القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مُحْيي الدّين بنُ عَرَبي الكل
المجموع : 118
حَمَلنَ عَلى اليَعمَلاتِ الخُدورا
حَمَلنَ عَلى اليَعمَلاتِ الخُدورا / وَأَودَعنَ فيها الدُمى وَالبُدورا
وَواعَدنَ قَلبي أَن يَرجِعوا / وَهَل تَعِدُ الخودُ إِلّا غُرورا
وَحَيَّت بِعُنّابِها لِلوَداعِ / فَأَذرَت دُموعاً تَهيجُ السَعيرا
فَلَمّا تَوَلَّت وَقَد يَمَّمَت / تُريدُ الحَوَرنَقَ ثُمَّ السَديرا
دَعَوتُ ثُبوراً عَلى إِثرِهِم / فَرَدَّت وَقالَت أَتَدعو ثُبورا
فَلا تَدعُوَنَّ بِها واحِداً / وَلكِنَّما اِدعُ ثُبوراً كَثيرا
أَلا يا حَمامَ الأَراكِ قَليلاً / فَما زادَكَ البَينُ إِلّا هَديرا
وَنَوحُكَ يا أَيُّهذا الحَمامُ / يُثيرُ المَشوقَ يَهيجُ الغَيورا
يُذيبُ الفُؤادَ يَذودُ الرَقادَ / يُضاعِفُ أَشواقَنا وَلِلزَّفيرا
يَحومُ الحِمامُ لِنَوحِ الحَمامِ / فَيَسأَلُ مِنهُ البَقاءَ يَسيرا
عَسى نَفحَةٌ مَن صَبا حاجِرٍ / تَسوقُ إِلَينا سَحاباً سَطيرا
تُرَوّي بِها أَنفُساً ظَمِئنَ / فَما اِزدادَ سُحبُكَ إِلّا نُفورا
فَيا راعِيَ النَجمِ كُن لي نَديماً / وَيا ساهِرَ البَرقِ كُن لي سَميرا
أَيا راقِدَ اللَيلِ هُنَّئتَهُ / فَقُل لِلمَماتِ عَمَرتَ القُبورا
فَلَو كُنتَ تَهوى الفَتاةَ العَروبا / لَنِلتَ النَعيمَ بِها وَالسُرورا
تُعاطى الحِسانَ خُمورَ الخِمارِ / تُناجي الشُموسَ تُناغي البُدورا
نَفسي الفِداءُ لِبيضٍ خُرَّدٍ عُرُبٍ
نَفسي الفِداءُ لِبيضٍ خُرَّدٍ عُرُبٍ / لَعِبنَ بي عِندَ لَثِمِ الرُكنِ وَالحَجَرِ
ما تَستَدَلُّ إِذا ما تَهتَ خَلفَهُمُ / إِلّا بِريحِهِمُ مِن طَيِّبِ الأَثَرِ
وَلا دَجا بِيَ لَيلٌ ما بِهِ قَمَرٌ / إِلّا ذَكَرتُهُمُ فَسِرتُ في القَمَرِ
وَإِنَّما حينَ أُمسي في رِكابِهِمُ / فَاللَيلُ عِندِيَ مِثلُ الشَمسَ في البُكَرِ
غازَلتُ مِن غَزَلي مِنهُنَّ واحِدَةً / حَسناءَ لَيسَ لَها أُختٌ مِنَ البَشَرِ
إِن أَسفَرَت عَن مُحَيّاها أَرَتكَ سَناً / مِثلَ الغَزالَةِ إِشراقاً بِلا غَبَرِ
لِلشَّمسِ غُرَّتُها لِلَّيلِ طُرَّتُها / شَمسٌ وَلَيلٌ مَعاً مِن أَعجُبِ الصُوَرِ
فَنَحنُ بِاللَيلِ في ضَوءِ النَهارِ بِها / وَنَحنُ في الظُهرِ في لَيلٍ مِنَ الشَعَرِ
طَلَعَت بَينَ أَذرِعاتٍ وَبَصرى
طَلَعَت بَينَ أَذرِعاتٍ وَبَصرى / بِنتُ عَثرٍ وَأَربَعٍ لِيَ بَدرا
قَد تَعالَت عَلى الزَمانِ جَلالاً / وَتَسامَت عَلَيهِ فَخراً وَكِبرا
كُلُّ بَدرٍ إِذا تَناهى كَمالاً / جاءَهُ نَقصُهُ لِيَكمُلَ شَهرا
غَيرَ هذي فَما لَها حَرَكاتٌ / في بُروجٍ فَما تُشَفِّعُ وِترا
حُقَّةٌ أودِعَت عَبيراً وَنَشرا / رَوضَةٌ أَنبَتَت رَبيعاً وَزَهرا
