القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أبو الحسين الجزّار الكل
المجموع : 29
شَرُفَت بنَظم مَديحك الأشعارُ
شَرُفَت بنَظم مَديحك الأشعارُ / وتَحَيَّرَت في وصفك الأفكارُ
وأطاعك الذِّهنُ القَصيُّ ملبِّياً / وتصرَّفت بقضائك الأقدارُ
ما جن ليلُ الخطب إلا أشرقَت / وتَلألأَت من وجنك الأنوارُ
وهَمَت عَقَيبَ البَرقِ من بُشراكَ لل / عَافي سحائبُ جَوُدُهُنَّ نَضَارُ
أنتَ الكريمُ وخلِّ ما قد أنبأَت / عمن مضى في كُتبِها الأَخبَارُ
خلُقٌ كلينِ الماء راقَ لشاربِ / ظامٍ وعَزمٌ في التوقُّد نارُ
من ذا الذي يحكيك في مَجد وفي / شَرَف وجَدُّك جَعفَرُ الطَّيار
ولأنت من قومٍ يهونُ عليهمُ / يومَ الوغى أن تُبذَلَ الأعمَارُ
قومٌ قد اختاروا الثناءَ لأنَّهُ / أبداً يدومُ وحَبَّذا ما اختاروا
عَلِموا وقد علموا الصحيحَ بأنَّهُ / لا درهَمٌ يَبقى ولا دِينارُ
لا أوحشَ اللَه ممن لم أزل أبداً
لا أوحشَ اللَه ممن لم أزل أبداً / أراه عندي وإن شَطَّت به الدارُ
ولستُ أعجبُ إلا من إقامتهِ / في باطنٍ حَشوُهُ لما نأى نارُ
عَوَّدتَهُ أنه يَجني وأعتذرُ
عَوَّدتَهُ أنه يَجني وأعتذرُ / لحسنه كلُّ ذَنبٍ منه مُغتَفَرُ
هُوَ الغنيُّ وإني في هواه إلى / أمانه من عذاب الهجر مُقتَقر
يا مالكَ القلب رِفقاً إنَّ نارك في / أضالعِ الصَّبِّ لا تُبقى ولا تَذر
ما أنكر الطَّرفُ أن الشَّعرَ منك دُجىً / وإنما غَرَّهُ من وجهك القمرُ
فَضَحتَ غُصنَ النَّقَا ليناً فظلَّ إذا / ما ماس قدُّك بالأوراق يَسترُ
يا مُدنَف الخَصرِ قد غادَرتني دَنِفاً / وناعسَ الطرف قد أودى بي السَّهَرُ
إني لأعجبُ من طرف تدبرُ به / على محبّيك خَمراً وهو مُنكَسرُ
يا عادلي فيه قل مهما أردت فما / عندي وعيشك مما قُلتَه خبر
قل للذي ظنّ أن الظبي يُشبِهُهُ / من أين للظبي ذاك الجيدُ والحورُ
استودعُ اللَه من ودَّعتُهُم سحراً / يوم الرحيل وهُم للقلب قد سحرُوا
فقال قلبي لطرفي عند فُرقَتِهم / ماذا بدمعك يوم البَينِ تَنتَظرُ
هناك لَبت جفوني وهي مسرعة / إن الجفون بأمرِ القلب تأتَمِرُ
ماضي العزيمة ما في باعه قِصَرُ / يوم الهيَاج ولا في طبعه خَوَرُ
تُثنى على جوده أخلاقُهُ وكَذا / يُثنى على حسن أفعال الحيَا الزّهرُ
فغير بدعٍ إذا ما خِلتُهُ مَلَكاً / لأنه حاز ما لا حازَهُ البَشَرُ
تجمَّع الحسنُ والإحسان فيه معاً / وإنما بالمعاني تُعشَقُ الصورُ
كم للنَّدا من معانٍ كلها طُرِقَت / وكلُّ معنى له في الجود مُبتَكَرُ
سَمحٌ إذا حلَّ في مغناه ذو أدب / فالمدح يُنظَمُ والأموال تنتَثرُ
يرتاحُ للمدح علماً أنه سببٌ / للجود لا كالذي بالمدح يَفتَخرُ
عوِّل على قصده بعد الإِله تَجد / عَوناً وغَوثاً لديه العزُّ والظَّفَّرُ
واستَجل من وجهه شَمساً إذا بزغت / يكاد يَعجزُ عن إدراكها البصرُ
