَوماً مِنَ الشَرِّ أَحمَرا
إِذا أَنتَ لَم تَركَب أَدانِيَ حادِثٍ / مِنَ الأَمرِ لاقَيتَ الأَقاصِيَ أَوعَرا
هِيَ الدارُ إِلّا أَنَّها مِنهُمُ قَفرُ
هِيَ الدارُ إِلّا أَنَّها مِنهُمُ قَفرُ / وَإِنّي بِها ثاوٍ وَإِنَّهُمُ سَفرُ
حَبَستُ بِها لَحظي وَأَطلَقتُ عَبرَتي / وَما كانَ لي في الصَبرِ لَو كانَ لي عُذرُ
كَأَنّي وَأَيّامي الَّتي طَوَتِ النَوى / نَجِيّانِ باتا دونَ لُقياهُما سِترُ
تَوَهَّمتُ فيها مَلعَباً وَمَسارِحاً / وَنُؤياً كَمُلقى الطَوقِ ثَلَّمُهُ القَطرُ
فَدَع ذِكرَ بُثنى قَد مَضى لَيسَ راجِعاً / فَذَلِكَ دَهرٌ قَد تَوَلّى وَذا دَهرُ
مُهَفهَفَةٌ صِفرُ الوِشاحِ كَأَنَّها / مَهاةُ خَلاءٍ ظَلَّ يَكنُفُها الدُرُّ
لَها وَجَناتٌ يَضحَكُ الوَردُ فَوقَها / وَطَرفٌ مَريضٌ حَشوُ أَجفانِهِ السِحرُ
فَما رَوضَةُ الزَهرِ الَّتي تَلفُظُ النَدى / وَيُصبِحُ فيما بَينَها لِلنَدى نَشرُ
بِأَطيَبِ مِن سَلمى وَلا كُلُّ طَيِّبٍ / وَلا مِثلُ ما تَحلو بِهِ يَفعَلُ البَدرُ
وَغَيثٍ خَصيبِ التُربِ تَندى بِقاعُهُ / بَهيمَ الذُرى أَثوابُ قَيعانِهِ خُضرُ
رَحيبٍ كَمَوجِ البَحرِ يَلتَهُمُ الرُبى / وَيَغرَقُ في أَكلائِهِ النَعَمُ الدَثرُ
أَلَحَّت عَلَيهِ كُلَّ طَخياءَ دَيمَةٍ / إِذا ما بَكَت أَجفانُها ضَحِكَ الزَهرُ
فَما طَلَعَت شَمسُ النَهارِ ضُحيَّةً / وَلا أُصُلاً إِلا وَمِن دونِها خِدرُ
كَأَنَّ عُيونَ العاشِقينَ مَنوطَةٌ / بِأَرجائِها فَما يَجِفُّ لَها شَفرُ
كَأَنَّ الرَبابَ الجَونَ وَالفَجرُ ساطِعٌ / دُخانُ حَريقٍ لا يُضيءُ لَهُ جَمرُ
أَمِنكِ سَرى يا شُرُّ بَرقٌ كَأَنَّهُ / جَناحُ فُؤادٍ خافِقٍ ضَمَّهُ صَدرُ
أَرِقتُ لَهُ وَالرُكبُ مَيلٌ رُؤوسُهُم / يَخوضونَ ضَحضاحَ الكَرى وَبِهِم وَقرُ
عَلاهُم جَليدُ اللَيلِ حَتّى كَأَنَّهُم / بُزاةٌ تَجَلّى في مَراقِبِها قُمرُ
إِلى أَن تَعَرّى النِجمُ مِن حُلَّةِ الدُجى / وَقالَ دَليلُ القَومِ قَد ثَقَبَ الفَجرُ
وَقَدّوا أَديمَ القَومِ حينَ تَرَفَّعَت / لَهُم لَيلَةٌ أُخرى كَما حَلَّقَ النَسرُ
وَجَيشٍ كَمِثلِ اللَيلِ يَسوَدُّ شَمسُهُ / وَيَهمَرُّ مِن أَعدائِهِ البَرُّ وَالبَحرُ
شَهِدتُ بِطِرفٍ أَعوَجيٍّ وَطِرفَةٍ / وَعَضبِ حُسامِ الحَدِّ في مَتنِهِ أَثرُ
وَلَمّا اِلتَقى الصَفّانِ فَرَّقَ بَينَنا / بَريقُ ضِرابِ البيضِ وَالأَسَلُ السُمرُ
فَوَلّوا وَقَد ذاقوا الَّتي يَعرِفونَها / فَكانَ لَهُم عُذرٌ وَكانَ لَنا فَخرُ
إِذا ما رَكِبتُ الجَونَ وَالسَيفُ مُنتَضىً / فَقُل لِبَني حَوّاءَ يَجمَعُهُم أَمرُ
وَكَم مِن خَليلٍ لَم أُمَتَّع بِعَهدِهِ / وَفَيتُ لَهُ بِالوِدِّ فَاِجتاحَهُ الغَدرُ
فَقَدَّمتُ صَفحاً عَنهُ يوجِبُ شُكرَهُ / وَما كانَ لي مِنهُ جَزاءٌ وَلا شُكرُ