اِنتَهى الحُسنُ فيكِ أَقصى مَداهُ / ما لِوُسعِ الإِمكانِ مِثلُكَ أُخرى
رَعى اللَهُ طَيراً عَلى بانَةٍ
رَعى اللَهُ طَيراً عَلى بانَةٍ / قَد اِفصَحَ لي عَن صَحيحِ الخَبَر
بِأَنَّ الأَحِبَّةَ شَدّوا عَلى / رَواحِلِهِم ثُمَّ راحوا سَحَر
فَسِرتُ وَفي القَلبِ مِن أَجلِهِم / جَحيمٌ لِبَينِهِمُ تَستَعِر
أُسابِقُهُم في ظَلامِ الدُجى / أُنادي بِهِم ثُمَّ أَقفو الأَثَر
وَما لي دَليلٌ عَلى إِثرِهِم / سِوى نَفَسٍ مِن هَواهُم عَطِر
رَفَعنَ السَجافَ أَضاءَ الدُجى / فَسارَ الرِكابُ لِضَوءِ القَمَر
فَأَرسَلتُ دَمعي أَمامَ الرِكابِ / فَقالوا مَتى سالَ هذا النَهَر
وَلَم يَستَطيعو عُبوراً لَهُ / فَقُلتُ دُموعي جَرَينَ دُرَر
كَأَنَّ الرُعودَ لِلَمعِ البُروقِ / وَسَيرِ الغَمامِ لِصَوبِ المَطَر
وَجيبُ القُلوبِ لِبَرقِ الثُغورِ / وَسَكبُ الدُموعِ لِرَكبٍ نَفَر
فَيا مَن يُشَبِّهُ لينَ القُدودِ / بِلينِ القَضيبِ الرَطيبِ النَضِر
فَلَو عُكِسَ الأَمرُ مِثلَ الَّذي / فَعَلتَ لَكانَ سَليمَ النَظَر
فَلينُ الغُصونِ كَلينِ القُدودِ / وَوَردُ الرِياضَ كَوَردِ الحَفَر
طَلَعَ البَدرُ في دُجى الشَعَرِ
طَلَعَ البَدرُ في دُجى الشَعَرِ / وَسَقى الوَردُ نَرجِسَ الحَوَرِ
غادَةٌ تاهَتِ الحِسانُ بِها / وَزَها نورُها عَلى القَمَرِ
هِيَ أَسنى مِن المَهاةِ سَناً / صورَةٌ لا تُقاسُ بِالصُوَرِ
فَلَكُ النورِ دونَ أَخمَصِها / تاجُها خارِجٌ عَنِ الأُكَرِ
إِن سَرَت في الضَميرِ يَجرَحُها / ذلِكَ الوَهمُ كَيفَ بِالبَصَرِ
لُعبَةٌ ذِكرُنا يُذَوِّبُها / لَطُفَت عَن مَسارِحِ النَظَرِ
طَلَبَ النَعتُ أَن يُبَيِّنَها / فَتَعالَت فَعادَ ذا حَصَرِ
وَإِذا رامَ أَن يُكَيِّفَها / لَم يَزَل ناكِصاً عَلى الأَثَرِ
إِن أَراحَ المَطِيَّ طالِبُها / لَم تُرِح مَطِيَّةَ الفِكَر
رَوحَنَت كُلَّ مَن أَشَبَّ بِها / نَقَلَتهُ عَن مَراتِبِ البَشَرِ
غيرَةً أَن يُشابَ رايِقُها / بِالَّذي في الحِياضِ مَن كَدَرِ
أَغيبُ فَيُفني الشَوقُ نَفسي فَأَلتَقي
أَغيبُ فَيُفني الشَوقُ نَفسي فَأَلتَقي / فَلا أَشتَفي فَالشَوقُ غَيباً وَمَحضَرا
وَيُحدِثُ لي لُقياهُ ما لَم أَظُنُّهُ / فَكانَ الشِفا داءً مِنَ الوَجدِ آخَرا
لِأَنّي أَرى شَخصاً يَزيدُ جَمالُهُ / إِذا ما اِلتَقَينا نَفرَةً وَتَكَبُّرا
فَلا بُدَّ مِن وَجدٍ يَكونُ مُقارِناً / لِما زادَ مِن حُسنٍ نِظاماً مُحَرَّرا
لِطَيبَةِ ظَبيٍ ظُبى صارِمٍ
لِطَيبَةِ ظَبيٍ ظُبى صارِمٍ / تَجَرَّدَ مِن طَرفِها الساحِرِ
وَفي عَرَفاتٍ عَرَفتُ الَّذي / تُريدُ فَلَم أَكُ بِالصابِرِ
وَلَيلَةَ جَمعٍ جَمَعنا بِها / كَما جاءَ في المَثَلِ السائِرِ
يَمينُ الفَتاةِ يَمينُ فَلا / تَكُن تَطمَئِنُّ إِلى غادِرِ
