المجموع : 52
رُبَّ اِبنِ لَيلٍ سَقانا
رُبَّ اِبنِ لَيلٍ سَقانا / وَالشَمسُ تُطلِعُ غُرَّه
فَظَلَّ يَسوَدُّ لَوناً / وَالكَأسُ تَسطَعُ حُمرَه
كَأَنّهُ كيسُ فَحمٍ / قَد أوقِدَت فيهِ جَمرَه
وَلِلمُدامِ مُديرٌ / يَشُبُّ جَمرَةَ خَمرَه
تَضاحَكَت عَن حَبابٍ / يُقَبِّلُ الماءُ ثَغرَه
فَظِلتُ آخُذُ ياقوتَةً / وَأَصرِفُ دُرَّه
حَتّى تَثَنَّيتُ غُصناً / وَاِصفَرَّتِ الشَمسُ نُقرَه
وَاِرتَدَّ لِلشَمسِ طَرفٌ / بِهِ مِنَ السُقمِ فَترَه
يَجولُ لِلغَيمِ كُحلٌ / فيهِ وَلِلقَطرِ عَبرَه
وَمائِسَةٍ تُزهى وَقَد خَلَعَ الحَيا
وَمائِسَةٍ تُزهى وَقَد خَلَعَ الحَيا / عَلَيها حُلىً حُمراً وَأَردِيَةً خُضرا
يَذوبُ لَها ريقُ الغَمامَةِ فِضَّةً / وَيَجمُدُ في أَعطافِها ذَهَباً نَضرا
وَنَشوانَ غَنَّتهُ حَمامَةُ أَيكَةٍ عَلى
وَنَشوانَ غَنَّتهُ حَمامَةُ أَيكَةٍ عَلى / حينَ طَرفُ النَجمِ قَد هَمَّ أَن يَكرى
فَهَبَّ وَريحُ الفَجرِ عاطِرَةُ الجَنى / لَطيفَةُ مَسِّ البَردِ طَيِّبَةُ المَسرى
وَطافَ بِها وَاللَيلُ قَد رَثَّ بُردُهُ / وَلِلصُبحِ في أُخرى الدُجى مَنكِبٌ يُعرى
وَأَصغى إِلى لَحنٍ فَصيحٍ يَهُزُّهُ / كَما هَزَّ نَشرُ الريحِ رَيحانَةً سَكرى
تَهَشَّ إِلَيهِ النَفسُ حَتّى كَأَنَّهُ / عَلى كَبِدٍ نُعمى وَفي أُذُنٍ بُشرى
وَمَفازَةٍ لانَجمُ في ظَلمائِها
وَمَفازَةٍ لانَجمُ في ظَلمائِها / يَسري وَلا فَلَكٌ بِها دَوّارُ
تَتَلَهَّبُ الشِعرى بِها وَكَأَنَّها / في كَفِّ زِنجِيِّ الدُجى دينارُ
تَرمي بِهِ الغيطانُ فيها وَالرُبى / دُوَلاً كَما يَتَمَوَّجُ التَيّارُ
قَد لَفَّني فيها الظَلامُ وَطافَ بي / ذِئبٌ يُلِمُّ مَعَ الدُجى زُوّارُ
طَرّاقُ ساداتِ الدِيارِ مُساوِرٌ / خَتّالُ أَبناءِ السُرى غَدّارُ
يَسري وَقَد نَضَحَ النَدى وَجهَ الصَبا / في فَروَةٍ قَد مَسَّها اِقشِعرارُ
فَعَشَوتُ في ظَلماءَ لَم تُقدَح بِها / إِلّا لِمُقلَتِهِ وَبَأسي نارُ
وَرَفَلتُ في خُلَعٍ عَلَيَّ مِن الدُجى / عُقِدَت لَها مِن أَنجُمٍ أَزرارُ
وَاللَيلُ يَقصُرُ خَطوَهُ وَلَرُبَّما / طالَت لَيالي الرَكبِ وَهيَ قِصارُ
قَد شابَ مِن طَرَفِ المَجَرَّةِ مَفرِقٌ / فيها وَمِن خَطِّ الهِلالِ عِذارُ
وَلَيلٍ طَرَقتُ المالِكِيَّةَ تَحتَهُ
