القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الفَرزدَق الكل
المجموع : 132
زارَت سُكَينَةُ أَطلاحاً أَناخَ بِهِم
زارَت سُكَينَةُ أَطلاحاً أَناخَ بِهِم / شَفاعَةُ النَومِ لِلعَينَينِ وَالسَهَرُ
كَأَنَّما مُوِّتوا بِالأَمسِ إِذ وَقَعوا / وَقَد بَدَت جُدَدٌ أَلوانُها شُهُرُ
وَقَد يَهيجُ عَلى الشَوقِ الَّذي بَعَثَت / أَقرانُهُ لائِحاتُ البَرقِ وَالذَكَرُ
وَساقَنا مِن قَساً يُزجي رَكائِبَنا / إِلَيكَ مُنتَجَعُ الحاجاتِ وَالقَدَرُ
وَجائِحاتٌ ثَلاثاً ما تَرَكنَ لَنا / مالاً بِهِ بَعدَهُنَّ الغَيثُ يُنتَظَرُ
ثِنتانِ لَم تَترُكا لَحماً وَحاطِمَةٌ / بِالعَظمِ حَمراءُ حَتّى اِجتيحَتِ الغُرَرُ
فَقُلتُ كَيفَ بِأَهلي حينَ عَضَّ بِهِم / عامٌ لَهُ كُلُّ مالٍ مُعنِقٌ جَزَرُ
عامٌ أَتى قَبلَهُ عامانِ ما تَرَكا / مالاً وَلا بَلَّ عوداً فيهِما مَطَرُ
تَقولُ لَمّا رَأَتني وَهيَ طَيِّبَةٌ / عَلى الفِراشِ وَمِنها الدَلُّ وَالخَفَرُ
كَأَنَّني طالِبٌ قَوماً بِجائِحَةٍ / كَضَربَةِ الفَتكِ لا تُبقي وَلا تَذَرُ
أَصدِر هُمومَكَ لا يَقتُلكَ وارِدُها / فَكُلُّ وارِدَةٍ يَوماً لَها صَدَرُ
لَمّا تَفَرَّقَ بي هَمّي جَمَعتُ لَهُ / صَريمَةً لَم يَكُن في عَزمِها خَوَرُ
فَقُلتُ ما هُوَ إِلّا الشَأمُ تَركَبُهُ / كَأَنَّما المَوتُ في أَجنادِهِ البَغَرُ
أَو أَن تَزورَ تَميماً في مَنازِلِها / بِمَروَ وَهيَ مَخوفٌ دونَها الغَرَرُ
أَو تَعطِفَ العيسَ صُعراً في أَزِمَّتِها / إِلى اِبنِ لَيلى إِذا اِبزَوزى بِكَ السَفَرُ
فَعُجتُها قِبَلَ الأَخيارِ مَنزِلَةً / وَالطَيِّبي كُلِّ ما اِلتاثَت بِهِ الأُزُرُ
قَرَّبتُ مُحلِفَةً أَقحادَ أَسنُمِها / وَهُنَّ مِن نَعَمِ اِبنَي داعِرٍ سِرَرُ
مِثلُ النَعائِمِ يُزجينا تَنَقُّلَها / إِلى اِبنِ لَيلى بِنا التَهجيرُ وَالبُكَرُ
خوصاً حَراجيجَ ما تَدري أَما نَقِبَت / أَشكى إِلَيها إِذا راحَت أَمِ الدَبَرُ
إِذا تَرَوَّحَ عَنها البَردُ حُلَّ بِها / حَيثُ اِلتَقى بِأَعالي الأَسهُبِ العَكَرُ
بِحَيثُ ماتَ هَجيرُ الحَمضِ وَاِختَلَطَت / لَصافِ حَولَ صَدى حَسّانَ وَالحُفَرُ
إِذا رَجا الرَكبُ تَعريساً ذَكَرتُ لَهُم / غَيثاً يَكونُ عَلى الأَيدي لَهُ دِرَرُ
وَكَيفَ تَرجونَ تَغميضاً وَأَهلُكُمُ / بِحَيثُ تَلحَسُ عَن أَولادِها البَقَرُ
مُلقَونَ بِاللَبَبِ الأَقصى مُقابِلُهُم / عِطفا قَساً وَبِراقٌ سَهلَةٌ عُفَرُ
وَأَقرَبُ الريفِ مِنهُم سَيرُ مُنجَذِبٍ / بِالقَومِ سَبعَ لَيالٍ ريفُهُم هَجَرُ
سيروا فَإِنَّ اِبنَ لَيلى مِن أَمامِكُمُ / وَبادِروهُ فَإِنَّ العُرفَ مُبتَدَرُ
وَبادِروا بِاِبنِ لَيلى المَوتَ إِنَّ لَهُ / كَفَّينِ ما فيهِما بُخلٌ وَلا حَصَرُ
أَلَيسَ مَروانُ وَالفاروقُ قَد رَفَعا / كَفَّيهِ وَالعودُ ماءَ العِرقِ يَعتَصِرُ
ما اِهتَزَّ عودٌ لَهُ عِرقانِ مِثلُهُما / إِذا تَرَوَّحَ في جُرثومِهِ الشَجَرُ
أَلفَيتَ قَومَكَ لَم يَترُك لِأَثلَتِهِم / ظِلٌّ وَعَنها لِحاءُ الساقِ يُقتَشَرُ
فَأَعقَبَ اللَهُ ظِلّاً فَوقَهُ وَرَقٌ / مِنها بِكَفَّيكَ فيهِ الريشُ وَالثَمَرُ
وَما أُعيدَ لَهُم حَتّى أَتَيتَهُمُ / أَزمانَ مَروانَ إِذ في وَحشِها غِرَرُ
فَأَصبَحوا قَد أَعادَ اللَهُ نِعمَتَهُم / إِذ هُم قُرَيشٌ وَإِذ ما مِثلَهُم بَشَرُ
وَهُم إِذا حَلَفوا بِاللَهِ مُقسِمُهُم / يَقولُ لا وَالَّذي مِن فَضلِهِ عُمَرُ
عَلى قُرَيشٍ إِذا اِحتَلَّت وَعَضَّ بِها / دَهرٌ وَأَنيابُ أَيّامٍ لَها أَثَرُ
وَما أَصابَت مِنَ الأَيّامِ جائِحَةٌ / لِلأَصلِ إِلّا وَإِن جَلَّت سَتُجتَبَرُ
وَقَد حُمِدَت بِأَخلاقٍ خُبِرتَ بِها / وَإِنَّما يا اِبنُ لَيلى يُحمَدُ الخَبَرُ
سَخاوَةٌ مِن نَدى مَروانَ أَعرِفُها / وَالطَعنِ لِلخَيلِ في أَكتافِها زَوَرُ