مُنىً بِمِنىً نِلتُها لَيتَها / تَدومُ إِلى الزَمَنِ الآخِرِ
تَوَلَّعتُ في لَعلَعٍ بِالَّتي / تُريكَ سَنا القَمرِ الزاهِرِ
رَمَت رامَةً وَصَبَت بِالصَبا / وَحَجَّرَتِ الحَجرَ بِالحاجِرِ
وَشامَت بَريقاً عَلى بارِقٍ / بِأَسرَعَ مِن خَطرَةِ الخاطِرِ
وَغاضَت مِياهُ الغَضا مِن غَضىً / بِأَضلُعِهِ مِن هوىً ساحِرِ
وَبانَت بِبانِ النَقا فَاِنتَقَت / لِآلِىءَ مَكنونَةِ الفاخِرِ
وَأَضلَت بِذاتِ الأَضا القَهقَرى / حِذاراً مِنَ الأُسدِ الخادِرِ
بِذي سَلَمٍ أَسلَمَت مُهجَتي / إِلى لَحظِها الفاتِكِ الفاتِرِ
حَمَت بِالحِمى وَلَوَت بِاللَوى / كَعَطفَةِ جارِحِها الكاسِرِ
وَفي عالِجٍ عالَجَت أَمرَها / لِتُفلِتَ مِن مَخلَبِ الطائِرِ
خَوَرنَقُها خارِقٌ لِلَّسَماءِ / يَسمو اِعتِلاءً عَلى الناظِرِ
السرُّ ما بين إقرارٍ وإنكار
السرُّ ما بين إقرارٍ وإنكار / في المشتريّ وهمِّ المُدلجِ الساري
لم لا يقول وقد أودعت سرّهما / أنا المعلم للأرواح أسراري
أنا المكّلم من نارٍ حجبتُ بها / نوراً فخاطبتُ ذاتَ النور في النارِ
أنا الذي أوجد الأكوان مظلمةً / ولو أشاءُ لكانتْ ذاتَ أنوار
أنا الذي أوجد الأسرار في شجِ / مجموعة لم ينلها بؤسُ أغيار
يا ضارباً بعصاه صلد رابيةَ / شمس وبدر وأرض ذات أحجار
فاعجب إلى شجرٍ قاصٍ على حجر / وانظر إلى ضاربٍ من خلف أستار
لقد ظهرتَ فما تخفى على أحدٍ / إلا على أحدٍ لا يعرفُ الباري
قطعتَ شرقاً وغرباً كي أنالهم / على نجائبَ في ليلٍ وأسحار
فلم أجدكم ولم أسمع لكم خبراً / وكيف تسمع أذن خلف أسوار
أم كيف أدرك مَنْ لا شيءَ يدركه / لقد جهلتك إذ جاوزتَ مقداري
حجبتَ نفسك في إيجاد آنية / فأنت كالسرّ في روح ابنة القاري
أنت الوحيد الذي ضاق الزمان به / أنت المنزه عن كون وأقطار
يا هلال الدياجِ لُحْ بالنهارِ
يا هلال الدياجِ لُحْ بالنهارِ / فلقد أنت نزهة الأبصار
أنت محو وأنت في العين بدر / بتجليك في الضياء المحار
فإذا ما بدا هلالُ المعاني / طالعاً من حديقةِ الأبصار
قل له بالتواضع المتعالي / لا بنفس الدعاء والإنكار
يا هَلاَ بين الجوانح سار / لا تفارق حنادسَ الأغيار
كن عُبيداً بقصرها وملكياً / بعد محوينا لكم في السرار
حكمة قد تحّير الخلق فيها / وسراجان أسرجها بنهار
عجباً في سناهما كيف لاحا / وسناء الشمس مذهبُ الأنوار
كلّ نورٍ في كلِّ قلبٍ مُحار / ما عدا قلب وارثِ المختار
فاشكرِ الله يا أخيّ على ما / وهبته نتائجُ الأذكارِ
هزم النورُ عسكرَ الأسحارِ
هزم النورُ عسكرَ الأسحارِ / فأتى الليلُ طالباً للنهارِ
فمضى هارباً فرارَ خداعِ / والتوى راجعاً على الأسحار
إن اللسانَ رسولُ القلبِ للبشر
إن اللسانَ رسولُ القلبِ للبشر / بما قد أودعه الرحمنُ من دُررِ
فيرتدي الصدق أحياناً على حذر / ويرتدي المين أحياناً على خطرِ