وَذَلِكَ حَظِّ مِن رِجالٍ أَعِزَّةٍ / عَلَيَّ فَإِن أَهجُرهُمُ يَكثُرِ الهَجرُ
لَهُم خَيرُ مالي حينَ يَعتَلُّ مالَهُم / وَسُرعَةُ نَصري حينَ يَعتَذِرُ النَصرُ
إِذا جاءَنا العافي رَأى في وُجوهِنا / طَلاقَةَ أَيدينا وَبَشَّرَهُ البِشرُ
سَقى الإِلَهُ سُرَّ مَن رَأى القَطرا
سَقى الإِلَهُ سُرَّ مَن رَأى القَطرا / وَالكَرخَ وَالخُمسَ القُرى وَالجَسرا
قَد عَجَموا عودي وَكُنتُ مُرّا / حُرّاً إِذا لَم يَكُ حُرٌّ حُرّا
لا تَأمَنوا مِن بَعدِ حِلمٍ شَرّا / كَم غُصُنٍ أَخضَرَ صارَ جَمرا
إِذا لَم أَجُد بِالمالِ جادَ بِهِ الدَهرُ
إِذا لَم أَجُد بِالمالِ جادَ بِهِ الدَهرُ / عَلى وارِثي وَالكَفُّ في قَبرِها صِفرُ
وَكَيفَ أَخافُ الفَقرَ وَاللَهُ ضامِنٌ / لِرِزقي وَهَل في البُخلِ مِن بَعدِ ذا عُذرُ
فَخَلّوا يَدي تُمطِر بِوابِلِ جودِها / عَلى الناسِ حَتّى يَعجَبَ الغَيثُ وَالبَحرُ
قِف خَليلي نَسأَل لِشُرَّةَ دارا
قِف خَليلي نَسأَل لِشُرَّةَ دارا / أَو مَحَلّاً مِنها خَلاءً قَفارا
أَلبَستَني سُقماً أَقامَ وَسارَت / وَاِستَجابَت قَلبي إِلَيها فَطارا
لي حَبيبٌ مُكَذِّبٌ بِالأَماني / جَعَلَ الدَهرَ مَوعِداً وَاِنتِظارا
عَيَّروني بِما يَضَنُّ بِهِ عَن / ني فَيا لَيتَهُ يُحَقِّقُ عارا
قَد شَغَلتِ الهَوى بِطولِ التَجَنّي / كُلَّ يَومٍ يَؤُمُّ قَلبي اِعتِذارا
ضاعَ شَوقٌ إِلَيكِ لَو تَعلَمينَ / باتَ بَينَ الأَحشاءِ يوقِدُ نارا
وَيُناجي بَناتِ نَعشٍ بِذِكرا / كِ إِذا اللَيلُ أَلبَسَ الأَرضَ قارا
وَسُؤالي عَن بَلدَةٍ أَنتِ فيها / أَتَلَقّى مِن نَحوِكَ الأَخبارا
وَجِهادي عَواذِلاً فيكِ لا يَب / رَحنَ بِاللَومِ غُدوَةً وَاِبتِكارا
رُبَّ صادٍ إِلى حَديثِكِ خَلّا / بٍ وَقَد طافَ حَولَ سَرّي وَدارا
لَو رَأى مَطلَعاً مِنَ الأَرضِ سَهلاً / دَبَّ في الناسِ يَنفُثُ الأَسرارا
ما رَأَينا شَبهاً لِشُرَّةَ في النا / سِ فَسَقياً لِشُرَّةَ الأَمطارا
أَيُّها الرَكبُ بَلِّغوها سَلامي / وَاِتَّقوا أَخذَ طَرفِها السَحّارا
فَكَيفَ بِها لا الدارُ عَنها قَريبَةٌ
فَكَيفَ بِها لا الدارُ عَنها قَريبَةٌ / وَلا أَنتَ عَنها آخِرَ الدَهرِ صابِرُ
أَبِن لي فَقَد بانَت بِها مُدَّةُ النَوى / أَأَنتَ عَلى شَيءٍ سِوى الهَمِّ قادِرُ
نَعَم أَن يَزولَ القَلبُ عَن مُستَقَرِّهِ / خُفوقاً وَتَنهَلَّ الدُموعُ البَوادِرُ
وَأَحيا حَياةً بَعدَ سَلمى مَريضَةً / لَها عاذِلٌ في حُبِّ سَلمى وَعاذِرُ
أَلا يا عِبادَ اللَهِ هَذا أَخوكُمُ / قَتيلٌ فَهَل مِنكُم لَهُ اليَومَ ثائِرُ
أَبى القَلبُ إِلّا حُبَّ مَن هُوَ هاجِرُ
أَبى القَلبُ إِلّا حُبَّ مَن هُوَ هاجِرُ / وَمَن هُوَ يَنساني وَمَن هُوَ ذاكِرُ
وَمَن هُوَ عَنّي كُلَّما جِئتُ مُعرِضٌ / وَمَن لا يُوافيني وَمَن أَنا عاذِرُ
