القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : القاضي الجُرجاني الكل
المجموع : 13
ترحَّلت عن بغداد أطيبَ منزِلٍ
ترحَّلت عن بغداد أطيبَ منزِلٍ / وأبهى بلاد الله مرأىً ومنظرا
وفارقتُ أقواماً إذا ما ذكرتهم / ترقرقَ ماءُ العين ثم تَحَدَّرا
فكم من أديبٍ في معانيه بارع / وأبلجَ في عِلمِ الشَّريعة أَزهرَا
أروحُ على بَرح الهمومِ وأغتدي / أكابدُ أحزاناً يضيقُ بها الثَّرا
ولم أبك مربعَ العامِريَّةِ باللَّوى / ولا رَسمَ دارٍ بالثَّنيَّةِ مُقفِرا
ولكنَّني أبكي مُقَامي ببلدةٍ / أُأَمَّل أن ألقى صديقاً ولا أرى
ومن حَقِّ من يمشي مع العور أن يرى
ومن حَقِّ من يمشي مع العور أن يرى / وإن لم تَخُنهُ عَينُه مُتَعاوِرا
بدأت فأَسلفتَ التَّفَضُّلَ والبرَّا
بدأت فأَسلفتَ التَّفَضُّلَ والبرَّا / أَوليتَ إنعاماً مَلكتَ به الشكرا
وللسابق البادي من الفَضل رُتبةٌ / تُقَصِّر بالتالي وإن بَلَغَ العُذرَا
أتتنا عَذَارَاك اللواتي بَعَثتَها / لتوسعَنَا علماً وتُلبسَنَا فَخراً
فأَفصحنَ عن عُذرٍ وَطَوَّقنَ مِنَّةً / وقلنَ كذا مَن قال فليَقُلِ الشِّعرا
فأَوليتَها حُسنَ القَبُولِ معَظِّما / لِحَقِّ فتىً أهدي بهنَّ لنا ذكرا
تناهى النُّهى فيها وأبدَع نَظَمها / خَوَاطرَ ينقادُ البديعُ لها قَسرا
إذا لُحظت زادت نواظرنَا ضِياً / وإن نُشِرَت فَاحَت مجالسُنَا عطرا
تنازَعهَا قلبي مَليَّاً وناظري / فأعطيَتُ كلاً من محاسنها شَطرا
فترَّهتُ طرفي في وشِيِّ رياضها / وألقطتُ فِكري بين ألفاظها الدُّرا
تُضَاحكَنا فيها المعاني فَكُلَّما / تأملتُ منها لفظةً خلتُها شعرا
فمن ثَيِّبٍ لم تُفتَرع غيرَ خلسَة / وبكرٍ من الألفاظ قد زُوِّجت بِكرا
يظلُّ اجتهادي بينهنَّ مُقَصِّراً / وتُمسِي ظُنُوني دُون غايِتها حَسرى
إذا رُمتُ أن أدنو إليها تَمنَّعت / وَحَقَّ لها في العَدِل أن تُظهر الكبرا
وقد صَدرَت عن معدِنِ الفضلِ والعُلا / وقد صَحِبَت تلك الشمائلَ والنَّجرا
فتَمَّت لك النُّعمَى وساعدَكَ الُمنَى / ومُلِّيت في خفضٍ أبا عُمَرَ العُمرا
كَفَتنَا وإياك المعاذير نيَّةٌ / إذا خَلُصَت لم تذكر الوصلَ والهجرا
مدحتُ فعدَدتُ الذي فيك من علا / وأَلبستِنِي أوصافَكَ الزَّهرَ الغُرا
وما أنا إلا شعبةٌ مستمدِّة / لمغرزِ فيضٍ منك قد غمرَ البحرا
وقد كان ما بُلِّغتُه من مقالةٍ / أَنفتُ بها للفضلِ أن يألفَ الصغرى
إذا البلَدُ المعمورُ ضاق برُحِبةً / على ماجدٍ فليسكنِ البَلَدَ القَفرَا
وكم ماجدٍ لم يرضَ بالخَسفِ فَانبرَى / يُقارع عن هَّمِاتهِ البيضَ والسُّمرا
