القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ دُنَينِير الكل
المجموع : 18
ها قد بلغت الذي قد كان ينتظرُ
ها قد بلغت الذي قد كان ينتظرُ / الله أكبر هذا النصر والظفر
قد صرّح الخبر منك اليوم عن خبر / قد كان أنظر فيه نفسه النظر
أكذبت ظنّ الأعادي بالذي كملت / به السعادة واستهتى لك الخطر
قالت ظنونهم في الفأل وابتدلَت / من بارحٍ سانح الطير الذي زجروا
أعدت عود الهدى غضا وقد يبست / أغصانه وهو لا ظلّ ولا ثمرُ
هذا هو الفتح فتح لا يقوم به / نظم المديح ولا نثر فيبكر
فتح مبين وقي من كل موبقة / لم يبق من بعده ذنبُ فيفتفر
تهلّل الدين والدنيا به فرحا / واستبشرت مكة والحجر والحجَرُ
لم تخش يثرب تثريبا لفادحة / من بعده إذ سرت في ذكره السور
يا يوم دمياط قد راحت مسوّدةً / منك الطروس وقد سارت بك السير
أنطقت خرس الأماني وهبي صامتة / ورضت صعب المعاني فهيَ تبتدر
ألبست أهل الهدى من نصرة حللاً / والشرك قد حلّ منه الإزر والأُزرُ
في يوم ذي هج لا وصف يدركه / يكاد منه فؤاد الدهر ينفطِرُ
يوم تدين له الأيام إذ خرسَت / عن فخرِها وهو طول الدهر يفتخرُ
في حالةٍ جمع الضدين في قرنٍ / فالشركُ متحذل والحقّ منتصرُ
قد عاد صبحهم ليلا تضيءُ بهِ / زرقُ الأسنّة فهي الأنجم الزهر
والشمس طالعة فيه وغارية / لكنها بظلام النقع تستتر
والدين قد تليت آياته فرحا / بنصره وصليب الشرك منعفر
يا دين عيسى بعيسى قد خذلت وذا / كسر مدى الدهر منكم ليس ينجبرُ
وافاك في جحفلٍ ضاق الفضاءُ به / ذرعا فأنت لديه بل له جزرُ
أتى بجيشي وغىً في الأرض عسكرهُ / وفي السماء قضاء الله والقدر
فالبحر من تحتهم آذيه وعلى / رؤوسهم منك نار الحرب تستعرُ
وزّعتهم بين بيض الهند مصلتة / وبين سمر القنا والموت معتكر
فللرماح قلوب منهم أبدا / وللسيوف الطلى والهام والقصَرُ
أمّوا العبور إلى دمياط تحصنهُم / ومادروا أنه عبر به العبرُ
راموا بحيث طاغم الأمر سلمهمُ / وقدرا وا غارة هانت لها الغيرُ
لم يطلبوا السلم إلا بعد علمهم / بأن سيفك لا يبقي ولا يزرُ
أضحى لروميَة الكبرى بما شهدوا / ويل طويل وقد وافاهم الخبر
إن لم تكن حوصر وافيها فإن بها / من بؤس بأسك حصرا ليس ينحصر
يمشون همسا وايماء حديثهمُ / فيها لخوفك إن قالوا وإن ذكروا
أنها هم الرعب عن عود فمنقصة / إن قيل عود وانعد بالسيف ننتصر
ما يوم بدر بأعلى منه أو أحد / ولا جنين وإن عدوا وإن شهروا
لا يوم أحسن منه منظراً وبهِ / سمر القنا وسيف الهند تشجر
جنيت فيه رؤوس القوم يانعةً / لكن ذوت بعدها الأغصان والشجر
فلتشكرنك بنو العباس بعدهمُ / لا بل قريشُ تؤدي الشكر بل مضر
ألبستهم عزّةً قعساء وهرهمُ / من بعد ما قد طووا ما كان قد نشروا
كم آية لك يا عيسى ومعجزةٍ / يقلّ هزمهمُ فيها وإن كثروا
أنت المليكُ الذي لو عيب في ملأ / ما عابهُ الناس إلا أنّه بشر
أحييت ميت العلا والمكرمات بما / أوليت إذ لا يوازي بمضه المطر
مناقب حسنت أخبارها وزهت / حتى لقد صار مهجوراً بها السمر
يا معدنَ الفضلِ والإحسان ها أنا ذا / ومن ورائي جميعا كلنا صبُرُ
الله يعلم أني في انتظاركمُ / قد مسّني الضرّ بل أودى بي الضرر
يكفيك منّي أدنى ما اشير به / إذ ليس من عادتي الإكثار والهزرُ
خذها فإن حبيبا لو يروم لها / وزناً لحاصرهُ في فكرهِ الحصَرُ
ولا نصخ لاستماع بعدها أبداً / ما كلّ مختلف ألوانهُ زهَرُ
نصر من الله وافانا به الخبر
نصر من الله وافانا به الخبر / فلتهنك العزة القعساء والظفر
فتح قريب وملك قد خصصت به / جرى به قبل تكوين الورى القدر
هذا الرجاء الذي كنا نؤمله / قد وفيت لك في تيسيره النزر
قد صمت للّه شكرا إذ سمعت به / واستبشرت بالذي حدثتهُ البشر
ملك رسا وأنافت جانباه علا / أضحت به وبك الأيام مفتخر
أحرزته وسويف الهند جائلة / من دونه والقنا الخطيّ مشتجر
فما خلا الدهر من يومي ندى وروىً / جود يسيل لديه أو دمٌ هدَرُ
للّه بأسك يوم الروع إذ شفيت / منك الجماجم بالهنديّ والقصرُ
فتحت فتحا عظيم الخطب كم ملكٍ / قد رام إحرازه دهرا فما قدروا
راح افتتاحكه بين الورى مثلا / وسيّرت لك في تيسيره السير
نهضت للدين بالهنديّ منصلتاً / والله عونك والأملاك والقدر
أبديت في ظلمات الدهر نور هدى / فقصرت عن مداك الشمس والقمر
أتيت دمياط إذا عيت رياضتها / كل الورى وتناءى البدو والحضر
فكنت إذ زرتها مفتاح مقفلها / فالحق منتصر والشرك مندثر
صدمته بخميس لو صدمت به / وجه البسيطة كادت منه تنفطر
