المجموع : 8
أَمُفَلَّجُ ثغرك أم جوهر
أَمُفَلَّجُ ثغرك أم جوهر / ورحيقُ رضابك أم سُكَّر
قد قال لثغرك صانعه / إنَّا أعطيناك الكوثر
والخال بخدِّك أم مسكٌ / نَقَّطتَ به الوردَ الأحمر
أم ذاك الخال بذاك الخدِّ / فتيتُ الندِّ على مجمر
عجباً من جمرته تذكو / وبها لا يحترق العنبر
يا مَن تبدو ليَ وفرتُه / في صبح محياه الأزهر
فأُجَنُّ به بالليل إذا / يغشى والصبح إذا أَسفر
ارحم أرِقاً لو لم يمرض / بنعاس جفونك لم يسهر
تَبيَضُّ لهجرك عيناه / حزناً ومدامعه تحمر
يا للعشاق لمفتونٍ / بهوى رشأ أحوى أحور
إن يبدُ لذي طرب غنَّى / أو لاح لذى نُسُكٍ كَبَّر
آمنت هوىً بنبوته / وبعينيه سحر يؤثر
أصفيت الودَّ لذي مللٍ / عيشي بقطيعته كدَّر
يا من قد آثر هجراني / وعليَّ بلقياهُ استأثر
أقسمتُ عليك بما أولت / كَ النضرة من حسن المنظر
وبوجهك إذ يحمرُّ حياً / وبوجه محبك إذ يَصفَر
وبلؤلؤ مبسمك المنظو / مِ ولؤلؤ دمعي إذ ينثر
إن تترك هذا الهجر فلي / سَ يليق بمثلي أن يُهجَر
فاجلُ الأقداح بصرف الرا / حِ عسى الأفراح بها تُنشَر
واشغل يمناك بصبِّ الكا / سِ وخلِّ يسارك للمزهر
قدمُ العنقود ولحنُ العو / دِ يعيد الخير وينفي الشر
بَكِّر للسُكرِ قبيل الفج / رِ فصفو الدهر لمن بَكَّر
هذا عملي فاسلك سبلي / إن كنت تُقِرُّ على المنكر
فلقد أسرفت وما أسلف / ت لنفسي ما فيه أُعذَر
سَوَّدت صحيفة أعمالي / ووكلت الأمر الى حيدر
هو كهفي من نوب الدنيا / وشفيعي في يوم المحشر
قد تَمَّت لي بولايته / نعمٌ جَمَّت عن أن تشكر
لأصيب بها الحظّ الاوفى / واخصص بالسهم الأوفر
بالحفظ من النار الكبرى / والأمن من الفزع الأكبر
هل يمنعني وهو الساقي / أن أشرب من حوض الكوثر
أم يطردني عن مائدة / وُضِعَت للقانع والمُعتَر
يا من قد أنكر من آيا / تِ أبي حسنٍ ما لا يُنكَر
إن كنت لجهلك بالأيّا / مِ جحدت مقام أبي شُبَّر
فاسأل بدراً واسأل أُحُداً / وسل الأحزاب وسل خيبر
من دبَّر فيها الأمر ومن / أردى الأبطال ومن دَمَّر
من هدَّ حصون الشرك ومن / شادَ الإسلام ومن عَمَّر
من قدَّمه طه وعلى / أهل الإِيمان له أَمَّر
قاسوك أبا حسنٍ بسوا / كَ وهل بالطود يقاس الذر
أنّى ساووك بمن ناوو / كَ وهل ساووا نعلَي قنبر
من غيرك من يدعى للحر / بِ وللمحراب وللمنبر
وإذا ذكر المعروف فما / لسواك به شيء يُذكَر
أفعالُ الخير إذا انتشرت / في الناس فأنت لها مصدر
أحييت الدين بأبيض قد / أودعت به الموت الأحمر
قطباً للحرب يدير الضر / بَ ويجلو الكرب بيوم الكر
فاصدع بالأمر فناصرك ال / بَتَّارُ وشانئك الأبتر
لو لم تؤمر بالصبر وكظم الغي / ظِ وليتك لم تؤمر