ومن علّقت نيلُ الأماني همومَهُ / تَجَشمَ في آثارِها المَطلبِ الوَعرا
فلا تشكُ أحداثَ الزمانِ فإنَّني / أراه بَمن يشَكو حَوَادثَه مُغرّى
وهل نَصَرَت من قبل شكواك فاضلاً / لِتأمَل منهنَّ الَمعُونَةَ والنَّصرا
وما غلب الأيامَ مِثلُ مُجرِّبٍ / إذا غَلَبَتهُ غايةٌ غلَّبَ الصَّبرا
إذا أنت لم تَزرَع وأبصرتَ حاصدَاً
إذا أنت لم تَزرَع وأبصرتَ حاصدَاً / ندمتَ على التفريط في زَمَنِ البَذرِ
إذا شئتَ أن تستَعرَ المالَ مُنفقاً / على شَهواتِ النفسِ في زَمَن العُسرِ
فَسَل نَفسكَ الإنفاقَ من كنزِ صَبرِها / عليك وإنظاراً إلى زمنِ اليُسرِ
فإن فعلتَ كُنتَ الغَنَّي وإن أبَت / فَكُلُّ مَنُوعٍ بعدَها واسعُ العُذرِ
وما الفقرُ إملاقُ الكريمِ ولا الِغنَى / وإن ضَلَّت الآراءُ في كثرةِ الوَفرِ
وبعضُ الغِنى تمحُو المعائبُ حُسنَه / ويَخلُصُ طبعُ المرءِ في حالةِ العُسرِ
أَتَتنَا العَذَارى الغِيدُ في حُلَلِ النُّهى
أَتَتنَا العَذَارى الغِيدُ في حُلَلِ النُّهى / تَنشُرُ عن عِلمٍ وتطوى على سِحرِ
تَلاعَبُ بالأذهانِ رَوعَةُ نَشرها / وتشغلُ بالمرأى اللطيفِ عن السير
أَلَذُّ من البُشرَى أَتَت بعد غَيبَة / وأحسنُ من نُعمَى تُقَابَلُ بالشُّكرِ
فلم أر عقداً كان أبهى تألُّقا / وأَشبهَ نَظما مُتقَناً منه بالنَّثرِ
ترى كلَّ بيتٍ مُستَقلاًّ بنفسه / تُبَاهِى معانيه بألفاظِه الغُرِّ
تَحَلَّت بوصفِ الجسم ثم تَنَكَّرَت / ومالت مع الإعراضِ في حَيَّز تَجري
أَرنَّت سحابُ الفِكرِ فيها فأَبرَزَت / لآلئ نُورٍ في حَدَائِقها الزُّهرِ
فجاءت ومعناها مُمازجُ لفظها / كما امتزجت بنتُ الغَمَامةِ بالخَمرِ
أشَدَّ إليه نسبَةً من حُرُوِفهِ / وأَحوَجَ من فعلٍ جَميلٍ إلى نشرِ
نَظَمتُها عقداً كما نظم الحجَى / وفاءَك في عِقدِ السماحةِ والفَخرِ
كأَنَّكَ إذ مرَّت على فيك أفرغت / ثناياك في ألفاظها بَهجةَ البشر
كَفَتنَا حُمَيَّا الخمرِ رِقةُ لفظِها / وأَمَّنَنَا تهذيبُها هَفوةِ السكرِ
وإذا خِفتَ من خليلٍ ملالا
وإذا خِفتَ من خليلٍ ملالا / فاستجر من صُدُوِده بالمسيرِ
ربّما طالتِ الحياةُ فَمَلَّتِ / طولَها مُهجةُ المسِنِّ الكبيرِ
وعِذاب المياهِ يُسَلَّمُها / الإلفُ لعُذرانهِا إلى التَّغييرِ
الهجر أروحُ من وصلٍ على حذرٍ
الهجر أروحُ من وصلٍ على حذرٍ / والموتُ أطيبُ من عَيشٍ على غرَرِ
كيف السُّلُوُّ ومالي مشتكا حَزَن / إلا الدموعُ ووسواسٌ من الفكرِ
إذا رأيت محباً نال بُغيَتَه / وأمَّنَته لياليه من الغِيَرِ