من بعد ما كان في آماله طول / يوم الكفاح وفي اعمارهم قصَرُ
أوردت أنفسهم حوض الردى فغدا / ورودهُم بارتواء ماله صدر
أنزلت أفدئة منهم رياض ردىً / زرق الأسفّة في أطرافها زهر
ما أتيت الحظّ طول الدهر من أسلٍ / غادرتهُ وله من هامهم ثمرُ
لما أتيتهمُ قالوا بأجمعهم / هذا القضاء فلا يبقي ولا يذرُ
عاد النهار لهم ليلا بقسطلة / دجت ووجهك في طلمائها قمر
ما صل سيفك في يمناك يوم وغى / الا وفي طبيه الموت يبتدر
كان رونقه خدا مخدّرةٍ / اجال ماء الصباني خدّها الخفر
فكان سيفك يا موسى العصاولة / من هامهم جملة الاحجار لا الحجر
جعلت بحرهم رهوا فهذا سلكوا / أعزفتهم هذه الايات والسور
جاؤوا وراءك يا موسى فعمهم / بحر بأمرك مهما شئت بأتمر
يوم غدا دونه يوم الكلاب فلا / عمرو رأى مثله يوما ولا عمر
كلا ولا يوم ذات الدوم يشبهه / أو يوم تغلب ان قاموا وان فخروا
حفظت تلك بني العباس وانخفطت / بك الشريعة إذ غيرت بك الغير
لو كان ينطق حقا غير ذي كلم / جاءت إليك صروف الدهر تعتذر
فاقصد خراسان واملك غير محتفل / فأنما خادماك النصر والظفر
تاالله لو تقصد الأطواد عن سخطٍ / زالت لديك ولم يوجد لها أثر
حنّت إليك ثغور الأرض عن ثقةٍ / بأنّ عد لك ورد ماله صدر
مهما نزلت بأرض أو ذرا بلد / تظلّ منه عيون الجود تنفجر
ما يفعل الغيث بالأرض العراء كما / فعلته بنوال بابه كدر
جود السحائب أيام معددة / وجود كفيك فينا لس ينحصر
إن أخلفتنا عهاد المزن في زمنٍ / فإنّ جودك طول الدهر ينهمر
فلو حكاك الغمام الجود قلت له / خابت ظنونك فيه أيها المطر
أيام ملكك أيام مطهرة / جود يفيض ونار الحرب تستعر
محاسن بان تقصير الأوائل عن / غاياتها وانزوت عجزاً بها الأخرُ
يا من نزلتُ وآمالي بساحتهِ / عسى برأيك أن يقضى لنا وطرُ
إن الذكاء ليقضي أن أميّز عن / كل الورى نظموا الأشعار أم نثروا
لا تجرني حلبة يجري بها أحد / منهم فليسوا بأشباهي وإن كثروا
كم قد شكرتك في الدنيا لدى ملك / شكرا تنشّر منه للورى حبر
وقلت إن ذكروا موسى فليس يرى / لغيره في العلى ناب ولا ظفُرُ
وحسن رأيك تفنيني بوادرهُ / عن شرح حالي فأستعفي وأختصر
ولّى ولم يقض منكمُ وطره
ولّى ولم يقض منكمُ وطره / صبّ أطاع الغرام إذ أمره
يطوي هواكم بين الضلوع فإن / هبّ نسيم من أرضكُم نشره
كم رام كتمان ما يجِنّ ولو / تهنهَهُ دمع عينهِ ستره
دعاه داعي الحنين مذكرهُ / بالنّعف منكم لما طرا وطره
يميتهُ الصد والبعاد أسىً / منكم فتحييه نسمة عطرَه
يا حبّذا نظرة تعود بها / أفنان عيشي بعد التوى نضره
وحبّذا خطفة الخيال وهل / يطرق جفنا ملازما سهره
سقاه ماء كالملام عاذلهُ / فكان فرط الجوى له ثمره
بني عدي لي فيكمُ رشأ / يجار طرفي إذا رأى حوره
اسمر كالأسمر المثقف بل / تذّ فؤادي في حبّه سمرَه
قد كان طوعي دهرا فنفّرهُ ال / وشاة لمّا أن أغضبوا نفره
إذ كنت أجلو به الهموم ومن / سماء صدغيه أجتلى قمرَه
أسكرني من هواه كأس طلىً / من خمرة الوجنتين معتصرَه
فاليوم نار الفؤاد في صعدٍ / من بعده والدموع منحدره
فاعجب لضدّين فيّ قد جمعت / نار فؤادي بالماء مستعره
يا دار درّت عليك هامية / غاديّة مرة ومبتكره
حلت فحلت رباك من حلل / الرياض ما فتح الندى زهرَه
ولا عدا ربعك النسيم ولا / زارك إلا منشرا أزرَه
ومريحي ميت الرسوم كما / أحيا ندى يوسف لمن غمره
أبلج قد جاومت مناقبه / حمدا وأعيت شكرا لمن شكره
فلو رأى الغيث فيض راحته / ما صابنا صوبه ولا قطره
أو علم البحر جود أنعمه / لراح مستصغرا بها درره
قد جاد حتى لم يبق مفتقر / يوجد في الورى ومفتقره
تعلّم الناس من مكارمه / فالخلق كالفرع وهو كالشجره
ما جل أولاه في مواهبه / جودا وما دقّ فهمهُ نظرَه
من شرف النفس والأصول بهُ / نار زناد ما إن لها شررَه
يولي الندى والردى فذا لموا / ليه وهذا لمعتدٍ ختره
مقترن رأيه براتبه / في السلم تطوى والحرب متشره
قد قطّب البشر بالقطوب فمَن / يطمع لينا فالرعب قد ذعرَه
يا ملكا قد صفت ضمائره / في طاعة الله حيث ما أمره
نصرت حزب الإسلام حين غدت / راياتكم في الحروب منتصرَه
وشدت ركن الملاء منك بما / توليه كفّاك محكما مررَه
فابشر بنفس حار الزمان بها / وأهلهُ إذ تحوزُها بشره
موارد الجود منك صافية / وهي لدى الخلق رنقة كدرَه
أحرزتَ خير الفعال في رحبب / والخير أسنى ذخر لمن ذخرًَه
ألبست ذا الشهر كل صالحةٍ / وتلك حال في الناس مشتهره
فاسعد بشعبان بعده وكذا / تكسوه من كل صالح حبره
البسك الله ثوب فضلهما / ودمت للناس ديمة همره