وَلَيلٍ طَرَقتُ المالِكِيَّةَ تَحتَهُ / أَجَدَّ عَلى حُكمِ الشَبابِ مَزارا
فَخالَطتُ أَطرافَ الأَسِنَّةِ أَنجُماً / وَدُستُ لِهالاتِ البُدورِ دِيارا
فَلَم يَكُ إِلّا رَشفَةٌ وَاِعتِناقَةٌ / وَيُعجِبُني أَنّي أَعُفُّ إِزارا
أَلَم يُسَقِّيَني سُلافَةَ ريقِهِ
أَلَم يُسَقِّيَني سُلافَةَ ريقِهِ / وَطَوراً يُحَيِّني بِآسِ عِذارِ
فَنِلتُ مُرادَ النَفسِ مِن أُقحُوانَةٍ / شَمَمتُ عَلَيها نَفحَةً لِعَرارِ
وَوَجهٍ تَخالُ الخالَ في صَحنِ خَدِّهِ / فُتاتَةَ مِسكٍ فَوقَ جُذوَةِ نارِ
ياحَبَّذا وَالطَيفُ ضَيفٌ طارِقٌ
ياحَبَّذا وَالطَيفُ ضَيفٌ طارِقٌ / طَيفٌ عَلى شَحطٍ أَجَدَّ مَزارا
تَلوي الشَمالُ بِهِ قَضيباً رُبَّما / عاطى بِسوسانٍ هُناكَ عَرارا
فَلَثَمتُ فيما قَد لَثَمتُ عَلاقَةً / خَدّاً يَسيلُ مَعَ العُقارِ عُقارا
ما إِن دَرَيتُ وَقَد نَعِمتُ بِلَثمِهِ / ماذا رَأَيتُ أَجَنَّةً أَم نارا
يا بانَةً تَهتَزُّ فَينانَةً
يا بانَةً تَهتَزُّ فَينانَةً / وَرَوضَةً تَنفَحُ مِعطارا
لِلَّهِ أَعطافُكِ مِن خَوطَةٍ / وَحَبَّذا نَورُكِ نُوّارا
عَلِقتُ طَرفاً فاتِناً فاتِراً / مِنكِ وَغِرّاً مِنكِ غَرّارا
وَنابِلاً مُستَوطِناً بابِلاً / نَفّاثَ لَحظِ العَينِ سَحّارا
إِذا رَنا يَجرَحُني طَرفُهُ / لَحَظتُهُ أَجرَحُهُ ثارا
فَيَصبُغُ الدَرُّ عَقيقاً بِهِ / وَأَصبُغُ النُوّارَ أَزهارا
وَجهٌ بِهِ مِن بِدَعِ الحُسنِ ما / يُقيمُ لِلعُشّاقِ أَعذارا
قَد طَبَعَ الحُسنُ بِهِ دِرهَماً / تَسبُكُ مِنهُ العَينُ دينارا
مَن يَلقَ مِن لاعِجِ وَجدٍ بِهِ / ريحاً فَقَد لاقَيتُ إِعصارا
تَخفِقُ أَحشائي بِهِ دَوحَةً / وَتَنثُرُ الأَعيُنُ نُوّارا
تَدورُ بِالأَعيُنِ مِن وَجهِهِ / كَعبَةُ حُسنٍ حَيثُما دارا
فَلي بِهِ عَينٌ مَجوسِيَّةٌ / تَعبُدُ مِن وَجنَتِهِ نارا
نَدّى النَسيمُ فَما أَرَقَّ وَأَعطَرا
نَدّى النَسيمُ فَما أَرَقَّ وَأَعطَرا / وَهفا القَضيبُ فَما أَغَضَّ وَأَنضَرا
فَزَفَفتُها بِكراً إِذا قَبَّلتُها / أَلَقَت عَلى وَجهي قِناعاً أَحمَرا
وَرَفَلتُ بَينَ قَميصِ غَيمٍ هَلهَلٍ / وَرِداءِ شَمسٍ قَد تَمَزَّقَ أَصفَرا
وَالريحُ تَنخُلُ مِن رَذاذٍ لُؤلُؤاً / رَطباً وَتَفتِقُ مِن غَمامٍ عَنبَرا
إِنَّما العَيشُ مُدامٌ أَحمَرُ
