القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : بَهاء الدين زُهَير الكل
المجموع : 60
لَم يَقضِ زَيدُكُم مِن وَصلِكُم وَطَرَه
لَم يَقضِ زَيدُكُم مِن وَصلِكُم وَطَرَه / وَلا قَضى لَيلُهُ مِن قُربِكُم سَحَرَه
يا صارِفي القَلبِ إِلّا عَن مَحَبَّتِهِم / وَسالِبي الطَرفِ إِلّا عَنهُمُ نَظرَه
جَعَلتُكُم خَبَري في الحُبِّ مُبتَدِئاً / وَكُلُّ مَعرِفَةٍ لِيَ في الهَوى نَكِرَه
وَبِتُّمُ اللَيلَ في أَمنٍ وَفي دَعَةٍ / وَلَيسَ عِندَكُمُ عِلمٌ بِمَن سَهِرَه
فَكَم غَرَستُ وَفائي في مَحَبَّتِكُم / فَما جَنَيتُ لِغَرسٍ فيكُمُ ثَمَرَه
وَلَم أَنَل مِنكُمُ شَيئاً سِوى تُهَمٍ / تُقالُ مَشروحَةً فينا وَمُختَصَرَه
لِلَّهِ لَيلَةَ بِتنا وَالرَقيبُ بِها / ناءٍ فَلا عَينَهُ نَخشى وَلا أَثَرَه
غَرّاءَ ما اِسوَدَّ مِنها أَن جَعَلتُ لَها / عَيباً سِوى مُقلَةٍ كَحلاءَ أَو شَعرَه
بِتنا بِها حَيثُ لا رَوعٌ يُخامِرُنا / وَنفحَةُ الراحِ وَالرَيحانِ مُختَمِرَه
لَم يَكسِرِ النَومُ عَينَي عَن مَحاسِنِها / حَتّى اِنثَنَيتُ وَعَينُ النَجمِ مُنكَسِرَه
مازِلتُ أَشرَبُها شَمساً مُشَعشَعَةً / في الكَأسِ حَتّى بَدَت في الشَرقِ مُنتَشِرَه
مُدامَةٌ تُقرِئُ الأَعشى إِذا بَرَزَت / نَقشَ الدَنانيرِ وَالظَلماءُ مُعتَكَرَه
عَذراءُ ما راحَ ذو هَمٍّ لِخِطبَتِها / إِلّا أَتَتهُ صُروفُ الدَهرِ مُعتَذِرَه
باتَت تُناوِلُنيها كَفُّ غانِيَّةٍ / تُخالُ مِن لَحظِها وَالخَدِّ مُعتَصَرَه
قَوِيَّةُ العَزمِ في إِتلافِ عاشِقِها / ضَعيفَةُ الخَصرِ وَالأَلحاظِ وَالبَشَرَه
تَجلو الكُؤوسَ عَلى لَألاءِ غُرَّتِها / وَتَنشُرُ الراحُ مِنها نَكهَةً عَطِرَه
وَبَينَنا مِن أَحاديثٍ مُزَخرَفَةٍ / ما يُخجِلُ الرَوضَةَ الغَنّاءَ وَالحَبَرَه
يا رَوضَةَ الحُسنِ صِلي
يا رَوضَةَ الحُسنِ صِلي / فَما عَلَيكِ ضَيرُ
فَهَل رَأَيتِ رَوضَةً / لَيسَ بِها زُهَيرُ
وَعاذِلَةٍ باتَت تَلومُ عَلى الهَوى
وَعاذِلَةٍ باتَت تَلومُ عَلى الهَوى / وَبِالنَسكِ في شَرخِ الشَبابِ تُشيرُ
لَقَد أَنكَرَت مِنّي مَشيباً عَلى صِبىً / وَرَقَّت لِقَلبي وَهوَ فيهِ أَسيرُ
أَتَتني وَقالَت يا زُهَيرُ أَصَبوَةٌ / وَأَنتَ حَقيقٌ بِالعَفافِ جَديرُ
فَقُلتُ دَعيني أَغتَنِمها مَسَرَّةً / فَما كُلُّ وَقتٍ يَستَقيمُ سُرورُ
دَعينِيَ وَاللَذّاتِ في زَمَنِ الصِبا / فَإِن لامَني الأَقوامُ قيلَ صَغيرُ
وَعَيشِكِ هَذا وَقتُ لَهوي وَصَبوَتي / وَغُصني كَما قَد تَعلَمينَ نَضيرُ
يُوَلَّهُ عَقلي قامَةٌ وَرَشاقَةٌ / وَيَخلُبُ قَلبي أَعيُنٌ وَثُغورُ
فَإِن مُتُّ في ذا الحُبِّ لَستُ بِأَوَّلٍ / فَقَبلِيَ ماتَ العاشِقونَ كَثيرُ
وَإِنّي عَلى ما فِيَّ مِن وَلَعِ الصِبا / جَديرٌ بِأَسبابِ التُقى وَخَبيرُ
وَإِن عَرَضَت لي في المَحَبَّةِ نَشوَةٌ / وَحَقِّكِ إِنّي ثابِتٌ وَوَقورُ
وَإِن رَقَّ مِنّي مَنطِقٌ وَشَمائِلٌ / فَما هَمَّ مِنّي بِالقَبيحِ ضَميرُ
وَما ضَرَّني أَنّي صَغيرٌ حَداثَةً / وَإِنّي بِفَضلي في الأَنامِ كَبيرُ
لَها خَفَرٌ يَومَ اللِقاءِ خَفيرُها
لَها خَفَرٌ يَومَ اللِقاءِ خَفيرُها / فَما بالُها ضَنَّت بِما لا يَضيرُها
أَعادَتُها أَن لا يُعادَ مَريضُها / وَسيرَتُها أَن لايُفَكَّ أَسيرُها
