القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الأَخْطَل الصَّغير الكل
المجموع : 19
قد أتاك يعتذرُ
قد أتاك يعتذرُ / لا تَسَلْهُ ما الخبرُ
كلّما أطلْتَ له / في الحديث يَخْتَصِر
في عيونه خبرُ / ليس يكذب النظرُ
قد وَهَبْتُهُ عُمُري / ضاع عنده العُمُرُ
حبّنا الذي نشروا / من شذاه ما نشروا
صُوِّحَتْ أزاهِرُهُ / قبل يُعقد الثمرُ
عُدْ فَعَنْكَ يؤنِسُنِي / في سماءه القمرُ
قد وفى بموعده / حين خانت البشرُ
قل لوكر النسور قدستَ وكرا
قل لوكر النسور قدستَ وكرا / كل يوم تهدي إلى الأفق نسرا
عبقريَّ الجناحِ أقرَبُ مرماهُ / السماكان إن أرادَ مقرّا
مارد القلب واللسان إذا ما / هيجَ هزّ الفضاءَ عزفاً وزأرا
يحمل الحق مشعلا بين عينيه / فإن يحترق فقد مات حرا
إيه وكر النسور لم يحضن الأرز / وليداً أبرّ منكَوأجرا
ما ادلَهَمّت سماءُ لبنان إلا / أطلعت منك في دياجيهِ فجرا
تؤثر الموت أو تعيش عزيزا / ما رناً شامخاً ووجها أغرا
فخر بيروت أن تمُدَّ جناحيكَ / عليها أعظم بذلك فخرا
جعل الله كل عمرك عيدا / حملت كل ساعة منه بشرى
ما نسينا يا صرح تلك الليالي / يوم كانت أم الحوادث بكرا
كم نظرنا من كوتيك إلى الكون / وهل تعرف الطفولة شرا
نحلم الحلم كالصباحِ افتراراً / وكزهر الرياض لونا وعطرا
اكبر الهم أن نجوز امتحانا / آخر الشهر أو نؤلف سطرا
خلق الطير للغناء فغنّى / ما ترى الروض قد ترنّحَ سُكرا
غن يا طير غن عنك وعنا / إن أحلى الغناء ما كان شعرا
سَلِي الليْلَ عَنْ عَيْني إذَا رابَكِ الفَجْرُ
سَلِي الليْلَ عَنْ عَيْني إذَا رابَكِ الفَجْرُ / أَفَازَ بِهَا إلاكِ وَ الأنْجُمُ الزُّهْرُ
قَسَمْتُ فُؤَادِي بَيْنَ بُؤْسيَ وَ الهَوَى / فَهذا لَهُ شَطْرٌ وَ هَذا لَهُ شَطْرُ
حَيَاتيَ هَلْ ثَغْرُ البَنَفْسَجِ يَفْتَرُّ / كَعَهْدِي وَ هَلْ يجرِي كَعَادَتِهِ النَّهْرُ
وَهَلْ يَذْكُرُ الصَّفْصَافُ إِذْ نحْنُ عِنْدَهُ / وَ في أُذُنِ الظَّلْمَاءِ مِنْ هَمْسِنَا نَقْرُ
سُقِيتُ مَرَارَاتِ الحَيَاةِ فَلَمْ أَجِدْ / كَمِثْلِ الَّذِي يَسْقِيهِ مِنْ كَفِّكِ الهجْرُ
وَأَشْقَى شَقِّيٍ في الوَرَى قَلْبُ شَاعِرٍ / نَبَا الحَظُّ عَنْهُ وَ الْتَقَى الحُبُّ وَ الفَقْرُ
فَفِي كُلِّ أُفْقٍ مِنْ أَمَانِيِه مَأْتَمٌ / وَ فِي كُلِّ عُضْوٍ مِنْ جَوَارِحِهِ قبر
حكمة الدهر أن نعيش سكارى
حكمة الدهر أن نعيش سكارى / فاجمعا لي الكؤوس والأوتارا
واجلواها دُنْياً ممتعة الحس / ن كما تجلوان احدى العذارى
هي كالورد تحمل الشوق والعط / ر وان خيّر اللبيبُ اختارا
انما ذاك يرفع الصوت في النا / دي وهذا يلقي عليها ستارا
فانهب العيش لا أبالك نهباً / واطرح عنك وجهك المتسعارا
لست مهما عُمرتَ غير جناح / حطّ في الدّوح لحظة ثم طارا
هبك جبران يلبس الأدب السحر / فيأتى بالمعجزات كبارا
