المجموع : 20
إِنّي نَظَرتُ وَلا صَوابَ لِعاقِلٍ
إِنّي نَظَرتُ وَلا صَوابَ لِعاقِلٍ / فيما يَهُمُّ بِهِ إِذا لَم يَنظُرِ
فَإِذا كِتابُكَ قَد تُخيِّر خَطُّهُ / وَإِذا كِتابي لَيسَ بِالمُتَخَيَّرِ
وَإِذا رُسومٌ في كِتابِكَ لَم تَدَع / شَكّاً لِمُعتَنِف وَلا لِمُفَكِّرِ
نُقَطٌ وَأَشكالٌ تَبينُ كَأَنَّها / نَدبَ الخُدوشِ تَلوحُ بَينَ الأسطُرِ
تُنبيكَ عَن رَفعِ الكَلامِ وَخَفضِهِ / وَالنَّصب مِنهُ لِحالِهِ أَو مَصدَرِ
وَتُريكَ ما يُعيا بِهِ فِبَعيدُهُ / كَقَريبه وَمُقَدَّم كَمُؤَخَّرِ
وَإِذا كِتابُ أَخيكَ مِن ذا كُلِّه / عار فَبِئسَ لِبايِعٍ وَلِمُشتَري
فَاِقبِض كِتابَ أَخيكَ غَير مُنافِس / فيهِ وَخَلِّ لَهُ كِتابَكَ وَاِعذُرِ
وَاِعلم بِأَنَّكَ لا تَزالُ مُؤَخّرا / مُستَأخِرا في العِلمِ ما لِم تَكسِرِ
إِنّي أَرى حَبسَ السَّماعِ عَلى الَّذي / شارَكتَهُ فيهِ وَكَسر الدَّفتَرِ
يا أَيُّها العائِبِيُّ وَلَم يَرَ لي
يا أَيُّها العائِبِيُّ وَلَم يَرَ لي / عَيباً أَما تَنتَهي فَتَزدَجِرُ
هَل لَكَ وَترٌ لَدَيَّ تَطلُبُهُ / أَم أَنتَ فيمَن يَبيتُ يَعتَذِرُ
إِن كانَ قَسمُ الإله فَضَّلَني / وَأَنتَ صَلدٌ ما فيكَ مُعتَصَرُ
فَالحَمدُ وَالمَجدُ وَالثَّناءُ لَهُ / وَلِلحَسودِ التُرابُ وَالحَجَرُ
إِقرَأ لَنا سورَةً تُخَوِّفُنا / فَإِنَّ خَيرَ المَواعِظِ السُّوَرُ
أَو اِروِ فقهاً تَحيا القُلوبُ لَهُ / جاءَ لَهُ عَن نَبِيِّنا خَبَرُ
أَوهاتِ ما الحُكمُ في فَرائِضنا / ما تَستَحِقُّ الإِناثُ وَالذّكَرُ
أَو اِروِ عَن فارِسٍ لَنا مَثَلاً / فَإِنَّ أَمثالَ فارِس عبَرُ
أَو مِن أَحاديث جاهِلِيَّتِنا / فَإِنَّها عبرةٌ وَمُعتَبِرُ
أَو هاتِ كَيفَ الإِعرابُ في الرَف / عِ وَالخَفضِ وَكَيفَ التَّصريف وَالصَّدرُ
أَو اِروِ شِعراً أَو صِف عَروضاً / بِهِ يُبلى صَحيح مِنهُ وَمُنكَسِرُ
فَإِن جَهِلتَ الآدابَ مُرتَغِباً / عَنها وَخِلت العَمى هُوَ البَصَرُ
وَمَن تَعَوَّضَ مِن ذاكَ مَيسَرَة / عَلَيك مِنها لِبَهجَةٍ أَثَرُ
فَغَنِّ صَوتاً تَلهو الغُواةُ لَهُ / وَكُلُّ ما قَد جَهِلتَ يُغتَفَرُ
تَعيشُ فينا وَلا تُلايِمُنا / فَاِذهَب وَدَعنا حَتّى ما تَنتَظِرُ
تَغلي عَلَينا الأَسعارَ أَنتَ وَما / عِندَكَ نَفعٌ يُرجى وَلا ضَرَرُ
هَمُّكَ في مَرتَعٍ وَمُغتَبِقٍ / كَما تَعيشُ الحَميرُ وَالبَقَرُ