رَعَيتُ نُجومَ اللَيلِ مِن أَجلِ أَنَّها / عَلى جيدِها مِنها عُقودٌ تُديرُها
وَقَد قيلَ إِنَّ الطَيفَ في النَومِ زائِرٌ / فَأَينَ لَطَرفي نَومَةٌ يَستَعيرُها
وَها أَنا ذا كَالطَيفِ فيها صَبابَةً / لَعَلّي إِذا نامَت بِلَيلٍ أَزورُها
أَغارُ عَلى الغُصنِ الرَطيبِ مِنَ الصَبا / وَذاكَ لِأَنَّ الغُصنَ قيلَ نَظيرُها
وَمِن دونِها أَن لا تُلِمَّ بِخاطِرٍ / قُصورُ الوَرى عَن وَصلِها وَقُصورُها
مِنَ الغيدِ لَم توقِد مَعَ اللَيلِ نارَها / وَلَكِنَّها بَينَ الضُلوعِ تُثيرُها
وَلَم تَحكِ مِن أَهلِ الفَلاةِ شَمائِلاً / سِوى أَنَّها يَحكي الغَزالَ نُفورُها
أَروحُ فَلا يَعوي عَلَيَّ كِلابُها / وَأَغدو فَلا يَرغو هُناكَ بَعيرُها
وَلَو ظَفِرَت لَيلى بِتُربِ دِيارِها / لَأَصبَحَ مِنها دُرُّها وَعَبيرُها
تَقاضى غَريمُ الشَوقِ مِنّي حُشاشَةً / مُرَوَّعَةً لَم يَبقَ إِلّا يَسيرُها
وَإِنَّ الَّذي أَبقَتهُ مِنّي يَدُ النَوى / فِداءُ بَشيرٍ يَومَ وافى نَصيرُها
أَميرٌ إِذا أَبصَرتَ إِشراقَ وَجهِهِ / فَقُل لِلَيالي تَستَسِرُّ بُدورُها
وَإِن فُزتَ بِالتَقبيلِ يَوماً لِكَفِّهِ / رَأَيتُ بِحارَ الجودِ يَجري نَميرُها
وَكَم يَدَّعي العَلياءَ قَومٌ وَإِنَّهُ / لَهُ سِرُّها مِن دونِهِم وَسَريرُها
قَدِمتَ وَوافَتكَ البِلادُ كَأَنَّما / يُناجيكَ مِنها بِالسُرورِ ضَميرُها
تَلَقَّتكَ لَمّا جِئتَ يَسحَبُ رَوضُها / مَطارِفَهُ وَاِفتَرَّ مِنها غَديرُها
تَبَسَّمَ مِنها حينَ أَقبَلتَ نَورُها / وَأَشرَقَ مِنها يَومَ وافَيتَ نورُها
وَحَتّى مَواليكَ السَحائِبُ أَقبَلَت / فَوافاكَ مِنها بِالهَناءِ مَطيرُها
وَرُبَّ دُعاءٍ باتَ يَطوي لَكَ الفَلا / إِذا خالَطَ الظَلماءَ يَوماً مُنيرُها
وَطِئتَ بِلاداً لَم يَطَأها بِحافِرٍ / سِواكَ وَلَم تُسلَك بِخَيلٍ وُعورُها
يُكِلُّ عُقابَ الجَوِّ مِنها عُقابُها / وَلا يَهتَدي فيها القَطا لَو يَسيرُها
وَرَدتَ بِلادَ الأَعجَمينَ بِضُمَّرٍ / عِرابٍ عَلى العِقبانِ مِنها صُقورُها
فَصَبَّحتَ فيها سودَها بِأُسودِها / يُبيدُ العِدى قَبلَ النِفارِ زَئيرُها
لَئِن ماتَ فيها مِن سَطاكَ أَنيسُها / لَقَد عاشَ فيها وَحشُها وَنُسورُها
غَدَت وَقعَةٌ قَد سارَ في الناسِ ذِكرُها / بِما فَعَلَتهُ بِالعَدُوِّ ذُكورُها
فَأَضحى بِها مَن خالَفَ الدينَ خائِفاً / وَضاقَ عَلى الكُفّارِ مِنها كُفورُها
وَأَعطى قَفاهُ الحَدرَبِيُّ مُوَلِّياً / بِنَفسٍ لِما تَخشاهُ مِنكَ مَصيرُها
مَضى قاطِعاً عَرضَ الفَلا مُتَلَفِّتاً / تُرَوِّعُهُ أَعلامُها وَطُيورُها
وَأُبتَ بِما تَهواهُ حَتّى حَريمُهُ / وَتِلكَ الَّتي لا يَرتَضيها غَيورُها
فَإِن راحَ مِنها ناجِياً بِحُشاشَةٍ / سَتَلقاهُ أُخرى تَحتَويهِ سَعيرُها
وَلَيسَ عَدُوّاً كُنتَ تَسعى لِأَجلِهِ / وَلَكِنَّها سُبلُ الحَجيجِ تُجيرُها
وَمَن خَلفَهُ ماضي العَزائِمِ ماجِدٌ / يُبيدُ العِدى مِن سَطوَةٍ وَيُبيرُها
إِذا رامَ مَجدُ الدينِ حالاً فَإِنَّما / عَسيرُ الَّذي يَرجوهُ مِنها يَسيرُها
أَخو يَقَظاتٍ لايُلِمُّ بِطَرفِهِ / غِرارٌ وَلا يوهي قِواهُ غَريرُها
لَقَد أَمِنَت بِالرُعبِ مِنهُ بِلادُهُ / فَصُدَّت أَعاديها وَسُدَّت ثُغورُها