فاستجل بكرا فكري لدرّنها / بحر غدت في الزمان مبتكرَه
لما رأى غزر فضلكم عجزت / عنه المعاني بحصرها اختصره
دمت لإحياء ميت مكرمة / يسعفك الدهر دائماً عمرَه
أأستجبر عليهم دمعي الجاري
أأستجبر عليهم دمعي الجاري / والدمع يظهر إعلاني وأسراري
وأستكفّ الجوى فيهم ولي نفس / يريك بردا لديه غلّة النار
يا حار هذي أربا نجد ولست أرى / غيري وهل ينفعن في الدار يا حار
ولن أرى مونسا من بعد بعدهم / سوى رسوم عفت منهم وأحجار
كسيتُ ثوب سقام في مرابعها / وما كسانيه إلا ربعها العاري
والله ما تلكم الأطلالُ بعدهمُ / إلا بواعث أشجان وأفكار
لئن خلت منهمُ يوما فقد ملأت / قلبي المعذب من شوق وتذكار
عهدي بها ورداء الشمل يجمعنا / في ربعها بلبانات وأوطار
وغادة تجمع الضدّين في قرنٍ / ماء الحياء على خدّ من النار
تصبي اللبيب بقدّ كالقضيب إذا / ما ست وطرف عليل اللحظ سحار
عاطيتها اللهو والفودان داجبة / والعيش أغيد غض غير معصار
والدهر ترمقنا شزراً حوادثه / كأنه طالب الأحرار بالنار
وللخطوب كما حدثت حادثة / ترمي الصفاء بأقذاء وأكدار
ولليالي إغارات على عصر / من الشباب ولذات وأعمار
كم ينحت الدهر من عودي ويسلبني / ما كان يعرف من عزي ومقداري
ويجلب الشيب لي حزنا إلى حزن / أبيت منه على خوف وأخطار
قبحا لوجه زماني حين أبدلني / بعد الثراء باعدام واعسار
ولست أنفك في فضلي ومنقبتي / من حاسد لي أوزار وأوزار
من ذا يروم محلي بعد ما شهرت / رسائلي في الورى طراً وأشعاري
وضعت في كل علم ما تقربه / عين اللبيب وما يلهى به القاري
ولي خلائق ما تنفك من شرف / مثل النجوم التي يسري بها الساري
وعصبة منتماهم إن هم فخروا / ماء السماء وعرق من بني الدار
وهمة من عماد الدين تخطرني / منها على خاطرٍ في الجود خطّار
داودُ والمرتجى في كلّ نائبةٍ / إن قلّ في الناس أعواني وأنصاري
من آل يوسكٍ اللائي مناقبُهم / تتلى بحسن روايات وأخبار
قوم متى كنت منهم في ذرى حرم / بدّلت من بعد إعسار بأيسار
إن قوبلوا فحفاظ من محاسنهم / أو قتوتلوا فحفيظات بأغمار
طابت أصولهم غذ طاب فرعهمُ / يوم الندى بعد إيران وإثمار
فرد بحيث أياديهم ورأيهمُ / تحظى بأكرم إيراد وإصدار
جلوا وجلاهم داود في خلقٍ / وغزر جود وأخبار وآثار
يعطيك من ماله ما أنت آملهُ / جودا ومن جاهه عزّا بإكثار
كاس من احلمد ثوباً ليس يخلفه / دهر ولكنّه عار من العار
مستحصد الرأي مجموع القوى فطنٌ / للمشكلات بعزم زندهُ وار
سيط الأنامل بسام إذا انقبضت / أيدي الليالي عن معرفه الجاري
طلقُ الأسرة وضّاحُ الجيش إذا / ما أظلم الخطب من عدم وإقتار
يا من غدا ولسان المجد يشكرهُ / شرّفتَ بالمدحِ ألفاظي وأفكاري
لم يكب زندك في العلياء ذو أملٍ / ولم يخيب رجاء نحوك الساري
ولم يلن عودك الجافي لعاجمة / ولا أمرّ جنى منكم لمشتار
قد صنت حوزة هذا الملك عن ثقة / بأن سيجزيك عنه الخالق الباري
صحبت عيسى على ما شاء من شيمٍ / فأنت فيما يراه صاحب الغار
لا زلت عن نصحهِ يوما ولا انقطعت / عنكم سوابغ من معروفه الطاري
لك يا محمد نائل
لك يا محمد نائل / في الناس جمّ ليس يُحصر
ومكارم تطوى مآ / ثر للأكارم حين تنشر
ومودّتي معروفة / لك والمعارف لا تنكّر
فابعث بماء الورد لا / وإن وأعقبتهُ بعنبر
عطر كعرضك أو كلف / ظك أو كمدحك حين يذكر
فأروح منك معطّراً / وتروح من مدحي معطّر
وتظلّ محسودا علي / يّ وحاسديّ عليك أكثر
لك في المجد أول وأخير
لك في المجد أول وأخير / فبما شئت قد جرى المقدور
ذلّ صعب الزمان منك بجودٍ / كلّ صعب لديه سهل يسير
يا ابن ما بقى من الجود إلا / جود كفّيه روضة وغدير
أنتم دوحة المكارم والمج / د وفيكم بحر الثناء نمير
أنتم آل جفنة خير خلقٍ / سير الجود في علاهم تسير
قد بنيتم من المكارم بيتا / وعليه من المحامد سور
لا تطيب البلاد إلا إذا قي / ل بها سنقر وفيها الظهير
كل جودٍ ما لم تفده هباء / كل مدح ما لم يكن فيك زور
مكرمات تزهى برونقها الكت / ب وتبيضّ من سناها السطور
كم يسمّون بالأمير أناساً / والأمير الذي نداه غزيرُ
محيت أسطر الندى والمزايا / في البرايا فاللوم فيهم كثيرُ
كم أنادي منهم أصمّ عنِ الجو / د غبياً الباع منه قصيرُ
ومنى حبتكم أنادي نداكم / فهوَ لي بالحبا سميعٌ بصير
فيكم رونق الزمان وللنا / س بكم فرحة ومنكم سرور
عدتنا عواد من تناء ومن هجر
عدتنا عواد من تناء ومن هجر / فمالي في صون الصبابة من عذر
تمادت عقابيل الغرام وأقصرت / على مضض الشكوى مساعدة الصبر