وشنِّف السمعَ من ألفاظ مِقوله / فإِنه بَحرُ علمٍ كُلُّهُ دُرَرُ
به انتَصرتُ على جَورِ الزمانِ وهل / يزِلُّ من بات بالأَنصار ينتَصرُ
حسبي اعتمادي على بيت مكارِمُه / في الدهر يُخبرُ عنها البدوُ والحضَرُ
قومٌ بقولِ رسول اللَه فَضلَهُمُ / في الجاهلية والإسلام مُشتَهِرُ
قَيسُ بن سَعدٍ وما أدراك جَدُّهُم / إن الأصول عليها تَنبتُ الشَّجرُ
لئن قطع الغيث الطريق فبغلتي
لئن قطع الغيث الطريق فبغلتي / وحاشاك قبقابي وجوختي الدارُ
وإن قيل لا تخش فهي عبورَةُ / خشيت على علمي بأني جزَّارُ
ما كلّ حينٍ تنجحُ الأسفارُ
ما كلّ حينٍ تنجحُ الأسفارُ / نفق الحمارُ وبارت الأشعارُ
خُرجي على كتفي وها أنا دائِرُ / بين البيوت كأنني عَطَّارُ
لم أدرِ عيباً فيه إلاَّ أنَّهُ / مع ذا الذكاءِ يُقال عنه حمارُ
ويلينُ في وقت المضيق ويلتوي / فكأنّما بيديكَ منه سوارُ
ولقد تحامته الكلابُ واحجمت / عنه وفيه كلُّ ما يُختارُ
فرعت لصاحبه عهوداً قد مضت / لما عَلِمنَ بأنه جزَّارُ
يمضي الزمانُ وأنتَ هاجر
يمضي الزمانُ وأنتَ هاجر / أو ما لهذا الهجر آخر
يا من تحكَّم في القلو / بَّ فإنه لهواك ذاكر
وإذا رَقَدت مُنعَّماً / فاذكر شَقيّاً فيكَ ساهر
شَتَّتَنَ ما بيني وبي / نك في الهوى لو كنت عاذر
النارُ في كبدي وظَل / مُك باردٌ والجَفنُ فاتر
حَتَّامَ تحكمُ في نفو / س العاشقين وأنتَ جائر
هلا اقتَدَيتَ بعَدل مو / لانا كمال الدين ظافر
بك يا بن نصرٍ جئتُ أر / جو نُصرَةً فانعم وبادِر
وأجر من الزمن الذي / دارت عليَّ به الدوائر
أصبحتُ في أمري ولا / أشكو لغير اللَه حائِر
ولكم يُذَكّرني الشتا / ءُ بأمره ولكم أكاسر
واللحمُ يَقبُحُ أن أعو / د لبَيعهِ والشعرُ بائر
يا ليتني لا كنت جَ / زَّاراً ولا أصبحتُ شاعِر
سر الفؤاد طيفُهُ لما سرى
سر الفؤاد طيفُهُ لما سرى / فمرحباً منه بما أهدى الكرا
وافى إلى زائرا فليتهُ / حَقَّق في اليقظَة لي ما زورا
ظبيٌ إذا ماس ولاح وجهُه / رايت غُصناً بالهلال مُثمرا
وإن بدت طلعته في ليلة / من شعره رأيت ليلا مقمرا
كم ليلةٍ جنيتُ من عِذاره / آساً ومن خَدَّيه ورداً أحمرا
قل للذي يعذلني في حبِّه / حَقٌ لمن أحبَّه أن يُعذرا
يا بأبي من لم يزل بحسنه / في الحبِّ عن ذنوبه مُعتذرا
جَرَّدَ من جفنيه عَضبا أبيضاً / وهزَّ من عطفيه لدنا أسمرا
يا ساحر الأجفان رفقاً بفتى / سلبتَ منه عقلهُ وما درى
غريمهُ الشوق وقد أضحى من الص / بر الجميل مُذ نأيتَ مُعسرا
أجريتَ من أدمُعِهِ ما قد كفا / يكفيك من أدمعه ما قد جَرى
حُزتَ الجمال مثلما حاز العُلا ال / مَولى كمالُ الدين من دون الوَرى
شَيَّدَ مجداً لو أراد النجمُ أن / يُدرِكَ بعض شَأوه لقَصَّرا
ولو رأى البدرُ المنيرُ وَجهَهُ / هَلَّلَ إجلالا له وكبَّرا
يا من أرَجِّى ماله وجاهه / هذا أوانُ النفع فافعل ما تَرى