وَأَضحى لَهُ يولي الثَناءَ غَنِيُّها / وَأَمسى لَهُ يُهدي الدُعاءَ فَقيرُها
بِكَ اهتَزَّ لي غُصنُ الأَمانِيِّ مُثمِراً / وَرَقَّت لِيَ الدُنيا وَراقَ سُرورُها
وَما نالَني مِن أَنعُمِ اللَهِ نِعمَةٌ / وَإِن عَظُمَت إِلّا وَأَنتَ سَفيرُها
وَمَن بَدَأَ النَعما وَجادَ تَكَرُّماً / بِأَوَّلِها يُرجى لَدَيهِ أَخيرُها
وَإِنّي وَإِن كانَت أَياديكَ جَمَّةً / عَلَيَّ فَإِنّي عَبدُها وَشَكورُها
أَمَولايَ وافَتكَ القَوافي بَواسِماً / وَقَد طالَ مِنها حينَ غِبتَ بُسورُها
وَكانَت لِنَأيٍ عَنكَ مِنّي تَبَرقَعَت / وَقَد رابَني مِنها الغَداةَ سُفورُها
إِلى اليَومِ لَم تَكشِف لِغَيرِكَ صَفحَةً / فَها هِيَ مَسدولٌ عَلَيها سُتورُها
إِذا ذُكِرَت في الحَيِّ أَصبَحَ آيِساً / فَرَزدَقُها مِن وَصلِها وَجَريرُها
فَخُذها كَما تَهوى المَعالي خَريدَةً / يُزَفُّ عَلَيها دُرُّها وَحَريرُها
تَكادُ إِذا حَبَّرتُ مِنها صَحيفَةً / لِذِكراكَ أَن تَبيَضَّ مِنها سُطورُها
وَلِلناسِ أَشعارٌ تُقالُ كَثيرَةٌ / وَلَكِنَّ شِعري في الأَميرِ أَميرُها
أَعَلِمتُمُ أَنَّ النَسيمَ إِذا سَرى
أَعَلِمتُمُ أَنَّ النَسيمَ إِذا سَرى / نَقَلَ الحَديثَ إِلى الرَقيبِ كَما جَرى
وَأَذاعَ سِرّاً مابَرِحتُ أَصونُهُ / وَهَوىً أُنَزِّهُ قَدرَهُ أَن يُذكَرا
ظَهَرَت عَلَيهِ مِن عِتابِيَ نَفحَةٌ / رَقَّت حَواشيهِ بِها وَتَعَطَّرا
وَأَتى العَذولُ وَقَد سَدَدتُ مَسامِعي / بِهَوىً يَرُدُّ مِنَ العَواذِلِ عَسكَرا
جَهِلَ العَذولُ بِأَنَّني في حُبِّكُم / سَهَرُ الدُجى عِندي أَلَذُّ مِنَ الكَرى
وَيَلومُني فيكُم وَلَستُ أَلومُهُ / هَيهاتَ ماذاقَ الغَرامَ وَلا دَرى
وَبِمُهجَتي وَسنانَ لاسِنَةَ الكَرى / أَوما رَأَيتَ الظَبِيَ أَحوى أَحوَرا
بَهَرَت مَحاسِنُهُ العُقولَ فَما بَدا / إِلّا وَسَبَّحَ مَن رَآهُ وَكَبَّرا
عانَقتُ غُصنَ البانِ مِنهُ مُثمِراً / وَلَثَمتُ بَدرَ التَمِّ مِنهُ مُسفِرا
وَتَمَلَّكَتني مِن هَواهُ هِزَّةٌ / كادَت تُذيعُ عَنِ الغَرامِ المُضمَرا
وَكَتَمتُ فيهِ مَحَبَّتي فَأَذاعَها / غَزَلٌ يَفوحُ المِسكُ مِنهُ أَذفَرا
غَزَلٌ أَرَقُّ مِنَ الصَبابَةِ وَالصِبا / وَجَعَلتُ مَدحي في الأَميرِ مُكَفِّرا
وَغَفَرتُ ذَنبَ الدَهرِ يَومَ لِقائِهِ / وَشَكَرتُهُ وَيَحِقُّ لي أَن أَشكُرا
مَولىً تَرى بَينَ الأَنامِ وَبَينَهُ / في القَدرِ ما بَينَ الثُرَيّا وَالثَرى
بَهَرَ المَلائِكَ في السَماءِ دِيانَةً / اللَهُ أَكبَرُ ما أَبَرَّ وَأَطهَرا
ذو هِمَّةٍ كَيوانُ دونَ مَقامِها / لَو رامَها النَجمُ المُنيرُ تَحَيَّرا
وَتَهُزُّ مِنهُ الأَريحِيَّةُ ماجِداً / كَالرُمحِ لَدناً وَالحُسامِ مُجَوهَرا
فَإِذا سَأَلتَ سَألتَ مِنهُ حاتِماً / وَإِذا لَقَيتَ لَقَيتَ مِنهُ عَنتَرا
يَهتَزُّ في يَدِهِ المُهَنَّدُ عِزَّةً / وَيَميسُ فيها السَمهَرِيُّ تَبَختُرا
وَإِذا اِمرُؤٌ نادى نَداهُ فَإِنَّما / نادى فَلَبّاهُ السَحابَ المُمطِرا
بَينَ المُكَرَّمِ وَالمَكارِمِ نِسبَةٌ / فَلِذاكَ لا تَهوى سِواهُ مِنَ الوَرى
مِن مَعشَرٍ نَزَلوا مِنَ العَلياءِ في / مُستَوطَنٍ رَحبِ القِرى سامي الذُرى
جُبِلوا عَلى الإِسلامِ إِلّا أَنَّهُم / فُتِنوا بِنارِ الحَربِ أَو نارِ القِرى