تَوَقَّدَت جمراتُ الشوقِ في كِبَدي / وَكِدتُ أُتلفُ من همي ومن حَسَري
يا ويح رُوحي لقد طالت شِقاوتُها / لو أنها في يدي قَصَّرتُ من عُمُري
بالله يا مقلتي جودي فإن قصرت / بك الدموعُ فذوبي أنت وانحدري
إني بلوتُ أخلائي فما زُكِنُوا / عند الحِفاظ ولا طابوا على الخَبَرِ
مُثَبِّطين عن العلياءِ طَالبها / رَاضِين من دوَل الأيامِ بالنظَرِ
إن أَذنَبوا فعتابي غيرُ مُستمع / وإن هَفَوتُ فَذَنبي غيرُ مُغتَفر
وجدتُ أَخوَنَهم من كان أوثقهم / وخيرَهم شَرَّهم في الحادثِ الخَطَرِ
إذا هَشَتُ إليه قال مُختَدِعٌ / ضاقت يداه فوافي يرتجى مَطَري
وإن تَقَبَّضتُ عنه قال ذو صَلَفٍ / أثرى فقد لَحِقَته زَهوةُ البطرِ
وإن تَرِأسَ اولاني مباعدةً / وضنَّ عني بالتسليم والنَّظرِ
وصرتُ في ثِقل أُحدٍ عندهَ ورأى / في طلعتي رأيَ أهلِ الرَّفضِ في عُمَرِ
فلا تَثِق بأخٍ تُرضيك صحبتُه / وَكُن من الصَّاحِبِ الأدنى على حَذَرِ
ليس الصديقُ الذي ترضى بصحبته / إلا المشاركُ في الإعسارِ واليُسُرِ
ومَن يقيك إذا نَابَتكَ نائبةٌ / وقايةَ المرءِ عينَه من العَوَرِ
إذا رضيتَ فعبدٌ في خلائقه / وإن غَضِبتَ فكالصَّمصامة الذكرِ
هذي المكَارِمُ والعَليَاءُ تَفتَخِرُ
هذي المكَارِمُ والعَليَاءُ تَفتَخِرُ / بيَومِ مأثرةٍ ساعاتُه غُرَرُ
يومٌ تَبَسَّمَ عنه الدَّهرُ واجتَمَعَت / له السُّعودُ أغضتُ دونه الغِر
حتَّى كأنا نَرَى في كلِّ مُلتَفَتٍ / رَوضاً تَفَتَّحَ في أثنائِه الزَّهَرُ
لَمَّا تجلىَّ عن الآمالُ مُشرقةً / قال العلا بك أستَعِلى وأقتدرُ
وافَى على غيرِ ميعادٍ يُبَشِّرُنَا / بأن سَتَتبعَهُ أمثالُه الأُخَرُ
أهنا الَمسَرَّةَ ما جاءت مُفَاجَأَة / وما تَنَاجَت بها الألفاظُ والفِكَرُ
ولو أن بُشرَى تَلَقَّتنا بمورِدِها / لأَقبَلت نحوها الأفراحُ تَبتَدِرُ
وما يُعَنَّفُ مَن يسخو بُمهجته / فإنَّ يَومَك هذا وحده عُمُرُ
لما غَدَوتَ وماءُ العينِ ملتًفتٌ / إلا إلى منظرٍ يُبهِي ويُحتَبَرُ
ثَنَت مَهَابَتُكَ الأبصارَ حَاسرةً / حتى تبيَّن في ألحاظِها خَزَرُ
إذا تأمَّلتَهم أغضوا وإن نظروا / خلالَ ذاك بأدنى لَفتَةٍ نظروا
في ملبس ما رأتهُ عينُ معترضٍ / فشكَّ في أَنَّه أخلاقُك الزُّهَرُ
ألبستهُ منك نوراً يستضيء به / كما أضاءَ نواحي مُزنِهِ القَمَرُ
وقد تقَلَّدتَ عضباً أنت مَضرِبهُ / وعنك يأخذُ ما يأتي وما يَذَرُ
ما زال يزدادُ من إشراق شُفرَتِه / زَهواً ويظهرُ فيه التِّيهُ والأشَرُ
والشمسُ تَحسُدُ طرفاً أنت راكبُهُ / حتى تكادَ من الأفلاكِ تنحدرُ