ما آلَ الأمر الى التحكي / مِ وزايل موقفه الأشتر
لكن أعراض العاجل ما / علقت بردائك يا جوهر
أنت المهتمّ بحفظ الدي / نِ وغيرك بالدنيا يغتر
أفعالك ما كانت فيها / إلا ذكرى لمن اذَّكَّر
حُججاً ألزمت بها الخصما / ءَ وتبصرةً لمن استبصر
آيات جلالك لا تحصى / وصفات كمالك لا تحصر
من طوَّلَ فيك مدائحه / عن أدنى واجبها قصَّر
فاقبل يا كعبة آمالي / من هدي مديحي ما استيسر
سل المجدب الظمآن أين مصيره
سل المجدب الظمآن أين مصيره / وها عندنا روض الهدى وغديره
وسل خابط الظلماء كم هو تائهٌ / ألم يرَ بدر الرشد يسطع نوره
ألا نظرة نحو اليمين تدلُّهُ / على قصده كي يستقيم مسيره
اذا ما اقتفى في السير آثار حائر / فمن عدل ديان الورى من يجيره
أبا حسن تالله أنت لأحمد / أخوه وقاضي دينه ووزيره
وإنّك عون المصطفى ونصيره / أو انك عين المصطفى ونظيره
فلا مشكل إلا وأنت مداره / ولا فلك إلا وأنت مديره
ولا أمة إلا وأنت أمينها / ولا مؤمن إلاّ وأنت أميره
وأنت يدُ الله القويِّ وحبله ال / متين وحامي دينه وسفيره
وأنت الصراط المستقيم وعندك ال / جواز فمن تمنحه جاز عبوره
بك الشرك أودى خيله ورجاله / وثقل قريش عِيرُهُ ونفيره
فما زلت للحث المبين تُبِينُهُ / وبالسيف من يبغيه سوءاً تبيره
إلى أن علا هام الجبال مناره / وأشرق في كل الجهات منيره
فمن جاء مغتالاً فأنت تميته / ومن جاء ممتاراً فأنت تميره
وأنت قسيم النار قسمٌ تجيزهُ / عليها وقسم من لظاها تجيره
ولم استتم الدين أوفى نصابه / وشِيدَت مبانيه وأحكم سوره
رقدت قرير العين لست بحافل / بحقدِ أخي حقد عليك يثيره
ومثلك مَن إن تَمَّ للدين أمره / فما ضَرَّهُ ألاَّ تتمَّ أموره
ولو شئت أثكلت العدو بنفسه / فأصبح يعلو ويلُه وثبوره
ببأس يدٍ لو صُلتَ يوماً بها على / ثبيرٍ إذاَ لاندكَّ منها ثبيره
ولكن رأيت الصبر أحجى ولم ينل / ثواب مقام الله إلا صَبُوره
فديتك أدرك بالشفاعة مذنباً / إذا أنت لم تنصره عَزَّ نصيره
ولايته إياك أقوى وسيلة / سَيُمحى بها تقصيره وقصوره
يمثِّلُكَ الشوق المُبَرِّحُ والفكرُ
يمثِّلُكَ الشوق المُبَرِّحُ والفكرُ / فلا حُجُبٌ تخفيك عني ولا سترُ
ولو غبتَ عنّي ألف عام فإن لي / رجاءَ وصال ليس يقطعه الدهر
تراك بكل الناس عيني فلم يكن / ليخلو ربع منك أو مَهمَهٌ قفر
وما أنت إلا الشمس ينأى محلها / ويشرق منأنوارها البرُّ والبحر
تمادى زمان البعد وامتدَّ ليله / وما أبصرت عيني محياك يا بدر
ولو لم تعللني بوعدك لم يكن / ليألف قلبي في تباعدك الصبر
ولكن عقبى كل ضيق وشدة / رخاء وإن العسر من بعده يسر
وإن زمان الظلم إن طال ليله / فعن كثب يبدو بظلمائه الفجر