خَليفَةَ اللَّهِ طالَت عَنكَ غَيبَتُنا
خَليفَةَ اللَّهِ طالَت عَنكَ غَيبَتُنا / عَشرا وَعَشرا وَعَشراً بَعدَها أُخَرا
فَالعَبدُ يَشكو إِلى مَولاهُ وَحشَتَهَ / لَو كانَ بِالعَبدِ صَبر بَعدَ ذا صَبَرا
جَدد لِعَبدِكَ نورا يَستَضيءُ بِهِ / مِن نورِ وَجهِكَ يَجلو السَّمعَ وَالبَصَرا
لا يَهتَدي لِطَريقِ القَصدِ يَسلُكُهُ / مَن لا تَرى عَينُهُ شَمساً وَلا قَمَرا
يا ذا الَّذي لا أَهجُرُه
يا ذا الَّذي لا أَهجُرُه / وَعَلى القلى لا أَعذُرُه
ماذا يُريبُكَ مِن فَتىً / يَهوى هَواكَ وَتَقهَرُه
أَمسَيتُ عَنهُ مُعرِضاً / مِن غَيرِ ذَنبٍ يَذكُرُه
فَبَكى فَبَلَّ جُيوبَهُ / دَمعٌ عَلَيهِ يَحدرُه
وَأَتاهُ مِن إِعراضِكُم / ما كانَ مِنهُ يَحذرُه
أَمسى قَتيلاً لِلهَوى / مُتَعَفِّراً لا يقبرُه
فَإِلى مَتى وَإِلى مَتى / مَوجُ الصَّبابَةِ يَطمرُه
سالَت عَلَيهِ بُحور عذ / رِ مِن حَبيبٍ يَقهَرُه
فَيَظَلُّ يَسطو وسطها / طَوراً وَطَوراً تَغمُرُه
قَد قالَ لَما شَفَّهُ / مِنكَ الجَفاءُ وَأَضمرُه
إِن كُنتُ قَد أَذنَبتُ ذَنْ / بَاً نورَ عَيني فَاِغفِرُه
وَلقَد صَنَعتَ إِلَيَّ في / ما فاتَ ما لا أَكفُرُه
وَشَكَرتُ ما أَولَيتَني / وَالحَقُّ مِثلي يَشكُرُه
فَاِرحَم أَسيرَكَ إِذ دَعا / كَ نَصيرُهُ لا تَنهرُه
إِن كُنت مالِكَ رِقِّهِ / فَالطُف بِهِ لا تَغدرُه
لا تَجفُهُ فَيَسوءُهُ / وَإِذا دَعا لا تَزجُرُه
إِنَّ الفُؤادَ عَلَيهِ كَف / فُ هَوىً لِحُبِّكَ تَعصُرُه
يدميهِ مِنها ظفرُها / وَإِذا تَضَرَّعَ تقشرُه
وَبِطَرفِ عَينِكَ ساحِرٌ / فَفُتور عَينِكَ يسحرُه
وَلِكَأسِ عُذرِكَ شربَةٌ / فيها تَصولُ فَتُسكِرُه
قَد كادَ يظهرُ سِرُّهُ / لَولا الحِفاظُ يُغَيِّرُه
اذكُر جَميلَ حِفاظِهِ / وَوَفائِهِ لا تكفرُه
بِاللَّهِ لا تُغلِظ لَهُ / في القَولِ مِنكَ فَتكسرُه
وَلَقَد كَسَرتَ نَشاطَهُ / وَأَذَقتَهُ ما أَسهرُه
فَدَيتُكَ إِنَّ اِنبِساطي إِلَيْ
فَدَيتُكَ إِنَّ اِنبِساطي إِلَيْ / كَ عِلمي بِأَخلاقِكَ الطّاهِرَه
وَإِنَّ يَميني عَلى كُلِّ ما / حَوَيتَ مُسَلَّطَةٌ قادِرَه
وَقَد أَسرَفَت هذِهِ في المجو / نِ وَلا بُدَّ مِن نيكنا الفاجِرَه
فَسَبِّب فديتُكَ في نيكِها / فَإِنّي أَرى رجلَها شاغِرَه
وَقَدِّر لَها تِسعَةً عِندَنا / وَنَأتيكَ في اللَّيلَةِ العاشِرَه
يَقولُ لي الخلّانُ لَو زُرتَ قَبرَها
