المجموع : 95
أَلا إِنَّما الدُنيا عَلَيكَ حِصارُ
أَلا إِنَّما الدُنيا عَلَيكَ حِصارُ / يَنالُكَ فيها ذِلَّةٌ وَصَغارُ
وَمالَكَ في الدُنيا مِنَ الكَدِّ راحَةٌ / وَلا لَكَ فيها إِن عَقَلتَ قَرارُ
وَما عَيشُها إِلّا لَيالٍ قَلائِلُ / سِراعٌ وَأَيّامٌ تَمُرُّ قِصارُ
وَما زِلتَ مَزموماً تُقادُ إِلى البِلى / يَسوفُكَ لَيلٌ مَرَّةً وَنَهارُ
وَعارِيَةٌ ما في يَدَيكَ وَإِنَّما / تُعارُ لِرَدٍّ ما طَلَبتَ يُعارُ
إِنَّ ذا المَوتَ ما عَلَيهِ مُجيرُ
إِنَّ ذا المَوتَ ما عَلَيهِ مُجيرُ / يَهلِكُ المُستَجارُ وَالمُستَجيرُ
إِن تَكُن لَستَ خابِراً بِاللَيالي / وَبِأَحداثِها فَإِنّي خَبيرُ
هُنَّ يُدنينَنا مِنَ المَوتِ قِدماً / فَسَواءٌ صَغيرُنا وَالكَبيرُ
أَيُّها الطالِبُ الكَثيرَ لِيَغنى / كُلُّ مَن يَطلُبُ الكَثيرَ فَقيرُ
وَأَقَلُّ القَليلِ يُغني وَيَكفي / لَيسَ يُغني وَلَيسَ يَكفي الكَثيرُ
كَيفَ تَعمى عَنِ الهُدى كَيفَ تَعمى / عَجَباً وَالهُدى سِراجٌ مُنيرُ
قَد أَتاكَ الهُدى مِنَ اللَهِ نُصحاً / وَبِهِ جاءَكَ البَشيرُ النَذيرُ
وَمَعَ اللَهِ أَنتَ ما دُمتَ حَيّاً / وَإِلى اللَهِ بَعدَ ذاكَ تَصيرُ
وَالمَنايا رَوائِحٌ وَغَوادٍ / كُلَّ يَومٍ لَها سَحابٌ مَطيرُ
لا تَغُرَّنَّكَ العُيونُ فَكَم أَع / مى تَراهُ وَإِنَّهو لَبَصيرُ
أَنا أَغنى العِبادِ ما كانَ لي كِن / نٌ وَما كانَ لي مَعاشٌ يَسيرُ
ما لِلفَتى مانِعٌ مِنَ القَدَرِ
ما لِلفَتى مانِعٌ مِنَ القَدَرِ / وَالمَوتُ حَولَ الفَتى وَبِالأَثَرِ
بَينا الفَتى بِالصَفاءِ مُغتَبِطٌ / حَتّى رَماهُ الزَمانُ بِالكَدَرِ
كَم في اللَيالي وَفي تَقَلُّبِها / مِن عِبَرٌ لِلفَتى وَمِن فِكَرِ
سائِل عَنِ الأَمرِ لَيسَ تَعرِفُهُ / فَكُلُّ رُشدٍ يَأتيكَ في الخَبَرِ
إِنَّ اِمرَأً يَأمَنُ الزَمانَ وَقَد / عايَنَ شِدّاتِهِ لَفي غَرَرِ
ما أَمكَنَ القَولُ بِالصَوابِ فَقُل / وَاِحذَر إِذا قُلتَ مَوضِعَ الضَرَرِ
ما طَيِّبُ القَولِ عِندَ سامِعِهِ ال / مُنصِتِ إِلّا كَطَيِّبِ الثَمَرِ
لِلشَيبِ في عارِضَيكَ بارِقَةٌ / تَنهاكَ عَمّا أَرى مِنَ الأَشَرِ