رَكِبوا الجِيادَ إِلى الجِلادِ كَأَنَّما / يَحمِلنَ تَحتَ الغابِ آسادَ الشَرى
مِن كُلِّ مَوّارِ العِنانِ مُطَهَّمٍ / يَجلو بِغُرَّتِهِ الظَلامَ إِذا سَرى
وَسَرَوا إِلى نَيلِ العُلى بِعَزائِمٍ / أَينَ النُجومُ الزُهرُ مِن ذاكَ السُرى
فَاِفخَر بِما أَعطاكَ رَبُّكَ إِنَّهُ / فَخرٌ سَيَبقى في الزَمانِ مُسَطَّرا
لايُنكِرُ الإِسلامُ ما أَولَيتَهُ / بِكَ لَم يَزَل مُستَنجِداً مُستَنصِرا
وَليَهنِ مَقدَمُكَ الصَعيدَ وَمَن بِهِ / وَمَنِ البَشيرُ لَمَكَّةٍ أُمُّ القُرى
فَإِذا رَأَيتَ رَأَيتَ مِنهُ جَنَّةً / لَم تَرضَ إِلّا جودَ كَفِّكَ كَوثَرا
وَلَطالَما اِشتاقَت لِقُربِكَ أَنفُسٌ / كادَت مِنَ الأَشواقِ أَن تَتَفَطَّرا
وَنَذَرتُ أَنّي إِن لَقَيتُكَ سالِماً / قَلَّدتُ جيدَ الدَهرِ هَذا الجَوهَرا
وَمَلَأتُ مِن طيبِ الثَناءِ مَجامِراً / يُذكينَ بَينَ يَدَيكَ هَذا العَنبَرا
فِقَرٌ لِكُلِّ الناسِ فَقرٌ عِندَها / أَبَداً تُباعُ بِها العُقولُ وَتُشتَرى
تَثني لِراويها الوَسائِدَ عِزَّةً / وَيَظَلُّ في النادي بِها مُتَصَدِّرا
مَولايَ مَجدَ الدينِ عَطفاً إِنَّ لي / لَمَحَبَّةً في مِثلِها لا يُمتَرى
يا مَن عَرَفتُ الناسَ حينَ عَرَفتُهُ / وَجَهِلتُهُم لَمّا نَأى وَتَنَكَّرا
خُلقٌ كَماءِ المُزنِ مِنكَ عَهِدتُهُ / وَيَعِزُّ عِندي أَن يُقالَ تَغَيَّرا
مَولايَ لَم أَهجُر جَنابَكَ عَن قِلىً / حاشايَ مِن هَذا الحَديثِ المُفتَرى
وَكفَرتُ بِالرَحمَنِ إِن كُنتُ اِمرَأً / أَرضى لَما أَولَيتَهُ أَن يُكفَرا
بِكَ اِهتَزَّ عِطفُ الدينِ في حُلَلِ النَصرِ
بِكَ اِهتَزَّ عِطفُ الدينِ في حُلَلِ النَصرِ / وَرُدَّت عَلى أَعقابِها مِلَّةُ الكُفرِ
فَقَد أَصبَحَت وَالحَمدُ لِلَّهِ نِعمَةً / يُقَصِّرُ عَنها قُدرَةُ الحَمدِ وَالشُكرِ
يَقِلُّ بِها بَذلُ النُفوسِ بِشارَةً / وَيَصغُرُ فيها كُلُّ شَيءٍ مِنَ النَذرِ
أَلا فَليَقُل ما شاءَ مَن هُوَ قائِلٌ / وَدونَكَ هَذا مَوضِعُ النَظمِ وَالنَثرِ
وَجَدتُ مَحَلّاً لِلمَقالَةِ قابِلاً / فَمالَكَ إِن قَصَّرتَ في ذاكَ مِن عُذرِ
لَكَ اللَهُ مِن مَولىً إِذا جادَ أَوسَطا / فَناهيكَ مِن عُرفٍ وَناهيكَ مِن نُكرِ
تَميسُ بِهِ الأَيّامُ في حُلَلِ الصِبا / وَتَرفُلُ مِنهُ في مَطارِفِهِ الخُضرِ
أَياديهِ بيضٌ في الوَرى موسَوِيَّةٌ / وَلَكِنَّها تَسعى عَلى قَدَمِ الخِضرِ
وَمِن أَجلِهِ أَضحى المُقَطَّمُ شامِخاً / يُنافِسُ حَتّى طورَ سيناءَ في القَدرِ
تَدينُ لَهُ الأَملاكُ بِالكُرهِ وَالرِضى / وَتَخدُمُهُ الأَفلاكُ في النَهيِ وَالأَمرِ
فَيا مَلِكاً سامى المَلائِكَ رِفعَةً / فَفي المَلَإِ الأَعلى لَهُ أَطيَبُ الذِكرِ
لِيَهنِئكَ ما أَعطاكَ رَبُّكَ إِنَّها / مَواقِفُ هُنَّ الغُرُّ في مَوقِفِ الحَشرِ
وَما فَرِحَت مِصرٌ بِذا الفَتحِ وَحدَها / لَقَد فَرِحَت بَغدادُ أَكثَرَ مِن مِصرِ
فَلَو لَم يَقُم بِاللَهِ حَقَّ قِيامِهِ / لَما سَلِمَت دارُ السَلامِ مِنَ الذُعرِ
وَأُقسِمُ لَولا هِمَّةٌ كامِلِيَّةٌ / لَخافَت رِجالٌ بِالمَقامِ وَبِالحَجرِ
فَمَن مُبلِغٌ هَذا الهَناءَ لِمَكَّةٍ / وَيَثرِبَ تُنهيهِ إِلى صاحِبِ القَبرِ
فَقُل لِرَسولِ اللَهِ إِنَّ سَمِيَّهُ / حَمى بَيضَةَ الإِسلامِ مِن نُوَبِ الدَهرِ