وبي من تباريح الجوى وعذابه / لهيب أتى من حيث أدري ولا أدري
إذا قلتُ إن الدمع يطفىء صوبه / ولوعي استمرّت عنده غلّة الصدر
وكيف التصابي بعد شيب إضاء لي / بفوديّ منه مطلع الأنجم الزهر
وفاء من الأيام أصبح غدرةً / ووصل من الأحباب آخر إلى هجر
عماء لنفس الدهر من بعد اما انتحت / نوائبهُ نفس المكارم بالغدر
رزينا فتى قد كان يخشى ويرتجى / إذا اشتدت اللاواء للخير والشر
غمام ندى ينشقّ عن مومض اللهى / ونور علا يفترّ عن روضه النضر
فتى كان يستحي من الجود أن يُرى / له فضل وفر لم يذل بالندى الوفر
ثوى إذ ثوى في لحده الباس والندى / فلم يبقى من يحمي ذمارا ولا يقري
لئن وترته الحادثات فلم تزل / تبيت الليالي للكرام على وتر
وإن أسلمته للمنون فطالما / غدا جاره الأقصى يجير على الدهر
وإن اقفرت منه المغاني فذكره / تغنى به الركبان في المهمة القفر
طوت شخصه كفّ المنايا فنشّرت / أحاديث من ذكراه طيبة النشر
تمثلهُ الأحزان عندي فأنثني / أناجيه من فرط الصبابة بالفكر
وما أحد حال التباعد دونهُ / يأبعد ممن قد تغيّب في القبر
مضى الملك نور الدين فانثلّ مجدنا / وولى فولّت بهجة الزمن النضر
مضى من به كان المغور في الضحى / يقضي كراه والمقرس في الفجر
الان استراح الركب من دأب السرى / إليه وأسماع المطيّ من الزجر
وقرّت بمثواها الصوارم والقنا / وعطّلت الجرد المذاكي من الضجر
ونكّر وجه العرف في الناس وانطوت / على الرغم منهم ألسن النظم والنثر
وقد أصبح الفادي ينادي أخا السرى / أيسنا فلا أغدو لبر ولا تسري
سقاني الردى خمرا وهذا خماره / وأيّ خمار لا يكون مع الخمر
تقطّمت الآمال لما تواصلت / بمصرعة في الشامتين قوى البشر
وأسى ممرّ المجد منفصم العُرى / وعاد التئام الدين منثغرا الثغر
مصاب تروّى الجوّ منه حدادهُ / فلم يبد منه ضوء شمس ولا بدر
فويل لم الدافتيه عشيّة / لقد غيبوا تحت الثرى سنة الفجر
ولو انصفوه لم بوسّد سوى العلا / ضريحا ولا هالوا عليه سوى الأجر
سقته على طول التباعد بيننا / سحائب عز من مدامعيَ الغزر
وقد كان يسقى جودهُ مسبل الحبا / فها أنا استسقى له مسبل القطر
وما كنت أرجو أن تكون مشيدةً / مراثيه بين الورى ألسن الشعر
يُبكيّه مرتاع الصباح وطارق ال / ظلام ومنجور يرصيه للنصر
ومغترب شطت به غربةُ النوى / ومختبط أودت به صفقة العسر
فأيّ ضريح قد حواه لقد حوى / على الضنك منه مجمع البر والبحر
وكان زماني قد علا بي وصانني / فكنتُ أصونُ النفس عن عمل الشعرِ
ولكن أتانا فادح جلّ رزؤهُ / فاورث أهل الألاض قاصمة الظهر
فأيّ لسان لا يقول ومدمعٍ / على مثلها ما عاش بعدك لا يجري
فلو أن حيا يدفع الموق دونه / بهنديّة بيض وخطيّة سمر
لذاد المنايا عنه كل سميدعٍ / يعُدّ العلا في الكرّ والعار في الغرّ
ابيّون لا يستخذؤون لحادثٍ / ملمّ ولا يستنزلون على القسر
ولو أنّه يفدى لفدّته أنفس / مكرّمة والنفس من أعظم الذخر
ولكنّه الموت الذي لسهامهِ / نوافذُ تصمي ذا الثراء وذا الفقر
لقالكم من عاثرين ولا لما / لغيركم من عاثر بظبا الدهر
أمسعود لا زالت سعودك تعتلي / مؤبّدةً مرّ الليالي على الدهر
مليك الورى والصبر منكبك الذي / تلوز به في موطن النفع والضر
تعز فإن السيف يمضي وإن نبا / به مضرب ما دام يؤثر بالأمر
فقد حقّقت فيك الظنون فاصبحت / من الخبر المأثور عنك على خبر
ولا غرو أن تقفوا أباك متابعا / لتلك الأيادي البيض والشيم الغر
فذو المجد من تسمو نوازع همّه / على هامة العيوق أو قمة النسر
تهنّابك الدنيا جميعا وأهلُها / فيا مورد الضاوي ويا قمر السفر
لك الدولة الغراء والملك بعدما / خصصت من الرحمانِ بالجدّ والنصر
وركناك بدر الدين من سيف عزمه / يفلّ شبا الأيام إن خيف من ضرّ
ونصر نفيس الدين موفيك ودّه / وموليك محض النصح في السر والجهر
فذا كعلي للنبي وصيّهُ / وهذا له في الرأي مثل أبي بكر
وها ابن دنيجير يفضّل مدحكم / وينظمهُ بين البريّة كالدر
ولي لكم في كل شرف ومغربٍ / وراجيكم في القلّ منه وفي الكثر
فلا انفك جيد المجد منكم مطوقاً / بجدّ مخوف البائس متّبَعِ الأمر
بقاء الندى في أن يدوم لك المدى / وعُمر المعالي أن تمتّع بالعمر
ترُى زائري طيف الخيال الذي سرى
ترُى زائري طيف الخيال الذي سرى / وكيف يزور الطيف من منع الكرى
وهل يكتمن سر الهوى ذو صبابةٍ / غدا دمعه عما يجنّ مخبّرا
متى زام كتمان الهوى ثم جفنهُ / عليه بدمع كلما كفّه جرى
ومن عجب ماء الجفون يريقه / من القلب فأرجمرها قد تسعّرا