لم أَلقَ في ذا الدهر من أَشكُو له / رَيب الزمان إذ تَعَدَّى واجتَرا
وطالما حدَّثتُ نفسي بالغنى / منك وما كان حَدِيثاً يُفتَرَى
ولستُ أختارُ كريماً بعدها / عنك وكلُّ الصَّيد في جَوفِ الفَرَا
فخاطب السلطانَ في مَرَّةً / واحدةً من قبل تنوي السَّفَرا
فَهوَ أبو بكرٍ وأرجو أنَّه / في كل أمرٍ لم يخالف عمرا
من بَعد فَقدك قل لي كيف أًصطبرُ
من بَعد فَقدك قل لي كيف أًصطبرُ / والحزنُ عنديَ لا يُبقي ولا يَذَرُ
يا من أقام بجنَّات النعيم وفي / قلبي عليه لهيبُ النار يَستَعرُ
كم قد تأسَّفتُ ولكن لم يُفِد أسفي / كما حَذِرتُ وما أغنائي الحَذَرُ
بكيتُ إذ قيل لي في عَينهِ أَثَرٌ / فكيف حالي ولا عَينٌ ولا أثَرُ
مَن مُنصفي من مَعشَرٍ
مَن مُنصفي من مَعشَرٍ / كَثُروا عليَّ وكَثَّرُوا
صادفتُهم وأرى الخرو / جَ من الصداقة يَعسُرُ
كالخطِّ يسهل في الطُّرو / س ومَحوُهُ مُتَعَذِّرُ
وإذا أردتُ كَشَطتُه / لكنَّ ذاك يُؤَثَّرُ
أيا شرفَ الدينِ الذي فَيضُ جودِهِ
أيا شرفَ الدينِ الذي فَيضُ جودِهِ / براحتهِ قد أخجَلَ الغَيثَ والبَحرا
لئن أمحلت أرضُ الكنافة إنني / لأرجو لها من سُحبِ راحَتك القَطرا
فَعجِّل به جُوداً فمالي حاجةٌ / سواه نباتاً يُثمِرُ الحمدَ والشكرا
ولم ألق في بيتي دثاراً أُعدُّهُ
ولم ألق في بيتي دثاراً أُعدُّهُ / لبردٍ ولا شيء يردُّ هجيرا
فأنفخ شِدقي إن أردتَ وسادةً / وأفرش ظلِّي إن أردت حصيرا
أو ما ترى الإسكندري
أو ما ترى الإسكندري / ية إذ غَدت تُهجى وتُهجَر
وهي التي اتخذ الزما / نُ منارَها في الأُفقِ مِنبَر
لا يستطيع يرى رغي / فا عنده في البيت يُكسر
فلو أنه صلَّى وحا / شاهُ لقال الخُبزُ أكبَر
وله محلٌّ في البِغا / ء به تقدَّمَ مَن تأخَّر
سَل عنه مسعوداً ويا / قوتاً ورَيحاناً وعنبر
كم ليلةٍ قد بات وه / و يُمَدُّ بينهمُ ويُقصَر
سَرَى في دُجى من شَعرِهِ فحكا البَدرَا
سَرَى في دُجى من شَعرِهِ فحكا البَدرَا / وأَبدَى لنا من ثَغرِه الأَنجُمَ الزُّهرا
وحَيا بكأسٍ فعلُها فعل جَفنهِ / غَلِطتُ ومَن للخمر أَن تُشبِهَ السِّحرا
بِعَينكَ عَطَّلَّ هذه الكأس واسقنا / بعينيك ما يغتالُ ألبابَنا سُكرا
أدر حمرةَ الأَلحاظِ فيها لأنَها / بتأثيرها في العقل من أختها أَدرى
لَحَى اللَهُ عُذالي عليك فإنما / تَزَيَّدتَ لما زاد عَذلُهُمُ إِغرا
أَيطمَعُ في صَبري العذولُ وإنَّ مَن / يصاحب قلباً في الهوى يَعرف الصَبرا
أبنُّك ما ألقاه من لاعجِ الجَوَى / وإن كان واشي السُّقمِ لم يُبقِ لي سِرَّا
عَذَرتُ فُؤَادي حين ضاقَت جوانحي / عليهِ وقد أوسَعتُهُ بالجَفَا ذُعرَا
وبتُّ وطَرفي فيك باكٍ مُسَهَّدٌ / فلا دَمعتي تَرفَا ولا مُقلَتي تَكرَا
وعندي بهذا الدهر شُغلٌ عن الهوى / وإن كنت لا أختارُ أن أَعتبَ الدهَرا
متى لُمتُهُ أغراهُ لَومي بِعفلِهِ / وتُتشدُ آمالي لعل له عُذرا