هُوَ الكامِلُ المَولى الَّذي إِن ذَكَرتَهُ / فَيا طَرَبَ الدُنيا وَيا فَرَحَ العَصرِ
بِهِ اِرتَجَعَت دِمياطُ قَهراً مِنَ العِدى / وَطَهَّرَها بِالسَيفِ وَالمِلَّةِ الطُهرِ
وَرَدَّ عَلى المِحرابِ مِنها صَلاتَهُ / وَكَم باتَ مُشتاقاً إِلى الشَفعِ وَالوِترِ
وَأُقسِمُ إِن ذاقَت بَنو الأَصفَرِ الكَرى / فَلا حَلِمَت إِلّا بِأَعلامِهِ الصُفرِ
عَجَبتُ لِبَحرٍ جاءَ فيهِ سَفينُهُم / أَلَسنا نَراهُ عِندَنا مَلِكَ الغَمرِ
أَلا إِنَّها مِن فِعلِهِ لَكَبيرَةٍ / سَيَطلُبُ مِنها عَفوَ حِلمِكَ وَاليُسرِ
ثَلاثَةَ أَعوامٍ أَقَمتَ وَأَشهُراً / تُجاهِدُ فيهِم لا بِزَيدٍ وَلا عَمرِو
صَبَرتَ إِلى أَن أَنزَلَ اللَهُ نَصرَهُ / لِذَلِكَ قَد أَحمَدتَ عاقِبَةَ الصَبرِ
وَلَيلَةِ غَزوٍ لِلعَدوِّ كَأَنَّها / بِكَثرَةِ مَن أَردَيتَهُ لَيلَةُ النَحرِ
فَيا لَيلَةً قَد شَرَّفَ اللَهُ قَدرَها / وَلا غَروَ إِن سَمَّيتُها لَيلَةَ القَدرِ
سَدَدتَ سَبيلَ البَرِّ وَالبَحرِ عَنهُمُ / بِسابِحَةٍ دُهمٍ وَسابِحَةٍ غُرِّ
أَساطيلُ لَيسَت في أَساطيرِ مَن مَضى / بِكُلِّ غُرابٍ راحَ أَفتَكَ مِن صَقرِ
وَجَيشٍ كَمِثلِ اللَيلِ هَولاً وَهَيبَةً / وَإِن زانَهُ ما فيهِ مِن أَنجُمٍ زُهرِ
وَكُلِّ جَوادٍ لَم يَكُن قَطُّ مِثلُهُ / لَآلِ زُهَيرٍ لا وَلا لِبَني بَدرِ
وَباتَت جُنودُ اللَهِ فَوقَ ضَوامِرٍ / بِأَوضاحِها تُغني السُراةَ عَنِ الفَجرِ
فَما زِلتَ حَتّى أَيَّدَ اللَهُ حِزبَهُ / وَأَشرَقَ وَجهُ الأَرضِ جَذلانَ بِالنَصرِ
فَرَوَّيتَ مِنهُم ظامِئَ البيضِ وَالقَنا / وَأَشبَعتَ مِنهُم طاوِيَ الذِئبِ وَالنَسرِ
وَجاءَ مُلوكُ الرومِ نَحوَكَ خُضَّعاً / تُجَرِّرُ أَذيالَ المَهانَةِ وَالصُغرِ
أَتَوا مَلِكاً فَوقَ السِماكِ مَحَلُّهُ / فَمِن جودِهِ ذاكَ السَحابُ الَّذي يَسري
فَمَنَّ عَلَيهِم بِالأَمانِ تَكَرُّماً / عَلى الرَغمِ مِن بيضِ الصَوارِمِ وَالسُمرِ
كَفى اللَهُ دِمياطَ المَكارِهَ إِنَّها / لَمِن قِبلَةِ الإِسلامِ في مَوضِعِ النَحرِ
وَما طابَ ماءُ النيلِ إِلّا لِأَنَّهُ / يَحُلُّ مَحَلَّ الريقِ مِن ذَلِكَ الثَغرِ
فَلِلَّهِ يَومُ الفَتحِ يَومُ دُخولِها / وَقَد طارَتِ الأَعلامُ مِنها عَلى وَكرِ
لَقَد فاقَ أَيّامَ الزَمانِ بِأَسرِها / وَأَنسى حَديثاً عَن حُنَينٍ وَعَن بَدرِ
وَيا سَعدَ قَومٍ أَدرَكوا فيهِ حَظَّهُم / لَقَد جَمَعوا بَينَ الغَنيمَةِ وَالأَجرِ
وَإِنّي لَمُرتاحٌ إِلى كُلِّ قادِمٍ / إِذا كانَ مِن ذاكَ الفُتوحِ عَلى ذِكرِ
فَيُطرِبُني ذاكَ الحَديثُ وَطيبُهُ / وَيَفعَلُ بي ما لَيسَ في قُدرَةِ الخَمرِ
وَأُصغي إِلَيهِ مُستَعيداً حَديثُهُ / كَأَنِّيَّ ذو وَقرٍ وَلَستُ بِذي وَقرِ
يَقومُ مَقامَ البارِدِ العَذبِ في الظَما / وَيُغني عَنِ الأَزوادِ في البَلَدِ القَفرِ
فَكَم مَرَّ لي يَومٌ إِذا ماسَمِعتُهُ / أَقَرَّ بِهِ سَمعي وَأَذكَرَهُ فِكري
وَها أَنا ذا حَتّى إِلى اليَومِ رُبَّما / أُكَذِّبُ عَنهُ بِالصَحيحِ مِنَ الأَمرِ
لَكَ اللَهُ مَن أَثنى عَلَيكَ فَإِنَّما / مِنَ القَتلِ قَد أَنجَيتَهُ أَو مِنَ الأَسرِ
يُقَصِّرُ عَنكَ المَدحُ مِن كُلِّ مادِحٍ / وَلو جاءَ بِالشَمسِ المُنيرَةِ وَالبَدرِ
أَتَتكَ وَلَم تَبعُد عَلى عاشِقٍ مِصرُ