وأعجب منه من ألين وكلّما / أرفّ له ذلّا سطا وتجبّرا
تجملني ما لا أطيق من الأسى / ويوهمني أني اجترمت ليهجرا
سقى الله عهدا كان لي بوصاله / ولم يبق منه غير أن أتذكّرا
وروّى ديارا لحي من أبرق الحمى / غمام غراليه محلّلةُ العُرى
لياليّ لا ودّ مشوب ولا جوىً / مذيب ولا عرف الوصال تنكّرا
ولم ترتقب فيه رقيبا وعيشُنا / غدا عوده غضّ النضارة وأخضرا
وقد كنت ألقى منه ظبيا مهلّلا / فقد صرت ألقى كالح الوجه قسورا
فيا ممرضي كن لي طبيبا من الجوى / فقلبتي من آلام حبّك ما برى
حرمت جفوني لذّة الغمض بالجفا / ونمت أحق أن تنام وأسهرا
فديتك في خبّيك قلّ تصبّري / وليس معين لي عليك فأنصرا
أظنّك مالأت الزراق فإن سطا / سطوت وإما جرت عاند وافترى
ولست بمن يخشى الزمان وفعلهُ / إذا أنا لاقيتُ النقيبَ المعمّرا
فتى مالهُ وقف على الجود إذ غدا / تهلّله والبشر منه مبشّرا
فرد منهلا من جود كفّيه ترمو / بمالٍ وعلمٍ أغنيا معدم الورى
إذا قستمُ بالغيب صوب يمنه / كذبتم ولكن جوده راح أكثرا
وهذا بمالٍ كفّه ظلّ ماطراً / وذاك بماء صوبهُ راح ممطرا
قد اشتركا في جود كفّيه ذو الفنى / وذو الفقر لم يخصص بجدواه معسرا
كذاك شعاع الشمس ماضّ موضعاً / من الأرض لكن نورها عمّم الثرى
غذي بلبان الجود كهلا ويافعا / فلا غرو أن أولى العطايا وكثّرا
حليم إذا طاشت حلوم كثيرة / عظيم إذا راح العظيم مصغّرا
وقور إذا ما الدهر أخنت صروفهُ / رزين إذا ما طاش في أسّه حرى
يجيع كريمات النضار ويشتري / عقائل تتلى الدهر يا نعم ما اشترى
أبا طالبٍ لو كل منت شعرة / تبثّ مديحاً فيك كنت به حرى
ولو شئت أن أحصي أياديك بالني / بعثت بها نحوي لرحت مقصّرا
ولكن بذلت الجهد فيك عساك أن / ترى العذر في التقصير حقّا فتعذرا
وماذا عسى ربّ المديح بقوله / وقد أنزل الله الكتاب المسوّرا
وما قد طوي عن كلّ صاحب مدحة / أتاكم به نصّ الكتاب فنثّرا
أيا جائداً في دسّته البحر مفعم / ويا ماجداً تلقاه في السرج قسورا
إذا ما رأى القصاد يومك أبيضاً / رأى يومك الأعداء في الحرب أحمرا
ولو لم يكن للّه فيك سريرة / لما كان وجه الملك نحوك أسفرا
ومن ذا يروم الفخر غيرك إن دعا / دعوت الرسول المصطفى ثمّ حيدرا
فهذا هدى للخلق بعد ضلالةٍ / وذاك من الإشراك والكفر أنذرا
بخوت بكم يا آل طه وفي الدنا / أرى كل معسور بكم قد تحسرا
فمنك جمال الدين لم أرج مطلبا / من الجود إلا عدت حقّا مظفّرا
ولولاك لم أظهر بلادي ولم يكن / بها مسكني فافعل برأيك ما ترى
بقيت لإبقاء المكارم كائناً / لك اللّه عونا في الإقامة والسُرى
ربّ السماء يزيد من
ربّ السماء يزيد من / عمري على عمر المعمّر
فلقد أضاء الدهر من / بعد الظلام به وأسفر
وتحلّت الأيّامُ من / معروفهِ ما ليسَ ينكر
فالعرض مسك والفعا / لُ مكارم والقول جوهر
وإذا انتمى فمحمّد / جدّ له وأبوه حيدر
يا من من البحر الخض / م نوالهُ قد راح أغزر
الجود منك معجّلُ / ونوال غيركم مؤخّر
فانبعث بمنديل تزي / ن يدي وطيّبها بعنبر
يوكي نداك وعرضك ال / موفور والحسب المطهّر
لابثّ فيك مدائحاً / يُطرى المديح إذا تنَشّر
فنظنّ تذكر بالمدي / ح ومن ولائي فيك اذكر
صدرت ولم أنقع بكم غلّة الصدر
صدرت ولم أنقع بكم غلّة الصدر / وهجّر في قلبي لهيب من الهجر
وبنتم وصبري فاغتديت من الأسى / يجرّعني التذكار كأسا من الصبر
أسرتم وقد سرتم فؤادا لبعدكم / يقلّبهُ فرط الغرامِ على الجمر
وغادرتموني يوم منعرج اللوى / كئيبا وجزتم بالوفاء إلى العذر
عزيري من اللاحي يلوم وما درى / بعذري وقد أميت حلف الهوى الفدري
إذا ما أدار الكاس للّوم عربدَت / صبابة اشواقي إليكم من السكر
ولم يستلب لبّي سوى صرف حبّكم / وما خامرت عقلي سلاف من الخمر
ومما شجاني خاطر الريح إذا سرى / ينشرّ من مغناكم طبّب النشر
فأعملت عزمي وارتحلت أريدكم / ومن عجب أن رحت أسري إلى أسري
فلا درّ درّ البين قد ظلت بعده / تقيّض لي الأحزان من حيث لا أدري
فواللّه ثم الله حلفة صادق / بريرٍ وزور القول يدعى من الكفر
لما راق لي من بعد مغترب النوى / بكم نظرة في منظر بهج نضر
أبحتم حمى قلبي فاصبح بعدكم / يشُكّ باطراف المثقّفة السمر
وألزمتموني الصوم عن طيب وصلكم / أيتبع ذاك الصوم في الحبّ بالفطر
وإني أصلّي كلّ وقتٍ بذكركم / وأتبع شفعي في صلاتي بالوتر
وليس يصحّ الصوم إلّا بنيّةٍ / ولا يقبل الله الصلاة بلا طهر
سلو البان عمن بان من بعد بعدكم / تجلّده فاعتاض عن ذاك بالفكر