ولن يُعدمَ الإِعدامُ من كَنزُهُ المُنَى / ولن يَختشى الأيامَ من يَرتجى الصَّدرا
أرانا بحُسنِ العَفو منه عواطفاً / تُؤَمِّنُنَا من بأسِهِ البَطشَةَ الكُبرَى
مكارمُ أخلاقٍ لو أنَّ زماننا / تعلَّمها ما ساءنا قَطُّ بل سَرَّا
ولم يَرضَ يوماً للمسئ إذا أسا / مقابلةً لكنه يرتضى الجبرَا
ولن تَستطيعَ السُّحبُ تَحكى بنانَه / وكيف تُبارى ديمةٌ أَبحُراً عَشرَا
إذا هزّ‍َ فوق الطَّرسِ منه أناملا / تأمَّل بحارَ الجود تُبدى لك الدُّرَّا
وإن نَظَم الشِّعرَ البديعَ سَمعتَ من / بَديهَته ما يَبهَرُ العَقلَ والفكرَا
ولو تعقلُ الوُرقُ السَّواجِعُ سَجعَهُ / لَراحَت وقد أزرى بها منه ما أزرى
وإن ذكر التاريخَ يوما بُمقتَضَى / بلاغته حَلَّى الزمانَ الذي مَرَّا
أيا ابنَ عليٍ أنت فاضلُ عصرنا / وإنك أن تُدعَى بفاضله أحرى
وأنتَ الذي ما زال للقَصدِ قبلَةً / ونائلُه شَفعاً وسُؤدَدُهُ وترَا
ومَغناه للراجي مجَنّاً وجُنَّةً / فها نحن فيها لا نجوع ولا نَعرَا
تَهُنَّ بعيد أنت أكبرُ عيدِهِ / تُضاعِفُ في الأولى الثَّوابَ وفي الأُخرى
فَصَلَّ به وانحَر عِدَاك فإنهم / على نَقصِهِم لا يأمنون بك النَّحرا
ولا زلتَ أعلى العالمين مكانة / وأنفَذَهم حُكماً وأرفعَهم قَدرَا
عَفَا اللَه عما قد جَنَتهُ يَدُ الدَّهرِ
عَفَا اللَه عما قد جَنَتهُ يَدُ الدَّهرِ / فقد بَذَلَ المجهُودَ في طلب العُذرِ
أيحسنُ أن أشكو الزمانَ الذي غَدَت / صنائعهُ عندي تَجِلُّ عن الشُّكرِ
لقد كنتُ في أسر الخمول فلم يزَل / بِتَدريجِهِ حتى خَلَصتُ من الأَسرِ
فشكراً لأيَّامِ وفَتُ لي بوعدها / وأبدت لعيني فوق ما جالَ في فكري
وكم ليلةٍ قد بتُّها مُعسِراً ولى / بزخرف آمالي كنورٌ من الفَقرِ
أقول لقلبي كلما اشتقت للغنى / إذا جاء نصر اللضه بُتَّت يَدُ الفَقرِ
وإن جئتَهُ بالمدح يلقاك باللَّهَى / فكم مرةٍ قد قابل النظم بالنثرِ
ويهتزُّ للجدوى إذا ما مدحته / كما اهتزَّ حاشى وصفه شاربُ الخَمرِ
نَقَلتَ لقَلبي ما بجَفنكَ من كَسرِ
نَقَلتَ لقَلبي ما بجَفنكَ من كَسرِ / وعَلَّمتَ جِسمي بالضَّنَا رقَّةَ الخَصرِ
وغادرتَ دمعي فوقَ خدِّي كأنَّه / ثناياك لما لُحتَ مُبتَسمَ الثَّغرِ
وأبصرتُ صُبحَ الوصل من وجهك الذي / بَدَا تحتَ شعر خلتُهُ ليلةَ الهَجر
يُحَبَّب لي فيك الغرامُ فلم أكد / أشبِّهه إلا بحسنك في شعري
وهيفاء تحكي الظَّبى جيداً ومُقلَةً / رَنَت وانثَنَت فارتَعتُ للبيضِ والسُّمرِ
حُسدتُ على لَثم الشَّقيقِ بخدِّها / ورَشفِ رُضَابٍ لم أَزَل منه في سُكرِ
ولستُ أخاف السِّحرَ من لحظاتها / لأني بموسى قد أَمنتُ من السِّحرِ
فتىً إن سطا فرعونُ فَقرِى وجَدتُهُ / يُغَرِّقُهُ من جود كَفَّيهِ في بَحر
له باليد البيضاء أعظمُ آيةٍ / إذا اسودَّتِ الأيام من نُوَبِ الدَّهرِ
كذبتُ في نظم مديحي لكُم