وَنائِلٌ لِاِبنِ لَيلى لَو تَضَمَّنَهُ / سَيلُ الفُراتِ لَأَمسى وَهوَ مُحتَقَرُ
وَكانَ آلُ أَبي العاصي إِذا غَضِبوا / لا يَنقُضونَ إِذا ما اِستُحصِدَ المِرَرُ
يَأبى لَهُم طولَ أَيديهِم وَأَنَّ لَهُم / مَجدَ الرِهانِ إِذا ما أُعظِمَ الخَطَرُ
إِن عاقَبوا فَالمَنايا مِن عُقوبَتِهِم / وَإِن عَفَوا فَذَوُو الأَحلامِ إِن قَدَروا
لا يَستَثيبونَ نُعماهُم إِذا سَلَفَت / وَلَيسَ في فَضلِهِم مَنٌّ وَلا كَدَرُ
كَم فَرَّقَ اللَهُ مِن كَيدٍ وَجَمَّعَهُ / بِهِم وَأَطفَأَ مِن نارٍ لَها شَرَرُ
وَلَن يَزالَ إِمامٌ مِنهُمُ مَلِكٌ / إِلَيهِ يَشخَصُ فَوقَ المِنبَرِ البَصَرُ
إِنَّ الأَرامِلَ وَالأَيتامَ قَد يَئِسوا
إِنَّ الأَرامِلَ وَالأَيتامَ قَد يَئِسوا / وَطالِبي العُرفِ إِذ لاقاهُمُ الخَبَرُ
أَنَّ اِبنَ لَيلى بِأَرضِ النيلِ أَدرَكَهُ / وَهُم سِراعٌ إِلى مَعروفِهِ القَدَرُ
لَمّا اِنتَهوا عِندَ بابٍ كانَ نائِلُهُ / بِهِ كَثيراً وَمِن مَعروفِهِ فَجَرُ
قالوا دَفَنّا اِبنَ لَيلى فَاِستَهَلَّ لَهُم / مِنَ الدُموعِ عَلى أَيّامِها دِرَرُ
مِن أَعيُنٍ عَلِمَت أَن لا حِجازَ لَهُم / وَلا طَعامَ إِذا ما هَبَّتِ القِرَرُ
ظَلّوا عَلى قِبرِهِ يَستَغفِرونَ لَهُ / وَقَد يَقولونَ تاراتٍ لَنا العِبَرُ
يُقَبِّلونَ تُراباً فَوقَ أَعظُمِهِ / كَما يُقَبَّلُ في المَحجوجَةِ الحَجَرُ
لِلَّهِ أَرضٌ أَجَنَّتهُ ضَريحَتُها / وَكَيفَ يُدفَنُ في المَلحودَةِ القَمَرُ
تَذَكَّرَ هَذا القَلبُ مِن شَوقِهِ ذِكرا
تَذَكَّرَ هَذا القَلبُ مِن شَوقِهِ ذِكرا / تَذَكَّرَ شَوقاً لَيسَ ناسِيَهُ عَصرا
تَذَكَّرَ ظَمياءَ الَّتي لَيسَ ناسِياً / وَإِن كانَ أَدنى عَهدِها حِجَجاً عَشرا
وَما مُغزِلٌ بِالغَورِ غَورِ تِهامَةٍ / تَرَعّى أَراكاً مِن مَخارِمِها نَضرا
مِنَ العوجِ حَوّاءَ المَدامِعِ تَرعَوي / إِلى رَشَإٍ طِفلٍ تَخالُ بِهِ فَترا
أَصابَت بِأَعلى الوَلوَلانِ حِبالَةً / فَما اِستَمسَكَت حَتّى حَسِبنَ بِها نَفرا
بِأَحسَنَ مِن ظَمياءَ يَومَ لَقيتُها / وَلا مُزنَةٌ راحَت غَمامَتَها قَصرا
وَكَم دونَها مِن عَطِفٍ في صَريمَةٍ / وَأَعداءِ قَومٍ يَنذُرونَ دَمي نَذرا
إِذا أَوعَدوني عِندَ ظَمياءَ ساءَها / وَعيدي وَقالَت لا تَقولوا لَهُ هُجرا
دَعاني زِيادٌ لِلعَطاءِ وَلَم أَكُن / لِأَقرَبَهُ ما ساقَ ذو حَسَبٍ وَفرا
وَعِندَ زِيادٍ لَو يُريدُ عَطاءَهُم / رِجالٌ كَثيرٌ قَد يَرى بِهِمُ فَقرا
قُعودٌ لَدى الأَبوابِ طُلّابُ حاجَةٍ / عَوانٍ مِنَ الحاجاتِ أَو حاجَةٍ بِكرا
فَلَمّا خَشيتُ أَن يَكونَ عَطاؤُهُ / أَداهِمَ سوداً أَو مُحَدرَجَةً سُمرا
فَزِعتَ إِلى حَرفٍ أَضَرَّ بَنِيَّها / سُرى اللَيلِ وَاِستِعراضُها البَلَدَ القَفرا
تَنَفَّسُ مِن بَهوٍ مِنَ الجَوفِ واسِعٍ / إِذا مَدَّ حَيزوماً شَراسيفَها الضَفرا
تَراها إِذا صَمَ النَهارُ كَأَنَّما / تُسامي فَنيقَن أَو تُخالِسُهُ خَطرا
تَخوضُ إِذا صاحَ الصَدى بَعدَ هَجعَةٍ / مِنَ اللَيلِ مُلتَجّاً غَياطِلُهُ خُضرا
وَإِن أَعرَضَت زَوراءَ أَو شَمَّرَت بِها / فَلاةٌ تَرى مِنها مَخارِمَها غُبرا
تَعادَينَ عَن صُهبِ الحَصى وَكَأَنَّما / طَحَنَّ بِهِ مِن كُلِّ رَضراضَةٍ جَمرا
عَلى ظَهرِ عادِيٍّ كَأَنَّ مُتونَهُ / ظُهورُ لَأىً تُضحي قَياقِيُّهُ حُمرا
وَكَم مِن عَدُوٍّ كاشِحٍ قَد تَجاوَزَت / مَخافَتَهُ حَتّى يَكونَ لَها جَسرا
يَؤُمُّ بِها المَوماةَ مِن لَن تَرى لَهُ / إِلى اِبنِ أَبي سُفيانَ جاهاً وَلا عُذرا
وَحِضنَينِ مِن ظَلماءِ لَيلٍ سَرَيتُهُ / بِأَغيَدَ قَد كانَ النُعاسُ لَهُ سُكرا
رَماهُ الكَرى في الرَأسِ حَتّى كَأَنَّهُ / أَميمُ جَلاميدٍ تَرَكنَ بِهِ وَقرا
جَرَرنا وَفَدَّيناهُ حَتّى كَأَنَّما / يَرى بِهَوادي الصُبحَ قَنبَلَةً شُقرا