ففي الحي صب كلما عن ذكركم / بكاه فأغنى الأرض عن وابل القطر
له كبد حرّى تجنّ صبابة / تحنّ لعلويّ البروق التي تسري
أسكان سلع إن خلا منكم اللوى / فلم يخل قلبي من هواكم ولا سرّي
لكم من ودادي مثل مالي من الندى / بكفّ بهاء الدين والنائل الغمر
فتى إن دجت عندي الخطوب تكشّفت / بمعروفه عن كلّ واضحة الثغر
إذا جئتهُ تلقى سرّة وجهه / مهلّلةً أبهى من الشمس والبدرِ
يكادُ محيّاه حياء وسؤدداً / يصوب الحيا منه بمثعنجر البشر
أحاديثُ جود عنه تروى وإنما / مواهبهُ تروي بها غلّة الصدر
إذا سمعت أخباره في مكارم / أبرّ على تعدادها طيّب الخبر
فقد كفّ كفّ الخطب إذ فكّ بالندى / ذوي العسر لمّا اوثقتهم يد الأسر
بنور الهدى من صفحه وصفيحه / غدا جاره القاصي يجير على الدهر
وعلمي يظنّ كاذب خال أنه / تبالغ في أوصافه السن الشعر
ولم يدر أن الله أودع مدهم / بسؤددهم والمجد في محكم الذكر
أليس رسول الله باذخ مجدهم / وفخرهم بين الورى منتهى الفخر
ومن يك نجلا للنبي وصنوه / وبضعته الزهراء والأنجم الزهر
فلا يستطيع ذو فخار فخارهُ / ولو أنّه يرقى على قمّة النسر
ايا ابنَ الأعالي من أباطح مكةٍ / ويا ابن الصفا والبيت والركن والحجز
بأيّ مديح أرقضي لك بعدما / ملكت زمام القول في النظم والنثر
إليك مقاليدُ العلوم فكلّما / حصرت فإنّي طالب الوصف بالحصر
وماذا عسى شكري يحيط بكنهه / وسؤددكَ العالي يجلّ عن الشكرِ
ولكن قبيحُ أن أضنّ بمدحة / وقد غمرت كفاك بالجود والبر
وإني إذا ناديت مدحا أجابني / بديع القوافي منه ممتثلا أمري
فأنظم منه كلما جل قدرهُ / فتحدي به الركبان في المهمة القفر
وقد خطبت منك المعالي مدائحاً / مهرن فجلّت عن قليل من المهر
فخذها دنينيرية إنّ ربّها / يؤمّلمك قبل المات وفي الحشر
وعش يستفيد الناس علمك والندى / فما الرزق إلا في أناملك العشر
أجل قد تمادى الأمر وانصرم العمر
أجل قد تمادى الأمر وانصرم العمر / ولم يأتني من نحوكم أبدع بر
أأحبابنا شطت بكم غربة النوى / وما لفؤادي عن لقائكم صبر
هبوا لجفوني الغمض عليّ أرى لكم / خيالا فقد أودى بيَ البين والهجر
وقلبي غدا من لوعة البين والأسى / كئيبا وحلوا العيش من بعدكم مرّ
فيا حبّذا وفد من الريح إن سرت / ركائب في أرجائها منكم نشر
ويا حبّذا دار بمنعجر اللوى / لكم قد محا آياتها المور والقطر
إذا ما ذكرت العيش فيها فلن يرى / لماء جفون لا يفض بها عذر
وإنّي لتحدوني إليكم صبابة / إذا لاح برق أو بدا طلل قفر
فإن بعدّت بيني وبين مراركم / يد الدهر إن الدهر ثميته الغدر
وإن غبتم عن ناظريّ فإنما / تمثلكم عندي المودة والذكر
سقى داركم سح السحاب فطالما / سقتها وقد ضنّ الحيا أدمع غزر
فما الوجد إلا ما أعانيه فيكم / فتلزمني منه الصبابة والفكر
ويا العيش إلا قينة ومدامة / معتّقة من قبل أن يخلق الدهر
مشعشعة تبدي لنا ما نسرّهُ / ونخفي الذي تبدى فينتهك الستر
فقم واغتنم كاساتها في دجنّة / من الليل لم يقطن لظلمائها الفجر
تخال بها الجوزاء طالب حاجة / يمدّ ذراعا ما له أنمل عشر
كأن الثريا فيه قوم تجمعوا / لرأي فلا خلف لديهم ولا نكر
وذو الرمح في جو السماء كأنّه / مغامس حرب لا يزايلهُ الكرّ
تظنّ بها لعبوق مقلة حاسد / وعين رقيب ليس يشغله أمر
وفي الأفق الشرقي زهر كأنها / وجوه ندامى جمّعت شملهم خمر
كأن بها المريخ في الغرب جذوة / من النار لم تسعر لأنوار هاجمر
وتحسب أن النسر ينقضّ طالبا / لصيد كأنّ النسر في حاله النسر
وكيوان في أعلى المطالع خاطبا / على مشهد من شانه الحمد والشكر
يقول لهم بدر السماء تعذّرت / مطالعه من قبل أن تضف الشهر
فقالوا له قولا يصيخ ذوو الحجا / إليه ولا ما قال زيد ولا عمرو
إذا ما ابن عبد الله أحمد أشرقت / اسرته لم تطلع الشمس والبدر
فتى جاد حتى أخجل المزن كفّه / وأولى ندىً في لقد عجز البحر
يرى في فناء المال تعمير مجده / فيرغب حقا أن يدوم له العمر
فلا فخر إلا لآمرني شاد مجده / ولا مجد إلا ما يسيره الشعر
حمى العرض في دنياه بالعرض الذي / يجود به حتى انتهى عنده الفخر
لقد كتبت أفعالك الفرا سطرا / بطرس العلى قد صغر الخبر الخبر
طريقتك المثلى ورأيك والهدى / وصدرك لا الدنيا وجودك لا القطر
لك الفتكات البيض إذ شهدت بها / مهنّدة بيض وخطيّة سمرُ
لدى موقف لو أن قلبا كجلمد / من الصخر يوم الروع لم يحوه ضدر
أزلت به هام الكماة عن الطلى / بسيقك طورا أو يزيلها الذعر
عجبت لو قد الصارم العضب في الوغى / بكفلك مشبوبا وفي كفك البحر