فَكَيفَ بِمَعشوقٍ يَحُبُّ وَيَشتَهي / أَأَكتُمُهُ وَجدي بِهِ أَم أُهاجِرُ
وَكَيفَ يَراني إِن بَدا لِيَ مَنعُهُ / أَأَترُكُهُ زُهداً بِهِ أَم أُكابِرُ
يا ظالِمَ الفِعلِ وَمَظلومَ النَظر
يا ظالِمَ الفِعلِ وَمَظلومَ النَظر / وَيا كَئيباً وَقَضيباً وَقَمَر
قُدِّرتَ لي فَحَبَّذا هَذا القَدَر / وَإِن مَلَأتَ العَينَ دَمعاً وَسَهَر
لَمّا عَلِمتَ بَدَأتَ بِالهَجرِ
لَمّا عَلِمتَ بَدَأتَ بِالهَجرِ / وَرَمَيتَني مِن حَيثُ لا أَدري
ما كُنتُ تَدري كَيفَ تَقتُلُني / فَهَجَرتَني وَفَطَنتَ لِلهَجرِ
قَد صَدَ قَلبي قَمَرُ
قَد صَدَ قَلبي قَمَرُ / يَسحَرُ مِنهُ النَظَرُ
وَقَد فَنَيتُ بَعدَهُ / وَضاعَ ذاكَ الحَذَرُ
بِوَجنَةٍ كَأَنَّما / يَقدَحُ مِنها الشَزَرُ
وَشارِبٍ قَد هَمَّ أَو / نَمَّ عَلَيهِ الشَعَرُ
ضَعيفَةٌ أَجفانُهُ / وَالقَلبُ مِنهُ حَجَرُ
كَأَنَّما أَلحاظُهُ / مِن فِعلِهِ تَعتَذِرُ
لَم أَرَ وَجهاً مِثلَ ذا / نَجا عَلَيهِ بَشَرُ
قالَ أَذنَبتَ وَلا أَدري
قالَ أَذنَبتَ وَلا أَدري / وَرَوى الأَحزانَ في صَدري
لا أُطيقُ الهَجرَ أَحمِلُهُ / ضَعُفَت نَفسي عَنِ الهَجرِ
وَتَجَنَّت بي لِتَغدُرَني / أَنا أَهواها عَلى غَدرِ
بانَ الخَليطُ وَلَم يُطِق صَبرا
بانَ الخَليطُ وَلَم يُطِق صَبرا / وَوَجَدتُ طَعمَ فِراقِهِم مُرّا
وَكَأَنَّما الأَمطارُ بَعدَهُمُ / كَسَتِ الطُلولُ غَلائِلاً خُضرا
هَل تَذكُرينَ وَأَنتِ ذاكِرَةٌ / مَشيَ الرَسولِ إِلَيكُمُ سِرّا
أَن يَغفَلوا يُسرِع لِحاجَتِهِ / وَإِذا رَأوهُ أَحسَنَ العُذرا
فَطِنٌ يُؤَدّي ما يُقالُ لَهُ / وَيَزيدُ بَعضَ حَديثِنا سِحرا
قالَت لِأَترابٍ خَلَونَ بِها / وَبَكَت فَبَلَّلَ دَمعُها النَحرا
ما بالُهُ قَطَعَ الوِصالِ وَلَم / يَسمَح زِيارَةَ بَينَنا شَهرا
يا لَيتُهُ في مَجلِسٍ مَعَنا / نَشكو إِلَيهِ النَأيَ وَالهَجرا
حَتّى طَرَقتُ عَلى مُخاطَرَةٍ / أَطَأُ الصَوارِمَ وَالقَنا السُمرا
يا لَيلَةً ما كانَ أَقصَرَها / لا زِلتُ أَشكُرُ بَعدَها الدَهرا
وَظِباءٍ غَرائِرِ
وَظِباءٍ غَرائِرِ / مُشبَعاتِ المَآزِرِ
صِرنَ نَحوي بِأَعيُنٍ / ناعِساتِ الضَمائِرِ
يا لَيلَةً بِتُّ فيها دائِمَ السَهرِ
يا لَيلَةً بِتُّ فيها دائِمَ السَهرِ / أَرعى النُجومَ حَليفَ الهَمِّ وَالفِكرِ
كَأَنَّها حينَ ذَرَّ اللَيلُ ظُلمَتَهُ / جَمرٌ جَلَتهُ الصَبا في مُصطَلىً خَضِرِ
يا وَيحَ قَلبِيَ مِن ريمٍ بُليتُ بِهِ / بِالصُبحِ مُنتَقِبٍ بِاللَيلِ مُعتَجِرِ
فَوا حَزَني عَلى غَفلاتِ عَيشٍ
فَوا حَزَني عَلى غَفلاتِ عَيشٍ / وَأيامٍ سَلَفنَ لَنا قِصارِ
وَدارٍ لِلمَليحَةِ لَم تُعَمَّر / لَنا لَذّاتُها بَينَ الدِيارِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025