ويطوى بساط الجور في عدل سيدٍ / لألوية الدين الحنيف به نشر
هو القائم المهدي ذو الوطأة التي / بها يذر الأطواد يرجحها الذر
هو الغائب المأمول يوم ظهوره / يلبيه بيت الله والركن والحجر
هو ابن الإمام العسكري محمد / بذا كله قد أنبأ المصطفى الطهر
كذا ما ورى عنه الفريقات مجملاً / بتفصيله تفنى الدفاتر والحبر
فأخبارهم عنه بذاك كثيرة / وأخبارنا قلَّت لها الأنجم الزهر
ومولده نورٌ به يشرق الهدى / وقيل لظامي العدل مولده نهر
فيا سائلاً عن شأنه اسمع مقالة / هي الدر والفكر المحيط لها بحر
ألم تدر أن الله كوَّن خلقه / ليمتثلوه كي ينالهم الأجر
وما ذاك إلاّ رحمة بعباده / وإلا فما فيه الى خلقهم فقر
ويعلم أن الفكر غاية وسعهم / وهذا مقام دونه يقف الفكر
فأكرمهم بالمرسلين أدلَّةً / لما فيه يرجى النفع أو يختشى الضرّ
ولم يؤمن التبليغ منهم من الخطا / إذا كان يعروهم من السهو ما يعرو
ولو أنّهم يعصونه لاقتدى الورى / بعصيانهم فيهم وقام لهم عذر
فنزههم عن وصمة السهو والخطا / كما لم يدنس ثوب عصمتهم وزر
وأيدهم بالمعجزات خوارقاً / لعاداتنا كي لا يقال هي السحر
ولم أدرِ لِم دلَّت على صدق قولهم / إذا لم يكن للعقل نهي ولا أمر
ومن قال للناس انظروا في ادعائهم / فإن صحّ فليتبعهم العبد والحرّ
ولو أنهم فيما لهم من معاجز / على خصمهم طول المدى لهم النصر
لغالى بهم كل الأنام وأيقنوا / بأنّهم الأرباب والتبس الأمر
كذلك تجري حكمة الله في الورى / وقدرته في كل شيء له قدر
وكان خلاف اللطف واللطف واجب / إذا من نبيٍّ أو وصيٍّ خلا عصر
أينشىء للإِنسان خمس جوارح / تحسُّ وفيها تُدرَكُ العين والأثر
وقلباً لها مثل الأمير يردها / إذا أخطأت في الحسِّ واشتبه الأمر
ويترك هذا الخلق في ليل ضلَّةٍ / بظلمائه لا تهتدي الأنجم الزهر
فذلك أدهى الداهيات ولم يقل / به أحد إلاّ أخو السفه الغر
فأنتج هذا القول إن كنت مصغياً / وجوب إمام عادل أمره الأمر
وإمكان أن يقوي وإن كان غائباً / على رفع ضرِّ الناس إن نالها الضرّ
وإن رمت نجح السؤل فاطلب مطالب ال / سؤول فمن يسلكه يسهل له الأمر
ففيه أقرّ الشافعي ابن طلحة / برأي عليه كل أصحابنا قرُّوا
وجادلَ من قالوا خلاف مقاله / فكان عليهم في الجدال له نصر
وكم للجوينيِّ انتظمن فرائد / من الدرّ لم يسعد بمنكونها البحر
فرائد سمطين المعاني بدرها / تحلَّت لأن الحلي أبهجة الدرّ
فوكل بها عينيك فهي كواكب / لدرِّيها أعياني العدُّ والحصر
ورد من ينابيع المودة مورداً / به يشتفي من قبل أن يصدر الصدر
وفتّش على كنز الفوائد فاستعن / به فهو نعم الذخر إن أعوز الذخر