ما لَكَ مُذ كُنتَ لاعِباً مَرِحاً / تَسحَبُ ذَيلَ السَفاهِ وَالبَطَرِ
تَلعَبُ لَعبَ الصَغيرِ جَهلاً وَقَد / عَمَّمَكَ الدَهرُ عِمَّةَ الكِبَرِ
لَو كُنتَ لِلمَوتِ خائِفاً وَجِلاً / أَقرَحتَ مِنكَ الجُفونُ بِالعِبَرِ
طَوَّلتَ مِنكَ المُنى وَأَنتَ مِنَ ال / أَيّامِ في قِلَّةٍ وَفي قِصَرِ
لِلَّهِ عَيناكَ تَكذِبانِكَ في / ما رَأَتا مِن تَصَرُّفِ الغَيرِ
يا عَجَباً لي أَقَمتُ في وَطَنٍ / ساكِنُهُ كُلُّهُم عَلى سَفَرٍ
ذَكَرتُ أَهلَ القُبورِ مِن ثِقَتي / فَاِنهَلَّ دَمعي كَوابِلِ المَطَرِ
فَقُل لِأَهلِ القُبورِ يا ثِقَتي / لَستُ بِناسيكُمُ مَدى عُمُري
يا ساكِني باطِنَ القُبورِ أَما / لِلوارِدينَ القُبورَ مِن صَدَرِ
ما فَعَلَ التارِكونَ مُلكَهُمُ / أَهلُ القِبابِ العِظامِ وَالحُجَرِ
هَل يَبتَنونَ القُصورَ بَينَكُم / أَم هَل لَهُم مِن عُلاً وَمِن خَطَرِ
ما فَعَلَت مِنهُمُ الوُجوهُ أَقَد / بُدِّدَ عَنها مَحاسِنُ الصُوَرِ
اللَهُ في كُلِّ حادِثٍ ثِقَتي / وَاللَهُ عِزّي وَاللَهُ مُفتَخَري
لَستُ مَعَ اللَهِ خائِفاً أَحَداً / حَسبي بِهِ عاصِماً مِنَ البَشَرِ
رُبَّ أَمرٍ يَسوءُ ثُمَّ يَسُرُّ
رُبَّ أَمرٍ يَسوءُ ثُمَّ يَسُرُّ / وَكَذاكَ الأُمورُ حُلوٌ وَمُرُّ
وَكَذاكَ الأُمورُ تَعثُرُ بِالنا / سِ فَخَطبٌ يَمشي وَخَطبٌ يَكُرُّ
ما أَغَرَّ الدُنيا لِذي الأَمرِ فيها / عَجَباً لِلدُنيا وَكَيفَ تَغُرُّ
وَلِمَكرِ الدُنيا خَطافيفُ لَهوٍ / وَخَطاطيفُها إِلَيها تَجُرُّ
وَلَقَلَّ اِمرُؤٌ يُفارِقُ ما يَع / تادُ إِلّا وَقَلبُهُ مُقشَعِرٌّ
وَإِذا ما رَضيتَ كُلَّ قَضاءِ ال / لَهِ لَم تَخشَ أَن يُصيبَكَ ضُرُّ
أَمِنّي تَخافُ اِنتِشارَ الحَديثِ
أَمِنّي تَخافُ اِنتِشارَ الحَديثِ / وَحَظِّيَ في صَونِهِ أَوفَرُ
وَلَو لَم يَكُن فيهِ مَعنىً عَلَيكَ / نَظَرتُ لِنَفسي كَما تَنظُرُ
المَوتُ بابٌ وَكُلُّ الناسِ داخِلُهُ
المَوتُ بابٌ وَكُلُّ الناسِ داخِلُهُ / فَلَيتَ شِعرِيَ بَعدَ البابِ ما الدارُ
الدارُ جَنَّةُ خُلدٍ إِن عَمِلتَ بِما / يُرضي الإِلَهَ وَإِن قَصَّرتَ فَالنارُ
تَوَّقَ مِمّا تَأتي وَما تَذَرُ