كذبتُ في نظم مديحي لكُم / والكِذبُ لا يُنكَرَ من شاعِرِ
واحتجت أن أذكركم خيفة / بالخيرِ للواردِ والصادرِ
فأنتمو ألجأتموني إلى / كِذبي في الأوَّلِ والآخِر
والعَصر إنَّ عدَاك في العَصرِ
والعَصر إنَّ عدَاك في العَصرِ / وقد انتَهَوا لِهدَاية الخسرِ
ظلموا فما أبقوا لهم وَزَراً / يُنجى ولا سَلمُوا من الوِزرِ
ظهروا لنورك وهو شَمسُ ضُحىً / فتضاءلوا كتَضَاؤل الذَّرِّ
مكروا وقد مكرَ الإلهُ بهم / شَتَّانَ بين المَكرِ والمَكرِ
دَعهُم فلا بَرح التَّغَابُن من / حَسَد يُوَاصلهم إلى الحشرِ
وانشد إذا ما زرت تُربَتَهُم / مُتَهَكِّماً في السِّرِّ والجَهرِ
ماتوا بغيظهمُ وما ظَفرُوا / بمرادهم واضَيعَةَ العُمرِ
ومن العجائب كَونُهُم جهلوا / أن العلوم وديعهُ الصَّدرِ
لولا أخاف اللَه قلتُ لمن / يَروى مديحك اتلُ يا مُقرِي
حَجَّت لك العافونَ فازدحموا / كتزاحم الآمال في الفكرِ
نالوا المَنَى جنابك فاخ / تاروا المُقَامَ بها على النَّفرِ
قَطَعتُ شَبيبَتي وأَضَعتُ عُمري
قَطَعتُ شَبيبَتي وأَضَعتُ عُمري / وقد أَتعَبتُ في الهَذَيانِ فكري
وما لي أجرةٌ فيه ولا لي / إذا ما متُّ يوما بَعضُ أجر
قرأتُ النحوَ تبياناً وفَهماً / إلى أن كُعتُ منه وضاق صدري
فما استنبَطتُ منه سوى محال / يُحَال بِه على زَيدٍ وعَمرِو
فكان النصب فيه عليَّ نصباً / وكان الرفَّعُ فيه لغير قدري
وكان الخفضُ فيه جلَّ حَظِّى / وكان الجزم فيه لقطع ذكري
وفي علمِ العَرُوض دخلتُ جَهلا / وعُمتُ بخفَّتي في كلِّ بَحرٍ
فأذكرَني به التفعيلُ بَيتاً / تضمَّنَ نصفَهُ الشَيخُ المَعَرِّى
مُفَاعَلُّن مُفَاعَلَتُن فعُولن / حَديثُ خُرَافةٍ يا أمَّ عَمرو
وكم يومٍ بِبَيعِ اللَّحمِ عندي / يُعَدُّ من البَوَارِ بأَلفِ شَهرِ
ولما أن غَدَا لا بَيعَ فيه / مع الميزان أشبَهَ يَومَ حَشرِ
ودُكَّاني جَهَنَّمُ إذ زُبُونيَّ / زَبَانِيَةٌ بهم تعذيبُ سرِّى
وفيها زَفرَةٌ من غير لَحمِ / وقد وُضِعَت سلاسلُها بنَحري
وقد طال العذابُ عليَّ فيها / لمَا قَدَّمتُ من بَخسِ ووِزرِ
فإن لام الغدول أقول دعني / أنا في ضيعة في وسطِ عُمرِي
وعَمِّي قد غَدَا غَمِّي وأمسَى / يحطُّ ببخلِهِ قدري وقَدرِي
وإِنَّ الشِّعرَ دون عُلاهُ قَدراً / ولا سيَما إذا ما كان شعري
لأني ما قرأتُ لهُ صحاحاً / ولا نحوا على الشيخ ابن بَرِّي
وقد شاركتُ في لُغَةٍ ونحو / بلا علمٍ وشاعَ بذاك ذِكري
وعيشك لستُ أَدري ما طَحَاها / وقد أَقرَرتُ أني لستُ أدري
وذا خبري ولو كشَّفت عني / لصغَّرَهُ بعلم الجهل خُبرى
كأني مثلُ بعض الناس لما / تعلَّم آيتين فصار مُقرِى
أحبابنا ما لليلى بعد فرقتكُم
أحبابنا ما لليلى بعد فرقتكُم / كأنَّما هو مخلوقٌ بلا سَحَر
أنفقت أيام عمري في محبتكُم / وقد نأيتم فلا أنتُم ولأغمرِي

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025