يد جمعت بين الردى والندى فقد / تقسم منها اللوى النفع والضر
أنالتك أبكا المناقب عزمة / سمت للعلى والمجد أو همة بكر
لسان المعالي بامتداحك ناطق / ويعجز عن أوصافك النظم والنثر
تشرّفت الكاسات حين لمستها / بكفّك لما أن تشرّفت الخمر
ولو لا خلاف الله قلت معظما / لكم حلّت الصهباء بل وجب السكر
أيا أسد الدين اسمع لي قصيدة / هي الدر حقا خاض في بحره الفكر
وقابل سؤالي بالجواب فإنني / غدوت بقلب في جوانحهِ جمر
نوالك قد عم الورى غير إنّني / غدوت وكفّي من عطاياكم صفر
نوالك بحر للورى منك مدّه / ومالي به إلا الملوحة والجزر
إلام أرى عرضي لديك ممزّقاً / بكل جهول ماله في الورى قدر
وإني لأستحيي المروءة أن أرى / حقيرا وأرضى عن صغير به كبر
لكم من ثنائي كل يوم وظيفة / وورد مديحي كل وقت لكم بثر
ومالي من ذنب سوى أن حبكم / توطد في قلبي فقابله الهجر
ذا نعمة منكم أتتني فإنّني / حقيق بها أهل وعادتك البر
وإن أنا لم اشكر صنيعك مادحا / ظلام وماوا في على أفق فجر
فما ولدتني يوم ذلك حرّة / ولا قام عني من بني آدم حر
وما يذكر الإنسان إلا بجوده / ومن لم يجد لا ينثني وله ذكر
وقد آن ترحالي إلى من بما لهم / لنا أسهم شتّى وأوطانهم وكر
فإن كنت عوني في المسير فسامع / مدائح قلّت في جوائزها مصر
أودع إذ روحي أودع بعدكم / وأرحل لا ذهره لديّ ولا فكر
سرور الموالي في بقائك سرئد / وعمر المعالي أن يطول لك العمر
إذا شكرت زهر الرياض يد الحيا
إذا شكرت زهر الرياض يد الحيا / فشكري لما أولتني راح أزيرا
وأيّ امرئٍ أثنى عليه وإنني / إذ أعدّ لي فخرا عددت محمدا
ويكفيك شكري إن شكرتك في الورى / فمجد الفتى بالشكر راح مخلدا
ففخرك يا رب المفاخر شائع / بأنك قد قلّدتني منعما يدا
وعندك من غزر المروة شيمة / شريت بها من سائر الناس اعبدا
فقد صرت من حسن الضيقة منكمُ / أحبّك حتى كدت أن
يا ربّ ليل حالك الديجور
يا ربّ ليل حالك الديجور /
مسحنكل مسخطر معكور /
مجرجر الأذيال والستور /
يستوقف النجم عن المسير /
ثغوره لم تبتسم بنور /
كأنه عرض أبي المنصور /
قاض غدا في الويل والبثور /
من قبح ما يأتي من الأمور /
في بخله ولومه المشهور /
والظلم والجور وقول الزور /
وجهله المركّب الموفور /
معترف بالفسق والفجور /
ومنكر حسن الحجا والخبر /
لو غمست كفاه في البحور /
عاضت عن الأمواه بالصخور /
إن كان قد فاته أك فله
إن كان قد فاته أك فله / تحت المسواء ضرّاب وإكسير
ومن مياه فو ال له / تبييضة ورجيع العلا تصفير
إن دمعا طلعا وقلبا أسيرا
إن دمعا طلعا وقلبا أسيرا / راح عذب الحياة منها مريرا
ووقوفا على الديار وقد أق / فر ربع منها وأقوى دثورا
وخباك بكاء عهد تولى / وغرور ذكراك ظبيا عزيرا
لا يردّ البكاء فوتا ولا ير / جع صوتا إذا ندبت القصورا
واترك الوصف للمدام وللسا / قي وللروض حيث كان نضيرا
واعلمن أن لذّة العيش أحلا / م منام زارتك في الدهر زورا
وإنما العمر ملبس مستعار / سيرُدّ الذي غدا مستعيرا
غاية المرء في الحياة مرات / يرقب البعث بعده والنشورا
لا تغرنّك الليالي وإن أو / لت نعيما جما وملكا كبيرا
سوف يأتي عليك حين من الده / ر طويل ولم تكن مذكورا
بينما أنت نطفة ثم خلق / إذ تسوى منها سميعا بصيرا
ثم تهدى السبيل علما وعقلا / شاكرا فضله وإما كفورا
إن تكن شاكرا تجازى وإن تك / فر ستلقى سلاسلا وسعيرا
جاءك النص في الكتاب بهذا / وأتاك الحديث هديا ونورا
بعث الله أحمدا للبرايا / واصطفاه للعالمين نذيرا
فاعتبر من مواعظ صادقات / واتبع ما يفيدك التبصيرا
وغذا ما صحبت فاصحب كريما / ذا سماحٍ وجانب الشريرا
واقصد الصدق في المقال وإن كا / ن نظيما أو كان قولا دنيرا
وإذا ما طلبت بالشعر برّا / ونوالا فاقصد بذاك الظهيرا
لفتى طهّر الإله سجايا / ه من العيب والأذى تطهيرا
أريحيّ يرى المدائح والشك / ر من الخلق جنّة وحريرا
صاغه اللّه من عناصر جود / وسقاه الإحسان كاسا طهورا
خائف للإله في كلّ أمرٍ / من ردى كان شرّه مستطيرا
خشية الله درعه وتقاه / إذ يلقيه نضرة وسرورا
أجمع الناس في الثناء عليه / بأيادٍ تسدي عطاء كثيرا
قد غدا جوده وبشر محيا / ه لعافيه روضة وغديرا
وبليغ فيما يقول فصيح / عالم شاق منبرا وسريرا
وغذا ما امتطى جوادا طمّراً / يوم حرب رأيت ليثا هصورا
سيفه للطلى ولهدفه را / ح بفري الكلى بصيرا خبيرا
فهو يولي العفاة جودا طويلا / وهو يولي العداة عمرا قصيرا
يا ابن من راح كفّه للموالي / بحرجود وللمعادي ثبورا