يَقولُ لي الخلّانُ لَو زُرتَ قَبرَها / فَقُلتُ وَهَل غَيرَ الفُؤادِ لَها قَبرُ
عَلى حين لَم أَحدُث فَأَجهَل فَقدَها / وَلَم أَبلُغ السِّنِّ الَّتي مَعَها الصَّبرُ
بَدرا بدا في لَيلَةِ البَدرِ
بَدرا بدا في لَيلَةِ البَدرِ / في لَيلَةِ الأَربَعِ وَالعَشرِ
لِذلِكَ الشَّهر لَدَيَّ يَدٌ / لا يَنقَضي الدَّهر لَها شُكري
أَطلَعَ بَدرَينِ وَما عَهِدنا / بِأَن نَرى بَدرَينِ في شَهرِ
وَيلي مِن بَدرَينِ في لَيلَةٍ / كِلاهُما في ضَوئِهِ يَسري
مِنَ العَينِ واقِفَة دَمعَة
مِنَ العَينِ واقِفَة دَمعَة / فَلا هِيَ تَجِفُّ وَلا تَقطُرُ
وَمِن تَحتِ أَحشائِها لَوعَة / إِلَيكَ عَلى كَبِدي تَزفُرُ
فَيا رامِيا في حَشا نَفسِهُ / بِسَهمِ الفراقِ وَما يَشعُرُ
بِبَغدادَ تَترُكُ مَن قَد هَوَي / تُ وَأَنتَ غَداً مُزمِع مُبكِرُ
فَكُلٌّ لِكُلِّكَ مِنهُ مُدا / مٌ وَكُلُّكَ مِن كُلِّهِ يَسكَرُ
إِنَّ في الصَّبرِ لَخَيراً فَاِصطَبِر
إِنَّ في الصَّبرِ لَخَيراً فَاِصطَبِر / وَاِستَعِذ بِاللَّهِ مِن سوءِ القَدَر
إِجعَلِ الصَّبرَ لِما تحذرُهُ / جُنَّةً فَالصَّبرُ مِفتاحُ الظَفَر
كُلُّ مَن حُدِّثت عَنهُ إِنَّهُ / نالَ خَيراً فَاِعلَمَن أَن قَد صَبَر
إِنَّ في الصَّبرِ مُجيراً لَكَ مِن / صَولَةِ الهَمِّ إِذا الهَمُّ حَضَر
عادَ بِالسّوءِ عَلَيَّ حَذَري / رُبَّما أَدّى إِلى السّوءِ الحَذَر
قَدَّرَ اللَّهُ عَلَيَّ أَنَّني / لا أَرى يَومَ سُرورٍ فَأسَر
أَتجافى عَن هَناتِ لَو بِها / مُني الخلق جَميعاً لَاِنتَحَر
إِنَّ في قَلبي وَلا ذَنبَ لَكُم / حُرقَةً أثبتها فيهِ النَّظَر
بَصَري جَرَّ عَلى قَلبي الشَّقا / فَأَراحَ اللَّهُ قَلبي مِن بَصَر
زادَني شَوقاً إِلَيكُم هَجرُكُم / رُبَّما يَزدادُ شَوقاً مَن هَجَر
وَعَجيبٌ أَنَّ حُبّي لَكُمُ / صارَ ذَنبا عِندكُم لا يُغتَفَر
لا يضق عَفوك ما بي جَلَد / وَاِغفِري ذَنبي وَإِن كانَ كبَر
إِنَّ لِلمَوتِ إِلَيَّ سُبُلاً / غَيرَ أَنَّ المَوتَ يَأتي بِقَدَر
لامَني النَّاسُ عَلى حُبِّكُم / خابَ مَن عَنَّفَ فيكُم وَخَسَر
وَلَكُمْ نَبلٌ حِدادٌ صُيُبٌ / نَبلُ حُبٍّ لَم تُفَوَّق بِوَتَر
فَإِذا ما شِئتِ أَن تَستَعبِدي / أَحَداً أَرسَلتِ سَهماً فَعَقَر
فَهوَ عَبدٌ لَيسَ يَعدو كُلَّما / أَوجَبَ المَولى عَلَيهِ وَأَمَر
إِنَّني أَصبَحتُ في حُبِّكُمُ / بَينَ حالَينِ كِلا الحالَينِ شَر