تَوَّقَ مِمّا تَأتي وَما تَذَرُ / جَميعُ ما أَنتَ فيهِ مُعتَذَرُ
ما أَبعَدَ الشَيءَ مِنكَ ما لَم يُسا / عِدكَ عَلَيهِ القَضاءُ وَالقَدَرُ
طَلَبتُ المُستَقَرَّ بِكُلِّ أَرضٍ
طَلَبتُ المُستَقَرَّ بِكُلِّ أَرضٍ / فَلَم أَرَ لي بِأَرضٍ مُستَقَرّا
أَطَعتُ مَطامِعي فَاِستَعبَدَتني / وَلَو أَنّي قَنِعتُ لَكُنتُ حُرّا
أَخَوَيَّ مُرّا بِالقُبو
أَخَوَيَّ مُرّا بِالقُبو / رِ فَسَلِّما قَبلَ المَسيرِ
ثُمَّ ادعوا يا مَن بِها / مِن ماجِدٍ قَرمٍ فَخورِ
وَمُسَوَّدٍ رَحبِ الفِنا / ءِ أَغَرَّ كَالقَمَرِ المُنيرِ
يا مَن تَضَمَّنُهُ المَقا / بِرُ مِن صَغيرٍ أَو كَبيرِ
هَل فيكُمُ أَو مِنكُمُ / مِن مُستَجارٍ أَو مُجيرِ
أَو ناطِقٍ أَو سامِعٍ / يَوماً بِعُرفٍ أَو نَكيرِ
أَهلَ القُبورِ أَحِبَّتي / بَعدَ الجَزالَةِ وَالسُرورِ
بَعدَ الغَضارَةِ وَالنَضا / رَةِ وَالتَنَعُّمِ وَالحُبورِ
بَعدَ المَشاهِدِ وَالمَجا / لِسِ وَالدَساكِرِ وَالقُصورِ
بَعدَ الحِسانِ المُسمِعا / تِ وَبَعدَ رَبّاتِ الخُدورِ
وَالناجِياتِ المُنجِيا / تِ مِنَ المَهالِكِ وَالشُرورِ
أَصبَحتُم تَحتَ الثَرى / بَينَ الصَفائِحِ وَالصُخورِ
أَهلَ القُبورِ إِلَيكُمُ / لا بُدَّ عاقِبَةُ المَصيرِ
عَيبُ اِبنَ آدَمَ ما عَلِمتُ كَثيرٌ
عَيبُ اِبنَ آدَمَ ما عَلِمتُ كَثيرٌ / وَمَجيئُهُ وَذَهابُهُ تَغريرُ
يا ساكِنَ الدُنيا أَلَم تَرَ زَهرَةَ ال / دُنيا عَلى الأَيّامِ كَيفَ تَصيرُ
غَرَّتكَ نَفسُكَ لِلحَياةِ مُحِبَّةً / وَالمَوتُ حَقٌّ وَالبَقاءُ يَسيرُ
لا تُعظِمِ الدُنيا فَإِنَّ جَميعَ ما / فيها صَغيرٌ لَو عَلِمتَ حَقيرُ
نَل ما بَدا لَكَ أَن تَنالَ مِنَ الغِنى / إِن أَنتَ لَم تَقنَع فَأَنتَ فَقيرُ
يا جامِعَ المالِ الكَثيرِ لِغَيرِهِ / إِنَّ الصَغيرَ مِنَ الذُنوبِ كَبيرُ
هَل في يَدَيكَ عَلى الحَوادِثِ قُوَّةٌ / أَم هَل عَلَيكَ مِنَ المَنونِ خَفيرُ
أَم ما تَقولُ إِذا ظَعَنتَ إِلى البَلى / وَإِذا خَلا بِكَ مُنكَرٌ وَنَكيرُ
مَن سابَقَ الدَهرَ كَبا كَبوَةً
مَن سابَقَ الدَهرَ كَبا كَبوَةً / لَم يَستَقِلها مِن خُطى الدَهرِ