يغسل الأنفس الجريحة بالدمع / فيكسو تلك الجراح افترارا
يسكب النفس والبيان على / الطرس فيطوى على الظلام افترارا
يرسل الفكرة النقية عذرا / ء ويرخى الضحى عليها إزارا
يتعلى حتى يجوز مدى الوهم / وحتى يهتك الأسرارا
أفترجو شفيت من مرض الغفلة / أن يضفروا لرأسك غارا
هبك جبران وهو إنجيل هذا / العصر فاضت آياته أنوارا
ذلك الإرث من فلاسفة الأجيال / حابت به الحظوظ نزارا
ذلك الجدول الذى يملأ الوادى / اخضرارا والضفتين ازدهارا
تستحم النفوس فيه فلا / تبرح إلا جوانحاً أطهارا
وتود النجوم لو سمر / الليل فظلت لشجوه سمارا
هبك جبران يرسم الفكر ألواحا / تطوف العقول فيها سكارى
تَتَنَزّى أرواحها خلَلَ الخطِ / كما ثار في الحديد الأسارى
ولكادت لروعة الفن ترفض / وراحت تشق عنها الإطارا
يبعث الدارجين في الأعصر الغبر / وكانوا على رحاها غبارا
فإذا هم مواثل نفضوا الأرماس / عنهم ومزقوا الأدهارا
مت إذا شئت أن تكون أديبا / أو فبدّل بغَيرِ لبنان دارا
بلد قسمت حظوظ بنيه / فأصبنا من بيضها الأصفارا
أنفاً للبلاد أن تحمل العارَ / رضينا أن نعتب الأقدارا
ليس ما ترشح الشفاه ابتساما / لو تاملت بل جراحا حرارا
أيها العبقريّ يا شرف الأرز / كفى الأرز إن ذكرت فخارا
ويح لبنان كلما ذر نجم / فيه ولى عن أفقه وأنارا
ضمك الأرز فكرة وترابا / ليته ضم غصنهُ والهزارا
قف في ربى الخلد واهتف باسم شاعره
قف في ربى الخلد واهتف باسم شاعره / فسدرة المنتهى أدنى منابره
وامسح جبينك بالركن الذي انبلجت / أشعة الوحي شعراً من منائره
إلهة الشعر قامت عن ميامنه / وربة النثر قامت عن مياسره
والحور قصت شذوذاً من غدائرها / وأرسلتها بديلاً من ستائره
أتراب مريم تلهو في خمائله / ورهط جبريل يحبو في مقاصره
والملهمون بنو هومير ما تركوا / لما أهل لهم سجعاً لطائره
قال الملائك : من هذا ؟ فقيل لهم : / هذا هوى الشرق هذا ضوء ناظره
هذا الذي نظم الأرواح فانتظمت / عقداً من الحب سلك من خواطره
هذا الذي رفع الأهرام من أدب / وكان في تاجها أغلى جواهره
هذا الذي لمس الآلام فابتسمت / جروحها ثم ذابت في محاجره
كم في ثغور العذارى من بوارقه / وفي جفون اليتامى من مواطره
سل جنة الخلد كم ودت أزهارها / لو استحالت عبيراً في مجامره
وصادح الطير لو سالت حناجرها / مع الصباح نشيداً في مزاهره
والزهر لو كن أزراراً مفضضة / على الذيول الضوافي من مآزره
ما بلدة سعدت بالنهر يغمرها / بكل أزهر حالي العود ناضره
بالبلبل المتغني في ملاعبه / والسنبل المتثني في غدائره
بالحقل ترعى به القطعان هانئة / والنحل يرضع من ثديي أزاهره
يستقبل الفجر أهلوها بغرته / ويغرقون الليالي في سرائره
ناموا على سرر الأعراس وانتبهوا / على صباح بكي الطرف غائره
على مآتم من طير ومن شجر / خرساء كالقبر غرقى في دياجره
يا للرزية غال النهر غائله / وغار في لهوات من هواجره