حتى لقد خِلتُ أن الشمسَ أزعجها / شوقٌ فظلَّت على عِطفَيه تنتَثرُ
دعوتُ فِكري فلم أحمد إجابتَهُ / لكنَّه بَعدَ لأي جَاءَ يَعتذِرُ
لا تُنكرن مع عاينت لي حَصَراً / فَلَيسَ يسكرُ في أمثاله الحَصَرُ
هَنَّأَتنَا بك الليالي وسُرَّت
هَنَّأَتنَا بك الليالي وسُرَّت / بك أعيادُ دَهرنا والشهورُ
ومن العجزِ أن يُهنَّى بيومٍ / مَن بأيامِهِ تَحلَّى الدهورُ
ما لِشَمسُ الضُّحَى اختصاصٌ بوقتٍ / فيه تَعلُو على الورى أو تُنيرُ
على مُهجَتِي تَجني الحوادث والدَّهرُ
على مُهجَتِي تَجني الحوادث والدَّهرُ / فأمَّا اصطباري فهو مُمَتنِعٌ وعرُ
كأني أُلاقِي كلَّ يومٍ يَنُوبُني / بذنبٍ وما ذَنبي سوى أَنَّني حُرُّ
فإن لم يكن عند الزَّمانِ سوى الذي / أضيقُ به ذَرعاً فعندي له الصبرُ
وقالوا تَوّصَّل بالخضوعِ إلى الغِنى / وما علمُوا أنَّ الخُضوعَ هو الفَقرُ
وبَيني وبين المالِ بابانِ حَرَّما / عليَّ الغِنَى نفسي الأبيةُ والدهرُ
إذا قال هذا اليُسرُ أَبصَرتُ دونه / مواقفَ خَيرٌ من وقوفي بها العُسرُ
إذا قُدِّموا بالوفرِ أَقدَمتُ قَبلهم / بنفسِ فقيرٍ كلُّ أخلاِقهِ وَفرُ
وماذا على مثلي إذا خَضَعَت له / مطامعهُ في كفِّ مَن حصَلَ التِّبرُ
وأكثر ما عندي لمن قعدت به / فضائلهُ الإعراض والنَّظرُ الشزرُ
وكَفُّك إنَّها البحرُ الغريرُ
وكَفُّك إنَّها البحرُ الغريرُ / وعَزمُك إنَّه السيفُ الشَّهيرُ
لما فارقتُ دارَك لاختيارٍ / وكيف يُفارَقُ النَّوءُ المطيرُ
ولكن ضاقَ صدري من أُنَاسٍ / أَخَفُّهم على قَلبي ثَبيرُ
ومجلسُك المصونُ عن الدنايا / محالٌ أن تَضِيقَ به الصُّدُورُ
ولكن إِنَّما تزهى وتبهى / وتحسُنُ بين أنجمها البدُورُ
أبا حسنٍ طال انتظارُ عصَابةٍ
أبا حسنٍ طال انتظارُ عصَابةٍ / رَجَتكَ لما يُرجَى له الماجدُ الحرُّ
وقد حان بل قد هانَ لولا المطال أن / يحلَّ لهم عن وعدك الموثَقِ الأسرُ
وقد فاتهم من قربكَ الأُنسُ والمنى / وحَارَبَهُم فيك اختيارُكَ والدهر
فإن كنتَ قد عُوَّضتَ عنهم بغيرِهم / فَعَوَّضهم راحاً يزول بها الفكرُ
فأُنسُ الفتى في الدهرِ خِلٌّ مساعدٌ / وإن فاتَه الخِلُّ المساعدُ فالخمرُ
فإمَّا رسولٌ بالنبيذ مُبَادِرٌ / وإلا فلا تغضب إذا غضبَ الشِّعرُ
سقى جَانبي بغدادَ أخلافُ مُزنَةٍ
سقى جَانبي بغدادَ أخلافُ مُزنَةٍ / تُحاكي دُموعي صَوبَها وانحِدارها
فلي فيهما قَلبٌ شجاني اشتياقُهُ / ومهجةُ نفسٍ ما أَمَلُّ ادَّكارَهَا
سأغفرُ للأيامِ كلَّ عظيمةٍ / لئن قَرَّبت بعد الِبعاد مَزَارَها

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025