أنتم آل جفنة عصمة الرا / جي وكهف اللاحي إذا رام خيرا
كل مدح يقال فيكم ويتلا / فهو حق يرضي الإله القديرا
إن أكن مقصرا فقد جئت أستفغ / فر منكم غذ رحت ملكا غفورا
فأقم لي عذري فمن لم يخط وص / فا لكم راح في الورى معذورا
يا خازنا من رأى شمائله
يا خازنا من رأى شمائله / رأى جميع القبيح والعار
أسلمتنا للجحيم عن سفه / كأنما أنت خازن النار
ته فلو قستك بالظبي الغرير
ته فلو قستك بالظبي الغرير / لتمادى بيّ غيي وغروري
أنت أعلى رتبة من شبه ال / رشإ الأحوى أو الغصن النضير
جزت في حسنك أقصى غاية / ترتقى يا مخجل البدر المنير
ان بدا وجهك ليلا ينجلي / أو نهارا فهو نور فوق نور
غير أني ليس لي من جوركم / بالتجني والتجاني من مجير
يا مماتي وعذابي غضبا / وحياتي حين يرضى وسروري
لم يبق الشوق فيكم والجوى / من بقايا جسدي غير اليسير
إن يدم بعدك عني والقلى / عن قليل صرت من أهل القبور
عدّ عن فعلك بي يا من غدا / واحدا في الحسن من غير نظير
وعلا حسنك بالإحسان في ال / حب يا راحة روحي وحبوري
جرحَت خدّيك ألحاظي كما / جرحت عيناك قلبي بالفتور
ذا بهذاك فما أدري بما / خصّ بي جرح صدود ونفور
يا أمير الحسن رفقا بفتى / كل يوم رزؤه جورا أمير
يالقومي ذل من ليس له / في البرايا للرزايا من نصير
يا صروف الدهر سرى ونوى / فلقد لذت بجود ابن المسيري
لذت بالمولى وبالمولى وبال / مرتضى والصاحب الصدر الوزير
من نداه المورد العذب فرد / فلقد أخجل أسواه البحور
شاد أركان العلى بعد البلى / وأعاد الجود من بعد النشور
جوده مع بشره للمرتجي / روضة غناء حفّت بغدير
وطويل الجود توليه يد / منه للعافين في الوقت القصير
أيّها الراجون هذا فلك / دائر للناس في كل الأمور
للموالين بسعد دائم / والمعادين بنحس وثبور
أيها المولى الذي معروفه / عم طرّا الصغير وكبير
لم عداني صوب كفّيك وما / زلت بالشكر لكم أطوي ضميري
لم أجد في الشام من يرجي له / جود كفّ لفتيل أو نقير
خلقوا للوم طرّا والخنى / ومقال الزور والجهل الغزير
ودمشق جنة قد ملئت / من أهاليها بأرباب السعير
لا يجودن بمال أبداً / بل يجودون بربّات الخدود
ما يرى العافون حظا لفم / عندهم بل عندهم حظّ
قرّب الله المدى من عودكم / بعد ما كان الي مصر مصيري
فاقض لي ما أنت قاضٍ في الندى / وابق للمعروف أعمار الدهور
إذا اهتزّ للجدوى اهتزاز مهنّد
إذا اهتزّ للجدوى اهتزاز مهنّد / فأيّة وفرٍ لم يذل بالندى الوفر
صفوح عن الجاني وأكرم شيمة / له حين يلقى بالتهلّل والبشر
محبته فرض على كل مسلم / وبغضته في الخلق ضرب من الكفر
وأقسم أن الله يقبل في الورى / شفاعتهُ يوم القيامة في الحشر
ألم تر أن الله أوجب أمرهُ / وأوحى إلينا أن أطيعوا أولي الأمر
فتى ملكه عدل وصحبته هدىً / ورؤيتهُ ريّ ومسعاه في برّ
فمن أنقذ الإسلام بن بعد ما وهى / بهنديّة بيض وخطيّةٍ سمرِ
وىساد غيل في ظهور صلادمٍ / تعدّ العلى في الكر والعار في الفر
وآمن سرب المسلمين وغيرهُ / تقاعس عن ذبء وأعجز عن نصر
ومن جرّ جيش المشرقين بعزمة / أضاءت فكانت للورى سنّة الفجر
وأنقذ دمياطا ومصرا وأهلها / وقد كان أشفى المشركين على مصر
وتعقب عقبان الفلا إثر جيشه / دراكاً على عقبان راياته الصفر
قراهنّ أشلاء الأعادي تؤومها / إذا وضعَ الهنديّ يوما على نحر
وكم وقفة للّه ينجاب ليلها / وقد اسلم الكفار للقتل والأسر
وكم يوم حرب فلّ بالسيف غربهُ / يبِرّ على بدر وناهيك من بدر
وأيّة علم لم يقم حججا على / مسائله مستئجات من الفكر
إذا صرفت للمشكلات وحلّها / قوى نفسه جلّى العظيم من الأمر
تصانيفه في الدين تُعجزُ مالكا / وفي النحو والآداب فاقت أبا عمرو
هناوً بنى بالملك الذي / كسبتم به في الناس فخرا على فخر
وإن كنتم للناس شهر صيامهم / ولكن فيكم ليلة القدر
اليك مليك المسلمين توجّهت / بخائب عزم نهو انعمكم تسري
أبعد انقطاعي تسع عشرة حجّة / إلى بابكم أهدي الثمين من الشكر
أؤمّل ملكا غيركم بمدائح / مهرن فجلّت عن قليل من المهر
نهاني الحجار الشيب عن كلّ فعلةٍ / يهون بها فصلي وينخطّ من قدري
أسيّركم في الأرض شرقا ومغرباً / بمدح ونت عن مثله غاية السعر
يسيربكم إ أنتم آمنو السرى / وتيك مدى الأيام في البدو والحضر
فصن ماء وجهي أن يراق إلى فتى / سواك وبدّل عسر حالي باليسر
فلا انفك هذا الدهر منك متوجاً / بملك مخوف البأس مستنزل البر
بقيت لإبقاء المكارم والندى / وعشت لتعمير السيادة والفخر

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025