مِنَ السَيرِ وَالإِسآدِ حَتّى كَأَنَّما / سَقاهُ الكَرى في كُلِّ مَنزِلَةٍ خَمرا
فَلا تُعجِلاني صاحِبَيَّ فَرُبَّما / سَبَقتُ بِوِردِ الماءِ غادِيَةً كُدرا
كَأَنَّ فَريدَةً سَفعاءَ راحَت
كَأَنَّ فَريدَةً سَفعاءَ راحَت / بِرَحلي أَو بَكَرتُ بِها اِبتِكارا
لَها بِدُخولِ حَومَلَ بَحزَجِيٌّ / تَرى في لَونِ جُدَّتِهِ اِحمِرارا
كَلَونِ الأَرضِ يَرقُدُ حَيثُ يُضحي / بِأَعلى التَلعِ أَضمَرَتِ الحِذارا
عَلَيهِ فَلَم يَئِل وَرَأى خَليعٌ / قَليلُ الشَيءِ يَتَّبِعُ القِفارا
تَحَرّيها إِلَيهِ وَحَيثُ تَنأى / بِشَقِّ النَفسِ تَرهَبُ أَن يُضارا
إِذا جَمَعَت لَهُ لَبَناً أَتَتهُ / بِضَهلِ وَتينِها تَخشى الغِرارا
فَأَوجَسَ سَمعُها مِنهُ فَأَصغَت / غَماغِمَ بِالصَريمَةِ أَو خُوارا
فَطافَت بِالهَبيرِ بِحَيثُ كانَت / بِدِرَّتِها تَعَهَّدُهُ مِرارا
فَلاقَت حَيثُ كانَ دَماً وَمَسكاً / حَديثَ العَهدِ قَد سَدِكَ الغُبارا
فَراحَت كَالشِهابِ رَمى عِشاءً / بِهِ الغُلمانُ تَقتَحِمُ الخَبارا
فَتِلكَ كَأَنَّ راحِلَتي اِستَعارَت / قَوائِمَها الخَوانِفَ وَالفَقارا
وَإِنّا أَهلُ بادِيَةٍ وَلَسنا / بِأَهلِ دَراهِمٍ حَضَروا القَرارا
أُزَكّي عِندَ إِبراهيمَ مالي / وَأَغرِمَ عَن عُصاةِ بَني نَوارا
فَإِلّا يَدفَعُ الجَرّاحُ عَنّي / أَكُن نَجماً بِغَربِ الأَرضِ غارا
فَلَولا أَنتَ قَد هَبَطَت رِكابي / مِنَ الأَوداةِ أَودِيَةً قِفارا
قَواصِدَ لِلإِمامِ مُقَلِّصاتٍ / يَصِلنَ بِلَيلِهِنَّ بِنا النَهارا
كَأَنَّ نَعائِماً تَعوي بُراها / إِذا سَفَرَت مَحازِمُها الضِفارا
وَمَن يَرَنا وَأَرحُلُنا عَلَيها / يُخَيَّل أَنَّ ثَمَّ بِها نَفارا
بِأَرحُلِنا يَخِدنَ وَقَد جَعَلنا / لِكُلِّ نَجيبَةٍ مِنها زِيارا
وَلَولا مَوقِعُ الأَحناءِ مِنها / وَمَسُّ حِبالِها حُسِبَت صُوارا
نُضارُ الداعِرِيَّةِ إِنَّ مِنها / إِذا نُسِبَت أَسِرَّتُها نُضارا
كَأَنَّ نَجاءَ أَرجُلِهِنَّ لَمّا / ضَرَحنَ المَروَ يَقتَدِحُ الشَرارا
كَأَنَّ نِعالَهُنَّ مُخَدَّماتٍ / عَلى شَرَكِ الطَريقِ إِذا اِستَنارا
تَساقُطُ ريشِ غادِيَةٍ وَغادٍ / حَمامَي قَفرَةٍ وَقَعا فَطارا
تَبِعنا مَوقَعَ النِسرَينِ حَتّى / تَرَكنا مُخَّ أَسمَنِهِنَّ رارا
إِذاً لَأَقَمتُ أَعناقَ المَطايا / إِلى مَلِكٍ إِلَيهِ المُلكُ صارا
أَغَرَّ تَنَظَّرُ الآفاقُ مِنهُ / غُيوماً غَيرَ مُخلِفَةٍ غِرارا
تُراثاً غَيرَ مُغتَصَبٍ وَلَكِن / لِعَدلِ مَشورَةٍ كانوا خِيارا
هُمُ وَرِثوا الخِلافَةُ حَيثُ شُقَّت / عَصا الإِسلامِ وَاِشتَغَرَ اِشتِغارا
قُلوبُ مُنافِقينَ طَغَوا وَشَبّوا / بِكُلِّ ثَنِيَّةٍ بِالأَرضِ نارا
وَلَكِنّي اِطمَأَنَّ حَشايَ لَمّا / عَقَدتَ لَنا بِذِمَّتِكَ الجِوارا
وَمَن تَعقِد لَهُ بِيَدَيكَ حَبلاً / فَقَد أَخَذَت يَداهُ لَهُ الخِيارا
وَما تَكُ يا اِبنَ عَبدِ اللَهِ فينا / فَلا ظُلماً نَخافُ وَلا اِفتِقارا
سَيَبلُغُ ما جَزَيتُكَ مِن ثَنائي / بِمَكَّةَ مَن أَقامَ بِها وَسارا
ثَناءً لَستُ كاذِبَهُ كَفَتني / يَداكَ نَوائِبِ الحَدَثِ الكِبارا
وَمَن يَعقِد لَهُ الجَرّاحُ حَبلاً / فَلا يَخشى لِذِمَّتِهِ غِرارا
إِذا قَحطانُ بِالخَيفَينِ لاقَت / إِذا اِحتَضَرَت مَناسِكَها نِزارا
رَأوا لَكَ غُرَّةً فَضَلَت عَلَيهِم / مِنَ الأَحسابِ وَالعَدَدِ الكُثارا
إِذا فَزِعَ النِساءُ فَلا تُبالي / لَها سوقاً خَرَجنَ وَلا خِمارا
خَفَضنَ إِذا رَأَينَكَ كُلَّ ذَيلٍ / وَوارَينَ الخَلاخِلَ وَالسِوارا
تَمَنّى اِبنُ مَسعودٍ لِقائي سَفاهَةً
تَمَنّى اِبنُ مَسعودٍ لِقائي سَفاهَةً / لَقَد قالَ حيناً يَومَ ذاكَ وَمُنكَرا
مَتى تَلقَ مِنّا عُصبَةً يا اِبنَ خالِدٍ / رَبيئَةَ جَيشٍ أَو يَقودونَ مِنسَرا