فَاِخطُ مَعَ الدَهرِ عَلى ما خَطى / وَاجرِ مَعَ الدَهرِ كَما يَجري
لَيسَ لِمَن لَيسَت لَهُ حيلَةٌ / مَوجودَةٌ خَيرٌ مِنَ الصَبرِ
ما أَسرَعَ الأَيامَ في الشَهرِ / وَأَسرَعَ الأَشهُرَ في العُمرِ
إِنَّ لِلدَهرِ فَاِعلَمَنَّ عِثارا
إِنَّ لِلدَهرِ فَاِعلَمَنَّ عِثارا / فَإِلى كَم أَما تَرى الأَقدارا
تَتَوَخّى الأُلّافَ إِلفاً فَإِلفاً / وَتُنَقّي الجيرانَ جاراً فَجارا
لَو عَقَلنا إِذِ النَهارُ يَسوقُ ال / لَيلَ وَاللَيلُ إِذ يَسوقُ النَهارا
لَرَأَيناهُما بِمَرٍّ حَثيثٍ / يَطوِيانِ الأَعمارَ وَالآثارا
ما اِستَوى الناسُ مُنذُ كانوا أُناساً / خَلَقَ اللَهُ خَلقَهُ أَطوارا
مَن رَأى عِبرَةً فَفَكَّرَ فيها / لَم يَزِدهُ التَفكيرُ إِلّا اِعتِبارا
أَلا في سَبيلِ اللَهِ ما فاتَ مِن عُمري
أَلا في سَبيلِ اللَهِ ما فاتَ مِن عُمري / تَفاوَتُ أَيّامي بِعُمري وَما أَدري
فَلابُدَّ مِن مَوتٍ وَلابُدَّ مِن بِلاً / وَلابُدَّ مِن بَعثٍ وَلابُدَّ مِن حَشرِ
وَإِنّا لَنَبلى ساعَةً بَعدَ ساعَةٍ / عَلى قَدَرٍ لِلَّهِ مُختَلِفٍ يَجري
وَنَأمَلُ أَن نَبقى طَويلاً كَأَنَّنا / عَلى ثِقَةٍ بِالأَمنِ مِن غِبَرِ الدَهرِ
وَنَعبَثُ أَحياناً بِما لا نُريدُهُ / وَنَرفَعُ أَعلامَ المَخيلَةِ وَالكِبرِ
وَنَسمو إِلى الدُنيا لِنَشرَبَ صَفواها / بِغَيرِ قُنوعٍ عَن قَذاها وَلا صَبرِ
فَلَو أَنَّ ما نَسمو إِلَيهِ هُوَ الغِنى / وَلَكِنَّهُ فَقرٌ يَجُرُّ إِلى فَقرِ
عَجِبتُ لِنَفسي حينَ تَدعو إِلى الصِبا / فَتَحمِلُني مِنهُ عَلى المَركَبِ الوَعرِ
يَكونَ الفَتى في نَفسِهِ مُتَحَرِّزاً / فَيَأتيهِ أَمرُ اللَهِ مِن حَيثُ لا يَدري
وَما هِيَ إِلّا رَقدَةٌ غَيرَ أَنَّها / تَطولُ عَلى مَن كانَ فيها إِلى الحَشرِ
كَأَنَّكَ قَد جاوَرتَ أَهلَ المَقابِرِ
كَأَنَّكَ قَد جاوَرتَ أَهلَ المَقابِرِ / هُوَ المَوتُ يا ابنَ المَوتِ إِن لَم تُبادِرِ
تَسَمَّع مِنَ الأَيامِ إِن كُنتَ سامِعاً / فَإِنَّكَ فيها بَينَ ناهٍ وَآمِرِ
وَلا تَرمِ بِالأَخبارِ مِن غَيرِ خِبرَةٍ / وَلا تَحمِلِ الأَخبارَ عَن كُلِّ خابِرِ
فَكَم مِن عَزيزٍ قَد رَأَينا امتِناعَهُ / فَدارَت عَلَيهِ بَعدُ إِحدى الدَوائِرِ