أَتَتكَ وَلَم تَبعُد عَلى عاشِقٍ مِصرُ / وَوافاكَ مُشتاقاً لَكَ المَدحُ وَالشِعرُ
إِلى المَلِكِ البَرِّ الرَحيمِ فَحَدِّثوا / بِأَعجَبِ شَيءٍ إِنَّهُ البَرُّ وَالبَحرُ
إِلى المَلِكِ المَسعودِ ذي البَأسِ وَالنَدى / فَأَسيافُهُ حُمرٌ وَساحاتُهُ خُضرُ
يَرِقُّ وَيَقسو لِلعُفاةِ وَلِلعِدى / فَلِلَّهِ مِنهُ ذَلِكَ العُرفُ وَالنُكرُ
يُراعي حِمى الإِسلامِ لازَمَنَ الحِمى / وَيَحلو لَهُ ثَغرُ المَخافَةِ لا الثَغرُ
إِذا ما أَفَضنا في أَفانينِ ذِكرِهِ / يَقولُ جَهولُ القَومِ قَد ذَهَبَ الحَصرُ
تَكَنَّفَهُ مِن آلِ أَيّوبَ مَعشَرٌ / بِهِم نَهَضَ الإِسلامُ وَاِندَحَضَ الكُفرُ
بَهاليلُ أَملاكٌ عَلى كُلِّ مِنبَرٍ / وَفي كُلِّ دينارٍ يَسيرُ لَهُم ذِكرُ
وَيَكفيكَ أَنَّ الكامِلَ النَدبَ مِنهُمُ / وَيَكفيكَهُم هَذا هُوَ المَجدُ وَالفَخرُ
فَيا مَلِكاً عَمَّ البَسيطَةَ ذِكرُهُ / يُرَجّى وَيُخشى عِندَهُ النَفعُ وَالضَرُّ
لَكَ الفَضلُ قَد أَزرى بِفَضلٍ وَجَعفَرٍ / وَأَصبَحَ في خُسرٍ لَدَيهِ فَناخُسرُ
وَأَنسَيتَ أَملاكَ الزَمانِ الَّذي خَلا / فَلا قُدرَةٌ مِنهُم تُعَدُّ وَلا قَدرُ
وَكَم لَكَ مِن فِعلٍ جَميلٍ فَعَلتَهُ / فَأَصبَحَ مُعتَزّاً بِهِ البَيتُ وَالحِجرُ
وَمَن يَغرِسِ المَعروفَ يَجنِ ثِمارَهُ / فَعاجِلُهُ ذِكرٌ وَآجِلُهُ أَجرُ
وَطوبى لِمِصرٍ ماحَوَت مِنكَ مِن عُلاً / وَمَن مُبلِغٌ بَغدادَ ما قَد حَوَت مِصرُ
بِكَ اِهتَزَّ ذاكَ القَطرُ لَمّا حَلَلتَهُ / وَأَصبَحَ جَذلاناً بِقُربِكَ يَفتَرُ
رَأى لَكَ عِزّاً لَم يَكُن لِمُعِزِّهِ / وَبَعدَ ضِياءِ الشَمسِ لا يُذكَرُ الفَجرُ
لَئِن أَدرَكَت مِصرٌ بِقُربِكَ سُؤلَها / فَيا رُبَّ مِصرٍ شَقَّهُ بَعدَكَ البَحرُ
يُزيلُ بِهِ اللَأواءَ جودُكَ لا الحَيا / وَيَجلو بِهِ الظَلماءَ وَجهُكَ لا البَدرُ
بِلادٌ بِها طابَ النَسيمُ لِأَنَّهُ / يَزورُكَ مِن أَرضٍ هِيَ الهِندُ وَالشَحرُ
وَكَم مَعقِلٍ فيها مَنيعٍ مَلَكتَهُ / وَلَم يَحمِهِ جيرانُهُ الأَنجُمُ الزُهرُ
أَنافَ إِلى أَن سارَتِ السُحبُ تَحتَهُ / فَلَولا نَداكَ الجَمُّ عَزَّ بِهِ القَطرُ
وَلَو عَلِمَت صَنعاءُ أَنَّكَ قادِمٌ / لَحَلَّت لَها البُشرى وَدامَ بِها البِشرُ
أَلا إِنَّ قَوماً غِبتَ عَنهُم لَضُيَّعٌ / وَإِنَّ مَكاناً لَستَ فيهِ هُوَ القَفرُ
فَياصاحِبي هَب لي بِحَقِّكَ وَقفَةً / يَكونُ بِها عِندي لَكَ الحَمدُ وَالأَجرُ
تَحَمَّل سَلاماً وَهوَ في الحُسنِ رَوضَةٌ / تُزَفُّ بِها زُهرُ الكَواكِبِ لا الزَهرُ
تُخَصُّ بِهِ مِصرٌ وَأَكنافُ قَصرِها / فَيا حَبَّذا مِصرٌ وَيا حَبَّذا القَصرُ
بِعَيشِكَ قَبِّل ساحَةَ القَصرِ ساجِداً / وَقُم خادِماً عَنّي هُناكَ وَلا صُغرُ
لَدى مَلِكٍ رَحبِ الخَليقَةِ قاهِرٍ / فَمَجلِسُهُ الدُنيا وَخادِمُهُ الدَهرُ
سَأُذكي لَهُ بَينَ المُلوكِ مَجامِراً / فَمِن ذِكرِهِ نَدٌّ وَمِن فِكرِيَ الجَمرِ
بَقَيتَ صَلاحَ الدينِ لِلدينِ مُصلِحاً / تُصاحِبُكَ التَقوى وَيَخدُمُكَ النَصرُ
وَخُذ جُمَلاً هَذا الثَناءَ فَإِنَّني / لَأَعجَزُ عَن تَفصيلِهِ وَلِيَ العُذرُ
عَلى أَنَّني في عَصرِيَ القائِلُ الَّذي / إِذا قالَ بَزَّ القائِلينَ وَلا فَخرُ
لَعَمرِيَ قَد أَنطَقتَ مَن كانَ مُفحَماً / لَكَ الحَمدُ يارَبَّ النَدى وَلَكَ الشُكرُ