بَينَ هجرانٍ وَبُعد أَجَّجا / في بَناتِ القَلبِ ناراً تَستَعِر
إِجعَلي نَفسَكِ لي ناصِرَةً / لَستُ إِلَّا بِكِ مِنكُم اِنتَصَر
إِنَّ في الهَجرِ لَداءً مُعضَلاً / وَلَداءُ الحُبِّ أَدهى وَأَمَر
قِف بِالمَنازِلِ وَالرَّبعِ الَّذي دَثَرا
قِف بِالمَنازِلِ وَالرَّبعِ الَّذي دَثَرا / فَسَقِّها الماءَ من عَينَيكَ وَالمَطَرا
بَل ما بُكاؤُكَ في دارٍ تَضَمَّنَها / ريبُ الزَّمانِ فَأَجلى أَهلها زُمَرا
بلى وَجَدتُ البكا يَشفي إِذا طَرَقَت / طَوارِقُ الهَمِّ إِن سَحا وَإِن دَرَرا
ما أَحسَنَ الصَّبرَ لَو كانَ المُحِبُّ إِذا / حَلَّت بِهِ نَوبَةٌ مِن دَهرِهِ صَبَرا
كَيفَ العَزاءُ وَلَم يَترُك لَهُ كَبداً / يَومُ الفراقِ وَلَم يَترُك لَهُ بَصَرا
ما زالَ يُشعِلُ ناراً في جَوانِحه / وَيُجشِمُ المُقلَتَينِ الدَّمعَ وَالسَّهَرا
يا دارُ دار الأُلى وَلَّت حُمولَهُمُ / لَو شِئتِ خَبَّرتِنا عَن أَهلِكِ الخَبَرا
أَينَ الَّذينَ عَهِدنا لا نَحِسُّهُمُ / وَلا نَرى مِنهُمُ عَيناً وَلا أَثَرا
قاظوا رَبيعَهُم في خِصبِ بادِيَة / حَتّى إِذا القيظُ وَلي آثَروا الحَضَرا
فَقَرَّبوا كُلَّ شِملالِ مَخيسَة / قَد شَذَّبَ النَيُّ عَن أَصلابِها الوَبَرا
وَكُلُّ قَرمٍ إِذا الحادي أَرَنَّ بِهِ / سارَ العِرَضنَةَ بَعدَ الأَينِ أَو خَطَرا
يا حادِيَ العيسِ لا تَربَع فَإِنَّ لَنا / بِها لِحاقاً قُبَيلَ الصُّبحِ أَو سَحَرا
أَمّم بِلادَكَ إِنَّا قاصِدونَ لَها / وَلَو نَزَلتَ بِبَطنِ السِّيفِ مِن هجَرا
تَقولُ وَالبينُ قَد شُدَّت رَكايِبُهُ / مَن شاءَ هذا لبينٍ أَو بِهِ أَمرَا
أَحفَظ مَغيبي فَإِنّي غَيرُ غادِرَةٍ / أَما حَفِظتَ وَلا حُسنى لِمَن غَدَرا
فَقُلتُ وَالعَينُ قَد جادَت مَساربُها / يَكادُ يَمنَعُ مِنها دَمعُها النَّظَرا
أَنتِ الَّتي سَمتني سلم العُداة وَقَد / يُسالِمُ المَرءُ أَعداءً وَإِن وُترا
لَولاكِ لَم تَسر الوَجناء في بَلَدٍ / لَم أَلقَ فيهِ إِذا اِستَنصَرتُ مُنتَصِرا
بِلا دَليلٍ وَلا عُقَدٍ يُشَكُّ لَها / إِلَّا تَعسُّفها وَالصَّارِمَ الذَّكرا
يا ناصِرَ الدينِ إِذ رَثَّت حَبائِلُهُ / لَأَنتَ أَكرَمُ مَن آوى وَمَن نَصَرا
أَعطاكَ رَبُّكَ مِن أَفضالِ نِعمَتِهِ / رِياسَتَينِ وَلَم تَظلم بِها بَشَرا
لَو كانَ خَلقٌ يَنالُ النَّجمَ مِن كَرَم / إِذَن لَنالَت يَداكَ الشَّمسَ وَالقَمَرا