تَكُن هَدَراً إِن أَدرَكَتكَ رِماحُنا / وَتُترَكَ في غَمِّ الغُبارِ مُقَطَّرا
مَنَت لَكَ مِنّا أَن تُلاقِيَ عُصبَةً / حِمامُ مَنايا قُدنَ حَيناً مُقَدَّرا
عَلى أَعوَجِيّاتٍ كَأَنَّ صُدورَها / قَنا سَيسَجانٍ ماؤُهُ قَد تَحَسَّرا
ذَوابِلَ تُبرى حَولَها لِفُحولِها / تَراهُنَّ مِن قودِ المَقانِبِ ضُمَّرا
إِذا سَمِعَت قَرعَ المَساحِلِ نازَعَت / أَيامِنُهُم شَزراً مِنَ القِدِّ أَيسَرا
يَذودُ شِدادُ القَومِ بَينَ فُحولِها / بِأَشطانِها مِن رَهبَةٍ أَن تُكَسَّرا
وَكُلُّ فَتىً عاري الأَشاجِعِ لاحَهُ / سَمومُ الثُرَيّا لَونُهُ قَد تَغَيَّرا
عَلى كُلِّ مِذعانِ السَرى رادِنِيَّةٍ / يَقودُ وَأىً غَمرَ الجِراءِ مُصَدَّرا
شَديدَ ذُنوبِ المَتنِ مُنغَمِسَ النَسا / إِذا ما تَلَقَّتهُ الجَراثيمُ أَحضَرا
وَكَم مِن رَئيسٍ غادَرَتهُ رِماحُنا / يَمُجُّ نَجيعاً مِن دَمِ الجَوفِ أَحمَرا
وَنَحنُ صَبَحنا الحَيَّ يَومَ قُراقِرٍ / خَميساً كَأَركانِ اليَمامَةِ مِدسَرا
وَنَحنُ أَجَرنا يَومَ حَزنِ ضَرِيَّةٍ / وَنَحنُ مَنَعنا يَومَ عَينَينِ مِنقَرا
وَنَحنُ حَدَرنا طَيِّئاً عَن جِبالِها / وَنَحنُ حَدَرنا عَن ذُرى الغَورِ جَعفَرا
بِأَرعَنَ جَرّارٍ تَفيءُ لَهُ الصُوى / إِذا ما اِغتَدى مِن مَنزِلٍ أَو تَهَجَّرا
لَهُ كَوكَبٌ إِذ ذَرَّتِ الشَمسُ واضِحٌ / تَرى فيهِ مِنّا دارِعينَ وَحُسَّرا
أَبي يَومَ جاءَت فارِسٌ بِجُنودِها / عَلى حَمَضى رَدَّ الرَئيسَ المُشَوَّرا
غَدا وَمَساحي الخَيلِ تَقرَعُ بَينَها / وَلَم يَكُ في يَومِ الحِفاظِ مُغَمِّرا
كَأَنَّ جُذوعِ النَخلِ لَمّا غَشينَهُ / سَوابِقَها مِن بَينِ وَردٍ وَأَشقَرا
لَوى اِبنُ أَبي الرَقراقِ عَينَيهِ بَعدَما
لَوى اِبنُ أَبي الرَقراقِ عَينَيهِ بَعدَما / دَنا مِن أَعالي إيلِياءَ وَغَوَّرا
رَجا أَن يَرى ما أَهلُهُ يُبصِرونَهُ / سُهَيلاً فَقَد واراهُ أَجبالُ أَعفَرا
فَكُنّا نَرى النَجمَ اليَمانِيَّ عِندَنا / سُهَيلاً فَحالَت دونَهُ أَرضُ حِميَرا
وَكُنّا بِهِ مُستَأنِسينَ كَأَنَّهُ / أَخٌ أَو خَليطٌ عَن خَليطٍ تَغَيَّرا
بَكى أَن تَغَنَّت فَوقَ ساقٍ حَمامَةٌ / شَآمِيَّةٌ هاجَت لَهُ فَتَذَكَّرا
وَأَضحى الغَواني لا يُرِدنَ وِصالَهُ / وَبَينا تَرى ظِلَّ الغِيايَةِ أَدبَرا
مَخابِئَ حُبٍّ مِن حُمَيدَةَ لَم يَزَل / بِهِ سَقَمٌ مِن حُبِّها إِذ تَأَزَّرا
فَلَو كانَ لي بِالشَأمِ مِثلُ الَّذي جَبَت / ثَقيفٌ بِأَمصارِ العِراقِ وَأَكثَرا
فَقيلَ أَتِهِ لَم أَتِهِ الدَهرَ ما دَعا / حَمامٌ عَلى ساقٍ هَديلاً فَقَرقَرا
تَرَكتُ بَني حَربٍ وَكانوا أئٍمَّةً / وَمَروانَ لا آتيهِ وَالمُتَخَيَّرا
أَباكَ وَقَد كانَ الوَليدُ أَرادَني / لِيَفعَلَ خَيراً أَو لِيُؤمِنَ أَوجَرا
فَما كُنتُ عَن نَفسي لِأَرحَلَ طائِعاً / إِلى الشَأمِ حَتّى كُنتَ أَنتَ المُؤَمَّرا
فَلَمّا أَتاني أَنَّها ثَبَتَت لَهُ / بِأَوتادِ قَرمٍ مِن أُمَيَّةَ أَزهَرا
نَهَضتُ بِأَكنافِ الجَناحَينِ نَهضَةً / إِلى خَيرِ أَهلِ الأَرضِ فِرعاً وَعُنصُرا
فَحُبُّكَ أَغشاني بِلاداً بَغيضَةً / إِلَيَّ وَرومِيّاً بِعَمّانَ أَقشَرا
فَلَو كُنتُ ذا نَفسَينِ إِن حَلَّ مُقبِلاً / بِإِحداهِما مِن دونِكَ المَوتُ أَحمَرا
حَيَيتُ بِأُخرى بَعدَها إِذ تَجَرَّمَت / مَداها عَسَت نَفسي بِها أَن تُعَمَّرا
إِذاً لَتَغالَت بِالفَلاةِ رِكابُنا / إِلَيكَ بِنا يَخدينَ مَشياً عَشَترَرا
فَداكَ مِنَ الأَقوامِ كُلُّ مُزَنَّدٍ
فَداكَ مِنَ الأَقوامِ كُلُّ مُزَنَّدٍ / قَصيرِ يَدِ السِربالِ مُستَرِقِ الشِبرِ
مِنَ المُزلَهِمّينَ الَّذينَ كَأَنَّهُم / إِذا اِحتَضَرَ القَومُ الخِوانَ عَلى وِترِ
فَأَنتَ اِبنُ بَطحاوَي قُرَيشٍ فَإِن تَشَأ / تَنَل مِن ثَقيفٍ سَيلَ ذي حَدَبٍ غَمرِ