إِنَّما العَيشُ مُدامٌ أَحمَرُ / قامَ يَسقيهِ غُلامٌ أَحوَرُ
وَعَلى الأَقداحِ وَالأَدواحِ مِن / حَبَبٍ نورٌ وَتُبرٌ أَصفَرُ
فَكَأَنَّ الدَوحَ كاسٌ أَزبَدَت / وَكَأَنَّ الكاسَ دَوحٌ مُزهِرُ
أَرَيتَ أَيَّ بُنَيَّةٍ
أَرَيتَ أَيَّ بُنَيَّةٍ / تُعزى إِلى الرَوضِ النَضيرِ
أَهدى الرَبيعُ صَغيرَةً / مِنها تَهِشُّ إِلى الكَبيرِ
فَلَثَمتُها كَلَفاً بِها / وَالشَيخُ يَكلُفُ بِالصَغيرِ
وَصَهوَةِ عَزمٍ قَد تَمَطَّيتُ وَالدُجى
وَصَهوَةِ عَزمٍ قَد تَمَطَّيتُ وَالدُجى / مُكِبُّ كَأَنَّ الصُبحَ في صَدرِهِ سُرُّ
وَقَد أَلحَفَتني شَملَةُ الظِلِّ شَمأَلٌ / يُقَلقِلُ أَحشاءَ الأَراكِ بِها ذُعرُ
وَأَشرَفَ طَمّاحُ الذُؤابَةِ شامِخٌ / تَنَطَّقَ بِالجَوزاءِ لَيلاً لَهُ خَصرُ
وُقورٌ عَلى مَرِّ اللَيالي كَأَنَّما / يُصيخُ إِلى نَجوى وَفي أُذنِهِ وَقرُ
تَمَهَّدَ مِنهُ كُلُّ رُكنٍ رَكانَةً / فَقَطَّبَ إِطراقاً وَقَد ضَحِكَ البَدرُ
وَلاذَ بِهِ نَسرُ السَماءِ كَأَنَّما / يَحِنُّ إِلى وَكرٍ بِهِ ذَلِكَ النَسرُ
فَلَم أَدرِ مِن صَمتٍ لَهُ وَسَكينَةٍ / أَكبَرَةُ سِنٍّ وَقَّرَت مِنهُ أَم كِبرُ
وَمُهَفهَفٍ طاوي الحَشا
وَمُهَفهَفٍ طاوي الحَشا / خَنِثِ المَعاطِفِ وَالنَظَر
مَلَأَ العُيونَ بِصورَةٍ / تُلِيَت مَحاسِنُها سُوَر
فَإِذا رَنا وَإِذا مَشى / وَإِذا شَدا وَإِذا سَفَر
فَضَحَ الغَزالَةَ وَالغَمامَةَ / وَالحَمامَةَ وَالقَمَر
يا لَيلَ وَجدٍ بِنَجدٍ
يا لَيلَ وَجدٍ بِنَجدٍ / أَما لِطَيفِكَ مَسرى
وَما لِدَمعي طَليقاً / وَأَنجُمُ اللَيلِ أَسرى
وَقَد طَمى بَحرُ لَيلٍ / لَم يُعقِبِ المَدَّ جَزرا
لايَعبُرُ الطَرفُ فيهِ / غَيرَ المَجَرَّةِ جِسرا
وَأَغيَدٍ حُلوِ اللِمى أَملَدٍ
وَأَغيَدٍ حُلوِ اللِمى أَملَدٍ / يُذكى عَلى وَجنَتِهِ الجَمرُ
بِتُّ أُناجيهِ وَلا ريبَةٌ / تَعلَقُ بي فيهِ وَلا وِزرُ
وَاللَيلُ سِترٌ دونَنا مُرسَلٌ / قَد طَرَّزَتهُ أَنجُمٌ حُمرُ
أَبكي وَيَشجيني فَفي وَجنَتي / ماءٌ في وَجنَتِهِ خَمرُ
وَأَقرَأُ الحُسنَ بِهِ سورَةٌ / كانَ لَها مِن وَجهِهِ عَشرُ
وَباتَ يَسقيني تَحتَ الدُجى / مَشمولَةً يَمزُجُها القَطرُ
وَاِبتَسَمَت عَن وَجهِهِ لَيلَةٌ / كَأَنَّهُ في وَجهِها ثَغرُ
يا أَيُّها الصَبُّ المُعَنّى بِهِ