كلاهما علم في رأسه لهب / لا يعقلُ الحكمَ فيه غيرُ مُعتبر
وانظر إلى صادقٍ طابت مواردُه / وكاذبٍ رائحٍ غادٍ على سفر
مع اتحادهما والكيفُ مجهلةٌ / مِن سائلٍ كيفَ حكم الحقِّ في البشر
هذا المقام وهذه أسرارُه
هذا المقام وهذه أسرارُه / رُفع الحجاب فأشرقت أنوارُه
وبدا هلالُ التمّ يسطعُ نورُه / للناظرين وزالَ عنه سرارُه
فأنار روضَ القلبِ في ملكوته / وأتتْ بكلِّ حقيقة أشجارُه
عند التنزُّلِ صحَّ ما يختارُه / قلبٌ أحاطت بالردى أستارُه
وبدا النسيمُ ملاعباً أغصانه / فهفت بأسرار العلى أطيارُه
جادتْ على أهل الروائحِ مِنة / منه برّيا طيبها أزهارُه
هام الفؤاد بحبه فتقدّسّتْ / أوصافه وتنزَّهت أفكارُه
وتنزَّل الروحُ الأمين لقلبِه / يومَ العَروبة فانقضَتْ أوطارُه
إنّ الفؤاد مع التنزُّل واقفٌ / ما لم يصح إلى النزيل مطارُه
من كان يشغله التكاثرُ لم يكن / بعثته يومَ ورودِه اكثاره
من فتي لحقيقة يصبر على / لأوائها حتى يرى مقداره
لا كالذي أمسى لذاك منافراً / والمنتمي من لا يخاف نفاره
من يدَّعي أن الحبيب أنيسه / في حاله فدليله استبشارُه
من يدَّعي حكم الكيان فإنه / قد تيمته بحبها أغياره
من كان يزعم أنه من آله / سبحانه فشهوده أذكاره
شهداء من نال الوجود شعاره / أمر يعرّف شرعه ودثاره
وأنينه مما يجنّ وصمته / عنه وعبرة وجده وأواره
ما نال من جعل الشريعةَ جانباً / شيا وَلو بلغ السماء منارُه
الحال إما شاهد أو وارد / تجري على حكم الهوى آثارُه
والناسُ إمّا مؤمن أو جاحدٌ / أو مدَّعٍ ثوبُ النفاقِ شعارُه
المنزل العالي المنيفُ بناؤه / واهٍ متى ما لم تقم عماره
العقل إن جاريتَه في رأيه / فلك على نيل المقامِ مداره
لو كان تسعده النفوسُ وإنما / حجبته عن نيل العلى أوزاره
فإذا أتته عناية من ربِّه / في الحال حَفَّ ببابه زوّارُه
ورأيته لما تخلص روحه / من سجنه أسرى به جباره
وقد امتطى رحبَ اللبانِ مدبراً / يُدعى البُراق فما يُشق غُباره
تهوى به الهُوج الشِّداد فيرتمي / نحو الطِّباقِ وشهبُهنّ شِفاره
ما زال ينزل كل نور لائح / من جانبيه فما يقرّ قرارُه
حتى بدت شمسُ الوجود لقلبه / وبدا لعينِ فؤاده إضماره
وتلاقت الأرواح في ملكوته / فتواصلت ببحاره أنهاره
مدّ اليمين لبيعته مخصوصة / أبدى لها وجه الرضى مختاره
لما بدا حسنُ المقامِ لعِينه / عقدت عليه خلافة أزراره
ثم التوى يطوي الطريق لجسمه / ليلاً حذار أن يبوحَ نهاره
وأتت ركائبه لحضرة ملكه / بودائع يعتادها أبرارُه
وتوجهت سفراؤه بقضائه / في كلِّ قلبٍ لم يزل يختارُه
وحمت جوانبه سيوف عزائم / منه وطاف ببابه سُمَّارُه
أين الذين تحققوا بصفاته / هذي العداة فأين هم أنصارُه
من يدَّعي حُبَّ الإمام فإنما / قذفت به نحو المنون بحارُه