وَأَنتَ اِبنُ فَرعٍ ماجِدٍ لِعَقيلَةٍ / تَلَقَّت لَهُ الشَمسُ المُضيئَةُ بِالبَدرِ
وَكانَ يُجيرُ الناسَ مِن سَيفِ مالِكٍ
وَكانَ يُجيرُ الناسَ مِن سَيفِ مالِكٍ / فَأَصبَحَ يَبغي نَفسَهُ مَن يُجيرُها
فَكانَ كَعَنزِ السوءِ قامَت بِظِلفِها / إِلى مُديَةٍ وَسطَ التُرابِ تُثيرُها
سَتَعلَمُ عَبدُ القَيسِ إِن زالَ مُلكُها / عَلى أَيُّ حالٍ يَستَمِرُّ مَريرُها
دَعاني إِلى جُرجانَ وَالرَيُّ دونَهُ
دَعاني إِلى جُرجانَ وَالرَيُّ دونَهُ / أَبو خالِدٍ إِنّي إِذاً لَزَؤورُ
لَآتِيَ مِن آلِ المُهَلَّبِ ثائِراً / بِأَعراضِها وَالدائِراتُ تَدورُ
سَآبى وَتَأبى لي تَميمٌ وَرُبَّما / أَبَيتُ فَلَم يَقدِر عَلَيَّ أَميرُ
كَأَنّي وَرَحلي وَالمَنافِيُّ تَرتَمي / بِنا بِجُنوبِ الشَيَّطَينِ حَميرُ
يَختَلِفُ الناسُ ما لَم نَجتَمِع لَهُمُ
يَختَلِفُ الناسُ ما لَم نَجتَمِع لَهُمُ / وَلا اِختِلافٌ إِذا ما أَجمَعَت مُضَرُ
مِنّا الكَواهِلُ وَالأَعناقُ تَقدُمُها / وَالرَأسُ مِنّا وَفيهِ السَمعُ وَالبَصَرُ
وَلا نُحالِفُ إِلّا اللَهَ مِن أَحَدٍ / غَيرَ السُيوفِ إِذا ما اِغرَورَقَ النَظَرُ
وَمَن يَمِل يُمِلِ المَأثورِ ذِروَتَهُ / حَيثُ اِلتَقى مِن حَفافي رَأسُهُ الشَعَرُ
أَمّا العَدُوُّ فَإِنّا لا نَميلُ لَهُم / حَتّى يَلينَ لِضِرسِ الماضِغِ الحَجَرُ
ضَيَّعَ أَولادَ الجُعَيدَةِ مالِكٌ
ضَيَّعَ أَولادَ الجُعَيدَةِ مالِكٌ / خَناطيلَ مِنها رازِمٌ وَحَسيرُ
سَتَعلَمُ ما تُغني رَواقيدُ أُسنِدَت / لَها عِندَ أَطنابِ البُيوتِ هَديرُ
عَنِ الإِبلِ إِذ جاءَت حَدابيرَ رُزَّحاً / إِذا لَم يُبَع بِزرٌ لَها وَعَصيرُ
أَمِسكينُ أَبكى اللَهُ عَينَيكَ إِنَّما
أَمِسكينُ أَبكى اللَهُ عَينَيكَ إِنَّما / جَرى في ضَلالٍ دَمعُها إِذ تَحَدَّرا
أَتَبكي اِمرَأً مِن أَهلِ مَيسانَ كافِراً / كَكِسرى عَلى عِدّانِهِ أَو كَقَيصَرا
أَقولُ لَهُ لَمّا أَتاني نَعِيُّهُ / بِهِ لا بِظَبيٍ بِالصَريمَةِ أَعفَرا
لِيَبكِ وَكيعاً خَيلُ حَربٍ مُغيرَةٌ
لِيَبكِ وَكيعاً خَيلُ حَربٍ مُغيرَةٌ / تَساقى المَنايا بِالرُدَينِيَّةِ السُمرِ
لَقوا مِثلَهُم فَاِستَهزَموهُم بِدَعوَةٍ / دَعوها وَكيعاً وَالجِيادُ بِهِم تَجري
وَبَينَ الَّذي نادى وَكيعاً وَبَينَهُم / مَسيرَةُ شَهرٍ لِلمُقَصَّصَةِ البُترِ
وَكَم هَدَّتِ الأَيّامُ مِن جَبَلٍ لَنا / وَسابِغَةٍ زَغفٍ وَأَبيَضَ ذي أَثرِ
وَإِنّا عَلى أَمثالِهِ مِن جِبالِنا / لَأَبقى مَعَدٍّ لِلنَوائِبِ وَالدَهرِ
وَما كانَ كَالمَوتى وَكيعٌ فَيَمنَعوا / نَوائِحَ لا رَثَّ السِلاحِ وَلا غَمرِ
فَإِنَّ الَّذي نادى وَكيعاً فَنالَهُ / تَناوَلَ صِدّيقَ النَبِيِّ أَبا بَكرِ
فَماتَ وَلَم يُؤثَر وَما مِن قَبيلَةٍ / مِنَ الناسِ إِلّا قَد أَباتَ عَلى وِترِ
فَلَو أَنَّ مَيتاً لا يَموتُ لِعِزِّهِ / عَلى قَومِهِ ما ماتَ صاحِبُ ذا القَبرِ
أُصيبَت بِهِ عَمروٌ وَسَعدٌ وَمالِكٌ / وَضَبَّةُ عُمّوا بِالعَظيمِ مِنَ الأَمرِ
سَأَلنا عَن أَبي السَحماءِ حَتّى
سَأَلنا عَن أَبي السَحماءِ حَتّى / أَتَينا خَيرَ مَطروقٍ لِساري
فَقُلنا يا أَبا السَحماءِ إِنّا / وَجَدنا الأَزدَ أَبعَدَ مِن نِزارِ
فَقامَ يَجُرُّ مِن عَجَلٍ إِلَينا / أَسابِيَّ النُعاسِ مَعَ الإِزارِ
وَقامَ إِلى سُلافَةِ مُسلَحِبٍّ / رَثيمَ الأَنفِ مَربوبٍ بِقارِ
تُمالُ عَلَيهُمُ وَالقِدرُ تَغلي / بِأَبيَضَ مِن سَديفِ الشولِ واري
كَأَنَّ تَطَلُّعَ التَرغيبِ فيها / عَذارٍ يَطَّلِعنَ إِلى عَذارِ
لَقَد عَلِمَت يَومَ القُبَيباتِ نَهشَلٌ
لَقَد عَلِمَت يَومَ القُبَيباتِ نَهشَلٌ / وَحُردانُها أَن قَد مُنوا بِعَسيرِ
عَشِيَّةَ قالوا إِنَّ أَحواضَكُم لَنا / فَلاقوا جَوازَ الماءِ غَيرَ يَسيرِ
فَما كانَ إِلّا ساعَةً ثُمَّ أَدبَرَت / فُقَيمٌ بِأَعضادٍ رَبَت وَظُهورِ