إِنِّي شَعرتُ فَلَم أَمدَح سِواكَ وَلَم / أعمِل إِلى غَيرِكَ الإِدلاجَ وَالبكرا
ما كانَ ذلِكَ إِلَّا أَنَّني رَجُلٌ / لا أَقرَبُ الوِردَ حَتّى أَعرِفُ الصَّدرا
إِنِّي مَتى أَظمَ لا أَجهَر بِراحِلَتي / سَدمَ المِياه وَلا أَطرق بِها الكَدرا
إِلا مَوارِدَ لا يَلقى الغَريبُ بِها / مِن دونِها ذا يَدٍ يُهدي لَهُ الحَجَرا
إِئتِ المِياهَ الَّتي تَسقي إِذا طُرِقَت / عَذباً وَتَستُر من ذي الفاقَة العَوَرا
لَم أَمتَدِحكَ رَجاءَ المالِ أَطلُبُهُ / لكِن لِتُلبِسَني التَّحجيل وَالغُرَرا
إِلَيكَ أَعمَلتُها تَدمي مَناسِمُها / مِن مَسحِها المَروَ وَالكَدّانِ وَالبَهَرا
لَم يُبقِ من نيها عَضُّ النُّسوعِ بِها / أَلا تَعَسُّفُها وَالنَّاظِرُ الحَذِرا
تَخدي عَلى ثَفِنات يَرتَمينَ بِها / إِذا المَطِيُّ وَنى لَم تَعرِف الخَوَرا
لأياً أُنيخَت قَليلاً ثُمَّ أزعَجَها / حادٍ إِذا ما وَنى أَمثالُهُ اِنشَمَرا
في مَهمَهٍ لا تَرى عَينُ البَصيرِ بِهِ / إِلَّا حَواسرَ صَرعى غودِرَت جَزرا
يَعُضُّ مِن هَولِهِ الحادي بِإِصبَعِهِ / وَيَجعَل الماءَ دونَ الزَّادِ مُدخَرا
حَتَّى أنيخَت بِأَعلى النَّاسِ مَنزِلَةً / عِندَ الإِمامِ وَأَعفاهُم إِذا قَدِرا
هُوَ الَّذي فُقِئت عَينُ الضَّلالِ بِهِ / لَمّا تَفاقَمَ أَمرُ النَّاسِ وَاِنتَشَروا
ما زالَ يُلحِقُها ضرماً مُضرمَةً / في حَومَةِ المَوتِ حَتّى اِستَنتَجَ الطهَرا
قادَ الأَعادي كُرهاً خاضِعينَ لَهُ / حَتّى أَمَرَّ عَلى ما ساءَهُ المِرَرا
أَبدى مُحاربَةً ثُمَّ اِنبَرى لَهُمُ / بِالمَكرِ أَنَّ اِبنَ أم الحَربِ مَن مَكَرا
ساقَ الكَتائِبَ مِن مَرو فَأوردها / بطن السَّوادِ يَجُرُّ الشَّوك وَالشَّجَرا
حَتَّى أَحَلَّت بِدارِ الملكِ داهِيَةً / شابَ اِبنُ عِشرينَ مِنها وَاِشتَكى الكِبَرا
وَاِبتَزَّتِ النَّاكِثَ المَخلوعَ بزَّته / وَأَوطَأتهُ بِساطَ الذُلِّ مُقتَسِرا
وَفَرَّقت بَينَ ذي زَوجٍ وَزَوجَتِهِ / وَأَنسَت أُمّاً طُفَيلَيها وَإِن صَغُرا
مِن كُلِّ سابِحَةٍ أَو سابِحٍ عِندَ / نَهد مراكله مِن بَعدِ ما ضَمَرا
يَظَلُّ مِن وَقعِ أَطرافِ الرِّماحِ بِها / كَأَنَّ فيها إِذا اِستَعرَضَتها زَوَرا
لا يَتَّقي الطَّعن إِلا أَن يَصدَّكُما / صَدَّت كَريمَةُ قَومٍ أُسمِعَت هجرا
قُبٌّ خِفافُ العُجى تَبلى فَوارِسها / قَد صَيَّرَ الطَّعنُ في لَبَّاتِها وَقَرا