فلا الصباح ضحوك في شواطئه / ولا المساء لعوب في جزائره
وأسلم الزهر أجياداً منضرة / للشوك جفت على دامي أظافره
والناس في غمرة عمياء لا وتر / لناشديه ، ولا نجم لسامره
ما الخطب بالنهر مجرى الروح في بلد / فرد رقيق حواشي الذكر دائره
كالخطب يدوي له كون بجملته / إذا أصاب الردى شعباً بشاعره
ما للملاعب في لبنان مقفرة / وللمناهل عطلاً من حرائره
وللمآذن في الفيحاء كاسفة / كخاشع السرو في داجي مقابره
وللأصائل والأسحار أثخنها / عات من الريح إرهاقاً بحافره
وللجداول أنات مجرحة / كأنها حمل في كف ناحره
وللندى في الثرى جهش ووسوسة / كأنها همسات في ضمائره
أودى القريض فللأحزان ما لبست / على سليل الدراري من عباقره
شوقي أتذكر إذ عاليه موعدنا / نمنا وما نام دهر عن مقادره
وأنت تحت يدي الآسي ورأفته / وبين كل ضعيف القلب خائره
ولابتسامتك الصفراء رجفتها / كالنجم خلف رقيق من ستائره
ونحن حولك عكاف على صنم / في الجاهلية ماضي البطش قاهره
سألتنيه رثاء خذه من كبدي / لا يؤخذ الشيء إلا من مصادره
تغرب الحسن والإحسان فالتمسا / وجهاً من الأرض هشاشاً لزائره
لا يستوي المجد إلا في مفارقه / ولا يصفق إلا في ضفائره
ما غادرا بلداً إلا إلى بلد / والحر يلهب من خدي مسافره
حتى أطلا على مصر فراعهما / ما زخرَفَ النيلُ من إبداع ساحره
فألقيا بعصا الترحال واعتصما / بضفتيه وهاما في حواضره
فأطعم الجود من كفي قساوره / وأشرب الحسن من عيني جآذره
يا مصر ما انفتحت عين على حسن / إلا وأطلعتِ ألفاً من نظائره
ولا تفتقت الأفكار عن أدب / إلا وأنبَتِّ روضاً من بواكره
لبنان يا مصر مصر في مطامحه / كما علمت ومصر في مفاخره
هل كان قلبك إلا في جوانحه / أو كان دمعك إلا في محاجره
أو كان منبت مصر غير منبته / أو كان شاعر مصر غير شاعره
قيثارة النيل كم غنيت قافية / في مسمع الدهر مسراها وخاطره
لو عاد فرعون كانت من ذخائره / أو ختم الخلد كانت في خناصره
لستَ تدري ولا أنا منكَ أدري
لستَ تدري ولا أنا منكَ أدري / فعلام الخصامُ فالسلمُ أحرى
رُبّ سرٍّ طوتهُ ظاهرةٌ حمقاء / يطوي البسيط برا وبحرا
وبوالي حقائِقَ الأمس تهديما / ويبني على حقائق أخرى
ليسَ من يقرأ الصحائفَ في الكتبِ / كمن في صحائف الكون يقرا
أجهلُ الناس مدّعٍ يحسَبُ العلمَ / كتاباً ويحسَبُ الفنّ سطرا
ويحَ هذي العقول لم تُصِبِ / الرمية يوما إلا لتخطىء عشرا
دون ما تبتغيه من كنه هذا / الكون سر فيه الجواب استقرا
سمه الضفّةَ التي يعبرُ الأحياء / منها أو سمّ ذلك جسرا
سمّه المصنعَ الذي يفعلُ التحليل / في جوفهش عجائبَ كبرى
يتلقّى الأجسام وهيَ جمادٌ / ثم يعطيكها حياةص وفكرا
سمه المرقمَ العجيب الذي ما / انفكّ يمحو سطراً ويُثبشتُ سطرا
سمّه المعوَلَ المطلسَمَ لا / يرجىء حفرا ولا يؤخّر طمرا
سمه الهازىء العظيم إذا / راقك أو سمه إذا شئت قبرا