وسطا على جيش الكيان بصارِمٍ / عَضْبِ المضاربِ لايُفلّ غِرارُه
مَنْ يهتدي أهل النهى بمنارة / ذاك الخليفة تُقتفى أثارُه
إن الذين يبايعونك إنهم / ليبايعون من اعتلَّت أسرارُه
فيمينك الحجر المكرَّم فيهم / يا نصبة خضعت له أخياره
يا بيعة الرضوان دمت سعيدة / حتى تعطَّل للإمام عشاره
إنَّ الديار بلاقع ما لم يكن / صفواً للحبيبين نزيلها ونضاره
المالُ يُصلح كلَّ شيء فاسدٍ / وبه يزول عن الجواد عثارُه
قلبُ المحققِ مِرآةٌ فمَن نظرا
قلبُ المحققِ مِرآةٌ فمَن نظرا / يرى الذي أوجد الأرواحَ والصُّورا
إذا أزال صدى الأكوان واتّحدتْ / صفاتُه بصفات الحقُّ فاعتبرا
من شاهد الملأ الأعلى فغايته / النورُ وهو مقامُ القلب إن شكرا
ومن يشاهد صفاتِ الحقِّ فاعلةً / لكلِّ شيء يكن في الوقتِ مفتكرا
ومن يشاهد مقام الذات يحظ بها / قي الوقت من سلب الأوصاف ِمفتقرا
فكلُّ قلبٍ تعالى عن أكنَّتِه / لم يدرِ في الملأ الأعلى ولا ذكرا
وكيف يدرك قلبٌ بات محتجباً / عن الوجودِ فما صلّى ولا اعتمرا
ما يعرف العينَ إلا العينُ فَاستمعوا / ما قلبُ عينٍ كقلبٍ قلَّد الخبرا
عمل الهمة اعتلى
عمل الهمة اعتلى / فوقَ رسمِ المزبره
وكذا الرسم غاية / للبرودِ المدبره
غايةُ الرسم همة / مصطفاةٌ مطهره
ولها غاية علت / بالوجود المنظره
كيف يكون الخلافُ في بشر
كيف يكون الخلافُ في بشر / تميزوا في العلى عن البشر
فهم ذوو رحمةٍ ذوو نظر / مسدِّد في تخالفِ الصورِ
ونعمة لا تزال تصحبهم / ليسوا ذوي مِريةٍ ولا ضرر
من ظن أنّ طريق أربابِ العلى
من ظن أنّ طريق أربابِ العلى / قولٌ فجهلٌ حائلٌ وتعذَّرُ
إن السبيل إلى الإله عناية / منه بمن قد شاءَه وتعزّر
لا يرتضي لحقيقة وعزّة / إلا إذا ضمَّ السنابلَ بيدرُ
الحالُ يطلبه بشرطِ مقامه / فإذا ادَّعاه فحاله لكَ يشهرُ
يتخيلُ المسكينُ أنّ علومها / ما بين أوراقِ الكتابِ تُسَطر
هيهاتِ بل ما أودعوا في كتبهم / إلا يسيراً من أمورٍ تعسُر
لا يقرأ الأقوامُ غيرَ نفوسِهم / في حالهم مع ربِّهم هل يحصر
فترى الدخيلَ يقيس فيه برأيه / ليقال هذا منهم فيكبر
وتناقصت أقواله إن لم يكن / عن حاله فيما تقدّم يخبر
علمُ الطريقةِ لا يُنالُ براحةٍ / ومقايس فاجهد لعلك تظفر
غرَّت علومُ القومِ عن إدراك من / لا يعتريه صبابةٌ وتحيُّر
وتنَّفس مما يَجنُّ وأنة / وجوى يزيد وعَبرة لا تفتر
وتذلَّل وتولَّه في غَيبةٍ / وتلذَّذْ بمشاهد لا تظهر
وتقبض عند الشهود وغيرة / إن قام شخصٌ بالشريعةِ يسخر
وتخشع وتفجَّعْ وتشرَّع / بتشرُّع لله لا يتغير
هذا مقام القومِ في أحوالهم / ليسوا كمن قال الشريعةُ مزجر
ثم ادّعى أن الحقيقة خالفتْ / ما الشرعُ جاء به ولكن تستّر
تباً لها من قالة مِن جاحد / ويلٌ له يومَ الجحيم يسعر