بِكُلِّ أَروَعَ خَطَّارِ بَشكَتِهِ / في كَفِّهِ صارِم يُفرى بِهِ القَصَرا
لا يَطعَنونَ إِذا جالَت خُيولُهُم / إِلا الحَوافِرَ وَاللَّبات وَالثُّغَرا
كَم قَد تَداركتنا مِن قعر مُظلِمَةٍ / وَكَم جَبَرتَ كَسيرَ العَظمِ فَاِنجَبَرا
وَكَم سَنَنتَ لَنا في الخَيرِ مِن سُنَنٍ / أَمثالُها ما عَلِمنا تُنبِتُ الشَّعَرا
أَنتَ المُدَبِّرُ لَولا ما تَداركنا / مِن يُمنِ رَأيِكَ كُنَّا لِلرَّدى جزرا
لَم يَشكُر الفَضل كُنه الشُّكر إِنَّ لَهُ / فَضلاً يُضاعِفُ أَضعافاً إِذا شَكَرا
لا يَجمَعُ المالَ إِلَّا رَيث يُتلِفُهُ / وَلا يُزَهِّدُهُ في العُرفِ مَن كَفَرا
لا يَقطَعُ الأَمرَ إِلا من مَفاصِله / سِيانِ ما غابَ مِنهُ عَنهُ أَو حَضَرا
كُنا نَقولُ أَلا يا لَيتَ باقينا / وَالحَيُّ مِنَّا كَمِثلِ المَيتِ إِذ قُبِرا
فَالأَرضُ بِالذر مِن طيبِ الزَّمانِ لَنا / تَقولُ يالَيتَ أَنَّ المَيتَ قَد نُشِرا
يا لَيتَ أَنَّا نَقيهِ السوءَ أَنفُسَنا / بَل لَيتَ أَعمارَنا كانَت لَهُ عُمُرا
هَل أَنَت صاح أَو مُراجِعُ صَبوَةٍ
هَل أَنَت صاح أَو مُراجِعُ صَبوَةٍ / أَم أَنتَ فيما بَينَ ذاكَ تُفَكِّرُ
لا بَل أَظُنُّكَ قَد جَنحتَ إِلى الصّبا / وَإِذا صَبَوتَ فَلَيسَ مِثلُكَ يُعذَرُ
إِنِّي حَدَستُ وَقَد نَظَرتُ بِفِكرَةٍ / وَلَعَلَّ ما أخطي إِذا ما أَنظُرُ
لَعَمري لَقَد قَرَّت عُيونٌ رَأَيتُها
لَعَمري لَقَد قَرَّت عُيونٌ رَأَيتُها / وَلكِنَّ عَيني لَم تُمَتَّع مِنَ النَّظَر
إِذا سَخِطَت أَومَت إِلى الدَّهرِ بِالَّذي / تُحاوِلُهُ فِيَّ فَلم يَعصِها القَدَر
وَلا عَيبَ إِلَّا أَنَّها بَشَرِيَّةٌ / فَلَولاهُ كانَت ثالِث الشَّمسِ وَالقَمَر
لَئِن كانَ أَشقى اللَّهُ قَوماً بِحُبِّهِم / فَقَد أَسعَدَ اللَّهُ المُحِبَّ إِذا قَدَر
يا مَن رَأى صورَةً فاقَت عَلى الصُّوَر
يا مَن رَأى صورَةً فاقَت عَلى الصُّوَر / يا مَن رَأى قَمَراً أَبهى مِنَ القَمَرِ
تُخيلَت حاسِراً حَتَّى إِذا حَسَرَت / قالَ الصُّدودُ لَها يا هذِهِ اِستَتِري
فَأَبرَزَت رَدناً وَارَت مَحاسِنَها / بِفَضلِهِ وَأَزاحَت عازِبَ الخَصرِ
نامَت وَبِتُّ أُراعي النَّجمَ مُرتَفِقاً / يا نَومَ حَمل أَما اِستَحيَيتَ مِن سَهَري
لَيتَ شِعري وَذاكَ عِندي عَيبٌ
لَيتَ شِعري وَذاكَ عِندي عَيبٌ / كَيفَ يَحيا مُباعَدٌ مَهجورُ