وَكَم مَلِكٍ قَد رُكِّمَ التُربُ فَوقَهُ / وَعَهدي بِهِ في الأَمسِ فَوقَ المَنابِرِ
وَكَم دائِبٍ يُعنى بِما لَيسَ مُدرِكاً / وَكَم وارِدٍ ما لَيسَ عَنهُ بِصادِرِ
وَلَم أَرَ كَالأَمواتِ أَبعَدَ شُقَّةً / عَلى قُربِها مِن دارِ جارٍ مُجاوِرِ
لَقَد دَبَّرَ الدُنيا حَكيمٌ مُدَبِّرٌ / لَطيفٌ خَبيرٌ عالِمٌ بِالسَرائِرِ
إِذا أَبقَتِ الدُنيا عَلى المَرءِ دينَهُ / فَمافاتَهُ مِنها فَلَيسَ بِضائِرِ
إِذا أَنتَ لَم تَزدَد عَلى كُلِّ نِعمَةٍ / خُصِصتَ بِها شُكراً فَلَستَ بِشاكِرِ
إِذا أَنتَ لَم تُؤثِر رِضى اللَهِ وَحدَهُ / عَلى كُلِّ ما تَهوى فَلَستَ بِصابِرِ
إِذا أَنتَ لَم تَطهُر مِنَ الجَهلِ وَالخَنا / فَلَستَ عَلى عَومِ الفُراتِ بِطاهِرِ
إِذا لَم تَكُن لِلمَرءِ عِندَكَ رَغبَةٌ / فَلَستَ عَلى ما في يَدَيهِ بِقادِرِ
إِذا كُنتَ بِالدُنيا بَصيراً فَإِنَّما / بَلاغُكَ مِنها مِثلُ زادِ المُسافِرِ
وَما الحُكمُ إِلّا ما عَلَيهِ ذَوُ النُهى / وَما الناسُ إِلّا بَينَ بَرٍّ وَفاجِرِ
وَما مِن صَباحٍ مَرَّ إِلّا مُؤَدِّباً / لِأَهلِ العُقولِ الثابِتاتِ البَصائِرِ
أَراكَ تُساوى بِالأَصاغِرِ في الصَبايا / وَأَنتَ كَبيرٌ مِن كِبارِ الكَبائِرِ
كَأَنَّكَ لَم تَدفِن حَميماً وَلَم تَكُن / لَهُ في حِياضِ المَوتِ يَوماً بِحاصِرِ
وَلَم أَرَ مِثلَ المَوتِ أَكثَرَ ناسِياً / تَراهُ وَلا أَولى بِتَذكارِ ذاكِرِ
وَإِنَّ امرَأً يَبتاعُ ضُنيا بِدينِهِ / لَمُنقَلِبٌ مِنها بِصَفقَةِ خاسِرِ
وَكُلُّ امرِئٍ لَم يَرتَحِل بِتِجارَةٍ / إِلى دارِهِ الأُخرى فَلَيسَ بِتاجِرِ
رَضيتُ بِذي الدُنيا لِكُلِّ مُكابِرِ / مُلِحٍّ عَلى الدُنيا وَكُلِّ مُفاخِرِ
أَلَم تَرَها تَرقيهِ حَتّى إِذا صَبا / فَرَت حَلقَهُ مِنها بِمُديَةِ جازِرِ
وَما تَعدِلُ الدُنيا جَناحَ بَعوضَةٍ / لَدى اللَهِ أَو مِقدارَ زَغبَةِ طائِرِ
فَلَم يَرضَ بِالدُنيا ثَواباً لِمُؤمِنٍ / وَلَم يَرضَ بِالدُنيا عِقاباً لِكافِرِ
سَتَرى بَعدَ ما تَرى
سَتَرى بَعدَ ما تَرى / غَيرَ هَذا الَّذي تَرى
سَتَرى ما بَقيتَ ما / يَمنَعُ النائِمَ الكَرى