أيها الطائرُ الذي ألِفَ الروضَ
أيها الطائرُ الذي ألِفَ الروضَ / مقاماً وجاورَ الأنهارا
وتلهّى حيناً بسَقسقَةِ الماء / فكانت لشدوهِ أوتارا
وتهادى عليه من حلَلِ الريشِ / أفانينُ تأخذُ الأبصارا
من سواد يحكي قلنسوة القسيس / في راسه الصغير استدارا
وازرقاق كأنهُ حين زار / الأفق أهدى إليه منهُ إزارا
واغبِراراٍ كأنما تركَ الغيمُ / عليه مذ جازَهُ آثارا
كان في الروض ملعبٌ لك / يا طير وملهى تمضي عليه النهارا
تترامى في معطف الغصن حينا / وأحايين تلثمُ الأزهارا
وتحيي الصباح إذ يتلالا / وتحييه عندما يتوارى
تسجعُ السجعةَ البديعةَ في الفجر / وتأتي بمثلها تكرارا
أصلاةٌ في حمد ربّك لم تبقِ / افتناناً في نظمها وابتكارا
أم حنين إلى الحبيب الذي أقسمَ / أن لا يطيرَ عنك فطارا
نغمٌ لو وعنهُ أذنُ الليالي / لتمَنّت أن تغتدي أسحارا
كان في الروض كالهواء طليقاً / فغدا في الحديد يشكو الإسارا
هكذا أيها الشقيق أنا اليومَ / كلانا نحاربُ الأقدارا
ماذا أقولُ له إذا رجَعنا
ماذا أقولُ له إذا رجَعنا / يوما ولم يُبصركِ في القَصرِ
ماتت عليك أسىً أجيبيهِ / وإذا رأيت الحزن منطبعا
في وجهه الذواي من القهر / كوني له أختاً وعزيه
وإذا ترقّق لي ليستمعا / ما قلت ساعة نزعك المرّ
قولي له ابتسمت فتُسليه / وغذا أراد بأن نسير معا
للقبر كي يبكي على القبرِ / رحماكِ إنّ الدمع يؤذيه
أخاك يا شعر فهذا عمر
أخاك يا شعر فهذا عمر / وهذه نعم وتلك الذكر
لوحان من فجر الصبا وورده / غذاهما قلب وروى محجر
فرخان في وكر تلاقى جانح / وجانح ومنقر ومنقر
يختلس القبلة من مبسمها / هل تعرف العصفور كيف ينقر
وهو إذا أنعن في ارتشافها / علمنا كيف يذوب السكر
رسالة من فمه لفمها / كذا رسالات الهوى تختصر
إيه أبا الحطاب ما أحلى الهوى / تنظم من نواره وتنثر
فبعضه يحلم في أوراقه / وبعضه على الربى مبعثر
ملأت أفق الحب عطراً وسنى / وصوراً للوحي فيها سور
ألجنة الزهراء ما ترسمه / والحمرة العذراء ما تعتصر
والنغم الخالد ما تنشده / والمثل الشارد ما تبتكر
ألطرب السمح إذا دارت طلا / أو سبق فالشاعر المغبر
حلق ولا تحفل أأزرى حاسد / أو انبرى لحتفه شويعر
عاب على البلبل ما يطرحه / من ريشه وهو به يأتزر
قلف لي بنعم وبأتراب لها / يلعبن ما شاء الصبا والأشر
ليلة ذي دوران هل كانت كما / حدثت أم أخيلة وصور
ونعم هل كانت كما صورت أم / بالغ في تلوينها المصور
وذلك المجن ما أوهنه / يكاد من رقته ينتشر
يا للمنى أعن يمين كاعب / وعن شمال كاعب ومعصر
فمن هنا حيث تندى الزهر / ومن هنا حيث تدلى الثمر
وأنت لا تألو دعاباً في الهوى / شم وتقبيل واشيا أخر
قالوا الحجاز مجدب لما عموا / ونعم فيه روضة ونهر
إت زقت العود أناشيد الهوى / حن لها العود وجن الوتر
أو صفقت للهو في أترابها / ماج لها الوادي وغنى الشجر
ألحب مذبوح على أقدامها / والحسن في ألحاظها يكبر