عاقَبَتني عَلى الَّذي اِجتَرَمَتهُ / وَتَوَلَّت وَذُنبُها مَغفورُ
جَعَلَت بَينَنا الوِصالَ وَنادَت / بِاِختِيالٍ يا هَجرنا مَنصورُ
لَو بِنا قُوَّةٌ سَعينا عَلَيها / كَيفَ وَالقَلبُ عِندَها مَحصورُ
اِنفِ بِالخَمرِ نَعسَةَ المَخمورِ
اِنفِ بِالخَمرِ نَعسَةَ المَخمورِ / وَاِسقِ يَحيى كَبيرنَا بِالكَبيرِ
مِن سُلاف تُديرُ طَوقاً مِنَ الدُّر / رِ عَلَيها مفَصَّلاً بِشُذورِ
عَمَرَت وَالزَّمانُ في حِجرِ أم / فَضَّلتها بِالبِرِّ وَالتَّوقيرِ
فَدَّمتها المُرابِياتُ مِنَ الدَّه / رِ فَأَبقَت قَليلَة مِن كَثيرِ
لَستُ في وَصفِها بِبالِغِ شَيءٍ / غَيرَ أَنِّي أُقِرُّ بِالتَّقصيرِ
فَإِذا الكَأسُ أَقبَلَت فَبِنَوعَي / نِ سُلافٍ مُعَتَّقٍ وَسُرورِ
غَيرَ أَنَّ السُّلافَ تُبصِرُهُ العَي / نُ وَهذا يُرى بِعَينِ الضَّميرِ
أَلا مَن عَذيرُ النَّفسِ مِمَّن يَلومُها
أَلا مَن عَذيرُ النَّفسِ مِمَّن يَلومُها / عَلى حُبِّها جَهلاً أَلا مَن عَذيرُها
تَذَكَّرتُ أَيّاماً تَوَلّى سُرورُها / فَدر لعَيني عِندَ ذاكَ دَرُورُها
فَبِتُّ كَأَنّي بِالنُّجومِ مُوَكَّلٌ / أُقَلِّبُ فيها مُقلَتي وَأُديرُها
كَأَنَّ بَناتَ النَّعشِ باسِطٌ كَفَّهُ / وَقَد مَدَّ كَفاً لِلسُّؤالِ فَقيرُها
كَأَنَّ الثُّريا في الدُّجى وَاِجتِماعِها / عِصابَةُ طَيرٍ فَزَّعَتها صُقورُها
يخالُ بِها النَّسرُ الَّذي هُوَ واقِعٌ / أَثافِيَّ لَم يُنصَب عَلَيها قُدورُها
أَلا يا لَها مِن لَيلَةٍ حارَ نَجمُها / وَغابَ الكَرى فيها وَطالَ قَصيرُها
تَذَكَّرتُ أَيّاماً تَوَلَّت حَميدَةً / فَعادَ لِنَفسي بَثُّها وَزَفيرُها
لَيالِيَ كانَت مَن تُحِبُّ أَميرَةً / عَلَيكَ وَمَولاةً وَأَنتَ أَميرُها
وَكانَت أَسيراً في وِثاقِكَ يَنتَهي / إِلى كُلِّ مَن تَهوى وَأَنتَ أَسيرُها
فَأَعقَبتُ أَيّاماً جَرَت بِمُساءَتي / قَريبَةُ بُؤسٍ وَاستشاط غيورُها
وَفي الصَّدرِ مِنّي غُصَّةٌ لا أُحيرُها / وَفي الصَّدرِ مِنها غُصَّة لا تُحيرُها
دَهاني وَإِيّاها العُداةُ فَأَصبَحَت / وَقَد أُسبِلَت دوني عَلَيها سُتورُها
وَكانَت وَأَبوابٌ لَها خَمسُ عَشرَة / تَطولُ عَلَيها لَيلَةً لا أَزورُها
وَكُنتُ أَثيراً عِندَهُنَّ يَرَينَني / كَتُفّاحَةٍ قَد فُضَّ فيها عَبيرُها
وَكانَت عَلاماتي إِلَيها تَنَحنُحي / وَيُنذِرُها مِن حِسِّ نَعلي صَريرُها
وَكانَت إِذا ما جاءَ غَيري تَسَتَّرَت / وَكانَ لَدَيَّ بَذلُها وَسُتورُها