وَقُلتُ لَهُ اِستَمسِك شِعارَ فَإِنَّها / أُمورٌ دَنَت أَحناؤُها لِأُمورِ
لَعَمرُ أَبيكَ الخَيرِ ما رَغمُ نَهشَلٍ / عَلَيَّ وَلا حُردانَها بِكَثيرِ
وَصُيّابَةُ السَعدَينِ حَولي قُرومُها
وَصُيّابَةُ السَعدَينِ حَولي قُرومُها / وَمِن مالِكٍ تُلقى عَلَيَّ الشَراشِرُ
فَلَيسوا بِقَومِ المُستَميتِ مَذَلَّةً / وَلَكِن لَنا بادٍ عَزيزٌ وَحاضِرُ
وَكَم مِن رَئيسٍ قَد أَقادَت رِماحُنا / وَمِن مَلِكٍ قَد تَوَّجَتهُ الأَكابِرُ
بِمَن حينَ تَلقى مالِكاً تَتَّقي العَصا / وَما لَكَ إِلّا قاصِعاءَكَ ناصِرُ
فَإِن تَنتَفِق تَأخُذ بِرَأسَكَ حَيَّةٌ / وَإِن تَنحَجِر مِنّي تَنَلكَ المَحافِرُ
أَتَسأَلُني لَن أَخفِضَ الحَربَ بَعدَما / غَضِبتُ وَشالَت بي قُرومٌ هَوادِرُ
هِزَبرٌ تَفادى الأُسدُ مِن وَثَباتِهِ / لَهُ مَربِضٌ عَنهُ يَحيدُ المُسافِرُ
إِذا ما رَأَتهُ العَينُ غُيَّرَ لَونُها / لَهُ وَاِقشَعَرَّت مِن عَراهُ الدَوائِرُ
وَنَحنُ إِذا ما الحَيُّ شُلَّ سَوامُهُم / وَجالَت بِأَطرافِ الذُيولِ المَعاصِرُ
نَشُنُّ جِيادَ البيضِ فَوقَ رُؤوسِنا / فَكُلُّ دِلاصٍ سَكُّها مُتَظاهِرُ
وَتَحمي وَراءَ الحَيِّ مِنّا عِصابَةٌ / كِرامٌ إِذا اِحمَرَّ العَوالي مَساعِرُ
وَلَو كُنتَ حُرَّ العِرضِ أَو ذا حَفيظَةٍ / جَرَيتَ وَلَكِن لَم تَلِدكَ الحَرائِرُ
يا قَومُ إِنّي لَم أَكُن لِأَسُبَّكُم
يا قَومُ إِنّي لَم أَكُن لِأَسُبَّكُم / وَذو البُرءِ مَحقوقٌ بِأَن يَتَعَذَّرا
إِذا قالَ غاوٍ مِن مَعَدٍّ قَصيدَةً / بِها جَرَبٌ كانَت عَلَيَّ بِزَوبَرا
تَناهَوا فَإِنّي لَو أَرَدتُ هِجاءَكُم / بَدا وَهوَ مَعروفٌ أَغَرَّ مُشَهَّرا
أَيَنطِقُها غَيري وَأُرمى بِدائِها / فَهَذا كِتابٌ حَقُّهُ أَن يُغَيَّرا
وَجَدنا الأَزدَ مِن بَصَلٍ وَثومٍ
وَجَدنا الأَزدَ مِن بَصَلٍ وَثومٍ / وَأَدنى الناسِ مِن دَنَسٍ وَعارِ
صَرارِيّونَ يَنضَحُ في لِحاهُم / نَفِيُّ الماءِ مِن خَشَبٍ وَقارِ
وَكائِن لِلمَهَلَّبِ مِن نَسيبٍ / تَرى بِلَبانِهِ أَثَرَ الزِيارِ
بِخارَكَ لَم يَقُد فَرَساً وَلَكِن / يَقودُ الساجَ بَالمَرَسِ المُغارِ
مِنَ المُتَنَطِّقينَ عَلى لِحاهُم / دَليلَ اللَيلِ في اللُجَجِ الغِمارِ
يُنَبِّئُ بِالرِياحِ وَما أَتَتهُ / عَلى دَقَلِ السَفينَةِ كَالصَراري
وَلَو رُدَّ المَهَلَّبُ حَيثُ ضَمَّت / عَلَيهِ الغافَ أَرضُ أَبي صُفارِ
إِلى أُمِّ المُهَلَّبِ حَيثُ أَعطَت / بِثَديِ اللُؤمِ فاهَ مَعَ الصِغارِ
تَبَيَّنَ أَنَّهُ نَبَطِيُّ بَحرٍ / وَأَنَّ لَهُ اللَئيمَ مِنَ الدِيارِ
بِلادٌ لا يُعَدُّ بِها غُلامٌ / لَهُ أَبَوَينِ مُغزِلَةُ الجَواري
وَكَيفَ وَلَم يَقُد فَرَساً أَبوكُم / وَلَم يَحمِل بَنيهِ إِلى الدَوارِ
وَلَم يَعبُد يَغوثَ وَلَم يُشاهِد / لِحِميَرَ ما تَدينُ وَلا نِزارِ
وَما لِلَّهِ تَسجُدُ أَزدُ بُصرى / وَلَكِن يَسجُدونَ بِكُلِّ نارِ
أَلا مَن لِشَوقٍ أَنتَ بِاللَيلِ ذاكِرُه
أَلا مَن لِشَوقٍ أَنتَ بِاللَيلِ ذاكِرُه / وَإِنسانِ عَينٍ ما يُغَمِّضُ عائِرُه
وَرَبعٍ كَجُثمانِ الحَمامَةِ أَدرَجَت / عَلَيهِ الصَبا حَتّى تَنَكَّرَ داثِرُه
بِهِ كُلُّ ذَيّالِ العَشِيِّ كَأَنَّهُ / هِجانٌ دَعَتهُ لِلجُفورِ فَوادِرُه
خَلا بَعدَ حَيٍّ صالِحينَ وَحَلَّهُ / نَعامُ الحِمى بَعدَ الجَميعِ وَباقِرُه
بِما قَد نَرى لَيلى وَلَيلى مُقيمَةٌ / بِهِ في خَليطٍ لا تَناثى حَرائِرُه
فَغَيَّرَ لَيلى الكاشِحونَ فَأَصبَحَت / لَها نَظَرٌ دوني مُريبٌ تَشازُرُه
أَراني إِذا ما زُرتُ لَيلى وَبَعلَها / تَلَوّى مِنَ البَغضاءِ دوني مَشافِرُه
وَإِن زُرتُها يَوماً فَلَيسَ بِمُخلِفي / رَقيبٌ يَراني أَو عَدُوٌّ أُحاذِرُه
كَأَنَّ عَلى ذي الطِنءِ عَيناً بَصيرَةً / بِمَقعَدِهِ أَو مَنظَرٌ هُوَ ناظِرُه