ولاحظ به ما قد رواه الكراجكي / من خبر الجارود إن أغنت النذر
وقد قيل قدماً في ابن خولة إنه / له غيبة والقائلون به كثر
وفي غيره قد قال ذلك غيرهم / وما هم قليل في العداد ولا نزر
وما ذاك إلا لليقين بقائم / يغيب وفي تعيينه التبس الأمر
وكم جدَّ في التفتيش طاغي زمانه / ليفشي سرَّ الله فانكتم السرُّ
وحاول أن يسعى لإطفاء نوره / وما ربحه إلا الندامة والخسر
وما ذاك إلاّ أنّه كان عنده / من العترة الهادين في شأنه خبر
وحسبك عن هذا حديث مسلسلٌ / لعائشة ينهيه أبناؤها الغرّ
بأن النبيّ المصطفى كان عندهم / وجبريل إذ جاء الحسين ولم يدروا
فأخر جبريل النبي بأنه / سيقتل عدواناً وقاتله شمر
وان بنيه تسعة ثم عدَّهم / بأسمائهم والتاسع القائم الطهر
وأن سيطيل الله غيبة شخصه / ويشقى به من بعد غيبته الكفر
وما قال في أمر الإمامة أحمد / وأن سيليها اثنان بعدهم عشر
فقد كاد أن يرويه كل محدث / وما كاد يخلو منتواتره سفر
وفي جلها أن المطيع لأمرهم / سينجو إذا ما حاق في غيره المكر
ففي أهل بيتي فلك نوح دلالة / على من عناهم بالإمامة يا حبر
فمن شاء توفيق النصوص وجمعها / أصاب وبالتوفيق شُدَّ له أزر
وأصبح ذا جزم بنصب ولاتنا / لرفع العمى عنّا بهم يجبر الكسر
وآخرهم هذا الذي قلت إنّه / تنازع فيه الناس واشتبه الأمر
وقولك إن الوقت داع لمثله / إذا صَحَّ لِم ذبَّ عن لبه القشر
وقولك إن الاختفاء مخافة / من القتل شيء لا يجوزه الحجر
فقل لي لماذا غاب في الغار أحمد / وصاحبه الصديق إذ حَسُنَ الحذر
ولم أُمِرَت أم الكليم بقذفه / إلى نيل مصر حين ضاقت به مصر
وكم من رسول خاف أعداه فاختفى / وكم أنبياء من أعاديهم فروا
أيعجز ربّ الخلق عن نصر دينه / على غيرهم كلا فهذا هو الكفر
وهل شاركوه في الذي قلت إنه / يؤول الى جبن الإمام وينجرُّ
فإن قلت هذا كان فيهم بأمر من / له الأمر في الأكوان والحمد والشكر
فقل فيه ما قد قلت فيهم فكلهم / على ما أراد الله أهواؤهم قصر
وإظهار أمر الله من قبل وقته ال / مؤجل لم يوعد على مثله النصر
وليس بموعود إذا قام مسرعاً / إلى وقت عيسى يستطيل له العمر
وإن تسترب فيه لطول بقائه / أجابك أدريس وإلياس والخضر
ومكث نبيِّ الله نوح بقومه / كذا نوم أهل الكهف نصَّ به الذكر
وقد وُجِدَ الدجالُ في عهد أحمد / ولم ينصرم منه إلى الساعة العمر
وقد عاش عوج ألف عام وفوقها / ولولا عصى موسى لأخَّره الدهر
ومن بلغت أعمارهم فوق مائة / وما بلغت ألفاً فليس لهم حصر
وما أسعد السرداب في سرِّ من رأى / وأسعد منه مكة فلها البشر
سيشرق نور الله منها فلا تقل / له الفضل عن أم القرى ولها الفخر
فإن أخَّرَ الله الظهور لحكمة / به سبقت في علمه وله الأمر
