يا ماطل الوعد ما هذي الأساطير
يا ماطل الوعد ما هذي الأساطير / زادت على السمع هاتيك المعاذير
العدل منك سمعناه ولم نره / والجور منك أمام العين منظور
إن قلت عصري عصر النور مفتخراً / فظلمة الظلم ما في فجرها نور
وهل يفيد جمال الوجه ناظره / والبرقع الدكن فيه الحسن مستور
أفراد قومك عاشوا عيشة رغدا / وما دروا أنها ماتت جماهير
بيوتهم من بيوت الشعب مدخلها / ومن عمايره تلك المقاصير
تمسي سواءً لو أن الحال أنصفها / لكنما هي مهدوم ومعمور
أقول للغرف اللاتي ستائرها / لها بمسح جبين الشمس تأثير
تواضعي واعر في قدر البناة فمن / صنايع الشعب رصتك المقادير
فاين ما ثبت البانون من اطم / واين ما شاده كسرى وسابور
هذا الخورنق مطموس بلا أثر / وذي المدائن لا بهو ولا سور
يا حارث الأرض والساقي وباذرها / قتر إذا نفع المحروم تقتير
إذا أتاك رجال الخرص فالقهم / بطلقة برقت منها الأسارير
إن باغتوك بنار شبها غضب / وسعرتها من العسف الأعاصير
فاحفظ بقايا حبوب منهم سقطت / فللبقايا ببغداد مناقير
طارت من الغرب والاطماع أجنحة / والغاية الشرق واللقط الدنانير
ألا نكير على أعلام حاضرة / قضت بتعريفهم تلك المناكير
كالعبد صبغته السوداء ثابتة / على المسمى بها والاسم كافور
تقدموا فانتظر يوماً تأخرهم / والدهر يومان تقديم وتأخير
لا تعجبن إذا راجت لهم صور / فالعصر رائجة فيه التصاوير
ولا تخل أنهم حراس مملكة / فطالما تسرق الكرم النواطير
من الغرائب ان الهر في وطني / ليث يدل وأن الليث سنور
جرياً على العكس كم وجه يكون قفا / وكم قفاً وله وجه وتصدير
يالانقلاب به العصفور صقر ربي / والصقر ذو المخلب المعوج عصفور
تبدل الناس والأرض الفضاء على / أديمها لاح تبديل وتغيير
يا من رأى الدير والخابور من قدم / لا الدير دير ولا الخابور خابور
خوفي على الوطن المحبوب ألجمني / فلم يذع لي منظوم ومنثور
كأنني مذ غدا حتماً على شفتي / ليث يكظ على أشداقه الزير
افحص فؤادي يا دهري تجد حجراً / صلداً ولكنه بالخطب منقور
يرمي البريء نزيه النفس طاهرها / بالموبقات وذنب اللص مغفور
مثل البغية يطوي العهر رايتها / وبندها فوق ذات الخدر منشور
فيا سيوفاً قيون الغدر تشهرها / ما هكذا تفعل البيض المشاهير
نحرتم وطعنتم قلب موطنكم / حتى يقال مطاعين مناحير
لا تستهينوا بضعف في جوارحنا / فكم دم قد أسالته الأظافير
كبرتم الأنفس اللآتي مشاعرها / لها وإن طال فيها العمر تقصير
زجاجة الخط ان أمست تكبرها / فالذر ليس له في العين تكبير
مطاول الفلك الأعلى قصرت يداً / فالآن أيسر ما حاولت ميسور
ما في يديك خسوف البدر مكتملاً / وليس فيها لقرص الشمس تكوير
انظر إلى القبة الزرقاء عالية / وسقفها بنجوم الزهر مسمور
واستغرق الفكر في مجرى مجرتها / فذاك بحر بفيض اللطف مسجور
موج من النور عال لا يسكنه / إلا الذي من سناه ذلك النور
كأنه والنجوم الزهر طالعة / سجنجل نبتت فيها الأزاهير
يا طائرين على بيض مجنحة / حطوا على الوكنات الجو أو طيرا
ما هذه الأرض تبقى وكر طيركم / ولا الوقوف لها في الجو مقدور
لقد أمنتم على خفاقها خطراً / وكم تجيئ من الأمن المخاطير
هوى من الجهة العليا لهوتها / والصور منحطم والظهر مكسور
رحى تدور لهذا القطر طاحنة / ومن مطاعمها الديار والدير
الشرق يبكي وسن الغرب ضاحكة / لصوتها أهو رعد أم مزامير
يا ربة الخدر عن نظارك احتجبي / ان الحجاب لمنصوص ومأثور
وطهر النفس بالأخلاق فاضلة / فإنها لك تنزيه وتطهير
شدي أزارك ممدوداً فكم نظري / على الخيانة أضحى وهو مقصور