يُحاذِرُ حَتّى يَحسِبَ الناسَ كُلَّهُم / مِنَ الخَوفِ لا تَخفى عَلَيهِم سَرائِرُه
غَدا الحَيُّ مِن بَينِ الأُعَيلامِ بَعدَما / جَرى حَدَبُ البُهمى وَهاجَت أَعاصِرُه
دَعاهُم لِسَيفِ البَحرِ أَو بَطنِ حائِلٍ / هَوىً مِن نَوى حَيٍّ أُمِرَّت مَرايِرُه
غَدَونَ بِرَهنٍ مِن فُؤادي وَقَد غَدَت / بِهِ قَبلَ أَترابِ الجَنوبِ تُماضِرُه
تَذَكَّرتُ أَترابَ الجَنوبِ وَدونَها / مَقاطِعُ أَنهارٍ دَنَت وَقَناطِرُه
حَوارِيَّةٌ بَينَ الفُراتَينِ دارُها / لَها مَقعَدٌ عالٍ بَرودٌ هَواجِرُه
تَساقَطُ نَفسي إِثرَهُنَّ وَقَد بَدا / مِنَ الوَجدِ ما أُخفي وَصَدري مُخامِرُه
إِذا عَبرَةٌ وَرَّعتُها فَتَكَفكَفَت / قَليلاً جَرَت أُخرى بِدَمعٍ تُبادِرُه
فَلَو أَنَّ عَيناً مِن بُكاءٍ تَحَدَّرَت / دَماً كانَ دَمعي إِذ رِدائِيَ ساتِرُه
مَتى ما يَمُت عانيكِ يا لَيلِ تَعلَمي / مُصابَةَ ما يُسدي لِعانيكِ نائِرُه
تَرَي خَطَأً مِمّا اِئتَمَرتِ وَتَضمَني / جَريرَةُ مَولى لا يُغَمِّضُ ثائِرُه
فَلَم يَبقَ مِن عانيكِ إِلّا بَقِيَّةٌ / شَفاً كَجَناحِ النِسرِ مُرِّطَ سائِرُه
أَلا هَل لِلَيلى في الفِداءِ فَإِنَّني / أَرى رَهنَ لَيلى لا تُبالي أَواصِرُه
لَعَمري لَئِن أَصبَحتُ في السَيرِ قاصِداً / لَقَد كانَ يَحلو لي لِعَينِيَ جائِرُه
وَجَونٍ عَلَيهِ الجَصُّ فيهِ مَريضَةٌ / تَطَلَّعُ مِنهُ النَفسُ وَالمَوتُ حاضِرُه
حَليلَةُ ذي أَلفَينِ شَيخٍ يَرى لَها / كَثيرَ الَّذي يُعطى قَليلاً يُحاقِرُه
نَهى أَهلَهُ عَنها الَّذي يَعلَمونَهُ / إِلَيها وَزالَت عَن رَجاها ضَرائِرُه
أَتَيتُ لَها مِن مُختِلٍ كُنتُ أَدَّري / بِهِ الوَحشَ ما يُخشى عَلَيَّ عَواثِرُه
فَما زِلتُ حَتّى أَصعَدَتني حِبالُها / إِلَيها وَلَيلي قَد تَخامَصَ آخِرُه
فَلَمّا اِجتَمَعنا في العَلالِيَّ بَينَنا / ذَكِيٌّ أَتى مِن أَهلِ دارينَ تاجِرُه
نَقَعتُ غَليلَ النَفسِ إِلّا لُبانَةً / أَبَت مِن فُؤادي لَم تَرِمها ضَمائِرُه
فَلَم أَرَ مَنزولاً بِهِ بَعدَ هَجعَةٍ / أَلَذَّ قِرىً لَولا الَّذي قَد نُحاذِرُه
أُحاذِرُ بَوّابَينِ قَد وُكِّلا بِها / وَأَسمَرَ مِن ساجٍ تَإِطُّ مَسامِرُه
فَقُلتُ لَها كَيفَ النُزولِ فَإِنَّني / أَرى اللَيلَ قَد وَلّى وَصَوَّتَ طائِرُه
فَقالَت أَقاليدُ الرِتاجَينِ عِندَهُ / وَطَهمانُ بِالأَبوابِ كَيفَ تُساوِرُه
أَبِالسَيفِ أَم كَيفَ التَسَنّي لِموثَقٍ / عَلَيهِ رَقيبٌ دائِبُ اللَيلِ ساهِرُه
فَقُلتُ اِبتَغي مِن غَيرِ ذاكَ مَحالَةً / وَلِلأَمرِ هَيئاتٌ تُصابُ مَصادِرُه
لَعَلَّ الَّذي أَصعَدتِني أَن يَرُدَّني / إِلى الأَرضِ إِن لَم يَقدِرِ الحَينَ قادِرُه
فَجاءَت بِأَسبابٍ طِوالٍ وَأَشرَفَت / قَسيمَةُ ذي زَورٍ مَخوفٍ تَراتِرُه
أَخَذتُ بِأَطرافِ الحِبالِ وَإِنَّما / عَلى اللَهِ مِن عَوصِ الأُمورِ مَياسِرُه
فَقُلتُ اِقعُدا إِنَّ القِيامَ مَزَلَّةٌ / وَشُدّا مَعاً بِالحَبلِ إِنّي مُخاطِرُه
إِذا قُلتُ قَد نِلتُ البَلاطَ تَذَبذَبَت / حِبالِيَ في نيقٍ مَخوفٍ مَخاصِرُه
مُنيفٍ تَرى العِقبانَ تَقصُرُ دونَهُ / وَدونَ كُبَيداتِ السَماءِ مَناظِرُه
فَلَمّا اِستَوَت رِجلايَ في الأَرضِ نادَتا / أَحَيٌّ يُرَجّى أَم قَتيلٍ نُحاذِرُه
فَقُلتُ اِرفَعا الأَسبابَ لا يَشعُروا بِنا / وَوَلَّيتُ في أَعجازِ لَيلٍ أُبادِرُه
هُما دَلَّتاني مِن ثَمانينَ قامَةً / كَما اِنقَضَّ بازٍ أَقتَمُ الريشِ كاسِرُه
فَأَصبَحتُ في القَومِ الجُلوسِ وَأَصبَحَت / مُغَلَّقَةً دوني عَلَيها دَساكِرُه
وَباتَت كَدَوداةِ الجَواري وَبَعلُها / كَثيرٌ دَواعي بَطنِهِ وَقَراقِرُه
وَيَحسَبُها باتَت حَصاناً وَقَد جَرَت / لَنا بُرَتاها بِالَّذي أَنا شاكِرُه