سَتَرى مَن يَصيرُ بَع / دَ نَعيمٍ إِلى الثَرى
سَتَرى كُلَّ حادِثٍ / كَيفَ يَجري إِذا جَرى
لَعَمرُ أَبي لَو أَنَّني أَتَفَكَّرُ
لَعَمرُ أَبي لَو أَنَّني أَتَفَكَّرُ / رَضيتُ بِما يُقضى عَلَيَّ وَيُقدَرُ
تَوَكَّل عَلى الرَحمَنِ في كُلِّ حاجَةٍ / أَرَدتَ فَإِنَّ اللَهَ يَقضي وَيَقدِرُ
مَتى ما يُرِد ذو العَرشِ أَمراً بِعَبدِهِ / يُصِبهُ وَما لِلعَبدِ ما يَتَخَيَّرُ
وَقَد يَهلِكُ الإِنسانُ مِن بابِ أَمنِهِ / وَيَنجو لَعَمرُ اللَهِ مِن حَيثُ يَحذَرُ
يا عَجَباً لَلناسِ لَو فَكَروا
يا عَجَباً لَلناسِ لَو فَكَروا / أَو حاسَبوا أَنفُسَهُم أَبصَروا
وَعَبَروا الدُنيا إِلى غَيرِها / فَإِنَّما الدُنيا لَهُم مَعبَرُ
وَالخَيرُ ما لَيسَ بِخافٍ هُوَ ال / مَعروفُ وَالشَرُّ هُوَ المُنكَرُ
وَالمَورِدُ المَوتُ وَما بَعدَهُ ال / حَشرُ فَذاكَ المَورِدُ الأَكبَرُ
وَالمَصدَرُ النارُ أَوِ المَصدَرُ ال / جَنَّةُ ما دونَهُما مَصدَرُ
لافَخرَ إِلّا فَخرُ أَهلِ التُقى / غَداً إِذا ضَمَّهُمُ المَحشَرُ
لَيَعلَمَنَّ الناسُ أَنَّ التُقى / وَالبِرِّ كانا خَيرَ ما يُذخَرُ
ما أَحمَقَ الإِنسانَ في فَخرِهِ / وَهوَ غَداً في حُفرَةٍ يُقبَرُ
ما بالُ مَن أَوَّلُهُ نُطفَةٌ / وَجيفَةٌ آخِرُهُ يَفخَرُ
أَصبَحَ لا يَملِكُ تَقديمَ ما / يَرجو وَلا تَأخيرَ ما يَحذَرُ
وَأَصبَحَ الأَمرُ إِلى غَيرِهِ / في كُلِّ ما يُقضى وَمايُقدَرُ
قَد رَأَيتُ الدُنيا إِلى ما تَصيرُ
قَد رَأَيتُ الدُنيا إِلى ما تَصيرُ / كُلُّ شَيءٍ مِنها صَغيرٌ حَقيرُ
أَنَ في حيلَةِ التَخَلُّصِ مِنها / وَعَلى ذَلِكَ الإِلَهُ قَديرُ
هُوَ رَبّي وَحَسبِيَ اللَهُ رَبّي / فَلَنِعمَ المَولى وَنِعمَ النَصيرُ
أَيُّ شَيءٍ أَبغي إِذا كانَ لي ظِل / لٌ وَقوتٌ حِلٌّ وَثَوبٌ سَتيرُ
ما بِأَهلِ الكَفافِ فَقرٌ وَلَكِن / كُلُّ مَن لَم يَقنَع فَذاكَ فَقيرُ
كُلُّ حَيٍّ إِلى المَماتِ يَصيرُ
كُلُّ حَيٍّ إِلى المَماتِ يَصيرُ / كُلُّ حَيٍّ مِن عَيشِهِ مَغرورُ
لا صَغيرٌ يَبقى عَلى حادِثِ الدَه / رِ أَلا لا وَلَيسَ يَنجو الكَبيرُ