فكم محنة الله بين عباده / يُمَيِّزُ فيها فاجرُ الناسِ والبَرُّ
ويعظم أجر الصابرين لأنهم / أقاموا على ما دون موطئه الجمر
ولم يمتحنهم كي يحيط بعلمهم / عليم تساوى عنده السرُّ والجهر
ولكن ليبدوا عندهم سوء مااجتروا / عليهم فلا يبقى لآثمهم عذر
وإني لأرجو أن يحين ظهوره / لينتشر المعروفُ في الناس والبرُّ
ويُحيى به قطرُ الحيا ميِّتَ الثرى / فتضحك من بشر إذا ما بكى القطر
فتخضرُّ من وكَّاف نائل كفه / ويمطرها فيض النجيع فَتَحمَرُّ
وَيَطهُرُ وجه الأرض من كل مأثم / ورجس فلا يبقى عليها دم هدر
وتشقى به أعناق قوم تطوّلت / فتأخذ منها حظها البيض والسمر
فكم من كتابيٍّ على مسلم علا / وآخر حربيٍّ به شمخ الكبر
ولولا أمير المؤمنين وعدله / إذن لتوالى الظلم وانتشر الشرُّ
فلا تحسبنَّ الأرض ضاقت بظلمها / فذلك قول عن معايبَ يَفتَرُّ
وذا الدين في عبد الحميد بناؤه / رفيع وفيه الشرك أربعهُ دثر
إذا خفقت بالنصر رايات عزه / فأحشاء أعداه بها يخفق الذعر
وعنه سل اليونان كم ميت لهم / له جدثان الذئب والقشعم النسر
وكم جحفل إذ ذاك قبل لقائه / بنو الأصفر انحازت وأوجهها صفر
عشية جاء المسلمون كتائباً / مؤيّدة بالرعب يقدمها النصر
ببيض مواض تمطر الموت أحمراً / ورقش صلال تحتها الدهم والشقر
فلا يبرح السلطان منه مخلداً / ولا يخل من آثار قدرته قطر
وخذه جواباً شافياً لك كافياً / معانيه آيات وألفاظه سحر
وما هو إن أنصفته قول شاعر / ولكنه عقد تحلَّى به الشعر
ولو شئتُ إحصاءَ الأدلّةِ كلَّها / عليك لَكَلَّ النظمُ عن ذاك والنثرُ
فكم قد روى أصحابكم من رواية / هي الصحو للسكران والشُبَهُ السكر
وفي بعض ما أُسمِعتَهُ لك مقنع / إذا لم يكن في أذن سامعه وقر
وإن عاد إشكال فعُد قائلاً لنا / أيا علماء العصر يا من لهم خُبرُ
قدَّرتَ أن جيوش الشرك تنكسرُ
قدَّرتَ أن جيوش الشرك تنكسرُ / ولا مَردَّ لما يأتي به القدرُ
وكيف تبقى بإيران جيوشهمو / وبيض عزمك لا تبقى ولا تذر
تألبوا وتمنوا بالهدى ظفراً / فلا وربك ما برُّوا ولا ظفروا
وليس قصدهمو صلحاً كما زعموا / لكنهم قدَّروا أمراً وما قدروا
إن غبت عنهم فمنك الرعب يحضرهم / سيّان عندك إن غابوا وإن حضروا
ما دمت ترعى الهدى عيناً مسهَّدةً / فليس تبقى لهم عين ولا أثر
للذبِّ أوردهم كسرى ممالكه / فعاد حيران لا ورد ولا صدر
وظنَّ أن سينال المسلمين بهم / ضرٌّ وفي راحتيك النفع والضرر
أو أن نور الهدى يمحى بظلمتهم / أنّى وأنت بآفاق الهدى قمر
أو أن سينجو إذا كانوا له وزراً / كلا إذا جاء أمر الله لا وزر
حتى إذا التجأ الإسلام منك إلى / كهف به تستظلُّ الأنجم الزهر