فَأَصبَحتُ أَرضى بِالقَليلِ وَرُبَّما / طَلَبتُ فَلَم يَعسُر عَلَيَّ كَثيرُها
وَأَعزِز عَلَيها أَن تَكونَ إِشارَتي / إِلَيها بِطُهر لا يُجابُ مُشيرُها
تَطاوَلَتِ الأَيَّامُ مُنذُ رَأَيتُها / فَكانَت عَلَيَّ كَالسِّنينِ شهورُها
وَلَو أَنَّ ما أَلقى مِنَ الوجدِ ساعَةً / بِأَجبالِ رَضوى هُدَّ منَها صُخورُها
وَلَو أَنَّ ما أَلقى مِنَ الوجدِ ساعَةً / بِرُكنَي ثَبيرٍ ما أَقامَ ثَبيرُها
وَلَو أَنَّني أدعى لَدى المَوتِ باسمِها / لَعادَ لِنَفسي باذن رَبّي نُشورُها
أُعَلِّلُ نَفسي بِالأَماني مَخافَةً / عَلَيها إِذا ما الشَّوقُ كادَ يُطيرُها
وَأَدعو إِذا ما خِفتُ أَن يَغلبَ الهَوى / عَلَيها غَرامي بِاِسمِها أَستَجيرُها
فَإِن تَكُنِ الأَيَّامُ أَغشتكَ نقمَةً / فَقَد أَدبَرت أَعجازها وَصُدورُها
وَإِنِّي لَآتي الشَّيءَ مِن غَيرِ عِلمِها / فَيُخبِرُها عَنّي بِذاكَ ضَميرُها
وَقَد زَعِمتُ أَنِّي سَمَحتُ لِغَيرِها / بِوَصلٍ وَلا وَالبُدنِ تَدمي نحورُها
وَرَبِّ المَنايا لا أُميلُ زِيارَتي / إِلى غَيرِها أُنثى وَلا أَستَزيرُها
وَلكِنَّني كَنَّيتُ عَنها بِغَيرِها / مَخافَةَ عَينٍ لا يَنامُ بَصيرُها
عَلَيَّ نُذورٌ جَمَّةٌ في لِقائِها / فَلَيتَ نذوري أَوجَبَت وَنُذورُها
أَما مِن مُشير سَدَّدَ اللَّهُ رَأيَهُ / يَرى أَنَّ فيها حيلَةً لا يُضيرُها
أَلَم تَعجَب لِمُكتَئِبٍ حَزينٍ
أَلَم تَعجَب لِمُكتَئِبٍ حَزينٍ / حَليفَ صَبابَةٍ وَخَدَّينِ صَبرِ
يَقولُ إِذا سَأَلت بِهِ بِخَيرٍ / وَكَيفَ يَكونُ مَهجور بِخَيرِ
لسكر الهَوى أَروى لِعَظمي وَمِفصَلي
لسكر الهَوى أَروى لِعَظمي وَمِفصَلي / إِذا ظَمِيا يا روح مِن سُكرَةِ الخَمرِ
وَاحسِن مِن رَجعِ المَثاني دفقها / مَراجيع نَغم الثَّغرِ يقرَعُ بِالثَّغرِ
يا عُذرُ زُيِّنَ بِاِسمِكَ العُذرُ
يا عُذرُ زُيِّنَ بِاِسمِكَ العُذرُ / وَأَساءَ وَلَم يُحسِن بِكَ الدَّهرُ
وَهيَ الَّتي قالَت وَقَد جَعَلَت / تنسلُّ من وجناتِها الجَمرُ
اكمد بِدائِكَ هَل رَأَيتَ كَذا / بَدراً يَلوحُ بِخَدِّهِ البَدرُ
سَل دِيارَ الحَيِّ ما غَيَّرَها
سَل دِيارَ الحَيِّ ما غَيَّرَها / وَمَحاها وَمَحا مَنظَرَها
وَهيَ اللاتي إِذا ما اِنقَلَبَت / صَيَّرَت مَعروفَها مُنكَرَها
إِنَّما الدُّنيا كَظِلٍّ زائِلٍ / نَحمَدُ اللَّهَ كَذا قَدَّرَها