كَيفَ نَرجو الخُلودَ أَو نَطمَعُ العَي / شَ وَأَبياتُ سالِفينا القُبورُ
رُبَّ يَومٍ يَمُرُّ قَصداً عَلَينا / تَسفي الريحُ تُربَها وَتَمورُ
مِنهُمُ الوالِدُ الشَفيقُ عَلَينا / وَالأَخُ المُمحِضُ الوَصولُ الأَثيرُ
وَاِبنُ عَمٍّ وَجارُ بَيتٍ قَريبٍ / وَصَديقٌ وَزائِرٌ وَمَزورُ
يا لَها زَلَّةً وَضِلَّةَ رَأيٍ / لَيسَ مِنّا في جَهلِنا مَعذورُ
أَورَدَتنا الدُنيا وَما أَصدَرَتنا / إِنَّ هَذا مِن فِعلِها لَغُرورُ
لا يَأمَنُ الدَهرُ إِلّا الخائِنُ البَطِرُ
لا يَأمَنُ الدَهرُ إِلّا الخائِنُ البَطِرُ / مَن لَيسَ يَعقِلُ ما يَأتي وَما يَذَرُ
ما يَجهَلُ الرُشدُ مَن خافَ الإِلَهَ وَمَن / أَمسى وَهِمَّتُهُ في دينِهِ الفِكَرُ
فيما مَضى فِكرَةٌ فيها لِصاحِبِها / إِن كانَ ذا بَصَرٍ بِالرَأيِ مُعتَبَرُ
أَينَ القُرونُ وَأَينَ المُبتَنونَ لَنا / هَذي المَدائِنَ فيها الماءَ وَالشَجَرُ
وَأَينَ كِسرى أَنوشِروانُ مالَ بِهِ / صَرفُ الزَمانِ وَأَفنى مُلكَهُ الغِيَرُ
بَل أَينَ أَهلُ التُقى بَعدَ النَبِيِّ وَمَن / جاءَت بِفَضلِهِمُ الآياتُ وَالسُوَرُ
أُعدُد أَبا بَكرٍ الصِدّيقَ أَوَّلَهُم / وَنادِ مِن بَعدِهِ في الفَضلِ يا عُمَرُ
وَعُدَّ مِن بَعدِ عُثمانٍ أَبا حَسَنٍ / فَإِنَّ فَضلَهُما يُروى وَيُدَّكَرُ
لَم يَبقَ أَهلُ التُقى فيها لِبِرِّهِمُ / وَلا الجَبابِرَةُ الأَملاكُ ما عَمَروا
فَاِعمِل لِنَفسِكَ وَاِحذَر أَن تُوَرِّطَها / في هُوَّةٍ ما لَها وِردٌ وَلا صَدَرُ
ما يَحذَرُ اللَهَ إِلّا الراشِدونَ وَقَد / يُنجي الرَشيدَ مِنَ المَحذورَةِ الحَذَرُ
وَالصَبرُ يُعقِبُ رِضواناً وَمَغفِرَةً / مَعَ النَجاحِ وَخَيرُ الصُحبَةِ الصُبرُ
الناسُ في هَذِهِ الدُنيا عَلى سَفَرٍ / وَعَن قَريبٍ بِهِم ما يَنقَضي السَفَرُ
فَمِنهُمُ قانِعٌ راضٍ بِعيشَتِهِ / وَمِنهُمُ موسِرٌ وَالقَلبُ مُفتَقَرُ
ما يُشبِعُ النَفسَ إِن لَم تُمسِ قانِعَةً / شَيءٌ وَلَو كَثُرَت في مُلكِها البِدَرُ
وَالنَفسُ تَشبَعُ أَحياناً فَيُرجِعُها / نَحوَ المَجاعَةِ حُبُّ العَيشِ وَالبَطَرُ
وَالمَرءُ ما عاشَ في الدُنيا لَهُ أَثَرٌ / فَما يَموتُ وَفي الدُنيا لَهُ أَثَرُ