أرخصت من نفسك العلياء جوهرة / كانت لنصرة دين الله تدَّخَرُ
فهب لنفسك منها غنية أو لم / تعلم بأن إليها الناس تفتقر
وقمت بالأمر فرداً غير مكترثٍ / إن قلَّ في نصرك الأعوان أو كثروا
أبقيت مذ مذ سرت عن أرض الغرى لها / قلباً يكاد من الأحزان ينفطر
والدين منتظر منك الإياب وهل / سواك من قائم بالأمر ينتظر
فمذ رأى الله قلب الدين منكسراً / وليس إن لم تعد بالفتح ينجبر
خلَّى الأمور بما تبغيه جارية / والدهر تأمره عبداً فيأتمر
فعاد لابس ثوب الظلم مختلعاً / والذلّ يشمله والعجز والخور
وأصبح المجلس الملِّي منتظماً / من دونه أرؤس الأعداء تنتثر
مولاي هنيت بالعيد السعيد وبال / شاه الجديد فدم تهدى لك الغرر
فقرَّ بل بك قرَّت للهدى مقل / إذ عند غيرك لا يقضى له وطر
يا آية الله كم لله فيك بدت / من آية عاجزٌ عن مثلها البشر
أصبحت قرآن فضل إذ بك اجتمعت / مناقب للمعالي كلها سور
يسعى الحسود ليخفيها فيظهرها / كأنّها المسك إذ يطوي فينتشر
أو أنها السيف إن تكتمه أغمده / فإنّه في الورى لا بدّ يشتهر
وفي معانيك فقت الناس كلهم / إذ كل معنى نراه فيك مبتكر
إذا علوت على الأعواد يابسة / تخضر زهواً ومنها يجتنى الثمر
وإن جرى منك في لوح القضا قلم / جرى القضاء بما يجريه والقدر
هيهات يخفى عليك الظلم في بلد / وأنت للمسلمين السمع والبصر
هُنيِّتَ في أشبل للمجد منتشبٌ / في قلب كل عدوٍّ منهمُ ظفر
توازنوا حيث لا يمتاز واحدهم / على شقيقيه لولا السنُّ والكبر
هم خير نسل إذا أنت افتخرت بهم / وأنت خير أب إن هم بك افتخروا
داموا ودمت حمىً للناس ثم لهم / ما لاح بدر السما والأنجم الزهر
حماك لا البيت فيه الناس تعتمر / ولتستلم يدك البيضاء لا الحجر
يا من به دهرنا أضحى بأجمعه / عيداً لأن أعاديه به نحروا
ترمي الوغى جمرات في بيوتهمُ / يطير منها الى أوج السما شرر
حتى يكون تمام الحج أن يقعوا / من هوة المكر في البئر التي احتفروا
كذاك من لم يكن بالغير معتبراً / فغيره عن قريب فيه يعتبر
ليت الحسين يرى ما نال شانئه / أو ليت يبلغه في قبره الخبر
أبا التقيِّ سقت مثواك غادية / وطفاء صيِّبُها الرضوان لا المطر
إن تخل منك محاريب بك امتلأت / أنوار قدس وجنح الليل معتكر
فقد ركزت مدى الأيام ألوية / من العدالة بين الناس تنتشر
أضحت بهمتك الأحرار في دعةٍ / وأدركوا أحسن العقبى بما صبروا
أما جد بذلوا الله أنفسهم / وتاجروا الله أعماراً فما خسروا
فتلك هيئة أهل العلم بارزة / من خوفها أنفس الأعداء تستتر
إن سددت أسهم الآراء فكرتهم / لم يُنجِ أعداءهم قوس ولا وتر
والمستبدون أمسوا من مهابتهم / موتى ولكن بترب الذل قد قبروا