تعرت الشمس على وجنتها / وانشق لو تعلم أين القمر
ألعنب الأحمر مسفوح على / شفتها ما الأقحوان الأصفر
والوردة البيضاء أو قل نهدها / كأنه من خيلاء يسكر
من ثمر الفرصاد في ذروته / الريانة المعطار كبش أحمر
أو أننه رأس ملاك أشقر / يحمله صدر حنون أشقر
دغدغه أخو هوى فمد من / لسانه وراح شهداً يقطر
لو أنصف الشع وقد فجرته / جداولاً يسطع منها الشرر
تجذف الأحلام في ألواحه / ويتعرى عندهن السحر
لو أنصف الشعر لكنت قبلة / معسولة في ثغره يا عمر
أو أنصفت نعم وقد أبرزتها / للفتنة الكبرى مثالاً يؤثر
في بدعة للشعر لم يحلم بها / قسي ولم ينهد لها كثير
تداولتها هضبة فهضبة / وناولتها للخلود الأعصر
لو أنصفت لكشفت عن صدرها / تود لو تطبع تلك الأسطر
وصفقت لعمر قائلة / بنظري الأسود هذا الأسمر
ألشعر روح الله في شاعره / ذلك يوحيه وهذا ينشر
ألحكمة الغراء من أسمائه / وعدن من أوطانه وعبقر
له على الآفاق فتح زاهر / وفي عباب الماء فتح أزهر
يمضيهما منه خيال مارد / أبو الفتوحات الذي لا يقهر
تعلق العلم على أسبابه / فحلق الطود وقال الحجر
رفقاً أبا الخطاب جاوزت المنى / فهل ترى في الأفق تاجاً يصفر
أشرف من الذروة كم في سفحها / للطير من أجنحة تكسر
ثلاثة ما عشت عاشت للعلى / ألحب ثم الشعر ثم المنبر
لولاك والشعر الذي أبدعته / ما نعم ما دوران إلا أثر
ما الحسن لولا الشعرإلا زهرة / يلهو بها في لحظتين النظر
لكنها إن أدركتها رقة / من شاعر أو دمعة تنحدر
سالت دماء الخلد في أوراقها / ونام تحت قدميها القدر
يا جنّة الدنيا وسيدة الربى
يا جنّة الدنيا وسيدة الربى / هذا رسول الشعر جاءك زائرا
إن شئت سق من الرياض صحائفا / وأصاب من أزهارهن محابرا
و أذاب ذرات الضياء قصائدا / عد النجوم لمعصميك أساورا
أسرفت في فتن الجمال كأنما / تخذ الجمال على ذراك منابرا
والنهر روح العاشقين ودمعهم / ملقى على قدميك يلهث خائرا
سالت جراحات الهوى في صدره / ليلا فقبلها النسيم محاذرا
لو كان يمكنها الربى لتسابقت / لأعزها تسعى إليك حواسرا
والسهل يحلم منذ كان بزورة / لبس الحلي لها ندى و أزاهرا
وتقطعت خصل الحسان ونثرت / بدل الكروم على التلال غدائرا
يتمثل الأمس البعيد لخاطرى / فأكاد أرسفه لمي و محاجرا
لبكيته لو كنت املك ادمعا / وعطفته لو كنت أعطف هاجرا
إن الدساتيرَ لا تعطي أعِنّتها
إن الدساتيرَ لا تعطي أعِنّتها / إلا الأعاصير من جنّ ومن بشَر
من هابط كقضاء الله مكتسحٍ / أو صاعدِ كفَمِ البركان منفجرِ
شكت فقرها فبكت لؤلؤاً
شكت فقرها فبكت لؤلؤاً / تساقط من جفنها وانتثر
فقلت وعيني على دمعها / أفقر وعندك هذه الدرر
إن كان أحلى الحبّ أولَ قبلةٍ
إن كان أحلى الحبّ أولَ قبلةٍ / ما ضرّهُ لو مات أولَ عمرهِ
كالزهرِ مات مكَفّناً بأريجهِ / ووَسيمِ نصرتِهِ ونشوَةِ طثهرِهِ
صهٍ أيها الموتى ولو كان فيكمو