لِأَيِّ جَميلٍ مِن جَميلِكَ أَشكُرُ
لِأَيِّ جَميلٍ مِن جَميلِكَ أَشكُرُ / وَأَيِّ أَياديكَ الجَليلَةِ أَذكُرُ
سَأَشكو نَدىً عَن شُكرِهِ رُحتُ عاجِزاً / وَمِن أَعجَبِ الأَشياءِ أَشكو وَأَشكُرُ
يَجُرُّ الحَيا مِنهُ رِداءَ حَياتِهِ / وَيَحصِرُ عَن تَعدادِهِ حينَ يَحصِرُ
تَرَكتَ جَنابي بِالنَدى وَهوَ مُمرِعٌ / وَغُصنَ رَجائي وَهوَ رَيّانُ مُثمِرُ
وَأَولَيتَني مِن بِرِّ فَضلِكَ أَنعُماً / غَدا كاهِلي عَن حَملِها وَهوَ موقَرُ
سَأَشكُرُها مادُمتُ حَيّاً وَإِن أَمُت / سَأَنشُرُها في مَوقِفي حينَ أُنشَرُ
وَإِنّي وَإِن أَعطَيتُ في القَولِ بَسطَةً / وَطاوَعَني هَذا الكَلامُ المُحَبَّرُ
لَأَعلَمُ أَنّي في الثَناءِ مُقَصِّرٌ / وَأَنَّ الَّذي أَولَيتَ أَوفى وَأَوفَرُ
عَلى أَنَّ شُكري فيكَ حينَ أَبُثُّهُ / يَروقُكَ مِنهُ الرَوضُ يَزهو وَيُزهِرُ
يَظَلُّ فَتيقُ المِسكِ وَهوَ مُعَطَّلٌ / بِهِ وَنَسيمُ الجَوِّ وَهوَ مُعَطَّرُ
فَخُذها عَلى ما حيكَتِ اِبنَةَ ساعَةٍ / أَتَتكَ عَلى اِستِحيائِها تَتَعَثَّرُ
تَعالوا بِنا نَطوي الحَديثَ الَّذي جَرى
تَعالوا بِنا نَطوي الحَديثَ الَّذي جَرى / وَلا سَمِعَ الواشي بِذاكَ وَلا دَرى
تَعالوا بِنا حَتّى نَعودَ إِلى الرِضى / وَحَتّى كَأَنَّ العَهدَ لَن يَتَغَيَّرا
وَلا تَذكُروا ذاكَ الَّذي كانَ بَينَنا / عَلى أَنَّهُ ما كانَ ذَنبٌ فَيُذكَرا
نَسَبتُم لَنا الغَدرَ الَّذي كانَ مِنكُمُ / فَلا آخَذَ الرَحمَنُ مَن كانَ أَعذَرا
لَقَد طالَ شَرحُ القالِ وَالقيلِ بَينَنا / وَما طالَ ذاكَ الشَرحُ إِلّا لِيَقصُرا
مَتى يَجمَعُ الرَحمَنُ شَملي بِقُربِكُم / وَيَصفو لَنا مِن عَيشِنا ما تَكَدَّرا
سَأَذكُرُ إِحساناً تَقَدَّمَ مِنكُمُ / وَأَترُكُ إِكراماً لَهُ ما تَأَخَّرا
مِنَ اليَومِ تاريخُ المَحَبَّةِ بَينَنا / عَفا اللَهُ عَن ذاكَ العِتابِ الَّذي جَرى
فَكَم لَيلَةٍ بِتنا وَكَم باتَ بَينَنا / مِنَ الأُنسِ ما يُنسى بِهِ طَيِّبُ الكَرى
أَحاديثُ أَحلى في النُفوسِ مِنَ المُنى / وَأَلطَفُ مِن مَرِّ النَسيمِ إِذا سَرى
بِاللَهِ قُل لي خَبَرَك
بِاللَهِ قُل لي خَبَرَك / فَلي ثَلاثٌ لَم أَرَك
يا أَسبَقَ الناسِ إِلى / مَوَدَّتي ما أَخَّرَك
وَناظِري إِلى الطَري / قِ لَم يَزَل مُنتَظِرَك
يا ناسِياً عَهدِيَ ما / كانَ لِعَهدي أَذكَرَك
يا أَيُّها المُعرِضُ عَن / أَحبابِهِ ما أَصبَرَك
بَينَ جُفوني وَالكَرى / مُذ غِبتَ عَنّي مُعتَرَك
وَنُزهَتي أَنتَ فَلِم / حَرَّمتَ عَيني نَظَرَك
أَخَذتَ قَلباً طالَما / عَلَيَّ ظُلماً نَصَرَك
كَيفَ تَغَيَّرتَ وَمَن / هَذا الَّذي قَد غَيَّرَك
وَكَيفَ يامُعَذِّبي / قَطَعتَ عَنّي خَبَرَك
وَعَن غَرامي كُلَّما / لامَكَ قَلبي عَذَرَك
فَاِعجَب لِصَبٍّ فيكَ ما / شَكاكَ إِلّا شَكَرَك
وَاللَهِ ماخُنتُ الهَوى / لَكَ الضَمانُ وَالدَرَك
يا آخِذاً قَلبي أَما / قَضَيتَ مِنهُ وَطَرَك
قَد كانَ لي صَبرٌ يُطي / لُ اللَهُ فيهِ عُمُرَك
وَحَقِّ عَينَيكَ لَقَد / نَصَبتَ عَينَيكَ شَرَك
وَحاسِدٍ قالَ فَما / أَبقى لَنا وَلا تَرَك
مازالَ يَسعى جُهدَهُ / ياظَبِيُ حَتّى نَفَّرَك
وَصاحِبٍ جَعَلتُهُ أَميري