أو من يشاهد في المشاهد مُطرقاً / ليقال هذا عابدٌ متفكِّر
هذا مرائي لا يلذ براحةٍ / في نفسه إلا سويعة يتطيّر
لكنه من ذاك أسعد حالة / ول النعيم إذا الجهولُ يفطر
عجبتُ من بحرٍ بلا ساحل
عجبتُ من بحرٍ بلا ساحل / وساحلٍ ليسَ له بحرُ
وضحوةٍ ليس لها ظُلمة / وليلةٍ ليس لها فجرُ
وكرةٍ ليس لها موضع / يعرفها الجاهلُ والحبر
وقبةٍ خضراءَ منصوبةٍ / جاريةٍ نقطتُها القهرُ
وعَمَدٍ ليس لها قُبةٌ / ولا مكان خفي السر
خطبت سراً لم بغيره كن / فقيل هل هيمك الفِكرُ
فقلتُ ما لي قدرةٌ فارفقوا / عليه في الكونِ ولا صبر
فإنَّ بالفكر إذا ما استوى / في خلدي يتَّقدُ الجمر
فيصبح الكلُّ حريقاً فلا / شفعٌ يُرى فيه ولا وِتر
فقيل لي ما يجتني زَهره / من قال رفقاً إنني حرّ
من خطب الخنساءَ في خِدرهها / مُتيماً لم يغله المهر
أعطيتها المهر وأنكحتها / في ليلتي حتى بدا الفجر
فلم أجد غيري فمن ذا الذي / أنكحته فلينظر الأمر
فالشمسُ قد أدرج في ضوئها / القمرُ الساطعُ والزهرُ
كالدَّهرِ مذمومٌ وقد قال من / صلى عليه ربُك الدهر
خرقتُ حجابَ الغيب أطلبُ سِرَّه
خرقتُ حجابَ الغيب أطلبُ سِرَّه / فلم ألفِ إلا بهتة وتحيُّرا
فعدتُ إلى الأكوانِ أبغي شهودَه / فلم أر في الأكوان عِلماً مُقرَّرا
فيا مدّعي علم الأكاسيرِ ليته / تقرر في الأوزانِ وزْناً مُحرَّرا
يوافق أوزانَ الطبيعةِ كونُه / على الفعل لا يلقى عن الأمر مَخبرا
فيقلب عينَ البدرِ شمساً منيرةً / وينشىء بهراماً شموساً وأقمرا
فقال له الميزانُ لستَ بحاصلٍ / لمن ظلَّ طولُ الدَّهرِ فيّ مفكِّرا
ولكنَّ حصولي اتفاقاً فإنني / عزيزٌ عن الإدراكِ غيباً ومحضراً
عجبتُ من رجمِ نارٍ يحرقُ النارا
عجبتُ من رجمِ نارٍ يحرقُ النارا / والله يظهرهُ في العين أنوارا
لابدَّ منه له حفظاً لشُرعِتنا / ولو تسرَّبَ أنفاقاً وأغواراً
يشوِّه الوجه منه عند رؤيتِه / وثم يخطَفُ أسماعاً وأبصارا
إنَّ الغمامَ مطارحُ الأنوارِ
إنَّ الغمامَ مطارحُ الأنوارِ / ولذاك أضحى أقربَ الأستارِ
منه تفجرتِ العلومُ على النهى / وبه يكون الكشف للأبصار
فيه البروقُ وليس يذهِبُ ضَوءُها / أبصارَنا لتقدسَ الأبصار
فيه الرعودُ وليس يذهبُ صوتها / أسماعَنا لتنزُّهِ الأسرارِ
فيه الصواعقُ ليس يذهبُ رسمنا / إحراقها لعنايةِ الآثار
فيه الغيوم وليس يهلك سيلها / أشجارنا لتحقيقِِ الإيثار
ما بعدَه شيء سوى مطلوبِنا / ربُّ الأنام مع اسمِه الغفَّار
فإذا انجلى ذاك الغمام فذاته / تبدو إلى الأنوار في الأنوار
والنورُ يدرج مثله في ضوئه / كالشمسِ لا تُفني ضياءَ النار
فترى البصائرُ والعيونُ جلالَه / وجمالَه في الشمسِ والأقمارِ
فافهم إشارتنا تفز بحقائق / تخفى على العقلاء والنظَّارِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025