صهٍ أيها الموتى ولو كان فيكمو / حياة لصِحتُم ملء هذه الحناجرِ
لقد مَنعوا الأنوارَ عنكمُ وأنصفوا / متى احتاجَ للأنوارِ أهلُ المقابرِ
تعانقنا فاستحال العناق
تعانقنا فاستحال العناق / لهيباً على شفة ثائره
فلسطين ياحلم الأنبياء / ويا خمره الأنفس الشاعره
حملنا لك المهج الظامئات / وأصدية القبل الطاهره
فلسطين يا هيكل الذكريات / على جبهة الأعصر الغابره
مضمضخة بغبار الحروب / مخضبة بالمنى الزاخره
فلسطين ياجمحات الخيال / مجنحة بالرؤى الساحره
هناك على شرفات النجوم / أرى مكة تلثم الناصره
ألا قطرة عرس قانا الجليل / ولوبين جُدرانك الدائره
ترد إلى الشعر وحي السماء / فتلهمه الأنفس الكافره
أيتها الفتانةُ الصغيره
أيتها الفتانةُ الصغيره / أنتِ بتاج ملكٍ جديره
ألغَيمةُ البيضاءُ مثل القبه / كأنها من الحريرِ جُبّه
تضُمّ أعناق الربى وتلثمُ / فليسَ إلا شفةٌ ومبسم
وساعد من الضحى مفتول / تغمرهُ بالقبل الحقول
أسمرُ مما لوَحَتهُ الشمس / في كفه لكل نفسٍ نفسُ
يقومُ في الأرضِ مقام الخالق / ويغدقُ الرزقَ على الخلائقِ
صُغِ القوافي كما تهوى أو اعتذِر
صُغِ القوافي كما تهوى أو اعتذِر / لو كان يرضى الهوى عُذرا لمُعتذر
كأنّ قلبَ المَنّى في أنامِله / إن نام وكَلَهُ بالوجد والسهَر
أدر كؤوسكَ أدركني بواحدَة / وهل يطيبُ بكاس غيرها سكري
غنّيت حبّك أبكار القصيد فمَن / غنّاك بعدي فقد غنّى على أثَري
تناولَت ألسنُ العشاق ما نفحَت / بكَ القصائدُ من زهرٍ ومن ثمَر
واستمتعوا فيك تغريداً ورفرفةً / أما رأيت ولوع الطيرِ بالشجَرِ
صُغتُ الأكاليل من نور ومن أرجٍ / للعيد للسّحرِ للأقداح للوَتَرِ
شعرٌ كعيدكَ في الأعياد مبتَكَرٌ / تدَفّقَت فيه أمواجٌ من الصُوَرِ
أعيادك البيضُ أحلامٌ مُجَنّحَةٌ / كأنما هيَ أطفالٌ على سرُرِ
بيضُ البشائر تندى من جوانحها / ريحانةُ السفح أو أغنيّة النهَرِ
النور والعطر رقرقان في أفقٍ / من المسابمٍ مدّ الظنِ والنظَرِ
تجاذباكَ هوى بوركتَ من فلكٍ / مقَسّم الوجه بين الشمس والقمَرِ
ألهميني يا ربّة الشعر شعرا
ألهميني يا ربّة الشعر شعرا / كالنور والنار
كالهوا كالأطيار كالفكرِ حرا / يلفحُ الأدهار
كالأهازيجِ في الوَغى تترجّع / إن ثائرٌ ثار
كدويِّ الأمواج إذ تَتَدَفّع / بعيدةَ الأغوار
ربةَ الشعر ألهميني قصيدا / ترجُع الأطيار
ألهميني شعرا طليقاً جديدا / يوزّع الأنوار
واسألي الزهر أن تكون دموعا / واسألي الأزهار
أو مريها بأن تكون شموعا / طويلةَ الأعمار
دُهِشَ النسرُ وقد راقَت لهُ
دُهِشَ النسرُ وقد راقَت لهُ / هذه الغِبطةُ في الوكرِ الصغير
فدنا ينفُضُ عن جبهَتهِ / عبءَ ما حمَلهُ حرُ الهجير
يسأل الوكر وفرخَيه معا / حرمةَ الضيف وحق المستجير
قُبلاتُ الحبّ في أوّلهِ / هيَ زاد النفس للحبَ الأخير

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025