وَصاحِبٍ جَعَلتُهُ أَميري / أَسكَنتُهُ في داخِلِ الضَميرِ
أَودَعتُهُ الخَفِيَّ مِن أُموري / فَكانَ مِثلَ النارِ في البَخورِ
صَحِبتُهُ وَلَم يَكُن نَظيري / قَدَّمتُهُ وَهُوَ يَرى تَأخيري
نَقَصتُ إِذ جَعَلتُهُ كَبيري / كَما تُزادُ الياءُ في التَصغيرِ
هَذا كِتابي وَهُوَ يُط
هَذا كِتابي وَهُوَ يُط / لِعُكُم عَلى حالي وَضَرّي
فَتَأَمَّلوا فيهِ تَرَوا / أَثَرَ الدُموعِ بِكُلِّ سَطرِ
ماءٌ تَدَفَّقَ مِن جُفو / ني فَهوَ مِن نارٍ بِصَدري
كَالعودِ يوقَدُ بَعضُهُ / وَالبَعضُ مِنهُ الماءُ يَجري
جاءَ الرَسولُ مُبَشِّري
جاءَ الرَسولُ مُبَشِّري / مِنها بِميعادِ الزِيارَه
أَهدى إِلَيَّ سَلامَها / وَأَتى بِخاتِمِها أَمارَه
وَأَشارَ عَن بَعضِ الحَدي / ثِ وَحَبَّذا تِلكَ الإِشارَه
إِن صَحَّ ما قالَ الرَسو / لُ وَهبتُهُ روحي بِشارَه
إِنّي لَأَشكُرُ لِلوُشاةِ يَداً
إِنّي لَأَشكُرُ لِلوُشاةِ يَداً / عِندي يَقِلُّ بِمِثلِها الشُكرُ
قالوا فَأَغرَونا بِقَولِهِم / حَتّى تَأَكَّدَ بَينَنا الأَمرُ
يا زَيدُ كَيفَ نَسيتَ عَمرَكَ
يا زَيدُ كَيفَ نَسيتَ عَمرَكَ / وَأَطَلتَ بَعدَ الوَصلِ هَجرَك
مَهلاً فَما غادَرتَ لي / جَلَداً يُقاسي مِنكَ غَدرَك
قَد سَرَّني هَذا الَّذي / بي مِن ضَنىً إِن كانَ سَرَّك
إِن كانَ ذَلِكَ عَن رِضا / كَ وَقَد عَلِمتَ بِهِ فَأَمرَك
أَو كانَ قَصدُكَ في الهَوى / قَتلي يُطيلُ اللَهُ عُمرَك
مَولايَ ما أَحلاكَ في / قَلبِ المُحِبِّ وَما أَمَرَّك
تِه كَيفَ شِئتَ مِنَ الجَما / لِ فَلَستُ أَجهَلُ فيهِ قَدرَك
سَيِّدي لَبَّيكَ عَشرا
سَيِّدي لَبَّيكَ عَشرا / لَستُ أَعصي لَكَ أَمرا
كَيفَ أَعصيكَ وَوُدّي / لَكَ دونَ الناسِ طُرّا
لي حَبيبٌ لايُسَمّى
لي حَبيبٌ لايُسَمّى / وَحَديثٌ لايُفَسَّر
تَعِبَ العاذِلُ في قِصَّ / ةِ وَجدي وَتَحَيَّر
آهِ لَو أَمكَنَني القَو / لُ لَعَلّي كُنتُ أُعذَر
لَستُ أَرضى لِحَبيبي / أَنَّهُ لِلناسِ يُذكَر
وَهوَ مَعروفٌ وَلَكِن / هُوَ مَعروفٌ مُنَكَّر
هُوَ ظَبيٌ فَإِذا ما / سُمتُهُ الوَصلَ تَنَمَّر
فَتَرى دَمعي يَجري / وَلِساني يَتَعَثَّر
سَيِّدي لاتُصغِ لِلوا / شي وَإِن قالَ فَأَكثَر
فَحَديثي غَيرُ ما قَد / ظَنَّهُ الواشي وَقَدَّر
إِنَّ ذَنبَ الغَدرِ في الحُب / بِ لَذَنبٌ لا يُكَفَّر
طالَتِ الشَكوى وَمَلَّ ال / سَمعُ مِمّا يَتَكَرَّر
وَاِنقَضى عُمُري وَحالي / هُوَ حالي ماتَغَيَّر
أَيُّها الغائِبُ عَنّي
أَيُّها الغائِبُ عَنّي / قَرَّبَ اللَهُ مَزارَك
قَد سَكَنتَ القَلبَ حَتّى / صارَ مَأواكَ وَدارَك
فَعَسى تَحفَظُ سِرّاً / فيهِ قَد أَصبَحَ جارَك
أَصبَحتُ لا شُغلٌ وَلا عُطلَةٌ
أَصبَحتُ لا شُغلٌ وَلا عُطلَةٌ / مُذَبذَباً في صَفقَةٍ خاسِرَه
وَجُملَةُ الأَمرِ وَتَفصيلُهُ / أَن صِرتُ لا دُنيا وَلا آخِرَه
إِذا ما نَسيتُكَ مَن أَذكُرُ
إِذا ما نَسيتُكَ مَن أَذكُرُ / سِواكَ بِبالي لايَخطُرُ
وَيَومُ سُروري يَومُ أَراكَ / لِأَنّي بِوَجهِكَ أَستَبشِرُ
وَإِن غابَ أُنسُكَ عَن مَجلِسي / فَما لِيَ أُنسٌ بِمَن يَحضُرُ
عَلى الناسِ حَتّى أَراكَ السَلامُ / فَما ثَمَّ بَعدَكَ مَن يُبصَرُ
وَكَم لَكَ عِندِيَ مِن مِنَّةٍ / لِسانِيَ عَن شُكرِها يَقصُرُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025