يا أَيُّها الصَبُّ المُعَنّى بِهِ / ها هُوَ لا خَلَّ وَلا خَمرُ
سَوَّدَ ما وَرَّدَ مِن خَدِّهِ / فَعادَ فَحماً ذَلِكَ الجَمرُ
سَرى يَرتَمي رَكضاً بِهِ كُلَّ مَوجَةٍ
سَرى يَرتَمي رَكضاً بِهِ كُلَّ مَوجَةٍ / تَرامى بِها بَحرٌ مِنَ اللَيلِ أَخضَرُ
وَلا صاحِبٌ إِلّا طَريرُ مُهَنَّدٍ / وَمُعتَدِلٌ لَدنُ المَهَزَّةِ رَسمَرُ
وَأَطلَسُ زَوّارٌ مَعَ اللَيلِ أَغبَشٌ / سَرى خَلفَ أَستارِ الدُجى يَتَنَكَّرُ
تَثاءَبَ مِن مَسِّ الطَوى فَهوَ يَشتَكي / فَيَعوي وَقَد لَفَّتهُ نَكباءُ صَرصَرُ
وَدونَ أَمانيهِ شَرارَةُ لَهذَمٍ / يُقَلِّبُ فيها مِثلَها حينَ يَنظُرُ
فَمِن جَوعَةٍ تُغريهِ بي فَهوَ مُدَّنٍ / وَمِن رَوعَةٍ تُثنيهِ عَنّي فَيَقصُرُ
بَهَرتِ جَمالاً فَرُعتِ البَصَر
بَهَرتِ جَمالاً فَرُعتِ البَصَر / وَذُبتُ سَقاماً فَفُتُّ النَظَر
فَصِرتُ إِذا أَمكَنَت لُقيَةٌ / أُريكِ السُهى وَتُريني القَمَر
تَقَبَّلِ المُهرَ مِن أَخي ثِقَةٍ
تَقَبَّلِ المُهرَ مِن أَخي ثِقَةٍ / أَرسَلَ ريحاً بِهِ إِلى مَطَرِ
مُشتَمِلاً بِالظَلامِ مِن شِيَةٍ / لَم يَشتَمِل لَيلُها عَلى سَحَرِ
مُنتَسِباً لَونُهُ وَغُرَّتُهُ / إِلى سَوادِ الفُؤادِ وَالبَصَرِ
تَحسِبُهُ مِن عُلاكَ مُستَرِقاً / بَهجَةَ مَرأى وَحُسنَ مُختَبَرِ
حَنَّ إِلى راحَةٍ تَفيضُ نَدىً / فَمالَ ظِلٌّ بِهِ عَلى نَهرِ
تَرى بِهِ وَالنَشاطُ يُلهِبُهُ / ماشِئتَ مِن فَحمَةٍ وَمِن شَرَرِ
لَو حَمَلَ اللَيلُ حُسنَ دُهمَتِهِ / أَمتَعَ طَرفَ المُحِبِّ بِالسَهَرِ
أَحمى مِنَ النَجمِ يَومَ مَعرَكَةٍ / ظَهراً وَأَجرى بِهِ مِنَ القَدَرِ
اِسوَدَّ وَاِبيَضَّ فِعلُهُ كَرَماً / فَاِلتَفَتَ الحُسنُ فيهِ عَن حَوَرِ
كَأَنَّهُ وَالنُفوسُ تَعشَقُهُ / مُرَكَّبٌ مِن مَحاسِنِ الصُوَرِ
فَاِزدَد سَنا بَهجَةٍ بِدُهمَتِهِ / فَاللَيلُ أَذكى لِغُرَّةِ القَمَرِ
وَمِثلُ شُكري عَلى تَقَبَّلِهِ / يَجمَعُ بَينَ النَسيمِ وَالزَهرِ
وَبَيضاءَ في صَفراءَ تَحمِلُ نَفحَةً
وَبَيضاءَ في صَفراءَ تَحمِلُ نَفحَةً / تَنَفَّسَ عَنها المَندَلُ الرَطبُ وَالجَمرُ
خَلَعتُ رِداءَ الصَبرِ فيها عَلاقَةً / وَيَحسُنُ إِلّا في هَوى مِثلِها الصَبرُ
وَلا غَروَ أَن تَروى بِها عَينُ ناظِرٍ / وَباطِنُها ماءٌ وَظاهِرُها خَمرُ