فَيا رَبِّ إِن تَغفِر لَنا لَيلَةَ النَقا / فَكُلُّ ذُنوبي أَنتَ يا رَبِّ غافِرُه
كَيفَ بِبَيتٍ قَريبٍ مِنكَ مَطلَبُهُ
كَيفَ بِبَيتٍ قَريبٍ مِنكَ مَطلَبُهُ / في ذاكَ مِنكَ كَنائي الدارِ مَهجورِ
دَسَّت إِلَيَّ بِأَنَّ القَومَ إِن قَدَروا / عَلَيكَ يَشفوا صُدوراً ذاتَ تَوغيرِ
إِلَيكَ مِن نَفَقِ الدَهنا وَمَعقُلَةٍ / خاضَت بِنا اللَيلَ أَمثالُ القَراقيرِ
مُستَقبِلينَ شَمالَ الشَأمِ تَضرِبُنا / بِحاصِبٍ كَنَديفِ القُطنِ مَنثورِ
عَلى عَمائِمِنا يُلقى وَأَرحُلِنا / عَلى زَواحِفَ نُزجيها مَحاسيرِ
إِنّي وَإِيّاكِ إِن بَلَّغنَ أَرحُلَنا / كَمَن بَواديهِ بَعدَ المَحلِ مَمطورِ
وَفي يَمينِكَ سَيفُ اللَهِ قَد نُصِرَت / عَلى العَدُوِّ وَرِزقٌ غَيرُ مَحظورِ
وَقَد بَسَطتَ يَداً بَيضاءَ طَيِّبَةً / لِلناسِ مِنكَ بِفَيضٍ غَيرِ مَنزورِ
يا خَيرَ حَيٍّ وَقَت نَعلٌ لَهُ قَدَماً / وَمَيِّتٍ بَعدَ رُسلِ اللَهِ مَقبورِ
إِنّي حَلَفتُ وَلَم أَحلِف عَلى فَنَدٍ / فِناءَ بَيتٍ مِنَ الساعينَ مَعمورِ
في أَكبَرِ الحَجِّ حافٍ غَيرَ مُنتَعِلٍ / مِن حالِفٍ مُحرِمٍ بِالحَجِّ مَصبورِ
بِالباعِثِ الوارِثِ الأَمواتِ قَد ضَمِنَت / إِيّاهُمُ الأَرضَ بِالدَهرِ الدَهاريرِ
إِذا يَثورونَ أَفواجاً كَأَنَّهُمُ / جَرادُ ريحٍ مِنَ الأَجداثِ مَنشورِ
لَو لَم يُبَشِّر بِهِ عيسى وَبَيَّنَهُ / كُنتَ النَبِيَّ الَّذي يَدعو إِلى النورِ
فَأَنتَ إِذ لَم تَكُن إِيّاهُ صاحِبُهُ / مَعَ الشَهيدَينِ وَالصِدّيقِ في السورِ
في غُرَفِ الجَنَّةِ العُليا الَّتي جُعِلَت / لَهُم هُناكَ بِسَعيٍ كانَ مَشكورِ
صَلّى صُهَيبٌ ثَلاثاً ثُمَّ أَنزَلَها / عَلى اِبنِ عَفّانَ مُلكاً غَيرَ مَقصورِ
وَصِيَّةً مِن أَبي حَفصٍ لِسِتَّتِهِم / كانوا أَحِبّاءَ مَهدِيٍّ وَمَأمورِ
مُهاجِرينَ رَأَوا عُثمانَ أَقرَبَهُم / إِذ بايَعوهُ لَها وَالبَيتَ وَالطورِ
فَلَن تَزالُ لَكُم وَاللَهُ أَثبَتَها / فيكُم إِلى نَفخَةِ الرَحمَنِ في الصورِ
إِنّي أَقولُ لِأَصحابي وَدونَهُمُ / مِنَ السَماوَةِ خَرقٌ خاشِعُ القورِ
سيروا وَلا تَحفِلوا إِتعابَ راحِلَةٍ / إِلى إِمامٍ بِسَيفِ اللَهِ مَنصورِ
إِنّي أَتاني كِتابٌ كُنتُ تابِعَهُ / إِلَيَّ مِنكَ وَلَم أُقبِل مَعَ العيرِ
ما حَمَلَت ناقَةٌ مِن سوقَةٍ رَجُلاً / مِثلي إِذا الريحُ لَفَّتني عَلى الكورِ
أَكرَمُ قَوماً وَأَوفى عِندَ مُضلِعَةٍ / لِمُثقَلٍ مِن دِماءِ القَومِ مَبهورِ
إِلّا قُرَيشاً فَإِنَّ اللَهَ فَضَّلَها / مَعَ النُبُوَّةِ بِالإِسلامِ وَالخيرِ
مِن آلِ حَربٍ وَفي الأَعياصِ مَنزِلُهُم / هُم وَرَّثوكَ بِناءً عالِيَ السورِ
حَربٌ وَمَروانُ جَدّاكَ اللَذا لَهُما / مِنَ الرَوابي عَظيماتُ الجَماهيرِ
تَرى وُجوهَ بَني مَروانَ تَحسِبُها / عِندَ اللِقاءِ مَشوفاتِ الدَنانيرِ
الضارِبينَ عَلى حَقٍّ إِذا ضَرَبوا / يَومَ اللِقاءِ وَلَيسوا بِالعَواويرِ
غَلَبتُمُ الناسَ بِالحَقِّ الَّذي لَكُمُ / عَلَيهِمُ وَبِضَربٍ غَيرِ تَعذيرِ
إِنَّ الرَسولُ قَضاهُ اللَهُ رَحمَتَهُ / لِلناسِ وَالناسُ في ظَلماءَ دَيجورِ
لَقَد عَجِبتُ مِنَ الأَزدِيَّ جاءَ بِهِ / يَقودُهُ لِلمَنايا حَينُ مَغرورِ
حَتّى رَآهُ عِبادُ اللَهِ في دَقَلٍ / مُنَكَّساً وَهوَ مَقرونٌ بِخِنزيرِ
لَلسُفنُ أَهوَنُ بَأساً إِذ تُقَوِّدُها / في الماءِ مَطلِيَّةَ الأَلواحِ بِالقيرِ
وَهُم قِيامٌ بِأَيديهِم مَجادِفُهُم / مُنَطَّقينَ عُراةً في الدَقاريرِ
حَتّى رَأَوا لِأَبي العاصي مُسَوَّمَةً / تَعدو كَراديسَ بِالشُمِّ المَغاويرِ
مِن حَربِ آلِ أَبي العاصي إِذا غَضِبوا / بِكُلِّ أَبيَضَ كَالمِخراقِ مَأثورِ
اِخسَأَ كُلَيبٌ فَإِنَّ اللَهَ أَنزَلَكُم / قِدماً مَنازِلَ إِذلالٍ وَتَصغيرِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025