لا يستقرون في أوطانهم حذراً / لو كان يدفع محتوم القضا الحذر
أنّى ينالون بالفتح وقد / قدَّرتَ أن جيوش الشرك تنكسر
مدحت مولاك بمقصورة
مدحت مولاك بمقصورة / بها تغني الحور مقصوره
أتحفت فيها سرَّ قدس على / صفاته العلياء مقصوره
إن توله منك بمقصورة / يجزك عنها ألف مقصوره
هذا ثري يحمي حماه حيدر
هذا ثري يحمي حماه حيدر / يخشى نكيرٌ من لقاه ومنكر
يعفو الإله عن الدفين برمله / وله ملائكة السما تستغفر
تستقبل الولدان روح دفينه / والحور من طلب اللقا تستبشر
وتميس طوبى من تباشرها به / وعليه أنواع الفواكه تنثر
والنار تغلق دونه أبوابها / ويبلُّ غلَّتَه الرحيق الكوثر
يلقى نعيماً في الجنان ونضرة / والله يومئذٍ إليه ينظر
طوبى لمن يحمي الوصيُّ مقرَّه / وبه إذا بعث الخلائق يحشر
وعليه من نور الولاء علامة / غراء يعرفه بها من يبصر
فليهن فيه محمد الحسنُ الذي / حَسُنَت خلائقه وطاب العنصر
قد كان أيام الحياة بجوده / يحيى الفقير ويُنصَرُ المستنصر
فلذاك وفقه السلام الى حمى / وادي السلام فصار فيه يقبر
وأقام جاراً لابن عم محمد / يحبى بأصناف النعيم ويحبر
ما مات من أودى وخلف بعده / شبلاً به كسر الإمارة يجبر
الطيب الزاكي الجواد الباسل ال / سامي محمدٌ الحسين الأطهر
ناهيك فيه للإمارة حاكماً / ينهى على نهج الكتاب ويأمر
ينهلُّ من كفيه وبل سماحة / ينمو به غصن الرجاء فيثمر
بطرفك والمسحور يقسم بالسحر
بطرفك والمسحور يقسم بالسحر / أعمداً رماني أم أصاب ولا يدري
تعرض لي في القانصين مسدد ال / إشارة مدلول السهام على النحر
رنا اللحظة الأولى فقلت مجربٌ / فكررها أخرى فأحسست بالشر
فهل ظن ما قد حرَّم الله من دمي / مباحاً له أم نام قومي عن الوتر
بنجدٍ ونجد دار جود وذمة / مطال بلا عسر وبخل بلا عذر
وسمراء ودَّ البدر لو حال لونه / إلى لونها في صبغة الأوجه السمر
خليليَّ هل من وقفة والتفاتة / على القبة السوداء من جانب الحجر
وهل من أرانا الحجن بالخيف عائد / على مثلها أم عدها حجة العمر
ولله ما أوفى الثلاث على منى / لأهل الهوى لو لم تحن ليلة النفر
لقد كنت لا أوتى من الصبر قلة / فهل تعلمان اليوم أين مضى صبري
وكنت ألوم العاشقين ولا أرى / مزية ما بين الوصال الى الهجر
فأعدى إليَّ الحب صحبة أهله / ولم يدر قلبي أن داء الهوى يسري
أيشرد لبي يا غزالة حاجر / وأنت بذات البان مجموعة الأمر
خذي لحظ عيني في الضعون إضافة / إلى القلب أوردِّي فؤادي الى صدري
إلهي لئن أحضرتني ونشرت لي
إلهي لئن أحضرتني ونشرت لي / صحائف لا تبقي عليَّ ولا تذر
فقل لا تعدوه وإن كان حاضراً / فقد كان عبدي لا يُعَدُّ إذا حضر